شرح الموطأ - كتاب الصلاة في رمضان (2)

أحسن الله إليك:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لشيخنا واجزه عنا خير الجزاء.

عن مالكٍ عن يزيد بن رومان أنه قال: "كان الناس يقومون في زمان عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- في رمضان بثلاثٍ وعشرين ركعة".

عن مالكٍ عن داود بن الحصين أنه سمع الأعرج يقول: "ما أدركت الناس إلا وهم يلعنون الكفرة في رمضان، قال: "وكان القارئ يقرأ سورة البقرة في ثمان ركعات" فإذا قام بها في اثنتي عشرة ركعة رأى الناس أنه قد خفف".

عن مالكٍ عن عبد الله بن أبي بكرٍ قال: "سمعت أبي يقول: كنا ننصرف في رمضان فنستعجل الخدم في الطعام مخافة الفجر".

عن مالكٍ عن هشام بن عروة عن أبيه أن ذكوان أبا عمروٍ وكان عبدًا لعائشة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- فأعتقته عن دبرٍ منها كان يقوم يقرأ لها في رمضان".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب ما جاء في قيام رمضان، يسمى التراويح جمع ترويحة، وهو مأخوذ من الراحة؛ لأنهم كانوا يستريحون بين كل تسليمتين، وما ذلكم إلا لطول القيام، كما سيأتي في الخبر أنهم كانوا يعتمدون على العصي، ويقرؤون بالمئين، لا على نظير ما يصنعه بعض الناس اليوم، آية الدين تشكل عندهم مشكلة، تشكل مشكلة عندهم آية الدين، بعض الأئمة، يقرأها آية، آيتين، والله المستعان، إذًا ما فائدة الاستراحة بين كل تسليمتين؟

يقول: حدثني مالك عن بن شهابٍ عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القاري، نسبةً إلى القارة، أنه قال: "خرجت مع عمر بن الخطاب ليلةً في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع" جماعات متفرقون، نعت لفظي "يصلي الرجل لنفسه" يعني منفردًا "ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط" الجماعة اليسيرة من ثلاثة إلى عشرة، "فقال عمر -رضي الله تعالى عنه-: "والله إني لأراني" من الرأي "لو جمعت هؤلاء على قارئٍ واحد لكان أمثل" وهل يقال: إن الدين يدخله الرأي؟ أو هذا رأي من أمرنا بالاقتداء به، "لو جمعت هؤلاء على قارئٍ واحد لكان أمثل" يعني أحسن وأنشط لكثيرٍ من المصلين، بعض الناس مع الناس ينشط، بل هذا موجود عند كثير من الناس، ينشط إذا كان مع الناس، وهذه حجة كثير من النساء اللواتي يتناولن الموانع لنزول العادة، تقول: هي تنشط مع الناس تصلي مع الناس، ينشط لها، وتحرص على الخير، بخلاف ما لو قامت لوحدها، "فجمعهم على أُبَي بن كعب" أي جعله إمامًا لهم، واختاره لما جاء في بيان مزيته في القراءة، جاء: ((أقرأهم أُبَي)) قال –أي عبد الرحمن بن عبد القاري-: "ثم خرجت معه ليلةً أخرى، والناس يصلون بصلاة قارئهم" أي إمامهم، الناس يصلون وعمر خرج، دل على أن عمر لا يصلي معهم، إما مطلقًا أو في هذه الليلة على وجه الخصوص، لانشغاله بالأمور العامة، ولا يمنع أن يكون يصلي منفردًا، وبعض أهل العلم لا يصلي التراويح مع الناس في المسجد، لماذا؟ لأنه يريد أن يقوم بأكثر، يريد أن يطبق ما أثر عن النبي -عليه الصلاة والسلام- وعن صحابته وسلف الأمة، فهل هذا فاضل أو مفضول؟ هل الأولى أن يصلي مع الناس ويصلي مع الإمام حتى ينصرف ليكتب له قيام ليلة، أو ينفرد فيصلي في بيته ويحقق ما في نفسه من اقتداء؟

طالب:......

ينصرف قبل الإمام؟ ما ينصرف قبل الإمام، إذا صلى مع الإمام، يعني يصلي مع الإمام ويزيد في بيته ما شاء، هذا طيب لا شك؛ لكن لنعلم أن الجماعة سنة، يعني من سنة عمر -رضي الله عنه-، فإذا تمت الصلاة في هذه الليالي المباركة، قام رمضان إيمانًا واحتسابًا سواء كان منفردًا أو مع الجماعة تحقق له الثواب الموعود به -إن شاء الله تعالى- بشرطه، لكن ينبغي أن يلاحظ أمرًا وهو إن كان الشخص ممن ترتفع منزلته عن الاتهام بحيث يقال: مفرط، هذا ما يصلي، وأيضًا لا يترتب على صنيعه اقتداء من يقتدي به في ترك الصلاة؛ لأن بعض الناس يقول: لو فيها أجر صلى الشيخ، فإذا خلت المسألة عن ذلك فلا مانع من أن يصلي في بيته على ما يريده من كيفية، والله المستعان.

نأتي إلى الكلمة أو الجملة المشكلة، والناس يصلون في صلاة قارئهم فقال عمر: "نعمت البدعة هذه" يعني الصلاة في ليالي رمضان جماعة، "نعمت البدعة" البدعة في أصل اللغة: ما عمل على غير مثالٍ سابق، هذا في اللغة، وفي الشرع: ما عمل مما يتعبد به، ولم يسبق له أصل، ليس له أصل يدل على مشروعيته من الكتاب والسنة، فقول عمر ينطبق عليه التعريف اللغوي، عمل على غير مثالٍ سابق؟ أو هناك مثال سابق فعله النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ هذا إذًا ليس ببدعةٍ لغوية، هل ينطبق عليه التعريف الشرعي الاصطلاحي للبدعة: لم يسبق له شرعية من كتابٍ ولا سنة؟ أو سبق له شرعية؟ يعني ترك النبي -عليه الصلاة والسلام- للصلاة جماعة للتراويح، هل هو ترك نسخ أو ترك مصلحة خشية أن يفرض عليهم؟ يعني العلة منصوصة، ما في أحد استنبط علة، العلة منصوصة، فإذا زالت العلة زال الحكم، زال الترك، شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- يقول: المراد بالبدعة هنا البدعة اللغوية، الشاطبي وغيره يقول: مجاز، وقررنا أنها ليست بدعة لغوية؛ لأنها عملت على مثالٍ سبق، فعلها النبي -عليه الصلاة والسلام-، وليست ببدعةٍ شرعية؛ لوجود الأصل الشرعي من فعله -عليه الصلاة والسلام- وهو وإن كان متروكًا إلا أن الترك ليس نسخًا، وإنما خشية أن تفرض، إذا لم تكن بدعة لغوية ولا مجاز، فماذا تكون؟ كيف نوجه هذا اللفظ؟ كثير من المبتدعة يفعلون أشياء يتعبدون بها ويقولون: نعمت البدعة؛ لأن من البدع ما يمدح؛ لأن (نعم) مدح، ففي البدع ما يمدح، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((كل بدعةٍ ضلالة)) إذًا ليس في البدع ما يمدح، وعلى هذا التقسيم الذي يذكره بعضهم من بدع مستحسنة وبدع قبيحة هذا لا أصل له، أو تقسيم البدع إلى الأقسام الخمسة تبعًا للأحكام التكليفية، بدع واجبة، بدع مستحبة، بدع كذا، هذا لا أصل له؛ لأنه ليس في البدع ما يمدح، يعني ((كل بدعة ضلالة)) هذا حديث، إذًا كيف يقول عمر: "نعمت البدعة"؟

يعني هذا، ماذا يكون؟ التعبير من باب المشاكلة، ما معنى مشاكلة؟ مجانسة في التعبير، يأتي بكلامٍ من جنس ما يقترح عليه {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا}[(40) سورة الشورى] جزاء سيئة –الجناية سيئة- لكن معاقبة الجاني سيئة أم حسنة؟ إذًا تسميتها سيئة من باب المشاكلة، يقول الشاعر:

قالوا اقترح شيئًا نجد لك طبخه

 

 

قلت: اطبخوا لي جبةً وقميصا

 

مشاكلة، مجانسة في التعبير، فهل هناك من قال لعمر: هذه بدعة؟ ثم قال: "نعمت البدعة" ليجانس في التعبير، يعني لو عبد الرحمن هذا قال: "هذه بدعة"، قال: "نعمت البدعة" نقول: مجانسة في التعبير؛ لكن هل فيه أحد قال؟ نعم، كأنه افترض؛ ولذا في كتب البديع والمجانسة، من باب البديع يقولون: حقيقةً أو تقديرًا، يعني كأن عمر تصور أن الناس يقولون: هذه بدعة يا عمر، فقال: "نعمت البدعة" سبقه إلى ذلك، وهذه مجانسة، "والتي تنامون عنها" وهي الصلاة في آخر الليل "أفضل من التي تقومون إليها" لا شك أن الصلاة في آخر الليل مشهودة، وهي أفضل من الصلاة في آخر الليل بالنسبة لمن غلب على ظنه أنه يقوم في آخر الليل، أما من غلب على ظنه أنه لا يقوم آخر الليل فليعمل بوصية النبي -عليه الصلاة والسلام- لأبي هريرة، "وأن أوتر قبل أن أنام" هذا لمن يغلب على ظنه أنه لا يقوم في آخر الليل، أما من غلب على ظنه أنه يقوم آخر الليل فمثل هذا صلاة آخر الليل أفضل، ولا يضحك على نفسه، يقول: أقوم آخر الليل وهو لم يعمل الأسباب، ولم ينفِ الموانع، يسهر جلّ الليل ثم يقول: أريد أن أقوم آخر الليل، على كل حال على الإنسان أن يعمل الاحتياطات للواجبات والمندوبات، "وكان الناس يقومون أوله".

حدثني عن مالك عن محمد بن يوسف الكندي المدني عن السائب بن يزيد أنه قال: "أمر عمر بن الخطاب أُبَي بن كعب وتميم الداري، قالوا: يرويه يحيى الديِري، أو الديْري، ويرويه الأكثر الداري، والذي بين أيدينا رواية يحيى: الداري، يعني موافقةً لرواية الأكثر، "أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة"؛ اقتداءً بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، كما في حديث عائشة، وأنه -عليه الصلاة والسلام- ما زاد في رمضان ولا في غيره عن إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعًا مثلًا يعني فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يوتر بثلاث، قال السائل: فقد كان القاري يقرأ بالمئين، المئين، مئات الآيات، حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام، النبي -عليه الصلاة والسلام- قام حتى تفطرت قدماه، طيب: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[(78) سورة الحـج] نقول: لا يا أخي، بعض الناس يترك الواجبات بناءً على أن الدين يسر، نقول: لا يا أخي، الدين يسر لكنه تكاليف، تكاليف توعّد على تركها بالنار، نسأل الله العافية، وهذا لا شك أنه من باب الشكر لله -عز وجل-، ومن باب تسديد النقص في الواجبات، حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام، وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر، أو بزوغ الفجر، يعني طلوع الفجر، أو قربه، قرب طلوع الفجر، وسيأتي أنهم يبتدرون الوقت بالسحور، على ما سيأتي، هنا في هذه الرواية أمرهما أن يقوما بإحدى عشرة ركعة.

وحدثني عن مالك عن يزيد بن رومان المدني أنه قال: كثر الناس، أو كان الناس يقومون في زمان عمر بن الخطاب في رمضان بثلاثٍ وعشرين ركعة، الرواية الأولى موافقة لفعله -عليه الصلاة والسلام-، والثانية: بثلاث وعشرين ركعة مخالفة لما جاء عن عائشة -رضي الله عنها-، ألا يمكن الجمع بينهما؟ الرواية الأولى يقرأ بالمئين، ويعتمدون على العصي، كأن هذا خيار ثان، يعني لمن لا يطيق طول القيام يكثر من عدد الركعات، ويسنده حديث: ((صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح فليصل واحدة توتر له ما قد صلى)) فالعمل بهذا وهذا كله جائز، وكله من السنة، فإن أراد أن يطيل القراءة يقلل عدد الركعات، وإن أراد أن لا يطيل القراءة ولا يتحمل طول القراءة يكثر عدد الركعات، والخلاف بين أهل العلم في الأمرين، أفضل: طول القيام أم كثرة السجود؟ ((أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد)) وطول القيام هو القنوت، أفضل الصلاة طول القيام، ذكر القيام الذي هو القراءة أفضل من ذكر الركوع والسجود؛ لكن فعل السجود أفضل من نفس القيام؛ ولذا بعضهم يقول: هما سيّان، فكأنهم شقّ عليهم أن يقرأ بالمئين ويعتمدون على العصي فأوجد لهم خيارًا آخر، فيصلون ثلاث وعشرين ويخففون القراءة.

والآن بعض الناس يتمسك بالعدد ويهمل الكيفية، يتمسك بالكمية ويهمل الكيفية، نقول: لا يا أخي، إما أن تعمل بما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- بكيفيته وكميته أو تلجأ إلى الخيار الثاني وكلاهما خير وفضل -إن شاء الله تعالى-.

وحدثني عن مالك عن داود بن الحصين أنه سمع الأعرج يقول: "ما أدركت الناس -يعني من الصحابة والتابعين، أدرك جمع من الصحابة ومن التابعين- إلا وهم يلعنون الكفرة في رمضان في قنوت الوتر، وقد دعا النبي -عليه الصلاة والسلام- على رعل وذكوان وبني لحيان، وفيه إباحة لعن الكفرة، سواء كان لهم ذمة أو لا ذمة لهم، غضبًا لله -عز وجل-، لا سيما المؤذي منهم، لا سيما من آذى المسلمين منهم، والله المستعان، إذا نظرنا إلى سبب نزول قوله -جل وعلا-: "ليس لك من الأمر شيء"، لما خص النبي عليه الصلاة والسلام بعض الناس باللعن، اللهم العن فلان وفلان نزل قوله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذَّبَهُمْ}[(128) سورة آل عمران] المقصود أن التخصيص محل خلاف بين أهل العلم، منهم من يقول: أن الآية خاصة بالنهي عن لعن هؤلاء لما علم الله منهم أنهم يسلمون، ويبقى لعن من آذى بعينه، وهو قول معتبر عند أهل العلم، ومنهم من يقول: لا داعي للتخصيص، وإذا لُعن الجنس يشمل الجميع، ويبقى أن المسألة أيضًا إذا ترتب عليها مفسدة، الكفار والأعداء غافلون فأنت تنبهم على نفسك بمثل هذا، ولك مندوحة في أن تدعو عليهم في السجود، تدعو عليهم في مواطن الإجابة الأخرى، له أيضًا حظ من النظر، والمسألة مسألة مصالح ودرء مفاسد، وإذا نهينا عن أن نسب الأصنام والمعبودات خشيةً من سبهم لله -جل وعلا- فمثل هذا يضطرد في مثل هذا {وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ}[(108) سورة الأنعام] لكن الأصل الجواز، لكن قد يقول قائل: كيف نلعن الكفرة ونلعن اليهود والنصارى، ومنهم من يكتب الله له أنه يسلم؟ بل الإرادة الكونية أننا إذا دعونا بهلاكهم وبقاؤهم محتوم للإرادة الكونية، نقول: لا تعارض بين الإرادتين، نحن ندور مع الإرادة الشرعية، بغض النظر عن الإرادة الكونية، الله -سبحانه وتعالى- يفعل ما يشاء، كما أننا ندعو لعموم المسلمين بالمغفرة والرحمة وإن كان فيهم من يدخل النار ويعذب، فنحن مأمورون بالدعاء على الكفار غضبًا لله -عز وجل-، ونحن مأمورون بالدعاء للمسلمين، وهذا من حقوق المسلم على أخيه، وعلى كل حال المسألة إذا ترتب عليها مفسدة أكبر منها كبقية إنكار المنكر والدعوة وغيرها، كلها تدخلها مصالح والمفاسد، لا بد من النظر في هذا وهذا، والدين -ولله الحمد- متكامل، على كل حال عندك أمور، الدعاء عليهم، والإعراض عنهم، الحكم بينهم، الإعراض عنهم، الصلة والهجر كلها علاج، تفعل الأنفع.

يقول: "وكان القارئ يقرأ سورة البقرة في ثمان ركعات" القارئ يقرأ البقرة في ثمان ركعات، جزئين ونصف في ثمان ركعات، يكون نصيب كل ركعة إذا قسمنا الثمان والأربعين على ثمان؟ يعني ثلاث ورقات في الركعة، فإذا قام فيها في اثنتي عشرة ركعة رأى الناس أنه قد خفف، استعجل، والصواب أنه لا حد محدد في ذلك، لا حد ملزم، بل هذا مرتبط بالمشقة على المأمومين وإطاقتهم ذلك، ورغبتهم في ذلك أيضًا، التنفير منهي عنه في الفريضة وفي النافلة من باب أولى، فإذا رغب المأمومون في الإطالة يطيل، إذا عجزوا عما في نفسه من إطالة أو ما في تطبيق هذه النصوص التي سمعناها، عجز عنها الناس فالأمر فيه سعة ولله الحمد، على ألا يصل إلى حدٍّ يشبه التلاعب، أو فيه شيء من التفريط.

وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكرٍ بن عمرو بن حزمٍ قال: سمعت أبي يقول: "كنا ننصرف في رمضان فنستعجل الخدم في الطعام للسحور مخافة الفجر" وهذا كله من طول الصلاة، ما يقول قائل: أنه يريد أن ينام حتى يبقى على الفجر ربع ساعة أو نصف ساعة، يريد أن يصلي ما تيسر ويستعجل الخادم بالسحور، استدلالًا بهذا، لا يا أخي.

 

وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن ذكوان أبا عمروٍ المدني وكان عبدًا لعائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أعتقته عن دبر، يعني علّقت عتقه بموتها، كان يقوم يقرأ لها في رمضان، أي يصلي بها إمامًا، وجاء في بعض الروايات أنه يقرأ من المصحف فأخذ منه أهل العلم جواز القراءة من المصحف ولا شيء في ذلك، يمنعه بعض الحنفية ويقولون: إنه يترتب عليه فتح المصحف وإغلاقه وحمله ووضعه، نقول: فتح المصحف وحمله ووضعه ليس بأعظم من حمل أمامة في الصلاة، ليس بأعظم من ذلك...

يقول: امرأة لديها مبلغ من المال ورثته من أبيها، وللمحافظة عليه اشترت به مع أختها قطعة أرض، وقصدها ليس الاستثمار أو البيع أي لغير تجارة، ولقد أخرجت زكاة تلك الأرض السنة الأولى فقط، فماذا يلزمها الآن، وقد خسرت كثيرًا في قيمة الأرض، وليس لها مورد آخر؟

هذه الأرض إنما اشتريت لتحفظ المال، فهي بمثابة المال –كنز- إذا كانت لتحفظ المال، أما إذا اشتراها صاحبها ليقيم عليها مشروعًا سكنيًّا أو تجاريًّا فإنها حينئذٍ ليس فيها زكاة، ولو تحولت نيته بعد ذلك إلى التجارة، ما لم يملكها بنية التجارة، وهنا اشتريت هذه الأرض لا للاستثمار ولا للتجارة، وإنما على اصطلاحهم لتمسك المال، يكون حينئذٍ حكمها حكم المال.

يقول: أرجو التنبيه على موضوع الاحتفال بعيد السنة الميلادية، وكيف الطريقة المثلى لإنكار هذا المنكر العظيم، وهو الاحتفال بعيد الكفار، مع العلم أن هناك حي كامل لا توجد فيه شقة للإيجار مستأجرة...؟

هذا يحتاج إلى إثبات؛ لكن مشابهة الكفار ومشاركتهم في أعيادهم هذه من عظائم الأمور، هذا تشبه بهم، بل من أعظم مظاهر التشبه مشاركتهم في أعيادهم، ومشاكلتهم في الظاهر تدعو إلى المشاكلة في الباطن، فالأمر خطر جد خطير، و((من تشبه بقومٍ فهو منهم)) نسأل الله العافية.