كتاب الجنايات من سبل السلام (5)

نعم.

أحسن الله إليك، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

 قال الشارح -رحمه الله- في باب الديات في الحديث الثاني:

"وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «دِيَةُ الْخَطَإِ أَخْمَاسًا» أَيْ تُؤْخَذُ أَوْ تَجِبُ بينةً".

أو تجب بيّنهُ بقوله.

"أو تجب بَيَّنَهُ قَوْله: «عِشْرُونَ حِقَّةً وَعِشْرُونَ جَذَعَةً وَعِشْرُونَ بَنَتِ مَخَاضٍ وَعِشْرُونَ بَنَتِ لَبُونٍ وَعِشْرُونَ بَنِي لَبُونٍ»".

بنت بنات، نعم.

 "«وعشرون بنات مخاض، وعشرون بنات لبون وعشرون بني لبون» أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْأَرْبَعَةُ بِلَفْظِ: وَعِشْرُونَ بَنِي مَخَاضٍ بَدَلَ بَنِي لَبُونٍ وَإِسْنَادُ الْأَوَّلِ أَقْوَى؛ أَيْ أن في إسناد الأربعة".

أي من إسناد الأربعة.

"أي مِنْ إسْنَادِ الْأَرْبَعَةِ، فَإِنَّ فيه خِشْفَ بْنَ مَالِكٍ الطَّائِيَّ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَجْهُولٌ. وَفِيهِ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ".

ضعيف عند أهل العلم، الحجاج مُضعَّف عند أهل العلم.

"وَاعْلَمْ أَنَّهُ اعْتَرَضَ الْبَيْهَقِيُّ عَلَى الدَّارَقُطْنِيِّ، وَقَالَ: إنَّ جَعْلَهُ لِبَنِي اللَّبُونِ غَلَطٌ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَالصَّحِيحُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ جَعَلَ أَحَدَ أَخْمَاسِهَا بَنِي الْمَخَاضِ لَا كَمَا تَوَهَّمَه شَيْخُنَا الدَّارَقُطْنِيُّ. وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ دِيَةَ الْخَطَإِ تُؤْخَذُ أَخْمَاسًا كَمَا ذُكِرَ".

يعني مخففة بالنسبة لدية شبه العمد.

"وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَإِلَى أَنَّ الْخَامِسَ بَنُو لَبُونٍ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ بَنُو مَخَاضٍ كَمَا فِي رِوَايَةِ الْأَرْبَعَةِ، وَذَهَبَ الْهَادِي وَآخَرُونَ إلَى أَنَّهَا تُؤْخَذُ أَرْبَاعًا بِإِسْقَاطِ بَنِي لَبُونِ، وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِحَدِيثٍ لَمْ يُثْبِتْهُ الْحُفَّاظُ، وَذَهَبُوا إلَى أَنَّهَا أَرْبَاعٌ مُطْلَقًا، وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ".

إذا صارت أرباعًا فمثل دية شبه العمد ومغلظة.

"وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ إلَى أَنَّ الدِّيَةَ تَخْتَلِفُ بِاعْتِبَارِ الْعَمْدِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ وَالْخَطَإِ، فَقَالُوا: إنَّهَا فِي الْعَمْدِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ تَكُونُ أَثْلَاثًا كَمَا فِي الْخَطَإِ. وَأَمَّا التَّغْلِيظُ فِي الدِّيَةِ، فَإِنَّهُ ثَبَتَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- فِيمَنْ قُتِلَ فِي الْحَرَمِ بِدِيَةٍ وَثُلُثٍ تَغْلِيظًا وَثَبَتَ عَنْ جَمَاعَةٍ الْقَوْلُ بِذَلِكَ وَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ".

وهذَّب الشافعي ومالك أن الدية تختلف باعتبار العمد وشبهه أولًا تقدم أن الإمام مالك لا يرى شبه العمد، وأنه من نوع العمد، فنسبة القول إليه كان يرى أن دية العمد وهي تشمل شبه العمد مغلظة بغض النظر عن التقسيم الثلاثي فهذا يمكن أن يتجه وإلا فمالك لا يعرف شبه العمد، نعم.

"وَأَخْرَجَهُ أَيْ حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، وَهُوَ أَصَحُّ مِنْ الْمَرْفُوعِ. وهو قوله: وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رَفَعَهُ إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بلفظ: «الدِّيَةُ ثَلَاثُونَ جَذَعَةً»".

عندكم قوله؟

طالب: ........

وهو قوله.

طالب: وأخرجه أبو داود.

لا، وهو أصح من المرفوع.

طالب: عندي يا شيخ عن ابن مسعود، وهو أصح من المرفوع، وهو قوله وأخرجه.

لا، المرفوع الذي ذكره وهو حديث ابن مسعود؛ لأن هذا حديث آخر حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده حديث آخر، عبد الله بن عمرو بن العاص هذا حديث ابن مسعود يروى مرفوعًا أو موقوفًا عليه، والموقوف أصح من المرفوع. ما له علاقة وقوله زائدة هذه. المرفوع الذي صدّر به المؤلف الرواية في هذا الحديث، وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «دية الخطأ أخماسًا» هذا يُروى مرفوعًا بهذه الصيغة صرَّح فيه بذكر النبي -عليه الصلاة والسلام- ويروى موقوف على ابن مسعود والموقوف أصح، وأما الحديث الذي يليه فهو حديث آخر.

طالب:...

مستقل نعم.

طالب:...

أين؟

طالب:...

وأخرجه، أي حديث ابن مسعود، ابن أبي شيبة من وجه آخر موقوفًا على ابن مسعود، وهو أصح من المرفوع المروي عن ابن مسعود؛ لأن التعارض في الرفع والوقف في حديث واحد، لا في حديثين، الحديث الذي يليه من حديث عبد الله بن عمرو ما له علاقة به.

طالب:...

وأخرجه أبو داوود والترمذي.

طالب:...

وأخرج المتن، وأخرج التغليظ، أخرج كذا، ما هو أخرج الحديث، حديث آخر هذا.

طالب: هل هذا يكون يا شيخ..

وهو قوله زائدة ما لها قيمة.

طالب: لكن ما بعده يا شيخ ما ظهر لي وجه وأخرجه أبو داود والترمذي.

أخرجه يعني أخرج التغليظ، أخرج التقسيم، أخرج المتن.

"وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رَفَعَهُ إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بلفظ: «الدِّيَةُ ثَلَاثُونَ جَذَعَةً، وثلاثون حقة، وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا» وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ هَذِهِ الْأَسْنَانِ فِي الزَّكَاةِ.

وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إن أَعْتَى» بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ".

أي أن الحافظ لما رجَّح أنه موقوف؛ لئلا يأتي من يقول: إن المرفوع له شاهد من حديث عبد الله بن عمرو فهو أقوى، فأورده؛ لئلا يستدرك عليه.

"«إن أَعْتَى» بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ فَمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ فَأَلِفٍ مَقْصُورَةٍ اسْمُ تَفْضِيلٍ مِنْ الْعُتُوِّ، وَهُوَ التَّجَبُّرُ «النَّاسِ عَلَى اللَّهِ ثَلَاثَةٌ مَنْ قَتَلَ فِي حَرَمِ اللَّهِ، أَوْ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ، أَوْ قَتَلَ لِذَحْلِ» بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الثَّأْرُ وَطَلَبُ الْمُكَافَأَةِ بِجِنَايَةٍ جُنِيَتْ عَلَيْهِ مِنْ قَتْلٍ، أَوْ غَيْرِهِ".

ذحل الجاهلية، هذا مضاف إليه، الشرح وقف بين المتضايفين، الشرح وقع بين المتضايفين. يجوز الفصل بين المتضايفين لغير أجنبي، يقول: نجوتُ وقد بلّ المرادي سيفه بدم ابن أبي بدم ابن أبي طالب قال: بدم ابن أبي شيخ الأباطح طالب، واللقب هذا ليس بأجنبي، وهذا يفعلونه كثيرًا، لكن الأصل أنه يأتي بمضاف مناسب قبل المضاف إليه؛ لأنه فصل بين المتضايفين، وبقي المضاف إليه مجرور باعتبار عادة المضاف.

"«الْجَاهِلِيَّةِ» أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي حَدِيثٍ صَححه. الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ أَزْيَدُ فِي الْعُتُوِّ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ الْعُتَاةِ:

الْأَوَّلُ: مَنْ قَتَلَ فِي الْحَرَمِ فَمَعْصِيَةُ قَتْلِهِ فيه تَزِيدُ عَلَى مَعْصِيَةِ مَنْ قَتَلَ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ".

يعني إذا كانت الإرادة والهم يعاقب عليها في الحرم دون غيره، وهذا من خصائصه {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ}[الحج:25]، {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ}[الحج:25]، نتساءل عن الجار والمجرور فيه هل هي متعلقة بالإرادة من يرد فيه فمجرد الإرادة في الحرم يترتب عليها نذقه من عذاب أليم، ولو كان الظلم خارج الحرم، أو يكون الجار والمجرور فيه متعلق بقوله: بظلم يعني بظلم في الحرم ولو كانت الإرادة خارج الحرم؟ ظاهر الفرق أم ما هو بظاهر؟

حاج من أقصى المشرق، وهو في بلده يقول: إذا حججت سأفعل أظلم، أسرق، فرصة اجتماع الحجيج، فهي فرصة، إما سرقة أو غيرها هذه الإرادة حصلت في المشرق والظلم في الحرم، فإذا قلنا: إن الجار الجار والمجرور متعلق بالظلم يعاقب على هذه الإرادة؛ لأنه أراد أن يظلم في الحرم، والعكس فيما لو زوّر الإرادة في الحرم والظلم خارج الحرم يقول: إذا رجعت إلى بلدي، هو الآن بمكة، إذا رجعت إلى بلدي سوف أفعل كذا وكذا وكذا من أنواع الظلم، فإذا كانت الإرادة في الحرم، والظلم خارج الحرم أو الإرادة خارج الحرم والظلم في الحرم، أما إذا كانت الإرادة والظلم كلاهما في الحرم فهذا لا إشكال فيه، وهذا لا يختلف فيه وعلى القولين نذقه من عذاب أليم، أما إذا كانت الإرادة خارج الحرم والظلم في الحرم فهذا باعتبار أن الجار والمجرور متعلق بالإرادة، والعكس بالعكس، وما الذي يترجح منهما؟

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

الظلم في الحرم؟  

طالب: ........

 صار ما للحرم خصيصة. لكن الإرادة المؤاخذ عليها ولو كانت في أقصى المشرق إذا كانت هذه الإرادة تضمن ظلمًا في الحرم، بخلاف ما إذا أراد وهو في الحرم أن يظلم خارج الحرم قال: أنا الآن في الحرم، وأخشى من قوله: {نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}[الحج:25] نفعل هذا إذا رجعنا، وهو مبيت أن يظلم رفيقه في السفر، بدلاً من أن يظلمه في حدود الحرم يقول: ننتظر حتى نخرج، وهذه الإرادة مُبيَّتة في الحرم، يكون نذقه من عذاب أليم يتناوله أو لا يتناوله؟

يتناوله إذا قلنا: إن المراد الجار والمجرور فيه متعلق بالإرادة فمجرد الإرادة يستحق الجواب، نذقه جواب الشرط، والعكس، وكلاهما يدل على تعظيم هذه البقعة، وأن الإلحاد مهما قلّ شأنه في نظر الملحد لا يلزم من الإلحاد أن يكون ملحدًا خارجًا من الدين لا، الإلحاد هو الميل والعدول عن الصراط المستقيم، ولذلك عقّبه بقوله قبله {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ}، {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ}[الحج:25] يستوي في هذا المكان العاكف المقيم في المسجد، المجاور والباد الذي جاء ليؤدي فريضة ويرجع هما سيان.

 وهذا فيه تشديد في أمرٍ يتساهل الناس فيه، أمر يتساهل الناس فيه، وهو حجز الأماكن، الناس فيه سواء العاكف المقيم والباد الذي يأتي ليصلي فرضًا أو فرضين ويرجع، ما بينهم فرق، هم يستوون في هذا المكان، ولا يجوز للمقيم العاكف فيه أن يرى نفسه أنه أحق من هذا البادي، لا يجوز له ذلك، ومع ذلك يترتب على هذا الإلحاد في الحرم أنواع وأصناف من الظلم تجده يوكل من يحفظ له هذا المكان، ويوكل به شخص يسيء التعامل مع الناس، هذا موجود، يوكل شخصًا قوي البنية ضعيف العقل، سيئ التصرف، يثيره أدنى شيء، فإذا مرّ من عنده أحد شتمه أو ضربه أو دفعه، هذا زيادة نسأل الله العافية في الإيغال في هذا الإلحاد. أمور تجد بعض الناس عنده نوازع الإحسان، ويسيء وهو لا يشعر، يوكل من هذه النوعيات، تجده يفطر الناس في رمضان أو في أوقات الصيام، ثم بعد ذلك يكل هذا الأمر إلى شخص من هذه النوعية تجده قوي البنية وسيئ التصرف وضعيف العقل يؤذي الناس من صلاة العصر، قم يا فلان، اذهب ابعد، هذا محل كذا، هذا الأذى إلحاد، نسأل الله العافية، فعلى الإنسان إذا أراد أن يحسن؛ لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، والأمور تتم بأدنى مما يفعله كثير من يريد الإحسان، هذه مشكلة، يعني حصلت مضاربة وحصل تواعد بين بعض الناس، يعني في آخر لحظة من رمضان قبيل الفطور من اليوم الأخير يقول: الليلة إن كانت عيدًا فموعدكم في كذا، موعدكم عرفة يتضاربون ويطلعون من الحرمز

هذه الإرادة حصلت في الحرم، والمضاربة حصلت في عرفة، فهذا فرع مما ذكرناه، يعني هل يعفيه أنه يقول: إن خرج رمضان كانت الليلة عيدًا فموعدك كذا، والمسألة أنه قدم سجادته أو أخرها أو، الله المستعان.

طالب:...

الهم لمن يريد الإرادة يعاقب عليها، وهذا من خواصه، إن كان تركه لها ندمًا فالندم توبة، وإن كان تركه لا ندم ولا عجز فهذا يؤاخذ وإن كان عجزًا فمعروف حكمه.

طالب:...

لا، هذا للحرم، المسجد الحرام، هذا من خواصه.

طالب:...

ماذا يقول؟

طالب:...

حرم المدينة، لكن التفاصيل تختلف.

طالب:...

خروج ابن عباس إلى الطائف في آخر عمره لا شك أنه يخشى أن يقع في شيء من المخالفات، وهذه المخالفات تعظم في الحرم.

طالب:...

هو يخرج مثل ابن عباس ومثله يخرجون عن الحرم، وتأول وخرج بهذه النية، يخرج من الإرادة والفعل.

طالب:...

إذا عاد إليه قريبًا فهو أحق به.

"الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ أَزْيَدُ فِي الْعُتُوِّ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ الْعُتَاةِ:

الْأَوَّلُ: مَنْ قَتَلَ فِي الْحَرَمِ فَمَعْصِيَةُ قَتْلِهِ فيه تَزِيدُ عَلَى مَعْصِيَةِ مَنْ قَتَلَ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ، وَظَاهِرُهُ الْعُمُومُ لِحَرَمِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وَلَكِنَّ الْحَدِيثَ وَرَدَ فِي غزَاةِ الْفَتْحِ فِي رَجُلٍ قَتَلَ بِالْمُزْدَلِفَةِ إلَّا أَنَّ السَّبَبَ لَا يُخَصص بِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْإِضَافَةُ عَهْدِيَّةٌ، وَالْمَعْهُودُ حَرَمُ مَكَّةَ".

لكن هل يقال لمسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- الحرم أو يقال: المسجد النبوي؟

طالب:...

يقال لمسجد الكعبة: المسجد الحرام، وهو حرم على أي حال، والمدينة حرمها النبي -عليه الصلاة والسلام- ما بين عير إلى ثور، وتشمل المسجد من باب أولى، دخوله أوليّ، لكن هل يقال له: حرم؟

يعني على سبيل التوسع مثل ما يقال: حرم المسجد الأقصى، وحرم كذا وكذا، توسع لا شك أنه غير مرضي؛ لأن التسمية يترتب عليها أحكام شرعية.

طالب:...

في المسجد نعم؛ لأنه قال: «مسجدي هذا».

"وَقَدْ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إلَى التَّغْلِيظِ فِي الدِّيَةِ عَلَى مَنْ وَقَعَ مِنْهُ قَتْلُ الْخَطَإِ فِي الْحَرَمِ، أو قتلِ مُحرمًا من النسب".

مَحْرَمًا، أو قتلَ مَحْرَمَا.

"أَوْ قَتَلَ مَحْرَمًا مِنْ النَّسَبِ، أَوْ قَتَلَ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، قَالَ: لِأَنَّ الصَّحَابَةَ غَلَّظُوا فِي هَذِهِ الْأمور. وَأَخْرَجَ السُّدِّيُّ عَنْ مُرَّةَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: مَا مِنْ رَجُلٍ يَهُمُّ بِسَيِّئَةٍ فَتُكْتَبَ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّ رَجُلًا لَوْ هَمَّ بَعَدنٍ أَنْ يَقْتُلَ رَجُلًا بِالْبَيْتِ الْحَرَامِ إلَّا أَذَاقَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ، وَقَدْ رَفَعَهُ فِي رِوَايَةٍ".

نعم، هذا الكلام قال ما من رجل يهم بسيئة فتكتب عليه إلا أن رجلاً لو هم بعدن، يعني الإرادة صارت بعدن، والظلم في المسجد الحرام، لو هم بعدن أن يقتل رجلاً بالبيت الحرام لأذاقه الله، فعلى هذا تكون الإرادة خارج الحرم، والظلم في الحرم.

"قُلْت: وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الظَّرْفَ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: 25]".

المؤلف تكلم عنها، نعم.

"مُتَعَلِّقٌ بِغَيْرِ الْإِرَادَةِ بَلْ بِالْإِلْحَادِ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِرَادَةُ فِي غَيْرِهِ، وَالْآيَةُ مُحْتَمَلَةٌ.

وَوَرَدَ فِي التَّغْلِيظِ فِي الدِّيَةِ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ: «عَقْلُ شِبْهِ الْعَمْدِ مُغَلَّظٌ مِثْلُ قَتْلِ الْعَمْدِ، وَلَا يُقْتَلُ صَاحِبُهُ وَذَلِكَ أَنْ يَنْزُوَ الشَّيْطَانُ بَيْنَ النَّاسِ فَتَكُونَ دِمَاءٌ فِي غَيْرِ ضَغِينَةٍ، وَلَا حَمْلِ سِلَاحٍ». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.

الثَّانِي: مَنْ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ أَيْ مَنْ كَانَ لَهُ دَمٌ عِنْدَ شَخْصٍ فَيَقْتُلُ رَجُلًا آخَرَ غَيْرَ مَنْ عِنْدَهُ لَهُ الدَّمُ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ مُشَارَكَةٌ فِي الْقَتْلِ أَوْ لَا.

الثَّالِثُ: قَوْلُهُ: «أَوْ قَتَلَ لِذَحْلِ الْجَاهِلِيَّةِ»، تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الذَّحْلِ، وَهُوَ الْعَدَاوَةُ، وَقَدْ فَسَّرَ الْحَدِيثَ حَدِيثُ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ أَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «أَعْتَى النَّاسِ مَنْ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ، أَوْ طَلَبَ بِدَمٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، أَوْ بَصَّرَ عَيْنيَهُ مَا لَمْ تُبْصِرْ». أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيّ".

يعني في الرؤيا قال: رأيت، هذا أشد، واللفظ يعم الرؤيا واليقظة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- في خطبة حجة الوداع قال: «وأول دمٍ أضع» يعني من دماء الجاهلية «دمُ» أو «دمنا»، «دم ابن أبي ربيعة للحارث» ابن عمٍ له قُتِل في الجاهلية، ووضعه النبي -عليه الصلاة والسلام-، «أول ربًا أضعه ربانا ربا العباس» ابن عبد المطلب.

"وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «أَلَا إنَّ دِيَةَ الْخَطَإِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ -مَا كَانَ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا- مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ، مِنْهَا أَرْبَعُونَ فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا». أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ".

عندنا أن دية الخطأ وشبه العمد والواو هذه زائدة؛ لأن المراد به شبه العمد لا يراد به الخطأ المحض، فسَّره ما كان بالسوط والعصا، يعني هو مقصود، الأذى مقصود، لكن الذي يترتب عليه غير مقصود، يعني ما قصد القتل وقصد الأذى فضرب بالعصا.

 "أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ. قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ هُوَ صَحِيحٌ، لَا يَضُرُّهُ الِاخْتِلَافُ. وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي الْحَدِيثِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ؛ لأنه تَفْسِيرٌ لِلْحَدِيثِ الَّذِي سَلَفَ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَفِيهِ تَغْلِيظُ العَقْلِ في الْخَطَإِ، وَلَمْ يُبَيِّنْهُ هُنَالِكَ فَبَيَّنَهُ هُنَا.

وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنْ رَسُولِ اللَّهِ  -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «هَذِهِ، وَهَذِهِ سَوَاءٌ يَعْنِي الْخِنْصَرَ وَالْإِبْهَامَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَلِأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ أَيْ عن ابْنِ عَبَّاسٍ أيضًا «الْأَصَابِعِ سَوَاءٌ» هَذَا أَعَمُّ مِنْ الْأَوَّلِ، «وَالْأَسْنَانُ سَوَاءٌ»، زَادَهُ بَيَانًا بِقَوْلِهِ: «الثَّنِيَّةُ وَالضِّرْسُ سَوَاءٌ»، فَلَا يُقَالُ الدِّيَةُ عَلَى قَدْرِ النَّفْعِ، وَالضِّرْسُ أَنْفَعُ فِي الْمَضْغِ، وَلِابْنِ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «دِيَةُ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ سَوَاءٌ عَشْرَةٌ مِنْ الْإِبِلِ لِكُلِّ أُصْبُعٍ»، تقدم الْكَلَامَ فِي هَذَا مُسْتَوْفًى".

قد يقول قائل: إن الإبهام أنفع من الخنصر، فالكاتب لا شك أن كتابته تتأثر إذا قُطِع إبهامه، بخلاف ما إذا قُطِع الخنصر، فلماذا تكون الدية سواء؟ مثلها الضرس، الضرس أنفع من السِن، من أجل المضغ، وإن كان السِن وقْعُه في الجمال جمال الأسنان أظهر مما يترتب على الضرس؛ لأن الضرس خفي، والسِّن ظاهر، فهذا أنفع من جهة، وهذا أنفع من جهة، ولو نُظِر إلى هذه الأمور الدقيقة التي تتفاوت فيها هذه المنافع لشقَّ تقدير الأمور على الناس، والشرع يأتي بأمورٍ عامة كلية تندرج فيها أفرادها، ولو تفاوتت شيئًا من التفاوت، ولو أريد التحديد بدقة فلا شك أن مثل هذا يشق على الناس.

"وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رَفَعَهُ قَالَ: «مَنْ تَطَبَّبَ» أَيْ تَكَلَّفَ الطِّبَّ وَلَمْ يَكُنْ طَبِيبًا، كَمَا يَدُلُّ لَهُ صِيغَةُ تَفَعَّلَ «وَلَمْ يَكُنْ بِالطِّبِّ مَعْرُوفًا فَأَصَابَ نَفْسًا فَمَا دُونَهَا، فَهُوَ ضَامِنٌ». أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَهُوَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرِهِمَا، إلَّا أَنَّ مَنْ أَرْسَلَهُ أَقْوَى مِمَّنْ وَصَلَهُ.

الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى تَضْمِينِ الْمُتَطَبِّبِ بمَا أَتْلَفَهُ مِنْ نَفْسٍ فَمَا دُونَهَا سَوَاءٌ أَصَابَ بِالسِّرَايَةِ أمْ بِالْمُبَاشَرَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا، أمْ خَطَأً، وَقَدْ ادَّعَى عَلَى هَذَا الْإِجْمَاعَ".

لكن إذا كان عن عمد فهل يُقتَص منه؟

جاء بشهادات مزورة، وباشر الطب، وعالج مريضًا، فقتله، وهذا يحصل، واكتشاف أدعياء الطب مستمر، كل سنة يُكتَشف جمع منهم، هناك لجان تتابعهم، وتتابع أعمالهم، لكن الإشكال أن العقوبات ضعيفة، العقوبات عليهم ضعيفة، يعني يُكتفى بإلغاء عقده، وقد يأتي بوجهٍ آخر أو بفيزا أخرى أو اسم آخر، مثل هذه لا تحسم هذه الفئة، وإذا مُنع من بلد ذهب إلى بلد آخر، وهكذا، فلا بد من تشديد العقوبة، يعني إذا كان التزوير في كثير من أبوابه أمره شديد في نظر الناس، في نظر الحكومات فإن التشديد في هذا الباب ينبغي أن يكون أعظم؛ لأن أرواح الناس بين يدي الأطباء، المريض يستسلم، يعطيه إبرة، يعطيه حقنة فيموت، وإذا فُتِّش في الأمر فإذا شهادته مزورة، يعني لو حصلت وقائع من هذا النوع، فهل يكتفى بمثل هذا أن يُلغى عقده، ويذهب إلى أهله بدون، ينبغي أن يكون عبرة؛ لئلا يتكرر هذا العمل من هؤلاء الأدعياء، ولا يقول قائل: إن المريض هذا أو الذي مات هذا أجله، وليس بيده، لا يستقدمون ساعة، لا، هذا هو المتسبب، بل هو المباشر لقتله، فينبغي أن يُنكّى به نكاية تردعه وتردع أمثاله. وهناك لجان تبحث وتتابع، لكن العقوبات ضعيفة، مما يجعل الأمر يتكرر، فلو كانت العقوبات قوية ما تكرر مثل هذا الأمر.

طالب:...

نعم.

طالب: ........

 ضامن، ضامن، لكن إذا تكرر منه هذا، قتل في فئام من الناس، ولا يحسن الطب، قاصد، لكن لو حصلت مرة مثلاً، ويظن أن هذه الإبرة أو هذه الحقنة نافعة، أو قرأ مثلاً  في كتاب وهو لا يُحسن أن هذا يصلح، كذا كثيرًا ما يخطئون في قراءة كتب الطب القديم، تجد الشخص عنده كتاب في الطب، ويسمع هذه الوصفة، ويريد أن يطبقها فيخطيء في التطبيق، أو يكون جسد هذا المعالَج يختلف عمن طُبقت عليه، فتجده يتضرر.

 وشخصٌ طبق علاجًا في كتاب الطب لابن القيم، فأصيب بإغماء، وأدخل العناية، وأخرج منها بعد شهر، لماذا؟

لأن ابن القيم بعد تركيب هذه العلاج يقول: يدهن به الموضع، فأكله، قل مثل هذا، يعني في بعض الأطباء تجده مثلاً هو دهان، يقول: اشرب منه، أو يحصل مثل هذا عند الجهال، يحصل وكم من ضحية راحت، والإشكال أن مثل هذا الباب يعني مغفولٌ عنه، وبعض من يتتبع الزلات تجده يغفل عن هذا الباب، ولو كان الخطأ من شخص محسوب على أهل الخير، وأهل الفضل وأهل الدين وأهل الحسبة والأمر والنهي تجد الدنيا تقوم ولا تقعد، وهذا حيف، وليس بإنصاف، يجب أن يعامل الناس معاملة واحدة، والله المستعان.

"قال فِي نِهَايَةِ الْمُجْتَهِدِ".

مرّ بنا مرارًا أن الصنعاني يسمي كتاب ابن رشد نهاية المجتهد، وهو بداية المجتهد، ولعل النسخة التي وقعت له وقع فيها هذا الخلط وإلا فالمجتهد ما ينتهي عند الكتاب الذي في مجلد واحد، نعم المقتصد يكفيه هو نهايته وغايته.

"إذَا أَعْنَتَ أَيْ الْمُتَطَبِّبُ كَانَ عَلَيْهِ الضَّرْبُ وَالسَّجْنُ وَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ وَقِيلَ: عَلَى الْعَاقِلَةِ.

اعْلَمْ أَنَّ الْمُتَطَبِّبَ هُوَ مَنْ لَيْسَ لَهُ خِبْرَةٌ بِالْعِلَاجِ وَلَيْسَ لَهُ شَيْخٌ مَعْرُوفٌ، وَالطَّبِيبُ الْحَاذِقُ هُوَ مَنْ لَهُ شَيْخٌ مَعْرُوفٌ وثيق من نفسه بجودة الصنعة".

وثق وثق.

"وَثِقَ مِنْ نَفْسِهِ بِجَوْدَةِ الصَّنْعَةِ وَإِحْكَامِ الْمَعْرِفَةِ.

قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الْهَدْيِ النَّبَوِيِّ: إنَّ الطَّبِيبَ الْحَاذِقَ هُوَ الَّذِي يُرَاعِي فِي عِلَاجِهِ عِشْرِينَ أَمْرًا وَسَرَدَهَا هُنَالِكَ.

قَالَ: وَالطَّبِيبُ الْجَاهِلُ إذَا تَعَاطَى عِلْمَ الطِّبِّ، أَوْ عَلّمَهُ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ بِهِ مَعْرِفَةٌ، فَقَدْ هَجَمَ بِجَهَالَةٍ عَلَى إتْلَافِ الْأَنْفُسِ وَأَقْدَمَ بِالتَّهَوُّرِ عَلَى مَا لَا يَعْلَمُهُ فَيَكُونُ قَدْ غَرَّرَ بِالْعَلِيلِ فَيَلْزَمُهُ الضَّمَانُ، وَهَذَا إجْمَاعٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي أَنَّ الْمُعَالِجَ إذَا تَعَدَّى فَتَلِفَ الْمَرِيضُ كَانَ ضَامِنًا وَالْمُتَعَاطِي عِلْمًا أَوْ عَمَلًا لَا يَعْرِفُهُ مُتَعَدٍّ، فَإِذَا تَوَلَّدَ مِنْ فِعْلِهِ التَّلَفُ ضَمِنَ الدِّيَةَ وَسَقَطَ عَنْهُ القِوَد".

القَوَد.

"وسقط عنه الْقَوَدُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَبِدُّ بِذَلِكَ دُونَ إذْنِ الْمَرِيضِ وَجِنَايَةُ الطَّبِيبِ عَلَى قَوْلِ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى عَاقِلَتِهِ انتهى".

الطبيب الحاذق على عاقلته وأما المدعي فهو عليه.

"وَأَمَّا إعْنَاتُ الطَّبِيبِ الْحَاذِقِ، فَإِنْ كَانَ بِالسِّرَايَةِ لَمْ يَضْمَنْ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهَا سِرَايَةُ فِعْلٍ مَأْذُونٍ فِيهِ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ وَمِنْ جِهَةِ المعالِج".

المعالَج.

"ومن جهة الْمُعَالَجِ، وَهَكَذَا سِرَايَةُ كُلِّ مَأْذُونٍ فِيهِ لَمْ يَتَعَدَّ الْفَاعِلُ فِي سَبَبِهِ كَسِرَايَةِ الْحَدِّ وَسِرَايَةِ الْقِصَاصِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ، فَإِنَّهُ أَوْجَبَ الضَّمَانَ بِهَا".

طالب:...

السراية الأثر المترتب على العمل على التطبب، يعني قام بعملية مثلاً وعملية قالوا: ناجحة، لكن بعد ذلك ترتب عليها آثار، جرحه جرحًا ثم خاطه فلم يندمل، سرى إلى بقية العضو، فقطعت يده أو رجله أو ما أشبه ذلك، هذه السراية.

طالب:...

نعم.

طالب: ........

يعني ما يحصل بعد العلاج.

"خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ، فَإِنَّهُ أَوْجَبَ الضَّمَانَ بِهَا، وَفَرَّقَ الشَّافِعِيُّ بَيْنَ الْفِعْلِ الْمُقَدَّرِ شَرْعًا كَالْحَدِّ وَغَيْرِ الْمُقَدَّرِ كَالتَّعْزِيرِ، فَلَا ضمان فِي الْمُقَدَّرِ وَيَضْمَنُ فِي غَيْرِ الْمُقَدَّرِ؛ لِأَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى الِاجْتِهَادِ، فَهُوَ فِي مَظِنَّةِ الْعُدْوَانِ، وَإِنْ كَانَ الْإِعْنَاتُ بِالْمُبَاشَرَةِ، فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ إنْ كَانَ عَمْدًا، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَعَلَى الْعَاقِلَةِ.

وَعَنْهُ أَيْ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «في الْمَوَاضِحُ» جَمْعُ مُوضِحَةٍ".

وهي التي توضح العظم ولا تهشمه، ولا تكسره، ولا تنقل شيئًا من عظامه.

"«خَمْسٌ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْأَرْبَعَةُ. وَزَادَ أَحْمَدُ: «وَالْأَصَابِعُ سَوَاءٌ كُلُّهُنَّ عَشْرٌ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ»، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ الْجَارُودِ، وَهُوَ يُوَافِقُ مَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ. وَمُوضِحَةُ الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ سَوَاءٌ بِالْإِجْمَاعِ إذْ هُمَا كَالْعُضْوِ الْوَاحِدِ".

المواضح جمع موضحة، قوله: خمس خمس، الأصل الموضحة فيها خمس، الموضحة فيها خمس، خمسٌ خمس يعني أكثر من موضحة، موضحة في الرأس وموضحة في الوجه خمسٌ خمس يعني خمسٌ لموضحة الوجه، وخمس لموضحة الرأس، فإذا كُرِّر العدد نعم مثل غسل الأعضاء مرة مرة، وغسل الأعضاء مرتين مرتين، كل عضو مرة مرة كل عضو مرة أو كل عضو مرتين.

ونقف على هذا. اللهم صلِّ على محمد.