كتاب بدء الوحي (069)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

يقول: حديث: يا رسول الله هل يزني المؤمن؟ قال: «قد يكون ذلك»، قال: هل يسرق المؤمن؟ قال: «قد يكون ذلك»، قال: هل يكذب المؤمن؟ قال: «لا، إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون» يقول: الحديث خرّجه ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار وابن عساكر في تاريخ دمشق، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد، والمتفق والمفترق مقتصرًا على الكذب في الموضعين، وابن أبي الدنيا في الصمت بلفظ: هل يكذب المؤمن؟ قال: «لا يؤمن بالله واليوم الآخر من حدّث فكذب»، كلهم من طريق يعلى بن الأشدق العُقيلي عن عبد الله بن جراد سأل النبي -صلى الله عليه وسلم-. وتارة أخرى يحدّث به عبد الله عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

 قال: وهذا الحديث معلولٌ من أوجه: العلة الأولى: فيه عبد الله بن الجراد قال فيه الذهبي في الميزان: مجهول لا يصلح خبره؛ لأنه من رواية يعلى بن أشدق الكذاب عنه، وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل: عبد الله بن جراد روى عن النبي -عليه الصلاة والسلام- روى عنه يعلى بن أشدق سمعتُ أبي يقول عبد الله بن جراد لا يُعرَف، ولا يصح هذا الإسناد، قال فيه أبو زرعة: لا يُعرف.

 العلة الثانية: فيه يعلى بن أشدق، قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل: سألت أبي عن يعلى بن أشدق فقال: ليس بشيء، ضعيف الحديث، سُئل أبو زرعة عن يعلى بن أشدق فقال: هو عندي لا يصدق أو لا يصدق، ليس بشيء، قدم الرقّة فقال: رأيت رجلاً من أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم- يُقال له: عبد الله بن جراد، فأعطوه على ذلك، فوضع أربعين حديثًا، وعبد الله بن جراد لا يُعرَف، وقال ابن عدي في الكامل: روى عن عمه عبد الله بن جراد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أحاديث كثيرة مناكير، وهو وعمه غير معروفين، وذكر البخاري أنه قال: لا يُكتب حديثه، وفي المجروحين لابن حبان قال: كان شيخًا كبيرًا لقي عبد الله بن جراد، فلما كبُر اجتمع عليه من لا دين له فدفعوا له شبيهًا بمئتي حديث نُسخةً عن عبد الله بن جراد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأعطوه إياها، فجعل يُحدّث بها وهو لا يدري.

 العلة الثالثة: الاختلاف الذي وقع في إسناده، فمرةً يرويه يعلى بن أشدق عن عبد الله بن جرادٍ عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومرةً يرويه عن عبد الله عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وحالهما كما ظهر من كلام الأئمة لا يحتمل مثل هذا مثل هذا الاضطراب، وقد ذكر السخاوي في المقاصد بعد ذكره الحديث السابق حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: لا تجد مؤمنًا كذابًا ونحوه، للبزار وأبي يعلى في مسنديهما عن سعد بن أبي وقاص رفعه: «يُطبع المؤمن على كل خَلةً غير الخيانة والكذب»، ثم قال السخاوي: وفي الباب عن ابن عمر وابن مسعود وأبي أمامة وآخرين، وأمثلها حديث سعد، لكن ضعف البيهقي رفعه، وقال الدراقطني: الموقوف أشبه بالصواب، ومع ذلك هو ما يحكم له بالرفع على الصحيح، لكونه مما لا مجال فيه للرأي.

 لكنه لم يذكر حديث سعد، لم يذكر حديث سعد، على كل حال ما جاء في الزنى والسرقة معارضٌ بحديث: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن» هذان اللفظان معروف نكارتهما لكن ما جاء من ألفاظ أخرى، هل يكون المؤمن بخيلاً؟ هل يكون جبانًا؟ هل يكون كذابًا؟ هذا الذي نحتاج إلى تخريجه إن كان مع أحد تخريجه، وأما بالنسبة للزنى والسرقة فهو مُعارَض بالحديث الصحيح ولا إشكال فيه؛ لأنه أيضًا ضعفه معروف.

طالب:...

على كل حال، اللفظ الثاني هو الذي نحتاج إلى تخريجه.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

عندك أنت؟

طالب:...

وجدت شيئًا؟ لا، هذا ما فيه شيء، ما تعرض لنا السرقة والزنى، كيف؟

طالب:...

والله ما أدري، تأكد.

طالب:...

هناك شيء؟

طالب:...

هات الورقة.

طالب:...

ما يسمعون، قال: وحدثني مالك عن صفوان بن سُليم أن قال: قيل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أيكون المؤمن جبانًا؟ قال: «نعم»، قيل له: أيكون المؤمن بخيلاً؟ قال: «نعم» فقيل له: أيكون المؤمن كذابًا؟ فقال: «لا» هذا في الموطأ، وفي البيهقي قال: فيمن قرأ على مالك عن صفوان الظاهر عن طريق مالك، البيهقي ما له قيمة، البيهقي تخريجه، البيهقي لا قيمة له؛ لأنه من طريق مالك، ومالك موجود.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

لكن مع الاتصال والانقطاع، هو بهذا اللفظ أمثل بكثير من اللفظ الأول؛ لأن متنه ما فيه إشكال، معروف وموجود بكثرة وجود الجُبُن بين المسلمين، والبخل موجود، يعني ولا ينافي الإيمان، يعني هذه غرائز، وجِبلات، يُجبَل عليها الناس، ويجبل كثير من الناس على خلافها. نعم.

 يقول: هل المعتبر في الشرع حرفية النظام أم المعتبر هي المصلحة ولو خُولف النظام؟ كمن استقدم إلى هذه البلاد على تأشيرة عامل زراعي ليعمل في حلقات تحفيظ القرآن وطلب العلم وما كان على شاكلة هذا النظام؟

لا شك أن الأنظمة التي روعي فيها المصالح والمفاسد، ودُرست بدقة، ودُرست آثارها، وأنها لا تخالف نصًّا شرعيًّا ولا تعارض قاعدة من قواعد الدين أنها مرعية وملاحظة، وهذا مما يجب فيه طاعة الولاة، إذا كانت هناك المصلحة متحققة ومجزومًا بها ولا تخالف نصًّا فهذا مما يجزم بوجوب التزامه.

 يقول: من الأقوال في تفسير: {وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ} [سورة المدثر: 6] أي لا تعط أحدًا شيئًا وأنت تريد أن يُكافئك عليه بأكثر منه فيكون هذا خاصًّا بالنبي -صلى الله عليه وسلم-. السؤال: لماذا هو خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام- وكيف يكون خاصًّا؟ لا، النص أظن أنه مبتور، ما هو، لا تعط أحدًا شيئًا وأنت تريد أن يكافئك عليه بأكثر، والمرجع تفسير السعدي.

طالب:...

تفسير السعدي موجود.

طالب:...

يقول: هل من كلمة قصيرة لطلاب العلم الذين شغلوهم أهلوهم عن العلم بسبب الذهاب للأسواق؛ وذلك لأن عندهم زواج وأهل الطالب كلما رفض الذهاب يقال: أين العمل بحديث: «خيركم خيركم لأهله»؟

 لا بد من التسديد والمقاربة، هناك من تجب طاعته، هذا لا يعارض به أحد، إلا إذا أمر بمعصية، أو نهى عن طاعة، وإذا كان ممن لا تجب طاعته فمثل هذا يُسدد الإنسان ويقارب، ويصل رحمه، ويواصل تحصيله، من غير أن يُخلّ بأحد الأمرين.

يقول: بعض الطلاب في الجامعة ينكرون عليه ويقولون؛ لم لا تصدع بالحق وترد على الذين يتكلمون في المشايخ؟ قلت: يا إخوان هذه المسألة لا ينبغي أن نقول: هذا ضال وهذا مهدي، فالحق ما قاله الله ورسوله، ولا ينبغي أن يدخل في مجادلات؛ لأن الجدل بوابة الضلال كما في الحديث، وعلينا أن نهتم بدراستنا، وندع كل من يتكلم في أعراض المسلمين ليس فقط المشايخ. قلت: إن هذه الأمور والردود تقسي القلب، وتجعله يمتلأ حقدًا وغيظًا، وأنا لا أريد أن أتكلم بكلام أو ربما بكلمة لا ألقي لها بالاً، فأهوي بها في النار سبعين خريفًا فقالوا لي: الساكت عن الحق شيطان أخرس، فما هو تعليقكم؟

على كل حال هؤلاء الذين يتكلمون في الناس يتكلمون في العلماء وطلاب العلم هؤلاء لا شك أن منهم من يرى أن هذا المتكلَّم فيه ضرره متعدٍّ، وينبغي أن يُنبَه عليه؛ لئلا يغتر به غيره، ومنهم من يتشفى بهذا، وباعثه على ذلك شيء من الحسد، هذا موجود، وهذا موجود، وكلٌّ على نيته، كل يعمل على شاكلته، لكن ينبغي للإنسان أن يحفظ لسانه. وهذه أمور لا تنتهي، هذه أمور مجربة، تقول: أنا أريد أن أدخل في الموضوع وأحسم المسألة أنت لن تنحسم المسألة، فعلى الإنسان في مثل هذه الحالات بخويصة نفسه، وإذا بدأ الكلام في الأشخاص على الإنسان أن يترك هذا المكان، هذا المجلس.

يقول: هل تفسير النعجة بالمرأة صحيح؟ وإذا كان كذلك كيف تنزه المرأة عن هذا ونوجه التفسير توجيهًا صحيحًا؟

على كل حال عامة أهل العلم على أن المراد بها المرأة لكنه ورّى، ما قال عندي أن هذا أخي عنده تسع وتسعون امرأة، لكن أنت إذا أردت أن تسأل عن شيء، وأتيت بنظيره ولو لم يكن مطابقًا لكون ما يُسأل عنه مما يستحيى من ذكره مثلاً، يعني على سبيل المثال واحد يسأل: بدلاً من أن يقول: بعد أن نظفت أنفي وهو مُحرِم يقول، سقط شيء من الشعر في الأنف، يقول: أنا ما أقدر أسأل المشايخ عن هذا؛ لأن هذا شيء يستحيى منه بدلاً من ذلك بعد أن عركت عيني سقط شيء من الشعر، الحكم واحد، فبدلاً من أن يأتي بشيء يستحيى من ذكره يسأل عن نظيره المطابق ما يُلام، وهذا بدلاً من أن يسأل عن النساء يسأل عن الغنم مثلاً، والحكم واحد، يعني ما يتغير؛ لأن المسألة مسألة البغي السؤال عن البغي في ضم هذه الواحدة على قِلتها إلى التسع والتسعين مع كثرتهن، فليس تفسير المرأة، بل هو كناية عن المرأة.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،

 أما بعد:

ففي الحديث في قصة هرقل الطويل، قال –يعني هرقل-: (فأشراف الناس يتبعونه) في الأصول الأربعة: اتبعوه، (أمن ضعفاؤهم؟)، (فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟) في مغني اللبيب في الكلام على أم يقول: أم على أربعة أوجه: أحدها أن تكون متصلة وهي منحصرةٌ في نوعين؛ وذلك لأنها إما أن تتقدم عليها همزة التسوية، {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ}[سورة البقرة: 6]، {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} [سورة المنافقون: 6]، {سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا} [سورة إبراهيم: 21] هذه تقدمت عليها همزة التسوية، وابن مالك يقول: وأن بها اعطف إثر همز التسوية، أو تتقدم عليها همزة يُطلب بها وبأم التعيين، وهي التي يكنى عنها بأنها النائبة والمغنية عن أي، كما في تمام البيت السابق:

أو همزةٍ عن لفظ أيٍ مغنية.

نحو: أزيد في الدار أم عمرو؟ وإنما سميت في النوعين متصلة لأن ما قبلها وما بعدها لا يستغنى بأحدهما عن الآخر، وذكر بقية الأنواع، يقول برهان الدين إبراهيم ابن الإمام ابن القيم، وهذا له شرح على ألفية ابن مالك، شرح مختصر وسهل مطبوع في مجلدين، مُحقّق، يقول في شرح كلام الناظم:

وأم بها اعطف إثر همز التسوية
وربما أسقطت الهمزة إن

 

 

أو همزةٍ عن لفظ أيٍ مغنية
كان خفى المعنى بحذفها أُمن

يعني إذا أُمن اللبس يجوز حذفها وهنا: فأشراف الناس الهمزة موجودة أم محذوفة؟ بحذف الهمزة بحذف الهمزة، ويوجد لبس ولا ما يوجد؟ نعم، لا يوجد لبس، وربما أُسقطت الهمزة إن كان خفى المعنى بحذفها أُمن، يقول برهان الدين ابن القيم في شرحه على الألفية: تنقسم أم إلى متصلة وإلى منقطعة، بدأ بالكلام على المتصلة، قال: وتُعرف بوقوعها بعد همزة التسوية أو همزة بمعنى أي بأنه يُطلب بها وبأم لأنه يطلب بها وبأم التعيين إلا أن الواقع بعد همزة التسوية لا تعطف إلا الجُمل، وأكثر ما تكون تلك الجُمل فعلية، نحو: سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم، وقد تكون اسمية كما في قول الشاعر:

ولستُ أبالي بعد فقدي مالكًا

 

أموتي نائٍ أم هو الآن واقع

وقد تكون مغايرة وما قبلها فعل وما بعدها اسم: {أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنتُمْ صَامِتُونَ} [سورة الأعراف: 198] قال: وأما الواقعة بعد همزة بمعنى أي فأكثر ما يُذكر معها المفردات، ويكون المسؤول عنه متأخرًا عن المتعاطفين، {وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ}[سورة الأنبياء: 109] أو متوسطًا بينهما نحو: {أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا} [سورة النازعات: 27]، وقد يُعطف بها الجُمل فقلت: أهي سرت أم عادني حلمُ.

 وقد تحذف الهمزة إن أُمن خفاء المعنى، إذا أُمن اللبس بحذفها، فمنه في همزة التسوية قراءة بعضهم: {أَنذَرْتَهُمْ} على الإخبار، ومنه في الأخرى قوله:

لعمرك ما أدري وإن كنت داريًا          شعيثُ بن سهمٍ أم شعيثُ بن منقري

 على كل حال الكلام على أم ومقارنتها مع هل الذي كثُر في تعابير المتأخرين الكلام في هذا كثير، وجاء مثل ما أشرنا سابقًا في مكان أم هل، في حديث جابر يعني أم جاءت في جواب هل، أم جاءت في جواب هل، وإلا فالأصل أنها لا تأتي إلا بعد الهمزة، هل تزوجت بكرًا أم ثيبًا؟ يعني هل تأتي هل أم بعد هل أو أنها بعد الهمزة فقط؟ في تعابير المتأخرين هذا كثير يقولون في الأسئلة نعم: هل يجوز كذا أم كذا؟ والأصل أن يؤتى بأو، وأو معناها هنا تردد أو التقسيم.

الكلام في أم كثير، ونقلت هنا نقولًا، لكن أرى الإخوان ما هم يهتمون لهذا، ما أرى أحدًا يشارك في مثل هذه الأمور، مما يدل على عدم الاهتمام بها، مع أنها في غاية الأهمية، يعني طالب العلم إذا لم يعرف من العربية ما يكفيه لفهم الكتاب والسنة فكيف يتعامل مع نصوص الكتاب والسُّنة؟ لا بد من هذا، الكتب المرتبة لطلاب العلم في هذا الباب يعني طالب العلم يقرأ الآجرومية وشروح الآجرومية، ويحفظها، والقطر أيضًا كل هذه توطئة للألفية، أنا ما أرى الإخوان إذا جيء ببيت أو شطر بيت يتفاعلون ويكملون أو إذا عزب البيت عن الذهن سألنا ما وجدنا أحدًا مع أن هذه غريبة جدًّا، هذه علوم لا بد منها لكي يستطيع طالب العلم أن يتعامل مع الكتاب والسُّنَّة على الجادة.

قال: (فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟) ضعفاؤهم الضعفاء جمع ضعيف من الضَعف بفتح الضاد في لغة تميم، من الضعف بفتح الضاد في لغة تميم، وبضمها ضُعْف في لغة قريش، في لغة قريش، {ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضُعْفٍ قُوَّةً}[سورة الروم: 54]  يعني قراءة قريش وتنسب للنبي -عليه الصلاة والسلام- أن هذه قراءته، والضعف خلاف القوة والصحة، فالمضموم ضُعْف مصدر ضَعُف مثل قَرُب قُربًا، والمفتوح مصدر ضَعَف ضَعفًا من باب قتل، ومنهم من يجعل المفتوح ضَعف في الرأي، والمضموم في الجسم، إذا كان الإنسان ضعفه في رأيه وفي عقله قالوا: ضَعْف، أو ضَعَف بعضهم يُحركها، وإذا كان الضَعف في جسده فيقال: ضُعْف، قالوا: وهو ضَعيفٌ، والجمع ضُعَفَاء، كما هنا: ضُعفاؤهم، ضُعَفاء وضِعاف أيضًا مثل كرماء وكِرام، وجاء ضَعَفة وضَعفى قالوا: لأن فعيل إذا كان صفة، وهو بمعنى مفعول وهو بمعنى مفعول جُمع على فعلى نحو: قتيل وقتلى وجريح وجرحى، وأضعفه الله فضعف فهو ضعيفٌ، وضَعُف عن الشيء يعني عن احتماله، يعني لو كان من أقوى الناس وأراد حمل صخرة فعجز عن حملها يقال: ضعُف، فهو ضعيفٌ عن حملها وإن كان في الأصل قويًّا، وضعُف عن الشيء عن احتماله فهو ضعيفٌ، واستضعفته رأيته ضعيفًا أو جعلته كذلك. فقلتُ: (بل ضعفاؤهم) القائل؟ أبو سفيان، وفي الأصول الأربعة: قلتُ بدون الفاء، فقلت: (بل ضعفاؤهم) أي اتبعوه، والمراد ضعفاء الناس، وهذا على ما سبق جارٍ على الغالب، وهذا على ما تقدم جارٍ على الغالب وإلا فقد اتبعه كما تقدم أبو بكر وعمر وغيرهما من أشراف الناس، وأقويائهم.

طالب:...

نعم، لكن هل يُنطَق بالفتح؟ هل نقول: ضعفاؤهم جمع ضعيف؟ من الضَعف أو من الضُعف؟ هذا على حسب ما تُفسر به، وكما يطلق على ضعف الرأي يطلق أيضًا على ضعف الجسم، كما تقدم في الأشراف؛ لأنه وضعه في مقابل الشرف الضعف وضعه في مقابل الشرف قالوا: إن الأشراف المراد بهم أهل النخوة، والتكبُر.

طالب:...

 ماذا فيها؟

طالب:...

لا، الكلام على ما قاله ابن حجر؛ لأنه يريد أن ينزّل الشرف المنفي هنا يُنزّله على الواقع، فحمل الشرف المنفي هنا في أتباع النبي -عليه الصلاة والسلام- على النخوة والكِبر، يعني لا يوجد فيهم من هذه صفته، وإنما أتباعه الضعفاء، الضعفاء سواء كان ضعفهم جِبليًّا أو تَخلُّقًا في مقابل الكبر ظاهر.

طالب:...

لا هو ينفيها، فيه أشراف كثير.

طالب:...

على كل حال كلام ابن حجر هذا سيأتي تعقب العيني، أي اتبعوهم المراد ضعفاء الناس، وهذا على ما سبق جارٍ على الغالب وإلا فقد اتبعه كما تقدم أبو بكر وعمر، وتخصيص ابن حجر كما تقدم الشرف هنا بأهل النخوة والتكبر لا كل شريف؛ ليخرج مثل أبي بكر وعمر ممن أسلم قبل سؤال هرقل، تعقبه العيني بأنهما من أهل النخوة أيضًا، أنهما من أهل النخوة، لكنهما ليسا من أهل التكبُر. فقول أبي سفيان جرى على الغالب، وفي رواية ابن إسحاق تبعه منا الضعفاء والمساكين والأحداث، وأما ذوو الأنساب والشرف فما تبعه منهم أحد، وهذا أيضًا محمولٌ على الغالب.

طالب:...

نعم؟

طالب:...

نعم. الكلام في السنة السادسة بعد الحديبية، بعد الحديبية، الغالب أن علية القوم والملأ من الناس وأصحاب الكِبر والشرف والمال وأصحاب الجاه في الدنيا لا ينقادون بسرعة مثل غيرهم، فهذا وصف أغلبي ما هو بكلي، وصفٌ أغلبي لا ينقاد صاحب المال أو صاحب ...، لأنه أولًا يرى في نفسه الأحقية للسبق في هذه الأمور، فإذا سُبق وجد في نفسه، كما هو حال عبد الله ابن أُبي- نسأل الله العافية- وكذلك اليهود يجدون في أنفسهم شيئًا من الحزازة بعد أن سبقهم من يرونهم أقل منهم.

طالب:...

هذا إذا كان المقصود به في أول الأتباع هذا معروف، فالغالب أنهم هم الضعفاء، لكن إذا كان المقصود به في حال السؤال فلا شك أن الأشراف كثرة، وإن كان الأغلب ضدهم.

فقلت: (بل ضعفاؤهم) وبل هذه حرف إضراب يقول ابن هشام في مغني اللبيب، وهذا كتاب لا يستغني عنه طالب علم، في غاية الأهمية لطالب العلم مغني اللبيب هذا، وأقل الأحوال أن يُجرِّد منه طالب العلم ما يحتاج إليه، في ربع حجمه أو أقل؛ لأن فيه استطرادات أيضًا.

بل حرف إضراب فإن تلاها جملة كان معنى الإضراب: إما الإبطال نحو: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَٰنُ وَلَدًا ۗ سُبْحَانَهُ ۚ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ}[سورة الأنبياء: 26] أي بل هم عباد ونحو: {أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُم بِالْحَقِّ}[سورة المؤمنون: 70]، وأما الانتقال من غرض إلى آخر قال ابن هشام: ووهِم ابن مالك؛ إذ زعم في شرح كافيته أنها لا تقع في التنزيل إلا على هذا الوجه، إلا على هذا الوجه يعني الأخير الانتقال من غرض إلى آخر أو الإضراب الأول؟ إلا هذا الوجه ومثاله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى. وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى. بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا}[سورة الغاشية: 14-16]، ونحو: {وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بِالْحَقِّ ۚ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ. بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ}[سورة المؤمنون: 62-63] وهي في ذلك كله حرف ابتداء لا عاطفة على الصحيح. وإن تلاها مفرد فهي عاطفة، ثم إن تقدمها أمرٌ أو إيجاب: كاضرب زيدًا بل عمرًا، وقام زيدٌ بل عمروٌ فهي تجعل ما قبلها كالمسكوت عنه يعني وجوده كعدمه، فهي تجعل ما قبلها كالمسكوت عنه، اضرب زيدًا بل عمرًا، أضرب عن زيد، مثل: بدل الغلط الذي يسبق على اللسان، الذي يسبق على اللسان، قام حمارٌ بل رجلٌ، وقد يأتي بدون بل، يستدرك بدون بل، وحينئذٍ يكون معناها مثل، لكن حرف الاستدراك. فهي تجعل ما قبلها كالمسكوت عنه فلا يحكم عليه بشيء، وإثبات الحكم لما بعدها، وإن تقدمها نفيٌ أو نهيٌ فهي لتقرير ما قبلها على حالته، وجعل ضده لما بعدها نحو: ما قام زيدٌ بل عمروٌ، ولم يقم زيد بل عمرو.

 يقول برهان الدين بن القيم في شرحه الذي ذكرناه آنفًا: إذا عُطف ببل بعد مصحوبي لكن، لأن الناظم يقول: وبل كلكن، بعد مصحوبيها كلم أكن في مربعٍ بل تيها، بعد مصحوبي لكن اللذين يعطف بها بعدهما وهما النفي والنهي، فهي مثلها في أنها توجب لما بعدها ما سُلب عما قبلها، مع بقاء ما قبلها على حكمه، نحو: لم يقم زيد بل عمرو، ولا تضرب زيدًا بل عمرًا، وإن عطف بها بعد خبرٍ مثبت أو بعد أمرٍ اقتضت نقل ذلك الحكم إلى الثاني، وسلبه عن الأول نحو: قام زيد بل عمرو، واضرب زيدًا بل عمرًا، فإنما يستقيم كونها للإضراب في هذا دون الذي قبله.

هذه نمرُّها بسرعة؛ لأنه مثل ما ذكرنا في أم، بعض الإخوان ينتقد أن الدرس يكون فيه مسائل لغوية ونحوية بكثرة، فعليهم أن يراجعوا هذه المواطن في مظانها.

طالب:...

لكن في كلام ابن مالك، كلام ابن مالك ما مقتضاه؟

ابن هشام يقول: وهِم ابن مالك، ابن هشام ماذا يقول؟ يقول: وهم ابن مالك في شرح كافيته، ما هي كافية ابن مالك معروفة أم ؟

طالب:...

أصل الألفية، أصل الألفية، أحصى من الكافية الخلاصة، وإما الانتقال من غرض إلى آخر ووهم ابن مالك إذ زعم في شرح كافيته أنها لا تقع في التنزيل إلا على هذا الوجه، يعني الانتقال من غرض إلى آخر، إذا استعرضنا مثل قوله -جل وعلا-: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَٰنُ وَلَدًا ۗ سُبْحَانَهُ ۚ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ}[سورة الأنبياء: 26] ماذا يصير هذا؟

طالب:...

بمعنى بل، بمعنى بل.

طالب:...

لكن ليس استعمالاً لبل، إنما هو استعمال لأو بمعنى بل، ثم يكون معنى أو الإضراب؛ لأنه جاء أنه، ماذا يقول عن أو؟

وخيِّر أبِح قسِّم بأو وأبهمِ    واشكك وإضرابٌ بها نُمي

 أيضًا نمي نعم.

فأو يؤتى بها للإضراب مثل، وإذا جاء الإضراب بأو فلا مانع أن يأتي الإضراب ببل؛ لأن المحذور في كلام ابن مالك أن الإضراب إنما يكون على من يخفى عليه، أو يقع منه الغلط، والقرآن منزه عن هذا، لكن هل قول في قوله -جل وعلا-: {أَوْ يَزِيدُونَ} [سورة الصافات: 147] خفاء ثم تبين؟ أو سبق ثم تحقق ما يراد؟ لا، لا، إنما هو أسلوب معروف عند العرب، لشدِّ الانتباه، لشدِّ الانتباه، {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَٰنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ}[سورة الأنبياء: 26] إضراب عن قولهم؟

طالب:...

لا، الكلام كيف على الإضراب، الإضراب إذا كان الجملتان من قائل واحد أو من قائلين؟ الآن {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَٰنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ}[سورة الأنبياء: 26] الآن الوقف على ماذا؟ على ولدًا، والتنزيه ما هو بتابع لقولهم: اتخذ الرحمن ولدا، {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَٰنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ}[سورة الأنبياء: 26] هذا إضراب أو استدراك؟ الإضراب إذا كان القائل واحدًا، الإضراب إذا كان القائل واحدًا، واضح أم ما هو بواضح؟

طالب:...

لا، يحكي عنهم بل عباد مكرمون هذا من قولهم؟ لا، القائل مختلف.

قال –يعني هرقل-: )أيزيدون أم ينقصون؟) أيزيدون هناك قال: فأشراف الناس، وقال هنا: أيزيدون قلنا: هناك حذفت همزة الاستفهام، وهنا أُثبتت أم حذفت؟ ثابتة، أيزيدون أم ينقصون؟ بهمزة الاستفهام، وفي تفسير سورة آل عمران من الصحيح بإسقاطها، بإسقاط الهمزة، كما في قوله: أشراف الناس، وجزم ابن مالك بجوازه مطلقًا، يعني حذف الهمزة التي تتقدم أم يجوز حذفها مطلقًا، وبعضهم خصّه بالشعر.

 قلتُ –القائل أبو سفيان- : (قلت: بل يزيدون) بل يزيدون، أصل هذه من تصرّف الرواة، بدليل أن النسخ تتفاوت في هذا، إذًا ما الفرق بين قوله: قلت، وبين قوله: فقلت، أما الاختلاف في الأجوبة هنا في أجوبة المقرونة بأجوبة أبي سفيان هذه هي الذي يظهر أنها من اختلاف النسَّاخ بدليل أنها تُثبت الفاء ثم يذكر في بعض النسخ بدونها، بغض النظر عما جاء في الخبر، يعني أيهما أفضل أن يقول: قلت أم يقول: فقلت؟

طالب:...

لو قال: ثم قلت، فقلت عرفنا أن هذا على التراخي وهذا على المبادرة. لكن بدونهما؟

طالب:...

على كل حال هو لا يسأل عن هل الصواب إثباتها أم حذفها، لا يسأل عن الصواب عن هذا أو هذا في هذا الموضع، يقول: في الجملة، يعني إذا أردنا أن نأتي بسياق أو بقصة تضاهي هذه أنت تنشأ قصة، وفيها محاورة مثل هذه، هل الأفضل أن تقول: قلت أو فقلت؟ هو لا بد من إثبات حرف عطف، ولو تقديرًا؛ لأن الكلام معطوف بعضه على بعض، قال: قلت، قال: قلت، يعني قال فقلت، فقال فقلت، أو ثم قال إذا كان هناك تراخٍ، فلا بد من التقدير، والذي يحكم المقدّر سواء كان الفاء أو ثم الواقع، الواقع، فلا بد منها حقيقة أو تقديرًا.

 قال أبو سفيان: (قلت: بل يزيدون) (قلت: بل يزيدون) يعني لم يزالوا في ازدياد مطرد حتى دخل الناس بعد الفتح في دين الله أفواجًا، {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ. وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا. فَسَبِّحْ} [سورة النصر: 1-3]، على كل حال بعد الفتح تبين الناس، وعرفوا أن النبي -عليه الصلاة والسلام- غالب لا مغلوب، وأن الدين ظاهر، لا مقهور، فبعض الناس تردد وتوقف، حتى ينظر ما بين محمد وبين قومه، فإن غلبهم تبعوه كثير من الناس توقف لهذا، فلما رأوا أن النبي -عليه الصلاة والسلام- غلب قومه وظهر عليهم دخل الناس في دين الله أفواجًا من قريش وغير قريش. لم يزالوا في ازدياد مطرد حتى دخل الناس في دين الله أفواجًا بعد الفتح كما في سورة النصر، ومات -صلى الله عليه وسلم- عن أكثر من مئة ألف صحابي، بل قالوا: إن الذين حجوا معه مئة ألف -عليه الصلاة والسلام-.

بل يزيدون، قال: (فهل يرتد؟) قال هرقل: (فهل يرتد أحدٌ منهم سخطةً؟) هل يرتد أي يرجع عن دينه الإسلام بعد أن دخل فيه إلى الكفر، يرجع إلى الكفر أحد منهم أي ممن اتبعه -عليه الصلاة والسلام- من أتباعه ممن دخل في دين الله، سخطةً؟ ماذا عندكم رقم واحد؟ في صفحة خمسة؟

طالب:...

نعم، هذا المعنى كراهية لدينه.

طالب:...

سخطةً هذه المثبتة، وسُخطًا سُخطًا، وفي القسطلاني أن هذه الرواية بالضم مع التاء سُخطةً وسيأتي ما فيها. سَخطةً لدينه أي كراهية له بعد أن يدخل فيه، وسَخطة بفتح السين المهملة، وهو منصوب مفعول لأجله أو حال يعني ساخطين، سُخطًا، هو يأتي ما فيه، يأتي أنه هل يكون الفتح مع التاء والضم بحذفها أو يكون على الوجهين في الموضعين، يأتي هذا.

جوّز ابن حجر في سَخطةً فتح السين وضمها سَخطةً وسُخطةً، جوّز ابن حجر ضم السين وفتحها، وتعقبه العيني قائلاً: إنه ليس بصحيح، الرواية المثبتة في المتن عندكم بالفتح سَخطةً، والرواية المشار إليها سُخطًا، وقال: وفي القسطلاني أن هذه الرواية بالضم مع التاء سُخطةً، وهذا مما يُرجّح قول ابن حجر، ثبوت الرواية بالأمرين سَخطةً وسُخطةً يقوي قول ابن حجر أنه يجوز ضبطها بالضم والفتح، يُرجِّح قول ابن حجر، وهل من لازم ثبوت الضبطين في النسخ أن يجوز ذلك عربيةً أو أن المجزوم به أن الأصل بأحد الضبطين؟

طالب:...

لا، الآن هل نقول: إنه ما دام ثبت الضبط هذا، وثبت هذا أنه يجوز عربيةً أو على أقل الأحوال نُجوّز أن ابن عباس نطق باللفظين؟ العيني سنأتي بكلامه، نترك هذا إلى أن نقرأ كلامه؟ طيب، جوّز ابن حجر في سَخطة ضم السين وفتحها، وتعقبه العيني قائلاً: ليس بصحيح، بل السخطةُ بالتاء إنما هي بالفتح فقط، والسخطُ بلا تاء يجوز فيه الضم والفتح، ولذلك في الحاشية في نُسخةٍ وكتب عليها علامة التضبيب والتصحيح: سُخطًا، قال: ليس بصحيح، بل السخطة بالتاء إنما هي بالفتح فقط، والسخط بلا تاء يجوز فيه الضم والفتح، مع أن الفتح يأتي بفتح الخاء سَخَط، والسخْط يجوز فيه الوجهان ضم الخاء وإسكانها سُخُط، وسُخْط، القسطلاني هي معول الرواية التي ذكرها القسطلاني معول ابن حجر في التجويز، لكن هذا التجويز المبني على اختلاف نُسخ هل يكون تجويزًا في اللغة؟ ما معنى يجوز؟ يعني يجوز لأنه جاء في نُسخة كذا وفي نسخة كذا، لكن العبرة بمجيئه في النسخ أو لثبوته في العربية؟

طالب:...

يعني لما يختار ابن حجر أنه يجوز الأمران الفتح والضم ما معنى هذا التجويز؟ هل نقول: إنه يجوز روايةً باعتبار أنها جاءت في النسخ المتصلة روايةً؟

طالب:...

نعم.

طالب:...

هي في الأصل واحدة، في الأصل.

طالب:...

في مواضع في الصحيح اختلف ضبطها تبعًا لاختلاف الروايات، واختلف تحريكها تحريك أواخرها إعرابًا تبعًا لاختلاف الروايات، وبعضها يمكن الجواب عنه، وبعضها لم يمكن الجواب عنه، وهذه وظيفة من؟ ابن مالك، في تصحيح هذه الروايات التي فيها نوع مخالفة للعربية، وكل هذا الكلام نحتاجه إذا قُلنا إنه يُحتج بالحديث في العربية، أما على القول بأنه لا يُحتج به عربيةً؛ لأن الرواية بالمعنى جائزة عند الجمهور، ومن الرواة من جاء بعد الاحتجاج، والمسألة فيها عراكٌ طويل، وفيها منازعات ومشادات كبيرة، وفيها المصنفات، وأشرنا سابقًا إلى أن خير ما يُقرأ في هذه المسألة مقدمة خزانة الأدب، مقدمة خزانة الأدب، وعندنا بهذا الاسم ثلاثة كتب: واحد متأخر في فنون الأدب من المعاصرين هذا لا قيمة له، الثاني خزانة الأدب لابن حُجة الحموي، وهذا في العصور المظلمة أيضًا ليس بعبرة، لكن الكلام في خزانة العرب ولُب لُباب، خزانة الأدب ولُب لُباب لسان العرب للبغدادي في شرح شواهد شروح الكافية، أنا أقول في مقدمة هذا الكتاب أطال في تقرير هذه المسألة والخلاف فيها بأدلتها، فيستفاد منه، وقراءته، قراءة هذا الكتاب كاملاً وفيه شواهد العربية يفيد طالب العلم من نواحٍ كثيرة جدًّا، يفيده ثروة لغوية ما يدركها أحد إلا من عانى مثل هذه الكتب، وفي جميع الفنون يتعرض، يشرح الأبيات والشواهد من كل وجه، وإذا كانت هناك قصة تحتف بهذا البيت وما قبله وما بعده، هذا الكتاب من أنفع الكتب لطالب العربية.

طالب:...

نعم؟

طالب:...

هو طُبع أولًا في مطبعة بولاق سنة ألف ومئتين وواحد وتسعين في أربع مجلدات هذه في حكم العدم إلا المصورة، المصورة يمكن، وليست مخدومة، يعني طلاب العلم في هذا الوقت قد لا يصبرون على قراءتها، لكن عبد السلام هارون حقق الكتاب في ثلاثة عشر جزءًا، وهو مطبوع، مطبوع ومتداول هذا، وتحقيقه جيد، المطبعة السلفية والمنيرية طبعوا منه أربعة أجزاء يعني مقدار ثلث الكتاب، أو أكثر بقليل.

 قال العيني: ليس بصحيح يعني تجويز الأمرين، تجويز الضبطين، ليس بصحيح، بل السَّخطة بالتاء إنما هي بالفتح فقط، والسُّخط بلا تاء يجوز فيه الضم والفتح، مع أن الفتح يأتي بفتح الخاء سَخَط «يتكلم بالكلمة من سَخَط الله»، والسُّخط بالضم يجوز فيه الوجهان، السُّخُط والسُّخْط وهل الأصل الضم أو السكون؟ الأصل أنها متحركة ثم سُكِّنت، أو أنها ساكنة ثم حُرِّكت إتباعًا؟

طالب:...

سُخُط يعني حُرِّكت إتباعًا أو أنها كانت مُحرّكة فسُهّلت وسُكِّنت؟ فَعْلُ قياس المصدر المُعدى من ذي ثلاثة كردّ ردّ، لكن سَخِط مُعدى أم لازم؟ لازم، سُخُط، سُخُط، سُخْط، الآن انتهينا عليه بالنسبة لما يرد علينا من اختلاف ضبط، الذي نجزم به، خلونا في حديث مرفوع إلى النبي- عليه الصلاة والسلام-، وضُبط بعض ألفاظه بأكثر من ضبط، يعني هل نقول: إن الرسول- عليه الصلاة والسلام- نطق به على جميع الأوجه، أو نطق به على وجهٍ واحد وتصرّف الرواة فيه؟

أما بالنسبة لأول الأمر فتصرفوا فيه في حدود ما يجوز عربيةً، بعد ذلك شيوخ الأئمة الذين هم في أوائل القرن الثالث بعد أن اختلط العرب بغيرهم، والرواية بالمعنى جائزة، وتأثرت الألسن بالأعاجم، فحصل الخلاف في الاحتجاج بكلامهم واجتهاداتهم في تغيير الألفاظ بما يرادفها.

 في العُباب يقول: السَّخْط والسُّخُط مثال خلْق وخُلُق، والسَّخَط بالتحريك خلاف الرضا، تقول منه سخِط يسخَط أي غضب، وأسخطه أي أغضبه، وتسخّط أي تغضّب، وفي بعض الشروح، وهذا منقول من العيني: والمعنى أن من دخل في الشيء على بصيرة يمتنع رجوعه بخلاف من لم يدخل فيه على بصيرة، من دخل في الشيء على بصيرة يمتنع رجوعه بخلاف من لم يدخل على بصيرة، التي يسمونها في أساليبنا قناعة، يقول على قناعة، وما أسرع ما تختلف هذه القناعة، يشتري سلعة، فإذا لامه أحد قال: هذه قناعتي، ثم إذا رُوجع مرة ثانية لماذا اشتريت هذا اللون؟ لماذا اشتريت هذا النوع؟ قناعة، ثم لا يلبث أن تتغير هذه القناعة، لكن الدين إذا خالطت بشاشته القلوب لا يتغير، ولا يخرج منه أحد سُخطةً للدين، قد يخرج منه طمعًا، قد يخرج منه طمعًا، قد يبيع دينه بعرض من الدنيا، وهذا يكثُر في آخر الزمان، نسأل الله العافية، يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا، أو نقول: إن هذا النوع ممن دخل تقليدًا أو مجاملةً أو خوفًا، ثم لما زال السبب زالت معه هذه القناعة، وإن لم تكن في الأصل قناعة.

طالب:...

نعم سيأتي هذا، لكن هل هؤلاء خالطت بشاشة الإيمان قلوبهم؟ أو أنهم رجعوا لا لسخط سَخطةً للدين، وإنما طمعًا؟ هذا كله سيأتي إن شاء الله تعالى؛ لأن بعض الناس يلتحق بأمرٍ يُخشى عليه منه، يلتحق بقطاع يُبعد فيه عن أهل الخير والفضل والدين والعلم، كثير من هذا النوع من تغيّر، لكن إذا نوقش بعضهم قال: إنه أخذ الدين قناعة فلا يتغير ولا يتأثر، ومع الأسف أنه سُمِع من نطق بهذا، والنتيجة أنه تغير؛ لأن في هذا تزكية للنفس، فيحذر الإنسان لا سيما طالب العلم من مثل هذا، وفي بعض الشروح: والمعنى أن من دخل في الشيء على بصيرة يمتنع رجوعه، بخلاف من لم يدخل على بصيرة، ويقال: أخرج بذلك من ارتد مُكرهًا أو غير مُكره لا لسخط دين الإسلام، بل لرغبةٍ في غيره لحظ نفساني كما وقع لعبد الله بن جحش أو عبيد الله؟

طالب:...

عبيد الله بن جحش، نعم.

طالب:...

ماذا فيه؟

طالب:...

تعرض الدرس القادم إن شاء الله، لكنها جاءت في الشروح هكذا، قال أبو سفيان: (قلت: لا) هنا يقول: فهل يرتد أحد منهم سخطةً لدينه بعد أن يدخل فيه؟ قال أبو سفيان: قلت: لا، يقول العيني: فإن قلت: لم لم يستغنِ هرقل وقبله الكرماني لم لم يستغنِ هرقل بقوله: بل يزيدون عن قوله: هل يرتد أحد منهم؟ ما يلزم؟

طالب:...

ما يلزم؛ لأنه قال: إذا كانوا يزيدون فكيف يرتد أحد منهم؟ يعني ينقصون، لكنه لا يلزم؛ لأنهم يزيدون بمعنى أنه يدخل مئة، ويرتد خمسة مثلاً، فلا بد من التكرار، التكرار متعين، هذان السؤالان متعين كل واحد منهما متعين، ولا يكتفى بأحدهما عن الآخر، فإن قلت: لم لم يستغنِ هرقل بقوله: بل يزيدون عن قوله: هل يرتد أحد منهم؟ أجيب بأنه لا ملازمة بين الازدياد والنقص فقد يرتد بعضهم ولا يظهر فيهم النقص، يعني مثل ما قلنا إذا دخل في الإسلام مئة وارتد خمسة صدق أنهم يزيدون، وصدق أنهم يرتد منهم أحد.

طالب:...

بالمقابل هذا نعم.

طالب:...

نعم؟

طالب:...

لا، الردة الردة نادرة لا وجود لها في عهده -عليه الصلاة والسلام-، لكن بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام- معروف، وسيأتي الكلام في هذا كله إن شاء الله، أجيب بأنه لا ملازمة بين الازدياد والنقص فقد يرتد بعضهم ولا يظهر فيهم النقص باعتبار كثرة من يدخل، وقلة من يرتد مثلاً، وإنما سأل عن الارتداد؛ لأن من دخل على بصيرة في أمر محقق لا يرجع عنه بخلاف من دخل في أباطيل، بخلاف من دخل في أباطيل؛ لأنه إذا دخل على بصيرة في الدين يكون مآله إلى الازدياد والتمكن من قلبه؛ لأنه حق، وهو دخل فيه على بصيرة، هل تنتقض هذه البصيرة أو تنقص من القناعة بالحق؟

هذا أمر واضح ومفروغ منه يحسه الإنسان من نفسه، يحسه الإنسان من نفسه، كلما ازداد بصيرة بهذا الدين زاد الدين، زاد تمكن الدين من قلبه، وهذا معنى زيادة الإيمان، لكن إذا كان في انصرافٍ عن الدين، يعني كان دخوله في الدين على بصيرة، ثم أعرض عنه وزاول ما يضعِفه فإنه لا يلبث أن يتضاءل في قلبه شيئًا فشيئًا إلى أن يحصل منه ما يحصل من ردة وغيرها.

لكن من دخل في أباطيل، الآن من دخل في الدين على بصيرة لا يزال الدين يزداد في قلبه ويتمكن من قلبه؛ لأنه حق، لكن من دخل في أباطيل كلما أوغل في الدخول تخلخلت القناعة من قلبه؛ لأن هذه الأباطيل لا ثبات لها، ظاهر أم ما هو بظاهر؟ هذه الأباطيل كلما أوغل في معرفتها ودراستها لا شك أن قناعته بها تتأثر وتتخلخل، ثم لا تلبث أن تذوب وتنتهي. والله أعلم.

 وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"