كتاب الجهاد من سبل السلام (8)

نعم.

أحسن الله إليك.

بسم الله الرحمن الرحيم.

 الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

قال- رحمه الله تعالى- في البلوغ وشرحه، في كتاب الجهاد:

"وَعَنْهُ أَيْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- يَوْمَ خَيْبَرَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ، وَلِأَبِي دَاوُد عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَسْهَمَ لِلرَّجُلِ وَلِفَرَسِهِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ سَهْمَيْنِ لِفَرَسِهِ، وَسَهْمًا لَهُ.

الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُسْهَمُ.."

ولا شك أنَّ هذا ظاهر الحكمة، لا يقول قائل: إنَّ الحيوان يُفضَّل على الإنسان، فالفرس بمثابة اثنين، لا يُقال مثل هذا، بل لأنَّ صاحب الفرس الإنسان الذي يملك فرسًا نفعه وغنائه في الحرب أكثر من نفع الراجل أو المجاهد الذي على رجله، فالفرس لا شك أنَّ له غرضًا، كما أنَّ الآلات اليوم لا يُنكر فضلها وتقديمها حتى على أفراد الناس، يعني لو تفترض أنَّ مليون شخص بدون آلات يُحاربون ألف شخص معهم آلات، ومعهم مدمرات، ومعهم قنابل ومعهم كذا، لا تقوم هذه لهذه اللهم إلا إذا استصحبنا أنَّ الإيمان هو القوة الحقيقية، وإنَّما أُمِرنا أن نعد ما استطعناه، ولا ننظر إلى ما عند عدونا من عتاد وقوات.

طالب: .........

كيف؟

طالب: ..........

ماذا فيه؟

طالب: ..........

على كل حال الأصل الفرس، وما عداه من الإبل أو الحُمر أو غير ذلك لا تقضي حكمها، ومع ذلك إذا وجد ما هو أشد غناءً من الفرس كالطائرة مثلًا، أو سيارة حربية سريعة مُدرَّبة، أو مُصنَّعة لمثل هذا فلا شك أنَّ للنظر في هذا مجالًا.

أحسن الله إليك.

"الحديث دليل على أنَّه يُسهم لِصَاحِبِ الْفَرَسِ ثَلَاثَةُ سِهَامٍ مِنْ الْغَنِيمَةِ لَهُ سَهْمٌ وَلِفَرَسِهِ سَهْمَانِ. وَإِلَيْهِ ذَهَبَ النَّاصِرُ وَالْقَاسِمُ الرسي- عليه السلام- وَمَالِكٌ.."

والقاسم.

القارئ: نعم يا شيخ.

والقاسم ؟

القارئ: الرسي.

ما الرسي؟ لا، هو القاسم ومالك والشافعي ما فيه رسي.

أحسن الله إليك.

"ومالك وَالشَّافِعِيُّ، وإلى هذا ذهب الناصر والقاسم ومالك والشافعي لِهَذَا الْحَدِيثِ، وَلِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَمْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- أَعْطَى لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ، وَلِكُلِّ إنْسَانٍ سَهْمًا، فَكَانَ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ، وَلِمَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيثِ الزُّبَيْرِ أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- ضَرَبَ لَهُ أَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ؛ سَهْمَيْنِ لِفَرَسِهِ وَسَهْمًا لَهُ وَسَهْمًا لِقَرَابَتِهِ يَعْنِي مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

 وَذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ إلَى أَنَّ الْفَرَسَ لَهُ سَهْمٌ وَاحِدٌ؛ لِمَا فِي بَعْضِ الرِوَايَاتِ بِلَفْظِ: فَأَعْطَى لِلْفَارِسِ سَهْمَيْنِ، وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا، وَهُوَ مِنْ حَدِيثِ مُجَمِّعِ بْنِ جَارِيَةَ، وَلَا يُقَاوِمُ حَدِيثَ الصَّحِيحَيْنِ."

لأنَّ حديث الباب في الصحيحين، وما عداه لا يُقاومه.

"وَاخْتَلَفُوا إذَا حَضَرَ بِفَرَسَيْنِ فَقَالَ الْجُمْهُورُ لَا يُسْهَمُ إلَّا لِفَرَسٍ وَاحِدٍ، وَلَا يُسْهَمُ لَهَا إلَّا إذَا حَضَرَ بِهَا الْقِتَالَ."

يعني إذا حضر بفرس، واستعمل هذا الفرس في جميع المعركة، أو حضر بفرسين أو ثلاثة هو حاجته واحد، لكن لو قُدِّر أنَّ شخصًا حضر بفرسين يعتقبهما يركب هذا مرة، وهذا مرة، والثاني معه فرس واحد، لكن لا يتحمل الركوب في جميع المعركة، فتجده يركب أحيانًا، وينزل أحيانًا، فلا شك أنَّ للفرسين فضلًا على الفرس الواحد.

أحسن الله إليك.

"وَعَنْ مَعْنٍ بِفَتْحِ (الْمِيمِ) وَسُكُونِ (الْعَيْنِ) الْمُهْمَلَةِ، هُوَ أَبُو يَزِيدَ مَعْنُ بْنُ يَزِيدَ السُّلَمِيُّ بِضَمِّ (السِّينِ) الْمُهْمَلَةِ، وفتح (اللام)، لَهُ وَلِأَبِيهِ وَلِجَدِّهِ صُحْبَةٌ، شَهِدُوا بَدْرًا كَمَا قِيلَ، وَلَا يُعْلَمُ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا هُوَ وَأَبُوهُ وَجَدُّهُ غَيْرُهُمْ، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ شُهُودُهُ بَدْرًا. يُعَدُّ فِي الْكُوفِيِّينَ.

 ابْنُ يَزِيدَ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «لَا نَفَلَ»- بِفَتْحِ (النُّونِ) وَفَتْحِ (الْفَاءِ) هُوَ الْغَنِيمَةُ- «إلَّا بَعْدَ الْخُمُسِ». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ الطَّحَاوِيُّ.

الْمُرَادُ بِالنَّفَلِ هُوَ مَا يَزِيدُهُ الْإِمَامُ لِأَحَدِ الْغَانِمِينَ عَلَى نَصِيبِهِ. وَقَدْ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِهِ، وَاخْتَلَفُوا هَلْ يَكُونُ مِنْ أصل الغنيمة أَوْ مِنْ الْخُمُسِ، وَحَدِيثُ مَعْنٍ هَذَا لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ، بَلْ غَايَةُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ أَنَّهَا تُخَمَّسُ الْغَنِيمَةُ قَبْلَ التَّنْفِيلِ مِنْهَا. وَتَقَدَّمَ مَا قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ مِنْ أَنَّ أَكْثَرَ الْأَخْبَارِ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ التَّنْفِيلَ مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ، وَاخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ التَّنْفِيلِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُنَفَّلَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ مِنْ الرُّبْعِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الحديث التالي وهو قوله: عن حبيب.."

لأنَّ ما كان أكثر من ذلك يُجحف بحق الغانمين، يعني إذا صار نصف الغنيمة نفل مثلًا، والبقية يُقسم بين الغانمين، فلا شك أنَّ هذا يُجحف بحق الغانمين.

"وَعَنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ (بِالْحَاءِ) الْمُهْمَلَةِ الْمَفْتُوحَةِ وَمُوَحَّدَتَيْنِ بَيْنَهُمَا (ياء) مُثَنَّاةٌ تَحْتِيَّةٌ، هُوَ أبو عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقُرَشِيُّ الْفِهْرِيُّ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: حَبِيبُ الرُّومِ؛ لِكَثْرَةِ مُجَاهِدَتِهِ لَهُمْ، وَلَّاهُ عُمَرُ- رضي الله عنه- أَعْمَالَ الْجَزِيرَةِ، وَضَمَّ إلَيْهِ أَرْمِينِيَةَ وَأَذْرَبِيجَانَ، وَكَانَ فَاضِلًا مُجَابَ الدَّعْوَةِ. مَاتَ بِالشَّامِ أَوْ بِأَرْمِينِيَّةَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ- رضي الله عنه وأرضاه-.

قَالَ: شَهِدْت رَسُولَ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- نَفَّلَ الرُّبْعَ فِي الْبَدْأَةِ، بِفَتْحِ (الْبَاءِ) الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ (الدَّالِ) الْمُهْمَلَةِ وَالثُّلُثَ فِي الرَّجْعَةِ."

الفرق أنَّهم في البداءة مازال النشاط، والهمة والعزيمة في غايتها وقوتها، بينما في الرجعة يدب الكسل، ويخف النشاط، وتخف الهمة، فيحتاجون إلى زيادة مُحفِّز، ومُشجِّع.

أحسن الله إليك.

"رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْجَارُودِ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ.

 دَلَّ الْحَدِيثُ أَنَّهُ- صلى الله عليه وسلم- لَمْ يُجَاوِزْ الثُّلُثَ فِي التَّنْفِيلِ، وَقَالَ آخَرُونَ: لِإِمَامٍ أَنْ يُنَفِّلَ السَّرِيَّةَ جَمِيعَ مَا غَنِمَتْ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [سورة الأنفال:1]، فَفَوَّضَهَا إلَيْهِ- صلى الله عليه وسلم-. وَالْحَدِيثُ لَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُنَفَّلُ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ. واعلم أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ؛ فَقَالَ الْخَطَّابِيُّ رِوَايَةً عَنْ ابْنِ الْمُنْذِرِ: إنَّهُ- صلى الله عليه وسلم- إنَّما فرَّق بَيْنَ الْبَدْأَةِ والرجعة حِينَ فَضَّلَ إحْدَى الْعَطِيَّتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى؛ لِقُوَّةِ الظَّهْرِ عِنْدَ دُخُولِهِمْ، وَضَعْفِهِ عِنْدَ خُرُوجِهِمْ؛ وَلِأَنَّهُمْ وَهُمْ دَاخِلُونَ أَنْشَطُ وَأَشْهَى لِلسَّيْرِ وَالْإِمْعَانِ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ وَأَجَمُّ، وَهُمْ عِنْدَ الْقُفُولِ تضعف دَوَابِّهِمْ وَأَبْدَانِهِمْ، وَهُمْ أَشْهَى لِلرُّجُوعِ إلَى أَوْطَانِهِمْ وَأَهَالِيِهِمْ؛ لِطُولِ عَهْدِهِمْ بِهِمْ، وَحُبِّهِمْ لِلرُّجُوعِ، فَيَرَى أَنَّهُ زَادَهُمْ فِي الْقُفُولِ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ."

هذا واضح.

"قَالَ الْخَطَّابِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ ابْنِ الْمُنْذِرِ: هَذَا لَيْسَ بِالْبَيِّنِ؛ لأنَّ فَحْوَاهُ يُوهِمُ أَنَّ الرَّجْعَةَ هِيَ الْقُفُولُ إلَى الأوطان، وَلَيْسَ هُوَ مَعْنَى الْحَدِيثِ، وَالْبَدْأَةُ إنَّمَا هِيَ ابْتِدَاءُ السَّفَرِ لِلْغَزْوِ وإذَا نَهَضَتْ سَرِيَّةٌ مِنْ جُمْلَةِ الْعَسْكَرِ، فَإِذَا وَقَعَتْ بِطَائِفَةٍ مِنْ الْعَدُوِّ كَانَ لَهُمْ فِيهِ الرُّبْعُ.."

فَمَا غَنِمُوا كان لهم فيه الربع.

"فَإِذَا وَقَعَتْ بِطَائِفَةٍ مِنْ الْعَدُوّ"

فما غنموا.

القارئ: أحسن الله إليك.

"فما غنموا"

كان لهم فيه الربع.

"كَانَ لَهُمْ فِيهِ الرُّبْعُ، وَيُشْرِكُهُمْ سَائِرُ الْعَسْكَرِ فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ، فَإِنْ قَفَلُوا مِنْ الْغَزْوَةِ، ثُمَّ رَجَعُوا فَأَوْقَعُوا بِالْعَدُوِّ ثَانِيَةً كَانَ لَهُمْ مِمَّا غَنِمُوا الثُّلُثُ؛ لِأَنَّ نُهُوضَهُمْ بَعْدَ الْقُفُولِ أَشَدُّ لِكَوْنِ الْعَدُوِّ عَلَى حَذَرٍ وَحَزْمٍ انْتَهَى وَمَا قَالَهُ هُوَ الْأَقْرَبُ، والله- سبحانه وتعالى- أعلم.

وعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- يُنَفِّلُ بَعْضَ مَنْ يَبْعَثُ مِنْ السَّرَايَا لِأَنْفُسِهِمْ خَاصَّةً سِوَى قِسْمَةِ عَامَّةِ الْجَيْشِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

 فِيهِ أَنَّهُ- صلى الله عليه وسلم- لَمْ يَكُنْ يُنَفِّلُ كُلَّ مَنْ بعثه، بَلْ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ مِنْ الْمَصْلَحَةِ فِي التَّنْفِيلِ.

وَعَنْهُ قَالَ: كُنَّا نُصِيبُ فِي مَغَازِينَا الْعَسَلَ وَالْعِنَبَ فَنَأْكُلُهُ وَلَا نَرْفَعُهُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَلِأَبِي دَاوُد عن عمر".

نعم، مثل هذا الذي يُخشى عليه من التلف الطعام الذي تنتهي صلاحيته عاجلًا، ولا يُنتظر فيه إلى وقت القسمة- قسمة الغنيمة- فمثل هذا لو أُكِلَ منه فلا يُعد غلولًا من الغنيمة، لكن ما يُمكن أن يُحتفظ به ويصبر إلى أن تُقسم الغنيمة لا يجوز أن يأخذ منه أحد شيئًا قبل القسمة؛ لأنَّ هذا هو الغلول بعينه.

أحسن الله إليك.

"ولأبي داود عَنْ ابْنِ عُمَرَ فَلَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُمْ الْخُمُسُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ. لَا نَرْفَعُهُ لَا نَحْمِلُهُ عَلَى سَبِيلِ الِادِّخَارِ أَوْ لَا نَرْفَعُهُ إلَى مَنْ يَتَوَلَّى أَمْرَ الْغَنِيمَةِ وَنَسْتَأْذِنُهُ فِي أَكْلِهِ، اكْتِفَاءً بِمَا عُلِمَ مِنْ الْإِذْنِ فِي ذَلِكَ. قد ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْغَانِمِينَ أَخْذُ الْقُوتِ وَمَا يَصْلُحُ بِهِ، وَكُلُّ طَعَامٍ اُعْتِيدَ أَكْلُهُ عُمُومًا، وَكَذَلِكَ عَلَفُ الدَّوَابِّ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وسَوَاءٌ كَانَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ. وَدَلِيلُهُمْ هَذَا الْحَدِيثُ، وَمَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ: أَصَبْت جِرَابَ شَحْمٍ يَوْمَ خَيْبَرَ، فَقُلْت: لَا أُعْطِي مِنْهُ أَحَدًا، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- يَبْتَسِمُ. وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ مُخَصِّصَةٌ لِأَحَادِيثِ النَّهْيِ عَنْ الْغُلُولِ.

 وَيَدُلُّ لَهُ أَيْضًا الْحَدِيثُ التالي:

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: أَصَبْنَا طَعَامًا يَوْمَ خَيْبَرَ، فَكَانَ الرَّجُلُ يَجِيءُ فَيَأْخُذُ مِنْهُ مِقْدَارَ مَا يَكْفِيهِ ثُمَّ يَنْصَرِفُ. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْجَارُودِ وَالْحَاكِمُ، فَإِنَّهُ وَاضِحٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى أَخْذِ الطَّعَامِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَقَبْلَ التَّخْمِيسِ.

 قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَأَمَّا سِلَاحُ الْعَدُوِّ وَدَوَابُّهُمْ فَلَا أَعْلَمُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ خِلَافًا فِي جَوَازِ اسْتِعْمَالِهَا. فإذَا انْقَضَتْ الْحَرْبُ فَالْوَاجِبُ رَدُّهَا فِي الْمَغْنَمِ. وَأَمَّا الثِّيَابُ.."

يجوز استعمالها للحاجة، يجوز استعمل سلاح العدو ودوابهم وإلا فالأصل أنَّها من ضمن الغنيمة، لكن إذا احتيج إليها في الحالة الراهنة؛ لعدم السلاح، أو لقلة السلاح، أو لوجود من لا يحمل سلاحًا فإنَّه يستعملها.

طالب: ..........

نعم؟

طالب: .........

لو تلفت في يده واستعمالها استعمال غير مفرِّط فإنَّه لا يضمن.

أحسن الله إليك.

"وأمَّا الثياب والخرث وَالْأَدَوَاتُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ شَيْءٌ مِنْهَا إلَّا أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: إنَّهُ إذَا احْتَاجَ لشَيْءٍ مِنْهَا لِحَاجَةٍ ضَرُورِيَّةٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ مِثْلَ أَنْ يَشْتَدَّ الْبَرْدُ فَيَسْتَدْفِئَ بِثَوْبٍ وَيَتَقَوَّى بِهِ عَلَى الْمَقَامِ بأرض الْعَدُوِّ ومُرْصِدًا لِقِتَالِهِمْ. وَسُئِلَ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: لَا يَلْبَسُ الثَّوْبَ إلَّا أَنْ يَخَافَ الْمَوْتَ."

القارئ: عندك (قلت) يا شيخ هنا؟

نعم، فيه (قلت الحديث الآتي).

"قلت: الْحَدِيثُ الْآتِي قوله: وَعَنْ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَرْكَبْ دَابَّةً مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى إذَا أَعْجَفَهَا رَدَّهَا فِيهِ، وَلَا يَلْبَسْ ثَوْبًا مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى إذَا أَخْلَقَهُ رَدَّهُ فِيهِ». أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالدَّارِمِيُّ وَرِجَالُهُ لَا بَأْسَ بِهِمْ.

يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ الرُّكُوبِ وَلَيْسَ الثَّوْبُ وَإِنَّمَا يَتَوَجَّهُ النَّهْيُ إلَى الْإِعْجَافِ وَالْإِخْلَاقِ لِلثَّوْبِ فَلَوْ رَكِبَ مِنْ غَيْرِ إعْجَافٍ وَلَبِسَ مِنْ غَيْرِ إخْلَاقٍ وَإِتْلَافٍ جَازَ.

وعن أبي عبيدة بن الجراح.."

اللبس بالنسبة للثياب يختلف من وقت إلى وقت، كان لبس الثوب يعني يُلبس اليوم، واليومين، والثلاثة، والأسبوع لا يؤثر فيه، ويباع كما هو كالجديد، لكن لو لُبس الجديد يومًا واحدًا ثم بِيع، ولا بربع القيمة، ولا بربع اللبس، يختلف من وقت إلى وقت، ومن زمان إلى زمان. قف على هذا.

أحسن الله إليك، والله أعلم.