التعليق على تفسير القرطبي - سورة البينة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، قال الإمام القرطبي -رحمه الله تعالى-:

تفسير سورة لم يكن وهي مكية في قول يحيى بن سلام، ومدنية في قول ابن عباس والجمهور، وهي تسع آيات، وقد جاء في فضلها حديث لا يصح رويناه عن محمد بن عبد الله الحضرمي قال: قال لي أبو عبد الرحمن بن بن نمير: اذهب إلى أبي الهيثم الخشاب، فاكتب عنه فإنه قد كتب فذهب إليه فقال: حدثنا مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لو يعلم الناس ما في البينة: ١  لعطلوا الأهل والمال فتعلموها»، فقال رجل من خزاعة: وما فيها من الأجر يا رسول الله؟ قال: «لا يقرؤها منافق أبدًا ولا عبد في قلبه شك في اللهن والله إن الملائكة المقربين يقرؤونها منذ خلق الله السموات والأرض ما يفترون من قراءتها، وما من عبد يقرؤها إلا بعث الله إليه ملائكة يحفظونه في دينه ودنياه ويدعون له بالمغفرة والرحمة»، قال الحضرمي: فجئت إلى أبي عبد الرحمن بن نمير، فألقيت هذا الحديث عليه فقال: هذا قد كفانا مؤونته، فلا تعد إليه، قال ابن العربي: روى إسحاق بن بشر الكاهلي عن مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب عن أبي الدرداء عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لو يعلم الناس ما في البينة: ١  لعطلوا الأهل والمال ولتعلموها»، حديث باطل، وإنما الحديث الصحيح ما رُوي عن أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لأبي بن كعب: « إن الله أمرني أن أقرأ عليك البينة: ١ » قال: وسماني لك؟ قال: «نعم»، فبكى. قلت: خرّجه البخاري ومسلم، وفيه من الفقه قراءة العالم على المتعلم، قال بعضهم: إنما قرأ النبي -صلى الله عليه وسلم- على أبيّ ليعلم الناس التواضع؛ لئلا يأنف أحد من التعلم والقراءة على من دونه في المنزلة، وقيل: لأن أبيًّا كان أسرع أخذًا لألفاظ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأراد بقراءته عليه أن يأخذ ألفاظه ويقرأ كما سمع منه ويعلم غيره، وفيه فضيلة عظيمة لأبيّ؛ إذ أمر الله رسوله أن يقرأ عليه قال أبو بكر الأنباري: وحدثنا أحمد بن الهيثم بن خالد قال: حدثنا علي بن الجعد قال: حدثنا عكرمة عن عاصم عن زر بن حبيش قال في قراءة أبي بن كعب: ابن آدم لو أعطي واديًا من مال لالتمس ثانيًا، ولو أُعطي واديين من مال لالتمس ثالثًا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب، قال عكرمة: قرأ علي عاصم لم يكن ثلاثين آية هذا فيها، هذا باطل عند أهل العلم؛ لأن قراءتي ابن كثير وأبي عمرو متصلتان بأبي بن كعب لا يقرأ فيهما هذا المذكور في لم يكن مما هو معروف في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أنه من كلام الرسول -عليه السلام- لا يحكيه عن رب العالمين في القرآن، وما رواه اثنان معهما الإجماع أثبت مما يحكيه واحد مخالف مذهب الجماعة. "

يعني ولو صح السند أن مثل هذا القرآن لا يثبت بمثل هذا، لاسيما مع وجود المخالفة، وإلا فالأصل اشتراط التواتر للقرآن، الحديث الأول حديث خشاب هذا، من عزاه له؟

طالب: ......................

الوضع عليه ظاهر، نعم الثاني.

طالب: ......................

الأخير على أنه حديث لو كان لابن آدم واديان.

طالب: ......................

هو مذكور بلا شك، لكن ذكر على أنه من ضمن السورة، وأنها كانت ثلاثين آية، أو أنه مذكور مثل التفسير للآية للسورة.

طالب: ......................

توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهن مما يقرأ، مثل آية الرضاع مثلاً توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهن مما يتلى، فمتى نُسخ؟ قالوا: إنه تأخر نسخها إلى آخر حياته -عليه الصلاة والسلام- حتى إنه لم يعلم بهذا النسخ بعض الصحابة، فكانوا يقرؤونه بعد النبي، وهل يحفظ غير ما ذُكر؛ لأن الفرق واحد وعشرون آية، باقي عشرون، أين راحت لو كان لابن آدم واديان هذا معروف، لكن غيرهن؟ هذا ابن الأنباري له كتاب في الرد على الملاحدة الذين أوردوا شبهات حول القرآن، وهو كتاب عظيم، أنا ما وقفت عليه، لكن يكثرون النقل عنه، اسمه كتاب الرد، فيه من هذا الشيء الكثير إن وجد، والغالب عليه الإبطال يعني ما هو من من أهل الرواية بحيث يحقق ويحرر ويصحح ويُضعِّف، يبطل على طول؛ صيانة للقرآن، بينما طريقة أهل العلم أهل الرواية مع الدراية يصححون الصحيح، ويجيبون عنه إذا كان فيه نوع مخالفة.

طالب: ......................

نعم، ابن الأنباري.

طالب: ......................

أيهم؟

طالب: ......................

لا لا لا، الأنباري يمكن ابن الأنباري ما له علاقة، ابن العربي في هذا الكلام، هو الكلام له من أوله.

" بسم الله الرحمن الرحيم، قوله تعالى: البينة: ١  كذا قراءة العامة وخط المصحف، وقرأ ابن مسعود: لم يكن المشركون وأهل الكتاب منفكين، وهذه قراءة على التفسير قال ابن العربي: وهي جائز في معرض البيان لا في معرض التلاوة، فقد قرأ النبي -صلى الله عليه وسلم- في رواية الصحيح: فطلِّقوهن لِقبل عدتهن، وهو تفسير، فإن التلاوة هو ما كان في خط المصحف. "

وما عدا ذلك لا تجوز قراءته على أنه قرآن، وإن ثبت عن طريق بعض الصحاة فيحمل على أنه تفسير وبيان.

" قوله تعالى: البينة: ١  يعني اليهود والنصارى البينة: ١  في موضع جر عطفًا على أهل الكتاب، قال ابن عباس: أهل الكتاب اليهود الذين كانوا بيثرب، وهم قريظة والنضير وبنو قينقاع، والمشركون الذين كانوا بمكة وحولها والمدينة والذين حولها وهم مشركو قريش. "

والكل كفار أهل الكتاب والمشركون كلهم كفار وبالإجماع، حتى قال بعضهم: إن من شك في كفرهم كفر بالاتفاق، لكن عطف المشركين على أهل الكتاب جعل بعض أهل العلم يستروح إلى أن أهل الكتاب لا يقال لهم مشركون، يقال كفار، والجنة عليهم حرام بالإجماع، ليس معنى هذا أنهم فيهم احتمال أن يكونوا من أهل الجنة أو شيء من هذا أبدًا، هم كفار بالإجماع، لكن الكلام فيما يطلق عليهم، هل يقال لهم مشركون أو يكتفى بقولنا كفار، والمشركون هم من عداهم من الطوائف، ابن رجب رحمه الله رجح أن يقال لهم فيهم شرك، ولا يقال لهم مشركون، وماداموا كفار بالاتفاق، والجنة عليهم حرام، فما الفائدة من هذا الكلام؟ يعني فرق بين أن يقال مشرك وبين أن يقال فيه شرك، كما أنه قد يقال: هذا جاهلي، وهذا فيه جاهلية، هذا منافق، وهذا في نفاق، لا شك أن من فيه شرك أسهل وأهون ممن هو مشرك، ولو لم يكن فيهم إلا هذا لكان الأمر ينفعهم، لكن هم كفار كفرًا حقيقيًّا أكبر لا ينفعهم الكلام مهما قيل فيهم، لكن المسألة مسألة اصطلاح، وأنه هل تحتاج الكتابية إلى تخصيص من عموم؟

طالب: ......................

ﭶﭷ البقرة: ٢٢١  هل هي مشركة تحتاج إلى تخصيص، وقد جاء المُخَصص، {ونساؤهم حل لكم} جاء المخصص أو هم من الأصل خارجين من النص، وفي الواقع العملي ما فيه فرق إن دخلوا في العموم وجد المخصص، وإن خرجوا من العموم فهم كفار، والجنة عليهم حرام، ونسمع من يترحم على بعضهم على النصارى، ومن تمنى مِيتة إسحاق رابين لما قُتل، وهو من أخبث الناس، رئيس وزراء اليهو،د تمنى واحد من الحكام أن يموت ميتة رابين.

طالب: أقول: الله يعطيه ما تمنى.

تمنى وجاءه أخس وأردى، نسأل الله العافية، وأفضى إلى ما قدم، الله أعلم بمصيره، لكن الله المستعان، ويتساهل بعض الناس مع اليهود، ويرى أنهم أهل الكتاب، وأنهم معهم شيء من الحق، وأن الشرع خفف فيهم، وأباح ذبائحهم، وأباح نساءهم، فلعل لهم نصيب من.. أبدًا هم كفار بالإجماع، ومن شك في كفرهم كفر إجماعًا، وما يدعى إليه من تقارب وحوارات كل هذا باطل، كله باطل لا حظ له في الشرع، يعني فرق بين أن يُدعى إلى تقارب في الدين، وبين أن يوجد في الأمة ضعف فتترك بعض ما أمرت به لهذا الضعف من جهاد طلب، ومن مناوأة واستعلاء على الكفار حتى يعيد الله لهم عزهم ومكانتهم، أما أن يتنازل عن شيء من الأحكام الشرعية فلا بحال من الأحوال مهما بلغت الأمة من الضعف، الحكم حكم من يوم شُرِّع إلى قيام الساعة لا يتغير، لما مات زعيم النصارى عندكم في مصر وجد رؤساء أحزاب ورؤساء جمعيات وبعضهم إسلاميون يترضون ويترحمون ويمدحون، نسأل الله العافية، أين الولاء والبراء؟

وما الدين إلا الحب والبغض والولاء

 

كذاك البراء من كل غاوٍ وآثم

المنفلوطي في النظرات في كلمة تأبينية للجرجي زيدان ترحم عليه، لا شك أن المعايشة والمخالطة والاطلاع على شيء من حسن التعامل، وحسن الخلق من بعضهم قد يوجد لينًا في بعض الأحكام عند من لا يفقه الشرع، أما من عنده فقه في الشريعة ما يتغير رأيه، يبقى أن هذا شيء، وهذا شيء، وكلام أهل العلم أن من شك في كفرهم كفر بالإجماع كلام قوي جدًّا ما يترك مجالًا للنقاش، نسأل الله العافية، «والله لا يسمع بي يهودي ولا نصراني فلا يؤمن بي إلا دخل النار».

طالب: ......................

مجرد اصطلاح.

طالب: ......................

كيف؟

طالب: ......................

أشرك شركًا مخرجًا عن الملة أكبر، لا يقال له كافر، لا، فيه تداخل بين الكفر والشرك إلا أن الكفر غالبًا ما يكون بجحد شيء، والشرك ما يكون بتشريك مع الله- جل وعلا-.

طالب: ......................

معروف، نعم.

طالب: ......................

يحذرهم ما من نبي إلا حذر أمته الشرك والكفر بالله.

طالب: ......................

واتصفوا به، نعم، نسأل الله العافية.

طالب: ......................

ماذا يقول؟

طالب: ......................

ماذا هو؟

طالب: ......................

يعني فقط آيتان أو ثلاث، يعني آيتان الزيادة، هنا يقول كم؟ ثلاثون آية، على كل حال لا خلاف بين المسلمين أن المحفوظ بين الدفتين غير قابل للزيادة ولا للنقصان.

طالب: ......................

على كل حال الخلاف يبدو لفظيًّا؛ لأنه حتى المسألة الفقهية المترتبة على ذلك لا أثر لها، إما أن يخرجوا من الأصل من النص إذا قلنا هم ليسوا بمشركين ما يدخلون في النص، أو يدخلون ثم يُخرَجون بنسائهم حل لكم، ما فيه إشكال.

طالب: ......................

لا ما يلزم.

" البينة: ١  أي منتهين عن كفرهم مائلين عنه البينة: ١  أي أتتهم البينة أي محمد -صلى الله عليه وسلم- وقيل. "

الانتهاء.

" وقيل ألنتهاءِ بلوغ. "

الانتهاءُ.

" أي ألم يكونوا ليبلغوا نهاية أعمارهم فيموتوا حتى تأتيهم البينة، فالانفكاك على هذا بمعنى الانتهاء، وقيل: منفكين زائلين أي لم تكن مدتهم لتزول حتى يأتيهم رسول، والعرب تقول: ما انفككت أفعل كذا أي مازلت، وماانفك فلان قائمًا أي مازال قائمًا، وأصل الفك الفتح، ومنه: فك الكتاب وفك الخلخال وفك السالم، قال طرفة:

فآليت لا ينفك كشحي بطانة

 

لعضب رقيق الشفرتين مهند

وقال ذو الرُّمة:

حراجيج لا تنفك إلا مناخة

 

على الخف أو ترمي بها بلدًا قفرًا

يريد: ما تنفك مناخة، فزاد إلا، وقيل: منفكين بارحين أي لم يكونوا ليبرحوا ويفارقوا الدنيا حتى تأتيهم البينة، وقال ابن كيسان: أي لم يكن أهل الكتاب.. "

بارحين أو الأفعال أفعال الرجاء والمقاربة والشروع فيها ما زال وما برح وما انفك كلها متقاربة.

" وقال ابن كيسان: أي لم يكن أهل الكتاب تاركين صفة محمد -صلى الله عليه وسلم- في كتابهم حتى بُعث، فلما بُعث حسدوه وجحدوه، وهو كقوله: ﭦﭧ البقرة: ٨٩  ولهذا قال: {وما تفرّق الذين أوتوا الكتاب} الآية، وعلى هذا فقوله: والمشركين أي ما كانوا يسيئون القول في محمد -صلى الله عليه وسلم- حتى بُعث، فإنهم كانوا يسمونه الأمين حتى أتتهم البيِّنة على لسانه وبُعث إليهم، فحينئذِ عادَوه، وقال بعض اللغويين: منفكين هالكين، من قولهم: انفكَّ صلى المرأة عند الولادة، وهو أن ينفصل فلا يلتئم فتهلِك، والمعنى لم يكونوا معذبين ولا هالكين إلا بعد قيام الحجة عليهم بإرسال الرسل وإنزال الكتب، وقال قوم في المشركين: إنهم من أهل الكتاب، فمن اليهود من قال: عزير بن الله، ومن النصارى من قال: عيسى هو الله، ومنهم من قال: هو ابنه، ومنهم من قال: ثالث ثلاثة، وقيل: أهل الكتاب كانوا مؤمنين ثم كفروا بعد أنبيائهم، والمشركون ولدوا على الفطرة فكفروا حين بلغوا، فلهذا قال: والمشركين، وقيل: المشركون وصف أهل الكتاب أيضًا؛ لأنهم لم ينتفعوا بكتابهم، وتركوا التوحيد، فالنصارى مثلِّثة، وعامة اليهود مشبِّهة، والكل شرك، وهو كقولك: جاءني العقلاء والظرفاء، وأنت تريد أقوامًا بأعيانهم تصفهم بالأمرين، فالمعنى من أهل الكتاب المشركين، وقيل: إن الكفر هو هنا هو الكفر بالنبي -صلى الله عليه وسلم- أي لم يكن الذين كفروا بمحمد من اليهود والنصارى الذين هم أهل الكتاب، ولم يكن المشركون الذين هم عبدة الأوثاني من العرب وغيرهم وهم الذين ليس لهم كتاب منفكين قال القشيري: وفيه بُعد؛ لأن الظاهر من قوله: ﭿ  البينة: ١ - ٢  أن هذا الرسول هو محمد -صلى الله عليه وسلم-، فيبعد أن يقال: لم يكن الذين كفروا بمحمد -صلى الله عليه وسلم- منفكين حتى يأتيهم محمد إلا أن يقال: أراد لم يكن الذين كفروا الآن بمحمد، وإن كانوا من قبل معظمين له بمنتهين عن الكفر إلى أن يبعث الله محمدًا إليهم. "

بمنتهين عن هذا الكفر.

" بمنتهين عن هذا الكفر إلى أن يبعث الله محمدًا إليهم، ويبين لهم الآيات، فحينئذٍ يؤمن قوم. وقرأ الأعمش وإبراهيم: والمشركون رفعًا عطفًا على الذين، والقراءة الأولى أبين؛ لأن الرفع يصير فيه الصنفان كأنهم من غير أهل الكتاب، وفي حرف أبي: فما كان الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركون منفكين، وفي مصحف ابن مسعود: لم يكن المشركون وأهل الكتاب منفكين وقد تقدم. ﭿ  البينة: ١  قيل: حتى أتتهم، والبينة محمد -صلى الله عليه وسلم-. البينة: ٢  أي. "

القراءة الأولى أبين التي هي قراءة المشركين، ليدخلوا في الذين كفروا؛ ليكونوا هم، وأهل الكتاب وصفهم الكفر، لكن على القراءة الثانية: والمشركون، يكون الذين كفروا صنفًا والمشركون صنفًا.

طالب: ......................

ماذا فيهم؟

طالب: ......................

لا، نحن ذكرنا أن الخلاف في كون أهل الكتاب يطلق عليهم أنهم مشركون، أو أنهم فيهم شرك مع أنهم كفار بالإجماع، ذكرناه ونقلنا كلام الأئمة في هذا.

" البينة: ٢  أي بعيث من الله- جل ثناؤه-، قال الزجاج: رسول رفع على البدل من البينة. وقال الفراء: أي هي رسول من الله أو هو رسول من الله؛ لأن البيّنة قد تذكّر فيقال بيّنة فلان، وفي حرف أبي وابن مسعود: رسولاً بالنصب على القطع. {يتلو} أي يقرأ يقال: تلا يتلو تلاوة. {صُحفًا} جمع صحيفة، وهي ظرف المكتوب. {مطهرة} قال.. "

يعني ما يكتب فيه ظرف، المكتوب يعني ما يُكتب فيه، يعني من القرطاس وغيره؛ لأنه قد يتخيل أن المقصود بظرف الكتاب أو ظرف المكتوب أنه ما يغلَّف به الكتاب لا، المقصود به الورق أو غيره مما يكتب فيه.

" مطهرة قال ابن عباس: من الزور والشك والنفاق والضلالة. وقال قتادة: من الباطل. وقيل: من الكذب والشبهات والكفر، والمعنى واحد، أي يقرأ ما تتضمن الصحف من المكتوب، ويدل عليه أنه كان يتلو عن ظهر قلبه لا عن كتاب؛ لأنه كان أميًّا لا يكتب ولا يقرأ، ومطهرة من نعت الصحف، وهو كقوله تعالى:    عبس: ١٣ - ١٤  فالمطهرة نعت للصحف في الظاهر، وهي نعت لما في الصحف من القرآن، وقيل: مطهرة أي ينبغي ألا يمسها إلا المطهرون، كما قال في سورة الواقعة حسبما تقدم بيانه، وقيل: الصحف المطهرة هي التي عند الله في أم الكتاب الذي منه نسخ ما أنزل على الأنبياء من الكتب كما قال تعالى:    البروج: ٢١ - ٢٢  قال الحسن: يعني الصحف المطهرة في السماء. "

إذًا كيف يتلوها الرسول -عليه الصلاة والسلام- إذا قلنا إنها التي في اللوح المحفوظ؟ الصحف المطهرة ما عند الله في اللوح المحفوظ والله- جل وعلا- يقول: البينة: ٢ ؟

طالب: ......................

المراد ما فيها.

طالب: ......................

على كل حال سواء قلنا: صحف مطهرة التي بأيدي الناس في الأرض أو في اللوح المحفوظ الرسول -عليه الصلاة والسلام- يتلو ما فيها، يتلو ما تضمنته عن ظهر قلبه -عليه الصلاة والسلام-.

طالب: ......................

التطهير؟

طالب: ......................

نعم، ما فيه شك.

طالب: ......................

وصف لما فيها ووصف الصحف وصفًا حقيقيًّا من أجل ما فيه هو، وإلا فهي صحف ورق عادي مثل الأوراق اللي يكتب به سائر سائر الكلام.

طالب: ......................

لكن لما صارت ظرفًا لأشرف الكلام تشرفت به كذلك بلا شك.

طالب: ......................

الذي منه نسخ ما أنزل من اللوح المحفوظ.

طالب: ......................

أخذه من اللوح، هذا قول.

طالب: ......................

يحتاج إلى نسخ، نعم.

طالب: ......................

يعني هل جبريل ينزل بصحف؟ أو ينزل بكلام متلوٍّ يلقيه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ هو النسخ ما يلزم منه الكتابة، هو النقل على كل حال سواء كان بكتابة أو بحفظ.

"             البينة: ٣  أي مستقيمة مستوية محكمة من قول العرب: قام يقوم إذا استوى، وقال بعض أهل العلم: الصحف هي الكتب، فكيف قال: في صحف فيها كتب؟ فالجواب أن الكتب هنا بمعنى الأحكام؛ قال الله- عز وجل-: المجادلة: ٢١  بمعنى حكم، وقال -صلى الله عليه وسلم-: «والله لأقضين بينكما بكتاب الله»، ثم قضى بالرجم وليس ذكر الرجم مسطورًا في الكتاب، فالمعنى: لأقضين بينكما بحكم الله تعالى، وقال الشاعر:

وما الولاء بالبلاء فملتم

 

وما ذاك قال الله إذ هو يكتب

وقيل: الكتب القيِّمة هي القرآن، فجملة فجعله كتبًا؛ لأنه يشتمل على أنواع من البيان. "

طالب: .................

بعض النسخ.. وما في النسخ وما الولاء، لكن المُعلِّق قال: لعل الصواب ومال الولاء فملتم.

" قوله تعالى: البينة: ٤  أي من اليهود والنصارى، خص أهل الكتاب بالتفريق دون غيرهم وإن كانوا مجموعين مع الكافرين؛ لأنهم مَظْنُونٌ بِهِمْ عِلْمٌ، فإذا تفرقوا كان غيرهم ممن لا كتاب له أدخل في هذا الوصف.      البينة: ٤  أي أتتهم البينة الواضحة، والمعنيُّ به محمد -صلى الله عليه وسلم- أي القرآن موافقًا لما في أيديهم من الكتاب بنعته وصفته، وذلك أنهم كانوا مجتمعين على نبوته، فلما بُعث جحدوا نبوته وتفرقوا، فمنهم من كفر بغيًا وحسدًا، ومنهم من آمن كقوله تعالى:   ﮭﮮ الشورى: ١٤  وقيل: البينة البيان الذي في كتبهم أنه نبي مرسل، قال العلماء: من أول السورة إلى قوله قيِّمة حكمها فيمن آمن من أهل الكتاب والمشركين، وقوله: البينة: ٤  حكمه فيمن لم يؤمن من  أهل الكتاب بعد قيام الحُجج. "

" قوله تعالى: ﮤﮥ البينة: ٥  فيه ثلاث مسائل؛ الأولى: قوله تعالى: البينة: ٥  أي وما أمر هؤلاء الكفار في التوراة والإنجيل إلا ليعبدوا الله أي ليوحدوه، واللام في ليعبدوا بمعنى أن كقوله: النساء: ٢٦  و     الصف: ٨   الأنعام: ٧١. "

أي أن يبين كقوله: النساء: ٢٦.

" النساء: ٢٦  أي أن يبين. "

نعم.

" أي أن يبين، و التوبة: ٣٢   الأنعام: ٧١. "

يعني كلها أن اللام فيها بمعنى أن في المواضع كلها.

" وفي حرف عبد الله: وما أمروا إلا أن يعبدوا مخلصين له الدين أي العبادة، ومنه قوله تعالى:    الزمر: ١١  وفي هذا دليل على وجوب النية في العبادات، فإن الإخلاص من عمل القلب، وهو الذي يراد به وجه الله تعالى لا غيره. الثانية. "

هل فيه تلازم أو انفكاك بين النية والإخلاص؟

طالب: .................

النية أعم.

طالب: .................

يعني أنت إذا جئت لتصلي صلاة المغرب ونويتها وقصدتها، هل يلزم من ذلك أن تكون مخلصًا لله؟ يلزم أم ما يلزم؟

طالب: .................

نعم، غير النية التي تكلم عليها العلماء الذين يعتنون بأعمال القلوب، قد تنوي العمل وتقصده النية المشترطة لصحتها، لكن الإخلاص المشترَط لجميع العبادات قد يتخلَّف.

طالب: .................

ما فيه شك، هذا الذي أشار إليه ابن رجب في شرح الأربعين، وهو شيء يغفل عنه كثير من الناس يظنون أن..

طالب: .................

هو فيه تداخل، ما فيهما انفكاك من كل وجه، ولذلك العلماء حينما يشترطون النية غير غافلين عن مسألة الإخلاص، وأن التشريك مُخل، والتشريك قد يكون في العبادة، وقد يكون في المعبود، التشريك قد يكون في العبادة تدخل عبادة مع عبادة هذا تشريك، وقد يكون التشريك في المعبود والمنظور إليه في هذه العبادة.

طالب: .................

لا بد من الإخلا،ص شرط قبول العبادة الإخلاص والمتابعة، هذا ما فيه إشكال، لكن أنا أقول: النية التي يشترطها الفقهاء لتصحيح العمل لا شك أن الإخلاص أخص منها.

" الثانية: قوله تعالى: البينة: ٥  أي مائلين عن الأديان كلها إلى دين الإسلام، وكان ابن عباس يقول: حنفاء على دين إبراهيم- عليه السلام-، وقيل: الحنيف من اختتن وحج، قاله سعيد بن جبير. "

يعني كما فعل الخليل- عليه السلام- وأصل الحنف الميل، ومنه قيل لمن مالت رجله: أحنف، الذي رجله مائلة يقال له: أحنف.

" قال أهل اللغة: وأصله أنه تحنف إلى الإسلام. "

يعني مال إليه.

أي مال إليه.

نعم؛ لأنه قد يكون الحنف الميل، لكن ما الدليل على أنه ميل إلى كذا؟ هو مطلق الميل فمن مال عن الصراط المستقيم وحاد عنه قد يطلق عليه أنه حَنَف وحنيف، لكن وصف الخليل- عليه السلام- وأتباعه يجعل الحنيف خاصًّا بمن مال إلى الصراط لا عن الصراط.

" الثالثة: قوله تعالى: البينة: ٥  أي بحدودها في أوقاتها. ﮤﮥ البينة: ٥  أي يعطوها عند محلها. البينة: ٥  أي ذلك الدين الذي أُمروا به دين القيمة أي الدين المستقيم، وقال الزجّاج: أي ذلك دين الملة المستقيمة، والقيمة نعت لموصوف محذوف أو يقال. "

طيب، الملة الدين القيمة الملة المستقيمة، وماذا عن يقيم به الملة العوجاء؟ ألم يأتِ الوصف بالعوجاء؟ العوجاء.

طالب: .................

ماذا؟ هي العوجاء، من يطلع لنا النص؟

طالب: .................

كأن السياق يدل على أن المراد بالعوجاء الحنيفية، فالحنف الميل، الحنيفية المائلة إلى الحق، ماذا يقول؟

طالب: .................

نعم، والأعوج المائل عن الشرك أيضًا.

طالب: .................

لكن أصل الاشتقاق الحنف الميل، والاعوجاج الميل، فالمائل عن الشرك يقال له: حنيف، والمائل عن الشرك يقال له: أعوج، وملته عوجاء.

طالب: .................

ويقيم به.

طالب: .................

ويقيم به الملة العوجاء الحنيفية، وكله من الميل، الأعوج مائل، والحنيف مائل، فمن مال عن الشرك يقال له: أعوج وملته عوجاء، ومن مال يقول: حنيف وملته حنيفية.

طالب: .................

لا، لا ما هو يقوِّم الملة العوجاء، يقيم به الملة العوجاء، يقيم به الحنيفية.

طالب: .................

مدح مثل حنيفية.

طالب: .................

هذا نحن نقول للإخوان..

طالب: .................

لا لا لا، ما قلنا يقوِّم يقيِّم، يقيم الملة العوجاء، يعني يظهرها ويشهرها وينصرها.

طالب: .................

ماذا فيه؟ قال الزجاج: أي ذلك دين الملة المستقيمة القيِّمة.

طالب: .................

القيِّم إذا قيل فلان.. ابن القيِّم مثلاً أصله قائم على بستان، أو قائم على مدرسة، دين القيمة، وكله من الاشتقاق يوحي بأن المعنى متقارب، قيم وقائم ومستقيم، كلها متقاربة؛ لأن أصل الاشتقاق يشمل هذه الأمور.

" والقيمة نعت لموصوف محذوف، أو يقال: دين الأمة القيمة بالحق أي القائمة بالحق، وفي حرف عبد الله: وذلك الدين القيِّم، قال الخليل: القيمة جمع القيِّم، والقيِّم والقائم واحد، وقال الفرَّاء: أضاف الدين إلى القيمة وهو نعته؛ لاختلاف اللفظين، وعنه أيضًا هو من باب إضافة الشيء إلى نفسه، ودخلت الهاء للمدح والمبالغة، وقيل: الهاء راجعة إلى الملة أو الشريعة. "

أو من إضافة الموصوف إلى صفته، وكما يقال: دين القيِّم، وقيمة يقال: قِيَم الأنعام: ١٦١.

" وقال محمد بن الأشعث الطالقاني: القيمة هاهنا الكتب التي جرى ذكرها، والدين مضاف إليها. قوله تعالى:          البينة: ٦  المشركين معطوف على الذين أو يكون مجرورًا معطوفًا على أهل.            ﯖﯗ البينة: ٦  قرأ نافع وابن ذكوان بالهمز على الأصل في الموضعين من قولهم: برأ الله الخلق، وهو البارئ الخالق وقال. "

شر البريئة.

" وقال: من قبل أن نبرأها، والباقون بغير همز وشد الياء عوضًا منه قال الفراء: إذا أخذت البرية من البري. "

إن أُخذت.

" إن أُخِذت البرية من البرى، وهو التراب فأصله غير الهمز تقول: منه براء الله.. براه الله يبروه بروًا أي خلقه قال القشيري: ومن قال البرية من البرى وهو التراب قال: لا تدخل الملائكة تحت هذه اللفظة، وقيل: البرية من بريت القلم أي قدرته، فتدخل فيه الملائكة، ولكنه قول ضعيف؛ لأنه يجب منه تخطئة من هَمَز، وقوله: شر البرية أي شر الخليقة، فقيل: يحتمل أن يكون على التعميم، وقال قوم: أي هم شر البرية الذين كانوا في عصر النبي -صلى الله عليه وسلم- كما قال تعالى: البقرة: ٤٧  أي على عالَمي زمانكم. "

يعني بني إسرائيل البقرة: ٤٧  المقصود فيه عالمو زمانهم.

" ولا يبعد أن يكون في كفار الأمم قبل هذا من هو شر منهم مثل فرعون وعاقر ناقة صالح، وكذا خير البرية إما على التعميم أو خير برية عصرهم، وقد استدل بقراءة الهمز من فضَّل بني آدم على الملائكة، وقد مضى في سورة البقرة القول فيه، وقال أبو هريرة- رضي الله عنه-: المؤمن أكرم على الله- عز وجل- من بعض الملائكة الذين عنده. "

على كل حال المسألة معروفة عند أهل العلم، وفي قوله- جل وعلا-:    الأعراف: ٢٠  ما يدل على تفضيل الملائكة، والقول المرجح أن الملائكة دون الرسل يعني محمد -عليه الصلاة والسلام- أفضل الخلق قاطبة، وهم دون الرسل الذين حصلت لهم العصمة مع وجود الشهوة، الملائكة نزعت منهم الشهوة، لا يعصون الله ما أمرهم؛ لعدم المعارِض ولا شك أنهم خير من عموم الناس الذين يحصل منهم العصيان واتِّباع الشهوة.

طالب: .................

أبو بكر؛ لأنه بعد الأنبياء أفضل الخلق بعد الأنبياء يشمل الملائكة، لكن على الخلاف المعروف، كل على مذهبه في هذا.

قوله تعالى..

   الأعراف: ٢٠  يعني لتبلغا منزلة أعلى ممن أنتم فيها، الأعراف: ٢٠  هذا يستدل به من يرى تفضيل الملائكة.

طالب: .................

نعم ذكرته في ملأ خير منهم.

طالب: .................

لا، المفاضلة مع الجنس لا شك أن الملائكة أفضل من كثير ممن وُجد على ظهر الأرض من بني آدم، وأما خواصهم كالملائكة مثلاً أو الصديقين وما أشبه ذلك فهم محل القول الثاني.

طالب: .................

لا؛ لوجود المشركين في كفروا من أهل الكتاب، والمشركين تجعله بيانية؛ لأنها شاملة جميع أصناف الكفر، ما فيه صنف من أصناف الكفر يخرج من من أهل الكتاب والمشركين.

طالب: .................

من أيش؟ من الذين كفروا؟ من أيش؟

طالب: .................

في وقته؟

طالب: .................

قبل نسخ دينه؟

طالب: .................

هذا له أجران، ما هو هذا زيادة فضل.

طالب: .................

الآن الذي يظهر أنها لوجود أهل الكتاب والمشركين، وأنه لا يخرج صنف من الكفرة عن هذين الصنفين تكون بيانية.

طالب: .................

ذكرنا الخلاف، وهذا قول، ولكل قول أدلته، المسألة مبسوطة، لو تراجع ما أحال عليه؛ لأنه قال في سورة البقرة راجع الموضع الذي أحال عليه من سورة البقرة ثلاثة الجزء الأول صفحة مائتين وتسع وثمانين.

" قوله تعالى: البينة: ٨  أي ثوابهم. البينة: ٨  أي خالقهم ومالكهم. البينة: ٨ } أي بساتين. البينة: ٨  أي إقامة، والمفسرون يقولون: البينة: ٨  بطنان الجنة أي وسطها تقول عدّن بالمكان. "

عدَن بالمكان.

" تقول: عدَن بالمكان يعدن عدنًا وعُدونًا أقام، ومعدن الشيء مركزه ومستقره. "

ومثله إذا قالوا مدن بالمكان أي أقام، ومنه اشتقت المدينة، وهي محل الإقامة.

" قال الأعشى:

وإن يستضافوا إلى حكمه

 

يضافوا إلى راجح قد عدن

  ﭜﭝ البينة: ٨  لا يضعنون ولا يموتون. البينة: ٨  أي رضي أعمالهم، كذا قال ابن عباس. ﭢﭣ البينة: ٨  أي رضوا هم بثواب الله- عز وجل- ذلك أي الجنة.   البينة: ٨  أي خاف ربه، فتناهى عن المعاصي. "

رضي الله عنه فيه إثبات صفة الرضى لله- جل وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته، ذلك لمن خشي ربه يقول: هذا الرضى يدخل فيه أهل العلم دخولاً أوليًّا لماذا؟ لأنه قرن بالخشية، ذلك كأنه تخصيص يعني الفضل والرضى لمن خشي ربه، والخشية في الحقيقة إنما هي لأهل العلم ﯣﯤ فاطر: ٢٨.

طالب: .................

ما فيه إشكال إن شاء الله، ما إشكال من دخل الجنة فقد رضي الله عنه، لكن يبقى أن أهل العلم يدخلون دخولًا أوليًّا في هذا؛ لأنه رتب على وصف هم أخص الناس به.

"