فضل الصحابة وأجر العمل آخر الزمان

قال –صلى الله عليه وسلم-: «لو أنَّ أحدَكم أنفَقَ مثلَ أُحُدٍ ذَهبًا ما بلَغَ مُدَّ أحدِهم ولا نصيفَه» [البخاري:3673]، هذا الجبلُ العظيمُ لو أُنفِقَ مثلُه ذهبًا ما بلَغَ مُدَّ أحدِهم ولا نصيفَه، والذَّهبُ يوزن، والمد كيل، فقَرَنَ ما يُكالُ بما يُوزَنُ ليُناسِبَ حالَ الصحابةِ؛ لأنَّ أكثرَ إنفاقِهم في الأطعمةِ وهي ممَّا يُكالُ، فالمعادل هنا هو الجبل، والمُعادَلُ به الذَّهبُ وهو أعلَى ما يضربُ به المثلُ مِن متاعِ الدُّنيا. والمُدُّ مِلءُ كفَّي الرَّجلِ المُعتدِلِ وهو ربعُ الصاعِ. (ولا نصيفه) يعني النصفَ، فمثلُ أُحُدٍ من غير الصحابة لا يعدِلُ ثمُنَ صاعٍ بالنسبةِ لهم. هذا الحديثُ الصحيحُ لا يَتعارَضُ معَ قولِ النبيِّ -ﷺ-: «فإن من ورائكم أيام الصبر، الصبر فيه مثل قبض على الجمر، للعامل فيهم مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله» قيل: يا رسول الله أجر خمسين منهم؟ قال: «أجر خمسين منكم»[أبو داود:4341]، فهذا الحديثُ يدلُّ علَى أنَّ الإنفاقَ والعملَ الصالحَ في آخرِ الزمانِ أفضلُ مِن العملِ الصالحِ بالنسبةِ للصحابَةِ، ولكن نقولُ: كونُ هذا الأجرِ خمسينَ ضَعفًا بالنسبةِ لأجرِ الصحابيِّ لا يعني أنَّ صاحبه أفضلُ من الصَّحابةِ، فشَرَفُ الصحبة لا يعدلُه شيءٌ.