شرح زاد المستقنع - كتاب المناسك (03)

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: المواقيت:

وميقات أهل المدينة ذي الحليفة، وأهل الشام ومصر والمغرب والجحفة...."

الجحفةَ.

"الجحفةَ، وأهل اليمن يلملم، وأهل نجد قرن، وأهل المشرق ذات عرق، وهي لأهلها ولمن مر عليها من غيرهم، ومن حج من أهل مكة فمنها، وعمرته من الحل، وأشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة".

يقول -رحمه الله تعالى-:

"باب: المواقيت" الباب في الأصل من يدخل منه ويخرج معه، هذا هو الأصل، وفي العرف الخاص في الاصطلاح عند أهل العلم ما يشتمل على مسائل علمية، ويكون تحته فصول غالباً، والمواقيت: جمع ميقات كمواعيد وميعاد، وهو ما حد ووقت للعبادة من زمان ومكان، والتوقيت التحديد، والمراد به هنا ما حدده الشارع للإحرام من الأماكن.

فيقول -رحمه الله تعالى-:

"ميقات أهل المدينة ذو الحليفة".. إلى آخر ما ذكره مما حدده الشارع من الأماكن التي يحرم منها أهل تلك الجهات المذكورة، وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم قال: ((هن لهن ولمن أتى عليهن من غيرهن ممن أراد الحج والعمرة ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة)) فذو الحليفة ميقات أهل المدينة، هو بضم الحاء المهملة بعد اللام مثناة تحتية، وفاء تصغير حلفة، والحلفة واحدة الحلفاء، نبت في الماء، وهو مكان معروف بينه وبين مكة عشرة مراحل، أربع مائة كيلو تقريباً، وهي من المدينة على فرسخ، وهو أبعد المواقيت عن مكة، قيل: الحكمة في ذلك لتعظم أجور أهل المدينة، وقيل: رفقاً بأهل الآفاق؛ لأن المدينة أقرب الآفاق التي وقت لها مواقيت إلى مكة.

والجحفة ميقات أهل الشام، بضم الجيم وسكون الحاء ففاء، سميت بذلك لأن السيل اجتحفها، أو اجتحف أهلها الذين هنالك، وهي من مكة على ثلاث مراحل، وتمسى مهيعة، كانت قرية قديمة، وهي الآن هي خراب، بل هي خراب من قديم، ولذا يحرم الناس من رابغ قبلها بقليل.

قرن المنازل ميقات أهل نجد، بفتح القاف وسكون الراء، بينها وبين مكة مرحلتان، ويعرف الآن بالسيل، ضبطه الجوهري بفتح الراء قرَن، ونسب إليها أويساً، وغلطوه في ذلك، بل بالغ النووي فحكى الاتفاق على تخطئته في ذلك، وإن كان صاحب المطالع يجوز الفتح، المطالع مطالع الأنوار لمن؟ نعم لابن قرقول.

ويلملم مقيات أهل اليمن بفتح التحتانية وسكون الميم بعدها لام مفتوحة ثم ميم، مكان على مرحلتين من مكة، ويقال له: ألملم بالهمز، وهو الأصل والياء تسهيل، وحكى ابن السيد فيه: يرمرم، برائين بدل اللامين، كذا ضبطه ابن السيد وإلا كيف؟ ها؟

طالب:.......

كيف؟

طالب:........

ضبطه بإيش؟

طالب:........

لا غيره هذا، هذا أخر.......

ها؟

طالب:.......

لا لا ما هو بسيد، السِيد ويش معناها؟ ها؟ إيش معنى السِيد؟

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

صحيح الذئب اسمه.

طالب:.......

ها؟

طالب:.......  

له شرح أدب الكتاب، الاقتضاب، وله كتب كثيرة، مكثر هو.

وذات عرق، وهي بكسر العين وسكون الراء بعدها قاف، سمي بذلك لأن فيه عرقاً وهو الجبل الصغير بينه وبين مكة مرحلتان، اختلف فيمن جعله ميقات لهم، هل توقيت ذات عرق لأهل المشرق من قبل النبي -عليه الصلاة والسلام- أو عمر -رضي الله عنه- اجتهد فوقت لهم ذات عرق؟ في صحيح البخاري عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: لما فتح هذان المصران أتوا عمر -رضي الله عنه- فقالوا: يا أمير المؤمنين إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حد لأهل نجد قرن، وهو جور عن طريقنا، وإنا إن أردنا قرناً شق علينا، قال: فنظروا حذوها من طريقهم فحد لهم ذات عرق، روى أبو داود والنسائي عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- وقت لأهل العراق ذات عرق، وهو حديث لا بأس به، والحديث الأول يدل على أن الذي وقته عمر -رضي الله عنه-، والثاني يدل على أن الذي وقته هو النبي -عليه الصلاة والسلام-، يقول المجد ابن تيمية في المنتقى: "والنص بتوقيت ذات عرق ليس في القوة كغيره" يعني النص المرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- ليس في القوة كغيره "فليس ببدع وقوع اجتهاد عمر -رضي الله عنه- على وفقه" ليس في القوة كغيره فإن ثبت فليس ببدع وقوع اجتهاد عمر -رضي الله عنه- على وفقه، فإنه كان موفقاً للصواب، وكأن عمر -رضي الله عنه- لم يبلغه الحديث فاجتهد بما وافق النص، ثم انعقد الإجماع على ذلك، يعني إن ثبت فقد يخفى النص على عمر -رضي الله عنه-، خفيت عليه نصوص على جلالته وعظم قدره ومنزلته، ويكون اجتهد فوافق اجتهاده النص، هذا إن ثبت وإن لم يثبت النص المرفوع فيكفينا اجتهاد عمر -رضي الله عنه-؛ لأنه من الخلفاء الراشدين الذين أمرنا بالاستنان بسنتهم، والعض عليها بالنواجذ، ثم انعقد الإجماع على ذلك روى أحمد وأبو داود والترمذي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- وقت لأهل المشرق العقيق، لكنه ضعيف، في سنده يزيد بن أبي زياد، قد تكلم فيه غير واحد من أهل العلم، وهذه المواقيت لأهل تلك الجهات كما في الحديث: ((هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)) فيشمل العراقي مثلاً إذا مر على قرن، ويشمل الشامي إذا مر على ذي الحليفة، فإذا مر الشامي مثلاً على ذي الحليفة يلزمه الإحرام منه، والعراقي إذا مر بقرن المنازل لزمه الإحرام منه؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)) عندنا جملتان: ((هن لهن)) هذا هو الأصل أن هذه المواقيت لهذه الجهات، الجملة الثانية: ((ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)) الإشكال يمكن تصوره في عراقي مر على ميقاته فتجاوزه، وقال: أُحرم من ميقات دونه هو أقرب منه إلى مكة، أو شامي مر بذي الحليفة وقال: أتجاوزه إلى ميقاتنا أقرب إلى مكة، مقتضى قوله: ((هن لهن)) أنه يسوغ له ذلك؛ لأنه من أهل تلك الجهة التي حدد لها هذا المكان، ومقتضى الجملة الثانية أنه لا يسوغ له أن يتجاوز الميقات الذي مر عليه أولاً بدون إحرام، فإذا مر الشامي بذي الحليفة وتجاوزه إلى الجحفة قال: أريد أن أحرم من ميقاتنا الذي حدد لنا بدلاً من أن أحرم أربعمائة كيلو أحرم سبعين ثمانين مائة كيلو أيسر، لا شك أن هذه أيسر له، لا سيما إذا كان الجو بارد، هل يسوغ له ذلك؟ مقتضى الجملة الأولى يسوغ له ذلك، وعلى مقتضى الجملة الثانية أنه لا يجوز له أن يتجاوز الميقات الذي مر به دون إحرام، والجمهور يلزمونه بدم في مثل هذه الصورة؛ لأنه تجاوز الميقات دون إحرام، فإذا مر على غير ميقاته فهو الميقات بالنسبة له؛ لأن هذه المواقيت حددت لأهل تلك الجهات ومن مر بها، فهي ميقاته في الحقيقة، والإمام مالك -رحمه الله تعالى- يسوغ له ذلك، وإن كان الأولى عنده أن يحرم من ذي الحليفة.

شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- يميل إلى رأي مالك، وأنه ما دام أحرم مما حدد له شرعاً فلا داعي لتكليفه أكثر من ذلك، الشرع حدد له ووقت له وهو متصف بهذا الوصف، وهو من أهل الشام أحرم من الجحفة والنص قال: "ولأهل الشام الجحفة" نعم، فعلى رأي مالك لا يلزمه شيء، وهو اختيار الشيخ -رحمه الله-، وهذه المواقيت عينت لأهل تلك الجهات قبل أن تفتح، غالبها لم يفتح، وفي هذا علم من أعلام النبوة، ومعجزة من معجزاته -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن توقيتها يدل على أنها سوف تفتح، ويحج أهلها، ويصيرون مسلمين بعد أن كانوا كفاراً.

ثم قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: "ومن حج من أهل مكة فمنها وعمرته من الحل" تقدم في الخبر أن من كان دون المواقيت فإنه يحرم من حيث أنشأ، حتى أهل مكة يحرمون من مكة، وهذا دال على أن أهل مكة يحرمون منها، ولا يلزمهم أن يخرجوا إلى الميقات ولا إلى الحل، وأن مكة ميقاتهم سواء كانوا من أهلها أو من المجاورين أو الواردين إليها، فمقتضى النص أنهم يحرمون من مكة، ويستوي في ذلك الحج والعمرة، هذا ظاهر اللفظ، فالنص شامل للحج والعمرة، ورجحه الصنعاني، قال في العمرة: لا يلزم الخروج إلى الحل من مكة؛ لأن أهل مكة حتى أهل مكة من مكة.

قول المؤلف: "وعمرته من الحل" أما بالنسبة للحج فلا إشكال؛ لأنهم يشترطون أن يجمع في النسك بين الحل والحرم، وفي الحج يحرم من الحرم من مكة؛ لأنه سوف يخرج إلى الحل متى؟ إلى عرفة، لكن إذا أحرم من الحرم في العمرة هل يتسنى له الجمع بين الحل والحرم؟ لن يتسنى له ذلك، النص عرفنا أن ظاهره يشمل الحج والعمرة، إذاً ما حجة المؤلف في قوله: "وعمرته من الحل" دليله أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن يخرج بعائشة إلى التنعيم، ولو كان الإحرام من مكة مجزئاً للعمرة لما أمره بذلك، ولما تحمل مشقة الانتظار بأصحابه، فدل على أن المراد بالحديث الإحرام للحج، وأما العمرة فمن أدنى الحل كما قال المؤلف -رحمه الله تعالى- ليجمع في إحرامه بين الحل والحرم، وهو قول جمهور أهل العلم، بهذا قال جمهور أهل العلم، حتى قال المحب الطبري: لا أعلم أحد جعل مكة ميقاتاً للعمرة" المحب الطبري يقول: لا أعلم أحد جعل مكة ميقاتاً للعمرة، وقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ممن أراد الحج والعمرة)) دليل على أنه لا يلزم الإحرام من لم يرد الحج والعمرة كالتجارة مثلاً، وهو رواية عن أحمد، وظاهر مذهب الشافعي والمشهور في المذهب أنه لا يحل لحر مسلم مكلف أراد مكة أو الحرم أن يتجاوز الميقات بلا إحرام إلا لقتال مباح أو خوف أو حاجة تكرر كحطاب ونحوه، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك؛ لأنه لم ينقل عن أحد من الصحابة أنه تجاوزوا بغير إحرام، لكن مفهوم الحديث، مفهوم قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ممن أراد الحج والعمرة)) مفهومه ظاهر في الدلالة على أنه لا يلزم الإحرام إلا بالنسبة لمن أراد الحج والعمرة، وأن الذي لم يرد الحج والعمرة فإنه لا يلزمه الإحرام من هذه المواقيت، ويؤيده البراءة الأصلية.

إذا عرفنا أنه لا يجوز تجاوز المواقيت بغير إحرام لمن أراد الحج والعمرة فما حكم الإحرام قبل الميقات؟ إذا كان تجاوز الميقات بغير إحرام لا يجوز، وأن من تجاوزه عليه أن يفدي، تجاوز الميقات بغير إحرام وقد أراد الحج والعمرة إما أن يرجع إلى الميقات فيحرم منه أو يفدي، فما حكم الإحرام قبله، قبل الميقات، صرح جمع بكراهته؛ لما روى الحسن أن عمران بن حصين أحرم من مصر فبلغ عمر فغضب، وقال: "يتسامع الناس أن رجلاً من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أحرم من مصره" رواه سعيد والأثرم، وكره عثمان أن يحرم من خراسان أو كرمان، وهذا علقه البخاري عن عثمان، وترجم الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- بقوله: "باب: ميقات أهل المدينة ولا يهلون قبل ذي الحليفة" ولم ينقل عن أحد ممن حج مع النبي -عليه الصلاة والسلام- أن أحرم قبل ذي الحليفة، ولولا تعين الميقات لبادروا إليه قاله الحافظ.

ابن المنذر وغيره نقلوا الإجماع على الجواز، ولولا هذا الإجماع لكان تعدي المقدرات الشرعية لا يكفي أن يقال فيه بالكراهة، لا سيما في العبادات؛ لأن الذي يفعل أكثر مما حد له شرعاً ويزيد على ما قدر له شرعاً يدخل في حيز البدعة، فلولا مثل هذا الإجماع الذي ذكره ابن المنذر وغيره لما كفى القول بكراهته، لكن قال الحافظ: "وفيه نظر" فقد نقل عن إسحاق وداود وغيرهما عدم الجواز، ويؤيده القياس على الميقات الزماني فقد أجمعوا على أنه لا يجوز التقدم عليه، وذهب طائفة كالحنفية وبعض الشافعية إلى ترجيح التقدم، يقول الصنعاني: لولا ما قيل من الإجماع بجواز ذلك لقلنا بتحريمه لأدلة التوقيت؛ ولأن الزيادة على المقدرات من المشروعات كأعداد الصلوات، ورمي الجمار لا تشرع كالنقص منها، لا يكفي أن يقول: لا تشرع، إذا زاد عما حد له مما لا يتعدى نفعه، وتظهر علته لا شك أنه مبتدع، يحرم أن يزيد في أعداد الصلوات، يحرم عليه أن يزيد في عدد الجمار قصداً مع علمه وتيقنه من العدد المشروع، لكن إذا كان الزيادة في القدر المحدد شرعاً مما يتعدى نفعه، شخص وجب عليه في الزكاة ألف ريال وأخرج ألفين يجوز وإلا ما يجوز؟ يجوز له ذلك، نفعه ظاهر وعلته ظاهرة.

يقول: "وإنما لم نجزم بتحريم ذلك لما ذكرنا من الإجماع؛ ولأنه قد روي عن عدة من الصحابة أنهم تقدموا أو قدموا الإحرام عن الميقات، فأحرم ابن عمر من بيت المقدس، وأحرم أنس من العقيق، وأحرم ابن عباس من الشام، وأهل عمران بن حصين من البصرة، وأهل ابن مسعود من القادسية" هذه نقلت عن الصحابة بعضها يثبت وبعضها لا يثبت، وورد في تفسير الآية {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [(196) سورة البقرة] أن الحج والعمرة تمامها أن تحرم بهما من دويرة أهلك عن علي وابن مسعود -رضي الله عنهما-، وإن كان قد تؤول أن مرادهما بأن ينشئ لهما سفراً من دويرة أهله، ويدل لهذا التأويل أن علي -رضي الله عنه- لم يفعل ذلك ولا أحد من الخلفاء الراشدين، ولم يحرموا بحج ولا عمرة إلا من الميقات، بل لم يفعله -صلى الله عليه وسلم- فكيف يكون ذلك تمام الحج والعمرة؟! لو قد أن شخصاً أراد أن يحج من الرياض مثلاً ولبس الثياب -ثياب الإحرام- من بيته هل نقول: إنه أحرم قبل الميقات؟ لم يحرم قبل الميقات، نعم تأهب للإحرام لكنه لم يعقد نية الإحرام؛ لأن معنى الإحرام نية الدخول في النسك.

يحصل إشكال كبير ممن يلبس الإحرام وهو في المدينة، ثم يأتي للصلاة في المسجد النبوي وعليه ثياب الإحرام وهذا شاهدناه وشاهده غيرنا، ثم يزور ويسلم على النبي -عليه الصلاة والسلام-، هذا يوقع في إشكال كبير؛ لأن بعض الجهال قد يظن أن الزيارة تحتاج إلى إحرام، فمثل هذا ينبغي أن يمنع، مثل هذا الذي يوقع في حرج، يوقع في مخالفة ظاهرة ومع تقادم العهد وبعد الناس عن العلم الشرعي يعني لن يعدم من يقول: كنا نرى الناس يحرمون لزيارة النبي -عليه الصلاة والسلام- في عهد فلان وفلان من كبار أهل العلم وما أنكروا، فمثل هذا ينبغي أن يمنع، وإن كان المسألة المتجه كراهتها فقط عند أهل العلم لما ذكر من الإجماع، لكن إذا أوقع في حرج، أو فيما لا يسوغ مثلما ذكرنا من زيارة النبي -عليه الصلاة والسلام- والصلاة في مسجده هذا لا شك أنه يلبس على الناس، قد يكون في وقت من الأوقات العلم موجود والعلماء موجودون ولا يتصور مثلاً أن يشك أحد أن هذا ليس من أجل زيارة المسجد أو زيارة النبي -عليه الصلاة والسلام-، يعني مثلما وجد من الجري على أرصفة المقابر والدوران عليها، الأصل أن مثل هذا لا باس به لا سيما إذا ترتبت عليه مصلحة صحية مثلاً، إذا نصح الإنسان بأن يمشي في اليوم كذا كيلو لا مانع أن يمشي لكن يبحث عن مكان آخر غير المقبرة؛ لأنه إذا دار على المقبرة مرة مرتين خمس عشر ورآه الناس، وداروا معه كما هو الحاصل وإن كانت خفت الآن في مقابر النسيم أبداً ميدان للجري، وكان قبل مدة أكثر من هذا لكن الحمد لله حصل شيء من التنبيه والمنع، قلنا في وقته أنه لن يعدم في وقت من الأوقات بعد سنين متطاولة عشر سنين عشرين سنة أن يقال: كان الناس يطوفون على المقابر في عهد ابن باز ولا أنكر عليهم، فإذا أوقع الفعل المباح في إشكال فينبغي أن يمنع لهذا.

يقول الصنعاني: الإحرام من بيت المقدس بخصوصه ورد فيه حديث أم سلمة قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من أهل من المسجد الأقصى بعمرة أو حجة غفر ما تقدم من ذنبه)) والحديث مخرج في المسند، وهو عند أبي داود وابن ماجه، فيكون هذا مخصوصاً ببيت المقدس، يكون الإحرام منه خاصة أفضل من الإحرام من المواقيت، ويدل له إحرام ابن عمر منه، ولم يفعل ذلك من المدينة، ابن عمر ما أحرم من بيته في المدينة أحرم من بيت المقدس نعم، على أن من أهل العلم من ضعف هذا الحديث، ومنهم من تأوله بأن المراد أن ينشأ لهما السفر من هنالك، ينشأ السفر للحج والعمرة من بيت المقدس، فيكون المراد بقوله: ((من أهل من المسجد الأقصى بعمرة أو حجة غفر له ما تقدم من ذنبه)) وإن كان خلاف الظاهر؛ لأن معنى أهل لبى بالحج والعمرة، ولا يلبي إلا إذا عقد النية، يكون معنى قوله: ((أهل)) أنشأ السفر من المسجد الأقصى للحج والعمرة، ويكون حينئذٍ موافق لغيره من النصوص، على أن من أهل العلم من ضعفه، وهو قابل للتحسين، في شيء عاجل؟

يقول: "وأشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة"

يقول: ماذا عن وادي محرم الذي يحرم منه أهل الطائف؟

أجب.

طالب: عادي.

ما في إشكال هو محاذي لقرن.

يقول -رحمه الله تعالى-: "وأشهر الحج شوال وذي القعدة وعشر من ذي الحجة" وهذا مذهب جمهور أهل العلم، وبه قال جمع من الصحابة منهم عمر وعلي وابن مسعود وابن الزبير وابن عباس -رضي الله عنهم-، وقيل: وتسع من ذي الحجة، وهو قول في مذهب الشافعي، وقال مالك: "ذي الحجة جميعه من أشهر الحج"   {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} [(197) سورة البقرة] أشهر وأقل الجمع عند الجمهور ثلاثة فكيف قال الجمهور بأن أشهر الحج شهران وبعض الثالث عشر من الثالث؟ ومالك -رحمه الله تعالى- أخذ بظاهر اللفظ وقال: الأشهر ثلاثة أقل الجمع، فيكون ذو الحجة كاملاً من أشهر الحج، الآن هل هناك فائدة لمثل هذا الخلاف؟

طالب:........

من يقول: إن أشهر الحج عشر من ذي الحجة إضافة إلى شوال وذي القعدة هل معنى هذا إذا انتهى العاشر انتهى الحج، ولا ارتباط للحاج بشيء من المناسك؟ لا، ما يقول به أحد، فالمبيت والرمي باقي الحادي عشر والثاني عشر، نعم؟ لا يقولون بهذا، ومن يقول بأن الشهر الثالث كامل من أشهر الحج هل معنى هذا أنه يقول: يستمر الرمي إلى آخر الشهر أو المبيت إلى أخر الشهر أو الوقوف وغير ذلك، هل يقول بهذا؟ لا يقول، إذاً ما فائدة الخلاف؟

ابن هبيرة يقول: ليس للخلاف فائدة تخصه، ليس للخلاف فائدة حكمية تترتب عليه إلا أن بعضهم أوجد بعض الفوائد الناشئة عن هذا الخلاف، فعند من يقول: إن طوائف الإفاضة لا يجوز تأخيره عن أشهر الحج، وعند مالك يسوغ له أن يؤخره إلى آخر الشهر، وعند من يقول بأن آخر أشهر الحج العشر من ذي الحجة لا يسوغ له أن يؤخره، مع أن الجمهور يسوغون تأخيره، وأنه لا حد له على ما سيأتي، عند الشافعي فائدة الخلاف جواز الإحرام فيها لا سيما على القول بأن أشهر الحج إضافة إلى الشهرين الكاملين تسع من ذي الحجة، فائدة الخلاف بالنسبة له أنه يسوغ الإحرام في شوال والقعدة والتسع من ذي الحجة، عند الحنابلة وعند الحنفية تظهر فائدة الخلاف بالحنث، فلو حلف أن يصوم ثلاثة من أيام الحج أو من أشهر الحج فإنه إذا غابت الشمس يوم العاشر من ذي الحج يحنث عند الجمهور إذا لم يصم قبل ذلك، وعند المالكية لا يحنث حتى يخرج الشهر الثالث كامل.

يقول الحافظ ابن حجر: اختلف العلماء في اعتبار هذه الأشهر هل هي على الشرط أم على الاستحباب؟ فقد قال ابن عمر وابن عباس وجابر وغيره من الصحابة والتابعين هو شرط، فلا يصح الإحرام بالحج إلا فيها، وهو قول الشافعي قياساً على أوقات الصلاة.

وقيل يكره أن يحرم قبل أشهر الحج وينعقد، قال في الشرح الكبير بغير خلاف علمناه، يكره أن يحرم قبل أشهر الحج وينعقد، لو أحرم في رمضان بالحج انعقد على هذا، وعلى قول الشافعي ومن ذكر من الصحابة والتابعين لا ينعقد، ينعقد عمرة لا ينعقد حج، لكن الإشكال في قول صاحب الشرح بغير خلاف علمناه، وهذا يصلح أن يكون مثالاً لما ذكرناه سابقاً من أن العالم قد ينفي الخلاف على حد علمه مع أن الخلاف مشهور وظاهر.

لقول ابن عباس: من السنة ألا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج علقه البخاري عنه، وهو مذهب أبو حنيفة ومالك، الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- رجح أن ظاهر قوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} [(197) سورة البقرة] أن الحج لا ينعقد إلا في هذه الأشهر، كما في قوله تعالى: {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} [(103) سورة النساء] وحينئذٍ إذ أحرم بالحج قبل شوال فإنه لا ينعقد حجاً وإنما ينعقد عمرة، نعم.

سم.

باب: الإحرام  نية النسك:

سن لمريده غسل أو تيمم لعدم وتنظف وتطيب وتجرد من مخيط في إزار ورداء أبيضين، وإحرام عقب ركعتين، ونيته شرط، ويستحب قول اللهم.....

ويستحب قوله.

ويستحب قول...

قوله.

قول.

لا بأس، لا بأس، يجوز، ما يخالف.

"ويستحب قول: اللهم إني أريد نسك كذا فيسره لي، وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني"

يكفي، يكفي.

يقول -رحمه الله تعالى-:

"باب: الإحرام" الإحرام مصدر أحرم يحرم أي دخل في الإحرام كأنجد وأتهم وأظلم، إذا دخل في نجد أو تهامة أو الظلام، وأحرم في الصلاة أي كبر للإحرام، وأحرم بالنسك أي دخل في النسك؛ لأنه يحرم على نفسه ما كان مباحاً له قبل الإحرام من النكاح والطيب ونحوهما.

يقول -رحمه الله تعالى-: "نية النسك" هذا تعريف الإحرام شرعاً، الإحرام: نية الدخول في النسك، لا نية أن يحج ويعتمر، إذا نوى الشخص أن يحج هذه السنة أو يعتمر في الشهر الفلاني لا يكفيه هذا، إذا لم ينوِ الدخول في النسك فيباشر الدخول في النسك، فالنية لا أثر لها حينئذٍ، لو شخص سافر من الرياض إلى مكة مريداً الحج لكن لما وصل الطائف رجع عدل، لا أريد الحج هذه السنة، سمع أن عدد الحجاج كبير، قال: أنا لا أطيق الزحام فأرجع، له أن يرجع؛ لأنه لم يدخل في النسك، لكن إذا وصل الميقات ونوى الدخول في النسك يلزمه الإتمام، فلا تكفي نية أن يحج أو يعتمر؛ لأن ذلك لا يسمى إحراماً، وكذا التجرد من المخيط، لو تجرد من المخيط في الرياض مثلاً وركب الطائرة يريد الحج لكنه قبل الوصول إلى الميقات ما عقد النية، ورجع في الطائرة التي تليها إلى الرياض لا شيء عليه؛ لأنه بمجرد التجرد من المخيط لا يعني أن دخل في الإحرام، وكذلك سائر اجتناب المحظورات، ولا بعث الهدي؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يبعث الهادي ولا يمتنع مما يمتنع عنه المحرم، فلا يصير محرم بترك المحظورات عند عدم النية، فذات الإحرام مع النية وجوداً وعدماً، فيوجد الإحرام ولو ارتكب المحظورات، فإذا نوى الدخول في النسك ولو عليه ثيابه، خلاص صار محرماً، ولو ارتكب ما ارتكب من المحظورات يصير محرماً، ما لم يبطل هذا الإحرام بجماع قبل التحلل، أو على ما سيأتي تفصيله -إن شاء الله تعالى-.

يقول شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-: "ولا يكون الرجل محرماً بمجرد ما في قلبه من قصد الحج ونيته، فإن القصد ما زال في القلب منذ خرج من بلده، بل لا بد من قول أو عمل يصير به محرماً".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "سن لمريده غسل أو تيمم لعدم، وتنظف وتطيب وتجرد من مخيط" قوله: سن لمريد الدخول في النسك، يعني من ذكر أو أنثى صغير أو كبير، سن لمريد يعني كل من يريد الدخول في النسك سواء كان صغيراً أو كبيراً، ذكراً كان أو أنثى أن يغتسل، ولو كان المريد للنسك حائضاً أو نفساء فإنه يسن له أن يغتسل؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر أسماء بنت عميس أن تغتسل وهي نفساء، في صحيح مسلم في حديث جابر الطويل، وأمر عائشة أن تغتسل لإهلال الحج وهي حائض متفق عليه، فغيرهما من باب أولى.

روى الترمذي وغيره أن النبي -عليه الصلاة والسلام- تجرد لإهلاله واغتسل، الحكمة فيه التنظف والتطيب، والتنظف وقطع الرائحة الكريهة إن وجدت، وتخفيف النجاسة، وبسنية الاغتسال للإحرام قال جماهير أهل العلم، وبوجوبه قالت الظاهرية؛ لأن عائشة أمرت بالاغتسال وأسماء بنت عميس أمرت بالاغتسال وهي نفساء، فإذا أمرت الحائض والنفساء بالاغتسال فغيرهما من باب أولى.

قوله: "أو تيمم لعدم" أي عدم الماء أو تعذر استعماله لنحو مرض، وقيل: لا يستحب التيمم لعدم الماء لعدم وروده، وانتفاء العلة التي هي التنظف، وقطع الرائحة الكريهة، واختاره الموفق والشارح وصوبه في الإنصاف، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى ما هو أعم من ذلك -رحمه الله تعالى-، ذهب إلى أن الطهارة المستحبة إذا تعذر فيها استعمال الماء فإنه لا يتيمم لها، يعني من أراد تجديد الوضوء فما وجد ماء يتيمم؟ شيخ الإسلام ما يتيمم -رحمه الله-؛ لأن الله -عز وجل- إنما شرع التيمم لطهارة حدث، فلا يقاس عليه غير الحدث، وذلكم لأن العبادات لا قياس فيها، ولم يرد عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه تيمم للإحرام، قوله: "وتنظف" أي ويسن له أيضاً التنظف بأخذ شعر وظفر وقطع رائحة كريهة لئلا يحتاج إليه في إحرامه فلا يتمكن منه؛ لأن الإحرام يمنع من ذلك، يقول الشيخ شيخ الإسلام -رحمه الله-: إن احتاج إليه فعل، يعني ما يلزم كل من أراد الإحرام أن يزيل الأظافر، يزيل الشعر، إن كانت الحاجة قائمة إلى ذلك فعل وإلا فلا داعي لذلك، يعني ليس من مسنونات الإحرام، لا ينبغي أن يربط بالإحرام، يعني إن احتيج إليه سواء كان مريداً للإحرام أو لغيره يفعل، إن احتاج إليه فعل وليس من خصائص الإحرام، ولم يكن له ذكر فيما نقله الصحابة، لكنه مشروع بحسب الحاجة، قوله: "وتطيب" لقول عائشة -رضي الله عنها-: "كنت أطيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لإحرامه قبل أن يحرم" رواه البخاري، والمراد بذلك الطيب في البدن، يكره تطيب الثوب وإذا طيبه يجوز له أن يلبسه قبل أن يعقد الإحرام، لكن أطلق بعضهم الكراهة، وقال بعضهم: لا يجوز لبسه إذا طيبه؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((لا تلبسوا ثوباً مسه الزعفران ولا الورس)) فنهى أن يلبس الثوب المطيب وهذا هو الصحيح، وإذا انتقل الطيب بنفسه أو بعرق أو سال من أثر حر أو ما أشبه ذلك فلا شيء عليه، لا إن نقله بنفسه إلى موضع أخر فإنه ارتكب محظوراً حينئذٍ.

قوله: "وتجرد من مخيط" أي يسن لمن أراد الإحرام أن يتجرد من المخيط، نعم؟

طالب:........

الأصل أن النساء شقائق الرجال، لكن المرأة عرضة لأن تبرز إلى الرجال، ولا يجوز لها حينئذٍ أن تمس طيباً إذا غلب على الظن وجود رجال يشمون هذا الطيب؛ لما ورد في ذلك من الوعيد الشديد، فالأولى بالمرأة ألا تمس الطيب، وإلا فالأصل أن التشريع للرجال والنساء عام "يسن لمن أراد الإحرام أن يتجرد من المخيط" كيف يسن لمن أراد الإحرام أن يتجرد من المخيط؟ وهو يحرم على المحرم لبس المخيط من محظورات الإحرام؟ فكيف يقول المؤلف: "يسن لمريده -إلى أن قال-: "وتجرد من مخيط" يعني أن التجرد من المخيط سنة.

طالب:.......

نعم؟

طالب:.......عام لما أمر به الشرع؛ لأنه سنه النبي -صلى الله عليه وسلم-.....

لا، الفقهاء ما يقولون بهذا، الفقهاء إذا قالوا: سنة، يعني سنة عندهم، لا يرتقي إلى درجة الواجب، نعم؟

طالب:.......

قبل نية الدخول في النسك يعني يتأهب للإحرام بالتجرد، يسنه له ذلك وإلا فالأصل أنه ما يجتنب المحظورات إلا إذا نوى، والمخيط المقصود به كل ما يخاط على قدر الملبوس كالقميص والسراويل؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- تجرد لإهلاله، رواه الترمذي وغيره، والمراد بذلك الرجل دون المرأة، التجرد من المخيط حال الإحرام واجب؛ لأن لبس المخيط بالنسبة للرجل حرام على المحرم، فالسنية عند قبل إرادة الدخول في النسك، أما مع إرادة الدخول في النسك أو بعد إرادة الدخول فلا يجوز له أن يلبس مخيطاً، فلا تعارض حينئذٍ.

يقول -رحمه الله تعالى-: "في إزار ورداء أبيضين، وإحرام عقب ركعتين" يسن لمريد الإحرام أن يحرم في إزار ورداء لحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- مرفوعاً: ((ليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين)) خرجه الإمام أحمد بسند صحيح.

قوله: "أبيضين" لأنها أفضل الثياب لحديث: ((البسوا من ثيابكم البياض فإنها أطيب وأطهر)) الحديث مخرج في السنن من حديث ابن عباس، وصححه الترمذي والنووي وغيرهما.

قوله: "وإحرام عقب ركعتين" أي نفلاً إن لم يصادف فريضة وفاقاً لأبي حنيفة، مسألة مهمة الإحرام عقب ركعتين، هاتان الركعتان سنة عند جمهور العلماء، بعض الناس من طلاب العلم إذا سمع أو قرأ لشيخ الإسلام أنه يقول بقول واعتمده أحد ممن يعتد به ظن أنه لا حظ له من النظر، لماذا؟ لأنه يظن أن هذا هو مجرد المذهب، والتمذهب والتقليد شيء مذموم مثل التشنيع على من لا يصلي في أوقات النهي، إذا دخل المسجد يظن أن هذا تقليد من ذوات الأسباب أمرها يختلف عن غيرها، فهذه المسألة أبو حنيفة يقول: بمشروعية صلاة ركعتين للإحرام، وابن بطال يقول: هو قول جمهور العلماء، وقال البغوي: عليه العمل عند أكثر العلماء، وذكر النووي استحبابه عند عامة العلماء، نعم شيخ الإسلام على العين والرأس.

إذا قالت حذام فصدقوها
جج

 

...................................

لكن ما يلزم أن يكون معصوم في كل ما يقول، قوله هو الراجح دائماً ما يلزم.

يقول الترمذي: والذي يستحبه أهل العلم أن يحرم دبر الصلاة، لا شك أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى بذي الحليفة ركعتين فريضة، ثم أهل بالحج حين فرغ منهما، اختار شيخ الإسلام الإحرام عقب فرض إن كان وقته وإلا فليس للحرام صلاة تخصه.

قال ابن القيم -رحمه الله-: لم ينقل عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه صلى للإحرام ركعتين غير فرض، يقول النووي في المجموع: يستحب أن يصلي ركعتين عند إرادة الإحرام، وهذه الصلاة مجمع على استحبابها.

قال القاضي حسين وغيره: لو كان في وقت فريضة فصلاها كفى عن ركعتي الإحرام كتحية المسجد تندرج في الفريضة، وفيما قالوه نظر، يعني الفريضة ما تكفي عن ركعتي الإحرام.

هذا القاضي يقول: وفيما قالوه نظر؟

قال القاضي حسين وغيره: لو كان في وقت فريضة فصلاها كفى عن ركعتي الإحرام كتحية المسجد تندرج في الفريضة فيما قالوه نظر، هذا كلام النووي؛ لأنها سنة مقصودة فينبغي ألا تندرج كسنة الصبح وغيرها، لا كلام النووي ولا كلام من يبدع من يصلي ركعتي الإحرام، ثبت الأمر بهذه الصلاة ففي صحيح البخاري من حديث ابن عباس أنه سمع عمر -رضي الله عنه- يقول: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- بوادي العقيق يقول: ((أتاني الليلة آتٍ من ربي فقال: صل في هذا الوادي المبارك)) أمر بالصلاة، ((صل في هذا الوادي المبارك)) هذا أمر بالصلاة، ((وقل)) يعني وأحرم، وأهل، يعني هذا أمر بالصلاة، والأمر يحتمل أن يكون للتأكيد، ويحتمل أن يكون للتأسيس كما يقول أهل العلم، هذا أمر بالصلاة ليكون الإحرام عقب صلاة نعم إذا كان هناك فريضة لا بأس، هذا أولى أن يصلي الفريضة ثم يحرم، إذا لم يكن هناك فريضة هل يتم امتثال الأمر بالصلاة التي تسبق الإحرام بغير صلاة؟ ما يتم، عند أهل العلم التأسيس أولى من التأكيد، يعني إذا قلنا: أن هذا أمر بصلاة الظهر مثلاً ((صل في هذا الوادي المبارك)) يعني صل صلاة الظهر، صلاة الظهر مأمور بها قبل هذا الأمر، المقرر عند أهل العلم أن التأسيس خير وأولى من التأكيد؛ لأننا حينئذٍ إذا قلنا: إنه مؤكد ألغينا الخبر عن الفائدة، صلاة الظهر مأمور بها بنصوص كثيرة، وعلى كل حال يعني من قال باستحباب ركعتي الإحرام له وجه، له حظ من النظر وهو قوي، أنا أقول هذا الكلام لئلا نبادر بتخطئة الناس، هؤلاء أئمة كبار، ليس من الأمر الهين السهل أن يقال: يقول شيخ الإسلام كذا وإذا قالت حذام.. إلى آخره، شيخ الإسلام على العين والرأس لكنه واحد من الأئمة الكبار المجتهدين وليس بالمعصوم، فمن صلى ركعتين للإحرام لا تثريب عليه، ومعه أصل، ومن صلاهما عقب فريضة فهو أولى، ومن ترك اقتداء بشيخ الإسلام ومن يقول بقوله فلا ضير -إن شاء الله تعالى-.

يقول -رحمه الله-: "ونيته شرط، ويستحب قوله: اللهم إني أريد نسك كذا فيسره لي، وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني" النية، أي نية الدخول في النسك شرط، فلا يصير محرماً إلا بالنية التي هي قصد الدخول في النسك، فلا يصير محرماً بمجرد التجرد أو التلبية لحديث: ((إنما الأعمال بالنيات)).

قال ابن رشد في بداية المجتهد: اتفقوا على أن الإحرام لا يكون إلا بنية، وقوله: "يستحب أن يقول: اللهم إني أريد" النطق بهذه العبارة لا دليل عليه، وهو كالنطق في غير الحج من العبادات كالصلاة والصوم وغيرهما مما نص أهل العلم على أنه بدعة، ويتم تعيين النسك المراد بقوله لبيك كذا، لبيك عمرة، لبيك حجاً وعمرة، لبيك حجاً.. إلى آخره.

قوله: "فيسره لي، وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني" هذا ما يسمى بالاشتراط هذا هو الاشتراط، والاشتراط محل خلاف بين أهل العلم، فالذي جرى عليه المؤلف أن كل حاج أو معتمر له أن يشترط، فالقول الأول: أنه سنة مطلقاً، وهو ما ذهب إليه المؤلف، والثاني: أنه ليس بسنة مطلقاً، والقول الثالث: وهو التفصيل أنه سنة لمن يخاف من المانع، أن يمنعه مانع من إتمام النسك من مرض أو عدو أو ضيق وقت وما أشبه ذلك.

حجة القول الأول أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أشار به على ضباعة بنت الزبير، وحمل الحديث على عمومه، وحجة الثاني أن هذا خاص بها، حيث لم يشترط -عليه الصلاة والسلام-، ولم يحفظ عن غيره أن اشترط، وحجة القول الثالث أنه خاص بها ومن يشابهها في العلة، حيث كانت شاكية، قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب بنت عم النبي -عليه الصلاة والسلام- قالت: "إني أريد الحج وأجدني شاكية" قال: ((حجي واشترطي، فإن لك علي ربك ما استثنيتِ)) نعم وإن خاف أن يحبس له أن يشترط، أو ينبغي له أن يشترك لئلا يشق على نفسه، وهذا الحديث في الصحيح –في صحيح البخاري- وإن نفى بعضهم وجوده فيه، البخاري يعني وضع هذا الحديث في غير مظنته، وضعه في كتاب إيش؟

طالب: النكاح.

النكاح.

طالب:........

نعم، وضع الحديث في كتاب النكاح، الذي يبحث عن هذا الحديث وهو اشتراط في الحج في كتاب الحج بطوله وعرضه والفوات والإحصار وغيره ما يجد شيء، فيجزم أن البخاري لم يخرج هذا الحديث، وقد وقع من بعض الكبار نفى أن يكون الحديث مخرج في الصحيح، البخاري -رحمه الله- بعض ملاحظه دقيقة جداً لأنه أشار في حديث أنها كانت تحت المقداد، وهو مولى وهي بنت عم النبي -عليه الصلاة والسلام-، فجعله في باب الأكفاء في النكاح، فمن كان في مثل وضعها استحب له أن يشترط على ما سيأتي في الفوات والإحصار، فمتى حبس من يسوغ له الاشتراط بمرض أو عدو أو ضل عن الطريق حل ولا شيء عليه إلا أن يكون معه هدي فيلزمه نحره فاستفاد باشتراطه شيئين، أحدهما: أنه إذا عاقه عائق فله التحلل، الثاني: أنه متى حل فلا دم عليه ولا صوم، وإن نوى الاشتراط ولم يتلفظ به يفيد وإلا ما يفيد؟ لأنه أمرها بأن تتلفظ بهذا الشرط.

مسألة: إذا خشي أن يمنع من الحج لعدم التصريح شخص ما معه تصريح حج، يقول: الناس خلال ها السنوات الماضية ما منعوا من الحج أنا بروح، ثم بعد ذلك قيل له: تراهم يمنعون، قال: أنا با اشترط، ينفع الاشتراط وإلا ما ينفعه؟ هو يغلب على ظنه أنه يمنع؟ ها ينفع وإلا ما ينفع؟

طالب:........

كيف؟

ها يا أشرف.

طالب: سم يا شيخ.

ينفع الاشتراط وإلا ما ينفع؟

طالب: يا شيخ الغالب على الظن المنع.

نعم؟

طالب: الأمر الثاني: أنه.....

ها؟

طالب:.......

زمن الحجاج، إيه إيه.

الأمر الثاني: أن هذا معمول به يعني مأمور به من قبل ولاة الأمر.

والله أعلم.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

طالب: يا شيخ.

ها؟

أقول: ما سمعنا الإجابة.

 

هم أجابوا الإخوان، قولوا: ينفع ينفع، نعم لأنه على المذهب المذهب ينفع مطلقاً، متى ما أراد أن يحل..، ما دام يشرع له الاشتراط مطلقاً فمثل هذا من باب أولى. 

"