الصلاة على آل النبي –صلى الله عليه وسلم- وصحبه

في معنى الآل أربعة أقوال:

- أتباعه على دينه إلى يوم القيامة.

- أزواجه وذريته.

- كل مؤمن تقي كما جاءت بذلك بعض الأحاديث.

- من تحرم عليهم الصدقة وهم بنو هاشم وبنو المطلب.

والصلاة والسلام على الآل تبعًا له -عليه الصلاة والسلام- مطلوبة؛ لأنهم وصية النبي -عليه الصلاة والسلام- فقد أوصانا بآله: {قل لا أسألكم عليه أجرًا إلا المودة في القربى} وقال –صلى الله عليه وسلم-: «أذكركم الله في أهل بيتي» [مسلم: 2405]، ولهم على الأمة حق لا سيما من منهم على الجادة، أما من خالف فلا يدخل في هذا الباب، فالوصية بهم ظاهرة، ولهم على الأمة حق، ومن حقه -عليه الصلاة والسلام- على الأمة أن يُعنى المسلم بآله وأن يُحتفى بهم، وإذا كان الآل لهم من الحق ما ذُكر، فالصحب ليسوا دونهم، فالدين بجملته ما وصلنا إلا عن طريقهم -رضوان الله عليهم-، فلهم من الحق مثل ما للآل، فإذا صلينا على النبي -عليه الصلاة والسلام- فإنا نعطف عليه الآل، ونعطف عليهم الصحب ولكلٍ حق.

أما الاقتصار على الآل فقط دون الصحب أو العكس فهذا لا شك أن فيه تفريطًا في حق من لزم حقه، وهؤلاء أولى الناس بأن يصلى عليهم ويسلم تبعًا له -عليه الصلاة والسلام-. أما على سبيل الاستقلال بأن يصلى على الآل فقط، أو الصحب فقط، أو فلان من الناس فقط، كأن تقول: أبو بكر -صلى الله عليه وسلم-، أو عمر-صلى الله عليه وسلم-، أو علي -صلى الله عليه وسلم-، فلا يُخصص بها أحد استقلالًا.

وعامة أهل العلم على أن الصلاة والسلام خاصة بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، فلا يقال: أبو بكر –صلى الله عليه وسلم-، كما أنه لا يقال: محمد -عز وجل-، وإن كان هو –صلى الله عليه وسلم- عزيزًا جليلًا؛ لأن العرف العلمي عند أهل العلم الذي تواطؤوا عليه من صدر الأمة إلى آخرها تخصيص (عز وجل) بالله -جل وعلا-، وتخصيص الصلاة بالنبي -عليه الصلاة والسلام- كما أُمر بذلك، والترضي عن الصحابة كما جاءت بذلك النصوص التي تدل على أن الله -جل وعلا- رضي عنهم، والترحم على من دونهم، وهذا عرف علمي عندهم، وبعض الناس قد يتجاوز فيقول: الإمام أحمد رضي الله عنه، أو الشافعي رضي الله عنه، لكن العرف على ما ذكرنا.

وقد شدّد الصنعاني –رحمه الله- في مسألة تخصيص الآل بالصلاة، وتبعه في ذلك الشوكاني، وصديق حسن خان، فقالوا: بوجوب الصلاة على الآل تبعًا لوجوب الصلاة عليه –صلى الله عليه وسلم- لأن الله تعالى يقول: {صلوا عليه وسلموا تسليمًا} [الأحزاب:56]، فاستدلوا بها على مطلق الأحوال أنه يصلى عليهم تبعًا له -عليه الصلاة والسلام-، لما جاء في الصلاة الإبراهمية: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد» [البخاري: 3370]، قالوا: وهذه الصفة مفسرة لما جاء في القرآن من الأمر بالصلاة عليه –صلى الله عليه وسلم-، ولا يتم امتثال الأمر إلا بها. نقول: نعم، هذه الصورة فرد من أفراد المأمور به، وذكر فرد من أفراد العام لا يعني القصر والحصر كما ينص أهل العلم، ولو قلنا بهذا للزمنا لوازم كثيرة، ففي الآية يقول تعالى: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة} [الأنفال:60]، وجاء في الحديث: «ألا إن القوة الرمي» [مسلم: 1917]، فهل يعني هذا ألا نستعد للعدو بغير الرمي؟ لا يعني هذا أبدًا، فذِكر فرد من أفراد العام لا يعني الحصر والقصر.

وهذا القول وهو (تخصيص آل البيت وعطفهم في الصلاة دون غيرهم) إنما شاع في الأوساط والأقطار التي فيها التشيع، أما في البلدان الأخرى من المسلمين على مر العصور بدءًا من عصر التأليف إلى عصرنا هذا، لا تجد من يعطف الآل على النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهذا واضح في دوواين السنة كـ(البخاري)، و(مسلم)، و(المسند)، و(الموطأ) وغيرهم، فكيف لا يَكتب البخاري: (صل الله على محمد وآل محمد) وقد روى حديث الصلاة الإبراهيمية؟، والصحابة -رضي الله عنهم- لم نجدهم يعطفون الآل على النبي –صلى الله عليه وسلم- في الصلاة، وهم أعلم الناس بحقه –عليه الصلاة والسلام-ـ

ومن يقول بهذا القول اتَّهم العلماء في جميع العصور بأنهم يمالؤون الحكام حينما حذفوا الآل، وهذا اتهام باطل؛ لأن التدوين كان في عصر الآل في العهد العباسي، ولم يكن في عصر بني أمية حتى يقال: إنهم فعلوا ذلك خوفًا من بني أمية!، وعلى هذا نقول: تخصيص الآل بالصلاة دون غيرهم خاص بالصلاة الإبراهيمية، وذكر أحد أفراد العام لا يعني القصر والحصر عليه.