كتاب بدء الوحي (099)

السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذا يقول: قال الخليفة المأمون: حدثني هشيم بن بشير، عن مجاهد، عن الشَّعْبي، عن ابن عبَّاسٍ –رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «إذا تزوَّج الرجلُ المرأةَ لدينها وجمالِها، إذا تزوَّج الرجلُ المرأةَ لدينها وجمالِها كانَ فيهِ سَدادٌ من عَوَز» بالفتح، فقال النَّضر بن شميل: صدقتَ يا أمير المؤمنين، حدثني عوفٌ الأعرابي، عن الحسن، أنَّ النبيَّ –صلى الله عليه وسلَّم- قال: «إذا تزوج الرجلُ المرأة لدينها وجمالِها، كان فيهِ سِدادٌ– الأولى بالفتح، الثَّانية بالكسر- من عَوَز»، وكانَ المأمون متكِئًا فاستوى جالِسًا، وقال: السَّدادُ لحنٌ يا نضر.
الآن السَّدادُ –بالفتح- هو الذي جاء من طريقِه، من طريق المأمون.

وكان المأمونُ متكِئًا فاستوى جالِسًا، وقال: السَّدادُ لحنٌ يا نضر، قلت: نعم ههنا، وإنَّما لحنه هُشيم وكان لحانًا، فقال: ما الفرق بينهما؟ قلتُ: السَّدَاد –بالفتح- القصد بالسبيل، والسِّداد –بالكسر- البُلغة.
وكل ما سددت به شيئًا فهو سداد.
قال: أفتعرف العرب ذلك؟ قلت: نعم، هذا العَرْجِيُّ من ولد عثمان بن عفان يقول:

أضاعوني وأي فتى أضاعوا

 

ليومِ كريهةٍ....

وسِداد أم سَداد؟ نعم، وسِداد ثغر.
فهذا يا شيخنا دليلٌ على أنَّ بعضَ الاحاديث وقعَ فيها اللحن من طريقٍ ووافقت اللغة من طريق، والأحاديث حجةٌ لأهلِ اللغة في إثباتِ المعاني والألفاظِ، وليست حجَّةً لهُم في ضبطها –أي اللغة-.
من قال هذا الكلام؟ أولًا: الحديث بطريقيه ضعيف، فَمثْل الضعيف إذا كان الخلاف في الحديث الصَّحيح الذي يُروى بأسانيد ثابتة، ويُضاف إلى النبي –عليه الصلاة والسلام- فيه اختلافٌ مشهور، فكيف يحتجّ بمثل هذه الأحاديث الضَّعيفة، هذه قصَّة محاوَرة، والذي يغلب –أنا ما وقفت عليها- أنَّها مأخوذة من كتبِ الأدب، يعني: مرجعها كتب الأدب، وليس مرجعها كتب الحديث، فما أدري من أيْن أخذها أخونا الكاتب؟
ما أرى شيئًا، هذه محاورة بين النَّضر بن شميل مع الخليفة المأمون، من أين أخذ هذه القصة صاحبها كاتبها؟ مثل هذه القصة لو ثبتت تفيد في بابها، تفيد في بابها، لكن الحديث بطريقيه ضعيف، ثمَّ إذا حصَل في الأحاديث الصَّحيحة أنْ يُروى الحديثُ من طريقين أحدهما بلفْظٍ والثَّاني بلفظٍ آخر، وورد أحدهما بضبط، والطريق الثاني بضبطٍ آخَر، والمجزوم  به أن النبي– عليه الصلاة والسلام- قاله في مناسبة واحدة، فالمُصحَّح أحدهما دون الآخر، والثَّاني يكون من الرِّواية بالمعنى، والرِّواية بالمعنى عند عامة أهل العلم جائزة، فإذا كان الضَّبط يوافق لغة قبيلَة من القبائل، والضَّبط الثَّاني يوافق لغة قبيلة أخرى، فهل يكون النَّبي –عليه الصلاة والسلام- نطق به على لغةِ قريش مرة، وعلى لغة تميم مرَّة أخرى، يحتمل هذا، أو أنَّ الرَّاوي التميمي رواه على لغته، والرسول –عليه الصلاة والسلام- نطق به على لغة قريش، وهذا أمره سهل، يعني في الحديث يجيزون الرِّواية بالمعنى، وهذه الفروق سهْلَة، لكِن إذا ضُبطَ الحديثُ بضبْطَيْنِ يترتَّب على اختلافهما اختلافُ المَعْنَى، فلا بدَّ حينئذٍ من التَّرْجيح؛ لأنَّ النبي –عليه الصلاة والسلام- المجزوم به أنَّه قاله مرَّة واحدة، والخلاف في كلمة واحدة، ما يُقال: إنَّها زيادة ثقة، تصرف ثقة صحيح، لكن ليست زيادة ثقة.

 يعني مثل ما ذكرنا مرارا وفي مناسبات:  «زكاة الجنين زكاةُ أمِّه»، فهذه الرواية هي المعتمدة، ورويَ: «زكاةُ الجنين زكاةَ أمه»، واختلف تبعًا لذلك الحُكم، على كلِّ حال هذه القصة نافعة في بابها، لكن ما مصدرها؟ والذي يغلبُ على ظني أنَّها مثل هذه المحاورات تُذكر في كتب الأدب، وقد ينقلها الشُّراح، لكن يبقى أنَّ مظنَّتها كتب الأدب.
يا إخوان هذا الكاتب ما هو موجود؟
طالِب:....
هو لا شيء عليه، ما قال إلَّا كلامًا طيبًا ونافعًا يعني... مصدرها؟
طالب:....
في تاريخه "تاريخ الخلفاء"، نعم.
على كل حال: هي نافعة في بابها، ويبقى أنَّ الحديث بطريقيه ضعيف، وفي كل واحدٍ منهما علل ليست علة واحدة.
يقول: هل من جمع زوائد "الطبعة الهندية" على هامش "اليونينية" يعتبر قد أحاط باختلاف نسخ البخاري؟
نسخ البخاري لا يمكن الإحاطة بها؛ لأنَّ هذا الكتاب كتب له من القبول ما يجعله في المرتبة الثَّانية بعد القرآن، يعني: في انتشاره عند المسلمين، يعني: كثرةُ مخطوطاته وكثرة طباعته، وكثرة نسخه شيء لا يخطر على البال، من طلبة العلم الموجودين الآن من عنده عشر نسخ مخطوطة أصليَّة، فكيف بالمكتبات العامَّة وبُلدان المسلمين المختلفة من المشرق إلى المغرب!
يقول: في مقابلتي، عند مقابلتي للطبعة "العامرة" ب"اليونينية"  وجدت اختلافًا يسيرًا لا يخرج عن ما هو في هامش "اليونينية" فهل أعتمدُ، كلاهما أو كليهما، على "السلطانية"، فهل اعتمد، اعتمد كلاهما على "السلطانية" وكيفَ حصلَ الاختلاف إنْ كان أصْلهُما واحدًا؟
كون "الطبعة العامرة" عند مقابلتي " للطبعة العامرة" باليونينية، أنا ما أدري ما يقصد باليونينية، نسخة اليونيني التي بخطِّه أو نُسخَ عنه، أو المراد بها: الطبعة الموجودة البولاقية سواء كانت الأولى أو الثَّانية، والتي أمر السلطان بطبعته الأولى ثمّ طبع مرة ثانية، إذا كان يقصد باليونينية هذه، فيقول: اختلافًا يسيرًا لا يخرج عما هو في هامش "اليونينية"، فهل اعتمد كلاهما على "السلطانية"، هل هناك فرق بين "اليونينية" و"السلطانية" إذا كان القصد مطبوعًا أما إذا كان مخطوطًا، فالأصل الذي بخط "اليونينية" أو ما تفرع عنه، نقول: إن هذه السلطانية اعتمدت على "اليونينية"، أما إذا كان قصده "اليونينية" المطبوعة فهي: "السلطانية"؛ لأنَّ السلطان أمر بطبع النسخة "النونينية"، وشكَّل لها لجنة من أكثر من عشرين من علماء الأزهر، وراجعوها وضبطوها وأتقنوها، ومع ذلك فالطبعة الأولى سنة ألف وثلاثمائة وإحدى عشر وُقِف فيها على ما يقرب من مائة خطأ، خطأ في ضبط، في كلمة، في شيءٍ سقط منها، نقص حرف، يعني أمور طفيفة جدًّا يعني إذا قيست بحجم الكتاب.
هذه الطَّبعات صُحِّحت في الطبعة الثانية، ألف وثلاثمائة وثلاثة عشر وأربعة عشر، وصُحِّحت أيضا في "المصورة"، المصورة متقنة، صُحِّحَت هذه الأخطاء في المصورة، فما أدري ما قصده "باليونينية" إن كانت المطبوعة ببولاق فهي "السلطانية".
يقول: فهل اعتمد كلاهما على "السلطانية؟"
هذا فيه ما فيه، وقلنا مرارا: إنَّ "العامرة" مأخوذة بحروفها من شرح القسطلاني، ولا يُعرف شارح من الشُّراح اعتنى بألفاظ البخاري ورواياته مثل القسطلاني، لا ابن حجر ولا غير ابن حجر، انصبَّت همَّته إلى تحرير وتحقيق لفظ البخاري، وهو متميز في هذا الباب، ويذكر الفروق الدقيقة بالحرف، بالنقطة، القسطلَّاني، سواءٌ ترتَّب عليه أثر أو لا، بخلافِ ابن حَجر فإنَّه اعتمد رواية أبي ذرّ، وأشار إلى ما عداها عند الحاجة.
طالب:...
نعم.
طالب:....
لا لا من يعتمد على كتب العلم، من يعتمد عليها، يعني لأهمية هذا الكتاب، ولا أعرف كتابًا طبع مثل ما طبع "إرشاد الساري" طُبع في بولاق فقط سبع مرات، بينما "فتح الباري" مرة واحدة، "وعمدة القارئ" ما طبعوه ببولاق أصلًا، يعني طبع سبع مرَّات، الأولى والثَّانية، والثَّالثة، والرابعة، بدون حواشٍ، ما طبع على هامش الشيء، لكن الأولى والثَّانية طوال، والثَّالثة والرَّابعة قصار، الطبعة الخامسة، والسَّادسة، والسابعة على هامشه شرح النووي على مسلم الخامسة، والسادسة، والسابعة، طبع في أثناء طبعات بولاق سنة ألف وثلاثمائة وسبعة طبع في الميمنية، وعلى هامشه النووي على مسلم، ثمَّ في طبع في الميمينية مرة ثانية على هامشه النووي على مسلم، و"تحفة الباري" لزكريا الأنصاري اثني عشر مجلدًا، فالكتاب محل عناية عند أهلِ العلم؛ لأنَّ الذين يتولَّون التَّصحيح والمراجعة واقتراح المطبوعات في بولاق علماء، علماء، فما معنى أنَّه يطبع في بولاق سبع مرات؟ ليس من فراغ هذا، ليس من فراغ، وهو في حقيقته خلاصة وعصارَة "لفتح الباري" و"عمدة القارئ" باختصار.
الحمد لله رب العالمين، وصلَّ الله وسلم وبارك على عبده وسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أمَّا بعد:
فما زال الحديث في أطراف حديث هرقل في "الصَّحيح"، وقلنا: إنَّ الإمام البخاري –رحمة الله عليه- خرجه في اثني عشر موضعًا، وذكرنا الموضع الأول والثَّاني، وانتهينا منهما، صح؟ طيب.
الثَّالث: في كتاب الشَّهادات، في بابِ "مَن أمرَ بإنجازِ الوَعدِ"، في كتاب الشَّهادات، في بابِ "مَن أمرَ بإنجازِ الوَعد، وفَعَله الحَسن، {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ} [مريم:54]
"وقضى ابن الأشوع بالوعد، وقضى ابن الأشوع بالوعد، وذكر ذلك عن سَمُرَة بن جندُب، وقال المِسْور بن مَخْرَمة: سمعتُ، سمعت النبي –صلى الله عليه وسلَّم- وذكرَ صهرًا له فقال: «وعدني فوفى لي»، قال أبو عبد الله: رأيت إسحاق بن إبراهيم يحتج بحديث ابن أشوع، قال أبو عبد الله: رأيت إسحاق بن إبراهيم يحتج بحديث ابن أشوع، قال –رحمه الله-: "حدثني إبراهيم بن حمزة، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن صالح، عن ابن شهابٍ، عن عبيد الله بن عبد الله، أن عبد الله بن عباس –رضي الله عنهما- أخبره قال: أخبرني أبو سفيان أنَّ هرقل قال له: سألتك ماذا يأمركم؟ فزعمت أنه أمركم بالصلاة، والصدق، والعفاف، والوفاء بالعهد، وأداء الأمانة. قال: وهذه صفة نبي".
والوفاء بالعهد، والترجمة: باب من أمر بإنجاز الوعد، بينهما فرق أم ما بينهما فرق، العهد والوعد؟
طالب:.....
كيف؟
طالب:....
ألزم؛ لأنه أوثق، ووعد موثَّق.
قال ابن حجر: قوله: باب من أمر بإنجاز الوعد، وجه تعلِّق هذا الباب بأبواب الشهادات"؛ لأنَّه كتاب الشَّهادات. "باب من أمر بإنجاز الوعد، قوله: باب من أمر بإنجاز الوعد، وجْهُ تعلق هذا الباب بأبواب الشَّهادات أنَّ وعدَ المرء كالشَّهادة على نفسه، أنَّ وعدَ المرء كالشَّهادة على نفسه، قاله الكرماني".
من أين جاء: وعدُ المرءِ كالشَّهادةِ على نفسِه؟
طالب:......
لا.
طالب:......
نعم.
طالب:......
لا، الوعد: إقرارٌ على النَّفس، الوعد: إقرارٌ على النَّفس، والإقرار قسيمٌ للشهادة في الإثبات، يعني من بُعد، كأنَّ هذا هو المراد، الوعد: إقرارٌ على النَّفس، والإقرار قسيم للشهادة في الإثبات، "أن وعد المرء كالشهادة على نفسه، قاله الكرماني، وقال المهلب: إنجاز الوعدِ مأمورٌ به، مندوبٌ إليه عند الجميع، إنجاز الوعدِ مأمورٌ به، مندوبٌ إليه عند الجميع وليسَ بفرْض، وليسَ بفرضٍ؛ لاتفاقِهِم على أنَّ الموعود لا يُضارِب بما وُعِدَ به مع الغُرماء". ما معنى هذا الكلام: لا يٌضارب بما وُعد به؟ لو قال لك واحد: سأعطيك ألفًا، تقول: فرصة ندخل مساهمة، ندخل شركة، ندخل مضاربة بهذه الألف، ما بعد قبضت شيئًا، ما وجه الاستدلال هنا: "قال المهلب: إنجاز الوعدِ مأمور به، مندوبٌ إليه عند الجميع،" يعني: ليس بواجب، وليس بفرضٍ باتفاقهم على أنَّ الموعود لا يضارب بما وعد به مع الغرماء". كيف لا يضارب به؟
طالب: ليستقر.

ليستقر متى؟ بالقبض، كالعطية.
طالِب:....
لكن هل كلام، يعني على سبيل إذا قال: أعطيك ألفًا مجرد وعد، هل يلزمه إنجاز ما وعد به؟  هل يلزمه إنجاز ما وعد به؟
طالب:.....
وهل له المطالبة به؟ إذا تأَّخر يدعوه لمحاكمة عند القاضي، قال: هذا وعدني وما وفَّى.
طالب:....
نعم؟
"وليس بفرض لاتفاقهم، لاتفاقهم، لاتفاقهم على أنَّ الموعود لا يُضارِب بما وُعِد به مع الغرماء، يقول ابن حجر: ونقلُ الإجماع في ذلك مردود، ويقول: عند الجميع ولاتفاقهم. ونقلُ الإجماع". الإجماع قوله عند الجميع أم الاتفاق؟
طالب:...
ماذا؟
طالب:...
قال: "ونقل الإجماع في ذلك مردود، فإنَّ الخلاف مشهور، ولكن القائل به قليل".
وقال ابن عبد البر وابن العربي: "أجلُّ مَنْ قال به عمر بن عبد العزيز، أجلُّ مَن قال به عمر بن عبد العزيز، وعن بعضِ المالكيَّة: إن ارتبط الوعدُ بسببٍ وجَبُ الوفاءُ به وإلَّا فلا". لماذا؟ "إنِ ارتبط الوعدُ بسببٍ وجَبُ الوفاءُ به وإلَّا فلا".
طالب:....
ماذا؟
طالب:....
"إن ارتبط الوعدُ بسببٍ وجبُ الوفاءُ به وإلَّا فلا"، يعني أنْتَ حصَل منكَ لأخيكَ سببٌ، إمَّا بشارة بما يسرُّ، أو تيسير أمْرٍ من الأمور، فقال: عندي لكَ ألفُ ريال، سأعطيك ألفَ ريال إذا طلعَ الرَّاتِب، هذا ارتبط بسبب، ففيه نوْعُ معاوَضَة، "إن ارتبط بسببٍ وجبُ الوفاءُ به وإلَّا فلا، فمن قال لآخر- المثال- فمن قال لآخر: تزوَّج، ولك كذا، فتزوَّج بذلك وجب الوفاء به". إذا قال تزوَّج ولكَ كذا، تزوَّج وأعطيك مبلغًا، يلزمه الوفاء به، لماذا؟ لأنَّه صار سببًا في تحمُّل شيء من الدين؛ لأنَّه قد يكون ما حثَّه على الزواج إلا هذا الوعد، ثمَّ بعد ذلك إذا لم يفي به، تضرَّر الموعود. "وعن بعض المالكيَّة: إن ارتبط الوعدُ بسببٍ وجبُ الوفاءُ به وإلا فلا، فمن قال لآخر: تزوَّج، ولك كذا، فتزوج بذلك وجب الوفاء به".
قصَّة حاصلة: طالب يدرُس، دخل المدرسَة، فلمَّا وصِل السَّنة الرَّابع ترك الدراسة، فقال له قريبٌ له: ارجع إلى الدِّراسة وأعطيك عشرة، هذا الكلام قبل خمسة وأربعين سنة، ارجع إلى الدِّراسة وأعطيك عشرة، رجع إلى الدِّراسة وواصل وصار مشهورًا ومعروف وله دروس، لكن ذاك ما أعطاه العشرة، هل يأثم؛ لأنه ارتبط بسبب، أو يثاب وله نصيبٌ من أجرِه؛ لأنه أعاده للدِّرَاسة؟
طالب:....
ماذا؟
الطالب:....
توفي الواعد.
طالب:....
ماذا؟
طالب:...
نعم، نقول هذا مثال حي لهذه المسألة.
طالب:....
نعم.
طالب:....
نعم، ما فيه معاوضة في الأصل، ما هو مثل التزوج، لكن قال له: تزوج وأعطيك ألفًا، وتزوَّج وولد له عشرة كلُّهم طلاب علم ودعاة، وحفَّاظ، هذا أيضًا مثله أو أفضل.
طالب:....
هو سيلحقه.
طالب:....
لا يلحقه بعد.
طالب:....
في ذلك الوقت فيه مشقة، الدُّروس تحتاج إلى  نفقة، وكلّ شيء يحتاج إلى نفقة.

 شخص من كبار أهل العلم يذكر لنا، أنَّه أوَّل ما بدأت الدراسة دخل المدرسة، فقيل له: نريد هندسة، سنة خامسة يبغون هندسة، بلدُه صغير، وما فيها هندسة، أرسل من يشتري هندسة من الرِّياض، قالوا له: بخمسة، من أين الخمسة ذاك الوقت؟ جاء الجراد فجمع شيئًا من الجراد في كيس وأرسله ليبيع بخمسة واشترى الهندسة، يعني أمور ما هي سهلة، يعني اختلاف جذري في التَّعايش السَّابق واللاحق.
 هذا الوعد الذي ارتبط بسبب، نقول هذا الواعد بعشرة، أم ..؟
طالب:....
يرجى له خير إن شاء الله.
طالب:....
أيهم؟ الزواج.
طالب:...
بعشرة ريالات، عشرة ريالات، عشرة ريالات، نعم، لكن سنة خمسة وثمانين، من ست وأربعين سنة.
طالب:....
ما تدري يمكن أنه لو قال له: ادرس وأعطيك عشرة، يمكن خلاص، ما درس ولا حصل شيئًا، والعلم عند الله –جل وعلا-.
لاشكَّ أنَّ الزَّواج ترتب عليه تحمل ديون.

خرَّج بعضهم الخلاف، وخرَّج بعضهم الخلاف على أنَّ الهبة هل تُمْلك بالقبض أو قبله، على الهبة هل تملك بالقبض أو قبله؟ قال -وهذا كلام  ابن حجر-: "وقرأت بخط أبي –رحمه الله-، وقرأت بخط أبي –رحمه الله- في إشكالات على الأذكار للنووي، ولم يذكر جوابًا عن الآية، ولم يذكر جوابًا عن الآية، يعني قوله تعالى: {كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُون} [الصف:3]، إذا قال له سأعطيك كذا، ولا فعل، يدخل في عموم الآية، "ولم يذكر جوابا عن الآية، يعني قوله تعالى: {كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُون} [الصف:3]، وحديث: «آية المنافق»، يعني ما وجد جوابًا عنه؛ لأنَّ «إذا وعد أخلف» في وصف المنافق، وهذه خصلة من خصال المنافقين، أمرها ليس بالسهل، حيث قالوا: لا يجب الوفاء بالعهد.
طالب:.... 
لا، لا، لا، الوعد هذا أصله معاوضة، وعد معاوضة، كل يملك ما عنده، هذا يملك الثمن، وهذا يملك المثمن، سواء نفذ البيع أم لم ينفذ، ما هو مثل الوعد ابتداءً بدون أنْ يعطيه شيئًا بدون مقابل، لكن لو وعده أن يبيعه الكتاب، رأى عنده نسخة نفيسة، كتابًا من الكتب، وقال: بعني إياها، قال: الآن لا أستطيع؛ لأنَّ عندنا درسًا أو بحثًا أو شيئًا من هذا، خلال شهر إن شاء الله تجيء وأبيعه لك، فلما انتهى الشَّهر جاء، قال: الكتاب؟ قال: والله بعناه أمس، يعني: هل يأثم بهذا في إخلافه للوعد؟ وفرقٌ بينَ أن يكون في نيته الإخلاف مع إبرام الوعد، وبين أن لا تكون نيته الإخلاف، وإنما طرأت عليه لأمر من الأمور، العلماء يفرقون بين هذا وهذا.
طالب:....
هذا متفق عليه عندهم، أن هذا يدخل دخولًا أوليًّا في هذا.
طالب:....
لا الهبة، الأمس، إنْ تأخر فهي وعد.
طالب:....
مع القبض، تلزم، العلماء يقولون: تلزم بالقبض، تلزم بالقبض.
قال: "والدَّلالة للوجوب منها قويَّة، والدَّلالة للوجوبِ منها قويَّة، فكيفَ حملوه على كراهة التنزيه مع الوعيد الشديد! فكيف حملوه على كراهة التنزيه مع الوعيد الشديد، ويُنظر هل يمكن أن يقال: يحرُم الإخلاف ولا يجبُ الوفاء، يمكن أن يقال: يحرم الإخلاف ولا يجب الوفاء؟"
يعني: هل الأمر بالشَّيء نهيٌ عن ضده؟ معلومٌ أنَّه إذا لم يكن له إلا ضدُّ واحد، فهو نهيٌ عن ضده، إذا كان له أضداد، على ما تقدَّم بحثُهُ،  ويُنظر هل يمكن أن يُقال: يحرُم الإخلاف ولا يجبُ الوفاء", أي: يأثم بالإخلاف وإن كان لا يلزم بوفاء ذلك". لكِن هل هذا الكلام له شَبَه بما قالوا في النَّذرِ: أنَّه يُكره ويجب الوفاء به، أو لا؟
طالب:...
"يُنظر هل يمكن أن يُقال: يَحرم الإخلاف ولا يجب الوفاء"، وهل للإخلافِ معنًى غير عدم الوفاء، هل له معنَى غير عدمُ الوفاء؟
طالِب:...
نعم.
طالِب:....
يعني: لا تجبُ المطالبة، لا يجب الوفاء إلَّا بالمطالبَة؟
طالِب:...
ما أدري، هذه يمكن الانفكاك بينهما، يعني: لو أنَّ إنسانًا وعد، وقِيل: يحرم عليك الإخلاف، هل يجب عليكَ الوفاء؟ يستسمح صاحبه، يقول: والله إني وعدتك بكذا وعجزت، هل نستطيع أن نقول: إنه لا يجب الوفاء باعتبار أنَّه عفا عنه، لكن يحرم إخلافه، وهل شيء واحد متعلق بطرف ليستقل بالحكم، أو كلاهما متَّجه لطرف واحد؟ كلاهما متَّجه لطرفٍ واحد؛ فالإخلاف والوفاء متعلِّقَان بمن وعَد، ولا يمكن أنْ يُقال: إذا كان هذا العقد بينَ شخصيْن، وكل واحد يخصُّه منْه شَيء، يمكن أن يُقال: هذا يحرم عليه، وهذا لا يَجب عليه، لكِن التحريم والوجوب متَّجهان إلى ذاتٍ واحدة، فلا انفكاك بينهما، ما بينهما انفكاك أنْ يأْثموا بالإخلاف، وإن كان لا يلزم بوفاء ذلك.
النَّذر في الأصْلِ ليس بواجِب بل مكروه، إذا حصل لكنَّ الوفاء به لازم، واجب، فهل فيه شَبَه ممَّا عِندنا أم لا؟
طالِب:.....
نعم.
طالب:....
هل يمكن أن يُقال: إنَّ مِن صورِ الوَعد ما هو مكْروه، من صورِ الوعد صورَة مكروهَة؟
طالِب:.....
بما يشق عليه، أن يعد بما يشقُّ عليه، أن يعد بما يشقّ عليه فيه نزع كراهة، كمن يتصدقُّ بجميع مالِه أو ما أشبه ذلك على الخلاف بين أهلِ العلم، الوسيلة مكروهة، والغاية واجِبَة، ففيه نوعُ شبه بالنَّذر من هذه الحيْثيَّة.
طالِب:......
لا، لكن النَّذر مكروه في أصلِه، وجاء النَّهيُ عنه، لكن إذا نذر، «من نذر أن يطع الله فليطعه»، يلزمه.
طالِب:....
كيف؟
طالب:....
نعم.
طالب:...
نعم، وهذا إذا وعده أن يعطيه شيئًا يشقُّ عليه، يشقُّ عليه، أو يترتَّب عليه تضييع لبعضِ الحقوق على اختلافٍ في هذهِ الحقوق حسْبَما يترتّب عليها، فإن كان في هذا التضييع تضييع لواجب صارَ هذا الوعدُ محرَّمًا، وإذا كان فيه تضييع لمستحبّ كان هذا الوعدُ مكروهًا، إلى غير ذلك، ثمَّ بعد ذلك يلزم الوفاء به؛ لأنَّه يدخل في الآية: {كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُون} [الصف:3].
طالب:....
إذا كان فعل محرَّم يحرُم، يحرم الوعد ويحرم الوفاء به، كلاهما حرام.
طالب:....
النَّذر: إنْ شفى الله مريضي أنْ أصوم ثلاثة أيَّام، قلنا: لا هذا النَّذر مكروه وجاء النهي عنه، لكن يلزمه أن يصوم ثلاثة أيام، هو وعد قريبه هذا أنْ يعطيَه إذا تزوَّج مائة ألف، وهو ما
يملك مائة ألف، فيتكلَّف ويتسلَّف ويتدين وقد يحمَّل نفسه أكثر مما تطيق، ثم بعد ذلك يلتزم بأقساط تخلُّ بمن يمون، تخلُّ بنفقة من يمون، وقد يصل في بعض الأحوال إلى درجِة التَّحريم، ما يكفي الكراهة في بعض الصور، ثمَّ إذا وعده وقلنا: {كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُون} [الصف:3]، يحرم الإخلاف، وينظر هل يمكن أن يقال: يحرم الإخلاف ولا يجب الوفاء، أنْ يأثم بالإخلاف وإن كان لا يلزم، ولا يلزم وفاء ذلك، أنه وعده بمائة ألف إذا أراد أن يتزوج، ما يلزمه الوفاء؛ لأنَّه شاقٌّ عليه جدًّا، يشقُّ عليه.
طالب:....
نعم
طالب:....
يعني إن كان يسيرًا، ما يشقُّ عليه، هذا ما يدخل في هذه الصورة، أنا أريد أن أقرِّب مسألة قُرْب هذه الصُّورة من النَّذْرِ.
طالب:.....
لا.
طالِب:.....
لا، لا، الصُّورَة التنظير مطابق إلى حدٍّ ما، حتى بعد لو تدين بمائة ألف، قلنا له هذه المائة ألف وأعطاه ذاك ما فيها كراهة، لكنْ مجرد الوعد بهذا المبلغ الذي يشقُّ عليه، وقد يترتب عليه تضييع بعض الحقوق، مثل النَّذْرِ.
قوله: "وفعله الحسن –أي: الأمر بإنجاز الوعد، قوله: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ} [مريم:54]، في رواية النسفي، وذكر إسماعيل أنَّه كان صادق الوعد، ذكر إسماعيل أنَّهُ كان صادقَ الوعد". ذكر: يعني وصف، "إسماعيل بأنَّه كان صادق الوعد، وروى ابن ابي حاتم من طريق الثوري، أنه بلغه أن إسماعيل -عليه السلام- دخل قرية هو ورجل فأرسله في حاجة، وقال له: إنه ينتظره، قال: اذهب لتحضر هذه الحاجة وأنا أنتظرك في هذا المكان، فأقام حولًا في انتظاره، فأقام حولاً في انتظاره".
يعني يُذكر عن بعض الناس يومين ثلاثة، يعني ذُكِر في تراجم بعض العلماء من أجل أن لا يخلف، لكن "وقال له: أنا أنتظرك، فأقام حولا في انتظاره ومن طريق ابن شوذب أنَّه اتخذ ذلك الموضع سكنًا"، بنى فيه بيتًا وسكن إلى أن يجيء ذاك، فهذا يُمكن تصوره، أمَّا أن يجلس في مكان يعني السياق الأول مستحيل، شبه مستحيل، شبه متعذر، ينتظره على الرصيف أو في شارع أو في برية أو شيء حولًا كاملًا؛ ليحضر هذه الحاجة، يعني كونه تأخر بنى بيتًا، ولا تتصورا أن البيوت بناؤها يحتاج إلى وقت، لا، إلى وقت قريب والإنسان إذا أراد أنْ يبني بيتًا وقف بالمسجد وقال: أعان الله من يعين. وعنده الطين واللبن، ولبن وطين إلى يومين، ثلاثة، أسبوع، ونتهي، ناس كان كل شيء يكفيهم، وليس هذا هدفًا ولا مقصِدًا، صحيح أن مثل هذه التصرفات لا تليق بالمظهر الحضاري الذي ينشده النَّاس اليوم، ينشد على مستويات، لكن هكذا الدنيا «كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل»، وبيت ابن عمر كما وصف من هذا النوع، أظنه بناه بيوم أو بيومين، المسألة أقل مما نتخيل، المسألة ممرّ، شيء يكنه عن الحر والقر وتمشي الأمور.
"أنَّه اتخذ ذلك الملك مسكنًا، فسمي من يومئذٍ صادق الوعد، صادق الوعد، قوله: وقضى ابن الأشوع بالوعد"، وعلى كل حال: هذه الأخبار متلقاة من بني إسرائيل.

"رواه ابن أبي حاتم من طريق الثوري أنه بلغه"، هذا فيه مفاوز، "ومن طريق ابن شوذب: أنه اتخذ ذلك الموضع إلى آخره، قوله: وقضى ابن الأشوع بالوعد، وذكر ذلك عن سَمرة بن جندب هو سعيد بن عمر بن الأشوع كان قاضي المدينة في زمان إمارة خالد القسري على العراق، وذلك بعدَ المائة، وقد وقع بيانُ روايته كذلك عن سَمُرَة بن جندب في تفسير إسحاق بن راهويه، قوله: قال أبو عبد الله، هو المصنِّف، قال: أبو عبد الله، هو المصنِّف رأيت إسحاق بن إبراهيم وابن راهويه يحتج بحديث ابن الأشوع، أي: هذا الذي ذكره عن سمُرَة بن جندب، والمراد: أنَّه كان يَحْتجُّ به في القول بوجوب إنجاز الوعدِ.

 تنبيه  -يقول ابن حجر-: وقع ذكر إسماعيل بين التعليق عن ابن الأشوع وبين نقل المصنِّف عن إسحاق في أكثر النسخ، والذي أوردته أولى -يعني الترتيب الذي أورده ابن حجر- أولى والله أعلم.

 ثم ذكر المصنف في الباب أربعة أحاديث، أحدها: أحاديث سفيان بن أبي حرب في قصة هرقل أورد منه طرفًا، وقد تقدم موصولًا في بدء الوحي مع الإشارة إلى كثير من شرحه".
وعلى كل حال إسناد البخاري في هذا الموضع هم نفس الرجال الذين روى عنهم في الموضع الذي قبله، فلا نحتاج إلى التعريف بهم.
الموضع الرَّابع: في كتاب الجهاد، في باب "قول الله عز وجل:
{قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ} [التوبة:52]، «والحربُ سجال».
«والحربُ سجال»، مع قوله: {إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ}، «الحربُ سجال»، يعني مرَّة تكون الغلبة له– عليه الصلاة والسلام- ومرَّة تكون الغلبة لهم كما تقدَّم في شرح الحديث، والآية مطابقة لقوله: «الحربُ سجال»، لماذا؟ لأننا إذا تربصنا إحدى الحسنيين: القتل، الذي هو الشهادة، أو النَّصر، إذا حصل النَّصر فالغلبة له، وإذا حصلت الشَّهادة فالغلبة لهم، هذا على مفهومِ النَّصر القريب، المفهوم القريب من النَّصر، لكن النَّصر لا يتحدَّد بالقتلِ وعدمه؛ قد يُقتَل الإنسان ويكون منتصرًا، كما في قصَّةِ الغلام؛ قُتِل وآمن الناس كلهم، من انتصر؟ وأي انتصار أعظم من هذا! وهو قتل، لكن المعنى القريب من الشَّهادة هنا والقَتْل -يعني ما يفهمه الناس-: أنَّ العدو أُدِيل عليه، فيكون في معنى قوله: «والحربُ سجال».

"قال -رحمه الله-: حدثنا يحيى بن بكير".
نعم.
طالب:....
نعم، ما يبعد هذا، لكن يبقى أنَّ... لا أن القتل ليس هزيمة باطراد، ليس بهزيمة باطراد.
"قال حدثنا يحيى بن بكير، قال: حدثنا الليث، قال: حدثني يونس عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، أن عبد الله بن عباسٍ أخبره أنَّ أبا سفيان بن حربٍ أخبره أنَّ هرقل قال له: سألتُك كيف كان قتالكم إياه، فزعمت أنَّ الحرب سجال ودوَل، فكذلك الرُّسل تبتلى ثمَّ تكون لهم العاقِبَة، فكذلك الرسل تُبتلى ثم تكون لهم العاقبة"، قال ابن حجر: قوله: باب قول الله عز وجل: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ} [التوبة:52]،  سيأتي بتفسير براءة، تفسير: إحدى الحسنيين بأنه الفتح أو الشهادة،
وبه تتبين مناسبة قول المصنف بعد هذا: «والحربُ سجال»، وهو بكسر المهملة وتخفيف الجيم أي: تارة وتارة، ففي غلبة المسلمين يكون لهم الفتح، وفي غلبة المشركين يكون للمسلمين الشهادة، ثم أورد المصنِّف طرفًا من حديث أبي سفيان في قصة هرقل، في قصة هرقل،  وقد تقدم شرحه في "كتاب بدء الوحي".
نضع خطًّا على قوله: "في كتاب"، قول ابن حجر، أليس الذي رجحه في بدء الوحي أنه ليس بكتاب، قال: ولم يصدر" انظر صفحة ستة عشر من الجزء الأول من الفتح، يعني إن كانت الذاكرة فيها بقية، "قوله: بدء الوحي، استعمل المصنف العبارة كثيرًا كبدء الحيض، وبدء الأذان، وبدء الخلق، والوحي". له نص على أن البخاري لم يصدر بدء الوحي بكتاب، لكني ما أذكر الموضع الآن، أظن في كتاب الإيمان، في كتاب الإيمان، في بداية كتاب الإيمان.
"ولم يستفتح  المصنف"، في كتاب الإيمان صفحة ستة وأربعين، "ولم يستفتح المصنف بدء الوحي بكتاب؛ لأنَّ المقدمة لا تستفتح بما يستفتح به غيرها؛ لأنها تنطوي على ما يتعلق بما بعدها،  واختلفت، إلى آخره" فنص هنا على أن المصنف لم يستفتح بدء الوحي بكتاب، إلى آخرهِ، وهنا قال: "وقد تقدم شرحه في كتاب بدء الوحي".
طالب:....
لا، نسي.
طالب:....
هو باب ليس بكتاب.
طالب:....
ابن الحجر الآن نصَّ على أنَّ البخاري لم يستفتح بدء الوحي بكتاب، وهنا قال: "وتقدَّم شرْحه في كتاب بدء الوحي" هذا يستدرك عليه أم ما يستدرك؟
نعم.
طالب:....
في الإيمان، الإيمان، في الإيمان؟
طالب:....
لا، لا، ابن حجر، ابن حجر دقيق، لكنَّه بشَر، دائما الواحد ينسى، يقول: كتاب بدء الوحي، سبق لسان. وإذا سُجل وظهر بألبوم كتاب بدء الوحي، راح بدء الوحي، أظن بدء الوحي يسمى الكتاب، موجود فيه نعم.
طالِب:.....
طيب، عندك طبعة ثانية أنت؟ نراجع طبعات ثانية.
طالِب:.....
ابن حجر ستة، عشرين، واحد وعشرين، السادس.
عل كل حال يقول: "، ثم أورد المصنف طرفًا من حديث أبي سفيان في قصة هرقل، في قصة هرقل،  وقد تقدم شرحه في كتاب بدء الوحي، والغرض منه قوله فيه: "فزعمتَ أن الحرب بينكم سجال أو دول"، وقال ابن المنيِّر: التَّحقيق أنَّه ما ساق حديث هرقل إلَّا لقوله: "وكذلك الرُّسل تبتلى، ثم تكون لهم العاقبة، وكذلك الرسل تبتلى ثم تكون لهم العاقبة، "قال: وبذلك يتحقق أن لهم  إحدى الحسنيين؛ إن انتصروا فلهم العاجلة والعاقبة، وإن انتصر عدوهم فللرُّسل العاقبة انتهى. وهذا لا يستلزمُ نفي التَّقدير الأول ولا يعارضه، بل الذي يظهر أنَّ الأولَ أوْلى؛ لأنَّه من نقلِ أبي سفيان عن حالِ النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأمَّا الآخر فمِن قولِ هرقل مستندًا فيه إلى ما تلقَّفه من الكتب".
ما الفرق بينهما؟ التَّحقيق أنَّه ما ساق حديث هرقل إلَّا لقوله: "وكذلك الرسل تبتلى ثم تكون لهم العاقبة، "قال: فبذلك يتحقق أنَّ لهم  إحدى الحسنيين". كون الرسل تبتلى ثمَّ تكون لهم العاقبة، العطف ب ثمَّ يدل على أنهَّم قد يكونوا في أوَّل الأمر العاقبَة النتيجة لغيرهم، ثمَّ تكون النتيجة لهم، "قال: وبذلك يتحقق أن لهم  إحدى الحسنيين؛ إن انتصروا فلهم العاجلة والعاقبة، وإن انتصر عدوهم فللرُّسل العاقبة انتهى. وهذا لا يستلزمُ نفي التقدير الأول ولا يعارضه، بل الذي يظهر أنَّ الأولَ أولى؛ لأنَّه من نقل أبي سفيان عن حال النبي -صلى الله عليه وسلم-". وقد شاهده أبو سفيان وشارك في المعارك.
"وأمَّا الآخر فمن قولِ هرقل مستندًا فيه إلى ما تلقَّفه من الكتب". أبو سفيان قالَه عن مشاهدة ومشاركة، وهرقْل قاله بعلمٍ موروث من الكُتب السَّابقة، ولا شكَّ أنَّ هذه الأمُور تثبُت بهذا وهذا، يقول: "نكتة: أفاد القزَّاز أن دال دول مثلثة" أفاد القزاز –صاحب الجامع- أنَّ دال دُوَل مثلثة" دُوَل، ودِوَل، ودَوَل، لكن جمع دولة يأتي فيه  التَّثليث، أم في مثل هذا السياق فقط، الحرب سجال ودول؟ من الإدالة لا من الدَّولة، ورجال الحديث كلُّهم تقدموا في الحديث والخامس والسَّابع حديث الباب.
الخامس: الموضع الخامس من مواضع التَّخريج، الحديث للإمام البخاري، تخريج الإمام البخاري للحديث في "صحيحه" في كتاب الجهاد أيضًا، في باب "دعاء النبي –صلى الله عليه وسلم النَّاسَ إلى الإسلام"، في باب "دعاء النبي –صلى الله عليه وسلم النَّاسَ إلى الإسلام والنبوَّة، وأن {وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ} [آل عمران:64]، وقوله تعالى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ} [آل عمران:79]إلى آخره، {أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ} إلى آخره، الآية.
"قال إبراهيم بن سعد، حدثنا إبراهيم بن حمزة، حدثنا عن صالح بن كيسان عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنه أخبره أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- كتب إلى قيصر يدعوه إلى الإسلام"، والترجمة: باب دعاء النبي –صلى الله عليه وسلم- الناس إلى الإسلام، يعني ولما كانت الدعوة مقدمة للجهاد ضمنت أو ودعت في كتاب الجهاد "أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- كتب إلى قيصر يدعوه إلى الإسلام، وبعث بكتابه إليه مع دحية الكلبي، وأمره رسول الله عليه وسلم أن يدفعه إلى عظيم بصرى، يدفعه إلى قيصر، وكان قيصر لما كشف الله عنه جنود فارس مشى من حمص إلى إيلياء شكرًا لله لما أبلاه الله، فلما جاء قيصرَ كتابُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال حين قرأه: التمسوا لي ههنا أحدًا من قومه لأسألهم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال ابن عباس: فأخبرني أبو سفيان بن حرب أنه كان بالشام في رجال من قريش قدموا تجارًا في المدة التي كانت بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبين كفار قريش". ثم ساق الحديث بطوله في هذا الموضع. ساق الحديث بطوله.
قال ابن حجر: "قوله: باب دعاء النبي –صلى الله عليه وسلم- النَّاسَ إلى الإسلام والنبوَّة، وأن {وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ} [آل عمران:64]، وقوله تعالى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ} [آل عمران:79]، الآية.
أورد فيه أحاديث -يعني في الباب أورد أحاديث-: أحدها حديث ابن عباس في كتاب النَّبي -صلى الله عليه وسلم- إلى قيصر، وفيه حديثٌ عن أبي سفيان بن حرب، وقد تقدَّم بطوله في "بدء الوحي" والكلامُ عليه مستوفَى، وهو ظاهرٌ فيما ترجم به، ويأتي شيْءٌ من الكلام عليه في تفسير سورة آل عمران، إنْ شاء اللهُ تعالى.

وأمَّا قوله تعالى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ} فالمراد من الآية الإنكار على من قال: {كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللّهِ} [آل عمران:79]. {كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللّهِ}، هذه قيلت أم ما قيلت؟
قيلت أم ما قيلت؟ إن كان المراد التنصيص على آية المائدة فيه ما قيلت، وإن كان الاستناد إلى الواقِع فقد وجد من يقول: {كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللّهِ} ، كفرعون مثلًا.
طالِب:....
المهم أنَّه ألزمهم بعبادته، فرقٌ بين أنْ نسوق الآية على أنَّها آية في آخر المائِدَة، {أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي} [المائدة:116]، هل قالها -عليه السلام-، {كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللّهِ}؟ أو هذا غير آية..، لا، ومثلها قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ اللّهُ ياعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ} [المائدة:116]؟ هذه المقصودة، هذه الآية المقصودة، الآية وقوله تعالى: {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ} [التوبة:31].
طالب:....
نعم.
طالِب:...
لكن إذا نظرنا إلى الآية الثانية: {ياعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ} [المائدة:116]، هذا ما حصل، وقد عطَفَ الآية الثانية على الأولى، فإن كان المُستند هو آيةُ المائدة فهي ما قيلت، وإن كان المستند إلى الواقع، فقد حصل، ووجد من البشر من يقول: {كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللّهِ}.
طالب:....
في آية آل عمران، وأما قوله: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ}، لكنه من البشر، لكنه من البشر، أنت، يندرج.
طالب:.....
نعم، هذا المنفي، وأمَّا ما يوجد في الواقِع، فهو ممن لم يؤت كتابًا، ورجالُ هذا الطريق كلهم تقدَّموا.
طالِب:.....
نعم، لماذا ساقه في هذا الموضع بطوله، ولم يقتصر على شيءٍ منه، سطرين أو ثلاثة أو أربعة كما تقدَّم في المواضِع الثَّلاثة؟ اقتصر منه على جزء يسير منه، لماذا ساقه كاملًا؟
طالب:....
لا، لا، لا.
طالب:...
لا هو الآن...
طالب:....
 انظر كيف ساقه البخاري –رحمه الله-، ساقه بالإسناد السَّابق بحروفه، "إبراهيم بن حمزة، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن صالح بن كيسان، عن ابن شهاب" نفس الطريقة قبل الذي قبل هذا، قال ابن عباس، وأعطوه رقمًا بعد، ألفين تسعمائة وأربعين، وألفين تسعمائة واحدًا وأربعين، "قال ابن عباس: فأخبرني أبو سفيان". حذف الإسناد، وأعاد المتن كاملًا؛ لأنَّه ليس من عادتِه ولا طريقتِهِ أنْ يكرِّر الخبَر بلفظِه سندًا ومتنًا، لا بدَّ أن يوجد هناك فائدة من التَّكرار، ما كرره بإسناده ومتنه، جريًا على قاعدته إلا في نحو عشرين موضعًا، أشار إليها الحافظ ابن حجر، أظن هذا الذي في صفحة ستة عشر.
"لأنَّه عرف بالاستقراء، من صنيعه أنه لا يذكر الحديث الواحد في الموضعين على الوجهين، إن كان له أكثر من سند على شرطه، ذكره في الموضع الثاني بسند الثاني وهكذا ما بعده، وما لم يكن على شرطه يعلقه في الموضع الآخر تارة بالجزم إنْ كان صحيحًا، وتارة بغيره إن كان به شيء، وما ليس له إلا سند واحد، يتصرف  في متنه بالاقتصار على بعضه بحسب ما يتفق، ولا يوجد فيه حديث واحد مذكور بتمامه سندًا ومتنًا في موضعين أو أكثر إلا نادرًا، فقد عُني بعض من لقيته بتتبع ذلك، فحصل منه نحو عشرين موضعًا".
هذا إجمال كلام ابن حجر، لكنها في مقدمة القسطلاني مذكورة بالتفصيل، هذه المواضع، يعني في جلِّها كرره مرتين، في موضع أو موضعين كرَّره ثلاث مرَّات بسنده ومتنه.
والله أعلم، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.