عمدة الأحكام - كتاب الطلاق (1)

قال -رحمه الله تعالى-:

عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه طلق امرأة له وهي حائض، فذكر ذلك عمر لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتغيض منه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم قال: ((ليراجعها، ثم يمسكها حتى تطهر، ثم تحيض فتطهر، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها قبل أن يمسها فتلك العدة كما أمر الله –عز وجل-)).

وفي لفظ: ((حتى تحيض حيضة مستقبلة سوى حيضتها التي طلقها فيها)).

وفي لفظ: "فحسبت من طلاقها وراجعها عبد الله كما أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".

الطلاق: من الإطلاق والإرسال وحل القيد، يعني إذا كانت الدابة موثقة فإطلاقها حل قيدها، والمرأة موثقة في حبال الزوج، موثقة في حبال الزوجية، وهي عوانة عند الزوج، عانية عنده، كما جاء في الحديث الصحيح، كأنها مأسورة، لكن مأسورة لمصلحته هو فقط أو لمصلحة الطرفين؟ لمصلحة الطرفين، وفائدتها من زوجها لا تقل عن فائدته منها، يعني امرأة تجلس في بيت مكرمة معززة هذا الأصل، هي ليست مهانة، يكد الرجل ويكدح طول نهاره من أجلها، ويقضي حوائجها، ويكفيها المؤنة، لا شك أن هذا له مقابل، يحتاج إلى مقابل، فهي عانية عنده، أسيرة عنده، وليست مهانة، ليس معنى هذا أنه أسر هوان، لا، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إنه ليس بك هوان على أهلك)) فالمرأة ليست مهانة بحال، لكن المرأة في هذا الأسر، وفي هذا القيد الذي هو قيد الزوجية إذا رُئي أن هذا القيد لا يناسبها، وتضررت من هذا القيد الذي قيدت به شرعاً فلا نتصور من هذا الكلام أنه يجاب بحبال وتربط، لا، نعم، وإن قال بعضهم: فاهجروهن تربط بالحبل مثلما ما تهجر الدابة بالهجر لا لا هذا قول ضعيف جداً، لكن يبقى أن هذا القيد معنوي ما هو بقيد حسي، وكل مسلم مقيد بالعبودية لله -جل وعلا-، هل معنى هذا أن الناس مربطين ومكتفين بأيديهم وأرجلهم؟ لا لا، بل هو معززون مكرمون بشرف العبودية لله -جل وعلا-، وهم أحرار من عبادة المخلوق، والمرأة إذا كان هناك قيد للنكاح وهناك تكاليف منوطة بحقوق الزوج فهناك أيضاً قيود بالنسبة للرجال، وتكاليف وحقوق تجب للمرأة عليهم، طيب إذا كان هذا القيد فيه شد على المرأة أكثر من اللازم، نتصور المعنوي حسي، يحل هذا القيد، يعني جاء الشرع بحله، كيف يحل؟ بأي شيء؟ بالطلاق، وليس عندنا -ولله الحمد- آصار ولا أغلال، وليس عندنا ما عند الأمم الأخرى، تزوجت فلان انتهت، ليس لها كلام، لا إحنا عندنا حلول شرعية، فإذا كانت المصالح المترتبة على النكاح أقل من المفاسد المترتبة عليه عندنا حل وهو الطلاق، حل هذا القيد بالطلاق، والأصل في مشروعيته الكتاب والسنة والإجماع، فقد يجب الطلاق أحياناً، إذا تضررت المرأة وجب على الزوج أن يطلق، ومن غير حاجة لا يجوز للمرأة أن تسأل الطلاق، إذا وجدت الحاجة لكن من غير ضرر سجال، يعني قد ترتفع الحاجة فيقال: بالجواز، قد تنزل الحاجة فتكون حاجة لا أثر لها في الواقع، فيكره حينئذٍ؛ لأن الأصل في الشرع الحث على الاجتماع والالتئام والانسجام، واستمرار هذه المودة وهذه الرحمة، هذا الأصل، لكن إذا كان البقاء على هذا الأصل فيه ضرر على أحد الطرفين جعل الله -جل وعلا- الفرج بالطلاق، فإن كان المتضرر الزوج، نعم، يعني بقاؤه مع هذه المرأة ليس من مصلحته له أن يطلق، وإذا كانت المتضررة المرأة وبقاؤها مع هذا الزوج ليس من مصلحتها لها أن تخالع لكن بسببها.

"عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه طلق امرأته وهي حائض" وجاء في حديث له أن أباه أمره بالطلاق، ذكر ذلك للنبي -عليه الصلاة والسلام- في قصة أخرى فقال له: ((أطع أباك)) فهل للأب أن يجبر أبنه على طلاق امرأته؟ وهل له أن يجبره على الزواج من فلانة أو علانة؟ وليس على الابن أن يطيع لأن الطاعة بالمعروف، نعم إذا كان الأب من الخبرة والمعرفة والدربة بخفايا الأمور وبواطنها مثل ما عند عمر بن الخطاب والابن قد يخفى عليه بعض الشيء، يتجه طاعة الأب، أما إذا كانت الأمور عادية، والأب أراد أن يطلق الابن زوجته، والابن تعلق بهذه المرأة وليس عليها ما يلاحظ، فالطاعة بالمعروف، كما أنه ليس له أن يجبره على أكل معين أو شرب معين، نعم الطاعة بالمعروف لكن الأصل البر، والإلزام بالمعروف.

"طلق امرأته وهي حائض" يعني حال الحيض وطلاق الحائض لا يجوز، بدعة، ولذا أمره النبي -عليه الصلاة والسلام-..، أولاً تغيض النبي -عليه الصلاة والسلام-، ذكر ذلك عمر للنبي -عليه الصلاة والسلام- فتغيظ منه، تغيظ لأنه أوقعه على غير الوجه الشرعي، طلاق بدعي ليس عليه أمر النبي -عليه الصلاة والسلام-، ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) فالطلاق في الحيض محرم، ولذا تغيظ منه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم قال: ((ليراجعها)) وفي راوية: ((مره فليراجعها)) مسألة الأمر بالأمر بالشيء هل هو أمر به؟ مسألة خلافية طويلة الخلاف عند أهل العلم، وهنا هل ابن عمر ملزم بما بلغه عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بواسطة أبيه؟ نعم ملزم، (مره) فهذا أمر بالأمر بالشيء؛ لأنه مكلف يتجه إليه الإلزام، لكن ((مروا أولادكم بالصلاة لسبع)) هل الأمر بهذا الأمر على سبيل الإلزام؟ هم غير مكلفين، إنما هو أمر استحباب، الأمر متجه للأولياء، يجب عليهم أن يأمروا أولادهم، لكن الأولاد أمره بذلك على سبيل الاستحباب؛ لأنهم غير مكلفين.

((ليراجعها)) والرجعة إنما تكون بعد الطلاق، الرجعة إنما تكون بعد الطلاق ((ثم يمسكها حتى تطهر، ثم تحيض فتطهر)) قد يقول قائل: لماذا كل هذا التطويل؟ مو بالمقصود أن تطلق في طهر لم يجامعها فيه، هي الآن حائض طلقها راجعها، ثم طهرت ولم يجامعها في هذا الطهر، وش المانع أن يطلقها في هذا الطهر؟ يقول أهل العلم: لئلا يكون إمساكها من أجل الطلاق، ومعاقبة له بنقيض قصده حيث أوقع الطلاق قبل وقته، فيأمر بالتريث أكثر من اللازم، ومنهم من يقول: لأجل أن تترك له فرصة لعله أن يعيد النظر، لعله يطأ بعد ذلك، ثم قال: ((مره فليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر، ثم تحيض فتطهر)) يعني تطويل المدة هنا ليس القصد منه الإضرار بالزوجة، إنما القصد منه عله أن يطأ، عله أن يرغب عما أقدم عليه، كتب بعض المعلقون على الكتب، ويجرءون على تحقيق الكتب من غير أهلية، فقال: كان هذا الأمر لما كانت العدة قبل الطلاق، في عدة قبل الطلاق؟ فهي تعتد الآن بحيث أنه إذا طلقها في الطهر الثالث تصير انتهت العدة، والله المستعان.

((فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها قبل أن يمسها)) ليكون طلاقها سنياً في طهر لم يجامعها فيه ((فتلك العدة كما أمر الله -عز  وجل-)) {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [(1) سورة الطلاق] فتلك العدة كما أمر الله -عز  وجل-.

وعن فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب، وفي رواية: طلقها ثلاثاً فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته، فقال: والله ما لك علينا من شيء، فجاءت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكرت ذلك له، فقال: ((ليس لك عليه نفقة)) وفي لفظ: ((ولا سكنى)) فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك ثم قال: ((تلك امرأة يغشاها أصحابي، اعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك، فإذا حللت فآذنيني)) قالت: فلما حللت ذكرت له أن معاوية ابن أبي سفيان وأبا جهم خطباني، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، أنكي أسامة بن زيد)) فكرهته، ثم قال: ((أنكحي أسامة بن زيد)) فنكحته، فجعل الله فيه خيراً، واغتبطت به.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن فاطمة بنت قيس -قرشية فهرية -رضي الله عنها- أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب" في رواية: طلقها ثلاثاً، وطلاق الثلاث طلاق ليس عليه أمر الله ورسوله فهو مبتدع، ولذا يقول أهل العلم: ثلاثاً يعني تكملة ثلاث، يعني طلقها ثلاث مرات، ليست في لفظ واحد كما يوحي بذلك النص، البتة التكملة، يعني بت طلاقها بإيقاع الثالثة المبينة، وفي رواية: طلقها ثلاثاً فأرسل إليها وكليه بشعير، أرسل إليها بشعير، نفقة شعير، والشعير عند الناس دون غيره من الأطعمة، كما يقولون: إن الشعير مأكول مذموم، إذا أرادوا أن يشبهوا شخصاً بعظم نفعه وعدم اعتراف الناس له، يقولون: فلان مثل الشعير مأكول مذموم، غذاء نافع، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يأكل خبز الشعير "فسخطته" المسألة مسألة جدة وقلة، قد يكون العسل مذموم عند بعض الناس، قد يكون أطايب الطعام مذموم عند الناس، وقد يكون أردئ الأطعمة محمودة عند بعض الناس، المسألة مسألة نسبية.

"فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته" من باب النفقة عليها "فقال: والله ما لك علينا من شيء" خلاص أنت لست بزوجة، يعني إذا كانت الرجعية في حكم الزوجة ترث وتورث في العدة، نعم، وله أن يراجعها ويمسكها، ولا يجوز إخراجها من بيته إلا أن تأتي بفاحشة، فالمرأة المبتوتة إلى متى؟ خلص انتهت العلائق، "قال: والله ما لك علينا من شيء" أقسم على النفي وأكده بـ(من) فجاءت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكرت ذلك له، هذا الحاصل، أرسل شعير وأنا لا أريد الشعير ثم أقسم، وهي تريد النفقة والسكنى {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ} [(6) سورة الطلاق].

"فذكرت ذلك له، فقال: ((ليس لك عليه نفقة)) وفي لفظ: ((ولا سكنى)) فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك" مأمور بالنفقة، ومأمور بالسكنى للمطلقة عموماً، خصت البائن بهذا الحديث، البائن خصت بهذا الحديث، جاء الأمر بالنفقة، وجاء الأمر بالسكنى أيضاً، لكن البائن خصت بهذا الحديث، فلا نفقة لها ولا سكنى، لكن إن كانت البائن حاملاً، إن كانت حامل، نعم.

طالب:.......

{وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [(6) سورة الطلاق] "فأنفقوا عليهن" النفقة لها أو للحمل؟ لها وإلا للحمل؟ ما تذكرون عبارة الزاد؟ الزاد يقول: والنفقة للحمل نفسه لا لها من أجله، ما بعد ولد الآن، الآن حمل في بطنها، يقول: النفقة للحمل نفسه لا لها من أجله، كيف الحمل نفسه ويش اللي يجاب للحمل إذا كان ليس لها؟ العبارة سهلة وواضحة وإلا صعبة؟ اللي يفهم من ظاهر العبارة أنه يؤتى بالآت تغذي الحمل في جوفها ولا لها علاقة؛ لأنه وش يقول؟ "والنفقة للحمل نفسه لا لها من أجله" لا لها، وش لها؟ سبحان الله، يقول: "لا لها من أجله" يعني ليست النفقة لها من أجل الحمل، لا، والنفقة للحمل نفسه لا لها من أجله، نعم، نعم؟

طالب:.......

على كل حال ذكروا فوائد مرتبة على هذه العبارة، ولا بد من مراجعة، تراجعوها؛ لأن الحديث طويل، وعندنا باب العدة إن أمدانا عليه، لكن باب العدة أربعة أحاديث.

"وفي لفظ: ((ولا سكنى)) فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك" أم شريك هذه امرأة من القواعد لا حاجة لها بالرجال "ثم قال: ((تلك امرأة يغشاها أصحابي))" وهي امرأة صالحة، وليست لها حاجة بالرجال، وليس في هذا مستمسك لمن يقول: بأن الرجل يدخل على المرأة، والمرأة تدخل على الرجال، أبداً، إذا وجد امرأة في مواصفاتها لا يلتفت إليها الرجال، وهي امرأة صالحة، ولم يحصل خلوة بذلك الأمر فيه سعة ((امرأة يغشاها أصحابي)) اعتدي عند...؛ لأنه إذا كان يغشاها الرجال وهذه معتدة..، شوف لما كان الأمر يخشى من الفتنة، يعني مع أمن الفتنة لهذه العجوز كبيرة السن أم شريك يغشاها أصحابي، لكن لما وجد مجال للفتنة، وصارت المرأة هذه المطلقة مثار فتنة لا يجوز أن تبقى في هذا البيت؛ لأن هذا البيت يغشاه الرجال، لكن بعض المفتونين يبي يأخذ: هذه امرأة يغشاها الرجال، ولا ينظر إلى المسألة التي من أجلها سيق هذا الكلام، وأن المرأة المطلقة لا يجوز أن تبقى في بيت يغشاه الرجال، طيب ((اعتدي عند ابن أم مكتوم، فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك فإذا حللت فآذنني)) رجل أعمى لا يرى، أولاً: مسألة وضع الثوب في غير البيت، وضع المرأة ثوبها في غير بيتها جاء الوعيد عليه، لكن هذا مقرون بالفتنة، وإلا قد تضطر المرأة أن تضعه في غير بيتها، قد يكون ضرورة، في بيت أخيها واحتلمت وين تضع ثيابها بعد؟ نقول: يلزمك أن  تذهبي إلى بيتك وتضعين ثيابك؟ أو كانت مسافرة؟ المسألة يعني تقدر بقدرها، والوعيد إنما جاء ليحد من تساهل بعض الناس، أما إذا قامت الضرورة إلى وضع الثياب مع أمن الفتنة فلا بأس جاءت الأدلة بهذا.

((تضعين ثيابك فإذا حللت فآذنني)) طيب هو رجل أعمى، لكن هي تبصر، وغض البصر كما هو مطلوب من الرجال هو مطلوب من النساء، لا يجوز للرجل أن ينظر إلى امرأة أو إلى نساء بحال، كما أنه لا يجوز للمرأة أن تحدد في الرجال أو رجل بعينه؛ لأن أمر النساء مثل أمر الرجال بنص القرآن {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [(30) سورة النــور] {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [(31) سورة النــور] على حد سواء، هذا الرجل الأعمى في مثل هذا الظرف امرأة مطلقة، وليس لها من تأوي إليه من أقارب ومعارف،....... عينه هذا لا يجوز؛ لأنها مأمورة بغض البصر، وهذه المشكلة الآن بإمكانها أن تنظر للرجال وهي في بيتها في مخدعها من خلال هذه الوسائل، لكن لا يجوز لها أن تنظر إلى وجوه الرجال وتحدد فيهم، نعم تنظر للرجال وهم منصرفون ذاهبون أتون، ولا تحدد في رجل بعينه؛ لأنها مأمورة بغض البصر، ولو كان في آلة؛ لأن النظر قد يقول قائل: إذا كان على الطبيعة يمكن يحصل بينهم شيء، لكن آلة وش تبي تسوي؟ إذا أنقدح في ذهنها أو وقع في قلبها النظر إلى الرجال أو إلى رجل بعينه مشكلة هذه، تتحرك لديها الرغبة، تتحرك الشهوة، تسعى فيما بعد، هذه أمور خطيرة جداً.

"فإذا حللت فآذنني" يعني فأعلميني "قالت: فلما حللت ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان" الصحابي الجليل كاتب الوحي الذي تولى الخلافة بعد علي بن أبي طالب -رضي الله عن الجميع- "وأبا جهم خطباني" أبا جهم هو صاحب الإنبجانية، وليس هو أبو جهيم راوي حديث التيمم "خطباني، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أما أبو جهم))" هذه نصيحة ((أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه)) وهذه كناية إما عن كثرة الأسفار، يعني صاحب أسفار كثيرة، والغالب أن المسافر يضع العصا على عاتقه لما قد يعترضه في سفره، يتقي به ما يعترض، أو لأنه كما جاء في بعض الروايات ضراب للنساء، فمثل هذا ما ينصح به، بل يحذر منه، والمجال مجال نصيحة.

((أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه)) استمرار العصا على العاتق أو نقول:...... مبالغة؟ مبالغة؛ لأنه يضع العصا إذا أراد أن ينام، وإذا أراد أن يصلي، وإذا أراد أن يأكل، وبمثل هذه المبالغة بل بهذه المبالغة جاء النص، والمبالغة لا شك أن فيها ما يخالف.......... ما يخالف الواقع حده؟ يعني داخل في حد الكذب، لكن مثل هذه المبالغة التي جاء بها الشرع لا تدخل في حد الكذب الممنوع، وقل مثل هذا في المناظرات، يعني إذا ترجحت المصلحة على.......... الإكثار، جانبية مغمورة في بحار المصلحة، المناظرات مثلاً شخص واحد يعقد مناظرة بين طرفين، هو صادق وإلا كاذب؟ يعني هل حصلت هذه المناظرة؟ ما حصلت، يعقد مناظرة بين العلوم، قال علم التفسير، قال علم الحديث، وهذا ما حصل، عندنا المبالغات والمناظرات والمقامات، حدث الحارث بن همام قال، ما حَدث ولا حُدث، لكن ترتب عليها مصالح كبيرة، هذه أجازها أهل العلم للمصالح المترتبة عليها، وإن كانت خلاف الواقع، وداخلة في حد الكذب، لكنه من الكذب.......... الذي عليه المصلحة، وجاء من النصوص ما يدل على جوازه للمصلحة الراجحة.

((أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له)) أكبر خليفة عرفته الدنيا صعلوك لا مال له، هذا في وقته صعلوك ما عنده مال، والمقصود بالمال ما يتمول، وتشترى به البضائع والأموال وإلا عندهم ما يسمى مال، عنده ثوب، أقل الأحوال الثوب الذي عليه مال، لكن المراد بذلك القدر الزائد على هذا، والمال مطلوب في النكاح، شخص لا يملك شيء يريد...، مأمور بالاستعفاف، وهذه نصيحة من النبي -عليه الصلاة والسلام- لهذه المرأة.

((لا مال له، انكحي أسامة بن زيد)) حب النبي -عليه الصلاة والسلام- وابن حبه ((انكحي أسامة بن زيد)) فكرهته.......، مولى كرهته، والكفاءة في النسب غير مطلوبة في النكاح بدليل هذا الحديث ((انكحي أسامة بن زيد)) معروف أنه مولى بن مولى وهذه قرشية، فيجوز نكاح القرشية للمولى، والكفاءة إنما هي في الدين، ولذا ترجم الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: باب الأكفاء في الدين، وأورد فيه حديث ضباعة بنت الزبير، أخرجه البخاري في هذا الباب، وجزم أكثر من شخص، بل من العلماء من جزم بأن البخاري لم يخرج حديث ضباعة "إني أريد الحج وأجدني شاكية، فقال: ((حجي واشترطي، فإن لك على ربك ما استثنيت))" يبحثون في كتاب الحج ما في، كتاب الإحصار ما فيه، وين يوجد هذا الحديث؟ في النكاح، باب الأكفاء في الدين، طيب إيش علاقة الحديث؟ لأن في آخره: "وكانت تحت المقداد" المقداد مولى، وهي ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب بنت عم الرسول -عليه الصلاة والسلام-، ولذا ترجم الإمام البخاري -رحمه الله- باب الأكفاء في الدين، وهنا هذه القرشية أمرت بأن تنكح أسامة مولى ابن مولى.

"تقول: فنكحته فجعل الله لي خيراً، واغتبطت به" حمدت العاقبة؛ لأنها قبلت المشورة النبوية.

يعني نقف على باب العدة.

 

والله أعلم، وصلى الله على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .