كتاب الحج (07)

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وإمام المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين.

 يقول المؤلف -رحمنا الله وإياه ووالدينا والمسلمين أجمعين-: باب قول الله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}[البقرة:196].

 وقال أبو كامل الفضيل بن حسين البصري قال: حدثنا أبو معشر قال: حدثنا عثمان بن غياث عن عكرمة عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه سئل عن متعة الحج، فقال: أهلَّ المهاجرون والأنصار وأزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع وأهللنا، فلما قدمنا مكة قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «اجعلوا إهلالكم بالحج عمرة إلا من قلد الهدي» طفنا بالبيت وبالصفا والمروة، وأتينا النساء ولبسنا الثياب، وقال: «من قلد الهدي فإنه لا يحل له حتى يبلغ الهدي محله»، ثم أمرنا عشية التروية أن نهلَّ بالحج، فإذا فرغنا من المناسك، جئنا فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة، فقد تمَّ حجنا وعلينا الهدي، كما قال الله تعالى: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ}[البقرة:196] إلى أمصاركم الشاة تجزي، فجمعوا نسكين في عام بين الحج والعمرة، فإن الله تعالى أنزله في كتابه، وسُنَّة نبيه -صلى الله عليه وسلم- و".

وسنَّه.

"وسنَّه نبيه -صلى الله عليه وسلم- وأباحه للناس غير أهل مكة، قال الله -جل وعلا-: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}[البقرة:196]، وأشهر الحج التي ذكر الله تعالى شوال وذو القعدة وذو الحجة، فمن تمتع في هذه الأشهر فعليه دمٌ أو صوم، والرفث الجماع، والفسوق المعاصي، والجدال المراء".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد،

فيقول الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: "باب قول الله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}[البقرة:196]" الإشارة في ذلك إلى أي شيء؟

طالب:...

تمتع، أهل مكة ليس لهم تمتع.

طالب:...

لماذا؟

طالب:...

يعني صورة المتمتع أن يعتمروا في أشهر الحج، ويحلوا ثم يهلوا بالحج مثل غيرهم، هل هذه الصورة موجودة بالنسبة لهم أو لا؟

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

هو الجمع بين الحج والعمرة العمرة في أشهر الحج ثم الإحرام بالحج من عامه، وإذا نظرنا إلى الإتيان بالنسكين في أشهر الحج فالصورة موجودة، لكن حكمهم حكم من رجع إلى أهله؛ لأنهم يرجعون إلى أهليهم في بيوتهم فلم ينشؤوا سفرًا واحدًا للنسكين، ولا أنشؤوا سفرًا ألبتة، بل كأن صورة التمتع التي يصورها ويحدها أهل العلم لأهل الآفاق أن يقدموا بسفر واحد، ويأتوا بالنسكين، هم أصلهم في مكة ما ترفهوا بترك سفر، ولا سفر واحد، فالصورة إذا قلنا التمتع والجمع بين النسكين بسفر واحد أو في أشهر الحج فصورة التمتع موجودة، لكن الكلام في صورة التمتع التي فيما لو كان الآفاقي، جاء بعمرة ثم رجع إلى أهله، ثم جاء بحج مفرد، هؤلاء رجعوا إلى أهليهم في بيوتهم.

طالب:...

نعم؟

طالب:...

لأن الخلاف في ذلك هل هو يرجع إلى التمتع من أصله أو إلى الهدي؟ يعني لو تمتعوا لا يلزمهم هدي.

طالب:...

نعم؟

طالب:...

الكلام على صورة التمتع، جاؤوا بعمرة وحلوا منها ثم أحرموا بالحج وحلوا منه، ما حقيقة التمتع؟ يجوز لهم أن يفعلوا عمرة ثم يحلوا منها ثم يهلوا بالحج؟ يجوز، ما الذي يمنع؟ لكن هل هذا منهم يسمى تمتعًا أم لا؟ يعني صورة التمتع التي في الآفاقيين ممتنعة بالنسبة لهم؛ لأن التمتع الترفه بترك السفر، وهؤلاء لا سفر عليهم أصلاً، فالصورة ممتنعة، ولكن وجود العمرة في أشهر الحج والحل منها ثم الإحرام بالحج مع الناس في يوم التروية هذا ليس موجودًا، ولذلك يختلف أهل العلم في الإشارة في ذلك هل يرجع إلى التمتع؟ فليس لأهل مكة تمتع، أو إلى الهدي وهو أنهم لو فعلوا التمتع وصورة التمتع وجدت منهم لا هدي عليهم، وبكلٍّ قال جمعٌ من أهل العلم.

طالب:...

ماذا فيها؟

طالب:...

النبي ما قال: أتموا -عليه الصلاة والسلام-، ما حُفِظ عنه أنه قال لهم: أتموا، ولذلك قال جمعٌ من أهل العلم: إن القصر للنسك، والجمع بعرفة ومزدلفة للنسك، ما هو للسفر وإلا فهؤلاء ما وُجِد منهم سفر، وكلٌّ على أصله في المسألة الذين يلزمون بالمسافة والمدة يقولون: على أهل مكة ومن لم يبلغ المسافة عليه أن يتم، ولا يلزم أن يقال لهم في كل مناسبة: أتموا، هم عرفوا الحكم سابقًا، ولا يلزم أن يقال لهم: أتموا، {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}[البقرة:196] يأتي الإشارة في آخر الحديث: وأباحه للناس غير أهل مكة، تفسيرًا لقوله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}[البقرة:196]، فحاضرو المسجد الحرام هم أهل مكة على هذا، وقال جمعٌ من أهل العلم: هم أهل الحرم، هم أهل الحرم، والفرق بين القولين أن الحرم قد يكون أوسع من مكة، وقد يكون أضيق من مكة، تتوسع مكة، وتتعدى حدود الحرم، وأباحه للناس غير أهل مكة، قال الله: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}[البقرة:196] هذا كلام من؟

طالب: .......

نعم، كلام ابن عباس، كلام ابن عباس، غير أهل مكة، القول الثاني في حاضري المسجد الحرام أنهم أهل الحرم، سواء زاد على مساحة مكة أو نقص عنها، والفرق بين القولين: أن من كان خارج حدود الحرم خارج حدود مكة داخل حدود الحرم على القول الأول الذين هم أهل مكة خارج مكة داخل حدود الحرم، أنهم ليسوا من حاضري البيت الحرام، ليسوا من حاضريه؛ لأنهم ليسوا من أهل مكة، ولو زادت مكة، وتعدت حدود الحرم فالقدر الزائد على حدود الحرم من مكة، فيكون من حاضري المسجد الحرام على القول الأول بخلاف القول الثاني، وأنهم أهل الحرم، فمن كان في داخل حدود الحرم من حاضري المسجد الحرام، في قول، وهو معروف عند الشافعية والحنابلة أنه من كان دون مسافة القصر، دون مسافة القصر، دون مسافة القصر، هذا معروف عند الشافعية وعند الحنابلة، يترتب عليه ما يفتي به بعض أهل العلم أن أهل جدة وأهل الطائف من حاضري المسجد الحرام، ولذلك لا هدي لهم ولا وداع ولا شيء، حكمهم حكم أهل مكة، ابن عباس يقول أو يمثِّل لمسافة القصر بين مكة وجدة، وبين مكة والطائف، ومكة وعسفان في البخاري، يذكر أمثلة لمسافة القصر بجدة والطائف وعسفان، الآن ينطبق كلام ابن عباس على أهل الطائف وجدة؟

طالب:...

تقاربت، الآن ما بين مكة وجدة ولا خمسين كيلو، وبين مكة والطائف خمسون أو خمسة وخمسون، تقاربت فليست مسافة قصر، ولذا كانت مسافة قصر وليسوا من حاضري المسجد الحرام بالاتفاق، والآن الخلاف موجود، ويقولون: أهل جدة وأهل الطائف ما عليهم وداع؛ لأنهم من حاضري المسجد الحرام؛ لأنهم دون مسافة القصر.

طالب:...

نعم.

طالب:...

نعم، يتمتع، ما يتمتعون؛ لأن صورة التمتع، أصل الحدّ إذا نظرنا إلى حدِّ التمتع ما هو، أن يعتمر في أشهر الحج، ويمكث حتى يحج من عامه، مقتضى يمكث أنه لمن جاء من سفر، يبقى في مكانه، وأدخلوا في حدّ التمتع ألا يسافر بينهما إلى بلده، لا يسافر بينهما إلى بلده.

طالب:...

لا، إذا أقام في مكة من أهل مكة، كم يقيمون؟

طالب:...

دراسة إقامة.

طالب:...

أهل الحديث يحدون أو ينسبون الراوي إلى بلد إذا أقام بها أربع سنوات، أربع سنوات، "وقال أبو كامل الفضيل بن حسين البصري" الجحدري، وقال أبو كامل، أبو كامل من شيوخ مسلم؟ لأنه قيل: إن البخاري أخذه عن مسلم، وقيل عن غيره، فالفتح.

طالب:...

نعم؟

طالب:...

هنا؟

طالب:...

وقال أبو كامل: وصله الإسماعيلي، قال: حدثنا القاسم بن مُطَرِّز قال: حدثنا أحمد بن سنان، حدثنا أبو كامل، وذكره بطوله، لكنه قال عثمان بن سعد بدل عثمان بن غياث، وكلاهما بصري، وله رواية عن عكرمة، لكن عثمان بن غياث ثقة، وعثمان بن سعد ضعيف، وقد أشار الإسماعيلي إلى أن شيخه القاسم وهم في قوله: عثمان بن سعد، ويؤيده أن أبا مسعود الدمشقي ذكر في الأطراف أنه وجده في رواية أو من رواية مسلم بن الحجاج عن أبي كامل كما ساقه البخاري، قال: فأظن البخاري أخذه عن مسلم، أخذه عن مسلم؛ لأنني لم أجده إلا من رواية مسلم، كذا قال.

 وتُعُقِّبَ باحتمال أن يكون البخاري أخذه عن أحمد بن سنان فإنه أحد مشايخه، ويحتمل أيضًا أن يكون أخذه عن أبي كامل نفسه فإنه أدركه وهو من الطبقة الوسطى من شيوخه، ولم نجد له ذكرًا في كتابه غير هذا الموضع، إلى آخره.

 إذا كان الإمام مسلم أدرك أبا كامل فالبخاري من باب أولى؛ لأنه شيخ لمسلم، لأنه شيخ لمسلم، ولا يستغرب أن يكون أخذه مسلم عن أبي كامل بغير واسطة، وأن يكون البخاري أخذه عن عنه بواسطة، فهناك أربعة أحاديث في البخاري يرويها مسلم عن شيخ بدون واسطة، ويرويها البخاري عنه بواسطة، فيكون سند البخاري فيه أنزل، فيكون سند البخاري فيه أنزل، وقال أبو كامل: يحتمل أن يكون موصولاً، أخذه عنه مباشرة، والعلماء يقولون: إن الراوي يعبِّر بما أخذه عن شيخه بقال في حال المذاكرة، لا في حال التحديث، في حال المذاكرة، لا في حال التحديث، وكرروا هذا مرارًا، لا سيما الكرماني يردده، فيحتمل أن يكون البخاري أخذ الحديث مباشرة عن أبي كامل، لكن ليس في حال التحديث المقصود، لكن في حال المذاكرة، يتذاكرون الحديث فيذكره من غير قصد.

 وقال أبو كامل: حدثنا فضيل بن حسين البصري "قال: حدثنا أبو معشر" البرَّاء أبو معشر البرَّاء بالتشديد؛ لأنه كان يبري السهام، فهذه صيغة مبالغة من بري السهام.

طالب:...

نعم، يختلف.

طالب:...

أبو معشر البرَّاء ثقة، وهناك أبو معشر السِّندي، ضعيف.

 "قال: حدثنا عثمان بن غياث عن عكرمة عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه سئل عن متعة الحج، فقال: أهلَّ المهاجرون والأنصار، وأزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع وأهللنا، فلما قدمنا مكة قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «اجعلوا إهلالكم بالحج عمرة»" أمرهم أن يقلبوا إحرامهم إلى عمرة، هذا لمن لم يكن قلّد الهدي، أُمر بذلك وفعل، «اجعلوا إهلالكم بالحج عمرة إلا من قلد الهدي» كحاله -عليه الصلاة والسلام-.

 "طفنا بالبيت طفنا بالبيت وبالصفا" بعض النسخ فيها: فطفنا، وهي أوضح، "طفنا بالبيت وبالصفا والمروة، وأتينا النساء" يعني حلوا الحلّ كله، "ولبسنا الثياب، وقال: «من قلد الهدي فإنه لا يحل له حتى يبلغ الهدي محله»، ثم أمرنا عشية التروية" يعني بعد الظهر "أن نهلَّ بالحج،"، "ثم أمرنا عشية التروية" وهو اليوم الثامن مثل هذا اليوم، "أن نهلَّ بالحج" سموه يوم التروية؛ لأنهم يتروون فيه من الماء ويتزودون منه؛ لأن المشاعر ليس فيها ماء، "ثم أمرنا عشية التروية أن نهلّ بالحج، فإذا فرغنا من المناسك، جئنا فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة، فقد تمَّ حجنا" فإذا فرغنا من المناسك يعني من عرفة ومزدلفة ونزلنا إلى منى ورمينا الجمرة إلى آخره، جئنا فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة فقد تمَّ حجنا، يقول ابن عباس في حديثه: وأتينا النساء، هل يدخل ابن عباس في هذا الكلام؟

ما يدخل، ما كُلِّف في ذلك الوقت، وأيضًا فإذا فرغنا من المناسك جئنا فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة، يعني الذين أمرهم النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يقلبوها عمرة وليس معهم هدي، وإلا فالذين جمعوا بين الحج والعمرة كحاله -عليه الصلاة والسلام- ما طافوا بين الصفا والمروة، "فقد تمَّ حجنا وعلينا الهدي، كما قال الله تعالى: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ}[البقرة:196]" فما استيسر من الهدي يأتي تفسير الهدي، {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ}[البقرة:196] ويكون آخرها الثامن أو يوم عرفة؟

جاء النهي عن صيام يوم عرفة، وجاء النهي عن صيام أيام التشريق، لكن الثلاثة الأيام تقدَّم يقدِّم الإحرام قبل عرفة بثلاثة أيام فيصومها، إن لم يتمكن صام أيام التشريق، وهذه مستثناة من النهي، {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ}[البقرة:196] في الحج، إلى أمصاركم هذا تفسير ابن عباس "إلى أمصاركم" ومن أهل العلم من يرى أن له أن يصومها إذا فرغ من حجه، ولو أقام في مكة، ومنهم من يرى أنه يبدأ بصيامها إذا شرع في الرجوع.

 "الشاة تجزئ" هي ما استيسر من الهدي، ما استيسر يعني تيسر من الهدي الشاة وهي أقل ما يجزي، إذ لا هدي إلا من بهيمة الأنعام، الشاة تجزئ.

 "فجمعوا نسكين في عام بين الحج والعمرة، فإن الله تعالى أنزله في كتابه" يعني التمتع، "وسُنَّه نبيه -صلى الله عليه وسلم-" بأمره للناس، "وأباحه للناس وأباحه للناس غير أهل مكة" وهذا تقدَّم الكلام فيه، "قال الله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}[البقرة:196] وأشهر الحج التي ذكر الله أشهر الحج التي ذكر الله تعالى شوال وذو القعدة وذو الحجة" ثلاثة أشهر بكمالها، وتقدَّم القول بأنها عشر من ذي الحجة، وهذا قول الجمهور، والمالكية يرون أن شهر ذي الحجة كامل، طيب ما الأثر المترتب على هذا الخلاف؟ أنه عشر من ذي الحجة أو شهر الحجة كامل، ما الأثر المترتب عليه؟

طالب:...

ماذا؟

طالب: .......

هم يقولون ما قالوا: ثلاثة عشر يوم، قالوا: الشهر كامل.

طالب:...

تقصد الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر؟

طالب:...

نعم؟

طالب:...

تكون في الحج صح، بعد أيام التشريق، وإلا لا يختلف في أنه فيما بعد أيام التشريق تنتهي أعمال المناسك، والخلاف في جواز تأخير بعض الأنساك التي يصوغ تأخيرها إلى ما بعد الثلاث كالطواف مثلاً.

طالب:...

لغير الحاج، لو أن الحاج أخَّر الطواف..

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

يؤخر الطواف نعم.

طالب:...

لا، هي في الحج بعد الإحرام بالحج.

طالب:...

لا لا، في الحج، ولذلك قالوا: يقدِّم الإحرام عن يوم التروية، حتى يتمكن من صيام الثلاثة في الحج.

 "فمن تمتع في هذه الأشهر فعليه دمٌ أو صوم" يعني من اعتمر بأشهر الحج الثلاثة ثم حجَّ بعد العمرة فعليه دم أو صوم، "والرفث الجماع، والفسوق المعاصي، والجدال المراء" الذي لا طائل تحته، وإلا لو تناقش من لديه أهلية للنقاش في مسألة علمية؛ ليتوصلوا إلى القول الصائب فيها فهذا ما يسمى جدالًا، الجدل الممنوع والذي جاء ذمُّه هو الجدل الذي يسمونه عقيمًا لا طائل تحته، بل هو مجرد قيل وقال حتى يغضب بعض الأطراف بعضًا، وهذا يحصل كثيرًا إذا اجتمعوا.

طالب:...

لا، ما يصير، لا، لكنه مكروه كراهية شديدة وحري بأن لا يرجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه.

طالب: .......

 نعم.

طالب:...

نعم. تريده يطعم؟

طالب:...

ما عليه، البدل، نعم.

"باب الاغتسال عند دخول مكة:

 قال: حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن علية قال: أخبرنا أيوب، عن نافع قال: كان ابن عمر -رضي الله عنهما- إذا دخل أدنى الحرم أمسك عن التلبية، ثم يبيت بذي طوى، ثم يصلي به الصبح، ويغتسل، ويحدِّثُ أن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- كان يفعل ذلك".

قال -رحمه الله-: "باب الاغتسال عند دخول مكة"، وهذا تقدَّم من فعل ابن عمر ونسبته ذلك إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، "قال: حدثني يعقوب بن إبراهيم" هذا الاغتسال عند دخول مكة لما كانت المسافة تستغرق وقتًا طويلاً فمدة ما بين الإحرام ودخول مكة في حجته -عليه الصلاة والسلام- تسعة أيام أو عشرة، أما الآن فإذا كانت ساعة فأقل مثلاً هل يحتاج إلى اغتسال ثانٍ؟

طالب:...

ما يحتاج؛ لأن العلة ارتفعت.

 "قال: حدثنا ابن علية قال: أخبرنا أيوب عن نافع قال: كان ابن عمر -رضي الله عنهما- إذا دخل أدنى الحرم أمسك عن التلبية، ثم يبيت بطوى بذي طوى، ثم يبيت بذي طوى، ثم يصلي به الصبح ويغتسل ويحدِّثُ أن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- كان يفعل ذلك" كان يفعل ذلك، وهذا تقدَّم. وتكلمنا في قطع التلبية عند دخوله أدنى الحرم، والأصل أنه لا يزال يلبي حتى يرى البيت أو يشرع في الطواف.

طالب:...

هو أصل الاغتسال للإحرام سنَّة، أصل الاغتسال للإحرام سنة للتهيؤ للإحرام وإزالة الشعث وما أشبه ذلك، ثم بعد ساعة يغتسل ثانية؟

طالب:...

أين؟

طالب: .......

نعم، من اقتدى وفعل فلن يحرم الأجر، لكن التكليف بهذا بعد ساعة، وبعض الناس عنده من الحرص الشديد والتعب ليتعب نفسه، ويتعب غيره، والآلاف المؤلفة من الحجاج يفعلون هذا، فيه مشقة، وعلى كل حال من فعل ذلك مقتديًا فلن يُحرَم الأجر إن شاء الله تعالى.

نعم.

"باب دخول مكة نهارًا أو ليلاً، بات النبي -صلى الله عليه وسلم- بذي طوى حتى أصبح ثم دخل مكة، وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- يفعله.

 قال: حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن عبيد الله قال: حدثني نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: بات النبي –صلى الله عليه وسلم- بذي طوى حتى أصبح ثم دخل مكة، وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- يفعله".

باب دخول مكة نهارًا أو ليلاً، بات النبي –صلى الله عليه وسلم- بذي طوى حتى أصبح، ثم دخل مكة، ودليله الحديث السابق، واللاحق؛ لأنه كرره مرة أخرى، وترجم بمضمونه بحكم شرعي.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

دخول مكة ليلاً أو نهارًا، نهارًا أو ليلاً، بات النبي –صلى الله عليه وسلم- بذي طوى حتى أصبح، والعادة من البخاري أنه يترجم بحديث أو أثر، وكثيرًا ما يترجم بحديث ليس على شرطه، وإذا كان الحديث على شرطه فبها ونعمت كما هنا، فذكر الحديث وكرره، بطريقة محببة أو مملة؟

طالب:...

تجامل يا أبا عبد الله؟

لا، كثير من طلاب العلم فضلاً عن عامة الناس وغوغائهم يملون من هذا التكرار، يملون من هذا التكرار، ولكنه عند أهل العلم لو تدقق في الحديثين وجدت فرقًا، وجدت فائدة إسنادية أو متنية، لا يكرر حديثًا في موضعين بالسند والمتن نفسه بحروفه، فلا يكرره إلا لفائدة، وقد يكرره في نحو عشرين موضعًا، لكن مع ذلك مع هذا التكرار يستنبط منه حكمًا شرعيًّا.

 بات النبي –صلى الله عليه وسلم- بذي طوى حتى أصبح، ثم دخل مكة، وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- يفعله، يعني فيما تقدَّم من الخبر، وفيما سيأتي.

 "قال: حدثنا مسدد" وهو مُسدَّدٌ كاسمه، كما سيأتي في كلام البخاري، "حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن عبيد الله" مسدد ابن؟

طالب:...

ابن؟

طالب:...

ابن؟

طالب:...

ابن مغربل بن عرندل بن سرندل بن أرندل.

طالب:...

ماذا عندك يا أبا خالد؟

طالب:...

هذا إن صحّ، لكن يسوقونه على هذا السياق ويتندرون به، قال بعضهم: هذه تصلح رقية للعقرب، السلسلة هذه بهذا السياق في نسب مسدد، والذي يغلب على الظن عدم اجتماع مثل هذه الأسماء، والذي يتأمل في أسماء الناس لا سيما البادية يجد الأعاجيب، يجد الأعاجيب في الأسماء.

 "قال حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن عبيد الله قال: حدثني نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: بات النبي –صلى الله عليه وسلم- بذي طوى حتى أصبح ثم دخل مكة، وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- يفعله" ودلالة الحديث على الترجمة ظاهرة، سيأتي في الباب واحد وأربعين عند الحديث ست وسبعين، سيأتي قريبًا.

"بابٌ: من أين يدخل مكة؟

قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر قال: حدثني معنٌ قال: حدثني مالك عن نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يدخل من الثنية العليا، ويخرج من الثنية السفلى".

"بابٌ: من أين يدخل مكة؟" من أين يدخل مكة؟ قال -رحمه الله-: "حدثنا إبراهيم بن المنذر قال: حدثني معنٌ" وهو ابن عيسى القزاز، الراوي عن الإمام مالك، وله موطأ، إحدى روايات الموطأ عن مالك، والحديث ليس في الموطأ.

 "قال: حدثني مالك عن نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يدخل من الثنية العليا" ويقال لها: كَدَاء بالفتح والمد، "ويخرج من الثنية السفلى" ويقال لها: كُدى بضم الكاف وبغير مد، وهناك ثنية ثالثة تسمى: كُدَيّ، كُدَيّ وهو مكان معروف إلى الآن، يدخل من الثنية العليا، ويخرج من الثنية السفلى، يقول حسان: عدمتُ هنيتي إن لم تروها تثير النقع..

طالب:...

موعدها كداء، فيدخل من الثنية العليا، من مكان مرتفع ليُرَى ظاهرًا منتصرًا بعد أن رده المشركون ومنعوه من دخول البيت، ومن أهل العلم من يقول: هذا أيسر له في الدخول؛ لأنه على طريقه، لأنه على طريقه، والنزول من العلو سهل، لكن في الرجوع يرجع من الثنية العليا ولا يروح للسفلى أسهل؟ تكون السفلى أسهل. على طريقه.

طالب:...

قوله: من كداء يدخل، يقول: أورد فيه حديث مالك عن نافع عن ابن عمر قال: كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يدخل من الثنية العليا، ويخرج من الثنية السفلى، أخرجه عن إبراهيم بن المنذر عن معن بن عيسى عنه، وليس هو في الموطأ، ولا رأيته في غرائب مالك، ولم أقف عليه إلا من رواية معن بن عيسى، يأتي التفصيل في الحديث الذي يليه، في كلام طويل للشارح.

"بابٌ: من أين يخرج من مكة؟

 قال: حدثنا مسدد بن مسرهد البصري قال: حدثنا يحيى عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- دخل مكة من كداء من الثنية العليا التي بالبطحاء، ويخرج من الثنية السفلى.

 قال أبو عبد الله: كان يقال: هو مسدد".

ولضبط الثنيتين في الدخول والخروج قال بعضهم: افتح وادخل، واضمم واخرج، افتح الدخول مناسب للفتح والضم جمع العفش وضمه واخرج.

طالب:...

يُنَظِّرون بمثل هذا لضبط العلم، لضبط العلم، ومرّ بنا مرارًا أنهم يقولون: الحكم بن عتيبة بتصغير عتبة الدار، حدثنا حرام بن عثمان ضد الحلال، من أجل ما يحتاج إلى أن تقول: فتح كذا وكسر كذا.

"قال أبو عبد الله: كان يقال: هو مسدد كاسمه، قال أبو عبد الله: سمعت يحيى بن معين يقول: سمعت يحيى بن سعيد يقول: لو أن مسددًا أتيته في بيته فحدثته لاستحق ذلك، وما أبالي كتبي كانت عندي أو عند مسدد.

 قال: حدثنا الحميدي ومحمد بن المثنى قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- لما جاء إلى مكة دخل من أعلاها وخرج من أسفلها.

 قال: حدثنا محمود بن إيلان المروزي قال: حدثنا أبو أسامة قال: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- دخل عام الفتح من كداء وخرج من كُدىً من أعلى مكة.

 قال: حدثنا أحمد قال: حدثنا ابن وهبٍ قال: أخبرنا عمرو عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- دخل عام الفتح من كداء أعلى مكة قال هشام: وكان عروة يدخل على كلتيهما من كداء وكُدى، وأكثر ما يدخل من كداء، وكانت أقربهما إلى منزله.

 قال: حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب قال: حدثنا حاتم عن هشام عن عروة: دخل النبي –صلى الله عليه وسلم- عام الفتح من كداء من أعلى مكة وكان عروة أكثر ما يدخل من كداء وكان أقربهما إلى منزله.

 قال: حدثنا موسى قال: حدثنا وهيب قال: حدثنا هشام عن أبيه قال: دخل النبي –صلى الله عليه وسلم- عام الفتح من كداء، وكان عروة يدخل منهما كليهما، وأكثر ما يدخل من كداء أقربهما إلى منزله.

 قال أبو عبد الله: كداء وكُدى موضعان".

قال -رحمه الله تعالى-: "بابٌ: من أين يخرج من مكة" قد يقول قائل: ما دام أشير للخروج في الباب السابق والحديث السابق، ويخرج من الثنية السفلى فلا داعي لهذا الباب والتطويل فيه الباب الآتي، فتكون ترجمة واحدة من أين يدخل مكة ويخرج منها ويأتي بالحديث مرة واحدة ويكفي، عادته -رحمه الله- التفصيل في مثل هذه الأمور، بحيث لا يبقى لأحد أو يبقى عند أحد أدنى إشكال ويأتي به مفصلاً واحدًا كل حكمٍ مستقل عن غيره، فالدخول حكم والخروج حكم، من أين يدخل حكم، ومن أين يخرج حكم.

 "قال: حدثنا مسدد بن مسرهد البصري قال: حدثنا يحيى عن عبيد الله"، "قال: حدثنا يحيى عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- دخل مكة من كداء من الثنية العليا التي بالبطحاء ويخرج من الثنية السفلى" تقدَّم هذا، "قال أبو عبد الله: كان يقال: هو مسدد كاسمه، هو مسدد كاسمه" قال أبو عبد الله يعني البخاري يعني نفسه، "قال أبو عبد الله: سمعت يحيى بن معين يقول: سمعت يحيى بن سعيد" القطان.

 "يقول: لو أن مسددًا أتيته في بيته فحدثته لاستحق ذلك" شيخ من شيوخه، لكن أهل العلم يحتفظون لنبلاء طلابهم بما يستحقونه من التقدير، ويحظون بعنايتهم؛ لأن هذه العناية لها مردودها الإيجابي، يعني الطالب إذا كان نبيهًا نبيلاً، واحتفى به الشيخ ضمن بإذن الله استمراره في الطلب، بخلاف ما لو أعرض عنه الشيخ ولا اهتم به، فإنه قد يمل ويترك، فالطلاب محل عناية من شيوخهم من القدم ويتقربون إلى الله -جل وعلا- بذلك، وينوون بذلك ضمان استمرار هذا الطالب أو هؤلاء الطلبة.

 يقول: "سمعت يحيى بن سعيد يقول: لو أن مسددًا أتيته في بيته فحدثته لاستحق ذلك، وما أبالي كتبي عندي أو عند مسدد" وما أبالي كتبي عندي أو عند مسدد؛ لأن مسددًا ثقة من الثقات، فهو مأمون على الكتب، ولا يخشى أن يتطرق إليها أدنى خلل أو تحريف أو تغيير.  

طالب:...

ذكره، حدثنا مسدد بن مسرهد، مجرد ذكره، وقد مرّ مرارًا مئات المرات مرّ.

 في الفتح يقول: كداء بفتح الكاف والمد قال أبو عبيد: لا يُصرَف، وهنا قال: كأنه صرفه، هنا مصروف في السلطانية، قال أبو عبيد الله: لا يصرَف، لماذا؟

علمية وتأنيث بقعة، وهذه الثنية هي التي ينزل إلى المُعلى مقبرة أهل مكة، يسمونها المعلاة، وهي التي يقال لها: الحجون، وهي التي يقال لها: الحجون بفتح المهملة وضم الجيم، وكانت صعبة المرتقى، كانت صعبة المرتقى فسهلها معاوية، ثم عبد الملك، ثم المهدي على ما ذكره الأزرقي، ثم سُهِّل في عصرنا هذا منها سنة إحدى عشرة وثمانمائة موضع، ثم سُهِّلت كلها في زمن سلطان مصر الملك المؤيد في حدود العشرين وثمانمائة، وكانت عقبة في جبلٍ، وكل عقبةٍ في جبل أو طريق عالٍ تسمى ثنية، والثنية السفلى ذكر في ثاني حديثي الباب: وخرج من كُدى وهو بضم الكاف مقصور، تقدَّم عندنا: وخرج.

طالب: .......

 ماذا؟

طالب: .......

نعم، بالضم والقصر، وبضم الكاف مقصور عند باب الشبيكة عند باب شبيكة، الشبيكة معروفة، ما أزيلت إلا أخيرًا للتوسعات الأخيرة، بقرب شِعب الشاميين من ناحية قعيقعان وكان بناء هذا الباب عليها في القرن السابع.

قوله: من أعلى مكة، كذا رواه أبو أسامة، فقلبه، والصواب ما رواه عمرو وحاتم عن هشام: دخل من كداء من أعلى مكة؛ لأنه قال: وخرج من كدى، نعم وخرج من كدى من أعلى مكة، حدثنا محمود بن غيلان عندك في الكتاب؟ حدثنا محمود بن غيلان قال: حدثنا أبو أسامة إلى آخر السند عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- دخل عام الفتح من كداء، وخرج من كُدى من أعلى مكة، كذا قال، والمعروف أنه خرج من أسفلها، من أعلى مكة، كذا رواه أبو أسامة فقلبه، والصواب ما رواه عمرو وحاتم عن هشام: دخل من كداء من أعلى مكة ثم ظهر لي أن الوهم ممن دون أبي أسامة، وقد رواه أحمد عن أبي أسامة على الصواب.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

"قال: حدثنا الحميدي ومحمد بن المثنى قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- لما جاء إلى مكة دخل من أعلاها وخرج من أسفلها" هذا هو المحفوظ، "قال: حدثنا محمود بن غيلان المروزي قال: حدثنا أبو أسامة قال: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- دخل عام الفتح من كداء وخرج من كُدىً من أعلى مكة" وعرفنا أن هذا قلب ووهم، وأن الدخول من الأعلى والخروج من الأسفل.

 "قال: حدثنا أحمد قال: حدثنا ابن وهبٍ قال: أخبرنا عمرو عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- دخل عام الفتح من كداء أعلى مكة قال هشام بن عروة: وكان عروة –يعني أباه- يدخل على كلتيهما" عند أبي ذر: من كلتيهما، يدخل من أعلى ويدخل من أسفل، ثم تأول لأبيه أن فعله هذا ليس على سبيل المخالفة، ليس على سبيل المخالفة لما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام-، قال هشام: "وكان عروة يدخل على كلتيهما أو من كلتيهما من كداء وكُدى، وأكثر ما يدخل من كداء" في رواية أبي ذر: وأكثر ما يدخل من كُدى، يعني من الأسفل، وأكثر ما يدخل  من كداء ورواية أبي ذر وهي التي اعتمدها ابن حجر؛ لأنها أصح الروايات عنده، وأكثر ما يدخل من كُدى.

 "وكانت أقربهما إلى منزله" هذا تعليل من هشام والتماس عذر لأبيه؛ لأنها قريبة من منزله، وليس فعله من الدخول من الأسفل من باب المخالفة والمحادة والمعاندة، وإنما كانت أقرب إلى بيته، وهذا الذي يرجح رواية أبي ذر.

ثم قال -رحمه الله- : "حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب قال: حدثنا حاتم عن هشام عن عروة" هنا قال هشام بن عروة بالإسناد المذكور: وكان عروة يدخل من كلتيهما، في رواية الكشميهني على بدل من، على بدل من وهي التي اعتمدها طابع النسخة السلطانية، وكأنها هي اليونينية؛ لأن هذه مأخوذة منها، بدل من، كان عروة يدخل من كلتيهما هذه رواية أبي ذر، وأكثر ما يدخل من كُدى بالضم والقصر للجميع وكذا في رواية حاتم ووهيب وهي الطريقة الرابعة لحديث عائشة، وكانت أقربهما إلى منزله فيه اعتذار هشام لأبيه؛ لكونه روى الحديث، لكونه روى الحديث وخالفه؛ لأنه رأى أن ذلك ليس بحتم ولازم، وكان ربما فعله وكثيرًا ما يفعل غيره بقصد التيسير، قال عياض والقرطبي وغيرهم: اختلف في ضبط كداء وكُدى، فالأكثر على أن العليا بالفتح والمد والسفلى بالضم والقصر، وقيل بالعكس، قال النووي: وهو غلط، قالوا: واختلف في المعنى الذي لأجله خالف -صلى الله عليه وسلم- بين طريقيه، فقيل: ليتبرك به كل من في طريقه، هذا لو قيل: ليقتدي به كل من كان في طريقه لكان أصح كما كان يفعل في العيد، يذهب من طريق ويرجع من طريق آخر، فذكر شيئًا مما تقدم في العيد، وقد استوعبت ما قيل فيه هناك، وبعضه لا يتأتى اعتباره هنا، والله أعلم.

وقيل: الحكمة في ذلك المناسبة بجهة العلو عند الدخول لما فيه من تعظيم المكان وعكسه الخروج وعكسه، يعني الخروج الإشارة إلى فراقه، وقيل: لأن إبراهيم لما دخل مكة دخل منها، وقيل: لأنه -صلى الله عليه وسلم- خرج منها مختفيًا في الهجرة، فأراد أن يدخلها ظاهرًا عاليًا، وقيل: لأنه من جاء من تلك الجهة كان مستقبلاً للبيت، ويحتمل أن يكون ذلك لكونه دخل منها يوم الفتح فاستمر على ذلك، والسبب في ذلك قول أبي سفيان للعباس: لا أسلم حتى أرى الخيل تطلع من كداء، فقلت: ما هذا؟ قال: شيء طلع بقلبي، وأن الله لا يطلع الخيل هنا أبدًا، هذا ظن أبي سفيان، قال العباس: فذكَّرتُ أبا سفيان بذلك لما دخل، وللبيهقي من حديث ابن عمر قال: قال النبي –صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر: «كيف قال حسان؟» فأنشده:

عدمتُ بنيتي إن لم يروها            تثير النقع مطلعها كداء

 فتبسم وقال: ادخلوها من حيث قال حسان، إلى آخر الكلام.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

ماذا فيها؟

هي مقصورة على أي حال بدون همز، فكتبت هكذا أو هكذا. لكن يكتبونها بالألف؛ لئلا تلتبس بكُدَي، يكتبونها بالألف؛ لئلا تلتبس بكُدَي، "قال أبو عبد الله: كداء وكُدى موضعان" موضعان، ماذا استفدنا؟

طالب:...

من كلام البخاري؟ موضعان؟

طالب:...

فيه فائدة؟

يحتمل أن يأتي من المتعالمين من يفسرهما برأيه، ويخطئ في هذا، أخطأ فيما هو أوضح، أخطؤوا فيما هو أوضح من ذلك، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"