كتاب الحيض (09)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين،

قال الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: "باب النوم مع الحائض وهي في ثيابها:

حدثنا سعد بن حفصٍ قال: حدثنا شيبان عن يحيى عن أبي سلمة عن زينب ابنة أبي سلمة حدثت أن أم سلمة قالت: حضت وأنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في الخميلة، فانسللت فخرجت منها، فأخذت ثياب حيضتي فلبستها، فقال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أنفست؟» قلت: نعم، فدعاني فأدخلني معه في الخميلة، قالت: وحدثتني أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقبِّلها وهو صائم، وكنت أغتسل أنا والنبي -صلى الله عليه وسلم- من إناء واحد من الجنابة".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،

فيقول الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- باب النوم مع الحائض وهي في ثيابها، باب النوم مع الحائض وهي في ثيابها.

شريعتنا شريعة الوسط بين الشرائع، فمن الشرائع من يهجر الحائض ولا يدخل البيت التي هي فيه، ومنهم من أتباع الشرائع من هو على ضد ذلك، يجامعونها، ويزاولون معها ما يفعلونه مع الطاهر، وحرّم علينا شرعنا وطء الحائض، وأباح لنا ما عدا ذلك، فالنوم معها، لا إشكال فيه، على أن لا يقرب الحِمى، ولا يقرُب من موضع الوطء، ويبتعد عن الوسائل التي توقعه في ذلك إذا كان شديد الشهوة، يُخشى عليه إذا قرُب منها أن يواقعها، فهذا من باب ما لا يتم الواجب إلا به ومن باب منع الوسائل المفضية إلى المحرّم، وما عدا ذلك فلا بأس به. ينام مع الحائض، وينام معها وهي في ثيابها التي تلبسها وهي حائض.

قال -رحمه الله-: حدثنا سعد بن حفص قال: حدثنا شيبان عن يحيى، وهو ابن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن زينب ابنة أبي سلمة، وهي بنت أم سلمة أم المؤمنين، حدثته أن أم سلمة أمها قالت: حضتُ، وهي من أمهات المؤمنين، قالت: حضتُ وأنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، في الخميلة، الخميلة لباس تلبسه النساء، وكذلك الخميصة، ويلبسه الرجال على اختلافٍ في كيفية تفصيله وخياطته.

 حضتُ وأنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- والواو واو الحال والجملة حالية، وأنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في الخميلة. المعية هنا مع هل مقصود بها معه في الخميلة أو معه في ذمته وعصمته؟ حضتُ وأنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في الخميلة، ظاهر أنها معه في الخميلة، وأما كونها في عصمته فهذا أمرٌ معروف مفروغ منه، ولا يمكن أن يتطرق احتمال مع كونها نامت معه -عليه الصلاة والسلام-.

 فانسللتُ، خرجتْ من عنده -عليه الصلاة والسلام-، بخُفية، بخُفية بحيث لا يشعر بها، هذا كانت ما تقصد إليه؛ لئلا تكدِّر عليه النوم، فخرجتُ منها يعني من الخميلة، فأخذتُ ثياب حيضتي فلبستها، كانوا يخصصون ثيابًا للحيض، فأخذتُ ثياب حيضتي فلبستها، يخصصون ثيابًا للحيض؛ لئلا تُلوِّث الثياب الأخرى، مع عدم التحفظ، وإلا فإذا حصل الاحتياط والتحفظ فإن التلويث مأمون.

 فلبستها، فقال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أنُفستِ؟» وهذا تقدَّم أن الحيض يطلق عليه النفاس، وتقدم باب من سمّى الحيض نفاسًا، قلت: نعم، فدعاني فأدخلني معه في الخميلة، لعلها كانت تظن أن هذا مما يتأذى به النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو نومها معه وبجواره من غير فاصل، وهي متلبسة بالحيض، فأراد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يبيَّن لها الحكم بالفعل.

 قالت: قلت: نعم، فدعاني فأدخلني معه في الخميلة، قالت -زينب ابنة أبي سلمة-: وحدثتني- تعني أمها أم سلمة-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقبِّلها وهو صائم. والنبي -عليه الصلاة والسلام- كان يُقبِّل وهو صائم، وكان يملك إربه، فالذي يملك إربه وشهوته لا مانع من أن يقبِّل، وذكرت ذلك عائشة أيضًا، وجاء في سُنن أبي داود- ولم يصحّ- أنه كان يقبلِّها وماذا؟

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

المهم، يمص لسانها، طرفه أو آخره، لكن الحديث ضعيف، الحديث ضعيف، أما التقبيل فهو صحيح، ولا إشكال فيه لمن يملك إربه، لمن يملك إربه.

 وكنتُ أغتسل أنا والنبي -صلى الله عليه وسلم-، وكنتُ أغتسلُ أنا، أنا هذه إعرابها ضمير فصلٍ لا محل لها من الإعراب، يؤتى بها للتوصل إلى العطف على ضمير الرفع المتصل، لا بد من الفاصل؛

 وإن على ضمير رفع متصل        عطفتَ فافصل بالضمير المنفصل

 أو فاصلٍ ما وبلا فصل يرد             في النظم فاشيًا وضعفه اعتقد

وكنتُ أغتسل أنا والنبي -صلى الله عليه وسلم- من إناء واحد، من الجنابة، لا مانع من أن تغتسل المرأة مع زوجها؛ لأن له أن يرى منها كل شيء، ولها أن ترى منه كل شيء، وفي الصحيح مما تقدَّم ذكره: كان الرجال والنساء يتوضؤون في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- جميعًا. كان الرجال والنساء يتوضؤون في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- جميعًا.

ومما قيل في ذلك أن هذا كان قبل الحجاب، ولكن هذا الجواب ليس بصحيح، بل يتوضؤون جميعًا، يعني الرجال مع زوجاتهم، كل واحد مع زوجته؛ لأن القاعدة تُقرِّر أن مقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة أفرادًا، يعني كل واحد وزوجته، الرجال يتوضؤون والنساء جميعًا يعني كل رجل مع زوجته، كما لو قيل: ركب القوم دوابهم، ركب القوم دوابهم، كل واحد ركب دابته، وترجم عليه البخاري، مع أن هذه الترجمة في صحيح البخاري والشرّاح أكثرهم قال: إن هذا كان قبل الحجاب، البخاري ترجم: باب وضوء الرجل مع زوجته، باب وضوء الرجل مع زوجته.

طالب:...

نعم، لا، ما انتبهوا، ما انتبهوا، القاعدة كما قيل مقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة أفرادًا، يعني آحاد كل واحد مع زوجته.

"قال الحافظ -رحمه الله-: قوله باب النوم مع الحائض زاد في نسخة الصاغاني: وهي في ثيابها.

نسخة أم رواية؟

طالب: رواية.

نعم.

طالب: لكن عندنا نسخة، ومرّت أكثر من مرة.

عجيبة! نعم.

"زاد في نسخة الصاغاني: وهي في ثيابها، تقدَّم الكلام على ذلك في باب من سمّى النفاس حيضًا".

معنى الكلام أن رواية أبي ذر، الرواية فيها: باب النوم مع الحائض، والزيادة من نسخة الصاغاني، وليس في رواية أبي ذر، وليست في كثير من الروايات، لكن ماذا قال في الأصل..؟

طالب:....

أشار إلى شيء؟

طالب: عندنا ما أشار إلى شيء.

ولا أشار هنا، إلا أن كلمة باب ذكر عليها.

طالب: ليست عند الأصيلي.

نعم.

طالب: نعم. وفي الشرح: باب النوم مع الحائض.

نعم، في الشرح بين القوسين.

طالب: كذا.

بين القوسين: باب النوم مع الحائض، زاد في رواية الصاغاني: وهي في ثيابها. يعني أكثر الروايات ما فيها: وهي في ثيابها، تقتصر على باب النوم مع الحائض، طيب والإرشاد؟

طالب:...

ماذا؟

طالب:....

إرشاد الساري.

طالب: ما فيه شيء.

يقول ما فيه شيء، ما هو إرشاد الساري؟

كمّل.

طالب: يعني أشار نفس التبويب: وهي في ثيابها.

أين؟

طالب: الإرشاد.

تبويبه هو؟

طالب: نعم.

طيب.

"ويحيى المذكور هو ابن أبي كثير".

تقدَّم الكلام على ذلك في باب من سمى النفاس حيضًا. عكس ما يفيده الحديث، الحديث.

طالب: أنفستِ؟

من سمّى الحيض نفاسًا. وإذا أطلق النفاس على الحيض فليطلق الحيض على النفاس، نعم.

"قوله: قالت: وحدثتني، هو مقول زينب بنت أم سلمة، وفاعل حدثتني أمها أم سلمة، زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-، وسيأتي الكلام على ذلك في كتاب الصيام.

قوله: وكنتُ معطوف على جملة الحديث الذي قبله، وهي: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقبِّلها، وقد تقدَّم الكلام على فوائده في كتاب الغُسل".

نعم.

"قال الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: باب من أخذ ثياب الحيض سوى ثياب الطهر

 حدثنا معاذ بن فضالة قال: حدثنا هشام عن يحيى عن أبي سلمة عن زينب ابنة أبي سلمة عن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: بينا أنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- مضطجعةٌ في خميلة حضتُ، فانسللت فأخذت ثياب حيضتي، فقال: «أنفست؟» فقلت: نعم، فدعاني فاضطجعت معه في الخميلة".

باب من اتخذ، ورواية أخرى: من أخذ أو أعدّ، في رواية الكشميهني عندك باب: من أخذ.

طالب: باب من اتخذ.

ماذا؟

طالب: من أخذ.

المتن، المتن، من أخذ، وهي رواية الأكثر من الرواة، توجد من أخذ ومن اتخذ ومن أعدّ.

طالب:....

اتخذ رواية الأكثر، أخذ رواية من؟

طالب:...

من نسخة صحيحة، هي من نسخة صحيحة، وهي موجودة في الصحيح، لكن ما نُسبت إلى، إلى رواية. وهو الحديث السابق، في الباب السابق، من اتخذ ثياب الحيض سوى ثياب الطهر؛ لقولها: فأخذت ثياب حيضتي، تقدم في الباب الماضي.

 قال -رحمه الله-: حدثنا معاذ بن فضالة قال: حدثنا هشام الدستوائي، عن يحيى وهو ابن أبي كثير في الباب الذي تقدَّم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن زينب ابنة أبي سلمة، عن أمها أم سلمة أم المؤمنين، قالت: بينا أنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- مضجعةٌ في خميلةٍ حضتُ، فانسللت فأخذت ثياب حيضتي، وقال: «أنفست؟» إلى آخره، على ما تقدَّم. اقرأ الشرح.

أحسن الله إليك، قال الحافظ -رحمه الله-: "قوله: باب من اتخذ ياب الحيض وفي رواية الكشميهني: من أعدّ، العين والدال المهملتين، وهشام المذكور هو الدستوائي، ويحيى هو ابن كثير، والكلام عن الحديث قد تقدَّم في باب من سمى النفاس حيضًا".

أشار الحافظ ابن حجر في مواضع من الفتح أن الكشميهني ليس من الحفاظ، ليس من الحفاظ، وهو مجرد راوية، مجرد راوية، وليس من الحفاظ، وأثنى على روايته في موضع، أثنى على روايته في موضع؛ لأنه قد لا يكون من الحفاظ، ولكنه في موضع أو مواضع الذي يقلّ حفظه يضبط، لكن الغالب عليه عدم الحفظ، والذي يعرف من نفسه عدم الحفظ ويعتني بأمره ويراجع محفوظه، وفي الأصل ضعيف الحافظة يحصل له شيء من الضبط لا سيما ما يعتني به، ولذا لا يقال: كلام الحافظ مضطرب في الكشميهني، الأصل أنه ليس من الحفاظ، لكنه مع ذلك يعتني ويضبط، وإن لم يكن في الأصل حافظًا.

«لو يعلم المارّ بين يدي المصلي ما عليه، لكان أن يقف أربعين خير من أن يمرّ بين يديه» أربعين، لو يعلم المارّ ما عليه، وفي رواية الكشميهني: «من الإثم»، وهنا أشار الحافظ إلى أنه ليس من الحفاظ.

طالب:...

أثبتها، انتقد صاحب العمدة ووقع في الخطأ نفسه.

"قال الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: باب شهود الحائض العيدين ودعوة المسلمين ويعتزلن المصلى

 حدثنا محمد هو ابن سلام قال: أخبرنا عبد الوهاب عن أيوب عن حفصة قالت: كنا نمنع عواتقنا أن يخرجن في العيدين فقدمت امرأة فنزلت قصر بني خلفٍ فحدثت عن أختها، وكان زوج أختها غزا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ثنتي عشرة، وكانت أختي معه في ستٍ قالت: كنا نُداوي الكلمى، ونقوم على المرضى، فسألت أختي النبي -صلى الله عليه وسلم- أعلى إحدانا بأس إذا لم يكن لها جلبابٌ ألا تخرج؟ قال: «لتلبسها صاحبتها من جلبابها، ولتشهد الخير ودعوة المسلمين» فلما قدمت أم عطية سألتها: أسمعت النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ قالت: بأبي، نعم، وكانت لا تذكره إلا قالت: بأبي، سمعته يقول: «يخرج العواتق وذوات الخدور» أي العواتق ذوات الخدور".

أو.

"سمعته يقول: «يخرج العواتق وذوات الخدور» أو العواتق ذوات الخدور، «والحُيَّض وليشهدن الخير ودعوة المؤمنين، ويعتزل الحُيَّض المصلى» قالت حفصة: فقلت: الحُيَّض، قالت: أليس تشهد عرفة وكذا وكذا؟".

ماذا؟

طالب:...

يقول الإمام البخاري -رحمه الله-: باب شهود الحائض، يعني حضور الحائض العيدين، العيدين ودعوة المسلمين، التي يدعو بها الإمام في الخطبة، في خطبة العيد، ويعتزلن المصلى، يعتزل الحُيَّض المصلى؛ لأن الحائض إذا كان المصلى مسجدًا فلا إشكال في عدم دخولها، وإذا كان المصلى مكانًا يُتخذ للصلاة غير مرتَّب، في الصحراء، فهذا ليست له أحكام المسجد، ويذكر الفقهاء الفرق بين المصلى والمسجد في هذا الموضع.

 وعلى كل حال إذا كانت الصلاة في المسجد فليس للحائض أن تدخله كالجُنُب، وإذا كانت في صحراء فتعتزل المصلى من باب الاستحباب؛ لئلا تضيق على المصلين وهي ليست تصلي، لا على سبيل المنع الحتم؛ لأن المصلى ليس بمسجد، على هذا التقدير، والآن أكثر الناس يصلون في المساجد أيام العيد، وبلغت المساجد من الكثرة والجوامع التي يصلى فيها العيد العشرات، خمسين مسجدًا، ستين مسجدًا، سبعين مسجدًا في البلد الواحد؛ لأن البلدان توسعت، والسيارات كثرت، فلو قُصر الأمر أو حصر على مساجد يسيرة فلعل أكثر الناس ما يتمكن من الصلاة، خرج الناس جميعًا لصلاة العيد في البلدان الكبيرة مثل الرياض أو جدة، والمساجد قليلة ما يدركون الصلاة.

طالب:...

طيب؛ لأنه ما دام الطريق طريق الدارسين من الجامعات إلى بيوتهم بالساعات بالساعات فكيف إذا خرج الناس كلهم رجالًا ونساءًا وصغارًا كبارًا، فلا بد من التيسير عليهم بتعداد أماكن الصلاة صلاة العيد، وهذا هو الحاصل، ولله الحمد.

طالب:...

لا لا لا، لا لا لا، خارج المسجد ما يضر. ويعتزلن المصلى، والضمير ضمير النسوة يعود على الحُيَّض المفهوم من شهود الحائض، والمنصوص عليه في الحديث بقوله: «ويعتزل الحيّض المصلى»، ولو ذكر الفاعل فاعل يعتزلن الحيّض المصلى لصارت الجملة على لغة أكلوني الرباغيث، إلا إن قيل: إن الفاعل ليس بفاعل وإنما هو تأكيد للضمير، قال -رحمه الله- : حدثنا محمد بن سلام أو سلّام؟

طالب:...

ماذا؟ لكن القاعدة في هذا؟

طالب:...

كلهم سلّام إلا هذا شيخ البخاري وعبد الله بن سلام الصحابي، ومنهم من قال: إن هذا على القاعدة، يشدد كابن رجب، ابن رجب شدَّد: سلّام.

 قال: أخبرنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن أيوب بن أبي تميمة السختياني، عن حفصة بنت؟ بنت سيرين، أولاد سيرين من الذكور والإناث فيهم بركة، وسيرين هذا من سبي عين التمر، من سبي عين التمر، فأنجب هذه الثلة من الذكور والإناث، فنفع الله بهم نفعًا عظيمًا.

 قالت: كنا نمنع عواتقنا أن يخرجن في العيدين، العواتق البنات اللواتي قاربن البلوغ، وعتُقن عن الخدمة، ذوات الخدور العواتق ذوات الخدور أو ذوات الخدور أو وذوات الخدور، البنت إذا بلغت وعتُقت من الخدمة، لزمت الخِدر، ما تخرج؛ لئلا تفتن ولا تُفتَن، وكان من شيمتها الحياء، الحياء، وجاء في وصفه -عليه الصلاة والسلام- وشمائله أنه أحيا من العذراء في خدرها، وانظر ترى الآن ما عند بنات المسلمين مما يخالف هذه الأوصاف، وإلى وقت قريب إذا وصلت المرأة بيتها تجد العباءات شهباء، من ملاصقة الجدار، والآن إذا قابلت الرجال الرجال فهم الذين ينصرفون عنها، وسببه كثرة الدخول والخروج، كثرة الإمساس تقِل تُذهب الإحساس، يعني الإحساس لا يوجد، والله المستعان.

أن يخرجن في العيدين، فقدمت امرأة فنزلت قصر بني خلف، قصر بني خلف في البصرة، قالوا: إنه لشخص يقال له: طلحة بن فلان بن خلف، الذي يقال له: طلحة الطلحات، في بيت في ذكر اسمه، شاهد تعرفونه؟

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

هذا هو، هذا هو، هو ولي إمرة سجستان نعم، فنزلت قصر بني خلف، فحدثت عن أختها، وكان زوج أختها غزا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ثنتي عشرة، يعني غزوة، وكانت أختي معه في ست تخرج معه إلى الغزو للخدمة، تداوي الجرحى، وهم الكلمى، الكليم الجريح، «ما من مكلوم يُكلم في سبيل الله» مجروح يُجرَح في سبيل الله، ونعوذ بالله من الهوى والضلال، المعتزلة قالوا في: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}[سورة النساء: 164] قالوا: جرّحه بأظافير الحكمة؛ فرارًا من إثبات الصفة، صفة الكلام لله -جل وعلا-، هل هذا قريب من السياق؟ هل هو قريب من اللغة؟ هل هو قريب من العقل؟ جرحه بأظافير الحكمة؟ نعوذ بالله من الضلال.

قالت: كنا نداوي الكلمى يعني الجرحى، ونقوم على المرضى، الكلمى الجرحى، قد يكون المريض فيه جرح وقد يكون لا جرح فيه.

طالب:...

ما يلزم. ما يلزم أبدًا، وإذا جاءت الضرورة إذا وُجدت الضرورة فالأصل أن الرجال يداوون الرجال، والنساء يداوين النساء، لكن إذا وجدت ضرورة، وجد رجل بين نساء، أو امرأة بين رجال فلا بد أن تُعالَج.

طالب:...

نعم. ونقوم على المرضى، فسألت أختي النبي -صلى الله عليه وسلم-: أعلى إحدانا بأس إذا لم يكن لها جلباب ألا تخرج؟ يعني لا يجوز أن تخرج بدون جلباب، لا تخرج إذا لم يكن لها جلباب؟ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لتلبسها صاحبتها من جلبابها» ويدل على أن ما يلبسه النساء واسع فضفاض يدخل معها أختها، والآن الجلباب أو القميص من الضيق ما يكفي، يُرى ما تحته، يُرى ما تحته من ضيقه ومن شفافيته، والله المستعان.

«ولتشهد الخير ودعوة المسلمين» تحضر الصلاة والخطبة ولا تصلي، الحائض لا تصلي؛ لأنها تحرم عليها الصلاة، فلما قدمت أم عطية واسمها: نُسيبَة بنت كعب أو الحارث؟ أو هما اثنتان؟

طالب:...

هما اثنتان: بنت الحارث وبنت كعب، وقيل هذه بنت الحارث، والأكثر على أنها بنت كعب، وأم عطية التي غسّلت بنتي النبي -عليه الصلاة والسلام-، هي هذه أو غيرها؟ قيل: إنها هي الثانية.

 فلما قدمت أم عطية سألتُها، هذا كلام حفصة؟ أرادت أن تتأكد، أرادت أن تتأكد من صاحبة الأصل؛ لأن الأخت تنقل عن أختها، ولذا طلب العلو عند أهل الحديث مرغوب فيه، أسمعتِ النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ قالت: بأبي، يعني أفديه بأبي، تفدِّي النبي -صلى الله عليه وسلم- بأبيها، بأبي، نعم، سمعته -عليه الصلاة والسلام- وكانت لا تذكره إلا قالت: بأبي، سمعته يقول: «يخرج العواتق وذوات الخدور» أو العواتق ذوات الخدور، «والحُيَّض، وليشهدن الخير ودعوة المسلمين، ويعتزل الحُيَّض المصلى» ويعتزل الحُيَّض المصلى سواء قلنا: إنه مسجد بمعالمه فيكون الاعتزال من باب الوجوب، وإذا قيل: إنه مصلى وليس بمسجد فيكون اعتزالها لموضع الصلاة؛ لئلا تضايق المصلين.

قالت حفصة: وقلت: والحُيَّض؟ والحُيَّض؟ استنكار، تستفهم استفهامًا إنكاريًّا، الحُيَّض يخرجن وهن ممنوعات من الصلاة؟ مجرد الشهود للخير ودعوة المسلمين لا تُمنَع منه، فقالت: أليس تشهد عرفة؟ وفيها الخطبة، وكذا وكذا يعني من المشاعر، تحضر مع الناس، وهي حائض، فما الذي يمنعها من شهود الخير ودعوة المسلمين في صلاة العيد؟

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

نعم. هي تنقل أو تُخبِر؟

طالب:...

رواية عن المرأة؟

طالب:...

نعم، لكن هي تثبَّتت. تثبتت من صاحبة القصة.

قال الحافظ -رحمه الله-: "قوله باب شهود الحائض العيدين ودعوة المسلمين ويعتزلن، وفي رواية ابن عساكر: واعتزالهن المصلى".

ويعتزلن فقط؟ ما فيه ويعتزلن المصلى؟

طالب: لا عندي بالشرح ما فيه.

الباب...الترجمة؟

طالب: الترجمة فيها.

نعم.

"وفي رواية ابن عساكر: واعتزالهن المصلى، والجمع بالنظر أي أن الحائض اسم والجمع، إلى أن الحائض اسم جنسٍ أو فيه حذفٌ، والتقدير: ويعتزلن الحُيّض كما سيذكر بعدُ.

 قوله: حدثنا محمد كذا للأكثر غير منسوب، ولأبي ذر: محمد بن سلام، ولكريمة: محمد هو ابن سلام، قوله: حدثنا عبد الوهاب هو الثقفي.

 قوله: عواتقنا العواتق جمع عاتق، وهي من بلغت الحلم أو قاربت، أو استحقت التزويج أو هي الكريمة على أهلها، أو التي عتقت عن الامتهان للخروج في المهنة، وكأنهم كانوا يمنعون العواتق من الخروج؛ لما حدث بعد العصر الأول من الفساد، ولم تلاحظ الصحابة ذلك، بل رأت استمرار الحكم على ما كان عليه في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم-"

كما جاء في الحديث الصحيح: لو رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- ما أحدثه النساء لمنعهن، والآن المتجه المنع أو الخروج؟

طالب: التحريم.

ماذا؟

طالب: هو التحريم.

الدليل يدل على أن النبي لم يمنعهن، الصحابة قالوا: لو رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- ما أحدث النساء لمنعهن، هذا اجتهاد، دليل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يمنعهن.

طالب:...

ماذا؟

طالب: كان يفضل مثل الصلوات الخمس كان يفضل أن تبقى في بيتها ومثل هذا.

لا، هي المسألة فيما يشرع فيه خروج النساء، والنساء يصلين معه -عليه الصلاة والسلام- في المسجد، لكن يبقى أن المشروعية باقية لخروج النساء، مع منعهن مما أُحدِث بعده -عليه الصلاة والسلام-.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

نعم.

طالب:...

هذه لماذا تحضر؟ ماذا ترجو من حضورها؟

طالب:...

لأن عندنا طلب، وعندنا منع، عندنا طلب، وعندنا منع، الحظر مقدَّم، إذا وُجِد ارتكاب محظور فيما طُلِب فإن الحظر مقدَّم على الإباحة وعلى الندب.

طالب: لكن النوافل يا شيخ، التراويح هل هي مطلوبة من المرأة؟

بالجملة إذا كان أنفع لها، إذا كان أنفع، إذا جلست في بيتها ما صلت أو إذا صلت ما انتفعت بصلاتها، فمن باب إعانتها على نفسها، وأرادت أن تخرج بالشروط المعتبرة شرعًا فما فيه ما يمنع. لكن إذا أخلت بالشروط فجلوسها في بيتها متعيِّن.

طالب:...

إذا تزينت وتطيبت وخرجت هذا ما هو ممنوع؟ افترض أنها خالفت، ارتكبت مخالفة ما هو ممنوع؟ إذا ارتكبت مخالفة في خروجها فممنوع، إذا لبست لباسًا تفتن به الرجال واستشرفها الشيطان ولو لم تتطيب، فممنوع، هل هذا يقاومه خروجهن إلى صلاة التراويح أو غيرها؟ لا.

طالب:...

كيف؟

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

رغبها في الصلاة وقال: اخرجي على أي حال؟ لكن هذا الكلام، أنه وُجد حثّ للخروج وترغيب ووُجد ما يمنع.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

هي ما امتثلت تُمنع بالكلية إذا لم تمتثل.

"قالت، قوله: فقدمت امرأة لم أقف على اسمها، وقصر".

تسميتها؟

طالب: عندي على اسمها.

نعم. هو عادته يقول: لم أقف على اسمها.

"وقصر بني خلف كان بالبصرة، وهو منسوب إلى طلحة بن عبد الله بن خلف الخزاعي المعروف بطلحة الطلحات، وقد ولي إمرة سجتسان.

 قوله: فحدثت عن أختها قيل: هي أم عطية وقيل: غيرها، وعليه مشى الكرماني، وعلى تقدير أن تكون أم عطية فلم نقف على تسمية زوجها أيضًا.

 قوله: ثنتي عشرة، زاد الأصيلي غزوة، قوله: وكانت أختي فيه حذف تقديره قالت المرأة: وكانت أختي، قوله: قالت: أي الأخت.

 والكلمى بفتح الكاف وسكون اللام: جمع كليم أي جريح، قوله: من جلبابها قيل: المراد به الجنس أي تعيرها من ثيابها أي تعيرها من ثيابها ما لا تحتاج إليه، وقيل: المراد تشركها معها في لبس الثوب الذي عليها، وهذا ينبني على تفسير الجلباب، وهو بكسر الجيم وسكون اللام وبموحدتين بينهما ألفٌ قيل: هي المقنعة، أو الخمار، أو أعرض منه، وقيل: الثوب الواسع يكون دون الرداء، وقيل: الإزار، وقيل: الملحفة، وقيل: الملاءة، وقيل: القميص. قوله: ودعوة المسلمين، وفي رواية الكشميهني: المؤمنين، وهي موافقة لرواية أم عطية، قوله: وكانت أي أم عطية، لا تذكره أي النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا قالت: بأبي، أي هو مفدًّى بأبي، وفي رواية عبدوس: بيبي.

بِيَبِيي.

"بِيَبِيي، بياء تحتانية بدل الهمزة في الموضعين، وللأصيلي بفتح الموحدة الثانية مع قلب الهمزة ياءً كعبدوس، لكن فتح ما بعدها كأنه جعله لكثرة الاستعمال واحدًا، ونقل عن الأصيلي أيضًا كالأصل، لكنه فتح الثانية أيضًا، وقد ذكر ابن مالك هذه الأربعة في شواهد التوضيح".

شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح، لابن مالك النحوي المعروف، في الصحيح كلمات أشكل إعرابها، فتولاها ابن مالك ووجَّهها، وابن مالك سمع الصحيح من اليونيني، فاستفاد الرواية منه، وسأله اليونيني عن هذه الإشكالات فأجاب عنها، رحم الله الجميع.

"وقال ابن الأثير: قوله: بأبأ أصلها بأبي، هو أصله بأبي هو، يقال: بأبأت الصبي إذا قلت له: أفديك بأبي فقلبوا الباء ألفًا كما في: ويلتى.

 قوله: وذوات الخدور بضم الخاء المعجمة والدال المهملة جمع خِدر بكسرها وسكون الدال، وهو ستر سكون في ناحية البيت تقعد البكر وراءه، وللأصيلي وكريمة العواتق وذوات الخدور أو العواتق ذوات الخدور على الشك، وبين العاتق والبكر عموم وخصوص وجهي، قوله".

لأن البكر لم تتزوج، والعاتق قد تكون متزوجة وتكون مع ذلك غير بالغة، فبينهما عموم وخصوص وجهي من حيث البلوغ والزواج.

"قوله: ويعتزل الحُيَّض المصلى هو بضم اللام هو خبر بمعنى الأمر، وفي رواية".

يعني وليعتزل.

"وفي رواية ويعتزلن الحيَّض المصلى وهو نحو أكلوني البراغيث، وحمل الجمهور الأمر المذكور على الندب؛ لأن المصلى ليس بمسجد فيمتنع الحُيَّض من دخوله، وأغرب الكرماني فقال: الاعتزال واجب والخروج والشهود مندوب، مع كونه نقل عن النووي تصويبُ".

تصويبُ.

"تصويبَ عدم وجوبه، وقال ابن المُنيِّر: الحكمة في اعتزالهن أن في وقوفهن وهن لا يصلين مع المصليات إظهار استهانة بالحال فاستحب لهن اجتناب ذلك".

يعني لو تقف امرأة مع المصلين، فيه استهانة بالصلاة، أو يأتي رجل قد صلى في مسجد آخر، ويصف مع الناس، هذا فيه استهانة، وفيه إشكال عند من يدخل لماذا لا يصلي هذا أو، فالأصل أن من يقف في الصف يصلي مع الناس.

"قوله: فقلتُ: آلحيض؟ بهمزة ممدودة كأنها تتعجب من ذلك، فقالت أي أم عطية، أليس تشهد أي الحُيَّض، وللكشميهني: أليست أي الحائض، وللأصيلي أليس يشهدن.

قوله: وكذا وكذا أي ومزدلفة ومنى وغيرهما، وفيه أن الحائض لا تهجر ذكر الله ولا مواطن الخير كمجالس العلم والذكر سوى المساجد، وفيه امتناع خروج المرأة بغير جلباب وغير ذلك مما سيأتي استيفاؤه في كتاب العيدين إن شاء الله تعالى".

الله المستعان.