كتاب الأطعمة من سبل السلام (2)

نعم.

أحسن الله إليك.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

قال- رحمه الله تعالى- في البلوغ وشرحه، في كتاب الأطعمة:

"وَعَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي قِصَّةِ الْأَرْنَبِ قَالَ: فَذَبَحَهَا فَبَعَثَ بِوَرِكِهَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- فَقَبِلَهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

 وَفِي الْقِصَّةِ أَنَّهُ قَالَ أَنَسٌ: أَنْفَجْنَا أَرْنَبًا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ فَسَعَى الْقَوْمُ ولغبوا، فَأَخَذْتهَا فَجِئْت بِهَا إلَى أَبِي طَلْحَةَ فَبَعَثَ بِوَرِكِهَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- فَقَبِلَهَا، وَهُوَ لَا يَدُلُّ أَنَّهُ أَكَلَ مِنْهَا، لَكِنْ فِي رِوَايَةِ في الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ قَالَ الرَّاوِي- وَهُوَ هِشَامُ بْنُ زَيْدٍ- قُلْت لِأَنَسٍ: وَأَكَلَ مِنْهَا؟ قَالَ: وَأَكَلَ مِنْهَا، ثُمَّ قَالَ: فَقَبِلَهُ.

وَالْإِجْمَاعُ وَاقِعٌ عَلَى حِلِّ أَكْلِهَا، إلَّا أَنَّ الْهَادَوِيَّةَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَعِكْرِمَةَ وَابْنَ أَبِي لَيْلَى قَالُوا: يُكْرَهُ أَكْلُهَا لِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهَا جِيءَ بِهَا إلَى رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمْ يَأْكُلْهَا، وَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا، وَزَعَمَ ابْنُ عُمَرَ أَنَّهَا تَحِيضُ، وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عُمَرَ وَعَمَّارٍ مِثْلَ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ أَمَرَ بِأَكْلِهَا وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهَا.

قُلْت: لَكِنَّهُ لَا يَخْفَى أَنَّ عَدَمَ أَكْلِهِ- صلى الله عليه وسلم- لَا يَدُلُّ عَلَى كَرَاهِيَتِهَا، وَحَكَى الرَّافِعِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ تَحْرِيمَهَا.

فَائِدَةٌ: ذَكَرَ الدُّمَيري.."

الدَّمِيرِيُّ.

أحسن الله إليك.

"ذكر الدَّميريُّ فِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ أَنَّ الَّذِي تَحِيضُ مِنْ الْحَيَوَانِ الْمَرْأَةُ وَالضَّبُعُ وَالْخُفَّاشُ وَالْأَرْنَبُ وَيُقَالُ: إنَّ الْكَلْبَةَ كَذَلِكَ."

أمَّا بالنسبة للأرنب فهي حلال بالإجماع عند كل من يُعتد به. أمَّا ما نُقل عن هؤلاء فمنه ما لا يثبت، ومنه ما ثبت الرجوع عنه، والمعروف عند الرافضة أنَّهم لا يأكلونها، وهذا مما يُشابهون فيه اليهود، هناك وجوه شَبه بينهم وبينهم، ذكر شيئًا منه شيخ الإسلام ابن تيمية في مقدمة المنهاج؛ ولذا ابن بطوطة لمـَّا دخل نيسابور فسلَّم على الناس وهم أهل سُنَّة، أرسل يديه ولم يقبضهما في الصلاة، فاتهموه بالتشيع، فقدَّموا له أرنبًا فأكلها. قالوا: سبحان الله شيعي يأكل الأرنب، قال: لا، أنا لست بشيعي، أنا مالكي، والقول بالإرسال عند المالكية معروف، فاختبروه بهذا، فهي حلال بالاتفاق، لكن بعض الناس إذا رآها وقد وضعت على المائدة كاملة بعد قطع رأسها، سُلِخت، طُبِخت، ووضعت كاملة على الصحن، يعني قد يستقذرها بعض الناس، فمن تركها من هذه الحيثية يعني لأنَّها تُشبِه الهر، يعني في شكلها فتركها لأجل هذا ما يُلام، لكن الكلام في التحليل والتحريم، هي حلالٌ بالاتفاق.

أحسن الله إليك.

"وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- عَنْ قَتْلِ أَرْبَعٍ مِنْ الدَّوَابِّ النَّمْلَةِ وَالنَّحْلَةِ وَالْهُدْهُدِ وَالصُّرَدِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.."

من يستدلون بالنهي عن القتل على تحريم الأكل، على تحريم الأكل، فإذا نُهي عن قتله فمعناه أنَّه لا يجوز أكله، ولو كان مما يؤكل لجاز قتله.

أحسن الله إليك.

"رواه أحمد وأبو داود وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هُوَ أَقْوَى مَا وَرَدَ فِي الْبَابِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ قَتْلِ مَا ذُكِرَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَحْرِيمُ أَكْلِهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَلَّ لَمَا نَهَى عَنْ الْقَتْلِ، وَتَقَدَّمَ لَنَا فِي هَذَا الِاسْتِدْلَالِ بَحْثٌ. وَتَحْرِيمُ أَكْلِهَا رَأْيُ الْجَمَاهِيرِ، وَفِي كُلِّ وَاحِدَةٍ خِلَافٌ إلَّا النَّمْلَةُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ تَحْرِيمَهَا إجْمَاعٌ.

وَعَنْ ابْنِ أَبِي عَمَّارٍ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ الْمَكِّيُّ، وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَالنَّسَائِيُّ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهِ أَحَدٌ، وسُمِّي.."

ويسمى.

أحسن الله إليك.

ويسمى القس.

"ويُسمَّى الْقَسُّ؛ لِعِبَادَتِهِ، وَوَهَمَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي إعْلَالِهِ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إنَّ الْحَدِيثَ صَحِيحٌ قَالَ: قُلْت لِجَابِرٍ: الضَّبُعُ صَيْدٌ هِيَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟، قَالَ: نَعَمْ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْأَرْبَعَةُ، وَصَحَّحَهُ الْبُخَارِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ.

الْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى حِلِّ أَكْلِ الضَّبُعِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ.."

نعم، وهو المعروف عند الحنابلة؛ لأنَّ الصحابة عدلوها بالبقرة في الصيد، ولو كانت محرمة ما عُدِلت.

أحسن الله إليك.

"وإليه ذهب الشافعي، فَهُوَ مُخَصَّصٌ مِنْ حَدِيثِ تَحْرِيمِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ، وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: «الضَّبُعُ صَيْدٌ، فَإِذَا أَصَابَهُ الْمُحْرِمُ فَفِيهِ كَبْشٌ مُسِنٌّ وَيُؤْكَلُ»، وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ، وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمَا زَالَ النَّاسُ يَأْكُلُونَهَا وَيَبِيعُونَهَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ. وَحَرَّمَهُ الْهَادَوِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ عَمَلًا بِالْحَدِيثِ الْعَامِّ، كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ."

يعني حديث النهي عن كل ذي ناب من السباع، ولها ناب.

أحسن الله إليك.

"وَلَكِنَّ أَحَادِيثَ التَّحْلِيلِ تُخَصِّصُهُ، وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ عَلَى التَّحْرِيمِ بِحَدِيثِ خُزَيْمَةَ بْنِ جُزْءٍ".

جَزء.

أحسن الله إليك.

"ابن جَزء، وَفِيهِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَوَ يَأْكُلُ الضَّبُعَ أَحَدٌ؟»، أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، فَفِي إسْنَادِهِ عَبْدُ الْكَرِيمِ أَبُو أُمَيَّةَ، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى ضَعْفِهِ."

نعم، ابن أبي المخارق معروف ضعفه.

أحسن الله إليك.

طالب: ............

لا، هم يلتمسون العلة، هل العلة الأذى فيُلحق بها كل مؤذٍ، أو العلة عدم الأكل فيُلحق بها كل ما لا يؤكل؟

أحسن الله إليك.

"وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْقُنْفُذِ بِضَمِّ (الْقَافِ) وَفَتْحِهَا وَضَمِّ (الْفَاءِ)، فَقَالَ: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} [سورة الأنعام:145]، فَقَالَ شَيْخٌ عِنْدَهُ: سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: «إنَّهَا خَبِيثَةٌ مِنْ الْخَبَائِثِ». أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد بإسناد ضَعِيفٌ ضُعِّفَ بِجَهَالَةِ الشَّيْخِ الْمَذْكُورِ.."

ما عنده فقال ابن عمر: إن كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال هذا فهو كما قال؟

القارئ: ما عندي يا شيخ.

أنت تقرأ المتن فقط.

القارئ: لا لا.

ما فيه أبدًا.

القارئ: أبدًا، إلا إن كان سيجيء بعد ما نقرأ يا شيخ.

اقرأ نشوف.

"قَالَ: ضُعِّفَ بِجَهَالَةِ الشَّيْخِ الْمَذْكُورِ، قال الْخَطَّابِيُّ: لَيْسَ إسْنَادُهُ بِذَاكَ، وَلَهُ طُرُقٌ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَمْ يرو إلَّا مِنْ وَجْهٍ ضَعِيفٍ وَقَد ذهب.."

أو لم يرد بمعنى واحد، نعم.

"وقد ذهب إلَى تَحْرِيمِهِ أَبُو طَالِبٍ وَالْإِمَامُ يَحْيَى. قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الْقُنْفُذِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَحْرُمُ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ؛ لِمَا رُوِيَ فِي الْخَبَرِ أَنَّهُ.."

وجهان عند الشافعية.

أحسن الله إليك.

"لما روي في الخبر أنَّه مِنْ الْخَبَائِثِ، وَذَهَبَ مَالِكٌ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى إلَى أَنَّهُ حَلَالٌ، وَهُوَ أَقْوَى مِنْ الْقَوْلِ بِتَحْرِيمِهِ؛ لِعَدَمِ نُهُوضِ الدَّلِيلِ مَعَ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ فِي الْحَيَوَانَاتِ. وَهِيَ مَسْأَلَةٌ خِلَافِيَّةٌ مَعْرُوفَةٌ فِي الْأُصُولِ فِيهَا خِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ."

يعني الأصل الإباحة، أو الأصل الحظر؟ الخلاف، خلاف بين أهل العلم، الشافعي يقول: لا حرام إلا ما حرَّمه الله، والحنفية يقولون: لا حلال إلا ما أحله الله، وكل على أصله في هذا.

أحسن الله إليك.

"وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قِيَاسٌ قَاعِدَتِهِ.

 وَعَنْهُ.."

لا، قياسُ قاعدته، يعني قياس قاعدة المؤلف أن لا يُصرِّح باسمه وهو راوي الحديث السابق، قال في الحديث الأول: وعن ابن عمر، القاعدة أن يقول: وعنه، كما في نظائره.

أحسن الله إليك.

"قياسُ قاعدته.

 وعنه، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- عَنْ الْجَلَّالَةِ وَأَلْبَانِهَا. أَخْرَجَهُ الْأَرْبَعَةُ إلَّا النَّسَائِيّ، وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ نَحْوَهُ، وَقَالَ: «حَتَّى تُعْلَفَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً»."

نعم؛ ليطيب لحمها.

"وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ بِلَفْظِ: نُهِيَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَعَنْ الْجَلَّالَةِ وَعَنْ رُكُوبِهَا، وَلِأَبِي دَاوُد أَنْ يرْكَبَ عَلَيْهَا، وَأَنْ تُشْرَبَ أَلْبَانَهَا.."

أمَّا التأثير، تأثير الجَّل هذا في اللبن واللحم فظاهر. أمَّا الركوب فلعله لما يُخشى من عرقها.

أحسن الله إليك.

"وَلِأَبِي دَاوُد أَنْ يرْكَبَ عَلَيْهَا، وَأَنْ تُشْرَبَ أَلْبَانَهَا، وَالْجَلَّالَةُ هِيَ الَّتِي تَأْكُلُ الْعَذِرَةَ وَالنَّجَاسَاتِ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ الْبَقَرِ أَوْ الْغَنَمِ أَوْ الدَّجَاجِ. وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْجَلَّالَةِ وَأَلْبَانِهَا وَتَحْرِيمِ الرُّكُوبِ عَلَيْهَا. وَقَدْ جَزَمَ ابْنُ حَزْمٍ بأَنَّ مَنْ وَقَفَ فِي عَرَفَاتٍ رَاكِبًا عَلَى جَلَّالَةٍ لَا يَصِحُّ حَجُّهُ. وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ.."

وكأنَّ الجهة متحدة عنده، كما أبطل حج من لم يصل صلاة الفجر يوم النحر في مزدلفة مع الإمام، إن صلى صلاتنا هذه يقول: الحج باطل إذا ما صلى الفجر في مزدلفة.

أحسن الله إليك.

"وظاهر الحديث أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ أَنَّهَا أَكَلَتْ الْجَلَّةَ فَقَدْ صَارَتْ مُحَرَّمَةٌ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: لَا تَكُونُ جَلَّالَةً إلَّا إذَا غَلَبَ عَلَى عَلَفِهَا النَّجَاسَةُ، وَقِيلَ: بَلْ الِاعْتِبَارُ بِالرَّائِحَةِ وَالنَّتْنِ، وَبِهِ جَزَمَ النَّوَوِيُّ وَالْإِمَامُ يَحْيَى، قَالَ: لَا تَطْهُرُ بِالطَّبْخِ وَلَا بِإِلْقَاءِ التَّوَابِلِ وَإِنْ زَالَ الرِّيحُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَغْطِيَةٌ لَا اسْتِحَالَةٌ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: كَرِهَهُ أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَالشَّافِعِيُّ، وَقَالُوا: لَا تُؤْكَلُ حَتَّى تُحْبَسَ أَيَّامًا.

 قُلْت: قَدْ عُيِّنَ فِي الْحَدِيثِ حَبْسَهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَحْبِسُ الدَّجَاجَةَ ثَلَاثَةً وَلَمْ يَرَ مَالِكٌ بِأَكْلِهَا بَأْسًا مِنْ غَيْرِ حَبْسٍ. وَذَهَبَ الثَّوْرِيُّ رواية عن أحمد.."

ورواية.

"وذهب الثوري وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ إلَى التَّحْرِيمِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ، وَمَنْ قَالَ: يُكْرَهُ وَلَا يَحْرُمُ قَالَ: لِأَنَّ النَّهْيَ الْوَارِدَ فِيهِ إنَّمَا كَانَ لتغيير اللَّحْمِ وَهُوَ لَا يُوجِبُ التَّحْرِيمَ بِدَلِيل المُذَكِّي.."

المُذَكَّى.

"بدليل الْمُذَكَّى إذَا جَافَّ.."

إذا جَفَّ.

أحسن الله إليك.

"بدليل المُذكَّى إذا جف."

إذا مر عليه أيام تغير، لكن اللحم المنتن أو الطعام المنتن هل يجوز أكله أم لا؟ جاء من يسأل النبي- عليه الصلاة والسلام- فقال: «كُله ما لم يُنتن»، وجاء أيضًا أنَّ اليهودي أضاف النبي- عليه الصلاة والسلام- على خبز شعير وإهالة سنخة، يعني متغيرة، فإذا كان التغير يسيرًا بحيث يغلب على الظن أنَّه لا يضر الآكل فلا مانع منه، وإذا أنتن وبان نتنه، وغلب على الظن ضرره فإنَّه حينئذٍ لا يؤكل.

أحسن الله إليك.

"وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا رَأْيٌ فِي مُقَابِلِ النَّصِّ وَلَقَدْ خَالَفَ النَّاظِرُونَ هذه السُّنَّةَ فَقَالَ الْمَهْدِيُّ فِي الْبَحْرِ: الْمَذْهَبُ وَالْفَرِيقَانِ وندب حبس الجلالة"

وَنُدِبَ حَبْسُ الْجَلَّالَةِ قَبْلَ الذَّبْحِ، هذا مقول القول.

"وَنُدِبَ حَبْسُ الْجَلَّالَةِ قَبْلَ الذَّبْحِ، الدَّجَاجَةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَالشَّاةِ سَبْعَةً أيام، وَالْبَقَرِ وَالنَّاقَةِ أَرْبَعَةَ عَشْرَ. قَالَ مَالِكٌ: لَا وَجْهَ لَهُ، قُلْنَا: لِتَطْيِيبِ أَجْوَافِهَا اهـ. وَالْعَمَلُ بِالْأَحَادِيثِ هُوَ الْوَاجِبُ، وَكَأَنَّهُمْ حَمَلُوا النَّهْيَ عَلَى التَّنْزِيهِ، وَلَا يَنْهَضُ دَلِيلٌ، وَأَمَّا مُخَالَفَتُهُمْ لِلتَّوْقِيتِ فَلَمْ يُعْرَفْ وَجْهُهُ."

نعم، لكن رؤبة بن العجاج الشاعر الراجز المعروف يعني من اختياره ولا عبرة بقوله؛ لأنَّه ليس من أهل العلم أنَّه يأكل الفأر ولا يأكل الدجاج، لماذا؟ يقول: الفأر إنَّما يأكل البُرَّ والسمن، هذا أكله؛ لأنَّ الفأر يعيش بمستودعات لا يعيش في مزابل، والدجاج يأكل ما تعلمون، يعني يأكل الزبل جلَّالة، لكنه ليس من أهل العلم فلا يُلتفت إلى قوله.

طالب: .........

والله إذا أكلت وأكثرت منه فلابد أن يؤثر في لحمها.

أحسن الله إليك.

"وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ فِي قِصَّةِ الْحِمَارِ الْوَحْشِيِّ، فَأَكَلَ مِنْهُ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم-. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ؟ تَقَدَّمَ ذِكْرُ قِصَّةِ الْحِمَارِ الَّذِي أَهْدَاهُ أَبُو قَتَادَةَ فِي كِتَابِ الْحَجِّ. وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ يَحِلُّ أَكْلُ لَحْمِهِ، وَهُوَ إجْمَاعٌ، وَفِيهِ خِلَافٌ شَاذٌّ أَنَّهُ إذَا عُلِفَ وَأُنِسَ صَارَ كَالْأَهْلِيِّ."

وأنِس يعني صار أنسيًّا. قصة أبي قتادة مع الحمار الوحشي حينما جاء مع النبي- عليه الصلاة والسلام- من طريق آخر سنة الحديبية ولم يُحرم، فرأى أصحابه يتهامسون وما أخبروه الخبر ولا أعانوه بشيء سقط سوطه فلم يعطه أحدٌ هذا السوط، فإذا بحمار وحشي حمل عليه وقتله، ما أعانوه على قتله فأكلوا منه وأقرهم النبي- عليه الصلاة والسلام- وأهدى إليه قطعة منه مع العجز أو رجل أو ما أشبه ذلك.

 المقصود أنَّ الصيد إذا صاده الحلال ولم يعنه المحرم، ولم يصده من أجل المحرم أنَّه يحل للمحرم أيضًا.

أحسن الله إليك.

طالب: .........

الآن التمييز ما فيه إلا من خلال اللون، اللون يعني الحمر الوحشية مخططة، نحن ما نعرف غيرها.

أحسن الله إليك.

"وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَتْ: نَحَرْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- فَرَسًا فَأَكَلْنَاهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَفِي رِوَايَةٍ وَنَحْنُ بِالْمَدِينَةِ وَفِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ فَأَكَلْنَا نَحْنُ وَأَهْلُ بَيْتِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى حِلِّ أَكْلِ لَحْمِ الْخَيْلِ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ- صلى الله عليه وسلم- عَلِمَ ذَلِكَ وَقَرَّرَهُ كَيْفَ وَقَدْ قَالَتْ: إنَّهُ أَكَلَ مِنْهُ أَهْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ وَقَالَتْ هُنَا: نَحَرْنَا، وَفِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ: ذَبَحْنَا، فَقِيلَ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّحْرَ وَالذَّبْحَ وَاحِدٌ قِيلَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ اللَّفْظَيْنِ مَجَازًا، إذ النَّحْرُ لِلْإِبِلِ خَاصَّةً، وَهُوَ الضَّرْبُ بِالْحَدِيدِ فِي لُبَّة."

لَبَّةِ.

أحسن الله إليك.

"في لَبَّة الْبَدَنَةِ حَتَّى تُفْرَى أَوْدَاجُهَا، وَالذَّبْحُ هُوَ قَطْعُ الْأَوْدَاجِ فِي غَيْرِ الْإِبِلِ. قَالَ ابْنُ التِّينِ: الْأَصْلُ فِي الْإِبِلِ النَّحْرُ وَفِي غَيْرِهَا الذَّبْحُ، وَجَاءَ فِي الْقُرْآنِ فِي الْبَقَرَةِ، {فَذَبَحُوهَا} [سورة البقرة:71] وَفِي السُّنَّةِ نَحْرُهَا.

 وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي نَحْرِ مَا يُذْبَحُ، وَذَبْحِ مَا يُنْحَرُ. فَأَجَازَهُ الْجُمْهُورُ وَالْخِلَافُ فِيهِ لِبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ، وَقَوْلُها فِي الْحَدِيثِ وَنَحْنُ بِالْمَدِينَةِ يَرُدُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ حِلَّهَا قَبْلَ فَرْضِ الْجِهَادِ، فَإِنَّهُ فُرِضَ أَوَّلَ دُخُولِهِمْ الْمَدِينَة."

تقدم الكلام في حكم أكل الخيل، وأنَّ منعه يستدل بآية النحل {لِتَرْكَبُوهَا} [سورة النحل:8]، ولو كان الأكل مباحًا لامتن الله به- جلَّ وعلا- ولم يمتن بالركوب، لكن يُمتن بكل شيءٍ مما هو أظهر وجوه الانتفاع فيه، بهيمة الأنعام أظهر وجوه الانتفاع فيها الأكل، لكنَّ الخيل أظهر وجوه الانتفاع فيها الركوب.

أحسن الله إليك.

"وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: أُكِلَ الضَّبُّ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

 فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى حِلِّ أَكْلِ الضَّبِّ، وَعَلَيْهِ الْجَمَاهِيرُ، وَحَكَى عِيَاضٌ عَنْ قَوْمٍ تَحْرِيمَهُ، وَعَنْ الْحَنَفِيَّةِ كَرَاهَتَهُ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: وأَظُنُّهُ لَا يَصِحُّ عَنْ أَحَدٍ فَإِنْ صَحَّ فَهُوَ مَحْجُوجٌ بِالنَّصِّ وَبِإِجْمَاعِ مَنْ قَبْلَهُ. وَقَدْ احْتَجَّ لِلْقَائِلِينَ بِالتَّحْرِيمِ بِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- نَهَى عَنْ الضَّبِّ، وَفِي إسْنَادِهِ إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَرِجَالُهُ شَامِيُّونَ، وَهُوَ قَوِيٌّ فِي الشَّامِيِّينَ فَلَا يَتِمُّ قَوْلُ الْخَطَّابِيِّ: لَيْسَ إسْنَادُهُ بِذَاك، وَلَا قَوْلُ ابْنِ حَزْمٍ: فِيهِ ضَعِيفٌ وَمَجْهُولُونَ، فَإِنَّ رِجَالَهُ ثِقَاتٌ.."

ولو فُرض ثبوته فإنَّه لا يُقاوم ما في الصحيحين.

أحسن الله إليك.

"وَلَا قَوْلُ ابْنِ حَزْمٍ: فِيهِ ضَعِيفٌ وَمَجْهُولُونَ، فَإِنَّ رِجَالَهُ ثِقَاتٌ كما قال المصنف، وَلَا قَوْلُ الْبَيْهَقِيّ: فِيهِ إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ لِمَا عَرَفْت مِنْ أَنَّهُ رَوَاهُ عَنْ الشَّامِيِّينَ، وَهُوَ حُجَّةٌ فِي رِوَايَتِهِ عَنْهُمْ. وَبِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ حَسَنَةَ أَنَّهُمْ طَبَخُوا ضِبَابًا فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ أُمَّةً مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ مُسِخَتْ دَوَابَّ فِي الْأَرْضِ فَأَخْشَى أَنْ تَكُونَ هَذِهِ» فَأَلْقَوْهَا. وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالطَّحَاوِيُّ وَسَنَدُهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ."

يُنسج حول الضباب قصص وحكايات، وأنَّها لا تموت بالذبح، وتخرج من القدر، وتفعل وتفعل كل هذا لا يؤثر في الحكم الشرعي، وعندنا نص أنَّها أُكِلت على مائدة النبي- عليه الصلاة والسلام-، والنبي- عليه الصلاة والسلام- قال: «لم يكن بأرض قومي»، ولم يأكل، لكنَّ خالدًا اجتره وأكله على مائدة النبي- عليه الصلاة والسلام- بعلمه وبإقراره، فهذا دليل على إباحته مهما قيل فيه.

أحسن الله إليك.

"وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ النَّهْيَ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ التَّحْرِيمَ لكن صَرَفَهُ هُنَا إلَى الْكَرَاهَةِ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَنَّهُ- صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «كُلُوهُ، فَإِنَّهُ حَلَالٌ، وَلَكِنَّهُ لَيْسَ مِنْ طَعَامِي»، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تَرُدُّ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ أَنَّهُ قَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ: إنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- قَالَ فِي الضَّبِّ: «لَا آكُلُهُ وَلَا أَنْهَى عَنْهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ»، ولذا أَعَلَّ ابْنُ عَبَّاسٍ هَذِهِ الرِّوَايَةَ فَقَالَ: بِئْسَمَا مَا قُلْتُمْ مَا بُعِثَ نَبِيُّ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- إلَّا مُحَرِّمًا أَوْ مُحَلِّلًا كَذَا فِي مُسْلِمٍ.

وَأُجِيبَ عَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ وَقَعَ مِنْهُ- صلى الله عليه وسلم-.."

لكنَّ ظاهر كلام الحديث: «لَا آكُلُهُ» يجد نفسه تعافه؛ لأنَّه لم يكن من طعام قومه، «وَلَا أَنْهَى عَنْهُ»، كيف ينهى عن شيء مباح؟ وقد جاء في الثوم والبصل لمَّا سُئِلَ أحرامٌ هما يا رسول الله؟ قال: «أنا لا أحرم ما أحل الله»، لا يحرمه ولا ينهى عنه؛ لأنَّه حلال، لكن نفسه تعافه.

أحسن الله إليك.

"وأجيب عن الثاني بأنَّه يحتمل أنَّه وقع منه- صلى الله عليه وسلم- ذَلِكَ، أَعْنِي خَشْيَةَ أَنْ تَكُونَ أُمَّةً مَمْسُوخَةً قَبْلَ أَنْ يُعْلِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْمَمْسُوخَ لَا يَنْسُلُ. وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّحَاوِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- عَنْ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ أَهِيَ مِمَّا مُسِخَ؟ قَالَ: «إنَّ اللَّهَ لَمْ يُهْلِكْ قَوْمًا أَوْ يَمْسَخْ قَوْمًا فَيَجْعَلْ لَهُمْ نَسْلًا وَلَا عَاقِبَةً»، وَأَصْلُ الْحَدِيثِ فِي مُسْلِمٍ وَلَمْ يَعْرِفْهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ. فَقَالَ: قَوْلُهُمْ إنَّ الْمَمْسُوخَ لَا يَنْسُلُ دَعْوَى فَإِنَّهُ لَا يُعْرَفُ بِالْعَقْلِ إنَّمَا طَرِيقُهُ النَّقْلُ، وَلَيْسَ فِيهِ أَمْرٌ يُعَوَّلُ عَلَيْهِ.

وَأُجِيبَ: أَيْضًا بِأَنَّهُ لَوْ سُلِّم أَنَّهُ مَمْسُوخٌ لَا يَقْتَضِي تَحْرِيمَ أَكْلِهِ فَإِنَّ كَوْنَهُ كَانَ آدَمِيًّا قَدْ زَالَ حُكْمُهُ، وَلَمْ يَبْقَ لَهُ أَثَرٌ أَصْلًا، وَإِنَّمَا كره- صلى الله عليه وسلم- الْأَكْلَ مِنْهُ لِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ تعالى كَمَا كَرِهَ الشُّرْبَ مِنْ مِيَاهِ ثَمُودَ.

 قُلْت: وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَرَ تَحْرِيمَهُ لَمَا أَمَرَ بِإِلْقَائِهَا أَوْ بِتَقْرِيرِهِمْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ وَلَأَذِنَ لَهُمْ فِي أَكْلِهِ، فَالْجَوَابُ الَّذِي قَبْلَهُ هُوَ الْأَحْسَنُ، وَيُسْتَفَادُ مِنْ الْمَجْمُوعِ جَوَازُ أَكْلِهِ وَكَرَاهَتُهُ لِلنَّهْيِ.

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ الْقُرَشِيُّ ابْنُ أَخِي طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الصَّحَابِيُّ، قِيلَ: إنَّهُ أَدْرَكَ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- وَلَيْسَتْ لَهُ رواية أَسْلَمَ يَوْمَ الْفَتْحِ.."

رؤية.

"وليست له رؤية، أسلم يوم الفتح وَقِيلَ: يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَقُتِلَ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ رَوَى عَنْهُ ابْنَاهُ وَابْنُ الْمُنْكَدِرِ أَنَّ طَبِيبًا سَأَلَ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- عَنْ الضِّفْدَعِ بِزِنَةِ الْخِنْصَرِ يَجْعَلُهَا فِي دَوَاءٍ فَنَهَى عَنْ قَتْلِهَا. أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ بِلَفْظِ:.."

نهى عن قتل هذا يدل على حل أكله.

"بلفظ: ذَكَرَ طَبِيبٌ عِنْدَ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- دَوَاءً، وَذَكَرَ الضِّفْدَعَ يَجْعَلُهَا فِيهِ، فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- عَنْ قَتْلِ الضَّفَادِعِ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هُوَ أَقْوَى مَا وَرَدَ فِي النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ الضِّفْدَع. وَأَخْرَجَه مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: «لَا تَقْتُلُوا الضفدع، فَإِنَّ نَقِيقَهَا تَسْبِيحٌ، وَلَا تَقْتُلُوا الْخُفَّاشَ، فَإِنَّهُ لَمَّا خُرِبَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ قَالَ: يَا رَبِّ سَلِّطْنِي عَلَى الْبَحْرِ حَتَّى أُغْرِقَهُمْ». قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ.

وَعَنْ أَنَسٍ: «لَا تَقْتُلُوا الضفدع، فَإِنَّهَا مَرَّتْ عَلَى نَارِ إبْرَاهِيمَ فَجَعَلَتْ فِي أَفْوَاهِهَا الْمَاءَ، وَكَانَتْ تَرُشُّهُ عَلَى النَّارِ»، وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ قَتْلِ الضَّفَادِعِ قَالُوا: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَحْرِيمُ أَكْلِهَا؛ لِأَنَّهَا لَوْ حَلَّتْ لَمَا نُهِيَ عَنْ قَتْلِهَا، وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ هَذَا الِاسْتِدْلَالِ، وَلَيْسَ بِوَاضِحٍ."

اللهم صلِّ على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

القارئ: أحسن الله إليك، جزاك الله خيرًا.

طالب: ..........

نعم.

طالب: ..........

ايه؟

طالب: ..........

العلماء قالوا: إنَّه يُشاركها في العلة ما يُشاركها في الحكم وهو تحريم الأكل، فكل محرم يقتل، من قال: إنَّ العلة كونها فواسق، وكونها مؤذية، فيختص القتل بكل مؤذٍ، ويترك ما لا يؤذي ولو كان غير مأكول، فأهل العلم يشيرون إلى أنَّها لا تؤكل.

طالب: ..........

نعم.

طالب: ..........