مدح العلماء لمصنفاتهم ومؤلفاتهم

قول الزمزمي عن منظومته: (فهذه مثل الجمان عقد): يمدحها ليغري طالب العلم للإفادة منها، ولكي تجرى عليه الأجور، قال –صلى الله عليه وسلم-: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله» [مسلم: 1893]، وقال: «إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة –ومنها- علم ينتفع به» [مسلم: 1631]، فهذا العلم يبقى إلى قيام الساعة، ويتسلسل الأجر، وللمعلم الأول مثله وهكذا، وفضل الله -جل وعلا- لا يُحدّ ولا ينتهي، فهو لا يمدح المنظومة ليمنّ بها، أو يمدحها تبعًا لمدح نفسه؛ لأن مدح المفعول مدح لفاعله، ومدح الأثر من مدح مُؤثِره، فإذا مدحت كتابًا، فأنت تمدحه وتمدح أيضًا مؤلفه. فهل يقتضي صنيع الزمزمي هذا مدَّحًا لنفسه؟

ما في القلوب لا يعلمه إلا علام الغيوب -جل وعلا-، والله يقول: {فلا تزكوا أنفسكم} [النجم:32]، وتزكية الكتاب تزكية لصاحبه، لكن المظنون بأهل العلم، أن هذا من باب إغراء طالب العلم كما ذكرنا، وهذا يستعمله ابن القيم كثيرًا؛ إذا بحث واستطرد في مسألة وأفاض فيها وبينها ووضَّحها وأجاد فيها، قال: (فلعلك لا تظفر بها في مصنف آخر ألبتة)، والقرائن تدل على أنهم مدحوا؛ ليغروا طالب العلم، ولينالوا الأجر، وهذا المظنون بأهل العلم.