شرح الموطأ - كتاب الحج (07)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

أحسن الله إليك.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا ذا الجلال والإكرام.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: قطع التلبية:

حدثني يحيى عن مالك عن محمد بن أبي بكر الثقفي أنه سأل أنس بن مالك وهما غاديان من منى إلى عرفة: كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: كان يهل المُهل منا فلا ينكر عليه، ويكبر المكبر فلا ينكر عليه".

وحدثني عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه أن علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه- كان يلبي في الحج حتى إذا زاغت الشمس من يوم عرفة قطع التلبية.

قال يحيى: قال مالك -رحمه الله تعالى-: "وذلك الأمر الذي لم يزل عليه أهل العلم ببلدنا".

وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها كانت تترك التلبية إذا رجعت إلى الموقف.

وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يقطع التلبية في الحج إذا انتهى إلى الحرم حتى يطوف بالبيت، وبين الصفا والمروة، ثم يلبي حتى يغدوَ من منى إلى عرفة، فإذا غدا ترك التلبية، وكان يترك التلبية في العمرة إذا دخل الحرم.

وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أنه كان يقول: كان عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- لا يلبي وهو يطوف بالبيت.

وحدثني عن مالك عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنها كانت تنزل من عرفة بنمرة، ثم تحولت إلى الأراك قالت: وكانت عائشة تهل ما كانت في منزلها، ومن كان معها فإذا ركبت فتوجهت إلى الموقف تركت الإهلال، قالت: وكانت عائشة تعتمر بعد الحج من مكة في ذي الحجة ثم تركت ذلك فكانت تخرج قبل هلال المحرم، حتى تأتي الجحفة فتقيم بها حتى ترى الهلال، فإذا رأت الهلال أهلت بعمرة.

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- غدا يوم عرفة من منى فسمع التكبير عاليًا، فبعث الحرس يصيحون في الناس: أيها الناس إنها التلبية.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"باب: قطع التلبية" يعني متى تقطع التلبية بالنسبة للحاج والمعتمر، معلوم أنه يبدأ بالتلبية إذا تلبس بالإحرام ودخل في النسك، تلبس بالإحرام ودخل في النسك، يشرع في التلبية، لكن متى يقطعها الحاج؟ ومتى يقطعها المعتمر؟

يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن محمد بن أبي بكر الثقفي أنه سأل أنس بن مالك وهما غاديان من منى إلى عرفة" ذاهبان من منى غدوة صباحًا إلى عرفة، النبي -عليه الصلاة والسلام- خرج إلى منى يوم التروية اليوم الثامن وصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح، فلما طلعت الشمس دفع إلى عرفة، فماذا كانوا يصنعون معه -عليه الصلاة والسلام- حين دفع؟ "سأل أنس بن مالك وهما غاديان من منى إلى عرفة: كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟" والسؤال عن الذكر الذي يقال في هذا الوقت: "كيف كنتم تصنعون" يعني من الأذكار في هذا اليوم مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بدليل الجواب، قال: "كان يهل المهل" يلبي الملبي "فلا ينكر عليه"؛ لأن الوقت وقت تلبية متلبس بالإحرام، والمحرم يلبي "يهل المهل منا فلا ينكر عليه، ويكبر المكبر فلا ينكر عليه" وأيضًا الوقت وقت تكبير؛ لأنه في العشر والعشر وقت للتكبير، فيستغل الوقت بهذا وهذا، يستغل الوقت بالتلبية؛ لأنه متلبس بالإحرام، ويستغل أيضًا بالتكبير وهم في طريقهم إلى عرفة، وهذا الحديث مخرج في الصحيح، في البخاري ومسلم.

يقول: "وحدثني عن مالك عن جعفر بن محمد -الصادق- عن أبيه -الباقر- أن علي بن أبي طالب" ولم يدرك عليًّا فهو منقطع "كان يلبي في الحج حتى إذا زاغت الشمس من يوم عرفة قطع التلبية" زاغت يعني زالت، قطع التلبية، وليس معنى هذا...، نعم؟

طالب:.........

أين؟ أرني إياه.

طالب:.........

لا، غير، نحن معتمدون رواية يحيى بن يحيى.

يقول: "حدثني عن مالك عن جعفر بن محمد -وهو الصادق- عن أبيه" محمد بن علي بن الحسين الباقر، وهو لم يدرك عليًا -رضي الله عنه-، فالخبر منقطع، يحكي قصة لم يشهدها "أن علي بن أبي طالب كان يلبي في الحج، حتى إذا زاغت الشمس من يوم عرفة قطع التلبية" فهل يتصور أنه يقطع التلبية بعد زوال الشمس من يوم عرفة ولا يعود إليها وهو متلبس بإحرام؟ أو أنه يقطع التلبية بعد زوال الشمس يوم عرفة إلى غروبها استغلالًا لهذا الوقت بالذكر والدعاء، وهذا اجتهاد منه، وإلا فالتلبية ذكر، نعم، أقول: لعله يقطع التلبية في هذا الوقت؛ استغلالًا لهذا الوقت عشية عرفة بالذكر والدعاء، وأفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، دعاء وذكر، ثم بعد ذلك يعود إلى التلبية؛ لأنه وقت للتلبية، والنبي -عليه الصلاة والسلام- لا يزال يلبي حتى يرمي جمرة العقبة، أو حتى إذا بلغ جمرة العقبة قطع التلبية.

فالحاج يستمر يلبي حتى يرمي، أو حتى يبلغ جمرة العقبة، والخلاف بين أهل العلم في وقت الرمي هل هو وقت للتلبية أو أنه بمجرد بلوغه الجمرة يقطع التلبية؟ كما ذكر ذلك من ردف النبي -عليه الصلاة والسلام- في انصرافه من مزدلفة إلى منى، وهذا في الصحيح.

"قال يحيى: قال مالك -رحمه الله تعالى-: "وذلك الأمر الذي لم يزل عليه أهل العلم ببلدنا" ويعني المدينة، وقاله ابن عمر -على ما سيأتي- وعائشة وجماعة، وجمهور أهل العلم أنه لا يزال يلبي حتى يرمي جمرة العقبة، ويمكن حملها أيضًا على معنىً يصح لتوافق حتى إذا بلغ، نعم حتى يرمي، يعني حتى يشرع في الرمي، وهذا قول الجمهور؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا زال يلبي حتى رمى جمرة العقبة أو بلغ جمرة العقبة.

"وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عمته عائشة زوج النبي -عليه الصلاة والسلام- أنها كانت تترك التلبية إذا رجعت إلى الموقف" وهو محمول على ما حمل عليه سابقه، وأنها بعرفة بعد الزوال تتفرغ للذكر والدعاء، وهو موافق لفعل علي -رضي الله عنه-.

يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقطع التلبية في الحج إذا انتهى إلى الحرم" ويستمر على قطعها حتى يطوف بالبيت، ويسعى بين الصفا والمروة، في الحج، يعني إذا أهل مفردًا أو أهل قارنًا، نعم، ومثله المعتمر إذا انتهى إلى الحرم قطع التلبية، كل من أحرم يقطع التلبية إذا دخل إلى الحرم، لكن المفرد والقارن إذا طاف وسعى يعود إلى التلبية؛ لأنه ما زال محرمًا، نعم، القارن والمفرد يعود إلى التلبية فلا يزال يلبي حتى يرمي جمرة العقبة.

كان يقطع التلبية في الحج إذا انتهى إلى الحرم، ويستمر على ذلك حتى يطوف بالبيت، ويسعى بين الصفا والمروة، ثم بعد السعي يلبي، يعود إلى التلبية؛ لأنه ما زال متلبسًا بالإحرام "حتى يغدوَ من منى إلى عرفة، فإذا غدا" ذهب إلى منى "ترك التلبية" وهذا في الحج، وهذا الكلام موافق لما ذكر المؤلف عن عائشة وعلي بن أبي طالب "وكان يترك التلبية في العمرة إذا دخل الحرم".

عرفنا متى يشرع في التلبية؟ إذا تلبس بالإحرام، ودخل في النسك، ويقطعها إذا بلغ الحرم، فإن كان معتمرًا وحل من عمرته انتهت حتى يحرم بالحج، وإن كان مفردًا أو قارنًا رجع إلى التلبية بعد فراغه من السعي إلى أن يرمي أو أن يبلغ جمرة العقبة، وحملنا ما ذكره المؤلف عن علي وعائشة وابن عمر على أنهم يقطعون التلبية إذا غدوا إلى عرفة للتفرغ لما ذكرنا، وإن كان مالك -رحمه الله- كأنه فهم أنهم يقطعونها ولا يعودون إليها، ثم يستمرون حتى يبلغوا جمرة العقبة، وهذا هو المعروف والثابت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه لا يزال يلبي حتى يرمي جمرة العقبة.

لو افترضنا أنه أخر الرمي إلى آخر النهار يوم العيد، وبدأ من أسباب التحلل بغيره، بغير الرمي، طاف بالبيت وسعى وحلق شعره ولبس ثيابه، يستمر يلبي وإلا تنقطع التلبية؟ تنقطع؛ لأنه حل من إحرامه، والنبي -عليه الصلاة والسلام- ما زال يلبي حتى رمى جمرة العقبة، فحتى غاية، وهذا لم يرمِ جمرة العقبة، هل نقول: إنه يقطع التلبية وإن لم يرمِ جمرة العقبة؟ يعني هل يناسب أن الإنسان يلبي وعليه الثياب؟ نعم؟ أو نقول: النبي -عليه الصلاة والسلام- ما زال يلبي حتى بلغ الجمرة وهذا ما بلغ الجمرة فلا يزال يلبي حتى يبلغها؟ يعني إذا باشر أول أسباب التحلل؛ لأن رمي الجمرة يقوم مقامها ما قدم عليها من أسباب التحلل، يعني لو قدم الطواف قلنا: إذا بلغ البيت، نعم، إذا قدم الحلق قلنا: إذا شرع فيه، لكن لو افترضنا أنه أخرها، ما رمى جمرة العقبة، افترض أنه حصل له ما يمنعه من رمي الجمرة، نعم؟

طالب:.........

حتى يذبح الهدي بدلها؟

طالب:.........

الفدية؟

طالب:.........

معروف، هذا الظاهر، ومن رتب ترتيب النبي -عليه الصلاة والسلام- يلتزم بفعله، لكن من قدم وأخر، من قدم وأخر وقد قيل له: افعل ولا حرج، إذا باشر أسباب التحلل يقطع التلبية، والأصل في ذلك أن المعتمر حينما يباشر الأسباب يقطع التلبية إذا بلغ البيت، فلو قدم الطواف على الرمي قلنا: إذا بلغ البيت يقطع التلبية، نعم؟

طالب:.........

على الخلاف هل هو إذا رأى البيت؟ هل هو إذا رأى البيت أو دخل الحرم يعني حدود الحرم؟ أو إذا شرع في الطواف؟ المسألة خلافية بين أهل العلم، لكن كأنه إذا رأى البيت أو شرع في الطواف ولا فرق بينهما إلا شيء يسير.

"ثم بعد السعي يلبي حتى يغدو من منًى إلى عرفة فإذا غدا ترك التلبية" هذا معروف في الحج، وكان يترك التلبية في العمرة إذا دخل الحرم، وهذا يقول به الإمام مالك بالنسبة لمن أحرم من الميقات، على ما ستأتي الإشارة إليه، من أحرم من الميقات لأنه لبى قدرًا يظنه كافيًا، نعم، لكن إذا أحرم من أدنى الحل كأن مالك لا يقول بمثل هذا؛ لأنه مباشرة يبغي يلبي ثم يدخل في الحرم إذا كان من أدنى الحل، فمالك يحمله على ما إذا أحرم من الميقات.

يقول: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أنه كان يقول: كان عبد الله بن عمر لا يلبي وهو يطوف بالبيت" يعني لعدم مشروعيتها في الطواف؛ ولذلك كرهها ابنه سالم ومالك -رحمهما الله-، قال ابن عيينة: ما رأيت أحدًا يقتدى به يلبي حول البيت إلا عطاء بن السائب، وأجازه الشافعي سرًّا، يلبي سرًّا وهو يطوف، يلبي سرًا وهو يسعى، وكان ربيعة يلبي وهو يطوف، يعني يجهر بها؛ لأنه ما زال متلبسًا بالإحرام، ولا يقطعها وهو يطوف ويسعى؛ لأنه ما زال والغاية متى؟ حتى يبلغ الجمرة.

"وحدثني عن مالك عن علقمة بن أبي علقمة" بلال المدني، ثقة "عن أمه" مرجانة مولاة عائشة "أم علقمة عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله تعالى عنها- أنها كانت تنزل من عرفة بنمرة" هذا دليل على أن نمرة نعم؟ نص من عرفة بنمرة، نعم؟ يعني لو جاء في الخبر أنها كانت تنزل بنمرة من عرفة، نعم، يعني أن نمرة جزء من عرفة، والمسألة خلافية، منهم من يقول: إنها ملاصقة لها وليست منها، لقربها خارجًا عنها، ومنهم من يقول: هي منها على الخلاف بين أهل العلم، على كل حال هذه محل خلاف، بطن عرنة هل يعد من عرفة وإلا خارج عرفة؟ وجاء في الحديث: ((وارفعوا عن بطن عرنة)) والجمهور على أنه خارج عرفة، والوقوف فيه لا يجزئ، والمالكية يرون الإجزاء؛ لأنه لو لم تكن من عرفة لما نبه عليها بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ارفعوا عن بطن عرنة)) ((عرفة كلها موقف، وارفعوا عن بطن عرنة)) لو لم تكن من عرفة ما يحتاج إلى التنبيه عليها؛ لأنه لم يقل -عليه الصلاة والسلام-: ارفعوا عن مزدلفة ولا عن منى ولا عن أي مكان ثان، يعني لو لم تكن منها لما احتيج إلى التنبيه عليها كغيرها، فهي عنده منها، ويحرم الوقوف فيها، ويكون مجزئًا، التحريم لأنه خالف هذا الأمر، ويكون مجزئًا لأنها منها، والجمهور الوقوف فيها لا يجزئ لأنها ليست منها.

طالب:.........

واضح من هذه، ما هي؟ تنزل من عرفة، لكن هل نقول: هذا خاتم من حديد؟ خاتم من حديد، نعم؟

طالب:.........

منه، يعني جزء منه، افترض أنها بيانية مثلًا، نعم {فاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} [(30) سورة الحـج] نعم لكن هل منها ما يدل على ما ذكرت؟

طالب:.........

لا، أنا أقول: ترى أحيانًا يهجم على الإنسان فهمه واستعماله وما يسمعه من حوله في هذه الكلمة، نعم، أحيانًا يهجم على الإنسان الاستعمال المحلي عنده لهذه الكلمة، أحيانًا يهجم على الذهن ثم بعد ذلك يفهم النص..، لكن هنا لا بد أن نرجع إلى ما تحتمله الكلمة عربية، ولو كان مغني اللبيب بين أيدينا لعرفنا، فليراجع -إن شاء الله-، وعلى كل حال الخلاف موجود بين أهل العلم، نعم؟

طالب:.........

لا، المسجد بعضه فيها، بنمرة، وبعضه داخل بعرفة، والمفتى به أن الجزء الذي من نمرة ليس من عرفة؛ ولذلك لو لحظت الناس وهم في المسجد وجدتهم بعد الصلاة ينحصرون في زاوية من المسجد ضيقة بعد، جزء من المسجد.

"ثم تحولت إلى الأراك" موضع بعرفة من ناحية الشام، يعني في شمال عرفة، النبي -عليه الصلاة والسلام- ماذا صنع لما دفع من منى؟ وجد القبة مضروبة بنمرة وجلس فيها، ثم لما زالت الشمس دخل عرفة بعد الصلاة "قالت: وكانت عائشة" قالت: أم علقمة مرجانة هذه "وكانت عائشة تهل -يعني تلبي- ما كانت في منزلها" الموضع الذي تنزل فيه، تلبي، تهل تحرم في المنزل الذي تكون فيه وقت الإحرام -يهل أيضًا- من كان معها، فإذا ركبت فتوجهت إلى الموقف -بعرفة- تركت الإهلال" التلبية، وأشرنا سابقًا إلى أن قولها يوافق قول علي -رضي الله عنه- وقول ابن عمر، كلهم إذا توجهوا إلى الموقف وزالت الشمس تركوا التلبية، وعرفنا أن هذا محمول على أنه للتفرغ والذكر والدعاء، وأنهم يعني ما في الآثار هذه ما يدل على أنهم لا يعودون إليها بعد غروب الشمس، ولا يزاولون يلبون كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يصنع حتى يرمي الجمرة.

"قالت: وكانت عائشة تعتمر بعد الحج" عندنا تركت الإهلال، كان لا يلبي، تنزل ثم ماذا؟ قبلها؟ فإذا غدا ترك التلبية، هنا تترك الإهلال، تركت الإهلال، وابن عمر ترك التلبية، وعلي قطع التلبية، في الدلالة على الترك المطلق أو الترك المؤقت علي قطع التلبية، هل يفيد أنه لم يعد إليها؟ لا، الذي يغلب على الظن أنه قطعها في هذه المدة ثم رجع إليها، نعم، أما الترك في خبر ابن عمر ترك التلبية، تركت الإهلال الذي يغلب على الظن أنها لم يعد إليها، لكن ما يظن بابن عمر وهو الصحابي المؤتسي، وعائشة -رضي الله عنها- وقد حجت مع النبي -عليه الصلاة والسلام-، وعرفت من حاله ما عرفت أنه ترك مطلق؛ لأن الترك يطلق على الترك المطلق والمؤقت.

وهذه مسألة تبحث في ترك الصلاة، نعم هذه يحتاج إلى مثلها مثل هذا الكلام في مثل حديث: ((العهد الذي بيننا وبينهم ترك الصلاة فمن تركها)) هل معنى هذا أنه تركها بالكلية أو تركها ثم عاد إليها؟ نعم؟

طالب:.........

أنت افترض أنه تعمد ترك فرض، وأخرجه عن وقته ما قيل بكفره؟ قيل بكفره، فالفهوم هنا لا بد من الرجوع فيها إلى كتب اللغة ومعاني الترك، هل يقتضي الترك بالكلية أو الترك المؤقت؟ وهذا ينفعنا هنا وفي مسألة تارك الصلاة.

"قالت: وكانت عائشة تعتمر بعد الحج" مما يعني بعض أهل العلم تردد في كفر من لا يصلي إلا الجمعة يقول: ليس بتارك هذا، يعني هذا يصلي أحيانًا، ومعلوم أن من أهل العلم من يرى أن من تعمد ترك فرض واحد كفر؛ ولذا لا يلزم بالقضاء، يتوب وخلاص يسلم من جديد لأنه كفر، نسأل الله السلامة والعافية.

"وكانت عائشة تعتمر بعد الحج من مكة في ذي الحجة" يعني كما فعلت مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، لما انتهوا من أعمال الحج قالت عائشة -رضي الله عنها-: يرجع الناس بحج وعمرة وأرجع بحج فقط، فأمر أخاها عبد الرحمن أن يعمرها من التنعيم في شهر ذي الحجة في ليلة الرابع عشر منه، نعم، في ليلة الرابع عشر من ذي الحجة.

"كانت تعتمر بعد الحج من مكة في ذي الحجة ثم تركت ذلك، فكانت تخرج قبل هلال المحرم، حتى تأتي الجحفة" تخرج قبل هلال المحرم، يعني تؤدي العمرة تؤدي الحج كاملًا حتى إذا فرغت منه خرجت إلى الجحفة "فتقيم بها حتى ترى الهلال" أولًا: لا يكفيها أن تحرم من أدنى الحل كما فعلت في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- حيث أحرمت من التنعيم، تخرج إلى الميقات ولا تحرم بعد الحج مباشرة بل تنتظر هلال المحرم، والذي فعلته في زمن النبي -عليه الصلاة والسلام- أحرمت من أدنى الحل، وأحرمت قبل خروج شهر ذي الحجة.

"ثم تركت ذلك فكانت تخرج قبل هلال المحرم حتى تأتي الجحفة فتقيم بها حتى ترى الهلال، فإذا رأت الهلال أهلت بعمرة" أهلت من الجحفة من الميقات، فتأتي مكة فتفعل عمرة ثم تعود إلى المدينة بعد ذلك؛ لقوله -جل وعلا-: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} [(197) سورة البقرة] فهي تستحب تخليص هذه الأشهر للحج {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} [(197) سورة البقرة] فهي تخلص هذه الأشهر الثلاثة، وكأن رأيها أيضًا أن شهر ذي الحجة كامل من أشهر الحج، تريد أن تخلص هذه الأشهر الثلاثة للحج، ثم بعد ذلك إذا فرغت أشهر الحج اعتمرت، وخروجها للجحفة لفضل الإحرام من الميقات، والإحرام من التنعيم إنما هو رخصة، والميقات أفضل على حد ما فعلت.

الخبر مالك عن علقمة بن أبي علقمة، مالك نجم السنن، إمام دار الهجرة، وعلقمة ثقة، وأمه مرجانة مولاة عائشة مقبولة، نعم؟ مقبولة، مقتضى قولهم: إنها مقبولة صحابية وإلا تابعية؟ تابعية، طيب خبر المقبول حكمه؟ نعم؟ يعني لا بد له من متابع؛ ولذا في المرتبة الخامسة عند ابن حجر يقول: "من ليس له من الحديث إلا القليل، ولم يذكر عنه ما يترك حديثه من أجله، فإن توبع فمقبول وإلا فلين" على ما في هذا الاصطلاح من الإشكال الكبير، إن توبع فمقبول وإلا فلين، هذه نحتاج إلى ما يتابعها على هذا الخبر، وإلا عائشة -رضي الله عنها- يبعد أن تفعل مثل هذا، وقد أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- عبد الرحمن أخاها أن يعمرها من التنعيم بعد الحج مباشرة، لم يحتج في ذلك إلى أن تذهب إلى الميقات، ولم يحتج أيضًا أن تنتظر خروج الشهر، واضح وإلا ما هو بواضح؟ هل أحد يعرف من تابع أم علقمة هذه؟ يعني هل أم علقمة تفردت به أو توبعت؟ تفردت، هل تستحق أن توصف بأنها مقبولة وقد تفردت؟

طالب:.........

ما أدري، قال: مقبولة، لا، نحتاج أن نعرف الإشكال الكبير في هذا الاصطلاح.

طالب:.........

المقبول نعم، يعني كيف توصف بأنها مقبولة وهي لم تتابع؟ لأنها إذا لم توبعت فهي لينة، فهل نقول: إن ابن حجر حينما حكم عليها بهذا الحكم أنه وقف لها على متابع في هذا الخبر أو في جميع أخبارها؟ ثم الإشكال الأكبر هل هذا حكم على الراوي أو على المروي؟ نعم هذا إشكال كبير حول هذا الاصطلاح، وعلى كل حال هذا اجتهاد.

طالب:.........

من أبو عبد الملك؟

طالب:.........

كيف؟

طالب:.........

قاله أبو عبد الملك، ويش فيه؟

طالب:.........

لا، عندك الحديث الذي بعده، والميقات أفضل قاله أبو عبد الملك، أنت نظرت إلى الحديث الذي بعده؟

طالب:.........

لا، وفي آخر شرح الحديث هذا، ما الذي معك؟ الزرقاني وإلا...؟

طالب:.........

المتن؟

طالب:.........

لا، ما الذي معك أنت؟ المشكلة إن كان هذا فيه ونحن مدحناه بعد صحيح كلامه، والميقات أفضل قاله أبو عبد الملك، وانتهى، ثم بدأ الكلام من جديد مالك عن يحيى بن سعيد.

طالب: من هو؟

هذا الذي نسأل عنه، ما زال السؤال قائم من أبي عبد الملك هذا؟

في عند المالكية أبو عبد الملك البوني، والبونة بلدة في المغرب، ينقلون عنه بكثرة، فلعله هو ويبحث، نعم؟

طالب:.........

نعم، يقول: هذه الطبعة مصورة وتصوير جديد ودار الجيل، وهي أفضل بكثير من دار الكتب العلمية، يعني إنها مصورة عن طبعة الاستقامة.

يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد -بن قيس الأنصاري- أن عمر بن عبد العزيز -الخليفة الراشد- غدا يوم عرفة من منى فسمع التكبير عاليًا فبعث الحرس -جمع حارس وهم أعوانه- يصيحون -يعني يرفعون أصواتهم- في الناس: أيها الناس إنها التلبية" يعني فلا تشتغلوا بغيرها، فهم يكبرون، الوقت وقت تكبير وهو أيضًا وقت تلبية، فكأنه -رحمه الله- لحظ أن الناس تركوا التلبية بالكلية واشتغلوا بالتكبير، فأراد أن يبين لهم أنها التلبية، هذا وقت للتلبية، يعني إذا كان التكبير مشروعًا في هذا الوقت للناس كلهم للحجاج وغيرهم، واشتغلتم به عما هو خاص بالحاج فلئن تشتغلوا بالخاص أولى من أن تشتغلوا بالأمر العام، فقال -رحمه الله تعالى-: "أيها الناس إنها التلبية" فاشتغلوا بها، ولا يعني هذا أنه يمنع التكبير، لكن لما رآهم يكبرون عاليًا ولم يسمع التلبية أراد أن يحثهم على ما يخصهم، ولا يعني هذا أنه يمنع التكبير بدليل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا غدا إلى عرفة الصحابة منهم المكبر، ومنهم الملبي ولا ينكر هذا على هذا، ولا هذا على هذا.

طالب:.........

نعم، صحيح، إلى عمر بن عبد العزيز.

طالب:.........

ما يظهر.

طالب:.........

لا، (أن) حكمها حكم (عن).

...................................
سووا..............................

 

وحكم (أن) حكم (عن) فالجلُ
...................................

يعني بينهما.

..............وللقطع نحا البرديجي

 

حتى يبين الوصل في التخريجِ

وذكرنا أن الحافظ العراقي فهم من كلام الإمام أحمد ويعقوب بن شيبة أن (أن) تختلف عن (عن) وأن (أن) محمولة على الانقطاع بسبب خبر واحد؛ لأن أحمد ويعقوب بن شيبة حكما على خبر محمد بن الحنفية عن عمار أن النبي -عليه الصلاة والسلام- مر به فقال: متصل، وعن محمد بن الحنفية أن عمارًا مر به النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: منقطع، والفرق بينهما ظاهر؛ لأنه في الطريق الأول يحكي القصة عن صاحبها، فهي متصلة، وفي الطريق الثاني يحكي القصة وهو لم يشهدها فهي منقطعة، فليس مرد هذا أن الصيغة اختلفت، لا.

...................................
سووا..............................

 

وحكم (أن) حكم (عن) فالجلُ
...................................

هذا ابن الصلاح الذي فهم من كلام الإمام أحمد ويعقوب بن شيبة؛ ولذا يقول الحافظ العراقي:

...................................

 

كذا له.............................

يعني لابن الصلاح.

...................................

 

.................ولم يصوب صوبه

يعني ما فهم المقصود، يعني ولا حام حوله، نعم.

أحسن الله إليك.

باب: إهلال أهل مكة ومن بها من غيرهم:

حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: "يا أهل مكة ما شأن الناس يأتون شعثًا وأنتم مدهنون؟ أهلوا إذا رأيتم الهلال".

وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة أن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- أقام بمكة تسع سنين وهو يهل بالحج لهلال ذي الحجة، وعروة بن الزبير معه يفعل ذلك.

قال يحيى: قال مالك: "وإنما يهل أهل مكة وغيرهم بالحج إذا كانوا بها، ومن كان مقيمًا بمكة من غير أهلها من جوف مكة لا يخرج من الحرم".

قال يحيى: قال مالك: "ومن أهل من مكة بالحج فليؤخر الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة حتى يرجع من منى، وكذلك صنع عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-".

وسئل مالك عمن أهل بالحج من أهل المدينة أو غيرهم من مكة لهلال ذي الحجة، كيف يصنع بالطواف؟ قال: "أما الطواف الواجب فليؤخره، وهو الذي يصل بينه وبين السعي بين الصفا والمروة، وليطف ما بدا له، وليصل ركعتين كلما طاف سبعًا، وقد فعل ذلك أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذين أهلوا بالحج فأخروا الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة حتى رجعوا من منى، وفعل ذلك عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- فكان يهل لهلال ذي الحجة بالحج من مكة، ويؤخر الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة حتى يرجع من منى.

وسئل مالك عن رجل من أهل مكة هل يهل من جوف مكة بعمرة؟ قال: "بل يخرج إلى الحل فيحرم منه".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"باب: إهلال أهل مكة ومن بها من غيرهم" إهلالهم يعني وقت إهلالهم، ويشمل أيضًا مكان الإهلال، متى يهل أهل مكة؟ ومن أين يهلون للحج والعمرة؟ أما بالنسبة لمتى يهلون بالحج فتقدم عن ابن عمر، تقدم من حديث عبيد بن جريج أنه قال لعبد الله بن عمر: "يا أبا عبد الرحمن رأيتك تصنع أربعًا لم أرَ أحدًا من أصحابك يصنعها، ثم قال: ورأيتك إذا كنت بمكة أهل الناس إذا رأوا الهلال ولم تهلل أنت حتى يكون يوم التروية، فقال ابن عمر: وأما الإهلال فإني لم أرَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يهل حتى تنبعث به راحلته".

الإهلال يوم التروية لمن كان بمكة وهكذا فعل أصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام- الذين حلوا من عمرتهم، وأما من أهل بحج مفرد أو قرن بينهما فلم يزل على إحرامه، قلنا: استصحب هذا الخبر الذي تقدم شرحه وهو في الصحيحين.

يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن عمر بن الخطاب قال: "يا أهل مكة ما شأن الناس يأتون شعثًا غبرًا، وأنتم تأتون مدهنون؟" يعني يأتون من بعيد وأحرموا قبلكم، وأدركوا من الأجر أكثر منكم، نعم "أهلوا إذا رأيتم الهلال" لتكونوا مثلهم "وأنتم مدهنون" وهذه عبارة عن عدم إحرامهم، "وأنتم مدهنون، أهلوا إذا رأيتم الهلال" أي هلال ذي الحجة، وهذا مما يخالف فيه ابن عمر أباه كما تقدم.

"وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة أن عبد الله بن الزبير -بن العوام- أقام بمكة تسع سنين -خليفة- يهل بالحج لهلال ذي الحجة" ليحصل له من الشعث والإغبرار ما يحصل لمن أحرم من الميقات، وهذا لما كانت الوسائل وسائل النقل تحتاج إلى وقت طويل، أما الآن ما الفرق بين أن يحرم بعد الظهر من الميقات ويقف بعرفة مع الناس؟ بل قد يصل عرفة قبل من كان بمكة، بل قبل من كان بمنًى ينزل من الطائف على الهدا على عرفة مباشرة، وقد أحرم من الميقات، فكلامه هنا: "أهلوا إذا رأيتم الهلال" إن الإهلال في وقته يحتاج إلى وقت طويل، كم يحتاج الطريق من المدينة من ذي الحليفة إلى مكة؟ يحتاج لتسعة أيام، أو عشرة كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- أحرم لخمس بقين ولا وصل إلا رابعة من ذي الحجة فيحتاج إلى عشرة أيام، وأراد عمر أن يكونوا مثلهم، وكذلك ابن الزبير، مثل من قدم من الميقات، لكن الآن الطريق أحيانًا في ما يقرب من نصف ساعة، نعم؟

طالب:.........

لا، ما يلزم، يحرم من مكانه، لكن لا يلزمه أيضًا لو كان بمكة أن يخرج إلى الحل، كونه يحرم من الحرم أفضل من كونه يحرم من الحل، نعم ولو أحرم من مكانه أجزأ ما فيه إشكال -إن شاء الله-.

أين يحرمون أصحاب الحملات؟

طالب:.........

المشرفون عليها؟ من عرفة نفسها، الذي ورد مكة وأتى بعمرة وحل الحل كله حكمه لا يختلف عن المكي، لا يختلف عن المكي، باب إهلال مكة أهل مكة ومن بها من غيرهم، حكمهم حكم المكيين؛ ولذا لو أراد عمرة لا بد أن يخرج، سواءً كان مكيًّا أو بمكة من غير أهلها.

"أقام بمكة تسع سنين يهل بالحج لهلال ذي الحجة" قلنا: إنه ليحصل له من الشعث والغبرة ما يحصل لمن أحرم من الميقات، "وعروة بن الزبير معه يفعل ذلك" الإمام مالك بحاجة إلى أن يذكر عروة وقد ذكر أباه خليفة صحابي؛ لأن عروة من الفقهاء، من الفقهاء السبعة عروة، فيحتاج إلى نقل قوله كغيره من الفقهاء.

"قال يحيى: قال مالك: "وإنما يهل أهل مكة وغيرهم بالحج إذا كانوا بها، ومن كان مقيمًا بمكة من غير أهلها من جوف مكة لا يخرج من الحرم".

قال يحيى: قال مالك: "وإنما يهل أهل مكة وغيرهم بالحج إذا كانوا بها، أما إذا كانوا خارجًا عنها، مكي وقت الإهلال بالحج بجدة هل نقول له: اذهب إلى بيتك بمكة وأحرم منه أو أحرم من جدة؟ أو افترض أنه في المدينة ومر بالميقات يلزمه الإحرام أو لا يلزمه؟ يلزمه الإحرام، ومن كان مقيمًا يعني من غير أهلها بمكة كالمتمتع إذا حل من عمرته، من جوف مكة لا يخرج من الحرم، يعني لا يلزمه الخروج، لكن لو خرج كما يفعل بعض الناس من الإحرام بعرفة، لا شيء عليه، لكن هنا لا يلزمه أن يخرج، لماذا؟ وهذا في الحج؟ لأنه سوف يجمع بين الحل والحرم؛ لأنه سوف يخرج إلى عرفة، ومن تلبس بالإحرام سواءً كان بحج أو عمرة لا بد من الجمع بينهما.

"قال يحيى: قال مالك: "ومن أهل من مكة بالحج فليؤخر الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة" ليوقعه بعد الطواف؛ لأنه لا يحتاج إلى طواف قدوم الذي بمكة يحتاج إلى أن يطوف للقدوم؟ لا يحتاج، وطواف الإفاضة يصح قبل يوم النحر؟ لا يصح، والسعي لا يصح عند الأكثر إلا بعد طواف.

قال: "فليؤخر الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة" ليوقعه بعد الطواف، ومثل هذا لا يحتاج إلى طواف قدوم "حتى يرجع من منى يوم النحر، وكذلك صنع عبد الله بن عمر".

طالب:.........

هاه؟

طالب:.........

في ذلك اليوم، في يوم النحر، لو أراد أن يقدم أو سعى...

طالب:.........

لا، ما يصلح.

طالب: من الجميع وإلا من مكة؟

من الجميع إذا لم يطف للقدوم؛ لأن جمهور أهل العلم يشترطون أن يقع السعي بعد طواف، ولو مسنون، يطوف مسنونًا ثم يسعى بعده؟

طالب:.........

لا بأس، عندهم؟

طالب:.........

لا، افترض أنه مكي، ما عليه قدوم.

طالب:.........

أراد أن يطوف طوافًا مسنونًا ثم يسعى بعده مقتضى قولهم أنه يصح، فإذا جاز تقديمه بعد طواف القدوم كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- نعم يجوز بعد أي طواف مسنون.

طالب: طيب والمتمتع قبل التعريف حل ثم أحب أن.......

بعد أن يحرم بالحج؟

طالب:.........

كيف يأتي بركن من أركانه قبل الدخول فيه؟ ما يصير، "حتى يرجع من منى، وكذلك صنع عبد الله بن عمر. وسئل مالك عمن أهل بالحج من أهل المدينة أو غيرهم من مكة" يعني من المقيمين بها، من الواردين عليها "لهلال ذي الحجة كيف يصنع بالطواف؟ قال: أما الطواف الواجب" الذي هو طواف الإفاضة "فليؤخره"؛ لأنه لا يصح قبل يوم النحر "وهو الذي يصل بينه وبين السعي بين الصفا والمروة" أي يأتي عقبه بلا فصل، "وليطف ما بدا له من النفل" من النفل يطف ما بدا له، "وليصلِّ ركعتين كلما طاف سُبعًا" أو أسبوعًا، يعني كل ما طاف سبعة أشواط يصلي ركعتين، فلكل أسبوع ركعتان، ولو جمع أسابيع، طاف سبعة ثم سبعة ثم سبعة ثم سبعة يلزمه ركعتان لكل أسبوع، والجمع بين الأسابيع ثبت عن عائشة والمسور وغيرهما.

"وليصل ركعتين كلما طاف سبعًا، وقد فعل ذلك أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذين أهلوا بالحج من مكة فأخروا الطواف -الواجب- بالبيت والسعي بين الصفا والمروة حتى رجعوا من مِنى" يعني يوم النحر، "وفعل ذلك عبد الله بن عمر فكان يهل لهلال ذي الحجة"، ولعل هذا في بعض الأحيان، وليست عادة مطردة؛ لأنه تقدم عنه مما خرجه الشيخان وغيرهما أنه يهل يوم التروية، لكن قد يكون يهل أحيانًا ليوافق عمل أبيه، "بالحج من مكة، ويؤخر الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة حتى يرجع من منى فيطوف ويسعى.

وسئل مالك عن رجل من أهل مكة هل يهل من جوف مكة بعمرة؟" انتهينا بالنسبة للحج يهل من مكة ((حتى أهل مكة من مكة، ومن كان دونها فمن حيث أنشأ)) دون المواقيت ((حتى أهل مكة من مكة)) هذا النص يشمل الحج والعمرة وإلا خاص بالحج؟ يعني هل من أراد العمرة وهو في داخل مكة يحرم من مكة وإلا يخرج إلى الحل؟ الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- فهم أن هذا عام، وأنه لا يلزمه الخروج، ورجحه الصنعاني، وأن أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- عبد الرحمن بن أبي بكر أن يعمر أخته من التنعيم إنما هو لجبر خاطرها، لكي تدخل إلى مكة محرمة كما دخل غيرها، نعم ومقتضى قوله: ((حتى أهل مكة من مكة)) العموم، وجماهير أهل العلم على أن المكي ومن في حكمه ممن وجد بمكة إذا أراد العمرة لا بد أن يخرج إلى الحل، ونقل المحب الطبري الإجماع عليه، وأنه لا يُعرف أحدٌ جعل مكة ميقاتًا للعمرة.

"وسئل مالك عن رجل من أهل مكة هل يهل من جوف مكة بعمرة؟ قال: بل يخرج إلى الحل فيحرم منه" لأن الجمع في الإحرام بين الحِل والحرم واجب؛ ولأن العمرة زيارة للبيت وإنما يزار الشيء من خارجه، من داخل البيت ما يزار، إنما يزار الشيء يوفد عليه ويزار، وعامة أهل العلم على أنه لا بد من الخروج، وأوضح أدلتهم حديث عائشة -رضي الله عنها- وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- انتظرها، انتظرها وحبس الناس من أجلها، وهم ينتظرون الخروج من مكة حبسهم، وكونه جبر خاطرها بالإتيان بالعمرة المستقلة لا يعني أنه أيضًا يشق على نفسه وعلى غيره بأن تحرم من خارج مكة وينتظرها الناس حتى تأتي إلا لأن هذا واجب، وبهذا قال عامة أهل العلم، ونقل عليه الإجماع، والله أعلم.

 

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"
يقول: نحن طلاب ندرس المغرب هنا، ولدينا درس بعد صلاة العشاء مباشرة لدى الشيخ ابن جبرين بشبرا، وهي بعيدة كما تعلمون. سؤالي: هل يحق لي وصاحبي أن نخرج بعد انتهاء الدرس وبعد الأذان من هذا المسجد، والصلاة في الطريق، علما بأننا جماعة ويفوتنا بعض الدرس لو تأخرنا؟

مسألة الفوات لا بد منها؛ لبعد المسافة، الفوات أمر لا بد منه، فإذا بقي على الأذان أو إذا دخل المؤذن وقبل أن يشرع فيه ولو فاتكم شيء من هذا الدرس، وأمكنكم أن تدركوا درس الشيخ بكماله، ومن المعلوم والمقرر عند أهل العلم أن دروس الكبار يحرص عليها أكثر من غيرها، فاحرصوا على أن تصلوا مع الشيخ وتدركوا درسه من أوله.
هذه مسألة أشكلت على بعض الإخوان، وهي مسألة نقل الإجماع من قبل بعض أهل العلم كابن المنذر وهو عمدة في هذا الباب، وابن عبد البر والنووي وابن قدامة أحيانا ينقلون الإجماع، وقد يذكر الخلاف، ومعلوم أن الاطلاع على قول جميع مجتهدي العصر بعد تفرقهم في الأمصار وتباعد الأخطار وصعوبة الاتصال بينهم لا شك أنه من الصعوبة بمكان، حتى نفاه الإمام أحمد فيمن بعد الصحابة، وكثير من الإجماعات التي ينقلها هؤلاء قد يوقف على مخالف، والنووي في مسائل ذكر الإجماع ونقل قول المخالف بنفسه ولوجود هذا المخالف في نقل جميع من ذكرنا، هذا جعل بعض أهل العلم يقول دعاوى الإجماع التي ينقلها هؤلاء تجعل طالب العلم لا يهاب الإجماع، وأنا أقول: على طالب العلم أن يهاب الإجماع ولو عرف المخالف، وكوننا نقرر أن بعضهم يتساهل في نقل الإجماع لا يعني أننا ننسف جميع أقواله ونقوله، لا يعني هذا أبدا، يعني إذا نقل الإجماع في ألف مسألة نقض مائة مسألة هل يضيره ذلك؟ ما يضيره، بل يستمسك به، ويحرص عليه وينظر في المخالف والمثبِت مقدم على النافي، مثبت الإجماع مقدم على نافيه، لكن إذا أثبت النافي لزم قبول قوله، لماذا؟ لأن عنده من العلم ما خفي على الأول، وأكرر وأقول: إن مثل هذا الكلام وهو رمي هؤلاء بالتساهل في نقل الإجماع مبني على وجود المخالف في كثير من المسائل التي نُقل عليها الإجماع، ولا يعني هذا أننا لا نلتفت إلى مثل هذا الإجماع، ونظير ذلك إذا قلنا أن الحاكم متساهل في التصحيح، هل يعني هذا أن المستدرك ليس فيه حديث صحيح؟ جله صحيح، وإذا قلنا: إن الترمذي متساهل في التصحيح، هل يعني هذا أنه لا يوجد عنده حديث صحيح؟ لا، الغالب الصحيح فيما صححه، وإذا قيل: إن الشيخ أحمد شاكر أو الألباني صححوا أحاديث لا تصل إلى درجة الصحة، لا يعني أن جميع ما حكموا عليه ليس بصحيح، إنما هم مجتهدون يصيبون ويخطئون، وهم أيضا يطلعون ويخفى عليهم أيضا ما يخفى.
المقصود أن مثل هذا لا يُحمل على أن قائل مثل هذا الكلام لا يعتبر بكتب الإجماع، بل عليه أن يعنى بهذه الكتب ويكثر من الاطلاع عليها؛ ولذا يوصي أهل العلم طالب العلم إذا ارتقى عن مرتبة المبتدئين أن يديم النظر في أقوال أهل العلم، وينظر في المسائل التي نقل فيها الإجماع، وينظر في مذاهب فقهاء الأمصار؛ لئلا يعتمد قولا يشذ به عن عامة أهل العلم، فهل يقول قائل مثلا: إن المستدرك، وقد أكثر أهل العلم على رميه بالتساهل، أنه ليس فيه حديث صحيح؟ الأصل الصحة، لكن قد يصحح حديثًا حسنًا وقد يصحح حديثًا ضعيفًا، وقد يورد في كتابه ما هو دون ذلك من شديد الضعف، بل قد يوجد الموضوع، وبالمقابل ابن الجوزي في موضوعاته قد يورد أحاديث لا تصل إلى درجة الوضع، ففيه من الضعيف شيء كثير، وفيه بعض الحسن، وفيه شيء يسير من الصحيح، وهل يعني هذا أننا نرمي كتاب الموضوعات لابن الجوزي ولا نستفيد منه هذا الكلام ليس بصحيح، يقول الحافظ العراقي:
وأكثر الجامع فيه إذ خرج . لمطلق الضعف عنى أبا الفرج .
كل هذا يجعلنا نهتم بهذه الكتب، ونقارن أقوال هؤلاء العلماء بأقوال غيرهم، وبهذه الطريقة يتخرج طالب علم نقل النووي الإجماع، ابحث عن مخالف أنت، فإذا وجدت مخالفًا بعد نقل الإجماع وظفرت بمخالف في كتاب قريب أو بعيد، هل يتصور أنك ستنسى هذا القول في يوم من الأيام؟ بهذا يبنى طالب علم، ولا يتصور في إمام من أن جميع ما يقوله حق، لا يتصور في إمام مهما بلغ من الإحاطة والاطلاع أن جميع ما يقوله ويدونه هو الحق، لا، أبدا، لكن يحرص طالب العلم ألا يخرج عن الجادة.
طالب: ...............
هم متقاربون، يعني هم عمدتهم ابن المنذر، وابن قدامة يتورع في كثير من الحالات، وينفي الخلاف، يقول: ينفي الخلاف على حسب علمه، فيقول: لا أعلم مخالفا، مع أنه قد يوجد مخالف، لكن هذا أسهل من التنصيص على الإجماع. الإمام مالك -رحمه الله- في الموطأ على ما سيأتي يقول: لا أعلم أحدا قال برد اليمين على المدعي، مع أن قضاة العصر -عاصره ابن شبرمة وابن أبي ليلى- يقولون برد اليمين، يعني إمام دار الهجرة، هل نقول: إن هذا يحط من قيمة الإمام أبدا، لكن قد يغفل الإنسان، الإمام الشافعي قال: لا أعلم أحدا قال بوجوب الزكاة في البقر فيما دون الثلاثين، مع أن الزكاة في العشر معروف عن بعض الصحابة؛ عثمان وابن عباس، قل مثل هذا فيمن دونهم، فالمسألة مسألة ما يصنفه الناس، لا بد فيه من الخلل ولن يستطيع أحد أن يصل إلى الكمال، فأخشى أن يفهم الكلام بأن هذا المتساهل في الإجماع أننا لا نقبل قوله ألبتة، هذا ليس بصحيح، مثل تساهل بعض العلماء في توثيق الرواة، هل يعني هذا أنه لا يعتد بقوله مطلقا ما هو بصحيح، أو متساهل أو متعنت في الرجال، مثل هذا يذكر قوله ويوصف بهذا الوصف ليعض بالنواجذ على من وثقه، والمتساهل في التوثيق يعتمد من يضعفه، وقل مثل هذا في المسائل العلمية من تساهل في التصحيح إذا ضعف حديثًا استمسك به ولا يعني هذا أن هذه قاعدة كلية، لا يشذ عنها ولا يفذ شيء أبدا، قد يعرف بالتساهل ويكون كثيرًا في تصرفاته، والكثرة والقلة أمور نسبية لا يتصور أن هذا متساهل غالبا أنه إذا روى ألف حديث يخطئ في خمسمائة، ما هو بصحيح أبدا، فالكثرة والقلة أمور نسبية عند أهل العلم، وفي كلامهم ما يشير إلى أن السبع كثير، فنهتم بمثل هذا.