تعليق على تفسير سورة البقرة (93)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نعم.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

قال الإمام ابن كثيرٍ –رحمه الله تعالى-: "قوله تعالى:

{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:247].

أَيْ: لَمَّا طَلَبُوا مِنْ نَبِيِّهِمْ أَنْ يُعَيِّنَ لَهُمْ مَلِكًا مِنْهُمْ فَعَيَّنَ لَهُمْ طَالُوتَ، وَكَانَ رَجُلًا مِنْ أَجْنَادِهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ بَيْتِ الْمُلْكِ فِيهِمْ؛ لِأَنَّ الْمُلْكَ كَانَ فِي سِبْطِ يَهُوذَا، وَلَمْ يَكُنْ هَذَا مِنْ ذَلِكَ السِّبْطِ؛ فَلِهَذَا قَالُوا: {أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا} [البقرة:247] أَيْ: كَيْفَ يَكُونُ مَلِكًا عَلَيْنَا، {وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ} [البقرة:247] أَيْ: ثُمَّ هُوَ مَعَ هَذَا فَقِيرٌ لَا مَالَ لَهُ يَقُومُ بِالْمُلْكِ، وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ كَانَ سَقَّاءً وَقِيلَ: دَبَّاغًا.

وَهَذَا اعْتِرَاضٌ مِنْهُمْ عَلَى نَبِيِّهِمْ وَتَعَنُّتٌ، وَكَانَ الْأَوْلَى بِهِمْ طَاعَةً وَقَوْلَ مَعْرُوفٍ، ثُمَّ قَدْ أَجَابَهُمُ النَّبِيُّ قَائِلًا: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ} [البقرة:247] أَيِ: اخْتَارَهُ لَكُمْ مِنْ بَيْنِكُمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ مِنْكُمْ.

يَقُولُ: لَسْتُ أَنَا الَّذِي عَيَّنْتُهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي، بَلِ اللَّهُ أَمَرَنِي بِهِ لَمَّا طَلَبْتُمْ مِنِّي ذَلِكَ، {وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ} [البقرة:247] أَيْ: وَهُوَ مَعَ هَذَا أَعْلَمُ مِنْكُمْ، وَأَنْبَلُ وَأَشْكَلُ مِنْكُمْ وَأَشَدُّ قُوَّةً وَصَبْرًا فِي الْحَرْبِ وَمَعْرِفَةً بِهَا، أَيْ: أَتَمُّ عِلْمًا وَقَامَةً مِنْكُمْ. وَمِنْ هَاهُنَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمَلِكُ ذَا عِلْمٍ وَشَكْلٍ حَسَنٍ وَقُوَّةٍ شَدِيدَةٍ فِي بَدَنِهِ وَنَفْسِهِ، ثُمَّ قَالَ: {وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ} [البقرة:247] أَيْ: هُوَ الْحَاكِمُ الَّذِي مَا شَاءَ فَعَلَ، وَلَا يُسأل عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ، لِعِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ وَرَأْفَتِهِ بِخَلْقِهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:247] أَيْ: هُوَ وَاسِعُ الْفَضْلِ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ، عَلِيمٌ بِمَنْ يَسْتَحِقُّ الْمُلْكَ مِمَّنْ لَا يَسْتَحِقُّهُ".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

هؤلاء القوم من بني إسرائيل من بعد موسى بزمنٍ طويل قُدِّر بألف سنة، طلبوا من نبيهم أن يولي عليهم ملكًا؛ لأن الأمور لا تقوم إلا بولاية، فلا يستطيعون أن يُقاتلوا عدوهم، وأن تستقيم أمورهم في دينهم ودنياهم إلا بولاية.

لا يَصلُحُ الناسُ فَوضى لا سَراةَ لَهُم
 

 

وَلا سَراةَ إِذا جُهّالُهُم سادوا
 

نبيهم أخبرهم أن الله –جلَّ وعلا- قد اختار لهم ملكًا، وهو طالوت، فهذا الاختيار والتعيين من الله –جلَّ وعلا-، لا وسيلة فوق هذا الوسيلة من وسائل الاختيار والتعيين، اختيار الخليفة والملك إذا كان باختيارٍ من الله –جلَّ وعلا- وتعيينٍ من قِبله –عزَّ وجلَّ- فلا أعظم من ذلك، كذلك اختيار نبيه كما اختار رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أبا بكر، وإن لم يكن بالنص، لكنه ظاهرٌ في النص.

على كل حال هذه الاختيارات لا اختيار فوقها، ولا ثبوت للإمامة بأعلى من ذلك.

بنو إسرائيل على عادتهم في الجدال والمنازعة، ووجود ما يستندون إليه يعتمدون عليه تبعًا لآرائهم وإلا فالنص قاطعٌ لكل الاجتهادات.

هذا الملك الذي اختير ليقودهم ليس من سبط الملك، ليس من نسل يهوذا؛ فلذلك استبعدوا {قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا} [البقرة:247]، ولو قالوا: سمعنا وأطعنا كان هذا هو الأصل؛ لأن التعيين من الله –جلَّ وعلا- ما هو باجتهاد، أو اختاره أحدٌ من الناس.

على كل حال في مثل هذا الاختيار لا جدال ولا نزاع سوى السمع والطاعة.

قالوا: {وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ} [البقرة:247]، {أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا} [البقرة:247]؛ لأنه ليس من سبط الولاية –استبعاد- يستبعدون مع أنه لا بعيد مع اختيار الله –جلَّ وعلا-، بل هو النص والمتعين أن يُطاع.

{وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ} [البقرة:247] لا شك أن المال له دوره في الحياة؛ ولذا يقولون: هو عصب الحياة، فالخليفة الأصل أن يكون ذا عشيرة تحميه إذا كان اختياره اجتهاديًّا، وله مالٌ يتقوى به، قالوا: هذا ليس من سبط الولاية، فلا عشيرة، وليس لديه مال يتقوى به ويستعين به على مراده في دنياه.

على كل حال هذا الكلام مع وجود النص ينهي لو المسألة اجتهادية يُمكن أن يُناقش من يُرشِّح هذا النوع من الناس أن يُناقش في مثل هذا، لكن إذا كان الاختيار من الله –جلَّ وعلا-، لكن ما جُبِل عليه اليهود من الجدال والنزاع حتى في الأمور القطعية في مثل هذا هو جارٍ على قاعدتهم وسندهم ما أوتوا بشيءٍ إلا نازعوا فيه.

{قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ} [البقرة:247] اختاره عليكم، {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ} [البقرة:247] يعني: اختاره عليكم، فلا جدال ولا نزاع ولا اجتهاد. 

{وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ} [البقرة:247]، وهذه من أعظم أسباب القوة، القوة المعنوية في العلم، والقوة المادية والحسية في الجسم، وكان من الأجناد، وعُرِف دوره في القتال، فمثل هذا كل هذا خاضعٌ لاختيار الله –جلَّ وعلا- يعني بعد اختيار الله –جلَّ وعلا-، واختياره مبني على هذه الأسباب: أنه صاحب قوة في علمه وجسمه، إذا صُورِع لا يُغلَب، وإذا رآه العدو هابه، وإذا خاصمه خصمه، وإذا جادله غلبه بعلمه، وهابه بقوة جسمه، هذه مقومات حسية، لكن القوم أصحاب جدال ونزاع لا ينتهون لأول نظر.

{وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ} [البقرة:247]؛ لأنه يُوجد فيهم من ولد يهوذا الذين فيهم الملك من يُوجد بخلافه، وهذا سبب الأحقية، {وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ} [البقرة:247]، ونحن عندنا أموال، وهكذا تكون الترشيحات في العصور المتأخرة نجاحها غالبًا بالأموال بالشراء، بخلاف ما كان عليه الأمر في أول الأمر وعند من يمتثل الأمر إلى قيام الساعة، فالترشيح بالأسباب الشرعية عند توافر هذه الأسباب يكون الترشيح كما حصل في عصر الصحابة بالنسبة لعثمان، بالنسبة لعلي، والحسن، ثم بعد ذلك جاءت الدول الملكية، وصارت بالوصية، كلٌّ يوصي بمن يُريد أن يكون خليفةً من بعده، وهذا نظرًا لكف النزاع ودرء الفتن أذعن له سلف الأمة وأئمتها، وجرت الأمة على ذلك.

على كل حال {وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ} [البقرة:247] الدول الكافرة تُرشِّح أو من يُرشَّح ابتداءً يبذل الأموال الطائلة؛ ليشتري الذمم من أجل أن يُرشحه أكبر قدر، والله المستعان، وهنا أشاروا إلى أن المال له دخل في هذا.

{وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ} [البقرة:247] ما لكم كلام ولا اجتهاد.

{إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:247]، يعني علمه مُحيط بجميع الأمور والأحوال، ومن يستحق ومن لا يستحق، وأسباب الاستحقاق، وأسباب عدمه، وهكذا، والله أعلم.

طالب: ...........

نبي، لكن لم يكن ملكًا في ذلك الوقت داود -عليه السلام-.

طالب: ...........

هناك نبي رسول، وهناك ملك رسول.

طالب: ...........

الأنبياء يحكمون فيهم بشرع الله، على كل حال داود في ذك الوقت لم يكن ملكًا.

طالب: ...........

نبي، لكنه ليس بملك، هو ما أوتي الملك إلا بعد موت طالوت.

طالب: ...........

سيأتي.

"{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة:248].

يَقُولُ نَبِيُّهُمْ لَهُمْ: إِنَّ عَلَّامَةَ بَرَكَةِ مُلْكِ طَالُوتَ عَلَيْكُمْ أَنْ يَرُدَّ اللَّهُ عَلَيْكُمُ التَّابُوتَ الَّذِي كَانَ أُخِذَ مِنْكُمْ.

{فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة:248] قِيلَ: مَعْنَاهُ فِيهِ وَقَارٌ، وَجَلَالَةٌ.

قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَر عَنْ قَتَادَةَ {فِيهِ سَكِينَةٌ} [البقرة:248] أَيْ: وَقَارٌ، وَقَالَ الرَّبِيعُ: رَحْمَةٌ، وَكَذَا رُوِيَ عَنِ الْعَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: سَأَلْتُ عَطَاءً عَنْ قَوْلِهِ: {فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة:248] قَالَ: مَا يَعْرِفُونَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ فَيَسْكُنُونَ إِلَيْهِ".

يعني: تسكن إليه قلوبهم.

"وَقِيلَ: السَّكِينَةُ".

"وكذا قال الحسن البصري"، ما عندك؟

طالب: لا.

في بعض النُّسخ.

"وَقِيلَ: السَّكِينَةُ طَسْتٌ مِنْ ذَهَبٍ كَانَتْ تُغْسَلُ فِيهِ قُلُوبُ الْأَنْبِيَاءِ، أَعْطَاهَا اللَّهُ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- فَوَضَعَ فِيهَا الْأَلْوَاحَ. وَرَوَاهُ السُّدِّيُّ عَنْ أَبِي مَالِكٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: السَّكِينَةُ لَهَا وَجْهٌ كَوَجْهِ الْإِنْسَانِ، ثُمَّ هِيَ رُوحٌ هَفَّافَةٌ".

روح أم ريح؟

طالب: ...........

"ثُمَّ هِيَ رُوحٌ هَفَّافَةٌ.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي ابْنُ الْمُثَنَّى، قال: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَأَبُو الْأَحْوَصِ كُلُّهُمْ عَنْ سِماك، عَنْ خَالِدِ بْنِ عُرْعُرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ قال: السكينة ريحٌ خجوج، ولها رَأْسَانِ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: لَهَا جَنَاحَانِ وَذَنَبٌ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ: السَّكِينَةُ رَأْسُ هِرَّةٍ مَيِّتَةٍ إِذَا صَرَخَتْ فِي التَّابُوتِ بِصُرَاخِ هِرٍّ، أَيْقَنُوا بِالنَّصْرِ، وَجَاءَهُمُ الْفَتْحُ".

ميتة أيضًا، معقول أن يُنصروا بالنجاسة؛ رأس هرةٍ ميتة؟!

طالب: ...........

هو منهم في الأصل.

"وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ يَقُولُ: السَّكِينَةُ رُوحٌ مِنَ اللَّهِ تَتَكَلَّمُ إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ تَكَلَّمَ فَتُخْبَرَهُمْ بِبَيَانِ مَا يُرِيدُونَ.

وَقَوْلُهُ: {وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ} [البقرة:248] قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قال: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قال: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ دَاوُدَ بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ} [البقرة:248] قَالَ: عَصَاهُ وَرُضَاضُ الْأَلْوَاحِ. وَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ وَعِكْرِمَةُ وَزَادَ: وَالتَّوْرَاةُ.

قَالَ أَبُو صَالِحٍ {وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى} [البقرة:248] يَعْنِي: عَصَا مُوسَى، وَعَصَا هَارُونَ وَلَوْحَيْنِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَالْمَنِّ.

وَقَالَ عَطِيَّةُ بْنُ سَعْدٍ: عَصَا مُوسَى وَعَصَا هَارُونَ، وَثِيَابُ مُوسَى وَثِيَابُ هَارُونَ، وَرُضَاضُ الْأَلْوَاحِ.

وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: سَأَلْتُ الثَّوْرِيَّ عَنْ قَوْلِهِ: {وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ} [البقرة:248] فَقَالَ: مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: قَفِيزٌ مِنْ مَنٍّ، وَرُضَاضُ الْأَلْوَاحِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: الْعَصَا وَالنَّعْلَانِ".

هذه أقوال لا دليل عليها، ويبقى الأمر على الإبهام؛ لأنه لم يرد فيه نص صحيح صريح في المراد، وهذا مما لا يترتب عليه فائدة للمسلم، وفهمٌ لكتاب الله –جلَّ وعلا-، ولو كان فيه فائدة أو يترتب عليه فهمٌ لكتاب الله لبُيِّن، لبينه النبي -عليه الصلاة والسلام-. 

"وَقَوْلُهُ: {تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ} [البقرة:248] قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: جَاءَتِ الْمَلَائِكَةُ تَحْمِلُ التَّابُوتَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، حَتَّى وَضَعَتْهُ بَيْنَ يَدَيْ طَالُوتَ، وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ.

قَالَ السُّدِّيُّ: أَصْبَحَ التَّابُوتُ فِي دَارِ طَالُوتَ فَآمَنُوا بِنُبُوَّةِ شَمْعُونَ، وَأَطَاعُوا طَالُوتَ".

يعني: شمعون هذا هو نبيهم.

طالب: ...........

في البداية.

طالب: ...........

أين؟

طالب: ...........

لنبيٍّ لهم يُبعَث.

طالب: ...........

لا يلزم أن يكون في زمنه، يعني لا يلزم أنه النبي المبهم في الآيات.

طالب: ...........

هو في زمنه، لكن لا يعني أنه هو النبي المشار إليه؛ لأنه يجتمع أكثر من نبي في وقتٍ واحد.

طالب: ...........

ستأتي تكملة القصة.

"وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ بَعْضِ أَشْيَاخِهِ: جَاءَتْ بِهِ الْمَلَائِكَةُ تَسُوقُهُ عَلَى عَجَلَةٍ عَلَى بَقَرَةٍ وَقِيلَ: عَلَى بَقَرَتَيْنِ.

وَذَكَرَ غَيْرُهُ أَنَّ التَّابُوتَ كَانَ بِأَرِيحَا، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ لَمَّا أَخَذُوهُ ووَضَعُوهُ فِي بَيْتِ آلِهَتِهِمْ تَحْتَ صَنَمِهِمُ الْكَبِيرِ، فَأَصْبَحَ التَّابُوتُ عَلَى رَأْسِ الصَّنَمِ، فَأَنْزَلُوهُ فَوَضَعُوهُ تَحْتَهُ، فَأَصْبَحَ كَذَلِكَ، فَسَمَّرُوهُ تَحْتَهُ، فَأَصْبَحَ الصَّنَمُ مَكْسُورَ الْقَوَائِمِ مُلْقًى بَعِيدًا، فَعَلِمُوا أَنَّ هَذَا أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهِ، فَأَخْرَجُوا التَّابُوتَ مِنْ بَلَدِهِمْ، فَوَضَعُوهُ فِي بَعْضِ الْقُرَى، فَأَصَابَ أَهْلهَا دَاء فِي رِقَابِهِمْ، فَأَمَرَتْهُمْ جَارِيَةٌ مِنْ سَبْيِ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّ يَرُدُّوهُ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ؛ حَتَّى يُخَلَّصُوا مِنْ هَذَا الدَّاءِ، فَحَمَلُوهُ عَلَى بَقَرَتَيْنِ فَسَارَتَا بِهِ لَا يَقْرَبُهُ أَحَدٌ إِلَّا مَاتَ، حَتَّى اقْتَرَبَتَا مِنْ بَلَدِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَكَسَرَتَا النَّيِّرَيْنِ، وَرَجَعَتَا وَجَاءَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فَأَخَذُوهُ، فَقِيلَ: إِنَّهُ تَسَلَّمَهُ دَاوُدُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ إِلَيْهِمَا خَجَلَ مِنْ فَرَحِهِ بِذَلِكَ".

حجَل.

طالب: ...........

السياق كله.

طالب: ...........

نيرين يعني أيش؟

طالب: ...........

أما العجلة فتُوضع مثل الصندوق، ولها خشبتان يُوضع بينهما شيء يُمسك أو يثبت على عنق الثور أو البقرة أو الحمار أو غيرهم، فهؤلاء هما النيران.

"وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ إِلَيْهِمَا حَجَلَ مِنْ فَرَحِهِ بِذَلِكَ، وَقِيلَ: شَابَّانِ مِنْهُمْ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ".

الحجل أن يرفع رجلًا، ويقف على الأخرى من الفرح، يعني هذا معروف الذي ينقز على رجل واحدة يقول: يقف على الأخرى من الفرح إن وقف ولا...

طالب: ...........

لا الحجل ما يكون إلا مع المشي.

"وَقِيلَ: كَانَ التَّابُوتُ بِقَرْيَةٍ مِنْ قُرَى فِلَسْطِينَ يُقَالُ لَهَا: أَزْدَرِدُ.

وَقَوْلُهُ: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ} [البقرة:248] أَيْ: عَلَى صِدْقِي فِيمَا جِئْتُكُمْ بِهِ مِنَ النبوة، وفيما أمرتكم به من طَاعَةِ طَالُوتَ: {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة:248] أَيْ: بِالْلَّهِ واليوم الآخر.

{فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلا قَلِيلا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة:249].

يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ طَالُوتَ مَلِكِ بَنِي إِسْرَائِيلَ حِينَ خَرَجَ فِي جُنُودِهِ وَمَنْ أَطَاعَهُ مِنْ مَلَأِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَكَانَ جَيْشُهُ يَوْمَئِذٍ فِيمَا ذَكَرَهُ السُّدِّيُّ ثَمَانِينَ أَلْفًا، فَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَنَّهُ قَالَ: {إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم} [البقرة:249] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ: هُوَ نَهْرٌ بَيْنَ الْأُرْدُنِّ وَفِلَسْطِينَ يَعْنِي: نَهْرُ الشَّرِيعَةِ الْمَشْهُورُ".

ابن كثير في البداية والنهاية استنكر هذا العدد وأنهم ثمانون ألفًا، يقول: المساحة التي حُدِّدت ما تستوعب هذا العدد، المساحة المذكورة لا تستوعب هذا العدد، وبالنسبة لعدد من تبع طالوت ولم يشرب من النهر قالوا: عدة أهل بدر، بضعة عشر وثلاثمائة، أما ثمانون ألفًا فابن كثير –رحمه الله- في التاريخ يستبعد هذا الرقم؛ لأن المساحة لا تستوعب.

طالب: ...........

لن يبقى بحال.

طالب: ...........

المحددة في هذا، وهو نهرٌ بين الأردن وفلسطين، يعني نهر الشريعة، ومن شرب منه... سيأتي تكملة الكلام.

"{فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي} [البقرة:249] أَيْ: فَلَا يَصْحَبُنِي الْيَوْمَ فِي هَذَا الْوَجْهِ {وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ} [البقرة:249] أَيْ: فَلَا بَأْسَ عَلَيْهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلا قَلِيلاً مِنْهُمْ} [البقرة:249] قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنِ اغْتَرَفَ مِنْهُ بِيَدِهِ رَوِيَ، وَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يُرْوَ، وَكَذَا رَوَاهُ السُّدِّيُّ عَنْ أَبِي مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ وَابْنُ شَوْذَبٍ.

وَقَالَ السُّدِّيُّ: كَانَ الْجَيْشُ ثَمَانِينَ أَلْفًا، فَشَرِبَ منه سِتَّةٌ وَسَبْعُونَ أَلْفًا وَتَبَقَّى مَعَهُ أَرْبَعَةُ آلَافٍ كَذَا قَالَ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ إِسْرَائِيلَ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، ومِسْعَر بْنِ كَدَامٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الَّذِينَ كَانُوا يَوْمَ بَدْرٍ ثَلَاثَمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ عَلَى عِدَّةِ أَصْحَابِ طَالُوتَ الَّذِينَ جَازُوا مَعَهُ النَّهْرَ، وَمَا جَازَهُ مَعَهُ إِلَّا مُؤْمِنٌ. وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَجَاءٍ، عَنْ إِسْرَائِيلَ بْنِ يُونُسَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ جده".

ابن أبي إسحاق.

طالب: ابن أبي؟

عن إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق عن جده.

"عَنْ إِسْرَائِيلَ بْنِ يُونُسَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ".

"ابن أبي إسحاق عن جده" يعني: أبا إسحاق السبيعي.

"عَنْ ابن أَبِي إِسْحَاقَ عن جده".

"عَنْ إِسْرَائِيلَ بْنِ يُونُسَ بن أَبِي إِسْحَاقَ" ابن هذه صُحِّفت عندكم عن.

طالب: ما فيها عن ابن؟

نعم "عَنْ إِسْرَائِيلَ بْنِ يُونُسَ بن أَبِي إِسْحَاقَ، عن جده".

"عَنْ إِسْرَائِيلَ بْنِ يُونُسَ بن أَبِي إِسْحَاقَ، عن جده، عن البراء قَالَ: "كُنَّا -أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَتَحَدَّثُ أَنَّ عِدَّةَ أَصْحَابِ بَدْرٍ عَلَى عِدَّةِ أَصْحَابِ طَالُوتَ، الَّذِينَ جَاوزُوا مَعَهُ النَّهْرَ، وَلَمْ يُجَاوِزْ مَعَهُ إِلَّا مُؤْمِنٌ بِضْعَةَ عَشَرَ وَثَلَاثُمِائَةٍ".

طالب: ...........

ابن جرير أحال على هذا، الحديث واحد.

طالب: ...........

خلاص هو الذي عندنا عن أبي إسحاق عن جده هو أبو إسحاق، الجد هو أبو إسحاق.

طالب: ...........

لو تركت عن؟ عن أبي إسحاق عن جده ما تجيء، عن البراء ما فيه عن جده، إذا أثبت عن فلا بُد أن تحذف عن جده.

"ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَزُهَيْرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بِنَحْوِهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ} [البقرة:249] أَيِ: اسْتَقَلُّوا أَنْفُسَهُمْ عَنْ لِقَاءِ عَدُوِّهِمْ؛ لِكَثْرَتِهِمْ، فَشَجَّعَهُمْ عُلَمَاؤُهُمْ الْعَالِمُونَ بِأَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ، فَإِنَّ النَّصْرَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لَيْسَ عَنْ كَثْرَةِ عَدَدٍ وَلَا عُدَدٍ؛ وَلِهَذَا قَالُوا: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة:249]".

بعض من ولج في وسائل الإعلام في أوقات الأزمات والحروب التي مرت بالأمة قريبًا، والأمة كثير ويتساءل أين قول الله –جلَّ وعلا-: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة:249]؟ يقول: الدبابات والصواريخ تضرب في المسلمين، وهو يقول: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً} [البقرة:249] تتكلم في وعد مَن؟

 هو يتكلم في كلام الله –جلَّ وعلا-، لكن هؤلاء المسلمون سواءٌ قلُّوا أو كثروا هل نصروا الله –جلَّ وعلا- لينصرهم؟

تخلَّف الشرط، فلا بُد أن يقع فيهم ما يقع، فالمسلمون لم ينصروا الله فينصرهم، ولا بُد من تحقق أسباب النصر، ولا يُخلَف وعد الله أو يُدعى خُلفه بكلام سفهاء لا يعرفون ما جاء عن الله وعن رسوله، ما جاء مُجملًا في بعض الآيات بُيِّن وفصِّل في آيات وأحاديث كثيرة، فكون الأمة تُغلَب وعددهم كبير، ويُنصر عليها العدو وقد يكون أقل في العدد، هل من قِلةٍ يا رسول الله؟ إذا تكالبت الأمم كما حصل وحصلت الهزيمة للمسلمين كما حصل جاء توضيحه في حديث «يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الأُمَمُ» فقالوا: هل من قِلةٍ يا رسول الله؟ قَالَ: «لا، ليس من قِلة، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ» يعني وجودكم مثل عدمكم.

طالب: ...........

لكن هل قالوا: المبهم هنا قالوا: نبيهم هو داود، قاله؟

طالب: ...........

لا.

"قوله تعالى: {وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ * تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} [البقرة:250-252].

أَيْ: لَمَّا وَاجَهَ حِزْبُ الْإِيمَانِ -وَهُمْ قَلِيلٌ- مِنْ أَصْحَابِ طَالُوتَ لِعَدُوِّهِمْ أَصْحَابِ جَالُوتَ -وَهُمْ عَدَدٌ كَثِيرٌ- {قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا} [البقرة:250] أَيْ: أَنْزِلْ عَلَيْنَا صَبْرًا مِنْ عِنْدِكَ {وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا} [البقرة:250] أَيْ: فِي لِقَاءِ الْأَعْدَاءِ وَجَنَّبْنَا الْفِرَارَ وَالْعَجْزَ {وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة:250].

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة:251] أَيْ: غَلَبُوهُمْ وَقَهَرُوهُمْ بِنَصْرِ اللَّهِ لَهُمْ {وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ} [البقرة:251]  ذَكَرُوا فِي الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ: أَنَّهُ قَتَلَهُ بِمِقْلَاعٍ كَانَ فِي يَدِهِ رَمَاهُ بِهِ فَأَصَابَهُ فَقَتَلَهُ، وَكَانَ طَالُوتُ قَدْ وَعَدَهُ إِنْ قَتَلَ جَالُوتَ أَنْ يُزَوِّجَهُ ابْنَتَهُ، وَيُشَاطِرَهُ نِعْمَتَهُ، وَيُشْرِكَهُ فِي أَمْرِهِ فَوَفَى لَهُ، ثُمَّ آلَ الْمُلْكُ إِلَى دَاوُدَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- مَعَ مَا مَنَحَهُ اللَّهُ بِهِ مِنَ النُّبُوَّةِ الْعَظِيمَةِ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ} [البقرة:251]  الَّذِي كَانَ بِيَدِ طَالُوتَ، {وَالْحِكْمَةَ} [البقرة:251] أَيِ: النُّبُوَّةُ بَعْدَ شَمْوِيلَ، {وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ} [البقرة:251] أَيْ: مِمَّا يَشَاءُ اللَّهُ مِنَ الْعِلْمِ الَّذِي اخْتَصَّ بِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".

اختصه به.

"أَيْ: مِمَّا يَشَاءُ اللَّهُ مِنَ الْعِلْمِ الَّذِي اخْتَصَّهُ بِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأرْضُ} [البقرة:251] أَيْ: لَوْلَاهُ يَدْفَعُ عَنْ قَوْمٍ بِآخَرِينَ، كَمَا دَفَعَ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمُقَاتَلَةِ طَالُوتَ وَشَجَاعَةِ دَاوُدَ لَهَلَكُوا كَمَا قَالَ: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا} الْآيَةَ [الْحَجِّ:40].

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنِي أَبُو حُمَيْدٍ الْحِمْصِيُّ أَحْمَدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قال: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ، عَنْ وَبَرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ اللَّهَ لَيَدْفَعُ بِالْمُسْلِمِ الصَالِحٍ عَنْ مِائَةِ أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ جِيرَانِهِ الْبَلَاءَ»، ثُمَّ قَرَأَ ابْنُ عُمَرَ: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأرْضُ} [البقرة:251]، وَهَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ، فَإِنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ هَذَا هُوَ ابن الْعَطَّارُ الْحِمْصِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا".

هو أبو زكريا العطار.

طالب: فإن يحيى هو زكريا؟

"فَإِنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ هَذَا هُوَ أَبُو زَكَرِيَّا العطار".

طالب: أبو زكريا؟

أبو زكريا العطار.

"فَإِنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ هَذَا هُوَ أَبُو زَكَرِيَّا الْعَطَّارُ الْحِمْصِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا.

ثُمَّ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو حُمَيْدٍ الْحِمْصِيُّ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قال: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ اللَّهَ لَيُصْلِحُ بِصَلَاحِ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ وَلَدَهُ وَوَلَدَ وَلَدِهِ وَأَهْلَ دُوَيْرَتِهِ وَدُوَيْرَاتٍ حَوْلَهُ، وَلَا يَزَالُونَ فِي حِفْظِ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- مَا دَامَ فِيهِمْ» وَهَذَا أَيْضًا غَرِيبٌ ضَعِيفٌ لِمَا تَقَدَّمَ أَيْضًا".

لضعف أبي زكريا العطار أبو حُميد يحيى بن سعيد.

طالب: ...........

يحيى بن سعيد ضعيفٌ جدًّا، ثم قالوا: "وَهَذَا أَيْضًا غَرِيبٌ ضَعِيفٌ لِمَا تَقَدَّمَ أَيْضًا" ما الذي تقدم؟

طالب: ...........

هو مداره في الطريقين عليه، هو الذي يروي عنه أبو حميد الحمصي.

"وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدَوَيْهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قال: حدَّثنا عَلِيُّ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ حَمَّادٍ، قال: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قال: أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قال: حَدَّثَنِي حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي أسماء، عن ثوبان -رفع الْحَدِيثَ- قَالَ: «لَا يَزَالُ فِيكُمْ سَبْعَةٌ بِهِمْ تُنْصَرُونَ وَبِهِمْ تُمْطَرُونَ وَبِهِمْ تُرْزَقُونَ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ».

وَقَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ أَيْضًا: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ يَزِيدَ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاذٍ نَهَارُ بْنُ معاذ بن عُثْمَانَ اللَّيْثِيُّ، قال: أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قال: أَخْبَرَنِي عُمَرُ الْبَزَّارُ، عَنْ عَنْبَسَةَ الْخَوَاصِّ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي قِلابة، عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «الْأَبْدَالُ فِي أُمَّتِي ثَلَاثُونَ بِهِمْ تَقُومُ الْأَرْضُ، وَبِهِمْ تُمْطَرُونَ وَبِهِمْ تُنْصَرُونَ» قَالَ قَتَادَةُ: إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ الْحَسَنُ مِنْهُمْ".

أحاديث الأبدال والأوتاد والأقطاب جاء في أحاديث كلها ضعيفة إن لم تكن موضوعة، إذًا نقل المُحشِّي عن ابن القيم في (المنار المنيف) أحاديث الأبدال والأقطاب والأغواث، والنقباء والنجباء والأوتاد، كلها باطلةٌ على رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وأقرب ما فيها «لا تسبُّوا أهلَ الشَّامِ فإنَّ فيهِمُ البدلاء كلما مات رجلٌ منهم أبدل الله مكانه رجلٌ آخر» ذكره أحمد، ولا يصح أيضًا، فإنه منقطع.

طالب: ...........

ينفع الله بدعائه، إن الله إذا رضي بارك وبركته تصل السابع من الولد هذه البركة بدعائه لنفسه ولمن حوله من ذريته وأهله.

طالب: ...........

ينتفع بذلك إذا كان على سَننه وعلى جادته، ما عنده شرك ولا عنده أمور مُخرجة عن الملة، {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور:21].

"وَقَوْلُهُ: {وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة:251]".

طالب: ...........

عندك؟ فيه كلام كثير؟

طالب:...

نعم؟

طالب: ...........

قضينا من قال قتادة، موجودة قال قتادة.

طالب: ...........

ضعيفان؟

طالب: ...........

لا يصح أم لا يثبت؟

طالب: ...........

كمِّل يا شيخ.

"وَقَوْلُهُ: {وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة:251] أَيْ: مَنٌّ عَلَيْهِمْ وَرَحْمَةٌ بِهِمْ، يَدْفَعُ عَنْهُمْ بِبَعْضِهِمْ بَعْضًا، وَلَهُ الْحُكْمُ وَالْحِكْمَةُ وَالْحُجَّةُ عَلَى خَلْقِهِ فِي جَمِيعِ أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ.

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} [البقرة:252] أَيْ: هَذِهِ آيَاتُ اللَّهِ الَّتِي قَصَصْنَاهَا عَلَيْكَ مِنْ أَمْرِ الَّذِينَ ذَكَرْنَاهُمْ بِالْحَقِّ أَيْ: بِالْوَاقِعِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ، الْمُطَابِقُ لِمَا بِأَيْدِي أَهْلِ الْكِتَابِ مِنَ الْحَقِّ الَّذِي يَعْلَمُهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ.

 {وَإِنَّكَ} [البقرة:252] يَا مُحَمَّدُ {لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} [البقرة:252] وَهَذَا توكيدٌ وتوطئةٌ للقسم".