كتاب الوضوء (06)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "بَابُ مَنْ تَبَرَّزَ عَلَى لَبِنَتَيْنِ.

 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ عَمِّهِ، وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ –رضي الله عنهما- أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ: إِذَا قَعَدْتَ عَلَى حَاجَتِكَ فَلاَ تَسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ وَلاَ بَيْتَ المَقْدِسِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: لَقَدْ ارْتَقَيْتُ يَوْمًا عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَنَا، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى لَبِنَتَيْنِ، مُسْتَقْبِلًا بَيْتَ المَقْدِسِ لِحَاجَتِهِ، وَقَالَ: لَعَلَّكَ مِنَ الَّذِينَ يُصَلُّونَ عَلَى أَوْرَاكِهِمْ؟ فَقُلْتُ: لاَ أَدْرِي وَاللَّهِ.

 قَالَ مَالِكٌ: يَعْنِي الَّذِي يُصَلِّي وَلاَ يَرْتَفِعُ عَنِ الأَرْضِ، يَسْجُدُ وَهُوَ لاَصِقٌ بِالأَرْضِ".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد...

فيقول المؤلف البخاري –رحمه الله تعالى-: "بَابُ مَنْ تَبَرَّزَ عَلَى لَبِنَتَيْنِ" اللبِن معروف هو ما يقوم مقام البلك، لكنه من الطين، والبُلك من الإسمنت؛ لأنه قد يُوجد من لا يعرف اللبنة، هي من الطين تُبنى بها البيوت.

"تَبَرَّزَ عَلَى لَبِنَتَيْنِ" الوضع يحتمل أن يكون وضع قدميه على اللبنتين، أو وضع عجيزته وفخذيه على اللبنتين، فأيهما أقرب؟

طالب: الأول.

هذا هو المتبادر والمعروف، يعني ما كان الناس يفهمون غير ذلك، ما كان الناس يفهمون غير أنه كان وضع رجليه، وكان الناس يضعون ذلك يفعلون ذلك بهذه الطريقة قبل أن تُوجد الكُنف في البيوت أو تُرتَّب هذا الترتيب، وبعضهم من ينتصر إلى الطريقة الإفرنجية الوافدة في الكُنف، وهي نافعة لبعض الناس لاسيما من عندهم أمراض في الرُّكب وما أشبه ذلك مريحة جدًّا، يقول: لا، إن النبي –عليه الصلاة والسلام- قعد قعودًا كاملًا، وضع إليته وفخذيه عليهما كما يُصنع بالمقاعد المعروفة الآن الوافدة، ويقول: إن هذا هو الأصل؛ ولذلك التفريق بين كون هذا عربيًّا وهذا إفرنجيًّا يقول: لا، ليس بصحيح، هذا هو العربي الذي فعله النبي –عليه الصلاة والسلام- وهذا فهمٌ غريب، وإن كان اللفظ يحتمل، يعني اللفظ ما يأباه، لكن المعروف والمتبادر إلى الذهن، وما كان الناس يفعلونه جيلًا بعد جيل إلا أنهم يضعون أقدامهم على اللبنتين كما يضعونها على الأرض.

طالب:.........

على اللبنتين؟

طالب:..........

نعم، لكن الكلام على اللبنتين، هذا سيأتي في الشرح، إن شاء الله.

طالب:.........

لا لا، متفرقتين؛ ليكون هناك في مجال في الأرض بحيث ينزل فيها الخارج ولا يُلامس البدن؛ ولذلك من أراد البراز يأتي إلى مكانٍ مطمئن بحيث يكون الخارج لا يلامس البدن هذا القصد منه، يعني يرتفع البدن عن الأرض.

طالب:.........

لا شك، وخشنة ومؤذية، هي مؤذية.

يقول الإمام –رحمه الله تعالى-: "حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ" التنيسي.

"قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ" وهو الإمام مالك بن أنس.

"عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ" مثل ما روى الحديث الأول الحُميدي قال: حدثنا مالكٌ عن يحيى بن سعيد الأنصاري.

"عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ عَمِّهِ، وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ: إِذَا قَعَدْتَ عَلَى حَاجَتِكَ فَلاَ تَسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ وَلاَ بَيْتَ المَقْدِسِ" وهذا فيه النص الصريح بالنسبة للقبلة استقبالاً واستدبارًا في الباب الماضي.

"فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: لَقَدْ ارْتَقَيْتُ يَوْمًا عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَنَا" هو بيت حفصة أم المؤمنين.

"فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى لَبِنَتَيْنِ، مُسْتَقْبِلًا بَيْتَ المَقْدِسِ لِحَاجَتِهِ" وهو أيضًا من لازمه أن يكون مستدبرًا للكعبة.

"وَقَالَ: لَعَلَّكَ مِنَ الَّذِينَ يُصَلُّونَ عَلَى أَوْرَاكِهِمْ؟ فَقُلْتُ: لاَ أَدْرِي وَاللَّهِ" يعني إذا سجد يكون بطنه ملاصقًا للأرض.

"قَالَ مَالِكٌ: يَعْنِي الَّذِي يُصَلِّي وَلاَ يَرْتَفِعُ عَنِ الأَرْضِ، يَسْجُدُ وَهُوَ لاَصِقٌ بِالأَرْضِ" وقد يكون حتى أيضًا في حال الجلوس، معروف كيفية الصلاة على الورك بمعنى أنه يُخرج الرجلين كلتيهما، ويقعد على مقعدته قريبًا من التورك، وبعضهم يُخرج الرجلين من الجهتينظت يعني الرجلان عنده مطاوعة؛ لأن بعض الناس فيهم شبه رخاوة في الأقدام تتثنى على حسب إرادتهم.

على كل حالظت هو كل ما كبُر الإنسان تصلب رجلاهظت فلا يستطيع أن يتصرف فيهما كيف يشاء.

"قوله: "باب من تبرز" بوزن تفعَّل من البراز بفتح الموحدة وهو الفضاء الواسع، كنوا به عن الخارج من الدبر كما تقدم في الغائط" واستعملوا البراز كما استعملوا الغائط في الخارج من باب إرادة إطلاق المحل وإرادة الحال.

"قوله: "على لبنتين" بفتح اللام وكسر الموحدة وفتح النون تثنية لبنة، وهي ما يُصنع من الطين أو غيره للبناء قبل أن يُحرق" إذا أُحرِق صار فخارًا.

طالب: .......

"قوله: "يحيى بن سعيد" هو الأنصاري المدني التابعي وكذا شيخه وشيخ شيخه في الأوصاف الثلاثة" يعني كلهم تابعيون أنصاريون مدنيون تابعيون، يحيى بن سعيد، ومحمد بن يحيى بن حبان، عن عمه واسع، كل الثلاثة تابعيون مدنيون أنصاريون.

"ولكن قيل: إن لواسع رؤية، فذُكِر لذلك في الصحابة" وعلى هذا يكون فيه تابعيان وصحابيان.

"وأبوه حبان هو ابن منقذ بن عمر له ولأبيه صحبة، وقد تقدم في المقدمة أنه بفتح المهملة وبالباء الموحدة" حبَان.

طالب:.......

ابن عمر أو ابن عمرو؟

طالب:........

في واو "منقذ ابن" ماذا عندك أنت؟

طالب:........

"له ولأبيه صحبة".

طالب: بدون واو.

عندك واو يا أبا عبد الله؟

طالب:.........

لا هو بدون واو.

طالب:.........

مائتين وسبعة وأربعين ما فيه تصحيح، ما فيه تصويب.

انظر التقريب ماذا يقول؟

"قوله: "أنه كان يقول" أي: ابن عمر كما صرح به مسلمٌ في روايته، وسيأتي لفظه قريبًا، فأما من زعم أن الضمير يعود على واسع فهو وهمٌ منه، وليس قوله: فقال ابن عمر جوابًا لواسع".

طالب:........

ماذا؟

طالب: .......

فيه واو؟

"أنه كان يقول" أي: ابن عمر كما صرح به مسلمٌ في روايته، وسيأتي لفظه قريبًا، فأما من زعم أن الضمير يعود على واسع" أنه كان يقول عن عمه واسع بن حبان، عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول، فالضمير يعود في الأصل إلى أقرب مذكور، فهو يعود إلى ابن عمر.

"بل الفاء في قوله: فقال سببية؛ لأن ابن عمر أورد القول الأول منكرًا له" أورد القول الأول "إن ناسًا يقولون" منكرًا له.

"ثم بيَّن سبب إنكاره بما رواه عن النبي -صلى الله عليه وسلم-" يعني من فعله -عليه الصلاة والسلام-.

"وكان يمكنه أن يقول: فلقد رأيت.. إلى آخره، ولكن الراوي عنه وهو واسع أراد التأكيد بإعادة قوله: قال عبد الله بن عمر" فقال عبد الله بن عمر: لقد ارتقيت، والذي أوقع في اللبس المذكور هو أن الضمير يعود إلى واسع، قوله: فقال عبد الله بن عمر، يعني الفصل بين الكلام الأول والثاني وكلاهما من كلام ابن عمر بقوله: فقال عبد الله بن عمر، كان الكلام الأول ما هو من كلامه، وهذا الذي جعل من يقول: إن الكلام من كلام واسع، ثم ابتدأ كلام ابن عمر، فقال: عبد الله بن عمر.

طالب:.......

"عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ...فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ" يعني قوله: "فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ" هو الذي أوقع في هذا اللبس، وجعل الضمير في "أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ" يعود إلى واسع، كلام ابن عمر يبتدئ من قوله: "فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ".

طالب: .......

نعم.

طالب:.......

يأتي كلام الحافظ، لكن القول الأول من كلام ابن عمر.

"أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ" أي: ابن عمر كما صرح به مسلمٌ في روايته، وسيأتي لفظه قريبًا، فأما من زعم أن الضمير يعود على واسع فهو وهمٌ منه، وليس قوله: فقال ابن عمر جوابًا لواسع، بل الفاء في قوله: فقال سببية؛ لأن ابن عمر أورد القول الأول منكرًا له، ثم بيَّن سبب إنكاره بما رواه عن النبي -صلى الله عليه وسلم-".

 يعني من فعله.

"وكان يمكنه أن يقول: فلقد رأيت إلى آخره، ولكن الراوي عنه وهو واسع أراد التأكيد بإعادة قوله: قال عبد الله بن عمر" يعني الأول عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول.

"قوله "إن ناسًا" يشير بذلك إلى من كان يقول بعموم النهي كما سبق".

طالب:........

ماذا عندكم؟

طالب: نفس العبارة.

"يشير بذلك إلى من كان يقول بعموم النهي كما سبق، وهو مرويٌ عن أبي أيوب، وأبي هريرة، ومعقل الأسدي وغيرهم.

قوله: "إذا قعدت" ذكر القعود؛ لكونه الغالب وإلا فحال القيام كذلك" "أن ناسًا يقولون: إذا قعدت" وإلا فحال القيام كذلك، يعني لا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ولا بيت المقدس على هذا القول، وإن كان فيه ما فيه.

"قوله: "إذا قعدت" ذكر القعود؛ لكونه الغالب وإلا فحال القيام كذلك" بل أشد.

طالب:.......

أشد؛ لأنه قد يوجد سواتر في حال القعود تنتفي في حال القيام.

"قوله: "على حاجتك" كنى بهذا عن التبرز ونحوه.

قوله: "لقد" اللام جواب قسم محذوف" قال عبد الله بن عمر: لقد ارتقيت، كأنه قال: والله لقد، يعني مؤكدة وموطئة لقسمٍ محذوف.

"قوله: "على ظهر بيتٍ لنا" وفي رواية يزيد الآتية "على ظهر بيتنا" وفي رواية عبيد الله بن عمر الآتية "على ظهر بيت حفصة" أي: أخته كما صرح به في رواية مسلم، ولابن خزيمة دخلت على حفصة بنت عمر فصعدت ظهر البيت، وطريق الجمع أن يُقال: إضافته البيت إليه على سبيل المجاز؛ لكونها أخته، فله منه سبب، وحيث أضافه إلى حفصة كان باعتبار أنه البيت الذي أسكنها النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه واستمر في يدها إلى أن ماتت فورِث عنها.

 وسيأتي انتزاع المصنف ذلك من هذا الحديث في كتاب الخُمس إن شاء الله تعالى".

طالب: .......

 هو من بيوت النبي –عليه الصلاة والسلام- ولا يُورَث، لكنه آل إليها على سبيل الملك أم على سبيل الاختصاص؟

طالب: الاختصاص.

"وحيث أضافه إلى حفصة كان باعتبار أنه البيت الذي أسكنها النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه، واستمر في يدها إلى أن ماتت فورِث عنها"، ولا يمنع أن يكون من باب الهبة منه –عليه الصلاة والسلام- لا الإرث.

"وسيأتي انتزاع المصنف ذلك من هذا الحديث في كتاب الخُمس إن شاء الله تعالى" برقم ثلاثة آلاف ومائة واثنين.

"وحيث أضافه إلى نفسه كان باعتبار ما آل إليه الحال؛ لأنه ورث حفصة دون إخوته لكونها كانت شقيقته، ولم تترك من يحجبه عن الاستيعاب" لا أب ولا ولد.

طالب:........

ثلاثة آلاف ومائة واثنين.

"قوله: "على لبنتين"، ولابن خزيمة "فأشرفت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو على خلائه" وفي روايةٍ له: "فرأيته يقضي حاجته محجوبًا عليه بلبن" وللحكيم الترمذي بسندٍ صحيح "فرأيته في كنيف" وهو بفتح الكاف وكسر النون بعدها ياء تحتانية ثم فاء".

طالب: .......

هو من الحديث عن أبيه أليس هو باب الخُمس؟ فرض الخُمس.

يقول: "بَابُ مَا جَاءَ فِي بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَا نُسِبَ مِنَ البُيُوتِ إِلَيْهِنَّ، وَقَوْلِ اللَّهِ –عزَّ وجلَّ-: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33] {لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} [الأحزاب: 53]" هي بيوت النبي –عليه الصلاة والسلام-، ونُسِبت إليهن باعتبار أنهن أخص الناس به.

ولذلك قال: "بَابُ مَا جَاءَ فِي بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَا نُسِبَ مِنَ البُيُوتِ إِلَيْهِنَّ، وَقَوْلِ اللَّهِ –عزَّ وجلَّ-: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33] و{لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} [الأحزاب: 53].

 قال ابن المنير: غرضه بهذه الترجمة أن يُبين أن هذه النسبة تُحقق دوام استحقاقهن للبيوت ما بقين؛ لأن نفقتهن وسكناهن من خصائص النبي -صلى الله عليه وسلم- والسِّر فيه حبسهن عليه" بمعنى أنه لا يجوز لهن أن يتزوجن بعده يعني {فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33] الإضافة هنا للملك أو للاختصاص؟

طالب: للاختصاص.

صح.

لكن هل ورثته من النبي –عليه الصلاة والسلام- أو وهبه لها؟

طالب:........

ماذا؟

طالب: .......

نعم لكن {فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33] لا يُورَث هذا مجموعٌ عليه، وفيه النص الصحيح أنه لا يُورَث، لكن ما بقي إلا أن يكون هبة؛ لأنه ورِث بعدها، ورثه عبد الله.

طالب:........

تستمر النفقة، لكن ماذا يبقى غيره؟ ما الاحتمال الثاني؟

طالب:.......

ما فيه الاحتمال الثاني أنه إرث، ولا إرث.

طالب:........

لا لا، هو بيتها الذي أسكنها النبي –عليه الصلاة والسلام- فيه، لن تخرج؛ لأنها محبوسة عليه– عليه الصلاة والسلام- ونفقتها مستمرة، والصواب...

طالب:.......

"قال الطبري: قيل: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- مَلك كلاًّ من أزواجه البيت التي هي فيه، فكن بعده فيهن بذلك التمليك، وقيل: إنما لم ينازعهن في مساكنهن؛ لأن ذلك من جهة مؤنتهن التي كان النبي -صلى الله عليه وسلم- استثناها لهن مما كان بيده أيام حياته حيث قال: «مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي» قال: وهذا أرجح، ويؤيده أن ورثتهن لم يرثن عنهن منازلهن، ولو كانت البيوت ملكًا لهن لانتقلت إلى ورثتهن" يخالف ما عندنا أنه آل إلى عبد الله بالإرث.

طالب:.......

هو بإجماع المجموع.

"لانتقلت إلى ورثتهن، وفي ترك ورثتهن حقوقهم منها دلالةٌ على ذلك؛ ولهذا زيدت بيوتهن في المسجد النبوي بعد موتهن؛ لعموم نفعه للمسلمين، كما فعل فيما كان يصرف لهن من النفقات، والله أعلم.

وادعى المهلب أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان حبَّس عليهن بيوتهن" لو كانت حبسًا ما وُرِث، يصير وقفًا.

"ثم استدل به على أن من حبَّس دارا جاز له أن يسكن منها في موضع، وتعقبه ابن المنير بمنع أصل الدعوى، ثم على التنزل لا يوافق ذلك مذهبه إلا إن صرح بالاستثناء ومن أين له ذلك".

على كل حال هذا الحاصل فكونه قال: بيتٍ لنا يعني باعتبار المآل، ومن رواه.

طالب:........

من رواه.

طالب:........

لا.

"وحيث أضافه إلى نفسه كان باعتبار ما آل إليه الحال؛ لأنه ورث حفصة دون إخوته؛ لكونها كانت شقيقته، ولم تترك من يحجبه عن الاستيعاب" يعني كونه أُلِحق بالمسجد بعد التوسعة يُنافي هذا.

طالب:........

في زمن عمر أو في زمن عثمان أو في زمن من بعده من الولاة، المقصود أنه أُلحِق في زمن الوليد، الوليد بن عبد الملك هو الذي أدخل الحجرات، بما في ذلك حجرة عائشة التي فيها القبر.

طالب:........

النفقة من خيبر.

طالب:........

ورث حفصة، لكن هل من هذا البيت؟

طالب:........

الإشكال في هذه الدار كانت للرسول –عليه الصلاة والسلام- كغيرها من نسائه، أسكنهن هذه البيوت، ثم آل إلى حفصة بالتخلية لا بالإرث، بالاستمرار يعني محبوسة عليه –عليه الصلاة والسلام- فبقيت في بيتها، ونفقتها جارية كغيرها من أمهات المؤمنين.

كيف انتقل إلى عبد الله؟ إضافة البيت لها إضافة تمليك أو اختصاص؟

إن كان تمليكًا فلا بُد من أن يوجد نص يدل على أنه وهبه إياه، وإن كان اختصاصًا فلا يُورَث، الاختصاص لا يُورَث، لو يُورَث الاختصاص ترى فيه الاختلاف، ويبقى كما كان في السابق.

طالب:.........

من أجل الانتفاع.

طالب:.......

لا لا، هل يُورَث أم ما يُورَث؟ يعني شخص أُقطِع من الإمام أرضًا هي اختصاص، ما هو ملك حتى يُحييها، إذا أحياها ملكها، وإلا فهو مجرد اختصاص ووضع يد، متى ما أراد ولي الأمر أن يأخذها منه أخذها، وإن ضرب له مدة، ومضت هذه المدة قبل الإحياء أخذها منه.

طالب:.......

لا لا، الخلاف في إرث الاختصاص معروف.

طالب:.......

نفس الشيء، نحن قلنا لا؟ نحن رفضنا أن تكون هبة!

على كل حال المسألة كما ترون، ما فيه إلا الإرث، لا يمكن بالنص الصحيح الصريح «إنا معاشر الأنبياء لا نُورَث، ما تركنا صدقة» فليس بإرث ما بقي إلا أن يكون اختصاصًا، وهذا هو الظاهر، أو يكون وهبه إياهن قبل موته –عليه الصلاة والسلام- فيكون ملكًا لهن.

طالب:........ 

نعم على البقية، كون عبد الله بن عمر ورثها، هل ورثها إرث تمليك أو إرث اختصاص؟ هذه مسألة ثانية، وكل ذلك مبني على أن عبد الله بن عمر ورثها هذا البيت بعينه.

طالب:........

انظر الذي عندك.

قال: "وسيأتي انتزاع المصنف ذلك من هذا الحديث في كتاب الخُمس، إن شاء الله تعالى.

وحيث أضافه إلى نفسه كان باعتبار ما آل إليه الحال؛ لأنه ورث حفصة دون إخوته؛ لكونها كانت شقيقته، ولم تترك من يحجبه عن الاستيعاب.

"قوله: "على لبنتين"، ولابن خزيمة: "فأشرفت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو على خلائه" وفي روايةٍ له: "فرأيته يقضي حاجته محجوبًا عليه بلبن"، وللحكيم الترمذي بسندٍ صحيح: "فرأيته في كنيف"، وهو بفتح الكاف وكسر النون بعدها ياء تحتانية ثم فاء، وانتفى بهذا إيراد من قال ممن يرى الجواز مطلقًا: يحتمل أن يكون رآه في الفضاء، وكونه رآه على لبنتين لا يدل على البناء؛ لاحتمال أن يكون جلس عليهما؛ ليرتفع بهما عن الأرض.

 ويرد هذا الاحتمال أيضًا أن ابن عمر كان يرى المنع من الاستقبال في الفضاء إلا بساتر، كما رواه أبو داود والحاكم بسندٍ لا بأس به، ولم يقصد ابن عمر الإشراف على النبي -صلى الله عليه وسلم- في تلك الحالة، وإنما صعد السطح لضرورةٍ له كما في الرواية الآتية، فحانت منه التفاتةٌ، كما في رواية للبيهقي من طريق نافع عن ابن عمر.

نعم، لما اتفقت له رؤيته في تلك الحالة عن غير قصدٍ أحب أن لا يُخلي ذلك من فائدة، فحفظ هذا الحكم الشرعي، وكأنه إنما رآه من جهة ظهره حتى ساغ له تأمل الكيفية المذكورة من غير محذور".

والذي ينظر إلى الشخص الذي يقضي حاجته من علو لا يطلع على عورته.

طالب:........

ليرتفع عن الأرض.

طالب:.......

لا، حتى لو جلس على فخذيه ارتفع عن الأرض، ترفعه اللبنتان عن الأرض، لكن لا شك إذا جلس على قدمين كان أرفع وأكثر.

قال -رحمه الله-: "وكأنه إنما رآه من جهة ظهره حتى ساغ له تأمل الكيفية المذكورة من غير محذور، ودل ذلك على شدة حرص الصحابي على تتبع أحوال النبي -صلى الله عليه وسلم- ليتبعها، وكذا كان -رضي الله عنه-" يعني معروف عبد الله بن عمر بتتبع أفعاله وآثاره -عليه الصلاة والسلام-.

"قوله: "قال" أي: ابن عمر".

طالب:.........

نعم، الكنيف بناء.

طالب:........

الله أعلم ما رؤي إلا هذه المرة، عندك شيء؟

طالب:........

هو ما نُقِل غير هذا، كان النبي –عليه الصلاة والسلام- في وقته وكان أصحابه يخرجون إلى البراز قبل أن تُتخذ الكُنف، ثم اتُخذت فيما بعد، فهل هذا الكنيف مما اتُخذ بعد واستمر أو هذا شيءٌ مؤقت لبنات وصُفت، ثم أُزيلت؟

الله أعلم.

"قوله: "قال" أي: ابن عمر: لعلك، الخطاب لواسع، وغلط من زعم أنه مرفوع.

 وقد فسَّر مالكٌ المراد بقوله: "يصلون على أوراكهم" أي: من يلصق بطنه بوركيه إذا سجد، وهو خلاف هيئة السجود المشروعة، وهي التجافي والتجنح، كما سيأتي بيانه في موضعه، وفي النهاية: وفُسِّر بأنه يُفرِّج ركبتيه، فيصير معتمدًا على وركيه.

وقد استُشكلت مناسبة ذكر ابن عمر لهذا مع المسألة السابقة، فقيل: يحتمل أن يكون أراد بذلك أن الذي خاطبه لا يعرف السُّنَّة، إذ لو كان عارفًا بها لعرف الفرق بين الفضاء وغيره: أو الفرق بين استقبال الكعبة وبيت المقدس، وإنما كنى عمن لا يعرف السُّنَّة بالذي يصلي على وركيه؛ لأن من يفعل ذلك لا يكون إلا جاهلاً بالسُّنَّة، وهذا الجواب للكرماني، ولا يخفى ما فيه من التكلف، وليس في السياق أن واسعًا سأل ابن عمر عن المسألة الأولى حتى ينسبه إلى عدم معرفتها.

ثم الحصر الأخير مردود؛ لأنه قد يسجد على وركيه من يكون عارفًا بسُنن الخلاء"؛ لأن العلم يتجزأ، يعرف هذه المسألة، وتخفى عليه الأخرى، كما هو معلوم.

"والذي يظهر في المناسبة ما دل عليه سياق مسلم، ففي أوله عنده عن واسعٍ قال: كنت أصلي في المسجد، فإذا عبد الله بن عمر جالس، فلما قضيت صلاتي انصرفت إليه من شقي، فقال عبد الله: يقول الناس فذكر الحديث، فكأن ابن عمر رأى منه في حال سجوده شيئًا لم يتحققه، فسأله عنه بالعبارة المذكورة، وكأنه بدأ بالقصة الأولى؛ لأنها من روايته المرفوعة المحققة عنده، فقدمها على ذلك الأمر المظنون، ولا يبعد أن يكون قريب العهد بقول من نُقِل عنهم ما نُقل، فأحب أن يُعرِّف الحكم لهذا التابعي؛ لينقله عنه، على أنه لا يمتنع إبداء مناسبةٍ بين هاتين المسألتين بخصوصهما، وأن لإحداهما بالأخرى تعلقًا بأن يُقال: لعل الذي كان يسجد وهو لاصق بطنه بوركيه كان يظن امتناع استقبال القبلة" يعني يصفد على بطنه ليُغطي فرجه عن القبلة.

طالب:.......

يهم إذا سجد.

وأن لإحداهما بالأخرى تعلقًا بأن يُقال: لعل الذي كان يسجد" هذا اجتهاد.

"لعل الذي كان يسجد وهو لاصقٌ بطنه بوركيه كان يظن امتناع استقبال القبلة بفرجه في كل حالةٍ، كما قدمنا في الكلام على مثار النهي وأحوال الصلاة أربعة: قيامٌ، وركوعٌ، وسجودٌ، وقعودٌ، وانضمام الفرج فيها بين الوركين ممكن إلا إذا جافى في السجود فرأى أن في الإلصاق ضمًّا للفرج ففعله ابتداعًا وتنطعًا، والسُّنَّة بخلاف ذلك، والتستر بالثياب كافٍ في ذلك كما أن الجدار كافٍ في كونه حائلاً بين العورة والقبلة، إن قلنا: إن مثار النهي الاستقبال بالعورة".

 بالعورة يعني فقط من دون الخارج.

"فلما حدَّث ابن عمر التابعي بالحكم الأول أشار له إلى الحكم الثاني منبهًا له على ما ظنه منه في تلك الصلاة التي رآه صلاها، وأما قول واسع: لا أدري، فدالٌ على أنه لا شعور عنده بشيءٍ مما ظنه؛ ولهذا لم يُغلظ ابن عمر له في الزجر، والله أعلم".

 أحيانًا يُخيل إليك أن المصلي بجوارك فعل شيئًا مخالفًا للسُنة وأنت لم تتحقق، فلا يمنع أن تقول: لعلك فعلت كذا أو كذا من باب الترجي، وهو أسلوبٌ لطيف لا شك، وإن ذكر الحكم من غير إشارةٍ إليه هو بعينه مما يستفيد منه وإن لم يدل أنه هو المراد والمقصود كان أولى.

طالب:.........

أغلظ له القول يُغلظ.

اقرأ.

"بَابُ خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى البَرَازِ.

 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كُنَّ يَخْرُجْنَ بِاللَّيْلِ إِذَا تَبَرَّزْنَ إِلَى المَنَاصِعِ وَهُوَ صَعِيدٌ أَفْيَحُ، فَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: احْجُبْ نِسَاءَكَ، فَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَفْعَلُ، فَخَرَجَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ، زَوْجُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي عِشَاءً، وَكَانَتِ امْرَأَةً طَوِيلَةً، فَنَادَاهَا عُمَرُ: أَلاَ قَدْ عَرَفْنَاكِ يَا سَوْدَةُ، حِرْصًا عَلَى أَنْ يَنْزِلَ الحِجَابُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ الحِجَابِ.

حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ –رضي الله عنها- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «قَدْ أُذِنَ أَنْ تَخْرُجْنَ فِي حَاجَتِكُنَّ» قَالَ هِشَامٌ: يَعْنِي البَرَازَ".

يقول المؤلف –رحمه الله تعالى-: "بَابُ خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى البَرَازِ" براز الفضاء كما تقدم.

قوله: "حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ" ابن سعد إمام أهل مصر.

"قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ" وهو ابن خالد.

"عَنِ ابْنِ شِهَابٍ" محمد بن مسلم بن شهاب الزهري.

"عَنْ عُرْوَةَ" عروة بن الزبير عن خالته عائشة أم المؤمنين.

"أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كُنَّ يَخْرُجْنَ بِاللَّيْلِ إِذَا تَبَرَّزْنَ إِلَى المَنَاصِعِ" يخرجن بالليل والنهار.

طالب:.........

هو الخروج بالليل.

الآن هل يمكن ضبط ذلك بالليل أم بالنهار؟ لو أن الناس اضطروا إلى المناصع لقضاء حاجة، هناك ما يقتضي، لكن لا يُوجد ما يقتضي الخروج في كل وقت؛ لقلة الأكل والشرب عندهم، الأكل والشرب قليل، فما فيه ما يقتضي ولا يمنع من تأخيره إلى الليل؛ لأن ما هناك داعٍ مُلح- والله المستعان- بخلاف ما عليه الناس اليوم.

"كُنَّ يَخْرُجْنَ بِاللَّيْلِ إِذَا تَبَرَّزْنَ إِلَى المَنَاصِعِ" يعني إذا أردن قضاء الحاجة.

"وَهُوَ صَعِيدٌ أَفْيَحُ" المناصع صعيدٌ أفيح، وهل هو مفرد أو جمع؟ لعل الشارح يتعرض له؛ لأنه فُسِّر بالمفرد.

"فَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: احْجُبْ نِسَاءَكَ" وهذا من شدة حرص عمر– رضي الله تعالى عنه-، ومع ذلك ليس بأورع ولا أتقى لله –جلَّ وعلا- من النبي –عليه الصلاة والسلام- لكن النبي –عليه الصلاة والسلام- إنما يتصرف إذا نزل عليه الوحي، ليس بمشرِّع مستقل، وإنما إذا نزل عليه الوحي بادر.

"فَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَفْعَلُ، فَخَرَجَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ، زَوْجُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي عِشَاءً، وَكَانَتِ امْرَأَةً طَوِيلَةً" يعني واضحة ما بين النساء معروفة سبطة طويلة ضخمة -رضي الله عنها وأرضاها-.

"فَنَادَاهَا عُمَرُ: أَلاَ قَدْ عَرَفْنَاكِ يَا سَوْدَةُ" عمر يُريد أن يُشدد في هذا الأمر، ويثير ما يكون سببًا لنزول أمرٍ إما بالحجاب أو ترك الأمر على ما هو عليه.

"أَلاَ قَدْ عَرَفْنَاكِ يَا سَوْدَةُ، حِرْصًا عَلَى أَنْ يَنْزِلَ الحِجَابُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ الحِجَابِ".

"قوله: "باب خروج النساء إلى البراز" أي الفضاء كما تقدم" ما في خروج إلا لهذه الحاجة، أما ما عداها، فالحال امتثال قوله –جلَّ وعلا-: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب:33] بخلاف اليوم، اليوم المرأة تخرج من غير حاجة ولا سبب تجوب الأسواق وتغشاها بدون حاجة، ما لها حاجة بيع ولا شراء ولا حاجة ولا شيء أبدًا.

طالب:........

إذا كانت ليلة خميس أو جمعة على ما كان عليه العهد، كأنهن شبه مسجونات، يرين أنفسهن في سجن إذا بقين في بيوتهن، حتى إنه وجِد الآن نساء يخرجن إلى البراري والقفار؛ للنزهة مع سائق، ليس معها أحد؟ كأنها في سجن لا بُد أن تطلع –والله المستعان-، ومشاكل ترتبت على أمور لا أصل لها لا في العقل ولا في النقل، يعني إذا لم تطلع في يوم من الأسبوع على الأقل، إذا لم تطلع في يوم لأكل وجبة إما غداء وإما عشاء في مطعم أو في مكان صارت مشكلة، وكان هذا مما يُنص عليه أثناء الخطبة، ويُشترط أنها تطلع، والنزهة والروحات والجيات، خلوا الأسفار، الأسفار أيام العُطل وكذا للمتنزهات والمصايف وغير ذلك في الداخل، وبعض الناس في الخارج أيضًا، بعضهم لا يقتصر على الداخل مع أن فيه كفاي،ة ولله الحمد، ولسنا في حاجة إلى أن تخرج عن بلادنا بهذه الحجة أبدًا، وبعضهم تعدى ذلك إلى أن كانت إجازاتهم في بلاد الكفر نسأل الله العافية.

طالب: .......

إذا كانت هناك ثمة حاجة لا بأس، يخرج معها.

طالب:........

صارت السلطة لها ليست له، هذا صار من الأمور التي لا تُنكر، بل إنكارها هو المنكر، نسأل الله العافية.

طالب:........

حرصًا، عمر قال: "أَلاَ قَدْ عَرَفْنَاكِ يَا سَوْدَةُ" وهذا كلام عمر "حِرْصًا عَلَى أَنْ يَنْزِلَ الحِجَابُ" حكاية عن عمر؛ لأنه هذا هو السبب باعث له فنُقل على الراوي عنه.

طالب:........

نعم ما هو ببعيد المقصود أنها للراوي.     

"قوله: "باب خروج النساء إلى البراز" أي الفضاء كما تقدم، وهو بفتح الموحدة، ثم راء وبعد الألف زايٌ.

"قال الخطابي: أكثر الرواة يقولونه بكسر أوله" البِراز "وهو غلطٌ؛ لأن البراز بالكسر هو المبارزة في الحرب.

قلت: بل هو موجهٌ لأن يطلق بالكسر على نفس الخارج.

قال الجوهري: البراز المبارزة في الحرب، والبِراز أيضًا كنايةٌ عن ثفل الغذاء وهو الغائط" ثفل الغذاء يعني: ثُفل.

طالب:.......

لا، بالفاء،، وهو ما يبقى من الغذاء بعدما يأخذ الجسم حاجته منه، ثم يخرج، وهو معروف ما يحتاج على شرح.

"والبَراز بالفتح الفضاء الواسع انتهى، فعلى هذا من فتح أراد الفضاء، فإن أطلقه على الخارج فهو من إطلاق اسم المحل على الحال كما تقدم مثله في الغائط، ومن كسر أراد نفس الخارج.

قوله: "حدثنا يحيى بن بكير" تقدم هذا الإسناد برمته في بدء الوحي، وفيه تابعيان: عروة وابن شهاب، وقرينان: الليث وعقيل.

قوله: "المناصع" بالنون وكسر الصاد المهملة بعدها عين مهملة جمع منصع بوزن مقعد، وهي أماكن معروفةٌ من ناحية البقيع.

قال الداودي: سميت بذلك؛ لأن الإنسان ينصع فيها أي: يخلص، والظاهر أن التفسير مقول عائشة- وهو صعيد أفيح- والأفيح بالحاء المهملة المتسع.

قوله: "احجب" أي: امنعهن من الخروج من بيوتهن، بدليل أن عمر بعد نزول آية الحجاب قال لسودة ما قال كما سيأتي" يعني هو الذي في الحديث "أَلاَ قَدْ عَرَفْنَاكِ يَا سَوْدَةُ"؟

طالب: .......

هذا قبل.

"ويحتمل أن يكون أراد أولاً الأمر بستر وجوههن، فلما وقع الأمر بوفق ما أراد أحب أيضًا أن يُحجب أشخاصهن مبالغةً في التستر فلم يُجب لأجل الضرورة، وهذا أظهر الاحتمالين، وقد كان عمر يعد نزول آية الحجاب من موافقاته كما سيأتي في تفسير سورة الأحزاب.

وعلى هذا فقد كان لهن في التستر عند قضاء الحاجة حالات:

أولها: بالظلمة؛ لأنهن كن يخرجن بالليل دون النهار، كما قالت عائشة في هذا الحديث: كن يخرجن بالليل، وسيأتي في حديث عائشة في قصة الإفك: فخرجت معي أم مسطح قِبل المناصع، وهو متبرزنا، وكنا لا نخرج إلا ليلاً إلى ليل. انتهى، ثم نزل الحجاب فتسترن بالثياب، لكن كانت أشخاصهن ربما تتميز؛ ولهذا قال عمر لسودة في المرة الثانية بعد نزول الحجاب: أما والله ما تخفين علينا". الحجاب المقصود به ستر الوجه، ليس ستر الشخص.

"أما والله ما تخفين علينا، ثم اتخذت الكنف في البيوت فتسترن بها كما في حديث عائشة في قصة الإفك أيضًا فإن فيها: وذلك قبل أن تُتخذ الكنف، وكانت قصة الإفك قبل نزول آية الحجاب" في تعليق للشيخ يقول -سيأتي للحافظ ابن حجر في الحديث أربعة آلاف وسبعمائة وخمسين- قوله: "وكنت قد أمليت في أوائل كتاب الوضوء" يعني هذا الموضع.

"أن قصة الإفك وقعت قبل نزول الحجاب وهو سهوٌ، والصواب بعد نزول الحجاب فليُصلَح هناك".

"كما سيأتي شرحه في موضعه -إن شاء الله تعالى- قوله: "فأنزل الله الحجاب" وللمستملي آية الحجاب، زاد أبو عوانة في صحيحه من طريق الزبيدي عن ابن شهاب فأنزل الله الحجاب {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ} [الأحزاب:53] الآية.

وسيأتي في تفسير الأحزاب أن سبب نزولها قصة زينب بنت جحش لما أولم عليها، وتأخر النفر الثلاثة في البيت، واستحيا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يأمرهم بالخروج، فنزلت آية الحجاب.

وسيأتي أيضًا حديث عمر قلت: يا رسول الله إن نساءك يدخل عليهن البار والفاجر فلو أمرتهن أن يحتجبن، فنزلت آية الحجاب".

 عمر من حرصه على الحجاب يقول مثل هذا الأسلوب من باب المبالغة، وإلا لا يُتصوَّر أن يدخل فاجر بيوت النبي –عليه الصلاة والسلام- لكن من باب المبالغة، وأيضًا من باب تتميم المقابلة؛ لأنه أحيانًا يُذكر اللفظ ولا يراد حقيقته «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ ولا لحياته» كانوا يقولون: ينكسف للموت ما فيه أحد قال: إن الشمس والقمر ينكسفان لحياة أحد، لكن من باب تتميم مقابلة الكلام وإلا حاشا بيوته –عليه الصلاة والسلام- أن يدخله الفجرة، لكنه من باب التهويل في الأمر من أجل أن ينزل ما أراد وهو الحجاب.

المقصود أن ليس الكلام على ظاهره.

"فلو أمرتهن أن يحتجبن، فنزلت آية الحجاب، وروى ابن جريرٍ في تفسيره من طريق مجاهد، قال، بينا النبي -صلى الله عليه وسلم- يأكل ومعه بعض أصحابه وعائشة تأكل معهم، إذ أصابت يد رجل منهم يدها، فكره النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك، فنزلت آية الحجاب، وطريق الجمع بينها أن أسباب نزول الحجاب تعددت" ولا مانع أن يتعدد السبب والنازل واحد.

"وكانت قصة زينب آخرَها؛ للنص على قصتها في الآية، والمراد بآية الحجاب في بعضها قوله تعالى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ} [الأحزاب:59]".

قال –رحمه الله-: "حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا" هو ابن أبي زائدة

"قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ" واسمه حماد بن أسامة.

"عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ" ابن الزبير.

"عَنْ أَبِيهِ" عروة بن الزبير.

"عَنْ عَائِشَةَ" خالته أم المؤمنين.

"عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «قَدْ أُذِنَ أَنْ تَخْرُجْنَ فِي حَاجَتِكُنَّ» قَالَ هِشَامٌ: يَعْنِي البَرَازَ".

"قوله: "حدثنا زكريا" هو ابن يحيى" أنا قلت: ابن أبي زائدة الظاهر؟

طالب:........

أنا قلت: زكريا ابن أبي زائدة؟

طالب: .......

لا هو ابن يحيى.

"وسيأتي حديثه هذا في التفسير مطولاً، ومحصله أن سودة خرجت بعدما ضرب الحجاب لحاجتها" يعني تغطية الوجه، المقصود بعدما ضرب الحجاب يعني غطاء الوجه. 

"لحاجتها وكانت عظيمة الجسم، فرآها عمر بن الخطاب، فقال: يا سودة، أما والله ما تخفين علينا فانظري كيف تخرجين، فرجعت، فشكت ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يتعشى، فأوحي إليه، فقال: «إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ»" إذا كانت البيوت ما فيها كُنُف، فكيف تُقضى الحاجة، لا بُد من الخروج، هذه ضرورة.

"قال ابن بطال: فقه هذا الحديث أنه يجوز للنساء التصرف فيما لهن الحاجة إليه من مصالحهن" وإلا فلا يجوز لها أن تتصرف في شيء إلا بإذن زوجها، لكن الضرورات لها أحكامها، الزوج في الدوام، وسقطت وانكسرت، يعني ما تروح مستشفى؟ هذه ضرورة تُقدر بقدرها، لكن ما يمكن دفعه لا يجوز لها أن تخرج إلا بإذن زوجها.

"وفيه مراجعة الأدنى للأعلى" مراجعة عمر للنبي -عليه الصلاة والسلام-.

"فيما يتبين له أنه الصواب، وحيث لا يقصد التعنت، وفيه منقبةٌ لعمر، وفيه جواز كلام الرجال مع النساء في الطرق؛ للضرورة" "قَدْ عَرَفْنَاكِ يَا سَوْدَةُ" يعني التهمة منتفية.

"وجواز الإغلاظ في القول لمن يقصد الخير" وإن كان الرفق واللين هو أدعى للقبول، فهو أولى، لكن يجوز الإغلاظ في موضعه.

"وفيه جواز وعظ الرجل أمه في الدين؛ لأن سودة من أمهات المؤمنين" ولا يمنع أن يعظ أمه في النسب أيضًا إذا وجد منها ما يُخالف، لكن بالأسلوب المناسب لها.

"وفيه أن النبي- صلى الله عليه وسلم- كان ينتظر الوحي في الأمور الشرعية" كثيرًا ما يُسئل فيسكت –عليه الصلاة والسلام- حتى ينزل عليه الوحي.

"لأنه لم يأمرهن بالحجاب مع وضوح الحاجة إليه؛ حتى نزلت الآية، وكذا في إذنه لهن بالخروج، والله أعلم".

"