كتاب التيمم (07)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هذا يقول: كتاب غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام ألفه في أربعين سنة، وفي هذا شحذ لهمم طالب العلم أو طلاب العلم، يقول طالب العلم: فهل من نبذة عن هذا الكتاب وطبعاته؟ وهل هو محقق؟ وهل حوى أحاديث كتب السُّنَّة؟

 الكتاب للإمام المحدث الفقيه اللغوي الثقة أبي عبيد القاسم بن سلام. وهو من ثقات أهل اللغة؛ لأنه يكثر فيهم الابتداع، وإن كان متفاوتًا من بعضهم إلى بعض، ويوجد منهم ثقات ومن أهل السُّنَّة كثير، لكن على رأسهم أبو عبيد. وهذا الكتاب مطبوع في أربعة مجلدات بالهند، وفيه عناية مقابلَة، تحقيق، ولا أعرف له غير هذه الطبعة، في هذا شحذٌ لهمم طلاب العلم من أي وجه؟ هو فيه تتبع واستقصاء، لكن من العلماء من ألَّف في عشرات المجلدات.

طالب:...

بدار الكتب، كانت الهيئة العامة للكتاب أخيرًا ممكن.

طالب:...

دار الكتب؟ على كل حال أنا الطبعات الحديثة المتأخرة لا عناية لي بها، إذا اقتنيت الأصل انتهيت. مع أنه قد يوجد في المتأخرات من العناية بالمقابلة والتصحيح؛ لأنهم قد يجدون نسخًا لم يطلع عليها من تقدمهم.

طالب:...

لا، تمشي. كتاب تاريخ ابن عساكر الذي يقع في ثمانين مجلدًا كبار يقول ابن خلكان في ترجمته: لو أن هذا الرجل يعني ابن عساكر منذ أن كُلِّف إلى أن مات ما رفع قلمه عن الورق لما استطاع أن يؤلف وأن يجمع مثل هذا الكتاب إلا بعناية إلهية. هذا في أربعة مجلدات، صحيح إنه كتاب جيد ونافع ومتميز بين كتب الغريب، لكنه لم يجمع كل شيء، فهل في هذا شحن لهمم طلاب العلم؟

 فهل من نبذة عن هذا الكتاب وطبعاته؟

 كتاب الفنون لابن عقيل قالوا: إنه يبلغ من ثلاثمائة إلى ثمانمائة مجلدة، ويقول ابن الجوزي: وقفت على الجزء السابع بعد الخمسمائة من كتاب الفنون لابن عقيل، وليست المسألة مسألة جمع وقص ولزق على ما يقولون، وكتابة ما هب ودب، يعني العمر مع الدأب وعدم الفتور قد يجمع لو أن طالب العلم يكتب عشر ورقات في اليوم، في السنة ثلاثة آلاف وخمسمائة ورقة يعني سبعة آلاف صفحة تُطبع في مجلدات كثيرة في السنة الواحدة، فكيف إذا عُمِّر! وأُعطي همة لا يفتر عن الجمع والتأليف!

 وأنا أعرف واحدًا من الشيوخ المعاصرين الموجودين، مُعَمَّرًا يناهز المائة، وكتب وألف مؤلفة من الأوراق في فنون متعددة، كتب ما يقرب من مائتي رحلة، وكتب في البلدان، وكتب في الطرائف، وكتب في كل تراجم الأئمة والعلماء، كتب أشياء مذهلة، ويقولون: إنه يكتب في يومياته من أكثر من سبعين سنة، من يستيقظ إلى أن ينام، هذا لو قيل له: تبلغ مؤلفاته خمسمائة مجلد، ستمائة ما هو بكثير يعني، يصير مع الوقت، شحذ الهمم إنما يكون بالتحري والدقة فيما يكتب، وعدم التراخي والكسل، وترك العلم والكتابة فيه، وليست العبرة بالكثرة، ليست العبرة بالكثرة.

طالب:...

لا لا، لو اطلعت تعرف كيف يعرف الروايات، الروايات تحتاج إلى شيء ما هو مجرد كتابة. الروايات روايات عن شيوخ البلدان كلهم.

طالب: ........

 لا لا لا، ما يجيء مثل هذا، لا لا، هذا كتاب واحد.

 على كل حال العلماء المتقدمون ضربوا لنا أمثلة يستفيد منها طالب العلم شحذ الهمة، وترغبه في الطلب، ترغبه وتشجعه على الدأب والصبر، والمواصلة في الليل والنهار.

 يقول: هل حوى أحاديث كتب السُّنَّة أو الستة؟

لا لا لا، ما حوى.

 ثانيًا: سعيد بن منصور هل كتابه اسمه سنن سعيد بن منصور أم مسند سعيد بن منصور؟ الأمر لا يختلف عند المتقدمين بين أن يسمى سننًا باعتباره مرتبًا على الأبواب، أو مسندًا؛ لأنه يروي الأحاديث بالأسانيد، وصحيح البخاري الصحيح المسند الجامع من سنن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأقواله وأفعاله، وأيامه، فهو مرتب على الأبواب ويسمى مسندًا، واختلفوا في سنن الدارمي فباعتبارها مؤلفة على الأبواب تسمى السنن، وعدَّ ابن الصلاح كتاب الدرامي مسندًا من المسانيد، ولما تكلم الحافظ العراقي تبعًا لابن الصلاح عن المسانيد قال: كمسند الطيالسي وأحمدًا، وعده يعني عدَّ ابن الصلاح للدارمي انتقدَ يعني ما هو مسند الدرامي؛ لأنه على الأبواب فالدارمي الموجودة الآن سنن، وله مسند أشار إليه الخطيب البغدادي في ترجمته. فكونه يسمى سنن سعيد أو مسند سعيد بن منصور ما فيه إشكال.

وهل هو مطبوع؟

طُبِع ربعه أظن الثاني قديمًا في الهند، ثمّ طبع على ربع آخر فطبع أخيرًا، والبقية مفقودة بقدر نصف الكتاب.

وما درجة أحاديثه؟

سعيد بن منصور كغيره من المتقدمين مثل عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، الذين يرون الأحاديث والآثار، ويروون المقاطيع والمراسيل، إضافة إلى المرفوعات.

 هل حديث: «من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم» صحيح أن ضعيف؟

بل ضعيف جدًّا، ضعيف جدًّا، يعني بهذا اللفظ، والاهتمام بأمر المسلمين أمرٌ مطلوب من المسلم؛ لأنه يدل على أنه منهم، والأمة كالجسد الواحد إذا اشتكى منها عضو تداعى منها سائر الأعضاء بالسهر والحمى. هذه واحدة.

يقول: يستعمل كثير من أهل الحديث كلمة رواية ودراية ما التفسير الصحيح لكل كلمة؟

الرواية معروفة، أنها رواية الأحاديث بالأسانيد تسمى رواية، والدراية فقه هذه الأحاديث، والنظر فيها من حيث الاصطلاح، وما أشبه ذلك مما يتعلق بها.

يقول: يسبق كثير من طلبة العلم أسئلتهم بدعاء أحسن الله إليكم فهل لهذا الدعاء أثر عند أحد من المتقدمين؟ وقد بحثتُ عنه ولم أجده، إلا أنني قد سمعته قبل سنوات من الشيخ ابن عثيمين في شرحه رحمه الله في شرحه على حلية طالب العلم للشيخ بكر أبو زيد- رحمهما الله جميعًا-.

هذا دعاء مطلق لا يتعبد به، بل لو قال بدل أحسن الله إليك مثلاً فإنها لا بأس بها كلمة تأدب مع الشيخ، وتقدمة بين يدي السؤال، لينشرح خاطر الشيخ، ويستقبل سؤالك، أحسن من الجفاء، ولو أبدلها بوفقك الله، إلى آخره وغيرها من الدعوات الطيبة النافعة، فهذا من الأدب. وإن وُجد فهل يصح استبداله بأي دعاء؟ لا بأس مما ينفع فالشيخ بحاجة إلى أن يُدعى له.

وهل تركه اختصارًا للسؤال أو لوقت الشيخ أحيانًا يُعَدّ سوء أدب؟

 يعني أحيانًا ما يضر، لا يضر تركه أحيانًا. لكن الإتيان به من باب الأدب مع الشيخ، وهذا مطلوب. مقروء الباب كله؟

طالب:...

حديث طويل جدًّا.

طالب:...

متى بدأنا بالبخاري؟

طالب:...

يوم قرأنا من الموطأ قبل؟

طالب:...

ثمانية وعشرين؟

طالب:...

نعم؟ القاسم بن سلّام، وقلنا في درس الأمس: إن كل ما جاء بهذا اللفظ كله بالتشديد إلا والد يوسف الصحابي والد عبد الله بن سلام؛ لأن يوسف ولد لعبد الله، عبد الله بن سلام الصحابي المعروف، كان يهوديًّا ثم أسلم، وأيضًا اختُلِفَ في شيخ البخاري محمد بن سلّام، فمنهم من يقول بالضم بالتشديد، ومنهم من يقول بالتخفيف.

 الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

يقول الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: حدثنا مسدد .. هذا تكلمنا فيه الدرس الماضي، قال: حدثني يحيى بن سعيد.

طالب:...

كم؟

طالب:...

ماذا تقولون؟

طالب:...

لا، أظن قبل هذا.

طالب:...

يعني الطبعة موجودة يوم بدأنا؟

طالب:...

لأن عهدي بها قريب.

 ما هي؟

طالب:...

نعم، لكن كأن الشرح ما هو من كتاب ولا من شيء.

طالب:...

لا، ما هي بأسابيع.

طالب:...

لا.

طالب:...

نعم، عندي أحضر أوراقًا محضرة وأقرأها وأعلق عليها مدة، ثم بعد ذلك ترجَّح عندنا أننا نحضر أربعة شروح، ونحضر منها، ورأينا أن هذا يعوق عن المشي، أخذنا مدة بعد ذلك، ليست بالقصيرة، ثم بعد ذلك انتقلنا واقتصرنا على فتح الباري يقرأ ويُعلق عليه. وما ندري المرحلة الرابعة ماذا تصير.

طالب:...

ستة عشر، اثنين، ثمانية وعشرين.

طالب:...

أنت واهم.

طالب:...

على الفتح يمكن، ممكن أن ترى أنا عندي قناعة أنه ثمانية وعشرون.

طالب:...

نعم، خلاص. بعد الموطأ على طول.

قال -رحمه الله-: حدثنا مسدد قال: حدثني يحيى بن سعيد، وهو القطان قال: حدثنا عوف، وهو ابن أبي جميلة الأعرابي قال: حدثنا أبو رجاء العطاردي، عن عمران بن حصين الصحابي الجليل، الذي كان يُسلَّم عليه في مرضه، تسلم عليه الملائكة عيانًا، فاكتوى فانقطع التسليم، علم لنفسك أنت. عمران بن حصين اكتوى فانقطع التسليم.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

فترك فعاد التسليم.

طالب:...

يستشهد، أنت تفعل أشد، الحجامة! مثله. ما بينها فرق.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

لكن انظر ماذا انقدح في ذهني يوم جاء الكي؟ كلها أسباب، وعلاج، واستطباب، على كل حال ترك فعاد التسليم. هل يمكن أن يؤخذ من هذا أن ما جاء في حديث السبعين الألف، إذا تركها من فعلها يمكن أن يدخل ضمن السبعين الألف؟

طالب:...

ماذا تقول أنت؟

طالب:...

فضل الله واسع، فضل الله واسع بلا شك. ترك يعني خلاص يوم أن رأى الأثر ندم على ما فات. ندم وتركه.

طالب:...

ماذا يقول؟

طالب:...

التوبة تكون بالندم مجرد ما يندم مثل ما يسمع هذا الحديث يقول: ليتني ما استرقيت والله المستعان.

طالب:...

نعم. يندم لفوات الوعد، يندم لفوات الوعد. قال: كنا في سفر، السفر إما من إيش؟

طالب:...

نعم، من خيبر، أو من..

طالب:...

نعم، مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، إنا أسرينا وأسرينا وسرينا بمعنىً واحد، وهو المشي أو السير في الليل، وفعل وأفعل تأتي في مواطن بمعنىً واحد. توجد كتب اسمها فعلت وأفعلت، لأبي للسراج وغيره.

طالب:...

وأبو حاتم السجستاني ما اسمه؟

طالب:...

ما اسم أبي حاتم؟

طالب:...

تعرفون؟

طالب:...

ما اسمه؟

ماذا؟

طالب:...

أبو حاتم السجستاني محمد بن حبان البُستي؟ اسمه سهل ما معنى سهل؟ يعني خفيف على اللسان.

طالب:...

واحد يخرجه، أظن اسمه سهل؛ لأن شخصًا كان يدرس اسمه محفوظ على اسم الكلوذاني، محفوظ بن أحمد الكلوذاني، ويدرس قال واحد من الطلاب: ما اسمك؟

طالب:...

لا، الحنظلي هذا أبو حاتم الرازي الله يصلحك!

قال: ما اسمك يا شيخ؟ نريد أن نسجل اسمك حتى.. قال: اسمي محفوظ لديكم. هو اسمه محفوظ، ثم سأل الطلاب كلهم ما اسمي؟ لا أحد أجاب. ما واحد أجاب لماذا؟ يعني سهل عليهم وكلهم يحفظون ويتداولونه.

طالب:...

الله يصلحك.

طالب:...

اسمه سهل.

"إنا أسرينا حتى إذا كنا في آخر الليل وقعنا وقعة"، وقعنا وقعة كيف وقعنا؟ نزلنا للنوم، لماذا قال: وقعنا وقعة؟ لأنه من تعب، من تعب، والإنسان إذا نزل من تعب يطيح، كأنه يقول: طحنا يقول: وقعنا وقعة، السقوط يسمى وقوعًا، "ولا وقعة أحلى عند المسافر منها"، الله المستعان، بصراحة التعبان إذا كان الفراش ما ألذه من نومة! الطنطاوي في مذكراته يقول: سافرت إلى أندونيسيا، وأخذنا مدة في الطائرة، وأظنه وقفت في عدة أماكن واستمرت الرحلة مدة طويلة، يقول: لما وصلنا أندونيسيا وإذا كرسي للانتظار في المطار، فجلستُ عليه، فنمتُ نومة لم أنمها في عمري كله، أخذ ما أدري كم ثماني ساعات أو ما أدري إيش، بعد التعب الطويل الذي حصله، مثل هذا وقعنا وقعة، نعم، ولا وقعة أحلى عند المسافر منها، وهذا كلنا جربناه إذا جاء الواحد من سفر في آخر الليل بعد هزيع من الليل يكون النوم له لذة، "فما أيقظنا إلا حر الشمس"، هذا النوم الذي حصل منه -عليه الصلاة والسلام- حتى خرج الوقت، وهو القدوة لو لم يحصل مثل هذا فما ظنكم بأهل التحري إذا فاتهم الوقت ماذا يفعلون؟

تتقطع قلوبهم، لكن ما دام القدوة حصل منه هذا يخف على قلوبهم، وليس معنى هذا أن من يعتاد النوم إلى طلوع الشمس ويقول: إن الرسول نام إلى أن طلعت الشمس، هذا يختلف، لأن بعض الناس نسأل الله العافية ما يهتم للصلاة، تجده لا يوقظ أو لا يستيقظ إلا للدوام بعد طلوع الشمس بساعتين مثلاً، ويقول: الرسول نام، ما أيقظه إلا حر الشمس. كون الشيء يحصل مرة بالعمر للتخفيف على من لديه تحرٍّ واحتياط وحرص مثل هذا للتشريع يقع، ولما ترتب عليه من أفعال يفعلها من وقع منه مثل هذا الفعل، «إنما أنسى لأسُن» -عليه الصلاة والسلام-.

 فما أيقظنا إلا حر الشمس، وكان أول من استيقظ فلانًا ثم فلانًا، كان أول من استيقظ فلان ثم فلان، ثم فلان، أول مضاف إلى من يصلح أن يكون اسم لكان، فهي تقول: وكان أول من استيقظ فلانًا ثم فلانًا ثم فلانًا، نظيره: «يوشك أن يكون خيرُ مال المسلم أو خيرَ مال المسلم غنمٌ أو غنمًا» مثله، وهذا تقدَّم.

 ثم فلان ثم فلان، يسميهم أبو رجاء العطاردي الراوي عن عمران، فنسي عوفٌ الأعرابي الراوي عنه نسي، هل يستطيع أحد أن يقف على أسمائهم؟ النسيان قديم، ما هو بجديد، اللهم إلا لو جاء من غير هذا الطريق، يُسمى فيه المبهم، ثم عمر بن الخطاب الرابع، "وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا نام لم يُوقَظ"، هيبة وعدم علم بما يحصل له في نومه، عله أن يوحى إليه أو شيء من هذا فيقطعون هذا الخير فيتركونه حتى يستيقظ، "وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا نام لم يُوقَظ حتى يكون هو يستيقظ"؛ لأنا لا ندري ما يحدث له في نومه -عليه الصلاة والسلام-.

فلما استيقظ عمر ورأى ما أصاب الناس، بين أمرين: يرون الوقت قد فات، والوقت من شروط الصلاة، والفوائت تقضى فورًا، والرسول -عليه الصلاة والسلام- قد نام وكان لا يوقظ، ورأى ما أصاب الناس وكان رجلاً جليدًا، فيه قوة، وبأس، عمر -رضي الله عنه-، فكبَّر ورفع صوته بالتكبير، ما أيقظه، ما أيقظ النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكنه رفع صوته بالتكبير، من أجل أن يستيقظ، فما زال يكبِّر ويرفع صوته بالتكبير حتى استيقظنا، حتى استيقظ بصوته النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلما استيقظ شكوا إليه الذي أصابهم، من تأخير الصلاة عن وقتها، وعدم الاستيقاظ إلى أن ارتفعت الشمس، قال: «لا ضير» يعني لا ضرر؛ لأن من نام رُفع عنه التكليف، «لا ضير، أو لا يضير» يعني لا ضرر أو لا يضر، شك من الراوي.

 فارتحل، فسار غير بعيد، فارتحل عن مكانه، والتعليل جاء في بعض الروايات أنه مكانٌ حضر فيه الشيطان، حضر فيه الشيطان، وعلى هذا لو نام الإنسان في بيته إلى أن طلعت الشمس هل نقول: اخرج من البيت؟ مكان حضر فيه الشيطان؟ أو على الأقل: اخرج من هذه الغرفة؟ أو نقول: ما ندري هذا كلام الرسول -عليه الصلاة والسلام- لم يعرف ما الذي حصل. بالوحي عرف أن الشيطان حضر، وهل كل مكان ينام فيه الإنسان عن الصلاة من غير قصد يكون الشيطان قد حضر؟ الرسول -عليه الصلاة والسلام- مؤيد بالوحي، وإلا لزم على ذلك أن كل من فاتته الصلاة انتقل، ثم متى يرجع، أو يهجر المكان بالكلية، هذه صحراء، سهل أنك تنتقل من مكان إلى مكان.

 التعليل جاء في بعض الروايات؛ لأن المكان حضر فيه الشيطان، والحنفية يقولون: انتقل من المكان حتى يخرج وقت النهي، حتى يخرج وقت النهي؛ لأنهم يرون النهي عن الصلوات في أوقات النهي يشمل الفرائض أيضًا، يشمل الفرائض، والجمهور لا، الفرائض ما تدخل في النهي عن الصلاة في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها، هم يرون أنه يشمل. ولكن الحنفية.. وكان فما أيقظنا إلا حر الشمس خرج الوقت أم ما خرج؟ خرج، انتهى وقت النهي، وقت النهي قد انتهى، فارتحل فسار غير بعيد ثم نزل، ثم نزل فدعا بالوضوء فتوضأ، ونودي بالصلاة فصلى بالناس، أذَّن، يعني إذا خرج الوقت يسقط الأذان؟ لا.

طالب:...

لا.

طالب:...

القضاء على، عند عامة، الجمهور.

طالب:...

لأنه حضر فيه الشيطان، حضر فيه الشيطان.

طالب:...

ثم نزل فدعا بالوضوء فتوضأ، ونودي بالصلاة فصلى الناس. صلى بهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد الأذان والإقامة صلى بهم، فلما انفتل من صلاته، يعني انصرف من جهة القبلة إلى المأمومين، إذا هو برجل معتزل لم يصلِّ مع القوم. إذا هو برجل معتزل لم يصلِّ مع القوم قال: «ما منعك يا فلان أن تصلي مع القوم؟» قال: أصابتني جنابة ولا ماء. أصابتني جنابة ولا ماء، يعني لا يوجد ماء، أو ولم أجد ماءً، ماذا عندك منصوبة؟ ماء؟

طالب:...

منصوبة؟ ماءً؟

طالب:...

يعني ولم أجد ماءً، قال: «عليك بالصعيد» عليك يعني الزم الصعيد، وتيمم بالصعيد، واقصد الصعيد، وهذا اسم فعل، اسم فعل، عليك بالصعيد فإنه يكفيك، التيمم بالصعيد طاهر يكفي المسلم الذي لم يجد الماء، والصعيد الطيب وضوء المسلم أو طهور المسلم ولو لم يجد الماء عشر سنين.

 يقول: «فإذا وجد الماء فليتق الله، وليمسه بشرته»، «عليك بالصعيد فإنه يكفيك» ثم سار النبي -صلى الله عليه وسلم-، فاشتكى إليه الناس من العطش، ما معهم ماء، فنزل فدعا فلانًا كان يسميه أبو رجاء نسيه عوف، الآن كل الرجال الذين مروا نسيهم عوف، فهل هذا قادح في حفظه؟ يعني ما حفظ ولا واحدًا من الذين مروا؟ هو يقول تركه عوف، نسيه.

طالب:...

نعم، هل يخلّ بحفظ عوف أنه نسي الأربعة كلهم أو الخمسة؟ أربعة، يعني ما حفظ ولا واحدًا من أصحاب القصة؟

طالب:...

نعم، لا يُهتَم بحفظه يعني ما له أثر في الحكم، فلا يهتَم بترديدهم وحفظهم، فيثبتون في الذاكرة؛ لأن العادة أن ما له أثر يحفَظ ويُضبَط، وقد تمَّ ذلك ولله الحمد، لكن ما هو مثل من قال: حدثني الأعمش عن فلان، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «خصلتان من فعلهما في يومٍ دخل الجنة» نسي الأعمش واحدة ونسيت الثانية. هذا له أثر.

طالب:...

السنة الراتبة التي يظهر أنه صلها.

طالب:...

نعم، صلاها. هو الراتبة تُترَك إذا خُشيَ فوت الجماعة أو فوت واجب، يعني ما هو أهم منها، أو فوت الوقت، ثم تقضى، فدعا فلانًا كان يسميه أبو رجاء نسيه عوف الأعرابي، ودعا عليًّا فقال: «اذهبا» اثنين، «اذهبا فابتغيا الماء» يعني ابحثا عن الماء، فانطلقا، فتلقيا امرأة بين مزادتين أو سطيحتين مزادتين أو سطيحتين، بمعنى واحد، المزادة الراوية أو القربة الكبيرة، والسطيحة كذلك، وسُميِّت القربة الكبيرة مزادة؛ لأنه يُزاد فيها من الجلد حتى تكون أكبر من القربة العادية، تكون مزادة، والسطيحة؛ لأنها تُسطَح ثم تُخاط.

طالب:...

لأن الشك يدل إما هذه أو هذه. مزادتين أو سطيحتين، فتقدير الرائي هل هما مزادتان أو سطيحتان؟ يعني يحصل منه التردد؛ لأنها هل تدخل في حيز المزادة التي زيد في الجلد شيء أقل مما يزاد في السطيحة أو لا، والخطب في ذلك سهل ما يترتب عليه شيء. أو سطيحتين من ماء على بعير، من ماء على بعير لها، فقالا لها: أين الماء؟ قالت: عهدي بالماء أمس، هذه الساعة. عهدي بالماء أمس هذه الساعة. يعني مثل هذا الوقت من أمس، منذ أربع وعشرين ساعة، تمشون أربعًا وعشرين ساعة حتى تجدوا الماء.

 ونفرُنا خلوفًا، يعني متخلفين في مكانهم أو متخلفين للبحث عن شيء، قالا لها: انطلقي إذًا، علي وفلان الذي معه قالا لها: انطلقي إذًا. قالت: إلى أين؟ لأنه هو الذي يستطيع أن يتصرف معها التصرف الشرعي، ما عندهم علم أو أمر أن يأخذوا منها من غير رضاها، انطلقي إذًا، قالت: إلى أين؟ قالا: إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قالت: الذي يقال له: الصابئ؟ الذي يقال له الصابئ؟ يعني من انتقل من دين إلى دين يسميه العرب صابئًا، والنبي -عليه الصلاة والسلام- إذا انتقل إلى هذا الدين الجديد بعد أن كان على ملة إبراهيم فقالوا: صبأ، وكل من دخل في الإسلام في أول الأمر يقال: صبأ؛ لأنه انتقل. وسيأتي في آخر الحديث قال أبو العالية: الصابئين وفي نسخة: الصابئون فرقة من أهل الكتاب يقرؤون الزبور، فرقة من أهل الكتاب يقرؤون الزبور، وهما أيضًا كما يقرر شيخ الإسلام صنفان كلٌّ منهما يقال له: الصابئة، صابئة تابعة لأهل الكتاب، ولهم أحكام أهل الكتاب، يقرؤون الزبور، والأخرى ...

طالب:...

كواكب، نعم. ومنهم أبو هلال الصابئ، تعرفونه؟ من الكتاب المشهورين، من الكتاب المشهورين أبو هلال الصابئ، وهو على دينهم على الكفر، نسأل الله العافية، وكان كاتبًا للخليفة، وكان يحفظ القرآن، ويصوم مع المسلمين، كما في وفيات الأعيان لابن خلكان. الخليفة بذل ما يستطيع من أجل أن يسلم فأبى، كان يحفظ القرآن، ويصوم مع المسلمين، نعوذ بالله من الخذلان، وكان له غلامٌ يخدمه، عبد وكبير في السن بعد ما هو بغلام صغير، شديد السواد، وكان يعشقه عشقًا يصل إلى حد الجنون، وفي أشعاره يتمنى أن يكون خالاً في خده، نعوذ بالله من الخذلان. نعوذ بالله، ولا تزوج ولا شيء، ما عنده إلا هذا الغلام. ولا أسلم، يصوم مع المسلمين، ويختم القرآن يحفظ القرآن ويختمه، وعند الأدباء؛ لأنه يعينهم في أدبهم، وفي كتاباتهم، وفي حسن التصور، ولو لم يكونوا من أهل الاستقامة، ولو لم يكونوا من أهل الديانة، مثل هذا يعتنون بالقرآن، ويحفظون قدرًا كافيًا من الأحاديث؛ من أجل أن ينوروا كتاباتهم، وذكر صاحب المثل السائر أنه يحفظ القرآن وخمسمائة حديث يردِّدها كما يردد القرآن، يستفيد منها في كتاباته، الكتابة التي فيها نصّ تختلف عن الكتابة الجوفاء. المثل السائر لمن؟

طالب: .......

من عبد الله؟ ابن أحمد؟

طالب: ......

ما أدري عنك، ماذا جاء بعبد الله هذا؟

طالب:...

عبد الله اللاحم؟

طالب:...

لا، لا، تقول: لقيته. لا تقل: لقيت واحدًا، لا تستعجل. المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر الردود عليه الفلك الدائر على المثل السائر، وأيضًا نصرة الثائر على صاحب المثل السائر، كله هو؟

طالب:...

المقصود أنهم ذكروا في ترجمته أشياء، وأنه انتقل من خليفة إلى خليفة، للكتابة، كتاب هؤلاء وهو من كبارهم من هو؟ عز الدين بن الأثير؟ أحد الفرسان الثلاثة، أبناء الأثير ثلاثة.

طالب:...

ابن الأثير أبو السعادات صاحب النهاية نعم، وفيه المؤرخ صاحب الكامل، ثلاثة، أديب ومؤرخ ومحدث.

وانتقل بين عدة خلفاء، ذكروا في ترجمته، وأنه لا ينتقل إلى خليفة إلا ويورث فتنة، نسأل الله العافية. وانتقل من العراق، طُرِد من العراق، حُكِم عليه بالقتل، وانتقل من العراق إلى مصر، ثم أعيد من مصر في صندوق؛ لأنه مطلوب.

طالب:...

أنت ما عليك منه، أنت الذي تقوله. قلت لك عبد الله نعم قلت: لقيته.

طالب:...

طرائف في تراجم المؤرخين والأدباء والفقهاء، كتب التراجم مملوءة مشحونة بالفوائد، منها ما هو من متين العلم، كتب طبقات الفقهاء على المذاهب، تجد فيها اختيارات هؤلاء العلماء من المسائل الفقهية، تراجم المحدثين فيها العجائب، تراجم المؤرخين كذلك، تراجم الأدباء واللغويين، كتب التراجم مشحونة بالعلم مملوءة، وإن كانت ليست مظنة، لكنها مليئة بالعلم. ما الذي جاء بنا لهذا؟

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

هو الخامس.

طالب:...

بيدنا على الحديث كله؟

طالب:...

كيف؟

لا لا شرحه ولا أشار.

طالب:...

لا ما أنت ببادئ، أنا أكمل التعليق أم لا؟

طالب:...

كمِّل؟

طالب:...

حكايات.

طالب:...

نعم، الطرائف الطرائف الأدبية والتاريخية وما هو من مُلَح العلم لا من متينه يشجع بلا شك. ولا هو بضياع وقت إن شاء الله؛ لأنه مما يعين. وإلا لو أنه من متين العلم ما قالوا: كمِّل.

طالب:...

قالت: الذي يقال له الصابئ؟ قالا: هو الذي تعنين فانطلقي! فجاءا بها إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وحدثاه الحديث. كمِّل نحن هنا من ساعة.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

عجيب والله! فجاءا بها إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وحدثاه الحديث، يعني أخبراه بما حصل، فقال: «استنزلوها عن بعيرها» قال: فاستنزلوها عن بعيرها، فاستنزلوها عن بعيرها، ودعا النبي -صلى الله عليه وسلم- بإناءٍ ففرَّغ فيه من أفواه المزادتين، صبّ في هذا الإناء من أفواه المزادتين أو السطيحتين، فرّغ من المزادتين بغير إذنها؛ أولاً: لعلمه -عليه الصلاة والسلام- أن الماء لن ينقص، فلا ضرر عليها. الأمر الثاني: أنها حربية.

 أو السطيحتين وأوكآ أفواههما، ربط أفواه المزادتين أو السطيحتين، وأطلق العزالى، وأطلق العزالى أو العزالي جمع عزلاء، وهو الفم الذي يوجد في القربة من الأسفل، القِرَب لها فتحتان، وأطلق العزالي والعزالى يجوز بالفعالِي والفعالى، جمعا ما كصحراء يعني صحارى وصحاري، عزالي عزالى، فتاوي فتاوى.

 ونودي في الناس: استقوا، ونودي في الناس: اسقوا واستقوا. فسقى من شاء واستقى من شاء. ما الفرق بين اسقوا واستقوا؟ يعني اشربوا استقوا، وأشرِبوا دوابكم، أو أشربوا غيركم، المقصود أنه السقي للنفس والاستقاء لغيره، فسقى من شاء واستقى من شاء، وكان آخر ذاك، كان آخر ذاك أن أعطى الذي أصابته الجنابة إناءً من ماء، فقال: «اذهب فأفرغه عليك»، «اذهب فأفرغه عليك»، هذا دليل على أن التيمم يرفع رفعًا مؤقتًا؛ لأنه تيمم وانتهى، ولو كان يرفع رفعًا مطلقًا ما قال: اذهب فأفرغه عليك، وهي قائمة تنظر إلى ما يُفعَل بمائها، وايم الله لقد أقلع عنها وإنه ليخيل إلينا أنها أشد ملاةً أو ملأة منها حين ابتدأ فيها. أكثر مما كان. تنظر إلى ما يفعل بمائها، تخشى أن ينتهي، فئام الموجودون.

 وايم الله هذا قسم، يقولون: إن أصله أيمن جمع يمين، يمين الله وإذا جمع صار أيمن، وكثر استعماله فحذفت النون، وايم الله لقد أقلع عنها، تُركت وتُرِك ماؤها وإنه ليخيل إلينا أنها أشد ملأة منها حين ابتدأ فيها، يعني أكثر مما كان، وهذا من معجزاته -عليه الصلاة والسلام-، وقد نبع الماء من بين أصابعه -عليه الصلاة والسلام-، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «اجمعوا لها» أعطوها مما عندكم، فجمعوا لها من بين عجوة يعني من التمر، ودقيقة شيء من الطحين الدقيق، وسويقة: الدقيق السويق.

طالب:...

معجون نعم، مبلول ومعجون، وسَويقة وبعض الروايات بالتصغير نعم. حتى جمعوا لها طعامًا فجعلوها في ثوبٍ وحملوها على بعيرها، ووضع الثوب بين يديها، قال لها: «تعلمين ما رزئنا» يعني ما نقصنا، «من مائك شيئًا، ولكن الله هو الذي سقانا» ولكن الله هو الذي سقانا، ما خسرت شيئًا، كسبت الطعام، فأتت أهلها، وقد احتبست عنهم يعني تأخرت عليهم، قالوا: ما حبسك يا فلانة؟ ما حبسك يا فلانة؟ قالت: العجب! شيء ما يخطر على البال، من شخص عادي ما يمكن أن يصير، قالت: العجب! لقيني رجلان فذهبا بي إلى هذا الذي يقال له الصابي، ففعل كذا وكذا، مما مرّ في القصة، فوالله إنه لأسحرُ، إنه لأسحرُ الناس من بين هذه وهذه، وأشارت بإصبعيها الوسطى والسبابة فرفعتهما إلى السماء إلى الأرض تعني أسحر ما بين السماء والأرض.

 فوالله إنه لأسحر الناس من بين هذه وهذه، وقالت بأصبعيها الوسطى والسبابة، فرفعتهما إلى السماء والأرض، أو إنه لرسول الله حقًّا. إن كان كاذب فهو أسحر الناس، وإن كان صادقًا فهو رسول الله حقًّا، أو إنه لرسول الله حقًّا، فكان المسلمون بعد ذلك يغيرون على من حولها من المشركين، يعني حفظوا لها هذا المعروف الذي حلّ الإشكال بسببها وبسبب مائها فحفظوا لها هذا، والمسلمون أهل وفاء، ودين الإسلام دين الوفاء، يغيرون على من حولها من المشركين ولا يصيبون الصرم الذي هي منه، الجماعة الذي هي منه، فقالت يومًا لقومها: ما أرى أن هؤلاء القوم يدعونكم عمدًا، ما أرى أن هؤلاء يدعونكم عمدًا، فهل لكم في الإسلام؟ فأطاعوها فدخلوا في الإسلام. الحمد لله.

قال أبو عبد الله: صبأ خرج من دين إلى دين، أبو عبد الله هو البخاري، وقال أبو العالية ما اسمه؟ رُفَيع بن مهران الرياحي، رُفَيع بن مهران الرياحي: الصابئين، وفي نسخة الصابئون فرقة من أهل الكتاب يقرؤون الزبور. والله أعلم.

 وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.