عمدة الأحكام - كتاب البيوع (07)

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: الرهن وغيره

الحديث الأول:

عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اشترى من يهودي طعاماً ورهنه درعاً من حديد.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: الرهن وغيره

باب يجمع أبواباً، يضم أبواباً في الحقيقة، والعمدة باعتبار قلة الأحاديث في كل باب؛ لأن شرط المؤلف ضيق يجمع أكثر من باب في باب واحد، في ترجمة واحدة، ولذا جعل الباب للرهن، وعطف عليه غيره؛ ليدخل فيه الحوالة، ويدخل فيه الحجر والتفليس، ويدخل فيه أيضاً الشفعة والوقف، والعود في الهبة، والتعديل في العطية، والمزارعة، والعمرى والرقبى، وغيرها من الأبواب، في اثني عشر حديثاً تحت هذه الترجمة، وكل حديث أو حديثين يجمعهما موضوع واحد.

لا يريد أن يكثر التراجم فيفرد لكل حديث ترجمة كما فعل الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-؛ لأنه يورد في كل ترجمة حديث واحد –البخاري- أو حديثين، وهذا الإمام الحافظ عبد الغني -رحمه الله- لا يريد أن يكثر من التراجم، إنما يضم بعض التراجم إلى بعض، ويعطف بما يشمل الجميع؛ لأن اللفظ المبهم وغيره يشمل الجميع.

والرهن: مصدر، الأصل مصدر رهن يرهن رهناً، والثلاثي المتعدي مصدره فعْل، كما يقول ابن مالك -رحمه الله تعالى-:

فعل قياس المصدر المعدى

 

من ذي ثلاثة كرد ردا

فالرهن: مصدر، والمصدر يراد به ثالث تصاريف الكلمة، الماضي ثم المضارع ثم المصدر، هو ثلاثي رهن، وهو أيضاً متعدٍ، في الحديث: "أرهنه ورهنه درعاً من حديد"، "رهنه درعاً" فهو متعدٍ إلى المرهون.

والرهن الأصل فيه البقاء والثبات، الحالة الراهنة، أي: الباقية الثابتة، الحالية، الآنية؛ لأن العين تبقى بيد المرتهن.

والمراد به في عرف أهل العلم واصطلاحهم: التوثقة، توثقة الدين بالعين التي يمكن الاستيفاء من ثمنها، فهي زيادة احتياط على ثبات العقد، فالعقد يثبت بالإيجاب والقبول، ويتم بذلك، ويوثق بالكتابة والشهود، ولزيادة الاستيثاق شرع الرهن؛ لأن الناس يتفاوتون، منهم من يكفي أن يقال معه: بعت واشتريت، بعتك هذا، فيقول: قبلت، مثل هذا مرده إلى الديانة، ومنهم من يحتاج معه إلى ذلك إلى الإشهاد {وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [(282) سورة البقرة]

ومنهم من يحتاج معه إلى الكتابة {إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [(282) سورة البقرة] ومنهم من لا يكفي أو لا يكتفى معه لا بالإشهاد ولا بالكتابة إما لجهالة حاله، أو لما عرف من حاله أنه لا يوفي بل يماطل، وحينئذٍ يطلب منه الرهن زيادة في التوثقة، وقد يطلب الكفيل، وقد يطلب الضامن، وكلها توثقات، وهذا موجود في الأمم كلها، منهم من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك، ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك، فالناس يتفاوتون، بعض الناس يكفي أن تبرم العقد بينك وبينه بدون شهود، بدون إشهاد ولا كتاب، لثقتك به، لكن إن حصل أنه على خلاف ثقتك به فأنت تتحمل؛ لأنك مأمور بالكتابة، مأمور بالإشهاد، الكتابة والإشهاد إنما يحتاج إليهما عند التنازع، وإلا فالأصل أن العقد يثبت بالإيجاب والقبول، ومرد ذلك إلى ديانة الطرفين.

الرهن جاء التنصيص عليه بالكتاب والسنة وأجمع عليه أهل العلم {وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ} [(283) سورة البقرة] كنتم على سفر من أهل العلم من يشترط لصحة الرهن السفر، {وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ} [(283) سورة البقرة] واعتبر هذا قيد، ووصف مؤثر، وأن الرهن لا يصح في الحضر، وجمهور أهل العلم على أن الرهن في الحضر كالرهن في السفر إلا أن السفر لما كان مظنة لئلا يوجد من يكتب ولا يوجد من يشهد كان الرهن فيه أو إليه، أو إلى الرهن أحوج، نعم، أما في الحضر يوجد الشهود، ويوجد الكتاب، نعم فيكتفى بالكتابة على الرهن، فالوصف أغلبي، وليس بكلي، وليس بوصف مؤثر في الحكم.

{مَّقْبُوضَةٌ} [(283) سورة البقرة] كيف مقبوضة؟ يعني يقبضها المرتهن، وعلى هذا هل يصح رهن ما لا يمكن قبضه أو قبض كل شيء بحسبه؟ رهنه أرضاً يكفي أن يكون عنده الصك مثلاً، طيب لو رهنه سيارة الاستمارة تكفي؟ هاه؟

طالب:.......

باسم من؟

طالب:.......

مشكلة، هذا يسمونه اسم المالك، يكون باسم مكان المالك، يجعل عنده لمدة سنة جالسة ما يستفاد منها؟

طالب:......

لا، هذا تحايل، هذه حيلة، وإلا الأصل أن الوثائق الرسمية لا يتحايل عليها، يكتبون في الاستمارة اسم المالك، فيكون هو المالك؟ لا، ليس بمالك.

الآن عندهم عقود في الشركات -شركات السيارات مثلاً- تجعل السيارة باسم صاحب الشركة، المالك للشركة الفلانية، نعم، وقد باعتها الشركة على هذا الشخص بأقساط لمدة أربع سنوات، ولا تحول إلى اسم المشتري حتى تنتهي هذه الأقساط، هذا في حقيقته رهن، وإلا فالعقد عقد بيع، نعم عقد بيع، إلا أنهم لضمان حقهم، وخشية أن يتصرف في السيارة، وتفوت مصلحة البائع يتركها باسمه على ما أشار الشيخ، لكن يبقى أن هذا لا يسلم من حيلة، ولو أنكرت الشركة في يوم من الأيام، نعم، لو أنكرت الشركة، قالوا: ما بعنا، وادعت عليه أنه سارق، نعم بينهم عقود ممضاة وموقعة، لكن يبقى أنه لو ضاعت هذه العقود؛ لأن العقد الذي يتضمن، أو المعاملة التي يكون فيها عقد ظاهر، وعقد باطن لا بد أن تؤول إلى الخصام، ولا بد أن تؤول إلى النزاع، فإن كان هناك....... من هذه الحيثية، وإلا فأصله بيع، يبيعون السيارة لمدة ثلاث سنوات، أربع سنوات، إذا انتهت مجرد ما تنتهي تحول لاسمه.

طالب:.......

لا، المنتهي بالتمليك عقدين، لا، هم يصنعون هذا الأسلوب، تقتضي العقد أو الإجارة مع التمليك؟

طالب:.......

هو ما في شك، لكن الإشكال يكون المضمون الراتب، لكن ضمان الراتب يكفي؟ تفترض أنه انقطع عن العمل، وذهب راتبه، يتضرر المرتهن، ولذلك لا بد أن يكون الرهن يمكن الاستيفاء منه، نعم، عين يمكن الاستيفاء منها، يعني مع الشركة مع... المقصود أن كل عقد يؤول إلى الخلاف والنزاع والشقاق بين الطرفين لا تأتي الشريعة بجوازه، فتمنعه، نعم؟

طالب: قد يفصل ولا تكون له......

نعم يفصل فصل، يتخلف ويفصل.

على كل حال الواجب أن تكون العقود واضحة للطرفين، وليس فيها شيء من التحايل، ولا، ويحصل نزاعات كثيرة، واحد مثلاً لا يحق له أو لا تنطبق عليه شروط الشركة الدائنة، يعني ما هو موظف وهم ما يدينون إلا موظف، فيأتي بشخص آخر نعم يستدين باسمه، والثاني هو اللي يسدد، وقد يكون يترتب على هذه أمور، أمور كثيرة جداً لا تنتهي، مما يتفقون عليه أنه لو مات مثلاً المستدين يعفى عنه، نعم، استدان زيد باسم عمرو، وعمرو لا بأس يسدد، مات زيد، الآن العفو عن زيد وإلا عن عمرو؟ اللي باسمه العقد، هذا الأصل الذي باسمه العقد، وهو ما يستحق في الأصل؛ لأنه ما استدان.

على كل حال هذه أمور وجميع العقود التي لها ظاهر وباطن هذه كلها حيل، وكلها تفضي إلى النزاع والشقاق، والمحاكم مملوءة بمثل هذه القضايا، والرهن إنما شرع لتوثقة الدين، وحل النزاع في وقته، هي حل للنزاع في وقته، فكيف يجعل الحل أصل لمشكلة، العلماء يقولون: له أن يركب ما يركب، ويحلب ما يحلب، نعم، شريطة أن يكون مقابله يعلفه وما أشبه ذلك، لما لا يضره.

الحديث يقول...

طالب:......

استهلاكه، إي نعم بلا شك، يعني الآن يمكن الاستيفاء منه، باعتبار أن هذا الشخص دفع مقدم مثلاً، ورهنت السيارة، وإن كان عاد الطريقة في رهنها ما هي بواضحة، يجعلون الاسم المالك هو البائع نفسه، هذا المقدم ضمان للاستهلاك للقسط الأول، إذا دفع القسط الأول صار في مقابل استعماله، دفع القسط الثاني فهم يوازنون أمورهم، هي السيارة مبيعة بالتقسيط، وأيضاً وجود الاستمارة عندهم..، كان إلى عهد قريب يكتب على الاستمارة لما كانت شبه الدفتر يكتب على السيارة مرهونة، وبعد ذلك لا يستطيع بيعها، وهذا إجراء طبيعي مثل الصك، أو مثلاً المرتهن يأخذ الاستمارة عنده ويعطيه ورقة أن الاستمارة عندي، وتصدق من المرور، يعني هذه حلول، لكن تبقى السيارة باسم المالك الأول هذا لا شك أنه يفضي إلى النزاع.

يقول: "عن عائشة -رضي الله عنها-" في الحديث الأول "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اشترى من يهودي طعاماً" النبي -عليه الصلاة والسلام- جاء في وصفه وفي وصف عيشه -عليه الصلاة والسلام- أنه متقلل من الدنيا، وعازف عنها، وأنه لا يدخر شيئاً، وجاء..، ثبت عنه في الصحيح أنه قال: ((لا يسرني أن يكون لي مثل أحد ذهباً تأتي علي ثالثة وعندي منه دينار إلا دينار أرصده لدين إلا أن أقول به هكذا وهكذا وهكذا))... إلى آخره، ولذا يحتاج النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويجوع -عليه الصلاة والسلام-، ويُرى الهلال والثاني والثالث في شهرين وما أوقد في بيته نار -عليه الصلاة والسلام-، وهو أكمل الخلق، وأشرف الخلق، وأكرمهم على الله، ومع ذلك يشتري من يهودي، في هذا صحة المعاملة مع الكفار، وأن العقود تثبت لهم الحقوق التي يتفق عليها الطرفان من أجلها، وإن كانت معاملاتهم فيها ما فيها، وإن باعوا الخمر، وإن تعاملوا بالربا، لكن على الإنسان أن ينظر في عقده هو، لا يشتمل على محرم، لا يبرم معهم عقداً محرماً، لكن كونهم يتعاملون بالعقود المحرمة هذا لا ينظر إليه؛ لأن اليهود يتعاملون معاملات محرمة، ومع ذلك اشترى منهم النبي -عليه الصلاة والسلام-.

قد يقول قائل: لماذا لم يشترِ النبي -عليه الصلاة والسلام- من أغنياء الصحابة، من المزارعين من الصحابة، ومن أغنيائهم وأثريائهم؟ نعم؟ هذا أولاً: لبيان الجواز، وأن التعامل مع الكفار لا شيء فيه، إذا كانت المعاملة صحيحة، الأمر الثاني: دفعاً للمنة والحرج، من الذي يستطيع من الصحابة من كبارهم وأغنيائهم وأثريائهم أن يقول: النبي -عليه الصلاة والسلام- في ذمته لي مبلغ كذا، والرهن كيف يشرع؟ الرهن بالفعل بهذه الطريقة هل يمكن أن يكون صحابي يقول: لا، لا أبيعك يا رسول الله حتى ترهني كذا؟ فدفعاً لمثل هذا الحرج، وبياناً للحكم اشترى النبي -عليه الصلاة والسلام- من هذا اليهودي طعاماً له ولأهل بيته -عليه الصلاة والسلام-، يجوع ويربط الحجر على بطنه، وهو مع ذلك أشرف الخلق، وأكمل الخلق، وأخشى الخلق، وأعلم الخلق، وأكرمهم على الله -جل وعلا-، وسيد ولد آدم -عليه الصلاة والسلام- "ورهنه درعاً"... نعم؟

طالب:.......

على كل حال من عادى المسلمين وضر المسلمين يضر، يعامل بالضرر، لكن لا يعتدى عليه إلا بحق، أقول: لا يمكن أن يعتدى عليه، لكن كوني ما أشتري من شخص، أنت لو صار بينك وبين فلان من أمور الدنيا مثلاً نزاع وإلا شيء، أو هجرته لله، نعم، وقاطعته وهو مسلم، نعم عندك بقالة مثلاً بجوارك بقالة تبيع محرم مثلاً دخان، وإلا مجلات فيها صور أو ما أشبه ذلك، تقول: والله أنا أقاطع ها البقالة أشتري من البقالة الثانية، تؤجر وإلا ما تؤجر؟ تؤجر على هذا بلا شك، فالأمور بمقاصدها.

طالب:.......

طيب، هو محتاج..، هذا أكل هذا، ويش أعظم من حاجة الأكل؟

 

شوف من باب آخر الآن، الآن فيه مصالح ومفاسد، يعني كونك تستدين من شخص يتعامل بمعاملات محرمة ومعاملتك صحيحة، تستدين من هذا الشخص، ويوجد شخص آخر لا يتعامل بمعاملات محرمة، وبنفس العقد وبنفس النسبة لا تتضرر أنت، لا شك أن هذا هو المقدم؛ لأن تعاملك مع الآخر تعاون على الإثم والعدوان، أنت الآن تدعمه، لولا أنك محتاج لقلنا: ما يجوز التعامل معه، والثاني أنت بحاجة إلى دعمه من أجل إعانته على البقاء، وأيضاً الثاني كونه يضطر إلى أن يصحح معاملاته، ففي هذه النية لا تتعامل مع هذا إلا إذا لم تجد غيره، ولذلك البنوك التي تتعامل بالربا لا يتعامل معها إلا مع عدم وجود غيرها.

"اشترى من يهودي طعاماً ورهنه درعاً" الدرع: ما يتقى به من السهام وغيرها في الحرب، وفي هذا جواز الرهن، وهو ثابت بالكتاب والسنة والإجماع، وصحة التعامل مع الكفار، وفيه أيضاً اتخاذ الأسباب، النبي -عليه الصلاة والسلام- توكله على الله -جل وعلا- كامل، وأخذ بالسبب، عنده درع من حديد، وأمر بفعل الأسباب، ولا شك أن للأسباب تأثيراً، ولها أثراً جعله الله -جل وعلا- فيها، ولو شاء لسلبه عنها، فلها تأثير لا كما يقول الأشعرية، وتأثيرها ليس من ذاتها، وإنما بجعل الله -جل وعلا- لها هذا الأثر، فخلافاً لما يقوله المعتزلة، وأنها تؤثر بذاتها، المقصود أن بذل الأسباب وفعل الأسباب المأمور بها لا ينافي التوكل، وأيضاً لها أثر، والذي جعل فيها هذا الأثر هو الله -جل وعلا-، فلا تؤثر بذاتها كما يقول المعتزلة، ولا يقال كما تقول الأشعرية أنه ليس لها أثر بل وجودها مثل عدمها، والقول الوسط مذهب أهل السنة والجماعة.

"درعاً من حديد" فيجوز لبسه ولو كان من حديد، وما جاء من أن الحديد حلية أهل النار فهو ضعيف، نعم ضعيف، وجاء النهي عن اتخاذ خاتم من حديد؛ لأنها حلية أهل النار وسوار الحديد كل هذا ضعيف، لماذا؟ لأنه معارض بحديث: ((التمس ولو خاتماً من حديد)) وهو في الصحيحين، وبهذا ضعفه الأئمة، وفي إسناده ضعف على كل حال.

نعم الحديث الثاني.

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((مطل الغني ظلم، وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع)).

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث الثاني:

"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((مطل الغني ظلم))" مطل الغني: يعني تأخير دفع من جهة القادر على الأداء وترديد الدائن ظلم، ووجه كونه ظلماً أنه مستحق لهذا الدين، مستحق لهذه الأجرة، مستحق لقيمة البضاعة فوراً، إلا إذا أجلت إلى أجل معلوم يلتزم به الطرفان، لكن إذا حل فتأخيره وترديده لا شك أنه يضر به، فهذا ظلم له، مطل الغني: المراد به مدافعته وتأخيره الدفع، دفع المال لمستحقه ((ظلم)) في بعض الروايات: ((لي الواجد ظلم، يبيح عرضه وعقوبته)) وما دام ظلم فهو محرم ((إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا)) فيجب دفع المال لصاحبه متى طلبه، إذا كان حالاً، ولا يجوز حينئذٍ تأخيره، وإذا أخره الواجد وهو الغني استحق العقوبة، استحق التعزير من قبل الإمام، "يبيح عرضه" بأن يقول صاحب الدين: مطلني فلان، ما هو يبيح عرضه يعني يلصق به التهم، ويتحدث به في المجالس، ويستطيل في عرضه بما كان وما لم يكن! لا، أهل العلم يقولون: يبيح من عرضه أن تقول: مطلني فلان، {لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ} [(148) سورة النساء] وهذا مظلوم لكن بقدر المظلمة، وعقوبته يعني يعزر، من الذي يعزره؟ من له التعزير وهو الإمام، ما يأتي يقول له: أعطني مالي، يقول: والله غداً -إن شاء الله- تأتينا، أو الجمعة أو السبت ثم يضربه وإلا يتعدى عليه، يقول: أنا الشرع أباح لي عقوبته، وأنا أعاقبه! ليست لك العقوبة، وإنما العقوبة لمن جعل الله بيده الحدود والتعازير وهو الإمام.

طالب:........

صارت مشكلة كل واحد، يعني هذه العقوبة هي شرعاً ثابتة، لكن لمن؟ لمن له إقامة الحدود والتعازير وهو الإمام.

((وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع)) وفي بعض الروايات: ((وإذا أحيل أحدكم على مليء فليحتل)) يعني يقبل الحوالة، شريطة أن يكون المحال عليه مليء، بمعنى أنه يدفع متى طلب منه المال، ولا شك أن تشريع الحوالة هي في الأصل دين بدين، دين في ذمة زيد أحيل عليه دين في ذمة عمرو، والأصل أن بيع الدين بالدين -بيع الكالئ بالكالئ- ممنوع، لكن هذا عقد إرفاق لمصلحة الأطراف كلها، قد يكون المحيل المدين الأول ما عنده ما يسد به لدائنه، فيقول: أنا والله ما عندي شيء، لكن عند فلان لي مبلغ كذا، اذهب فخذه منه، حوالة، فتنحل مشكلة المدين الأول، وأيضاً صاحب الدين الذي قبل الحوالة يعجل له قضاء دينه، وأيضاً المحال عليه قد يكون المحيل بينه وبينه أمور تقتضي أن يجامله ويؤخر الدفع فيتأخر الدفع، أو تقتضي أنه ليس عنده من قوة الشخصية ما يستطيع به استخراج الحق، فالمحال الذي قبل الحوالة عنده ما يستطيع به أن يستخرج هذا الدين فينتفع الأطراف كلها، ولا شك أن مصلحتها ظاهرة، وأهل العلم يشترطون رضا المحيل ورضا المحال، ولا يشترطون رضا المحال عليه؛ لأنه مستحق الدفع سواءً لهذا أو لهذا.

((وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع)) أوجب بعضهم قبول الحوالة، والجمهور على أنه للاستحباب، واللام لام الأمر، والأصل في الأمر الوجوب، فإذا أمن المحال من ضياع حقه فالقول بوجوب قبول الحوالة متجه؛ لأن اللام لام الأمر، لكن لو أن شخصاً مدين لجاره بمبلغ من المال، فقال الجار: والله أنا الآن ما عندي شيء، لكن فلان في الحي الفلاني الذي يبعد كذا عشرين خمسين كيلو عنا، عنده لي دين، روح اقبض منه، هل يلزم بأن يقبل لأن المشور عليه يحتاج إلى كلفة، إذا كان الاستيفاء من المحيل والمحال عليه على حد سواء فالمتجه وجوب قبول الحوالة، يعني جار يطلب جاره ديناً، يقول: والله أنا لي ديناً عند جارنا الفلاني، ما في فرق بين أن يذهب إلى هذا أو إلى هذا، لكن إذا كان يكلفه في بدنه، يكلفه في ماله، مثل هذا يتجه القول بالاستحباب.

طالب:........

وغيره، وغيره، هذا يدخل في غيره هذا.

طالب:........

من ضمن الأبواب، ما يدخل في الرهن لكن يدخل في غيره، لو جاب حديث في الصلاة ويش المانع؟ تدخل بغيره، لكن في الغالب أنها تكون أحاديث في الباب عموماً، يعني لها ارتباط؛ لكونها كلها في المعاملات، نعم.

وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من أدرك ماله بعينه عند رجل -أو إنسان- قد أفلس فهو أحق به من غيره)).

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث الثالث:

"عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" هذا شك، ولا فرق بين (قال) وبين (سمعت) إلا أن (سمعت) أصرح في كونها دون واسطة، وأما (قال) يحتمل الواسطة، لكن من دقتهم يفرقون ويبينون مثل هذا الاختلاف.

"أو قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من أدرك ماله بعينه عند رجل))" أدرك ماله بعينه: باع زيد على عمرو سلعة، سيارة مثلاً، كتاب أو غير ذلك من الأمتعة، ثم أفلس عمرو، لزيد أن يأخذ هذه العين فهو أحق بها من غيره من الغرماء، أحق بها، ((من أدرك ماله بعينه)) بعينه يكفي قوله: ((أدرك ماله بعينه))؟ ماله يكفي عن قوله: ((بعينه))؟ يعني لو شخص اشترى منك كتاب، كتاب نفترض أنه ها الطبعة هذه من هذا الكتاب، ثم سرقت منه وراح واشترى طبعة ثانية نفس الطبعة هل هذا مالك بعينه؟ نعم نفس الطبعة، ما تختلف، إذاً قوله: ((ماله بعينه)) قيد ويش يفيد؟ أنه لم يتغير، أن المال مالك أنت لا مثله ولا نظيره ولا شبيهه، إنما نفس المال ((بعينه)) يعني على صفته التي أخذه منك عليها، افترض أنه اشترى هذا الكتاب، ثم راح وفك التجليد وجلده تجليد فاخر، ثم جيت والله الكتاب كتابك لكن هل هو بعينه؟ هل هو بعينه وإلا تغيرت عينه؟

طالب:........

إيه لا، يتضرر المشتري، فرق بين ضرر البائع وضرر المشتري، عكس هذه الصورة لو كان مجلد، نعم ومع الاستعمال طاح الجلد ولا جلده ثانية، أدركت مالك بعينه، كونك تتنازل عن الجلد الأول هو مالك بعينه، نعم، وإن شئت فقل: بعض مالك، هنا في هذه الصورة تختلف عما لو كان يعني نقص السلعة مؤثر وإلا غير مؤثر مع رضا صاحب السلعة؟ لا يؤثر، لكن الزيادة فيها مؤثر؛ لأنه صار له شريك، الجلد ما هو بلك، وإن كان الجلد تابع للكتاب، ويثبت عند أهل العلم تبعاً ما لا يثبت استقلالاً، أنت الآن اشتريت كتاب نفترض الفتاوى مثلاً، مجموع فتاوى شيخ الإسلام ما اشتريتها أنت، أخذتها من المستودع توزع وقف، فجيت وجلدتها بألف ريال، سبعة وثلاثين مجلد تجلد بألف ريال، ثم استغنيت عنها تبي بقيمتها كتاب ثاني، هل يجوز أن تبيعها بقيمة التجليد وهي وقف؟ أو نقول: التجليد تابع هذا ما له قيمة؟ نعم؟ أنت صرفت عليها شل التجليد وبيعه لحاله، هذا الذي صرفت عليها، أما تبيعه مع الكتاب ما اشترى التجليد هو، الآن هو اشترى الكتاب، فعلى هذا القول بأننا نبيع التجليد تحايل، افترض أن كتاب تجليد يعني فاخر جداً خله بألفين ريال ما هو بألف، وهو بدون تجليد ما يسوى ألف، تقول: والله أنا با أبيع التجليد، ما أنا ببائع..، نقول: لا يا أخي، لولا الكتاب ما مشى التجليد، فهذه في هذه الصورة تبع، فهل نقول مثل هذا فيما لو وجدنا عين السلعة إلا أنه جلدها؟ نعم؟

طالب: يختلف.

يختلف، بلا شك يختلف، يختلف يعني يقول: أنا والله ما أنا بمعطيك إياه، أنت أسوة الغرماء، هذا مالك لكن ليس بعينه، وأنا شريك لك في هذا الكتاب؛ لأنه أحياناً يكون التجليد أغلى من قيمة الكتاب، يقول: أنا وياك شركاء في هذا الكتاب، هذا مالك وهو أيضاً مالي، أنا وإياك سواء، وليس المال بعينه بهذا القيد، الآن فائدة هذا الحديث أن هذا الشخص مدين بمائة ألف، وأنت بعت عليه هذا الكتاب بمائة ريال، هل تكن أسوة الغرماء وإلا تأخذ الكتاب؟ الأصل إذا كان الكتاب على حاله بعينه تأخذ الكتاب، أنت أولى الناس به، نعم، لكن لو تغير؟ أنت أدركت مالك لكن ليس بعينه، إن تغير إلى نقص وقبلت النقص ولم تطلب عوض هذا من باب أولى، لكن إذا تغير إلى زيادة؟ نعم؟

طالب:.......

لا، هو الآن أنت ما أدركت مالك بعينه، فمثل هذه الصورة تخرج بقوله: ((بعينه)) تخرج مثل هذه الصور بقوله: ((بعينه)) لكن ليس له حجة، وليس بمتضرر إذا أدركته بنقص وقبلته على نقصه فليس له حجة، فأنت أولى الناس به.

طالب:........

وين؟

طالب:.......

إذا تغير؟

طالب:.......

يصير أسوة الغرماء، يباع ويوزع قيمته على الغرماء كلهم، نعم، على شان أنه صار شريك لك، ما هو بمالك أنت، مالك ومال غيرك، فالميزة التي في الحديث انتهت، القيد الذي في الحديث ارتفع، نعم.

((من أدرك ماله بعينه عند رجل)) ومثله المرأة، يعني لا فرق ((عند رجل -أو إنسان-)) وهذا شك، ولا يفرق، لكن هذا من باب احتياطهم في الرواية، ((قد أفلس)) والإفلاس: أن يكون له ما يملك لكنه أقل من ديونه، أن يكون ممتلكاته أقل من ديونه، أو لا يملك شيئاً، ولذا جاء قي الحديث: ((أتدرون من المفلس؟)) قالوا: المفلس من لا درهم له ولا متاع، يعني لا شيء عنده، ويدخل في حد الإفلاس إذا كان عنده شيء، لكنه لا يفي بفلوسه أو كان عنده ما يفي بديونه غير الحالة، شخص عنده مائة ألف رصيد، ومدين بمائة ألف، إنفاقه وصرفه من هذه الدراهم يضر بإيش؟ بالدائنين، فعلى هذا يحجر عليه أو يسدد؛ لئلا يتضرر الدائنين، ومن باب أولى إذا كانت لا تفي، ومن باب أولى إذا كان لا يملك شيئاً.

الإفلاس في عرف الشرع في هذا الحديث حقيقة شرعية، تكون ممتلكاته لا تفي بديونه، هذه حقيقة شرعية، إذاً كيف نفاها النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((لا))؟ ((أتدرون من المفلس؟)) قالوا: المفلس من لا درهم له ولا متاع، قال: ((لا، المفلس من يأتي بأعمال أمثال الجبال)) وذكر من الأعمال ((ويأتي وقد ضرب هذا، وشتم هذا، وأخذ مال هذا، وانتهك عرض هذا)) هذا مفلس، فنفى حقيقة شرعية، وأثبت حقيقة أخرى؛ لأن الإفلاس له أكثر من حقيقة شرعية؛ لأنها كلها جاءت على لسان الشرع، فالذي عندنا الحقيقة الثانية التي نفاها في الحديث الأول.

((أفلس)) فصار ذا فلوس بعد أن كان ذا دراهم ودنانير، الفلوس عملات صغيرة جداً، نعم، يعني مثل الهلل بالنسبة لـ...، نعم، أقول: عملة قليلة القيمة، نعم، وأصله فلس نعم، هذا الأصل، وعندهم مثله أو أقل منه الدانق، الدرهم ستة دوانيق، دانق هذه عملات صغيرة لا يمكن صرفها، لكن البخيل يستطيع صرفها، يستطيع أن يقسمها ويجزئها أجزاء، وإلا ما تقبل التجزئة، واحد عنده دانق، ويش أصغر من الدانق؟ لو تقول له: خذ هللة بينك أنت وأخوك، وبينك وبين إخوانك، ويش تسوي الهللة؟ رجل غني ذهب إلى السوق واشترى بضاعة، فأتى بحمال قال: كم تشيل هذه البضاعة؟ كم تحمل هذه البضاعة؟ قال: بدانق، قال: والله كثير الدانق، قال: أقل من دانق هات، قال: لا، نشتري فستق بالدانق ونأكله أنا وإياك، مثل هذا يستطيع أن يتصرف.

المقصود أن أفلس من الإفلاس، يعني صار صاحب فلوس بعد أن كان صاحب دراهم ودنانير، فلوس وأفلس نعم؟

طالب:.......

إيه، بس الإفلاس؟

طالب:.......

كذلك.

((قد أفلس فهو أحق به من غيره)) يعني يملك أخذه بهذا الحديث، ويحكم به له دون غيره من الغرماء.

طالب:.......

لا يعتبر وقف؛ لأنه مضر بالدائنين، كمن أعتق وعليه دين، باعه النبي -عليه الصلاة والسلام- فيمن يزيد، وهذا عتق، الشرع يتشوف للعتق أكثر من الوقف، فمثل هذا لا يمكن من الوقف.

طالب:.......

تعارض سنة مع واجب، نعم.

وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: "جعل" وفي لفظ: "قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالشفعة في كل مال لم يقسم، فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق فلا شفعة".

يقول -رحمه الله تعالى- في الحديث الرابع:

"عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: "جعل" وفي لفظ: "قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالشفعة" جعل الشفعة في كل مال لم يقسم، وقضى النبي -عليه الصلاة والسلام- يعني حكم النبي -عليه الصلاة والسلام- بالشفعة، وهي مأخوذة من الشفع ضد الوتر؛ لأن الشافع يريد ضم نصيب غيره إلى نصيبه، ضم نصيب الشريك إلى نصيبه، فيكون بذلك بعد أن كان فرداً نصيب واحد صار شفعاً أكثر من نصيب.

"في كل مال لم يقسم" كل مال، يقتضي العموم، لم يقسم، نعم كل مال فيه شفعة، مقتضى الحديث أن الشفعة في كل مال، شريطة أن يكون هذا المال لم يقسم، لم يعرف نصيب زيد من نصيب عمرو، لم يتميز نصيب زيد من نصيب عمرو، فلو افترضنا أن تمراً بين زيد وعمرو، مائة صاع، لزيد خمسين، ولعمرو خمسين، باع زيد على بكر، يشفع عمرو وإلا ما يشفع؟ مقتضى الحديث؟ إذا استصحبنا الحكمة والعلة حكمة التشريع في الشفعة، وهي دفع الضرر اللاحق بالشريك، لكن هل يتضرر الشريك بأن يكون شريكه في هذا المال زيد أو بكر؟ نعم؟ كيف يتضرر؟ نعم؟ يعني افترضنا أنه تمر، خمسين صاع في عشرة أكياس، في كل كيس خمسة آصع، يعني متميزة، هذه الخمسة لزيد، وهذه الخمسة لعمرو، جاء زيد وباع نصيبه، يشفع وإلا ما يشفع؟

طالب:.......

هاه؟

طالب:.......

لماذا؟ لأنه مقسوم، لكن لو كان غير مقسوم نعم نصيبه مشاع، نصف من هذه الصبرة من التمر مقتضى الحديث أن له أن يشفع، لكن هل الحكمة من تشريع الشفعة تتحقق في مثل هذا بأن يكون شريكه زيد أو عمرو، يعني الحاجة قائمة مثلاً؛ لأن خمسين صاع ما تكفيه لمدة سنة، ومائة صاع تكفيه مثلاً، نعم، تكفيه لمدة سنة فهو محتاج إلى ما بيد شريكه، وشريكه يبيع عليه أو على غيره بدون فرق، فتتحقق حينئذٍ حكمة التشريعية من هذا الحكم، شريطة أن لم يكن قسم، لكن قسمته سهلة، يعني قسمة التمر مثلاً هل هي مثل قسمة الأراضي، ومثل قسمة الدور، ومثل قسمة..؟ نعم؟ مقتضى قوله: "في كل مال" ثبوت الشفعة لكل شريك في أي مال من الأموال، شريطة أن يكون المال غير مقسوم.

"فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق فلا شفعة" نعم، أرض أو بيت بين زيد وعمرو، الآن لو باع زيد على بكر تضرر عمرو، نعم يتضرر، وهو محتاج إلى النصف الثاني من الدار، فيثبت له الشفعة، فإذا باعه على غيره له أن يطالب به، ويدفع مثل ما دفع المشتري الأول بالحديث، هذا إذا لم تقع الحدود، يعني أرض يمكن قسمتها، بيت يمكن قسمته، وحينئذٍ يكون شريك وإلا جار إذا تمت القسمة؟ جار، وفي الحديث: ((الجار أحق بصقبه)) ومن أهل العلم من يثبت الحق للجار، لكن الآن الحدود عرفت وصرفت، الجار إذا كانا يشتركان في الطريق الذي يتأذى به أحدهما لو بيع على غيره يحمل عليه الحديث، هما يشتركان في طريق ضيق مثلاً، طريق ضيق ما فيه إلا باب هذا الجار، وباب هذا الجار، وأراده الجار من أجل أن يستقل بالطريق؛ لأن هذه الطريق المبيع الأخير في هذا الطريق في هذا السد مثلاً، وشخص أجنبي يريد أن يشتري بيت الجار، واحتمال أن يكون ما هو مثل الجار الأول، الجار الأول عفيف ومتعفف ولا يضر، سواءً راح وإلا جاء وإلا، الثاني لا، إن شاف باب مفتوح التفت، وإن شاف غفلة استغلها، وإن شاف..، يوجد من مثل هذا، فهو متضرر، فإذا اشتركا في الطريق الذي يتضرر به أحدهما تثبت الشفعة للجار، وعلى هذا يحمل الأحاديث التي تثبت الشفعة للجار، أما إذا كان لا يتضرر، فنقول: إذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق فلا شفعة، نعم.

طالب:.......

ترون نضطر يا الإخوان نكمل بسرعة على شان إيش؟ الوقت، الأحاديث كثيرة وليس لها إلا هذا الأسبوع يعني.

طالب:......

في كل ما لم يقسم، ومال لم يقسم، ما يؤثر هذا؛ لأن (ما) من صيغ العموم، وتقديره: كل شيء لم يقسم.

طالب:.......

لا، لا، جاء في بعض الروايات: "قد أفلس أو مات" نعم.

سم.

عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: "أصاب عمراً -رضي الله عنه- أرضاً بخيبر، فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- يستأمره فيها، فقال: يا رسول الله، إني أصبت أرضاً بخيبر لم أصب مالاً قط هو أنفس عندي منه فما تأمرني به؟ قال: ((إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها)) قال: فتصدق بها عمر، غير أنه لا يباع أصلها، ولا يورث، ولا يوهب، قال: فتصدق بها عمر في الفقراء، وفي القربى، وفي الرقاب، وفي سبيل الله، وابن السبيل، والضيف، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، أو يطعم صديقاً غير متمول فيه" وفي لفظ: "غير متأثل".

نعم يدخل في قول المؤلف في الترجمة: "وغيره" الوقف الذي هو مفاد هذا الحديث.

يقول: "عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: أصاب عمر أرضاً" يعني هل من الأدب أن يسمي الولد أباه باسمه؟ وما أصاب أبي، ولا أصاب أبو حفص، ولا..، نعم؟

طالب:........

كيف؟

طالب:........

إيه لكن هل يختلف الحكم ما إذا كان الخطاب بحضرته أو بغيبته؟ نعم؟ يختلف الحكم، لو كان بحضرته ما قال: أصاب عمر، ولذلك تجدون في الخطابات تتفاوت، حينما يخبر عنه بغير حضرته لا يمنع؛ لأن السبب الذي من أجله يعدل، بل أمر بأن يعدل عن اللفظ الذي يوحي بعدم القرابة؛ لأنه لما يقول: قال أبي مثلاً، أو قال عمي، أو قال خالي لا شك أنه أفضل بكثير من أن يقول: قال فلان، لماذا؟ لأن اللفظ المعبر به يشعر بالصلة الوثيقة بينهما، وهي الأبوة أو العمومة أو الخئولة، مشعر بهذه الصلة، فالتسمية مقرونة بالصلة، بينما لو قال: قال فلان وقال فلان، ويش الفرق بين فلان وعلان من أبعد الناس وأقربهم؟ ولذا... نعم؟

طالب:........

هو احتمال، لكن يبقى أن مثل هذا لا يضر، ابن عمر بعد وفاة أبيه يقول: قال عمر، كل الناس تقول: قال عمر، نعم، وأخذت ألسنة الناس على هذا، أخذت ألسنة الناس على هذا، ما في العلة التي من أجلها يعدل عن من هذا إلى هذا مرتفعة، المقصود أن ألسنة الناس كلها: قال عمر، فعل عمر.

طالب:......

إيه ومع ذلك ما قال: أصاب أمير المؤمنين؛ لأن هذه الإصابة قبل كونه أميراً للمؤمنين.

على كل حال مدار المسألة على وجوده وعدمه، على تحقيق الهدف أو عدمه، مثل هذا ما يضر، ولذلك حتى استعمال الأسماء المجردة سائغة عند السلف، قال أبو بكر، قال عمر، كل الناس يقولون، لكن الابن ينبغي أو القريب ينبغي أن يعبر بما يشعر بالصلة؛ لذلك إبراهيم -عليه السلام- وأبوه كافر، يا أبت، ولا شك أن التكنية أفضل من الاسم المجرد، وأكمل.

فهنا يقول: "أصاب عمر أرضاً بخيبر، فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- يستأمره فيها" يعني يطلب أمره فيما يصنع فيها "فقال: يا رسول الله إني أصبت أرضاً بخيبر" قص عليه القصة "لم أصب مالاً قط هو أنفس عندي منه" يعني من هذا المال وهو الأرض، وفي رواية: منها، ويعود على الأرض، أو يعود على المال الذي هو عبارة عن هذه الأرض "لم أصب مالاً قط هو أنفس عندي منه، فما تأمرني به؟" يعني هل في أسلوبه ما يشعر بالمنة؟ يقول: إذاً والله نتصدق بهذا وهو نفيس جداً؟ نعم؟ أو نقول: صرح بما قد يكون له أثر في الحكم؟ احتمال أن يقول له: ما دام هذا أنفس أموالك ادخره لنفسك ولأولادك وابحث عن غيره؟ نعم كما قال لسعد: ((إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس)) ما دام هذا أنفس أموالك اتركه لك، فلكون الوصف قد يكون له أثر في الحكم ذكره، وليس على سبيل الامتنان، أبداً، نعم، "هو أنفس عندي منه، فما تأمرني به؟" نعم؟

طالب:.......

إيه لكن كونه لو لم يرد الوقف، نعم ما يريد وقف، لو قال: والله أنا الحمد لله صار نصيبي من خيبر أرض هي أنفس الأموال عندي وسكت، هذا ماشي يشكر الله ويحمده على هذه النعمة، لكن أريد أن أتصدق بها، طيب أنت معك ثوب تبي تتصدق به على فقير، هل يحسن أن تقول لهذا الفقير: والله هذا الثوب ممتاز وتراني مفصله ما أدري بمائتين ريال ثلاثمائة ريال؟ أو تعطيه إياه وبس؟

طالب:......

ما هو..، لكن أيضاً كونه يشعر بأن هذا مال نفيس، خذ يا رسول الله هذا مال نفيس أريد أن أوقفه إيش يعني هذا؟

طالب:......

لا، هم يقولون: مثل هذا قد يكون له أثر في الحكم، يخشى عمر أنه ما دام نفيس أنه ما يصلح أن يتصدق به، فيخشى أن يكون هذا الوصف له أثر في الحكم فيترك له ولولده، ويبحث عن مال آخر يوقف.

طالب:.......

إيه لكن مثل نفس الشيء، هو احتمال أيضاً أن يكون ذكره لقيمة هذا الفستان أو هذه الأرض ليدعو له النبي -عليه الصلاة والسلام-، أو ليخبره بثوابه -عليه الصلاة والسلام-، فيكون تنشيطاً له.

"فما تأمرني به؟ قال: ((إن شئت))..."

طالب:......

المقصود أن هذا له سبب غير المنة "فما تأمرني به؟ قال: ((إن شئت))" ترك الأمر إليه؛ لأنه إلى الآن ما بعد صار شيء، لكن لو أنفذ الوقف خلاص انتهى لزم ((إن شئت)) رده إلى مشيئته ((إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها)) يعني بغلتها، حبست أصلها، يعني أوقفت أصلها، فالوقف والتحبيس بمعنىً واحد "وتصدقت بها -يعني بغلتها- قال: فتصدق بها عمر" بالأرض يعني أخرجها عن ملكه، أخرجها لله ولرسوله "فتصدق بها عمر" يعني لا بعينها، لم يخرج عمر العين من يده التي هي يد الداخل، بمعنى أنه ملكها الفقراء والمساكين، قال: تملكونها ملكاً تصنعون بها ما شئتم، لا، إنما بهذا الشرط "غير أنه لا يباع أصلها" الأرض تبقى "ولا يورث، ولا يوهب" بمعنى أنه ليس بتمليك، ليس بتمليك للأصل، وإن كان فيه تمليك للغلة، وهي الفرع "ولا يوهب، قال: فتصدق بها عمر" يعني بغلتها "في الفقراء" في الفقراء ممن تدفع لهم الزكاة "وفي القربى" وإن كانوا لا يستحقون شيئاً من الزكاة، وإنما يستحقون الصلة "وفي الرقاب" تعتق بها، ويفك بها الأسرى "وفي سبيل الله" وهو الجهاد في قول عامة أهل العلم، وبعضهم أدخل فيه الحج بحديث ورد بذلك، وأن الحج في سبيل الله، وبعضهم توسع وقال: إن هذا اللفظ يشمل جميع أبواب الخير، وأبواب البر والإحسان، لكن الجمهور على أن المراد بسبيل الله إذا أطلق الجهاد "وابن السبيل" ابن السبيل الذي يكون في سفر ويحتاج إلى المعونة، تنتهي نفقته، أو تسرق نفقته، أو يفقد نفقته، على هذا يعطى من هذا المال، ويعطى أيضاً من الزكاة ما يبلغه إلى بلده "والضيف" إذا حل الضيف بعمر أو بآل عمر يصرف عليه، وينفق عليه، ويقرى هذا الضيف من غلة هذا الوقف "لا جناح على من وليها" يعني من ولي أمرها، وتصريف شئونها، والمنصوص عليه بعد عمر حفصة، والمنصوص عليه ممن يتولى الوقف بعد عمر حفصة، فتصح ولاية المرأة على مثل هذه الأمور، وبعدها الصالح المناسب من آل عمر.

طالب:........

هو الناظر هو، هو الناظر، هو الناظر، ناظر الوقف، هو هو.

"لا جناح -ولا حرج ولا إثم- على من وليها أن يأكل منها بالمعروف" يعني في مقابل ما يؤديه من خدمة، بالمعروف، التوسط، بمعنى أنه لا يزيد في الأكل بحيث يتضرر المصرف، ولا ينقص بحيث يتضرر الولي، "بالمعروف، أو يطعم صديقاً" يعني إن جاءه ضيف صديق له أو.. يطعم منه "غير متمول فيه" يعني ما يتخذ يأخذ منها أموال غير حاجته وغير نفقته، ويجعل له أرصدة، أو يشتري بذلك بضائع أو ممتلكات من غلة هذا الوقف، لا، إنما له أن يأكل فقط، كالولي على مال اليتيم.

"وفي لفظ: غير متأثل" أي: غير متخذ مالاً، والتأثل اتخاذ أصل المال، بمعنى أنه لا يأخذ من هذه الغلة ما يجعله أصلاً لماله، بحيث يستغله مستقلاً عن الوقف، بمعنى أنه يأخذ رواتب مثلاً، هو يكفيه أن يأكل من هذا البستان، ثم بعد ذلك يأخذ زيادة عن ذلك رواتب يجمعها ويدعيها، فإذا اجتمعت لديه ما يمكن أن يشتري به بيتاً أو دكاناً أو شيئاً أو مزرعة يستغلها ويستفيد منها حينئذٍ يكون قد تمول وقد تأثل.

نأخذ الحديث وإلا خلاص؟ كم باقي يا أبا عبد الله؟

طالب:.......

 

يعني ضارب بالوقف؟ غلة الوقف جعلها مضاربة، وأدخلها في مساهمة، نعم، ماذا عما لو اشتغل وعمل بغلة الوقف لتنمو؟ نعم؟ إذا كانت بضمانه بمعنى أنه يضمن، وغلب على ظنه الربح يتسامح في هذا وإلا فلا، الأصل أن يحفظ.

"