قصد المشاعر للمبيت فيها

يقول ابن تيمية-رحمه الله تعالى-: (ثم إذا نفر من منى، خرج منها فإن بات بالمُحَصَّب وهو الأَبْطَح.. فحسن) وهو الذي بات به النبي -عليه الصلاة والسلام- وأصحابه. وهل مبيته -عليه الصلاة والسلام- بهذا المكان من باب الاختيار والتفضيل أو أنه من باب الاتفاق من غير نظر إلى فضيلته؟ على كل حال الحرص على مثل هذا يؤجر الإنسان فيه على قدر اقتدائه بالنبي -عليه الصلاة والسلام- من غير تعلق بالمكان نفسه. لكن إن تعلق بالمكان ورأى أن هذه البقعة لها فضل ومزية على غيرها بحيث يتردد إليها في كل وقت لا شك أن هذا ابتداع. وعلى هذا لو قال شخص أنا أذهب إلى مكة في غير موسم الحج وأسكن بعرفة، أو أسكن بمنى، أو أسكن بمزدلفة؛ لأنها مشاعر وأذكر الله في تلك المشاعر، نقول: قد ابتدعت. لكن إذا ذهب إلى مكة ولم يجد مكانًا مناسبًا يضرب فيه قبته في غير الموسم إلا هذا المكان، كالذين يذهبون في الصيف إلى مكة ويطيلون المكث هناك، تجدهم بالليل يخرجون إلى المشاعر للنزهة لا للتعبد، وهناك أماكن معدة لهذا الأمر، فليس في هذا إشكال. فهم يخرجون من أجل أن يروحوا عن أنفسهم، وهذا لا يتعلق به عبادة، ولا يتعلق به حكم شرعي.