التعليق على تفسير القرطبي - سورة المعارج (01)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، قال الإمام القرطبي -رحمه الله تعالى-:

سورة المعارج، وهي مكية باتفاق، وهي أربع وأربعون آية. قوله تعالى:           المعارج: ١  قرأ نافع وابن عامر: سال سايل بغير همزة، والباقون بالهمز، فمن همز فهو من السؤال، والياء يجوز أن تكون زائدة، ويجوز أن تكون بمعنى عن، والسؤال.."

والباء ويجوز..

الباء أو الياء.

الباء بعذاب.

" والباء يجوز أن تكون زائدة، ويجوز أن تكون بمعنى عن، والسؤال.."

يعني إذا قلنا زائدة كان التقدير: سأل سائل عذابًا واقعًا يعني سألوه وطلبوه من الله -جل وعلا-            الأنفال: ٣٢  هذا العذاب، نسأل الله العافية.

" والسؤال بمعنى الدعاء أي دعا داعٍ بعذاب، عن ابن عباس وغيره يقال: دعا على فلان بالويل، ودعا عليه بالعذاب، ويقال: دعوت زيدًا أي التمست إحضاره أي.."

أي التمست حضوره، دعوت زيدًا معناه: ناديته، معنى دعوت هنا التمست حضوره، هذا إذا كان مساويًا له، إن كان زيد في بمنزلته ليس أحدهما أعلى من الآخر، فإن كان الداعي أعلى فهو أمر؛ لأنه إذا دعاه يأمره بالحضور كما يدعو الرجل ولده أو خادمه، فإن هذا أمر، وإذا كان من المساوي فهو التماس.

" أي التمس ملتمس عذابًا للكافرين."

وإن كان عذابًا من الله -جل وعلا- يلتمسه العبد من الله -جل وعلا- فهو دعاء؛ لأنه من أسفل إلى أعلى.

" وهو واقع بهم لا محالة يوم القيامة، وعلى هذا فالباء زائدة، كقوله تعالى: المؤمنون: ٢٠ ، وقوله: ﯿ مريم: ٢٥  فهي تأكيد أي سأل سائل عذابًا واقعًا للكافرين أي على الكافرين، وهو النضر بن الحارث، حيث قال:            الأنفال: ٣٢."

الآن هو ضمّن الحروف بعذاب يعني عن عذاب للكافرين أي على الكافرين، وهذا جارٍ عند كثير من أئمة اللغة أن الحروف ينوب بعضها عن بعض، وإذا كان المعنى أليق بهذا الحرف كان هو المراد، وشيخ الإسلام -رحمه الله- يرى أن تضمين الأفعال أولى من تضمين الحروف، قوله للكافرين أي على الكافرين، السؤال بالعذاب إنما هو واقع على الكافرين، يعني إذا قلنا: إن اللام بمعنى على، وإذا قلنا: إن اللام في محلها ولا تُضمّن، والذي يُضمّن السؤال أو الوقوع مطلوب للكافرين وقوع العذاب مطلوب للكافرين؛ لأن الدعاء والسؤال كله طلب.

" الأنفال: ٣٢  فنزل سؤاله وقتل يوم بدر صبرًا هو وعقبة بن أبي معيط، ولم يقتل صبرًا غيرهما، قاله ابن عباس ومجاهد، وقيل: إن السائل هنا هو الحارث.."

مخرّج؟

طالب: ...........

هذا ما يخرجونه على أساس أنه ليس بمرفوع، وما يتعلق بأسباب النزول له حكم الرفع عند أهل العلم؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- طرف ذُكر أو لم يذكر في النزول النبي -عليه الصلاة والسلام- طرف فيه ولو لم يذكر، ولذا لما قال الحاكم: إن تفسير الصحابي له حكم الرفع حمله العلماء على أسباب النزول.

وعَد ما فسّره الصحابي

 

رفعًا فمحمول على الأسباب

لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- طرف فيها فينبغي أن يخرج مثل هذا.

طالب: ...........

ما يقول؟

طالب: ...........

نعم الخبر الأول، وهو النضر بن الحارث حيث قال.

طالب: ...........

الظاهر..

طالب: ...........

لا لا يصل الثاني «من كنت مولاه فعلي مولاه»؟ لا، نبي الذي قبله.

طالب: ...........

لا لا لا اللي قبله.

طالب: ...........

أي نعم.

طالب: ...........

وهو النضر بن الحارث حيث قال:            الأنفال: ٣٢ ، البخاري قريب.. هات يا أبا عبد الله، هات الثامن من البخاري، التفسير.. بسورة الأنفال؟.. ما ذُكر فيه سورة الأنفال؟ لا يوجد فيها.. هذه سورة الأنفال المتن موجود..

" وقيل: إن السائل هنا هو الحارث بن النعمان الفهري، وذلك أنه لما بلغه قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في علي -رضي الله عنه-: «من كنت مولاه فعلي مولاه» ركب ناقته فجاء حتى أناخ راحلته بالأبطح ثم قال: يا محمد أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقبلناه منك، وأن نصلي خمسًا فقبلناه منك."

طالب: ...........

الأنفال؟ سورة الأنفال؟

طالب: ...........

نعم شفته... إن كان ما هو بالأنفال لا، بالأنفال، نعم..

" وأن نصلي خمسًا فقبلناه.."

في الصحيح يقول باب            الأنفال: ٣٢  قال ابن عيينة: ما سمّى الله مطرًا في القرآن إلا عذابًا فأمطِر وتسميه العرب الغيث، وهو قوله تعالى: الشورى: ٢٨  قال -رحمه الله- حدثني أحمد قال: حدثنا عبيد الله بن معاذ قال: حدثنا أبي قال: حدثنا شعبة عن عبد الحميد عن ابن كرديد صاحب الزيادي سمع أنس بن مالك -رضي الله عنه- يقول: قال أبو جهل:            الأنفال: ٣٢  فنزلت    ﯰﯱ           الأنفال: ٣٣ - ٣٤  لا، فيه اختلاف عما عندنا، النضر بن الحارث ما هو أبو جهل، فيه قول سيأتي أنه أبو جهل.

طالب: ...........

النضر بن الحارث أين؟ هو النضر بن الحارث حيث قال: اللهم إن كان..

طالب: ...........

لا لا أبو جهل سيأتي، وقيل: هو أبو جهل بن هشام، وقيل: إن السائل هنا أبو جهل، وهو القائل لذلك، قاله الربيع سيأتي هذا... يبقى هذا الحديث ما خُرِّج..

" ثم قال: يا محمد أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقبلناه منك، وأن نصلي خمسًا فقبلناه منك، ونزكي أموالنا فقبلناه منك، وأن نصوم شهر رمضان في كل عام فقبلناه منك، وأن نحج فقبلناه منك، ثم لم ترضَ بهذا حتى فضلت ابن عمك علينا، أفهذا شيء منك أم من الله؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «والله الذي لا إله إلا هو ما هو إلا من الله»، فولى الحارث وهو يقول: اللهم إن كان ما يقول محمد حقًّا فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم، فوالله ما وصل إلى ناقته حتى رماه الله بحجر فوقع على دماغه فخرج من دبره فقتله، فنزلت:           المعارج: ١  الآية.."

هذا الذي هو مخرج عند الإخوان، وأنه من وضع الرافضة حديث «من كنت مولاه فعلي مولاه»، هذا ضعيف عند أهل العلم، لكن القصة مفتراة مكذوبة.

" وقيل: إن السائل هنا أبو جهل، وهو القائل لذلك.."

طالب: ...........

القصة التي حيكت حول هذا تالفة، لكن الحديث ضعيف «من كنت مولاه فعلي مولاه» القول الأخير: وقيل إن السائل هنا أبو جهل هو الذي مخرج في الصحيح سمع أنس بن مالك -رضي الله عنه- يقول: قال أبو جهل: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك... إلى آخره.

طالب: ...........

يعني سبب نزول آية أخرى، لكن الذي قال: إن كان هذا هو الحق من عندك هو أبو جهل في الآيتين، وقد يكون السبب واحدًا والنازل متعددًا، وقد يتعدد السبب لنازل واحد.

" وقيل: هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقيل: إنه قول جماعة من كفار قريش، وقيل: هو نوح -عليه السلام- سأل العذاب على الكافرين، وقيل: هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أي دعا -عليه السلام- بالعقاب، وطلب أن يوقعه الله بالكفار، وهو واقع بهم لامحالة، وامتد الكلام إلى قوله تعالى.."

   المعارج: ٢  إذا كان الداعي نوحًا -عليه السلام- دعا عليهم بالغرق فغرقوا أو النبي -عليه الصلاة والسلام- كما في القول الأخير دعا -عليه السلام- بالعقاب وطلب أن يوقعه الله بالكفار ففيه جواز الدعاء على الكفار بالعموم، وهذا سبق بحثه في سورة البقرة الجزء الثاني.. هاته  القرطبي..

طالب: ...........

القصة، لكن نزلت آية أخرى التي في البخاري نزلت آية أخرى.. قوله تعالى:          ﯳﯴ   البقرة: ١٦١ - ١٦٢  قال ابن العربي: قال لي كثير من أشياخي: إن الكافر المعين لا يجوز لعنه؛ لأن حاله عند الموافاة لا تُعلم؛ لأن فيه: {وماتوا وهم كفار}، وقد شرط الله تعالى في هذه الآية في إطلاق اللعنة الموافاة على الكفر، وأما ما روي عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه لعن أقوامًا بأعيانهم من الكفار فإنما كان ذلك لعلمه بمآلهم.. يرد عليه أنه دعا على عمرو بن العاص مع أن مآله إلى الإيمان، قال ابن العربي: والصحيح عندي جواز لعنه؛ لظاهر حاله، ولجواز قتله وقتاله، وقد رُوي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «اللهم إن عمرو بن العاص هجاني، وقد علم أني لست بشاعر، فالعنه واهجه عدد ما هجاني»، فلعنه وإن كان الإيمان والدين والإسلام مآله، ويستفاد بقوله: «عدد ما هجاني» ولم يزد؛ ليعلم العدل والإنصاف، وأضاف الهجو الله تعالى من باب الجزاء دون الابتداء بالوصف به، يعني من باب المشاكلة أو المجازاة كما يُضاف إليه المكر والاستهزاء والخديعة سبحانه وتعالى عما يقوله الظالمون علوًّا كبيرًا.

 قلت: أما لعن الكفار جملة من غير تعيين فلا خلاف في ذلك؛ لما رواه الإمام مالك عن داود بن الحصين أنه سمع الأعرج يقول: ما أدركت الناس إلا وهم يلعنون الكفرة في رمضان، قال علماؤنا: وسواء كانت لهم ذمة أم لم تكن، وليس ذلك بواجب، ولكنه مُباح لمن فعله؛ لجحدهم الحق وعداوتهم للدين وأهله، وكذلك كل من جهر بالمعاصي كشرّاب الخمر، وأكلة الربا، ومن تشبه من النساء بالرجال ومن الرجال بالنساء إلى غير ذلك، وما ورد في الأحاديث لعنه نُشر قبل شهر في أحد الجرائد قول يقول بجواز الدعاء عليهم مطلقًا، والثاني يقول: لا يجوز الدعاء عليهم مطلقًا، والثالث يقول: يدعى على المعتدي منهم.

طالب: ...........

ولو كان المعتدي معيّنًا..

طالب: ...........

يُدعى على من اعتدى الآن هنا يقول، أما لعن الكفار جملة من غير تعيين فلا خلاف في ذلك يعني جوازه؛ لما رواه مالك عن داود بن الحصين أنه سمع  الأعرج يقول: ما أدركت الناس إلا وهم يلعنون الكفرة في رمضان، مشكلتنا أن بعض الأقوال تصدر ما أدري تصير نتيجة ضغوط أو مداراة أو مجاملة أو خوف، يقول: لا يجوز لعن الكفار مطلقًا، وأما ما يجوز الدعاء على الكفار مطلقًا، وأما ما دعا به نوح على قومه فهي خطيئة تاب منها، نعم والله نُشِر في الصحف يعني كون نوح اعتذر عما فعله من خلاف الأولى من قال إلا أنه قال إنه دعا على قومه فلا، خلاص ما يستحق الشفاعة، النبي -عليه الصلاة والسلام- ادخر دعوته لأمته يوم القيامة، ونوح استعجل على أمته ودعا عليهم وانتهى، هل تكون هذي خطيئة؟ والخطيئة ما هي اعتداء في الدعاء، وهل يجاب للمعتدي في دعائه؟! سبحان الله!

طالب: ...........

لا، الجرائد معه الآن... لما عرضوا الأقوال الثلاثة رأوه هو المعتدل وهو المنصف وهو.. والإشكال أنهم يلقِّطون من كلام هذا في مناسبة بعيدة جدًّا، ما قيلت من أجل هذا الموضوع، وهذا وذاك، ثم يصفون الثلاثة مع بعض في الجرائد، وكأن بعضهم يرد على بعض، يعني أسلوب ماكر عند الصحفيين، ومع ذلك يبقى الحق، ما أدركت الناس إلا وهم يلعنون الكفرة في رمضان قال: علماؤنا وسواء كانت لهم ذمة أم لم تكن، وليس ذلك بواجب، ولكنه مباح لمن فعله؛ لجحدهم الحق وعداوتهم للدين وأهله، وكذلك كل من جهر بالمعاصي كشراب الخمر وأكلة الربا ومن تشبه من النساء بالرجال ومن النساء بالرجال، يعني ولو كانوا مسلمين، لكن لا بأعيانهم، إلى غير ذلك مما ورد في الأحاديث لعنهم. الثاني: ليس لعن الكافر بطريق الزجر له عن الكفر، بل هو جزاء على الكفر، وإظهار قبح كفره، كان الكافر ميِّتا أو مجنونًا، وقد قال قوم من السلف: إنه لا فائدة في لعن من جن أو مات منهم لا بطريق الجزاء ولا بطريق الزجر، فإنه لا يتأثر بذلك، والمراد بالآية على هذا المعنى أن الناس يلعنونه يوم القيامة ليتأثر بذلك ويتضرر ويتألم قلبه، فيكون ذلك جزاء كفره، كما قال تعالى    العنكبوت: ٢٥  الكلام في اللعن ولعن العاصي كثير عند القرطبي -رحمه الله- فيه كلام قد لا يجتمع لغيره، وسبب الكلام أنه لما اعتدوا على المسلمين في العراق وغيره قنت الناس وصاروا يدعون على الكفار بالجملة، فحصل نقاش في المسألة، على كل حال الكافر ما له إلا جهنم وبئس المصير، خالد مخلد فيها، لعنته أو ما لعنته دعوت عليه أو ما دعوت، إذا مررت بقبر كافر فبشره بالنار.

طالب: ...........

هذا كون الصحابة قاطبة الأعرج يقول: أدركت الناس وهم يلعنون الكفار في رمضان، هذا امتثال.

طالب: ...........

لا، لا شك، لا إشكال في ضعفه.

طالب: ...........

يعني ليس من شأنه وطبعه أنه لعّان، وإلا فقد ثبت أنه لعن -عليه الصلاة والسلام-.

طالب: ...........

إيه نعم.

طالب: ...........

أنت كما تدعو للمسلمين بالنجاة والله -جل وعلا- في سابق علمه أن بعضهم ينجو وبعضهم لا ينجو لن يختلف من القدر شيء، كما أنك إذا دعوت عليهم بالهلاك وسابق في علم الله -جل وعلا- أنه يبقى منهم من يبقى ويُسلم من يسلم، هذا لا يغير من القدر شيء.

طالب: ...........

لا ما فيه إشكال.

طالب: ...........

لا ليس باللعان ولا بالطعان.

" وامتد الكلام إلى قوله تعالى:      المعارج: ٥  أي لا تستعجل فإنه قريب، وإذا كانت الباء بمعنى عن، وهو قول قتادة، فكأن سائلاً سأل عن العذاب بمن يقع؟ أو متى يقع؟ قال الله تعالى: الفرقان: ٥٩  أي سل عنه، وقال علقمة:

فإن تسألوني بالنساء فإنني

 

بصير بأدواء النساء طبيب

أي عن النساء، ويقال: خرجنا نسأل عن فلان وبفلان، فالمعنى سألوا بمن يقع العذاب؟ ولمن يكون؟ فقال الله: للكافرين. قال أبو علي وغيره: وإذا كان من السؤال فأصله أن يتعدى إلى مفعولين، ويجوز الاقتصار على أحدهما، وإذا اقتصر على أحدهما جاز أن يتعدى إليه بحرف جر، فيكون التقدير: سأل سائل النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- أو المسلمين بعذاب أو عن عذاب، ومن قرأ.."

تعدى هنا إلى مفعولين الأول بغير واسطة حرف الجر، والثاني بحرف الجر.

" ومن قرأ بغير همز فله وجهان أحدهما أنه لغة في السؤال، وهي لغة قريش، تقول العرب: سال يسال مثل نال ينال، وخاف يخاف.."

مخفف من الهمز..

" والثاني أن يكون من السيلان، ويؤيده قراءة ابن عباس: سال سيلٌ قال عبد الرحمن بن زيد: سال واد من أودية جهنم يقال له سائل."

لا لا، الصواب أنها بدون همز تكون مخففة من المهموزة، والأمر منها سل يعني اسأل، إذا كان مهموزًا، وسل إذا كان مخففًا، وجاءت به النصوص، قال الثعلبي: والأول أحسن كقول الأعشى في تخفيف الهمزة:

سالتاني الطلاق إذ رأتاني

 

قَلَّ قد جئتماني بنكر

" وفي الصحاح: قال الأخفش: يقال خرجنا نسأل عن فلان وبفلان، وقد تُخفف همزته فيقال: سال يسل، وقال.."

سال يسال..

" وقد تخفف همزته فيقال: سال يسال، وقال:

ومرهق سال إمتاعًا.......

 

..........................

بأصدته.

.......... بأُصْدَتِه

 

لم يستعن وحَوامِي الموتِ تغشاه

المرهق الذي أدرك ليقتل، والأصدة قميص صغير يُلبس تحت الثوب، قال المهدوي: من قرأ سال جاز أن يكون خفف الهمزة بإبدالها ألفًا، وهو البدل على غير قياس، وجاز أن تكون الألف منقلبة عن واو على لغة من قال: سلت أسال كخفت أخاف، قال النحاس: حكى سيبويهُ سلت.."

سيبويهِ مبني..

" حكى سيبويهِ سلت

وأنشد:

سَالَت هُذَيلٌ رسولَ الله فاحشةً

 

ضَلَّت هُذَيلٌ بما سالت ولم تُصِبِ

ويقال: هما يتساولان قال المهدوي: وجاز أن تكون مبدلة من ياء من سال يسيل، ويكون سايل واديًا في جهنم، فهمزة سايل على القول أصلية، وعلى الثاني بدل من واو، وعلى الثالث بدل من ياء قال القشيري: وسائل مهموز؛ لأنه إن كان من سأل بالهمزة فهو مهموز، وإن كان من غير الهمز كان مهموزًا أيضًا نحو قائل وخائف؛ لأن العين اعتل في الفعل، واعتل في اسم الفاعل أيضًا، ولم يكن الاعتلال للحذف؛ لخوف الالتباس، فكان بالقلب إلى الهمزة، ولك تخفيف الهمزة حتى تكون بين بين.."

بين الياء وبين الهمز.

" واقع أي يقع بالكفار بين أنه من الله ذي المعارج وقال الحسن: أنزل الله تعالى: سأل سائل بعذاب واقع فقال: لمن هو؟ فقال: للكافرين، فاللام في الكافرين متعلقة بواقع، وقال الفراء: التقدير بعذاب للكافرين واقع، فالواقع من نعت العذاب، واللام دخلت للعذاب لا للواقع أي هذا العذاب للكافرين في الآخرة."

يعني على قول الحسن اللام في قوله للكافرين واقعة في جواب سؤال مقدر لمن هو؟ لمن هذا العذاب؟ للكافرين، وعلى القول الثاني متعلقة باسم الفاعل واقع للكافرين، وعرفنا أن اللام هنا قد تأتي بمعنى على.

" وقال الفرّاء: التقدير بعذاب للكافرين واقع، فالواقع من نعت العذاب، واللام دخلت للعذاب لا للواقع، أي هذا العذاب للكافرين في الآخرة لا يدفعه عنه أحد، وقيل: إن اللام بمعنى على، والمعنى واقع على الكافرين، وروي أنها قراءة، وروي أنها في قراءة أبي كذلك، وقيل: بمعنى عن أي ليس له دافع عن الكافرين من الله أي ذلك العذاب من الله ذي المعارج أي ذي العلو والدرجات الفواضل والنعم، قاله ابن عباس وقتادة، فالمعارج مراتب إنعامه على الخلق، وقيل: ذي العظمة والعلاء. وقال مجاهد: هي معارج السماء. وقيل: هي معارج الملائكة؛ لأن الملائكة تعرج إلى السماء، فوصف نفسه بذلك، وقيل: المعارج الغرف أي إنه ذو الغرف أي جعل لأوليائه في الجنة غُرفًا. وقرأ عبد الله: ذي المعاريج بالياء يقال: مِعرج ومعراج ومعارج ومعاريج مثل مفتاح ومفاتيح والمعارج: الدرجات."

معارج ومعاريج صيغة منتهى الجموع تأتي بالياء وبدونها مفاتح ومفاتيح، مساند ومسانيد، والمعارج أصلها المراقي التي يُعرَج عليها، ويُصعَد عليها، ويُرقَى عليها.

" والمعارج: الدرجات، ومنه الزخرف: ٣٣ . المعارج: ٤  أي تصعد في المعارج التي جعلها الله لهم، وقرأ ابن مسعود وأصحابه والسلمي والكسائي: يعرج بالياء على إرادة الجمع، ولقوله: ذكروا الملائكة ولا تؤنثوهم، وقرأ الباقون بالتاء على إرادة الجماعة، والروح جبريل -عليه السلام-، قاله ابن عباس، دليله قوله تعالى:       الشعراء: ١٩٣  وقيل: هو مَلك آخر عظيم الخلقة، وقال أبو صالح: إنه خلق من خلق الله كهيئة الناس، وليس بالناس. قال قبيصة بن ذؤيب: إنه روح الميّت حين يُقبض إليه أي إلى المكان الذي هو محلهم، وهو في السماء؛ لأنها محل بره وكرامته، وقيل: هو كقول إبراهيم:   الصافات: ٩٩  أي إلى الموضع الذي أمرني به، وقيل: إليه أي إلى عرشه.        المعارج: ٤  قال وهب والكلبي ومحمد بن إسحاق: أي عروج.."

إن كانت المعارج المصاعد والمراقي، والملائكة تعرج تصعد ترقى إليه في جهة العلو، فكيف يوصف الرب -جل وعلا- كما هنا بأنه ذي المعارِج؟

طالب: ...............

يعني إضافة تشريف؛ لأن ما يمكن استقلاله لا يمكن أن يوصف به، فبيت الله ومثل المعارج هنا تضاف إليه، ويوصف بها من باب التشريف، بيت الله تشريف الجن: ١٩  إضافة تشريف.

طالب: ...............

هو يوقف على النص يعني أما بالنسبة للفظ وإعادة الضمائر، فلا مانع من أن تعود إليها مؤنثة، لكن ليس هو مؤنث الله- جل وعلا- نفى وأنكر على من زعم أنهم إناث، والأولى الوقوف عند الوارد من غير جمود ما معنى هذا؟ الوقوف عند النص من غير جمود على الحرفية التي دعت بعض المنتسبين إلى العلم وهو معروف بحرصه واتّباعه للنصوص قال: إن الملائكة غير عقلاء، يقول ما ورد وصفهم بالعقل، هل يمكن أن يمتثلوا الأوامر، وكونها يصفهم بهذا الوصف فهذا جمود غير مرضي على كل حال، وقد وصفهم الله -جل وعلا- بأوصاف تدل على أنهم فوق منزلة كثير من العقلاء، والخلاف بين أهل العلم في تفضيلهم على البشر أو على غير الأنبياء مثلاً معروف عند أهل العلم، الشيخ حامد الفقي معروف من أهل السنة ومن جماعة أنصار السنة، وله عناية بالنصوص أطلق هذا القول، ورُدَّ عليه.

طالب: ...............

لكن إذا نفيت شيئًا لزم منه... لأنهم خلق من خلق الله، ما يقال: إنهم أوصافهم مثل أوصاف الله- جل وعلا- التي لا تكيف ولا يمكن أن تخطر على البال ولا كذا، جاءت أوصافهم، هم من علم الغيب، لكن هل تنفي العقل؛ لأنه ما ورد؟ تقول ما هم عقلاء ولا غير عقلاء! طيب الأفعال التي نُسبت إليهم تصدر عن غير عاقل؟!

طالب: ...............

والله ما أدري.

طالب: ...............

لأن الله نفى عنهم الوصف بالأنوثة، ولا ثالث لهما، فإذا نفى الله -جل وعلا- وصف الأنوثة ثبت لهم وصف الذكورة؛ لأنه لا ثالث لهما، مع أن هذا مثل هذا، إما أن يكونوا عقلاء أو غير عقلاء يعني مجانين؟! أو نقول: لا عقلاء ولا غير عقلاء مثل التوقف.

طالب: ...............

بلا شك.

طالب: ...............

قال وهب والكلبي ومحمد بن إسحاق: أي عروج الملائكة.

فيه رسالة تنبيه النبلاء من العلماء إلى قول حامد الفقي إن الملائكة ليسوا عقلاء أو غير عقلاء مطبوعة قديمة الرسالة.

" أي عروج الملائكة إلى المكان الذي هو محلهم في وقت كان مقداره على غيرهم لو صعد خمسين ألف سنة، وقال وهب أيضًا: ما بين أسفل الأرض إلى العرش مسيرة خمسين ألف سنة. وهو قول مجاهد، وجمع بين هذه الآية وبين قوله:          السجدة: ٥  في سورة السجدة فقال:        المعارج: ٤  من منتهى أمره متى.."

من.

" من منتهى أمره من أسفل الأرضين إلى منتهى أمره من فوق السموات خمسون ألف سنة، وقوله تعالى في الم تنزيل          السجدة: ٥  يعني بذلك نزول الأمر من سماء الدنيا إلى الأرض ومن الأرض إلى السماء في يوم واحد، فذلك مقدار ألف سنة. "

نعم؛ لأن المسافة بين السماء والأرض خمسمائة عام، فإذا قلنا إن النزول خمسمائة، والطلوع خمسمائة صارت ألف عام، وبعضهم عند اختلاف هذه الأرقام اختلافًا بيّنا يعمد إلى الجمع من جهة أخرى، فيجعل العدد الأكبر للصعود، والعدد الأقل للنزول، ومعلوم أن النزول لا يستغرق من الوقت مثل ما يستغرقه الصعود.

طالب: ...............

لا، جميع التصرفات التي نُسبت إليهم وجميع ما وُكل إليهم من تدبير لأمور الخلق تدل على أنهم عقلاء، لكن الذي يقول: أنا والله ما أنا بمسؤول عن كونهم عقلاء أو غير عقلاء؛ لأنه ما جاء النص بالنفي ولا بالإثبات فأنا أقف... قد أحسن من انتهى إلى ما سمع.

" لأن ما بين السماء إلى الأرض مسيرة خمسمائة عام، وعن مجاهد أيضًا والحكم وعكرمة: هو مدة عمر الدنيا من أول ما خُلقت إلى آخر ما بقي خمسون ألف سنة، لا يدري أحد كم مضى، ولا كم بقي إلا الله -عز وجل-، وقيل: المراد يوم القيامة أي مقدار الحكم فيه لو تولاه مخلوق خمسون ألف سنة، قاله عكرمة أيضًا والكلبي ومحمد بن كعب يقول سبحانه وتعالى: وأنا أفرغ منه في ساعة، وقال الحسن: هو يوم القيامة، ولكن يوم القيامة لا نفاد له، فالمراد ذكر موقفهم للحساب فهو في خمسين ألف سنة من سني الدنيا، ثم حينئذٍ يستقر أهل الدارين في الدارين، وقال يمان: هو يوم القيامة فيه خمسون موطنًا، كل موطن ألف سنة، وقال ابن عباس: هو يوم القيامة جعله الله على الكافرين مقدار خمسين ألف سنة، ثم يدخلون النار للاستقرار قلت: وهذا القول أحسن ما قيل في الآية إن شاء الله، بدليل ما رواه قاسم بن أصبغ من حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة» فقلت: ما أطول هذا! فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «والذي نفسي بيده إنه ليُخفَّف عن المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة المكتوبة يصليها في الدنيا»."

مخرّج؟ مخرّج؟

طالب: ...............

درّاج أبو السمح ضعيف عند أهل العلم.

طالب: ...............

طالب: ...............

هذا الشاهد.

طالب: ...............

بالطريقين.

طالب: ...............

بالطريق الأول درّاج ضعيف، لكن بالطريقين يُحسّن.

طالب: ...............

بطريقيه يُحسّن، يصل إلى الحسن.

" واستدل النحّاس على صحة هذا القول بما رواه سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «ما من رجلٍ لم يؤدِّ زكاة ماله إلا جعل شجاعًا من نار تُكوى به جبهته وظهره وجنباه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضي الله بين الناس» قال: فهذا يدل على أنه يوم القيامة، وقال إبراهيم التيمي: ما قدر ذلك اليوم على المؤمن إلا قدر ما بين الظهر والعصر، ورُوي هذا المعنى مرفوعًا من حديث معاذ عن..."

حديث «ما من رجل له مال لم يؤدِّي زكاته إلا مُثّل له ماله شجاع أقرع يُكوى بها جنبه وظهره في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، وما من صاحب إبل لا يؤدِّي زكاتها.. وما من صاحب بقرة..» إلى آخره هذا الحديث صحيح، بل بعض طرقه في الصحيح في صحيح مسلم، ماذا يقول عندك؟

طالب: ...............

نعم ما فيه العدد الحد.

طالب: ...............

" وروي هذا المعنى مرفوعًا من حديث معاذ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: يحاسبكم الله تعالى بمقدار ما بين الصلاتين، ولذلك سمّى نفسه سريع الحساب وأسرع الحاسبين، ذكره الماوردي، وقيل: بل يكون الفراغ لنصف يوم كقوله تعالى: ﭿ الفرقان: ٢٤."

والقيلولة في منتصف النهار مع أنهم قالوا نام القيلولة في أو حصلت لهم القيلولة في مستقرِّهم في الجنة بعد الفراغ من الحساب، فدل على أن الحساب في نصف يوم.

" وهذا على قدر فهم الخلائق، وإلا فلا يشغله شأن عن شأن، وكما يرزقهم في ساعة كذا يحاسبهم في لحظة قال الله تعالى: ﰐﰑ لقمان: ٢٨."

طالب: ...............

يقيلون لكن هل يلزم من القيلولة النوم أو الراحة فقط؟ ما يلزم منها النوم.

طالب: ...............

هي مواقف الوقوف للحساب عذاب على كل حال الله على كل شيء قدير.

"وعن ابن عباس أيضًا أنه سُئل عن هذه الآية وعن قوله تعالى:          السجدة: ٥ فقال: أيام سمّاها الله -عز وجل- هو أعلم بها كيف تكون؟ وأكره أن أقول فيها ما لا أعلم، وقيل: معنى ذكر خمسين ألف سنة تمثيل وهو تعريف طول مدة القيامة في الموقف وما يلقى الناس فيه من الشدائد، والعربُ تصف أيام الشدة بالطول وأيام الفرح بالقِصَر، قال الشاعر:

ويومٍ كظل الرُّمح قَصَّر طوله

 

دم الزق عنا واصطفاق المزاهر

لاهون غافلون ساهون بين شرب وغناء فالوقت الطويل قصير عندهم، لكن المريض الوقت القصير عنده..

أيام إقباله كاليوم في قصر

 

ويوم إدباره في الطول كالحجج"

اليوم مثل السنين.

" وقيل: في الكلام تقدير في الكلام تقديم وتأخير، والمعنى: سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له من الله دافع في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، تعرج الملائكة والروح إليه، وهذا القول هو معنى ما اخترناه، والموفِّق الإله.

 قوله تعالى:      المعارج: ٥  أي على أذى قومك والصبر الجميل هو الذي لا جزع فيه ولا شكوى لغير الله، وقيل: هو أن يكون صاحب المصيبة في القوم لا يُدرى من هو، والمعنى متقارب، وقال ابن زيد: هي منسوخة بآية السيف. {إنهم يرونه بعيدًا} يريد أهل مكة يرون العذاب بالنار بعيدًا أي غير كائن. {ونراه قريبًا}؛ لأن ما هو آت فهو قريب، وقال الأعمش: يرون البعث بعيدًا؛ لأنهم لا يؤمنون به كأنهم يستبعدونه على جهة الإحالة، كما تقول لمن تناظره: هذا بعيد لا يكون، وقيل: أي يرون هذا اليوم بعيدًا ونراه أي نعلمه؛ لأن الرؤية إنما.."

تتعلق بالموجود..

" الرؤية إنما تتعلق بالموجود، وهو كقولك: الشافعي يرى في المسألة كذا وكذا."

يعني الفعل رأى إنما أن تكون الرؤية بالبصر أو بالرأي والعقل أو بالرؤيا والنوم فعل واحد رأى رؤية يعني ببصره ورأيًا بعقله ورؤيا في منامه، ولذلك هو يقول: كقولك الشافعي يرى في هذه المسألة كذا وكذا، هل معناه أن ينظر بعينيه أو برأيه وعقله؟ هذا ظاهر.

طالب: ...............

إنهم يرونه بعيدًا يرون جميع العذاب أو ما يعذبون به؟ جنسه الواقع عليهم وعلى غيرهم، والذي يقع عليهم فرد منه إذا رأوا فردًا منه فقد رأوه.

" قوله تعالى:     ﯿ المعارج: ٨  العامل في يومَ واقع تقديره: يقع بهم العذاب يومَ، وقيل: نراه أو يبصّرونهم أو يكون بدلاً من قريب، والمهل دردي الزيت وعَكره، في قول ابن عباس وغيره، وقال ابن عباس: ما أُذيب من الرصاص والنحاس والفضة. وقال مجاهد: كالمهل كقيح من دم وصديد، وقد مضى في سورة الدخان والكهف القول فيه     المعارج: ٩  أي كالصوف المصبوغ، ولا يقال لصوف عهن إلا أن يكون مصبوغًا، وقال الحسن:     المعارج: ٩  وهو الصوف الأحمر، وهو أضعف الصوف، ومنه قول زهير:

كأن فتات العهن في كل منزل

 

نزلن به حب الفنا لم يحطّم

الفُتات: القطع، والعهن: الصوف الأحمر، واحده عهنة، وقيل: العهن الصوف ذو الألوان، فشبه الجبال به في تلونها ألوانًا، والمعنى أنها تلين بعد الشدة، وتتفرق بعد الاجتماع، وقيل."

كما أن السماء هذا البناء العظيم يلين ويذوب حتى يسيل كالمهل، كذلك الجبال تتفتت وتذوب حتى تكون كالصوف.

" وقيل: أول ما تتغير الجبال تصير رملاً مهيلاً، ثم عهنا منفوشًا، ثم هباءً منبثًا. المعارج: ١٠  أي عن شأنه؛ لشغل كل إنسان بنفسه، قاله قتادة كما قال تعالى:   عبس: ٣٧  وقيل: لا يسأل حميم عن حميم، فحذف الجارّ ووصل الفعل، وقراءة العامة: يسأل بفتح الياء، وقرأ شيبة والبزَّي عن عاصم: ولا يُسأل بالضم على معنى ما لم يسمَّ فاعله، أي لا يُسأل حميمٌ عن حميمه، ولا ذو قرابة عن قرابته، بل كل إنسان يُسأل عن عمله، نظيره                  المدثر: ٣٨ . قوله تعالى: {يبصرونهم} أي يرونهم، وليس في القيامة.."

يعني لا يُسأل أحد عن غير عمله، لا يسأل عن عمل زيد ولا عبيد ولا فلان ولا علان، لا يُسأل حميم على القراءة الأخرى لا يُسأل، وأما على قراءة لا يَسأل ما فيه أحد ينجي أحدًا، أو ينفع أحدًا في ذلك الموقف كل يقول: نفسي نفسي، لا حميم ولا قريب ولا أقرب الناس إليك، إنما هو عملك، كل نفس بما كسبت رهينة، يعني بما عملت وما قدمت إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر.

" قوله تعالى: يبصرونهم أي يرونهم، وليس في القيامة مخلوق إلا وهو نصب عين صاحبه من الجن والإنس، فيبصر الرجل أباه وأخاه وقرابته وعشيرته، ولا يسأله ولا يكلمه؛ لاشتغالهم بأنفسهم، وقال ابن عباس: يتعارفون ساعة ثم لا يتعارفون بعد تلك الساعة، وفي بعض الأخبار أن أهل القيامة يفرون من المعارف مخافة المظالم، وقال ابن عباس أيضًا: يبصرونهم يبصر بعضهم بعضًا، فيتعارفون ثم يفرُّ بعضهم من بعض، فالضمير في يبصرونهم على هذا للكفار، والميم للأقرباء. وقال مجاهد: المعنى يبصِّر الله المؤمنين الكفار في يوم القيامة، فالضمير في يبصرونهم للمؤمنين، والهاء والميم للكفار. قال ابن زيد: المعنى يبصر الكفار في النار الذين أضلوهم في الدنيا."

يبصِّر المعنى..

" قال ابن زيد: المعنى يبصَّر الكفار في النار الذين أضلوهم.."

يبصِّر الله.

طالب: ...............

أين؟ المعنى يبصِّر الله.

" فالضمير في يبصّرونهم للتابعين، والهاء والميم للمتبوعين، وقيل: إنه يبصَّر المظلوم ظالمه."

يبصِّر.

" يبصِّر المظلوم ظالمه، والمقتول قاتله، وقيل: يبصرونهم يرجع إلى الملائكة، أي يعرفون أحوال الناس، فيسوقون كل فريق إلى ما يليق بهم، وتم الكلام عند قوله: يُبصرونهم يود المجرم أي يتمنى الكافر لو يفتدي من عذاب يومئذٍ يعني من عذاب جهنم بأعز من كان عليه في الدنيا من أقاربه، فلا يقدر، ثم ذكرهم فقال: ببنيه وصاحبته زوجته وأخيه وفصيلته أي عشيرته التي تؤويه تنصره، قاله مجاهد وابن زيد، وقال مالك: أمه التي تربيه حكاه الماوردي، ورواه عنه أشهب، وقال أبو عبيدة: الفصيلة دون القبيلة، وقال ثعلب: هم آباؤه الأدنون. وقال المبرد: الفصيلة: القطعة من أعضاء الجسد، وهي دون القبيلة، وسُميت عترة الرجل فصيلته؛ تشبيهًا بالبعض منه، وقد مضى في سورة الحجرات القول في القبيلة."

كأنها منفصلة منه، قطعة منه انفصلت عنه، وإلا فالأصل أنها ملتصقة به.

" وقد مضى في سورة الحجرات القول في القبيلة وغيرها، وهنا مسألة وهي إذا حبس على.."

حبّس..

" إذا حبّس.."

يعني أوقف.

" إذا حبّس على فصيلته أو أوصى لها، فمن ادعى العموم حمله على العشيرة، ومن ادعى الخصوص حمله على الآباء الأدنى فالأدنى، والأول أكثر في النطق، والله أعلم، ومعنى تؤويه: تضمه وتؤمنه من خوف إن كان به المعارج: ١٤  أي ويود لو فُدي بهم لافتدى ثم ينجيه أي يخلصه ذلك الفداء فلا بد.."

يعني يود أن يفتدي بأقرب الناس إليه، ثم ذكر الأقربين، ثم عطف عليهم البقية من باب عطف العام على الخاص، ومن في الأرض جميعًا ما يستثنى أحدًا لو قيل له تفتدي بمن في الأرض جميعًا لهان عليه ذلك في سبيل خلاصه.

طالب: ...............

النازعات أو عبس..

طالب: ...............

شف المتعلّق ما هو؟ هنا وهناك..

طالب: ...............

يفر من أخيه أول ما يفر، ما يفر من أبيه قبل... نعم واحدًا واحدًا، يفر من الأبعد فالأبعد، وهنا يتمنى الأقرب فالأقرب لو تأملت عرفت الفرق.

" ثم ينجيه أي يخلصه ذلك الفداء فلا بد من هذا الإضمار كقوله: وإنه لفسق أي وإن كان أي.."

وإن أكله.

" أي وإن أكله لفسق، وقيل: يود المجرم يقتضي جوابًا بالفاء، كقوله:        القلم: ٩ ، والجواب في هذه الآية ثم ينْجيه؛ لأنها من حروف العطف، أي يود المجرم لو يفتدي فينجيه الافتداء."

طويل؟

طالب: ...............

.. باقي نصف ساعة..

طالب: ...............

هات..

" قوله تعالى: (كلا) تقدم القول في كلا، وأنها تكون بمعنى حقًّا، وبمعنى لا، وهي هنا تحتمل الأمرين، فإذا كانت بمعنى حقًّا كان تمام الكلام ينجيه، وإذا كانت بمعنى لا، كان تمام الكلام عليها أي ليس ينجيه من عذاب الله الافتداء، ثم قال:    المعارج: ١٥  أي هي جهنم أي تتلظى نيرانها كقوله تعالى: الليل: ١٤."

 (كلا) نزلت بمكة أو بالمدينة؟

طالب: ..............

ما نزلت كلا بيثرب؟ يعني توجد في النصف الأول من القرآن أو ما توجد؟ لا توجد يعني كلا ما نزلت إلا بمكة، وليست هي في النصف الأول من القرآن، ولذا يقول الشاعر:

ما نزلت كلا بيثرب

 

ولا هي في نصفه الأعلى

والله نسيت البيت، من يذكره؟ ما فيه أحد يذكره؟ نعم يا شيخ.

" الليل: ١٤  واشتقاق لظى من التلظّي، والْتِظَاء النار التهابها، وتلظيها تلهبها، وقيل: كان أصلها لظظ أي مادامت لدوام عذابها فقلبت إحدى الظائين ألفًا، فبقيت لظى، وقيل: هي الدركة الثانية من طبقات جهنم، وهي اسم مؤنث معرفة، فلا ينصرف. {نزاعة للشوى} .."

علم على هذه الدركة من دركات النار، وهي مؤنثة، فيمنع من الصرف.

" المعارج: ١٦  قرأ أبو جعفر وشيبة ونافع وعاصم في رواية أبي بكر عنه والأعمش وأبو عمرو وحمزة والكسائي: نزاعةٌ بالرفع، وروى أبو عمرو عن عاصم: نزاعةً بالنصب، فمن رفع فله خمسة أوجه: أحدها: أن تجعل لظى خبر إنّ، وترفع نزاعة بإضمار هي، فمن هذا الوجه يحسن الوقف على لظى. والوجه الثاني: أن تكون لظى ونزاعة خبران لإن كما تقول: إنه خُلق مخاصم. والوجه الثالث: أن تكون نزاعةٌ بدلاً من لظى، ولظى خبر إنّ. والوجه الرابع: أن تكون لظى بدلاً من اسم إنّ، ونزاعة خبر إنّ. والوجه الخامس: أن يكون الضمير في إنها للقصة، ولظى مبتدأ، ونزاعة خبر الابتداء، والجملة خبر إنّ، والمعنى أن القصة والخبر لظى نزاعةٌ للشوى، ومن نصب نزاعة حسن له أن يقف على لظى، وينصب نزاعة على القطع من لظى؛ إذ كانت نكرة متصلة بمعرفة، ويجوز نصبها على الحال المؤكدة كما قال وهو.."

المؤكِّدة.

" ويجوز نصبها على الحال المؤكِّدة كما قال: البقرة: ٩١  ويجوز أن تُنصب على معنى أنها تتلظى نزاعة أي في حال نزّعها للشوى، والعامل فيها ما دل عليه الكلام من معنى التلظي، ويجوز أن يكون حالاً على أنه حال للمكذبين بخبرها، ويجوز نصبها على.."

على أنه..

" على أنه حال للمكذبين بخبرها، ويجوز نصبها على القطع كما تقول: مررت بزيد العاقل الفاضل، فهذه.."

ما هو بقطع، هذا بتقدير فعل مررت بزيد أعني العاقل الفاضل، أما على القطع على كل حال الأصل مررت بزيد العاقل الفاضل، لكن إذا وجد بأسلوب عربي صحيح ثابت فلا بد من تقدير ناصب، وقد يُنصب بأمدح، مررت بزيد أمدح العاقل الفاضل، أو أعني أو أذم، لكن ما يقدر يذمه وهو عاقل وفاضل؛ لأنهم ينصبون بالمدح، وينصبون بالذم، وعلى كل حال لا بد من تقدير ناصب.

طالب: ...............

وينصب؟

طالب: ...............

نعم على القطع من لَظى، لَظى ما محلها من الإعراب؟ إنها لظى خبر إن، فيقطع عنها، فلا يُسلط عليها ما سلط على لظى من أن تكون خبرًا ثانيًا لإنّ، إنما يقطع عنها في الإعراب بتقدير فعل أو بتقدير فاعل، المقصود أنها لا تكون تابعة للجملة السابقة، تقطع عنها.

طالب: ...............

أين؟

طالب: ...............

نعم ما هو ببعيد مثله..

طالب: ...............

فعّالة ما فيها؟

طالب: ...............

أو حال.. نعم..

طالب: ...............

ﭪﭫ    المعارج: ١٥  لظى خبر إنّ.

طالب: ...............

ما هو؟

طالب: ...............

خبر نعم.

طالب: ...............

أين؟

طالب: ...............

كلا إنها لظى ما فيه خبر ثانٍ خبر إن.

طالب: ...............

لظى خبر إنّ، ونزاعة أعربها بأحد الأعاريب التي ذكرها المؤلف الخمسة.

طالب: ...............

يجوز نصبها على المدح؛ لأنها منصوبة بالمدح أمدح كذا، وهي منصوبة بتقدير فعل، إما أن تقول: فعل تفسيري فتقول أعني كذا، أو تكون منصوبة على تقدير أمدح.

" فهذه خمسة أوجه للنصب أيضًا، والشوى جمع شواه، وهي جلدة الرأس، قال الأعشى:

قال قتيلة ما له

 

قد جُلِّلَتْ شَيْبًا شَوَاتُهُ

وقال آخر:

لأصبحت هَدَّتْكَ الْحَوَادِثُ هَدَّةً

 

لها فَشَوَاةُ الرَّأْسِ بَادٍ قَتِيرُهَا

القتير الشيب، وفي الصحاح: والشوى جمع شواه، وهي جلدة الرأس، والشوى اليدان والرجلان."

والشَّوى.

" والشَّوى اليدان والرجلان والرأس من الآدميين، وكل ما ليس مقتلاً يقال: رماه فأشواه، إذا لم يصب المقتل، قال الهذلي:

فإن من القول التي لا شوى لها

 

إذا زلَّ عن ظهر اللسان انفلاتها

يقول: إن من القول كلمة لا تشوي، ولكن تقتل، قال الأعشى:

قالت قُتَيْلَةُ ما له

 

قد جللت شيبًا شواته

قال أبو عبيد: أنشدها أبو الخطاب الأخفش أبا عمرو بن العلاء فقال له: صحّفت، إنما هو سراته أي نواحيه، فسكت أبو الخطاب ثم قال لنا: بل هو صحف، إنما هو شواته، وشوى الفرس قوائمه؛ لأنه يقال: عَبْل الشَّوى، ولا يكون هذا للرأس؛ لأنهم وصفوا الخيل بإسالة الخدين وعتق الوجه، وهي رقته، والشَّوى رُذال المال، والشَّوى هو الشيء الهيّن اليسير، وقال ثابت البُناني والحسن: المعارج: ١٦  أي لمكارم وجهه. وقال أبو العالية: لمحاسن وجهه. وقال قتادة: لمكارم خِلقته وأطرافه. وقال الضحّاك: تفري اللحم والجلد عن العظم حتى لا تترك منه شيئًا. وقال الكسائي: هي المفاصل. وقال بعض الأئمة: هي القوائم والجلود. قال امرؤ القيس:

سَلِيمُ الشَّظَى عَبْلُ الشَّوَى شَنِجِ النَّسَا

 

له حَجَبات مُشرفات على الفال

وقال أبو صالح: أطراف اليدين والرجلين، قال الشاعر:

إذا نظرت عرفت الفخر منها

 

وعينيها ولم تعرف شَواها

يعني أطرافها، وقال الحسن أيضًا: الشوى الهام."

يعني ولو لم تدقق في أطرافها تعرف الفقر منها؛ لأن الفقر ظاهر عليها أو النعمة وغير ذلك.

" المعارج: ١٧  أي تدعو لظى من أدبر في الدنيا عن طاعة الله وتولّى عن الإيمان، ودعاؤها أن تقول: إليّ يا مشرك، إليّ يا كافر، وقال ابن عباس: تدعو الكافرين والمنافقين بأسمائهم بلسان فصيح: إليّ يا كافر، إليّ يا منافق، ثم تلتقطهم كما يلتقط الطير الحب. وقال ثعلب: تدعو أي تهلك، تقول العرب: دعاك الله أي أهلكك الله. وقال الخليل: إنه ليس كالدعاء تعالوا، ولكن دعوتها إياهم تمكُّنها من تعذيبهم. وقيل: الداعي خزنة جهنم، أُضيف دعاؤهم إليها، وقيل: هو ضرب مثل أي إن مصير من أدبر وتولى إليها، فكأنها الداعية لهم، ومثله قول الشاعر:

ولقد هبطنا الواديين فواديًا

 

يدعو الأنيس به العضيض الأبكم

العضيض الأبكم: الذباب وهو لا يدعو، وإنما طنينه نبّه عليه فدعا إليه، قلت: القول الأول هو الحقيقة حسبما تقدم بيانه."

طنينه قال:

ولقد هبطنا الواديين فواديًا

 

يدعو الأنيس به العضيض الأبكم

العضيض قال: الطنين، والعضيض الأبكم هو الذباب العضيض الأبكم الذباب؛ لأنه لا يسمع الذباب كما قالوا: لا يسمع وهو لا يدعو، لكن طنينه كأنه دعاء، كأنه نداء، ولذا يقول بعضهم فيمن يرد عليه: وسوف أجعل كلامه كصرير باب أو طنين ذباب يعني لا قيمة له، كأنه صرير الباب إذا فتح وأغلق أو طنين الذباب لا قيمة له، وهنا يقول وهو لا يدعو، وإنما طنينه يعني دعاؤه طنينه نبه عليه، فدعا إليه، كأنه لما طنّ وسُمع التفت الناس إليه، وإلا فهو لا قيمة له.

" قلت: القول الأول هو الحقيقة حسبما تقدم بيانه بآي القرآن والأخبار الصحيحة، قال القُشيري: ودعاء لظى بخلق الحياة فيها حين تدعو وخوارق العادة غدًا كثيرة."

نعم كون النار تدعوهم القدرة الإلهية تجعل من الجماد من التصرف ما يشبه تصرف العقلاء، فهي تتكلم وتجيب فصلت: ١١.

" المعارج: ١٨  أي جمع المال فجعله في وعائه، ومنع منه حق الله تعالى، فكان جمُوعًا منوعًا، قال الحكم: كان عبد الله بن عكيم لا يربط كيسه ويقول: سمعت الله يقول: وجمع فأوعى."

اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه...

"