كتاب الوضوء (33)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 قال الحافظ -رحمه الله تعالى-: "قوله: «يعذبان» في رواية الأعمش".

لا يستتر.

"قوله: «لا يستَتِر» كذا في أكثر الروايات، بمثناتين من فوق، الأولى مفتوحة، والثانية مكسورة، وفي رواية ابن عساكر: «يستبْرِئ» بموحدة ساكنة من الاستبراء، ولمسلم وأبي داود في حديث الأعمش: «يستنْزه» بنون ساكنة بعدها زاي ثم هاء، فعلى رواية الأكثر معنى الاستتار أنه لا يجعل بينه وبين بوله سُترة يعني لا يتحفظ منه، فَتَوافَقَ رواية".

فَتُوافقُ رواية.

"فَتُوافِقُ رواية: «لا يستنزه»؛ لأنها من التنزُّه وهو الإبعاد، وقد وقع عند أبي نُعيَم في المستخرج من طريق وكيع عن الأعمش: «كان لا يتوقَّى» وهي مفسرة للمراد، وأجراه بعضهم على ظاهره، فقال: معناه: لا يستر عورته، وضُعِّف بأن التعذيب لو وقع على كشف العورة لاستقلّ الكشف بالسببية واطُّرح اعتبار البول، فيترتب العذاب على الكشف سواءً وُجِد البول أم لا، ولا يخفى ما فيه، وسيأتي كلام ابن دقيقٍ العيد قريبًا، وأما رواية الاستبراء فهي أبلغ في التوقي. وتعقب الإسماعيلي رواية الاستتار بما يحصل جوابه مما ذكرنا، قال ابن دقيقٍ العيد: لو حُمِلَ الاستتار على حقيقته للزم أن مجرد كشف العورة كان سبب العذاب المذكور، وسياق الحديث يدل على أن للبول بالنسبة إلى عذاب القبر خصوصية، يشير إلى ما صححه ابن خزيمة من حديث أبي هريرة مرفوعًا: «أكثر عذاب القبر من البول» أي: بسبب ترك التحرز منه.

 قال: ويؤيده أن لفظ "من" في هذا الحديث لما أضيف إلى البول اقتضى نسبة الاستتار الذي عَدَمُه سبب العذاب إلى البول، بمعنى أن ابتداء سبب العذاب من البول، فلو حُمِلَ على مجرد كشف العورة زال هذا المعنى، فتعيَّن الحمل على المجاز لتجتمع ألفاظ الحديث على معنى واحد؛ لأن مخرجه واحد. ويؤيده أن في حديث أبي بكرة عند أحمد وابن ماجه: «أما أحدهما فيعذب في البول» ومثله للطبراني عن أنس".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين،

 يقول الحافظ -رحمه الله تعالى-: "قوله: «لا يستَتِر» كذا في أكثر الروايات" يستَتِر من الاستتار، ووضع السُّترة، والروايات الأخرى تفسِّر هذه الرواية التي منها: «لا يستنزه» ومنها: «لا يستبرئ» يستنزه من النزاهة والنظافة والبول لا شك في نجاسته، فالمراد أنه لا يباشر هذه النجاسة، فيكون معنى لا يستتر لا يجعل بينه وبين بوله سُترة، بينه يعني بين بدنه وثوبه سترة، بل يباشر هذا البول، وليس هناك حائل يستتر به دون بوله، ولا يستبرئ من البراءة، والبراءة التي منها براءة الذمة من هذا الذنب، وما قيل في معنى لا يستتر من أنه يحتمل أنه لا يستتر لا يستر عورته، وإن كان اللفظ ظاهرًا في ذلك، لكنه مع الروايات الأخرى التي تفسِّر المراد، وأولى ما يُفسَّر به النصّ النصّ، أول ما تفسَّر به الآية ما جاء في كتاب الله، وأولى ما يفسَّر به الحديث ما جاء عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام-. وبهذا تجتمع الروايات.

 وأما مجرد الاستتار لا شك أن كشف العورة حرام، وجاء الأمر بقوله -عليه الصلاة والسلام-: «احفظ عورتك إلا عن زوجتك أو ما ملكت يمينك» فلا يجوز كشف العورة، لكن ليس هو بمثابة مزاولة النجاسة المؤثرة في الصلاة؛ لأن الصلاة يشترط لها طهارة من الحدث والخبث، فإذا تأثر هذا الشرط تأثر المشروط، والمشروط معلومٌ أنه ركن الإسلام الأعظم بعد الشهادتين، فليس المراد وإن كان محرمًا الاستتار عن أعين الناس والغياب عنهم أو وضع سُترة بينه وبينهم، وإن كان مطلوبًا، لكن الوعيد الشديد يدل على أنه مزاوِل للنجاسة، وجاء في الحديث ما يفسِّر ذلك من قوله: «أكثر عذاب القبر من البول» المقصود أن المعنى ظاهر والروايات الثلاث تلتئم بمثل هذا الجمع، والله أعلم.

"قوله: «من بوله» يأتي الكلام عليه الترجمة التي بعد هذه. قوله: «يمشي بالنميمة» قال ابن دقيقٍ العيد: هي نقل كلام الناس. والمراد منه ها هنا ما كان".

هذه الرواية «من بوله» مفسرة للروايات الأخرى: «كان لا يستتر من البول» فالهاء قائمة في هذا المقام تقوم مقام الإضافة؛ لأن بعضهم استدل برواية لا يستتر من البول ولا يستبرئ من البول على نجاسة جميع الأبوال حتى ما يؤكل لحمه، والكلام في هذا يأتي بالتفصيل، إن شاء الله تعالى.

"قال ابن دقيقٍ العيد: هي نقل كلام الناس. والمراد منه هنا ما كان بقصد الإضرار، فأما ما اقتضى فعل مصلحة أو ترك مفسدة فهو مطلوب، انتهى. وهو تفسير للنميمة بالمعنى الأعم".

يعني نقل كلام الناس لا شك أنه يترتب عليه مفاسد وضرر إذا كان كلامًا ليس مما فيه منفعة ليس من ذكر الله وما والاه وما ينفع الناس، إذا كان ينفع إذا كان ينفع فهو مأجور على الذي ينقله، يكون من باب التبليغ تبليع العلم وتبليغ الخير، لكن إذا كان الكلام ضارًا فلا شك أنه على جهة الإفساد يسمى نميمة، ويبقى أيضًا أنه قد ترتب على قد يترتب على هذا النقل مصلحة عظمى بحيث يتكلم شخص أو يبيّت شيئًا يضر بالناس، فمثل هذا لا بد أن ينقل كلامه ولا بد أن يُبلَّغ عن عمله، ولا يدخل في النميمة؛ لأن هذه مصلحة راجحة.

"وهو تفسير للنميمة بالمعنى الأعم، وكلام غيره يخالفه كما سنذكر ذلك مبسوطًا في موضعه من كتاب الأدب. قال النووي: وهي نقل كلام الغير بقصد الإضرار، وهي من أقبح القبائح. وتعقبه الكرماني فقال: هذا".

وجاء في الأثر النمام يفسد في ساعة ما لا يفسده الساحر في سنة، مما يدل على عظم النميمة وشأنها، قد يكون هذا من باب شدة التنفير؛ لأن الساحر ضرره عظيم.

"وتعقبه الكرماني فقال: هذا لا يصح على قاعدة الفقهاء، فإنهم يقولون: الكبيرة هي الموجبة للحد ولا حد على المشي بالنميمة، إلا أن يقال: الاستمرار هو المستفاد منه جعله كبيرة؛ لأن الإصرار على الصغيرة حكمه حكم الكبيرة. أو أن المراد بالكبيرة معنى غير المعنى الاصطلاحي، انتهى".

حد الكبيرة عند أهل العلم لا يقتصر على ما فيه حدّ في الدنيا، بل ما جاء فيه وعيد في الآخرة أو حدّ في الدنيا أو لُعِن صاحبه أو غير ذلك مما ذُكِر مما ذكره أهل العلم في حدّ الكبيرة والتمييز بينها وبين الصغيرة، وحصر الكبيرة بما فيه حد هذا قصور؛ لأنه جاء في كبائر أعظم مما فيه حدّ، موبقات وغيرها من عظائم الأمور أكثرها ما فيه حد، فيه الوعيد الشديد واللعن، والطرد من رحمة الله، لما ذكر ناظم الكبائر أقوال أهل العلم في حدّ الكبيرة قال: وزاد حفيد المجد، من هو حفيد المجد؟

 شيخ الإسلام، وزاد حفيد المجد أو جاء وعيده بنفي لإيمان، بقوله لا يؤمن، بنفي لإيمان أو بلعن مبعد، فالمقصود أن حدّ الكبيرة قيل فيه كلام كثير لأهل العلم، وسياق النصوص في الحديث عن الذنوب لا شك أنه يشَمّ منه كبر الذنب أو صغره، مع الآثار المترتبة على هذه الذنوب، نسأل الله العافية.

"وما نقله عن الفقهاء ليس هو قول جميعهم، لكن كلام الرافعي يشعر بترجيحه حيث حكى في تعريفه الكبيرة وجهين".

تعريف.

"حيث حكى في تعريف الكبيرة وجهين: أحدهما هذا، والثاني ما فيه وعيد شديد. قال".

وهم.

"قال: وهم إلى الأول أميل. والثاني أوفق لما ذكروه عند تفصيل الكبائر، انتهى. ولا بد من حمل القول الأول على أن المراد به غير ما نُصَّ عليه في الأحاديث الصحيحة".

ووصفه بأنه كبيرة.

"وإلا لزم أن لا يعد عقوق الوالدين وشهادة الزور من الكبائر، مع أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عدَّهما من أكبر الكبائر. وسيأتي الكلام على هذه المسألة مستوفى في أول كتاب الحدود إن شاء الله تعالى. وعرف بهذا الجواب عن اعتراض الكرماني بأن النميمة قد نص في الصحيح على أنها كبيرة كما تقدم.

قوله: (ثم دعا بجريدة)، وللأعمش: "فدعا بعسيب رطب" والعسيب بمهملتين بوزن فعيل هي الجريدة التي لم ينبت فيها خوص، فإن نبت فهي السعفة. وقيل: إنه خصَّ الجريد بذلك؛ لأنه بطيء الجفاف. وروى النسائي من حديث أبي رافع".

طالب: يقول يا شيخ في الحاشية: وقع مكان قوله: روينا في مشيخة يعقوب الفسوي في الطبعة السلفية وما تلاها من طبعات إلى وروى النسائي، وهو خطأ، وأوهم ذلك أن الحافظ أخرج الحديث من عند النسائي.

ووهمٌ.

طالب: لا، وأوهم ذلك.

نعم.

طالب: أن الحافظ أخرج الحديث من عند النسائي، والحديث قد أخرجه من طريق يعقوب الفسوي الذهبي بإسناده إليه في الميزان في ترجمة عبد المنعم بن بشير أبي الخير الأنصاري، وضعَّفه به وبشيخه أبي مودود القاص وقال: هذا حديث منكر جدًّا.

العسيب في كلام الحافظ أنه هو الجريدة إذا لم ينبت فيها خوص، إذا لم ينبت فيها خوص، أو نبت فيها الخوص وجُرِد، ما معنى جُرِد؟

أُزيل أُزيل، هذا العسيب، ويقول أيضًا: فإن نبت فهي السعفة، يوهم كلامه أنها هي الجريدة التي عليها الخوص، سعفة، كلامه يوهم بهذا، والسعفة هي الخوص، هي الخوص، لكن نعود إلى وروى النسائي، وقيل: إنه خُصَّ الجريد بذلك؛ لأنه بطيء الجفاف الذي بعده.

طالب: وروينا في مشيخة يعقوب الفسوي.

طويل؟

ماذا عندك؟

طالب: ...

مثلنا، هي السلفية مطبوعة عن بولاق مع مقابلة بعض النسخ التي وقعت لهم، إلى أثناء المجلد الثالث، ثم بعد ذلك انشغل الشيخ عن مقابلة النسخ، وقال لصاحب المطبعة: اطبع على بولاق، بطيء الجفاف، ماذا؟

طالب: نعم، وروينا في مشيخة يعقوب الفسوي من حديث أبي رافع بسند ضعيف.

يعني هذا نشبك على طول من حديث أبي رافع بسند ضعيف.

"أن الذي أتاه بالجريدة بلال".

ولفظه..

"ولفظه: كنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في جنازة إذ سمع شيئًا في قبر فقال لبلال: «ائتني بجريدة خضراء» الحديث".

قرأت التعليق؟

 طالب:...

كم عندك؟

طالب:...

نعم.

"قوله: (فكسرها) أي: فأتى بها فكسرها".

أُتي بها.

طالب:...

نعم، أُتي بها

"فأُتي بها فكسرها، وفي حديث أبي بكرة عند أحمد والطبراني أنه الذي أتى بها إلى النبي- صلى الله عليه وسلم-".

الذي هو بلال.

"وأما ما رواه مسلم في حديث جابر الطويل المذكور في أواخر الكتاب أنه الذي قطع الغصنين، فهو في قصة أخرى غير هذه، فالمغايرة بينهما من أوجه: منها أن هذه كانت في المدينة وكان معه -صلى الله عليه وسلم- جماعة، وقصة جابر كانت في السفر وكان خرج لحاجته فتبعه جابر وحده. ومنها أن في هذه القصة أنه -صلى الله عليه وسلم- غرس الجريدة بعد أن شقها نصفين كما في الباب الذي بعد هذا من رواية الأعمش".

فرق بين الكسر والشق، الكسر من أثنائها والشق بالطول.

"وفي حديث جابر أنه -صلى الله عليه وسلم- أمر جابرًا بقطع غصنين من شجرتين كان النبي -صلى الله عليه وسلم- استتر بهما عند قضاء حاجته، ثم أمر جابرًا فألقى الغصنين عن يمينه وعن يساره حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم- جالسًا، وأن جابرًا سأله عن ذلك فقال: «إني مررت بقبرين يعذبان فأحببت بشفاعتي أن يرفع عنهما ما دام الغصنان رطبين»، ولم يذكر في قصة جابر أيضًا السبب الذي كانا يعذبان به، ولا الترجي الآتي في قوله: "لعله"، فبان تغاير حديث ابن عباس وحديث جابر، وأنهما كانا في قصتين مختلفتين، ولا يبعد تعدد ذلك".

لا يبعد يعني في المدة الطويلة التي عاشها النبي -عليه الصلاة والسلام- أن تحصل نظائر لهذه القصة ولا تكون قصة واحدة.

"وقد روى ابن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة أنه -صلى الله عليه وسلم- مر بقبر فوقف عليه فقال: «ائتوني بجريدتين» فجعل إحداهما عند رأسه، والأخرى عند رجليه".

هذا قبر واحد، وفي الحديث أنهما قبران، مرّ بقبرين.

"فيحتمل أن تكون هذه قصة ثالثة، ويؤيده أن في حديث أبي رافع كما تقدم: فسمع شيئًا في قبر، وفيه: فكسرها باثنين ترك نصفها عند رأسه ونصفها عند رجليه، وفي قصة الواحد حمل نصفها".

جعل، جعل نصفها.

طالب:...

بل جعل نصفها عند رأسه ونصفها عند رجليه.

"وفي قصة الواحد جعل نصفها عند رأسه ونصفها عند رجليه، وفي قصة الاثنين: جعل على كل قبر جريدة. قوله: (كسرتين) بكسر الكاف، والكسرة القطعة من الشيء المكسور، وقد تبين من رواية الأعمش أنها كانت نصفًا. وفي رواية جرير عنه "باثنتين" قال النووي: الباء زائدة للتوكيد والنصب على الحال.

قوله: (فوضع) وفي رواية الأعمش الآتية "فغرز" وهي أخص من الأولى. قوله: (فوضع على كل قبر منهما كسرة) وقع في مسند".

لأن مجرد الوضع لا يلزم منه الغرس.

"قوله: (فوضع على كل قبر منهما كسرة) وقع في مسند عبد بن حُميد من طريق عبد الواحد بن زياد عن الأعمش، ثم غرز عند رأس كل واحد منهما قطعة. قوله: (فقيل له) للأعمش "قالوا" أي: الصحابة".

فقيل له وللأعمش قالوا.

طالب:...

قيل له للأعمش يكون المقول له، والأعمش. وللأعمش يعني في رواية الأعمش.

أحسن الله إليك، "قوله: (فقيل له) وللأعمش "قالوا" أي: الصحابة" ولم نقف على تعيين السائل منهم. قوله: (لعله) قال ابن مالك: يجوز أن تكون الهاء ضميرُ الشأن".

ضميرَ.

"ضميرَ الشأن، وجاز تفسيره بأن وصِلَتها".

بأن وصِلِتها.

"وجاز تفسيره بأن وصِلِتها؛ لأنها في حكم جملة لاشتمالها على مسند ومسند إليه. قال: ويحتمل أن تكون "أن" زائدة مع كونها ناصبة كزيادة الباء مع كونها جارّة، انتهى. وقد ثبت في الرواية الآتية بحذف "أن" فقُوّى الاحتمال الثاني".

فقَوِي الاحتمال الثاني.

طالب:...

قوي الاحتمال الثاني.

طالب:...

وتبقى أنها زين.

"فقَوي الاحتمال الثاني، وقال الكرماني: شبه لعل بعسى، فأتى بأن في خبره. قوله: «يُخفَّف» بالضم وفتح الفاء، أي: العذاب عن المقبورَين. قوله: «ما لم تيبسا» كذا في أكثر الروايات بالمثناة الفوقانية أي: الكسرتان، وللكُشمِيهَني «إلا أن تيبسا» بحرف الاستثناء، وللمستملي «إلى أن ييبسا» بإلى التي للغاية والياء التحتانية أي: العودان، قال المازري: يُحتَمَل أن يكون أوحي إليه أن العذاب يخفف عنهما هذه المدة، انتهى. وعلى هذا فلعل هنا للتعليل".

النطق الصحيح يحتمِل يعني اللفظ ليس يُحتمَل.

"قال المازري: يحتَمِل أن يكون أوحي إليه أن العذاب يخفف عنهما هذه المدة، انتهى. وعلى هذا فلعل هنا للتعليل. قال: ولا يظهر له وجه غير هذا. وتعقَّبه القرطبي بأنه لو حصل الوحي لما أتى بحرف الترجي، كذا قال. ولا يرد عليه ذلك إذا حملناها على التعليل، قال القرطبي: وقيل: إنه شفع لهما هذه المدة كما صرح به في حديث جابر".

لو أوحي إليه ما قال: لعله يخفف عنهما، لجزم به؛ لأنه وحي.

أحسن الله إليك.

 "قال القرطبي: وقيل: إنه شفع لهما هذه المدة، كما صرح به في حديث جابر؛ لأن الظاهر أن القصة واحدة. وكذا رجح النووي كون القصة واحدة، وفيه نظر لما أوضحنا من المغايرة بينهما".

أوضحناه.

"لما أوضحناه من المغايرة بينهما".

يعني الوجوه التي تغاير فيها القصة في حديث جابر عن القصة في حديث ابن عباس، وهي من وجوه ذكرها -رحمه الله-  سابقًا أن هذا قبر واحد، وفي حديث الباب قبران، وصنع بالعسيب الجريدة شقها بنصفين، وهناك غصنان على قبر واحد والجريدة شقت بنصفين على قبرين.

"وقال الخطابي: هو محمولٌ على أنه دعا لهما بالتخفيف مدة بقاء النداوة".

الرطوبة نعم.

"لا أن في الجريد معنىً يخصه، ولا أن في الرطب معنىً ليس في اليابس. قال: وقد قيل: إن المعنى فيه أنه يسبح ما دام رطبًا فيحصل التخفيف ببركة التسبيح، وعلى هذا فيطرد في كل ما فيه رطوبة من الأشجار وغيرها، وكذلك فيما فيه بركة الذكر وتلاوة القرآن من باب الأولى".

لوجود البركة، ويريد بذلك أن يقرر أن قراءة القرآن عند القبر تخفِّف يعني من باب أولى إذا كان العسيب الرطب يسبِّح ويخفَّف عن المقبور ما دام رطبًا، كما جاء في حديث الباب، فالذكر والتلاوة من باب أولى لما فيهما من البركة، كذا يريد أن يُقرِّر -رحمه الله-، ولكن سيأتي في تعليق الشيخ ما يرد هذا الكلام.

"وقال الطِّيبي: الحكمة في كونهما ما دامتا رطبتين تمنعان العذاب يحتمل أن تكون غير معلومة لنا كعدد الزبانية. وقد استنكر الخطابي ومن تبعه وضع الناس الجريد ونحوه في القبر عملاً بهذا الحديث".

لأن بعض الناس لا سيما من بعد الصحابة، يعني الصحابة ما عُرف إلا واحد منهم، لكن من بعدهم طردوا هذا قالوا: جريدة رطبة وضعها النبي -عليه الصلاة والسلام- فلماذا لا نقتدي به؟ لكن الخطابي استنكر ذلك، وحجته في ذلك أن كبار الصحابة ما وضعوا، ما اقتدوا به -عليه الصلاة والسلام- في وضع الجريد، وعدُّوا هذا من خصائصه؛ لأنه هو الذي اطَّلع على أن صاحبي القبرين يعذبان، من عداه -عليه الصلاة والسلام- كيف يعلم أن هذا يعذب أو لا يعذب؟

"وقد استنكر الخطابي ومن تبعه وضع الناس الجريد ونحوه في القبر عملاً بهذا الحديث قال الطرطوشي: لأن ذلك خاص ببركة يده. وقال القاضي عياض: لأنه علَّل غرزهما على القبر بأمر مغيب وهو قوله «ليعذبان». قلتُ: لا يلزم من كوننا لا نعلم".

هذا كلام ابن حجر.

"قلتُ: لا يلزم من كوننا لا نعلم أيعذب أم لا أن لا نتسبَّب له في أمرٍ يخفف عنه العذاب أن لو عُذِّب".

نعم يعني الاحتمال أنه يعذب لا سيما مع كثرة المعاصي والذنوب احتمال أنه يعذَّب فإن كان يعذَّب يخفف عنه نعم على كلامه.

"كما لا يمنع كوننا لا ندري أرُحِم أم لا أن لا ندعو له بالرحمة. وليس في السياق ما يقطع على أنه باشر الوضع بيده الكريمة، بل يحتمل أن يكون أمر به. وقد تأسى بريدة بن الحصيب الصحابي بذلك فأوصى أن يوضع على قبره جريدتان كما سيأتي في الجنائز من هذا الكتاب، وهو أولى أن يُتَّبع من غيره".

الشيخ ابن باز- رحمة الله عليه- علق على كلام ابن حجر فقال: الصواب في هذه المسألة ما قاله الخطابي من استنكار الجريد ونحوه، يعني وضع الجريد استنكار وضع الجريد ونحوه على القبور؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يفعله في قبورٍ لم يفعله إلا في قبورٍ مخصوصة، اطَّلع على تعذيب أهلها، ولو كان مشروعًا فعله في كل لفعله في كل القبور، وكبار الصحابة كالخلفاء لم يفعلوه، وهم أعلم بالسّنَّة من بريدة -رضي الله عن الجميع-، فتنبَّه!.

"تنبيه: لم يُعرَف اسم المقبورين ولا أحدهما".

وهذا كثير في النصوص التي فيها الإبهام في المتون إذا كان من نُسِب إليه الفعل وأُبهم اسمه؛ لأن هذا الفعل يُذَم به، فالغالب أنه لا يُسمى في جميع الطرق سترًا عليه، وإذا كان مما يُمدَح فإذا أُبهم في طريق بُيِّن في طريق آخر.

"تنبيه: لم يُعرَف اسم المقبورين ولا أحدهما، والظاهر أن ذلك كان على عمدٍ من الرواة لقصد الستر عليهما، وهو عمل مستحسن. وينبغي أن لا يُبالَغ في الفحص عن تسمية من وقع في حقه ما يُذَم به. وما حكاه القرطبي في التذكرة وضعَّفه عن بعضهم أن أحدهما سعد بن معاذ فهو قول باطل لا ينبغي ذكره إلا مقرونًا ببيانه. ومما يدل على بطلان الحكاية المذكورة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حضر دفن سعد بن معاذ كما ثبت في الحديث الصحيح، وأما قصة المقبورين ففي حديث أبي أمامة عند أحمد أنه -صلى الله عليه وسلم- قال لهم: من دفنتم اليوم هاهنا؟ فدل على أنه لم يحضرهما، وإنما ذكرت هذا ذبًا عن هذا السيد الذي سماه النبي -صلى الله عليه وسلم- سيدًا، وقال لأصحابه: «قوموا إلى سيدكم» وقال: إن حكمه قد وافق حكم الله وقال: «إن عرش الرحمن اهتز لموته» إلى غير ذلك من مناقبه الجليلة، خشية أن يغتر".

فكيف يعذب بعدم الاستبراء من البول أو الاستنزاه من البول أو المشي بالنميمة وهذا مقامه؟ رضي الله عنه وأرضاه.

"إلى غير ذلك من مناقبه الجليلة، خشية أن يغتر ناقص العلم بما ذكره القرطبي فيعتقد صحة ذلك وهو باطل. وقد اختُلِفَ في المقبورين فقيل: كانا كافرين، وبه جزم أبو موسى المديني".

ولو كانا كافرين ما عذبا بعدم الاستنزاه من البول والمشي بالنميمة كان عذابهما على الكفر وهو أعظم.

"واحتج بما رواه من حديث جابر بسند فيه ابن لهيعة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مر على قبرين من بني النجار هلكا في الجاهلية، فسمعهما يعذبان في البول والنميمة، قال أبو موسى: هذا وإن كان ليس بقوي، لكن معناه صحيح، لأنهما لو كانا مسلمين لما كان لشفاعته إلى أن تيبس الجريدتان معنى، ولكنه لما رآهما يعذبان لم يستجز للطفه وعطفه حرمانهما من إحسانه فشفع لهما إلى المدة المذكورة، وجزم ابن العطار في شرح العمدة بأنهما كانا مسلمين وقال: لا يجوز أن يقال: إنهما كانا كافرين؛ لأنهما لو كانا كافرين لم يدع لهما بتخفيف العذاب ولا ترجاه لهما، ولو كان ذلك من خصائصه لبيَّنه، يعني كما في قصة أبي طالب".

أبو طالب مكافأة له لدفاعه عنه -عليه الصلاة والسلام- وعن دينه ويستحق مثل هذه الشفاعة. نعم.

"قلت: وما قاله أخيرًا هو الجواب، وما طالب به من البيان قد حصل، ولا يلزم التنصيص على لفظ الخصوصية؛ لكن الحديث الذي احتج به أبو موسى ضعيف كما اعترف به، وقد رواه أحمد بإسناد صحيح على شرط مسلم وليس فيه سبب التعذيب، فهو من تخليط ابن لهيعة، وهو مطابق لحديث جابر الطويل الذي قدمنا أن مسلمًا أخرجه، واحتمال كونهما كافرين فيه ظاهر. وأما حديث الباب فالظاهر من مجموع طرقه أنهما كانا مسلمين".

لأن حديث جابر ما عُلِّل العذاب بالنميمة وعدم الاستنزاه من البول.

طالب:...

نعم، لكن ما فيه غير هذا.

طالب:...

نعم، لكن ما الذي يمنع من حمل ما يدل على أنهما كافرين على حديث قصة جابر.

"وأما حديث الباب فالظاهر من مجموع طرقه أنهما كانا مسلمين ففي رواية ابن ماجه: "مر بقبرين جديدين" فانتفى كونهما في الجاهلية، وفي حديث أبي أمامة عند أحمد: أنه -صلى الله عليه وسلم -مر بالبقيع فقال: «من دفنتم اليوم هاهنا؟» فهذا يدل على أنهما كانا مسلمين؛ لأن البقيع مقبرة المسلمين، والخطاب للمسلمين مع جريان العادة بأن كل فريق يتولاه من هو منهم".

يعني الكافر يدفنه الكفار، يتولونه، والمسلم يتولاه المسلمون.

"ويقوي كونهما كانا مسلمين رواية أبي بكرة عند أحمد والطبراني بإسناد صحيح: «يعذبان، وما يعذبان في كبير، وبلى وما يعذبان إلا في الغيبة والبول» فهذا الحصر ينفي كونهما كانا كافرين؛ لأن الكافر وإن عذب على ترك أحكام الإسلام فإنه يعذب مع ذلك على الكفر بلا خلاف. وفي هذا الحديث من الفوائد غيرَ ما تقدَّم إثبات عذاب القبر".

غيرُ.

"غيرُ ما تقدَّم إثبات عذاب القبر، وسيأتي الكلام عليه في الجنائز، إن شاء الله تعالى. وفيه التحذير من ملابسة البول، ويلتحق به غيره من النجاسات في البدن والثوب، ويُستَدَل به على وجوب إزالة النجاسة، خلافًا لمن خص الوجوب بوقت إرادة الصلاة، والله أعلم".

نقرأ المتن. ما هو بضار إن شاء الله.

قال الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: "باب ما جاء في".

هو يقرأ المتن. نعم.

"باب ما جاء في غسل البول، وقال النبي –صلى الله عليه وسلم- لصاحب القبر: «كان لا يستتر من بوله» ولم يذكر سوى بول الناس.

 حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم قال: حدثني روح بن القاسم قال: حدثني عطاء بن أبي ميمونة عن أنس بن مالك قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا تبرز لحاجته أتيته بماء فيغسل به".

يقول الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: باب ما جاء في غسل البول.

طالب:...

ما فعله كبار الصحابة ولو كان لاقتدوا به -عليه الصلاة والسلام-، ولو كان خيرًا لسبقونا إليه.

طالب:...

لا يخلو من أصل لا سيما وقد فعله بريدة من الصحابة، لكن يبقى أن كبار الصحابة ما فعلوه، فلا يفعل.

طالب:...

كيف؟ ما صار أصلًا لعدم الاقتداء، لو اقتدى به أحد قلنا أصل يعني كبار الصحابة منهم الخلفاء ما فعلوه.

طالب:...

نعم، نفتح الباب، إذا فتح الباب، حدث ولا حرج، لكن ما مثل حسم المادة وعدم الاطلاع أنهم يعذبون أو لا يعذبون من خصائصه -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه انتفى بتخفيف العذاب.

طالب:...

ماذا؟

لا، ليس من أجل هذا رش القبور بالماء؛ لئلا ينتشر ويتبعثر التراب.

طالب: ...

 لا لا، ما له أصل، ما له أصل.

طالب:...

هذا ماء فقط، هل ما يسبح أم الرطب الذي يسبح.

طالب:...

هو يقول: إذا فتح الباب ما انسد، وأحيانًا كنت أذهب المقبرة وتاركها من سنين لمناسبة، وأجد أشياء ما كنت أتصور أن عقول الناس تصل إليها على القبور، يضعون أشياء ما تجدون عقولهم تحتمل هذه الأمور، لعلهم جاءوا بها من بلدانهم من هؤلاء الوافدين، عندنا ما فيه شيء، الأصل ما فيه إلا التراب وما يدل على أنه قبر فقط، والآن بدؤوا بالترقيم، أرقام القبور من أجل أن تحفظ يقولون، وبدأ أيضًا بحفظها بالكمبيوتر، والإحداثيات وما أدري إيش، طلب هذا في البقيع وغيره، لكن اللجنة رفضت، لا يوجد شيء من هذا، تبقى على ما كانت عليه؛ لأنه إن فتح الباب فما ينغلق ولو قلت: إن هذا سهل وييسر على الزائر، لكن حسم المادة أولى، نعم.

طالب:...

أين؟

طالب:...

لا لا، حتى الزرع ممنوع، والشجر يقطع، وإلا فإنه ينبت حشيش، وتنبت أشياء، ويقطع ويُزال؛ لأنه مؤذٍ للزائرين، ولماذا ما شفع مطلقًا؟ قد لا يستحقون الشفاعة المطلقة.

طالب: ...

 لا، ما يعفى عن شيء إلا الحنفية.

طالب:...

ما يوجد إلا الحنفية الذين قالوا: يعفى عن اليسير، وإلا فالمذاهب الثلاثة، حتى ما يشبه رؤوس الإبر التي تتناثر، ولو لم يرَ بالعين، وإنما يُحس به.

طالب: ...

لا لا ما يعفى عن البول، النجاسة مغلظة.

طالب:...

خلِّ المسألة، هذه ضرورة هذه، هذه ضرورة، لكن المعافى الذي ما فيه شيء نقول له الأمر يسير مثل الحنفية الذين يقولون بقدر الدرهم البغلي وبقدر كذا، ثم يأتي من يقيس على القول الباطل، يأتي من يقول: إن الربا اليسير يتجاوز عنه، قياسًا على النجاسة اليسيرة.

 طالب:...

ماذا؟

طالب:...

 يعني الذين قالوا: يعفى عن النجاسة اليسيرة يعني هذا الذي يقدم على الربا بطوعه واختياره ابتداءً هل يتصور أن الذي يقول بالنجاسة اليسيرة أن يأتي شخص لآخر يقول: بِلّ على ثوبي شيئًا يسير؟ مثل من يقصد البنك، ويأخذ ربا، ويقول: يسير؟ فرق، حتى القياس غير وارد أصلاً.

طالب:...

على كل حال كل شيء له حكمه، كل شيء له حكمه.

طالب:...

تنقض.

طالب:...

القطرة الواحدة نعم.

 قال -رحمه الله تعالى-: باب ما جاء في غسل البول وقال النبي –صلى الله عليه وسلم- لصاحب القبر: «كان لا يستتر من بوله» لصاحب القبر: «كان لا يستتر من بوله» لصاحب القبر؛ لأنه واحد هذا، والثاني يمشي بالنميمة، فقال لصاحب القبر ما قال لصاحب القبرين، فقال: قال النبي –صلى الله عليه وسلم- لصاحب القبر: «كان لا يستتر من بوله» ولم يذكر سوى بول الناس، ولم يذكر سوى بول الناس؛ لئلا يأتي وقد أتى من يقول: إن "لا يستتر من البول" يشمل الأبوال كلها.

 قال -رحمه الله-: حدثنا يعقوب بن إبراهيم وهو الدورقي، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم المعروف بابن عُلية قال: حدثني روح بن القاسم قال: حدثني عطاء بن أبي ميمونة عن أنس بن مالك قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا تبرز لحاجته أتيته بماء فيغسل به. يغسل به أثر البول. والترجمة باب ما جاء في غسل البول، قوله: باب ما جاء في غسل البول، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لصاحب القبر قال له.. وهو مدفون يعني عن صاحب القبر، فالحروف تتناوب وهنا لصاحب القبر يعني عن صاحب القبر، وتأتي عن ويراد بها القصة، ولا يراد بها الرواية، يعني الحديث عن القصة نفسها، مثل عن أبي الأحوص أنه خرج عليه خوارج فقتلوه، هو يروي عن أبي الأحوص؟ لا، مات، عن قصة أبي الأحوص نفس الشيء، يعني ذكر لصاحب القبر؟ نفسها ما يختلف.

 قال الكرماني: اللام بمعنى لأجل. قوله: «كان يستتر من بوله» يشير إلى أن لفظ الحديث الذي قبله ولم يذكر سوى بول الناس يشير إلى لفظ الحديث الذي قبله، يعني في الباب السابق، قوله: ولم يذكر سوى بول الناس، قال ابن بطال: أراد البخاري أن المراد بقوله في رواية الباب: «كان لا يستتر من البول» بول الناس لا بول سائر الحيوان، فلا يكون فيه حجة لمن حمله على العموم في بول جميع الحيوان، وكأنه أراد الرد على الخطابي حيث قال: فيه دليل على نجاسة الأبوال كلها، ومحصل الرد أن العموم في رواية: من البول أُريد به الخصوص، لقوله: «من بوله»، والألف واللام بدل من الضمير، ال بدل من الضمير المضاف إليه، من بوله، لكن يلتحق ببوله بول من هو في معناه من الناس؛ لعدم الفارق.

 يعني قال: من بوله لو بال عليه أحد ثانٍ؟

نفس الشيء؛ لأن المعنى واحد، قال: وكذا غير المأكول، وأما المأكول فلا حجة في هذا الحديث لمن قال بنجاسة بوله ولمن قال بطهارته حجج أخرى، حديث العرنيين لما أمرهم النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يشربوا من أبوال الإبل وغير ذلك من الأدلة، حجج أخرى، وقال القرطبي: قوله: من البول اسم مفرد لا يقتضي العموم، ولو سُلِّمَ فهو مخصوص بالأدلة المقتضية لطهارة بول ما يؤكل.

 قوله: حدثني يعقوب بن إبراهيم هو الدورقي، قال: أخبرنا، وللأكثر: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، وهو المعروف بابن علية، وليس هو أخًا ليعقوب أو أخا يعقوب؛ لأن هذا يعقوب بن إبراهيم، وهذا إسماعيل بن إبراهيم، وليسا بأخوين، هذا الدورقي، وهذا ابن علية.

 وروح بن القاسم بفتح الراء على المشهور، ونقل ابن التين والقابصي أنه قُرئ بضمهما، أو بضمها، بضم الراء، وهو شاذٌ مردود، ونقل ابن التين والقابصي أنه قرئ بضمها وهو شاذ مردود، وقد قدمت مباحث المتن في باب الاستنجاء بالماء، والاستدلال به هنا على غسل البول أعم من الاستدلال به على الاستنجاء، فلا تكرار فيه، يعني كرر الترجمة مرتين؛ مرة في الاستنجاء ومرة في غسل البول، ما فيه تكرار؛ لأن غسل البول يختلف عن الاستنجاء، والاستنجاء نوع منه، الاستنجاء نوع من غسل البول فلا تكرار.

قوله: فيغتسل به، كذا لأبي ذر بوزن يفتعل، ولغيره: بفتح التحتانية، بفتح التحتانية، وسكون الغين، وكسر السين فيغسِل وحُذف مفعوله للعلم به، أو للحياء من ذكره، للعلم به وما الذي يُغسل بعد البول؟

هذا ذكر، يغسل الذكر، حُذف للعلم به، أو للحياء من ذكره، والله أعلم.