التعليق على تفسير القرطبي - سورة الإنسان (02)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، قال الإمام القرطبي -رحمه الله تعالى-:

قوله تعالى:                        الإنسان: ٧ - ٩  قوله تعالى:      الإنسان: ٧  أي لا يخلفون إذا نذروا. وقال معمر عن قتادة: بما فرض الله عليهم من الصلاة والزكاة والصوم والحج والعمرة وغيره من الواجبات. وقال مجاهد وعكرمة: يوفون إذا نذروا في حق الله -جل ثناؤه- وقال الفراء والجرجاني: وفي الكلام إضمار أي كانوا يوفون بالنذر في الدنيا، والعرب قد تزيد مرة كان وتحذف أخرى. والنذر حقيقته ما أوجبه المكلف على نفسه من شيء يفعله، وإن شئت قلت في حده: النذر هو إيجاب المكلف على نفسه من الطاعات ما لو لم يوجبه لم يلزمه. وقال الكلبي:      الإنسان: ٧ أي يتممون العهود، والمعنى واحد، وقد قال الله تعالى: الحج: ٢٩  أي أعمال نسكهم التي ألزموها أنفسهم بإحرامهم الحج، وهذا يقوي قول قتادة، وأن النذر يندرج فيه ما التزمه المرء بإيمانه من امتثال أمر الله، قاله القشيري، وروى أشهب عن مالك أنه قال:      الإنسان: ٧ هو نذر العتق والصيام والصلاة، وروى عنه أبو بكر بن عبد العزيز قال مالك:      الإنسان: ٧ قال: النذر هو اليمين. "

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، في قوله -جل وعلا- يوفون بالنذر حقيقة النذر الشرعية والعرفية أنه ما يلزم به المكلف نفسه مما لم يكن واجبًا عليه في أصل الشرع، لكن لما كان السياق سياق مدح، وقد جاء ذم النذر، وجاء النهي عنه، وأنه لا يأتي بخير، وأنه يُستخرج من البخيل أشكل، الآن السياق سياق مدح أم ذم في الآية؟ سياق مدح            الإنسان: ٧ - ٨  كل هذه ممدوحة، وليكن النذر منها، ولما جاء النهي عن النذر، وأنه لا يأتي بخير جاء ذمه، حصل شيء من الإشكال في كلام أهل العلم، وحاولوا الجواب عن مثل هذا الذي في ظاهره تعارض، هنا قال: قال معمر عن قتادة: بما فرض عليهم من الصلاة والزكاة والصوم والحج والعمرة وغيره من الواجبات، هل هذا واجب بالنذر بإلزام المكلف نفسه إياه أو بأصل الشرع؟ بأصل الشرع، فالتفسير بما ذكر حقيقة لا يطابق حد النذر المعروف والمتعارف عليه عند أهل العلم، لكن هل حقيقة النذر في هذه الآية هي حقيقة النذر المنهي عنه؟ لا بد من إيجاد مخرج لهذا التعارض في الظاهر حتى قال بعضهم: إن النذر باب غريب من أبواب العلم، وسيلته منهي عنها، وغايته مأمور بها، الوسيلة الذي هو النذر منهي عنها، والغاية التي هي الوفاء بالنذر مأمور بها، فيقولون: هذا باب غريب من العلم لا يكاد يوجد له نظير، فالممدوح الوفاء بالنذر، وليس النذر، إذا ألزم المكلف نفسه بشيء لله -جل وعلا-، من نذر أن يطيع الله فليطعه في قوله -جل وعلا-: الحج: ٢٩  الشخص إذا دخل بطوعه واختياره في أعمال الحج والعمرة كأنه أوجبه على نفسه، لاسيما إذا كان قد أدى فريضة الله في الحج، وما أوجبه الله عليه في العمرة دخل في حج أو عمرة تطوع ﯕﯖ البقرة: ١٩٦  يجب عليه أن يتم ويمضي في هذه العمرة حتى تكمل ويمضي في الحج حتى يتحلل منه الحج: ٢٩  أي أعمال نسكهم التي ألزموها أنفسهم بإحرامهم بالحج، هذا إلزام للنفس، وهو في معنى النذر إلزام للنفس بالدخول في النسك، ولما كان مشبهًا للنذر من هذه الحيثية ألزم نفسه بما لم يكن واجبًا عليه في أصل الشرع حتى وجب عليه إتمامه صار كأنه نذر، ولذا قال: وليوفوا نذورهم أي أعمال نسكهم التي ألزموها أنفسهم بإحرامهم بالحج، وهذا يقوي قول قتادة يعني أول قول الصلاة والصيام والحج إلى آخره، لكن هل الصلاة ابتداء التي لم يوجبها الله في أصل الشرع تلزم المكلف إذا دخل فيها مثل الحج؟ هل الصيام يلزم إتمامه إذا دخل فيه كالحج والعمرة، أو يقال: إن المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر؟ نعم عند من يقول: إن الإنسان يلزمه أن يتم استجابة لقوله -جل وعلا-: محمد: ٣٣  فيه شبه من الحج والعمرة، حتى إن من أهل العلم كالحنفية والمالكية يرون أنه إذا أفطر في صيام نفل شرع فيه أنه يلزمه قضاؤه؛ لأنه شرع فيه، ولا يبطله بدون مبرر، وإذا أبطله قضاه، فهو باعتبار أنه في معنى النذر من لزوم الإتمام سمي نذرًا، كما أن الطلاق يُقصد منه الحث أو المنع يُسمى يمينًا يُسمى حلفًا بالطلاق، وكفارته على مقتضى هذا كفارة يمين؛ لأنه يُقصد منه ما يُقصد باليمين الحث أو المنع فيُسمى يمينًا، ويُسمى حلفًا من هذه الحيثية؛ لأن مفاده ومقتضاه هو مقتضى اليمين والحلف، لكن بعض من خفي عليه مثل هذا المعنى يقول: الحلف بالطلاق شرك، ما معنى هذا أنه إذا قال: إن خرجت فأنت طالق، هذا شرك؟! هذا الحلف بالطلاق عند أهل العلم هذا شرك؟! ليس بشرك، يقول: من حلف بغير الله فقد أشرك، نعم إذا أقسم بالطلاق صار شركًا، لكنه الآن أراد بالطلاق ما يُراد باليمين فسُمِّي حلفًا ويمينًا من هذه الحيثية، وقل مثل هذا في الحج: ٢٩  هل هذا نذر أن يحج؟ نعم قد ينذر أن يحج، قد ينذر أن يعتمر، لكن ليس المراد هذا، إنما من دخل بالعمرة أو بالحج لزم إتمامه كمن نذر؛ لأنه أوجبه على نفسه كالنذر.

طالب: .............

النذر هدي نفس الشيء، هو نذر أن يهدي؟

طالب: .............

لكن هل هو نذر أن يهدي؟ هو ألزم نفسه بالحج والعمرة إذا أحرم، ما يفرق.

" قوله تعالى: الإنسان: ٧  أي يحذرون الإنسان: ٧  أي يوم القيامة       الإنسان: ٧  أي عاليًا داهيًا فاشيًا، وهو في اللغة ممتدًا، والعرب تقول: استطار الصدع في القارورة والزجاجة واستطال إذا امتد، قال الأعشى:

وبانت وقد أسأرت في الفؤاد

 

صدعًا على نأيها مستطيرًا

ويقال: استطار الحريق إذا انتشر، واستطار الفجر إذا انتشر الضوء، وقال حسان:

وهان على سَراة بني لَؤي

 

حريق بالبُويرة مُستطير

وكان قتادة يقول: استطار والله شر ذلك اليوم حتى ملأ السموات والأرض. وقال مقاتل: كان شره فاشيًا في السموات، فانشقت وتناثرت الكواكب وفزعت الملائكة، وفي الأرض نسفت الجبال، وغارت المياه. "

كل هذا من شر هذا اليوم المستطير.

"قوله تعالى: الإنسان: ٨  قال ابن عباس ومجاهد: على قلته وحبهم إياه وشهوتهم له. وقال الداراني: على حب الله. وقال الفضيل بن عياض: على حب إطعام الطعام وكان الربيع بن خثيم إذا جاء السائل قال: أطعموه سكّرًا فإن الربيع يحب السكّر. الإنسان: ٨."

ﭗﭘ آل عمران: ٩٢ ، البقرة: ٢٦٧  فكلما كان المنفق منه أحب إلى الشخص كان أوقع وأكثر أجرًا عند الله -جل وعلا-.

طالب: ...............

خثيم.

" الإنسان: ٨  أي ذا مسكنة، وروى أبو صالح عن ابن عباس قال: هو الطواف يسألك مالك.  الإنسان: ٨  أي من يتامى المسلمين، وروى منصور عن الحسن أن يتيمًا كان يحضر طعام ابن عمر، فدعا ذات يوم بطعامه، وطلب اليتيم فلم يجده، وجاءه بعدما فرغ ابن عمر من طعامه، فلم يجد الطعام، فدعا له بسويق وعسل فقال: دونكَ هذا، فوالله ما غبنت. قال الحسن وابن عمر: والله ما غُبن. الإنسان: ٨  أي الذي يؤسر فيحبس، فروى أبو صالح عن ابن عباس قال: الأسير من أهل الشرك. "

ما غبنت يا أيها اليتيم، ما غبنت بما فاتك من طعام، فإن الذي قدمناه لك أفضل منه، كأن هذا محبوب لابن عمر -رضي الله عنهما-.

طالب: .............

ماذا عندك بالآية؟ الإنسان: ٨ ، ﭗﭘ آل عمران: ٩٢  لكن إذا كان ما أحبه لا يريده المُطعَم، أو يضر المُطعَم فلا شك أن مثل هذه الأمور مرعية، لا بد من مراعاتها.

" فروى أبو صالح عن ابن عباس قال: الأسير من أهل الشرك يكون في أيديهم. "

يعني الأكلات الشعبية محبوبة عند أهلها، لكن عند غيرهم قد لا يطاق أحيانًا أكلها، فهل نقول إن مثل هذا يُقدَّم لكل أحد؟ المقصود أنه يكون محبوبًا، ويكون له وقع عند المطعم، وإذا كان مما يحبه المطعِم وآثر به على نفسه، فلا شك أن مثل هذا أجره كما في الآية وغيرها عظيم عند الله.

" وقاله قتادة، وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: الأسير هو المحبوس. وكذا قال سعيد بن جبير وعطاء: هو المسلم يُحبس بحق. وعن سعيد بن جبير مثل قول قتادة وابن عباس قال قتادة: لقد أمر الله بالأسرى أن يُحسَن إليهم، وإن أسراهم يومئذ لأهل الشرك، وأخوك المسلم أحق أن تطعمه. وقال عكرمة: الأسير العبد. وقال أبو حمزة الثملي: الأسير المرأة، يدل عليه قوله -عليه السلام-: «استوصوا بالنساء خيرًا فإنهن عوان عندكم». أي أسيرات، وقال أبو سعيد الخدري: قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الإنسان: ٨  فقال: «المسكين الفقير، واليتم الذي لا أب له، والأسير المملوك والمسجون» ذكره الثعلبي. "

لا شك أن الأسير بمعناه العام يشمل ويتناول كل ما ذُكر، لكنه بمعناه الخاص إنما هو المحبوس من المسلمين عند أهل الشرك أو من المشركين عند أهل الإسلام، ومثله المحبوس بدَين أو غيره، مخرّج الحديث؟

طالب: .........

نعم.

" وقيل: نسخ إطعام المسكين آية الصدقات، وإطعام الأسير آية السيف، قاله سعيد بن جبير، وقال غيره: بل هو ثابت الحكم، وإطعام اليتيم والمسكين على التطوع، وإطعام الأسير لحفظ نفسه إلا أن يتخير فيه الإمام، قال الماوردي: ويحتمل أن يريد بالأسير الناقص العقل؛ لأنه في أسر خبله وجنونه، وأسر المشرك انتقام يقف على رأي الإمام، وهذا برٌّ وإحسان، وعن عطاء قال: الأسير من أهل القبلة وغيرهم. قلت: وكأن هذا القول عام يجمع جميع الأقوال، ويكون إطعام الأسير المشرك قربة إلى الله تعالى غير أنهم من صدقة التطوع، فأما المفروضة فلا، والله أعلم. "

إلا إذا كان من باب التأليف فيُنفق عليه من الزكاة؛ لأن من أصناف الزكاة أو من تدفع لهم الزكاة المؤلفة قلوبهم، فإذا كان هذا منه فلا مانع أن يُعطى من الزكاة.

" ومضى القول في المسكين واليتيم والأسير، واشتقاق ذلك من اللغة في البقرة مستوفى، والحمد لله. "

" قوله تعالى: الإنسان: ٩  أي يقولون بألسنتهم للمسكين واليتيم والأسير إنما نطعمكم في الله -جل ثناؤه- فزعًا من عذابه وطمعًا في ثوابه.        الإنسان: ٩  أي مكافأة.      الإنسان: ٩. "

إنما نطعمكم لوجه الله، المؤلف يقول: إنما نطعمكم في الله، معروف مذهب المؤلف في مسألة الصفات، وأنه لا يثبت من هذا على طريقة الأشاعرة مثل هذا، وهل الآية من آيات الصفات الإنسان: ٩.

طالب: .........

ماذا يصير المراد إذا قلنا من آيات الصفات؟

طالب: .........

ﮜﮝ البقرة: ١١٥  صفة؟

طالب: .........

هو فرق بين من يثبت الصفة وبين من ينفيها، ننكر على المؤلف، لكن لو قاله من يثبت الصفة مثل شيخ الإسلام قال: ﮜﮝ البقرة: ١١٥  ليست من آيات الصفات، فالذي يثبت الصفة هذا ما ينكر عليه، فالآن حينما يقول: والذي نفسي بيده يقول الشراح: روحي في تصرفه إذا قاله من نعرف من مذهبه نفي الصفات قلنا: هذا فرار من الصفة؛ لأنه أوّل باللازم، وإذا قاله من يثبت الصفة ويعترف بها على ما يليق بجلال وعظمته قلنا أوّل باللازم، وما فيه أحد روحه ليس في تصرف الله على كل حال مثل هذه المواطن قد أحسن من انتهى إلى ما سمع، لكن أحيانًا قد يستحيل المراد، يستحيل أن تكون من آيات الصفات؛ لأن السياق يقتضي خلاف ذلك.

طالب: .........

كيف؟

طالب: .........

نعم ما فيه شك أن ﮜﮝ البقرة: ١١٥..

طالب: .........

طيب البقرة: ١١٥.

طالب: .........

ﮜﮝ البقرة: ١١٥.

طالب: .........

نعم لأي جهة تتولى فثم وجه الله؟!

طالب: .........

نحن ما نخالف في إثبات الصفة، وأن لله -جل وعلا- وجهًا يليق بجلاله وعظمته، لكن في سياق دون سياق.

طالب: .........

القمر: ١٤.

طالب: .........

نحن مثبتون الصفة بأدلة أخرى دلت عليها، ما عندنا إشكال، الصفة قطعية، ما عندنا تردد فيها.

طالب: .........

شيخ الإسلام ذكر آيات فيها صفات يقول: ليست من آيات الصفات؛ لأنه لا تراد الصفة في هذا الموضع.

طالب: .........

إضافة تشريف تكون.

طالب: .........

لا، دلالة الإضافة هي مشكلة إذا قلنا بهذا مع استحالة الحقيقة، وأنه لا بد من التأويل يرد علينا أو يورد علينا المخالف أنكم تؤوّلون وتمنعون التأويل.

طالب: ............

المسألة مسألة ما ثبت عن السلف هو الحكم، يعني ما أجمعوا عليه فلا كلام فيه، وما اختلفوا فيه فللنظر فيه كلام.

طالب: ............

على كل حال النظر له مجال في هذا.

"        الإنسان: ٩  أي مكافأة      الإنسان: ٩  أي ولا أن تثنوا علينا بذلك قال ابن عباس: كذلك كانت نياتهم في الدنيا حين أطعموا، وعن سالم عن مجاهد قال: أما إنهم ما تكلموا به، ولكن علم الله -جل ثناؤه- منهم فأثنى به عليهم ليرغب في ذلك راغب، وقاله سعيد بن جبير، حكاه عنه القشيري، وقيل: إن.. "

يعني ما قالوا بلسانهم: لا نريد منكم جزاءً ولا شكورًا، إما أن يكون بلسان الحال، يعني المؤلف يقول كذلك كانت نياتهم في الدنيا يعني بلسان الحال لا بلسان المقال، وقال مجاهد: أما إنهم ما تكلموا به وإلا تصور شخصًا يعطي الفقير مما يحب ويقول: ترى أنا لا أريد جزاءً ولا شكورًا، ما أريد منك مدحًا ولا مقابلًا، أو يعطيه فيسكت، أيهما أكمل؟ لكنه في حقيقة الأمر لا يريد شيئًا من ذلك      الإنسان: ٩  لا يريد مدحًا ولا حمدًا ولا شيئًا على صنيعه، ولا شك أن مثل هذا هو الكمال حينما يعطي الإنسان لوجه الله خالصًا لوجه الله لا يريد مقابلًا في الدنيا حتى لو أعطي من غير مشارطة دفع مال لفقير أو أطعمه ثم بذل له مقابلًا، هو لا يريد في الأصل لا يريد مقابلًا أو أعطى الفقير ثم رغب في أن يمدحه في المجالس، هذا خلاف ما جاء في هذه الآية وغيرها، ولذلك يقول ابن القيم في الفوائد -رحمه الله-: إذا حدثتك نفسك بالإخلاص فاعمد إلى حب المدح والثناء- وهذه منزلة قليل من يلقاها، وقليل من يطيقها- فاعمد إلى حب المدح والثناء فاذبحه بسكين علمك أنه لا أحد مدحه ينفع، ولا ذمه يضر إلا الله -جل وعلا-. وورد حديث الأعرابي الذي قال: أعطني يا محمد، فإن مدحي زين وذمي شين قال: «ذاك الله». لكن هل نحن نحسب حسابًا لمدح الله وذمه مثل ما نحسبه لمدح المخلوق وذمه، في واقع كثير من المسلمين ذكرنا في دروسًا كثيرة جدًّا أن الإنسان إذا مُدح لاسيما ممن له شأن وخطر، مدحه أمير أو وزير أو ملك أو غيره، فلا يكاد أن يطأ الأرض من الفرح، ولا يكاد أن ينام من شدة الفرح، مع أنه في كثير من أحواله لا يهتم لحديث: «من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي» الحديث،             الإنسان: ٩  وهل يؤثر حب المدح في النفس دون أن يذكره؟ يعني يحب أن يُمدح بما فعل لا بما لم يفعل كما جاء في أواخر آل عمران، بعضهم استنبط من الآية من آية آل عمران أنه لا مانع أن يحب أن يُمدح بما فعل؛ لأن الآية نصت على حب المدح فيما لم يفعل، فدل بمفهومه على أن حب المدح على ما فعل ما فيه شيء، لكن ليست هذه طريقة السلف، يكرهون المدح بما فُعل وما لم يُفعل، يحبون إخفاء العمل حتى من أقرب الناس إليهم، «ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعمل شماله ما تنفق يمينه». كل هذا من أجل ألا يُمدح ولا يُثنى عليه.

" وقيل: إن هذه الآية نزلت في مطعم بن ورقاء الأنصاري نذر نذرًا فوفى به. وقيل: نزلت فيمن تكفل بأسرى بدر وهم سبعة من المهاجرين أبو بكر وعمر وعلي والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد وأبو عبيدة -رضي الله عنهم- ذكره الماوردي، وقال مقاتل: نزلت في رجل من الأنصار أطعم في يوم واحد مسكينًا ويتيمًا وأسيرًا. وقال أبو حمزة الثمالي: بلغني أن رجلاً قال: يا رسول الله، أطعمني فإني والله مجهود، فقال: «والذي نفسي بيده ما عندي ما أطعمك، ولكن اطلب»، فأتى رجلاً من الأنصار وهو يتعشى مع امرأته فسأله، وأخبره بقول النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت المرأة: أطعمه واسقه. ثم أتى النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- يتيم فقال: يا رسول الله أطعمني فإني مجهود، فقال: «ما عندي ما أطعمك، ولكن اطلب» فاستطعم ذلك الأنصاري فقالت المرأة: أطعمه واسقه، فأطعمه. ثم أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- أسير فقال: يا رسول الله أطعمني فإني مجهود، فقال: «والله ما معي ما أطعمك، ولكن اطلب» فجاء الأنصاري فطلب، فقالت المرأة: أطعمه واسقه، فنزلت: الإنسان: ٨ ، ذكره الثعلبي. "

مخرّج؟

طالب: ............

لكن هذا الأنصاري يدل على أنه واحد في الأحوال الثلاث: في اليتيم والمسكين والأسير، قال: فجاء الأنصاري، فجاء الأنصاري؛ لأن إعادة المعرفة يقتضي على أنه واحد، فكلهم توارد على هذا الأنصاري على حسب هذه القصة، والأصل في الأسير يقول: الأول أن رجلاً قال: يا رسول الله أطعمني فإني والله مجهود، والثاني أطعمني، يتيم نعم، والثالث أسير، كيف يذهب الأسير للأنصاري وهو أسير؟!

طالب: ..........

والله حتى المعنى ما هو مقبول أبدًا.

" وقال أهل التفسير: نزلت في علي وفاطمة -رضي الله عنهما- وجارية لهما اسمها فضة، قلت: والصحيح أنها نزلت في جميع الأبرار ومن فعل فعلاً حسنًا فهي عامة، وقد.. "

حتى لو قدّر صحة هذه الأخبار التي تدل على الخصوص في السبب فالعبرة بعموم اللفظ، مع أنه لم يثبت منها شيء فيما تقدم.

" وقد ذكر النقاش والثعلبي والقشيري وغير واحد من المفسرين في قصة علي وفاطمة وجاريتهما حديثًا لا يصح ولا يثبت رواه ليث عن مجاهد عن ابن عباس في قوله -عز وجل-:            الإنسان: ٧ - ٨  قال: مرض الحسن والحسين، فعادهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعادهما عامة العرب فقالوا: يا أبا الحسن، ورواه جابر الجعفي عن قَنبر مولى علي قال: مرض الحسن والحسين حتى عادهما أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال أبو بكر -رضي الله عنه-: يا أبا الحسن- رجع الحديث إلى حديث ليث بن أبي سليم- لو نذرت عن ولديك شيئًا، وكل نذر ليس له وفاء فليس بشيء، فقال -رضي الله عنه-: إن برئ ولداي صمت لله ثلاثة أيام شكرًا. وقالت جارية لهم نوبية: إن برئ سيداي صمت لله ثلاثة أيام شكرًا. وقالت فاطمة مثل ذلك. وفي حديث الجعفي فقال الحسن والحسين: علينا مثل ذلك، فأُلبس الغلامان العافية، وليس عند آل محمد قليل ولا كثير، فانطلق علي إلى شمعون بن جاري الخيبري وكان يهوديًّا فاستقبل منه ثلاثة أصوع من شعير، فجاء به، فوضعه ناحية البيت، فقامت فاطمة إلى صاع فطحنته واختبزته، وصلى علي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم أتى المنزل، فوضع الطعام بين يديه، وفي حديث الجعفي: فقامت الجارية إلى صاع من شعير فخبزت منه خمسة أقراص، لكل واحد منهم قرص، فلما مضى صيامهم الأول وُضع بين أيديهم الخبز والملح الجريش، إذا أتاهم مسكين فوقف بالباب وقال: السلام عليكم أهل بيت محمد، في حديث الجعفي: أنا مسكين من مساكين أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- وأنا والله جائع، أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة، فسمعه علي -رضي الله عنه- فأنشأ يقول:

فاطم ذات الفضل واليقين

 

يا بنت خير الناس أجمعين

أما ترين البائس المسكين

 

قد قام بالباب له حنين

يشكو إلى الله ويستكين

 

يشكو إلينا جائع حزين

كل امرئ بكسبه رهين

 

وفاعل الخيرات يستبين

موعدنا جنة عليين

 

حرمها الله على الضنين

وللبخيل موقف مهين

 

تهوي به النار إلى سجين

شرابه الحميم والغسلين

 

من يفعل الخير يقم سمين

ويدخل الجنة أي حين

فأنشأت فاطمة -رضي الله عنها- تقول:

أمرك عندي يا ابن عم طاعة

 

ما بي من لؤم ولا وضاعة

غديت بالخبز له صناعة

 

أطعمه ولا أبالي الساعة

أرجو إذا أشبعت ذا المجاعة

 

أن ألحق الأخيار والجماعة

وأدخل الجنة لي شفاعة

فأطعموه الطعام، ومكثوا يومهم وليلتهم لم يذوقوا شيئًا إلا الماء القراح، فلما أن كان في اليوم الثاني قامت إلى صاع فطحنته واختبزت، وصلى علي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم أتى المنزل، فوضع الطعام بين أيديهم فوقف بالباب يتيم فقال: السلام عليكم أهل بيت محمد، يتيم من أولاد المهاجرين استشهد والدي يوم العقبة، أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة، فسمعه علي فأنشأ يقول.. "

ما يوم العقبة؟ فيها قتال العقبة؟! فيها بيعة! على كل حال الخبر كله موضوع لا أصل له، الليث بن أبي سليم وجابر الجعفي ظلمات، وإن كان الليث أخف من جابر، جابر رافضي يؤمن بالرَّجعة- نعوذ بالله-، والقصة في فضائل علي -رضي الله عنه-.

" فسمعه علي فأنشأ يقول:

فاطم بنت السيد الكريم

 

بنت نبي ليس بالزنيم

لقد أتى الله بذي اليتيم

 

من يرحم اليوم يكن رحيم

ويدخل الجنة أي سليم

 

قد حرم الخلد على اللئيم

ألا يجوز الصراط المستقيم

 

يزل في النار إلى الجحيم

شرابه الصديد والحميم

فأنشأت فاطمة -رضي الله عنها- تقول:

أطعمه اليوم ولا أبالي

 

وأوثر الله على عيالي

أمسوا جياعًا وهم أشبال

 

أصغرهم يقتل في القتال

 

بكربلاء يُقتل باغتيالي

 

يا ويل للقتال مع وبالي

تهوي به النار إلى سفالي

 

وفي يديه الغل والأغلال

كبولة زادت على الأكبال

فأطعموه الطعام، ومكثوا يومين وليلتين لم يذوقوا شيئًا إلا الماء القراح، فلما كان اليوم الثالث قامت إلى الصاع الباقي فطحنته واغتسلت، وصلى علي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم أتى المنزل، فوضع الطعام بين أيديهم إذ أتاهم أسير فوقف بالباب فقال: السلام عليكم أهل بيت محمد تأسروننا وتشدوننا ولا تطعموننا. "

إذا صار مشدودًا مأسورًا فكيف يجيء؟! سبحان الله!

" أطعموني فإني أسير محمد، فسمعه علي فأنشأ يقول:

فاطم يا بنت النبي أحمد

 

بنت نبي سيد مسود

وسماه الله فهو محمد

 

قد زانه الله بحسن أغيد

هذا أسير للنبي المهتد

 

مثقل في غله مقيد

يشكو إلينا الجوع قد تمدد

 

من يطعم اليوم يجده في غد

عند العلي الواحد الموحد

 

ما يزرع الزارع سوف يحصد

أعطيه لا لا تجعليه أقعد

فأنشأت فاطمة -رضي الله عنها- تقول:

لم يبقَ مما جاء غير صاع

 

قد ذهبت كفي مع الذراع

ابناي والله هما جياع

 

يا رب لا تتركهما ضياع

أبوهما للخير ذو اصطناع

 

يصطنع المعروف بابتداع

عبل الذراعين شديد الباع

 

وما على رأسي من قناع

إلا قناعًا نسجه أنساع

فأعطوه الطعام، ومكثوا ثلاثة أيام ولياليها لم يذوقوا شيئًا إلا الماء القراح، فلما أن كان في اليوم الرابع وقد قضى الله النذر، أخذ بيده اليمنى الحسن وبيده اليسرى الحسين وأقبل نحو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع، فلما أبصرهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «يا أبا الحسن، ما أشد ما يسوؤني ما أرى بكم، انطلق بنا إلى ابنتي فاطمة» فانطلقوا إليها وهي في محرابها وقد لصق بطنها بظهرها وغارت عيناها من شدة الجوع، فلما رآها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعرف المجاعة في وجهها بكى وقال: «واغوثاه يا الله، أهل بيت محمد يموتون جوعًا» فهبط جبريل -عليه السلام- فقال: السلام عليك ربك يقرئك السلام يا محمد، خذه هنيئًا في أهل بيتك، قال: وما آخذ يا جبريل؟ فأقرأه: الإنسان: ١  إلى قوله:             الإنسان: ٨ - ٩  قال الترمذي الحكيم أبو عبد الله في نوادر الأصول: فهذا حديث مزوق مزيف، قد تطرف فيه صاحبه حتى تشبه على المستمعين، فالجاهل بهذا الحديث يعض شفتيه تلهفًا ألا يكون بهذه الصفة ولا يعلم أن صاحب هذا الفعل مذموم وقد قال الله تعالى في تنزيله: ﯷﯸ البقرة: ٢١٩  وهو الفضل الذي يفضل عن نفسك وعيالك، وجرت الأخبار عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- متواترة بأن خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، وابدأ بنفسك ثم بمن تعول، وافترض الله على الأزواج نفقة أهاليهم وأولادهم، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يقوت».."

كلام الحكيم الترمذي لا شك أنه معارَض بقوله -جل وعلا- في حق الأنصار:      ﯽﯾ الحشر: ٩  فكان الإنسان لا يُطعِم إلا إذا شبع هو وأهله نعم لا يترك أهله جياعًا ولا عالة يتكففون الناس، لكن إذا آثر على نفسه مرة أو مرات مع أنه في بقية عمره يأكل ويأكل أولاده، فإذا جاء المضطر لطعام أشد حاجة منه إليه وآثره على نفسه فهذا يدخل في حيز المدح الذي مُدح به الأنصار، ولا يكون هذا ديدنًا بحيث يترك أهله جياعًا؛ لأنه مسؤول عنهم، وهو آثم إذا تركهم عالة يتكففون الناس وهو قادر على ذلك، وهو يبذر الأموال وينفقها في وجهها وفي غير وجهها، والخبر كما سمعتم علامات الوضع عليه ظاهرة، واستدل به القشيري على أن السورة مدنية مع أنها مكية في قول عامة أهل العلم، وقال القشيري: إنها مدنية لقصة علي كما أشار إلى ذلك المؤلف في مطلع الكلام على السورة، لكنه كلام استنادًا إلى خبر موضوع لا أصل له، ومثل هذا لا يُلتفت إليه، ماذا قال عنه؟

طالب: ..............

مع أن الترمذي الحكيم يروي الموضوعات في نوادر الأصول.

" هنا يقول: لقد أحسن أبو حيان إذ يقول فيها: وذكر النقاش في ذلك حكاية طويلة جدًّا ظاهرة الاختلاق، وفيها أشعار للمسكين واليتيم والأسير يخاطبون بها بيت النبوة، وأشعار لفاطمة تخاطب كل واحد منهما ظاهرها الاختلاق لسفساف ألفاظها وكسر أبياتها وسخافة معانيها، وسيأتي للمؤلف -رحمه الله- ما يضعف هذا الحديث ويزيفه. "

على كل حال الحديث ما يمشي ولا على الجهال.

طالب: ...........

لا، أنا أقصد أن اعتمادهم على كونها مدنية حديث علي.

طالب: ...........

على كلامهم أنها مكية في أول الأمر يقولون مكية، لكن معول من قال مدنية هذا الخبر لا أصل له.

" أفيحسب عاقل أن عليًّا جهل هذا الأمر حتى  أجهد صبيانًا صغارًا من أبناء خمس أو ست على جوع ثلاثة أيام ولياليهن حتى تضوروا من الجوع، وغارت العيون منهم؛ لخلاء أجوافهم، حتى أبكى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما بهم من الجهد.. "

يعني في الشعر المنسوب لفاطمة أن أصغرهم وهو الحسين يُقتل بكربلاء في الشعر موجود يقول:

أمسوا جياعًا وهم أشبال

 

أصغرهم يُقتل في القتال

بكربلا يقتل باغتيال

هذا الكلام متى؟ قبل كربلاء بكم؟ فاطمة ماتت بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- بستة أشهر، وكربلاء بعدها بثلاثين سنة أو بأكثر من ثلاثين سنة.

طالب: ..........

والله أنا ما أحفظه قُنبر بالضم.

طالب: ..........

هو ضبطه هنا كجَعفر بالحركات ما ضبطه بالتنظير، ما قال كجَعفر، لكن الشكل يدل على أنه على وزن جَعفر.

لما رأيت الأمر أمرًا منكرًا

 

أججت ناري ودعوت قُنبرًا

هذا الذي نحفظ.

" هب أنه آثر على نفسه هذا السائل، فهل كان يجوز له أن يحمل أهله على ذلك؟ وهب أن أهله سمحت بذلك لعلي، فهل جاز له أن يحمل أطفاله على جوع ثلاثة أيام بلياليهن؟ ما يروج مثل هذا إلا على حمقى جهال، أبى الله لقلوب منتبهة أن تظن بعلي مثل هذا، وليت شعري من حفظ هذه الأبيات كل ليلة عن علي وفاطمة، وإجابة كل واحد منهما صاحبه حتى أداه إلى هؤلاء الرواة، فهذا وأشباهه من أحاديث أهل السجون فيما أرى بلغني.. "

يعني يمضون بها الوقت، يعني ما لها أصل، الفارغ الذي ما عنده عمل ومسجون ما يقدر يسوي شيئًا، قد يكون مكبلًا يريد أن يمضي الوقت على أي شيء، وكذلك المسافر في السفر يقطعون الطريق بمثل هذه الأخبار.

" بلغني أن قومًا يخلدون في السجون فيبقون بلا حيلة، فيكتبون أحاديث في السمر وأشباهه، ومثل هذه الأحاديث مفتعلة، فإذا صارت إلى الجهابذة رموا بها وزيَّفوها، وما من شيء إلا له آفة ومكيدة، وآفة الدين وكيده أكثر. قوله تعالى.. "

قد يقول قائل: إن عليًّا لو ثبت الخبر وفاطمة يتركون أولادهم وصبيتهم يجوعون ويؤثرون بالطعام، والإيثار لا شك أنه خصلة محمودة في الشرع، ونظيره ما حصل لأحد الثلاثة الذين انطبق عليهم الغار ينتظر والده باللبن إلى الصباح والصبية يتضاغون من الجوع، فكيف يتركهم على هذه الحال وبإمكانه أن يسد جوعهم ويأخذ للأب ما يكفيه؟ والقصة قصة الثلاثة لا شك أنها سيقت مساق مدح، فعملهم شرعي وإن كان الترتيب في النفقات عند أهل العلم، عند الفقهاء أن الزوجة والأولاد يُقدمون على غيرهم حتى على الوالدين، لكن وجه المدح في هذه القصة إيثار مراد الله -جل وعلا- على مراد النفس؛ لأن محبة الوالد مراد لله، ومحبة الولد مراد للنفس، وما أريد به حقيقة الترتيب المعروف عند الفقهاء، لكن مجرد ما آثر مراد الله -جل وعلا- على مراد نفسه استحق المدح من هذه الحيثية.

" قوله تعالى: الإنسان: ١٠  عبوسًا من صفة اليوم أي يومًا تعبس فيه الوجوه من هوله وشدته، فالمعنى نخاف يومًا ذا عبوس، وقال ابن عباس: يعبس الكافر يومئذ حتى يسيل منه عرق كالقطران. وعن ابن عباس: العبوس الضيق، والقمطرير الطويل. قال الشاعر:

........................

 

شديدًا عبوسًا قمطريرًا

وقيل: القمطرير الشديد، تقول العرب: يوم قمطرير وقماطر وعصيب بمعنى، وأنشد الفراء:

بني عمنا هل تذكرون بلاءنا

 

عليكم إذا ما كان يوم قماطر

بضم القاف، واقمطر إذا اشتد، وقال الأخفش: القمطرير أشد ما يكون من الأيام وأطوله في البلاء، قال الشاعر:

ففروا إذا ما الحرب ثار غبارها

 

ولج بها اليوم العبوس القماطر

وقال الكسائي: يقال: اقمطر اليوم وازمهر اقمطرارًا وازمهرارًا، وهو القمطرير والزمهرير، ويوم مقمطر إذا كان صعبًا شديدًا، قال الهذلي:

بنو الحرب أرضعنا لهم مقمطرة

 

ومن يُلق منا ذلك اليوم يهرب

وقال مجاهد: إن العبوس بالشفتين، والقمطرير بالجبهة والحاجبين، فجعلها من صفات الوجه المتغير من شدائد ذلك اليوم، وأنشد ابن الأعرابي.. "

لكن العبوس هل هو بالشفتين أو بالجبهة والجبين؟ ما هو بالشفتين، يقول: إن العبوس بالشفتين، والقمطرير بالجبهة والحاجبين، فجعلها من صفات الوجه المتغير من شدائد ذلك اليوم لا شك أنه إذا وجدت الشدائد في يوم من الأيام وفي زمن من الأزمان لا شك أن أحوال الناس تسوء، أخلاقهم تتغير، وأشكالهم أيضًا تتغير، إما أن يكون العبوس بالشفتين يحتاج إلى.. كل النسخ كذا ما هو عكس؟ يقول إن العَبوس أو العُبوس بالشفتين.

طالب: ...........

نعم، لكن عبس بشفتيه؟!

طالب: ...........

الأسارير إذا وجدت على الوجه لا شك أنه يكون الابتسامة من لازمها وليست هي، لكن تبين أساريره على جبهته، وكذلك عبوسه يبين وتقطبه على جبينه.

" وأنشد ابن الأعرابي:

يغدو على الصيد يعود منكسر

 

ويقمطر ساعة ويكفهر

وقال أبو عبيدة يقال: رجل قمطرير أي منقبض ما بين العينين. وقال الزجاج: يقال: اقمطرت الناقة إذا رفعت ذنبها وجمعت قطريها وزمت بأنفها، فاشتقه من القطر، وجعل الميم مزيدة، قال أسد بن ناعصة:

واصطليت الحروب في كل يوم

 

باسل الشر قمطرير الصباح

قوله تعالى: الإنسان: ١١  أي دفع عنهم. "

كلها عبارة عن شدة ذاك اليوم.

" أي دفع عنهم شر ذلك اليوم أي بأسه وشدته وعذابه الإنسان: ١١  أي أتاهم وأعطاهم حين لقوه أي رأوه الإنسان: ١١  أي حسنًا الإنسان: ١١  أي حبورًا. "

لقَاهم بالتخفيف أتاهم، أما لقّاهم أعطاهم يعني آتاهم، همزة واحدة أم مد عندكم؟ مد؟

طالب: .............

نعم هذا الأصل آتاهم وأعطاهم.

" قال الحسن ومجاهد: نضرة في وجوههم وسرورًا في قلوبهم، وفي النضرة ثلاثة أوجه أحدها: أنه البياض والنقاء، قاله الضحاك، والثاني: الحسن والبهاء، قاله ابن جبير، الثالث: أنها أثر النعمة، قاله ابن زيد. "

طالب: ............

هذه من صفاتهم، لكن ما يمنع أن يكون في المسلمين من يشابههم في بعض صفاتهم، يقول في بعض صفاتهم كما أن من المسلمين من يشابه المنافقين في بعض صفاتهم، فالمشابهة في صفة معروف أنها في كثير من المسلمين، لكن لا تخرجه عن إسلامه، وكونه فيه جاهلية لا يعني أنه جاهلي، وفيه وصف من أوصاف لا يعني أنه يكون مشركًا.

يكفي هذا؟ باقي نصف؟ والله إن كان لدينا الوقت، نأخذ عشر دقائق؟ عشر آيات؟ اقرأ يا شيخ.

" قوله تعالى: الإنسان: ١٢  على الفقر، وقال القرظي: على الصوم. وقال عطاء: على الجوع ثلاثة أيام، وهي أيام النذر، وقيل: بصبرهم على طاعة الله وصبرهم على معصية الله ومحارمه. "

وصبرهم أيضًا على أقدار الله.

" وما مصدرية، وهذا على أن الآية نزلت في جميع الأبرار ومن فعل فعلاً حسنًا، وروى ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سُئل عن الصبر فقال: «الصبر أربعة أولها الصبر عند الصدمة الأولى، والصبر على أداء الفرائض، والصبر على اجتناب محارم الله، والصبر على المصائب» الإنسان: ١٢  أي أدخلهم الجنة وألبسهم الحرير. "

حديث ابن عمر هذا.. لكن الصبر عند الصدمة الأولى هو الصبر على المصائب، ماذا يقول عنه؟

طالب: ...........

معناه صحيح، لكن لا يصح مرفوعًا، أما كونه أربعة كما في الحديث المنسوب هنا المرفوع فأولها الصبر عند الصدمة الأولى، الصبر على المصائب فتعود ثلاثة.

طالب: ...........

لا لا، هذا داخل في الصبر على المصائب في الحديث، نعم الذي رأى المرأة وقال: «إنما الصبر عند الصدمة الأولى» ما فيه شك أن الصبر عند الصدمة الأولى باعتبار أفضله وأعلاه، وإذا حصل جزع في أول الأمر، حصل جزع وتسخط وعدم رضا، فالصبر بعد ذلك خلاص إذا تسلى الإنسان ما صار صابرًا.

طالب: ...........

إذا حصل جزع، إذا حصل ما ينافي الصبر في الصدمة الأولى ينفع؟ إذا مضى عليه وقت وسلى إذا صبر..

طالب: ...........

فرق يا شيخ بين الصبر الاختياري والصبر الإجباري، أول الأمر المسألة الاختيارية، لكن فيما بعد إذا سلى هذا إجباري إذا.

طالب: ...........

البكاء ما يضر، ما يضر كون العين تدمع والقلب يحزن، هذا ما ينافي الصبر كما حصل منه- عليه الصلاة والسلام-.

" أي يسمى بحرير الدنيا، وكذلك الذي في الآخرة، وفيه ما شاء الله -عز وجل- من الفضل، وقد تقدم أن من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة، وإنما أُلبسه من أُلبسه في الجنة عوضًا عن حبسهم أنفسهم في الدنيا عن الملابس التي حرم الله فيها. قوله تعالى: الإنسان: ١٣  أي في الجنة، ونصب متكئين على الحال من الهاء والميم في جزاهم، والعامل فيها جزى، ولا يعمل فيها صبروا؛ لأن الصبر إنما كان في الدنيا، والاتكاء في الآخرة، وقال الفراء: وإن شئت جعلت متكئين تابعًا كأنه قال: جزاهم جنة متكئين فيها ﮎﮏ الإنسان: ١٣  السرر في الحجال، وقد تقدم، وجاءت عن العرب أسماء تحتوي على صفات. "

وعلى هذا يكون نعتًا للجنة، لكنه ليس بنعت حقيقي، إنما هو نعت سببي، جاء زيد الذي قام أبوه، هذا نعت لزيد، لكنه ليس لحقيقة زيد، وإنما للسبب الذي يربطه به.

" وجاءت عن العرب أسماء تحتوي على صفات أحدها الأريكة لا تكون إلا في حجلة على سرير، ومنها السجل، وهو الدلو الممتلئ ماءً، فإذا صَفِرَتْ لم تُسمَّ سجلاً، وكذلك الذَّنوب لا تُسمى ذَنوبًا حتى تُملأ، والكأس لا تُسمى كأسًا حتى تُترع من الخمر، وكذلك الطبق الذي تُهدى عليه الهدية مِهْدًى، فإذا كان فارغًا قيل: طبق أو خِوان، قال ذو الرمة:

خدود جفت في السير حتى كأنما

 

يباشرن بالمعزاء مس الأرائك

أي الفرش على السرر. الإنسان: ١٣  أي لا يرون في الجنة شدة حر كحر الشمس، ولا زمهريرًا أي ولا بردًا مفرطًا، قال الأعشى:

منعمة طفلة كالمهاة

 

لم ترَ شمسًا ولا زمهريرًا

وعن أبي صالح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «اشتكت النار إلى ربها -عز وجل- قالت: يا رب أكل بعضي بعضًا، فجعل لها نفسين نفسًا في الشتاء ونفسًا في الصيف، فشدة ما تجدون من البرد من زمهريرها، وشدة ما تجدون من الحر في الصيف من سمومها»، وعن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «إن هواء الجنة سجسج لا حر ولا برد»، والسجسج الظل الممتد كما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس وقال.."

تخريجه ماذا قال؟

طالب: ...........

يعني موقوف.

" وقال مرة بن الهمداني: الزمهرير البرد القاطع. وقال مقاتل بن حيّان: هو شيء مثل رؤوس الإبر ينزل من السماء في غاية البرد. وقال ابن مسعود: هو لون من العذاب، وهو البرد الشديد، حتى إن أهل النار إذا ألقوا فيه سألوا الله أن يُعذبهم بالنار ألف سنة أهون عليهم من عذاب الزمهرير يومًا واحدًا. قال أبو النجم: أو كنت ريحًا كنت زمهريرًا، وقال ثعلب: الزمهرير القمر بلغة طيء، قال شاعرهم:

وليلة ظلامها قد اعتكر

 

قطعتها والزمهرير ما زهر

ويُروى ما ظهر أي لم يطلع القمر، فالمعنى لا يرون فيها شمسًا كشمس الدنيا ولا قمرًا كقمر الدنيا، أي أنهم في ضياء مستديم، لا ليل فيه ولا نهار؛ لأن ضوء النهار بالشمس وضوء الليل بالقمر، وقد مضى هذا المعنى مجودًا في سورة مريم عند قوله تعالى:   مريم: ٦٢ ، وقال ابن عباس: بينما أهل الجنة في الجنة إذ رأوا نورًا ظنوه شمسًا قد أشرقت بذلك النور الجنة، فيقولون: قال ربنا: الإنسان: ١٣ ، فما هذا النور؟ فيقول لهم رضوان: ليست هذه شمس ولا قمر، ولكن هذه فاطمة وعلي ضحكا فأشرقت الجنان من نور ضحكهما، وفيهما أنزل الله تعالى: الإنسان: ١ ، وأنشد:

أنا مولى لفتى أُنزل فيه هل أتى

 

ذاك علي المرتضى وابن عم المصطفى

قوله.. "

هذا مثل سابقه، فضائل علي وفضائل فاطمة تصعب على الحصر من الأحاديث الصحيحة والحسنة كثيرة جدًّا، هو ليس بحاجة إلى من يروج لهما من الفضائل بالفرية والكذب على الله وعلى رسوله -رضي الله عنهم وأرضاهم-.

قف على هذا يا شيخ.. قوله تعالى..

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد...

"