تعليق على تفسير سورة الأعراف من أضواء البيان (08)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

هذه الفاحشة التي ارتكبها هؤلاء الأقوام ولم يُسبَقوا إليها –نسأل الله العافية-، ولم يُسبَقوا إليها، جاءت الأحاديث بالتشديد في أمرها، وعقوبة أهلها مذكورة في القرآن –نسأل الله العافية-، ويختلف أهل العلم في حكم مرتكبها، ونُقِل عن الصحابة –رضوان الله عليهم- أن حكم اللوطية القتل، قالوا: واختلفوا في كيفية القتل.

والأئمة يختلفون، فمنهم من يرى القتل مطلقًا للمحصن وغير المحصن، ومنهم من يرى أن حد اللوطي حد الزاني يُفرقون بين المحصن وغيره.

وعلى كل حال هو من أشنع الفواحش، وليد بن عبد الملك الخليفة يقول: لولا أن الله ذكره في كتابه ما صدقت أن ذكرًا يعلو ذكرًا، يقول: ما أصدِّق.

بعض الفرق يعني كتب بعض المفتونين كتابًا في تقرير أن الولدان في الجنة إنما وُجِدوا ليُستمتَع بهم كطريقة قوم لوط –نسأل الله العافية-، وهذا ضلالٌ مبين قد رُد عليه، رَد عليه شخص في كتابٍ أسماه (خواطر شيطانية)، وفنَّد كلامه.

بعض الفرق الضالة المبتدعة يرون أنه لا بأس بهذا الفعل مع المرأة، وقد جاءت تسميتها باللوطية الصغرى، وهي محرَّمةٌ بالاتفاق، وهؤلاء يستدلون بقوله –جلَّ وعلا-: {هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} [هود:78] قالوا: وهو يعرف ما يُريدون، هذا ضلالٌ في الفهم، وَحَيدٌ عن الصراط المستقيم –نسأل الله العافية-، ورُد عليهم، وآخر من رَد عليهم الشيخ/ محمد مال الله بحريني –رحمه الله- في جزءٍ أسماه (طرق الأبواب الخلفية عند الرافضة).

طالب: ............

 يستحلون هذا –نسأل الله العافية-، يستحلون الشرك، وهو أعظم من ذلك، لكن إلى الله المشتكى.

على كل حال هذه الفاحشة شنيعة، ويُذكر مع توفر الأسباب في وقتنا وكثرة النِّعم، ووسائل الاتصال ونشر الصور، والفواحش تُنشَر، وكل شيءٍ يُنشَر، ما يخفى شيء؛ حتى إن الأطفال الصغار الذين لم يبلغوا التمييز يعرفون من هذه الأمور ما لا يعرفه الكبار مع الأسف، نسأل الله– جلَّ وعلا- أن يقينا وأولادنا وأولاد المسلمين من هذه الشرور، وأن يحفظنا منها.

"ظَاهِرُ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّهُ لَمْ يَنْجُ مَعَ لُوطٍ إِلَّا خُصُوصُ أَهْلِهِ، وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى ذَلِكَ فِي(الذَّارِيَاتِ) بِقَوْلِهِ: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الذاريات:35-36]، وَقَوْلِهِ هُنَا: {إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ} [الأعراف:83]، أَوْضَحَهُ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ، فَبَيَّنَ أَنَّهَا خَائِنَةٌ، وَأَنَّهَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَأَنَّهَا وَاقِعَةٌ فِيمَا أَصَابَ قَوْمَهَا مِنَ الْهَلَاكِ، قَالَ فِيهَا هِيَ وَامْرَأَةِ نُوحٍ: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ} [التحريم:10]، وَقَالَ فِيهَا وَحْدَهَا: أَعْنِي امْرَأَةَ لُوطٍ {إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ} الْآيَةَ [هود:81].

وَقَوْلُهُ هُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ} [الأعراف:84] لَمْ يُبَيِّنْ هُنَا هَذَا الْمَطَرَ مَا هُوَ، وَلَكِنَّهُ بَيَّنَ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ أَنَّهُ مَطَرُ حِجَارَةٍ أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ بِهَا كَقَوْلِهِ: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ} [الحجر:74]، وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ السِّجِّيلَ الطِّينُ بِقَوْلِهِ فِي(الذَّارِيَاتِ): {لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ} [الذاريات:33]، وَبَيَّنَ أَنَّ هَذَا الْمَطَرَ مَطَرُ سُوءٍ لَا رَحْمَةٍ بِقَوْلِهِ: {وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ} [الفرقان:40]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي (الشُّعَرَاءِ): {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ} [الشعراء:173].

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا} [الأعراف:86] الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: {وَتَبْغُونَهَا} رَاجِعٌ إِلَى السَّبِيلِ، وَهُوَ نَصٌّ قُرْآنِيٌّ عَلَى أَنَّ السَّبِيلَ مُؤَنَّثَةٌ، وَلَكِنَّهُ جَاءَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ".

السبيل والطريق مما يُؤنَّث ويُذكَّر، {فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا} [طه:77] ويؤنَّث، واستعمال أهل الحديث في التخريج على التأنيث (طريقٌ أخرى) استعمالهم لهذه الكلمة على التأنيث.

وعلى كل حال الطريق كالسبيل مما يُذكَّر ويؤنَّث. 

"وَهُوَ نَصٌّ قُرْآنِيٌّ عَلَى أَنَّ السَّبِيلَ مُؤَنَّثَةٌ، وَلَكِنَّهُ جَاءَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى تَذْكِيرِ السَّبِيلِ أَيْضًا، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ السُّورَةِ الْكَرِيمَةِ: {وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا} [الأعراف:146].

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ} [الأعراف:87].

بَيَّنَ تَعَالَى حُكْمَهُ الَّذِي حَكَمَ بِهِ بَيْنَهُمْ بِقَوْلِهِ: {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ} [هود:94]، وَقَوْلِهِ: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ} [الأعراف:78]، وَقَوْلِهِ: {الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف:92]، وَقَوْلِهِ: {فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ} الْآيَةَ [الشعراء:189]".

وهذا كله في قوم شُعيب، والذي يقرأ هذه الآيات يظن أنهم عُوقبوا بثلاث عقوبات، وهذه العقوبات متتابعة، كما بيَّن ذلك الحافظ ابن كثير: اجتمع عليهم ذلك كله؛ لأن الذي يقرأ في عقوبات الأمم يظن أن هذه عقوبة منفصلة، وهذه عقوبة منفصلة، وهؤلاء عُوقِبوا بكذا، وهؤلاء عُوقِبوا بكذا، فهذه عقوبات تتابعت عليهم؛ حتى أهلكتهم، فهي متتابعة.

"فَإِنْ قِيلَ: الْهَلَاكُ الَّذِي أَصَابَ قَوْمَ شُعَيْبٍ ذَكَرَ تَعَالَى فِي الْأَعْرَافِ أَنَّهُ رَجْفَةٌ، وَذَكَرَ فِي هُودٍ أَنَّهُ صَيْحَةٌ، وَذَكَرَ فِي الشُّعَرَاءِ أَنَّهُ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ.

فَالْجَوَابُ: مَا قَالَهُ ابْنُ كَثِيرٍ -رَحِمَهُ اللَّهُ- فِي تَفْسِيرِهِ قَالَ: وَقَدِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ كُلُّهُ، أَصَابَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ، وَهِيَ سَحَابَةٌ أَظَلَّتْهُمْ فِيهَا شَرَرٌ مِنْ نَارٍ وَلَهَبٍ وَوَهَجٍ عَظِيمٍ، ثُمَّ جَاءَتْهُمْ صَيْحَةٌ مِنَ السَّمَاءِ، وَرَجْفَةٌ مِنَ الْأَرْضِ شَدِيدَةٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ، فَزَهَقَتِ الْأَرْوَاحُ، وَفَاضَتِ النُّفُوسُ، وَخَمَدَتِ الْأَجْسَامُ. انتهى منه.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ} [الأعراف:93]

بَيَّنَ -جَلَّ وَعَلَا- الرِّسَالَاتِ الَّتِي أَبْلَغَهَا رَسُولُهُ شُعَيْبٌ إِلَى قَوْمِهِ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ كَقَوْلِهِ: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ} الْآيَةَ [هود:84]، وَنَحْوِهَا مِنَ الْآيَاتِ، وَبَيَّنَ نُصْحَهُ لَهُمْ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ".

قد يُقال: إن شُعيبًا رسول واحد بُعِث برسالةٍ واحدة كما بُعِث غيره، ولكن جُمِعت الرسالات على مفردات الشريعة كل فرد من أفراد الشريعة أُرسِل به وبُعِث به إلى قومه، فيصح أن يُقال: رسالات، وباعتبار أنه يجمعها رسالة واحدة أُرسِل بها إلى قومه وبلَّغهم الشرائع التي أُمِر بتبليغها. 

طالب: ............

هم من قومه، من قبيلته.

طالب: ............

{أَخَاهُمْ} [هود:84]؟

طالب: ............

 ما يكون أخًا، إذا لم يكن من دينه أو من قبيلته فماذا يدخله؟ الأُخوة إما في النَّسب وإما في الدين.

"وَبَيَّنَ نُصْحَهُ لَهُمْ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ كَقَوْلِهِ: {وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ} الْآيَةَ [هود:89].

وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ} [الأعراف:93]، أَنْكَرَ نَبِيُّ اللَّهِ شُعَيْبٌ -عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- الْأَسَى، أَيِ: الْحُزْنَ عَلَى الْكُفَّارِ إِذَا أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ بَعْدَ إِبْلَاغِهِمْ، وَإِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ مَعَ تَمَادِيهِمْ فِي الْكُفْرِ وَالطُّغْيَانِ لَجَاجًا وَعِنَادًا، وَإِنْكَارُهُ لِذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي، وَقَدْ صَرَّحَ تَعَالَى بِذَلِكَ، فَنَهَى نَبِيَّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: {وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [المائدة:68]".

شعيب هذا هل هو صهر موسى –عليه السلام- أو لا؟

طالب: ............

ماذا؟

طالب: ............

رجَّح أنه هو، لكن شعيبًا هذا متقدم جدًّا على موسى، هذا قريب {وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ} [هود:89] من الأمم القديمة، وإلا فالاسم واحد، كلهم في مَدين، كلهم يعني أوصاف متطابقة، لكن الزمن يختلف.

"وَمَعْنَى لَا تَأْسَ: لَا تَحْزَنْ، وَقَوْلِهِ: {وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ} الْآيَةَ [النحل:127].

قَوْلُهُ تَعَالَى: {تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا} الْآيَةَ [الأعراف:101] ذَكَرَ أَنْبَاءَهُمْ مُفَصَّلَةً فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ، كَالْآيَاتِ الَّتِي ذُكِرَ فِيهَا خَبَرُ نُوحٍ وَهُودٍ، وَصَالِحٍ وَلُوطٍ، وَشُعَيْبٍ وَغَيْرِهِمْ، مَعَ أُمَمِهِمْ- صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ-".

طالب: ............

الجواب الصحيح هذا المحفوظ أنه غيره، وبينهما أمدٌ بعيد في الزمن.

طالب: ............

نفسه.. نفسه {يَا أُخْتَ هَارُونَ} [مريم:28] قالوا: إن هارون بن عمران هو أخو موسى، وهذا الكلام ليس بصحيح، بينهما مفاوز.

"قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ} الْآيَةَ [الأعراف:101] فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ لِلْعُلَمَاءِ أَوْجَهٌ مِنَ التَّفْسِيرِ".

طالب: ............

ماذا فيه؟

طالب: ............

يُسمون بأسماء مشاهيرهم، ولا يبعد أن لها أخًا اسمه هارون، وهو على الجادة، أنت تصير مثل ذاك الذي قال: لو أعطاك الله مال هارون ما شبعت، قال: ما هو بهارون، قارون، قال: هارون أخو قارون، مجرد الوزن.

"لِلْعُلَمَاءِ أَوْجَهٌ مِنَ التَّفْسِيرِ بَعْضُهَا يَشْهَدُ لَهُ الْقُرْآنُ.

مِنْهَا: أَنَّ الْمَعْنَى فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ يَوْمَ أَخَذَ الْمِيثَاقَ أَنَّهُمْ يُكَذِّبُونَ بِهِ، وَلَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ؛ لِاسْتِحَالَةِ التَّغَيُّرِ فِيمَا سَبَقَ بِهِ الْعِلْمُ الْأَزَلِيُّ، وَيُرْوَى هَذَا عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَأَنَسٍ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَيَدُلُّ لِهَذَا الْوَجْهِ آيَاتٌ كَثِيرَةٌ كَقَوْلِهِ: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ} الْآيَةَ [يونس:96]، وَقَوْلِهِ: {وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ} [يونس:101] وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.

وَمِنْهَا: أَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ أَنَّهُمْ أُخِذَ عَلَيْهِمُ الْمِيثَاقُ، فَآمَنُوا كَرْهًا، فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بَعْدَ ذَلِكَ طَوْعًا، وَيُرْوَى هَذَا عَنِ السُّدِّيِّ وَهُوَ رَاجِعٌ فِي الْمَعْنَى إِلَى الْأَوَّلِ.

وَمِنْهَا: أَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ أَنَّهُمْ لَوْ رُدُّوا إِلَى الدُّنْيَا مَرَّةً لَكَفَرُوا أَيْضًا، فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا فِي الرَّدِّ إِلَى الدُّنْيَا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ؛ أَيْ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى، وَيُرْوَى هَذَا عَنْ مُجَاهِدٍ.

وَيَدُلُّ لِمَعْنَى هَذَا الْقَوْلِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ} الْآيَةَ [الأنعام:28]، لَكِنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ ظَاهِرِ الْآيَةِ.

وَمِنْهَا: أَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ: فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا جَاءَتْهُمْ بِهِ الرُّسُلُ بِسَبَبِ تَكْذِيبِهِمْ بِالْحَقِّ أَوَّلَ مَا وَرَدَ عَلَيْهِمْ، وَهَذَا الْقَوْلُ حَكَاهُ ابْنُ عَطِيَّةَ، وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ كَثِيرٍ، وَهُوَ مِنْ أَقْرَبِ الْأَقْوَالِ لِظَاهِرِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ شُؤْمَ الْمُبَادَرَةِ إِلَى تَكْذِيبِ الرُّسُلِ سَبَبٌ لِلطَّبْعِ عَلَى الْقُلُوبِ وَالْإِبْعَادِ عَنِ الْهُدَى، وَالْآيَاتُ الدَّالَّةُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ} [النساء:155]، وَقَوْلِهِ: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف:5]، وَقَوْلِهِ: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} [البقرة:10]، وَقَوْلِهِ: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [المنافقون:3] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ".

طالب: ............

نعم.

"وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي تَرْجَمَةِ هَذَا الْكِتَابِ الْمُبَارَكِ".

يعني في مقدمة الكتاب.

"أَنَّ الْآيَةَ قَدْ تَكُونُ فِيهَا أَوْجَهٌ مِنَ التَّفْسِيرِ كُلُّهَا يَشْهَدُ لَهُ قُرْآنٌ، وَكُلُّهَا حَقٌّ. فَنَذْكُرُ جَمِيعَهَا، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى".

يعني في قوله –جلَّ وعلا-: {فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ} [الأعراف:101] الواقع شهِد بأن كثيرًا ممن بادر بالتكذيب آمن فيما بعد، هذا بلا شك، لكن الآية لا يستقيم معناها إلا بربطها بالكتاب الأول، فمن حقَّت عليه الضلالة لن يهتدي بأي حالٍ من الأحوال، ومن سبقت له السعادة مآله إلى الهداية ولو كذَّب في الأول على ما كُتِب له في الأزل شقي أو سعيد، شقي شقي لن يتغير الحكم، سعيد سعيد لن يتغير الحكم، وإن كان في بادئ أمره هذا الشقي في بادئ أمره على الجادة، وعلى الخير، وصدَّق، وآمن، وبذل، لكن مكتوبٌ عليه أنه شقي «وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، فَيَدْخُلُهَا» والعكس، فالآية ارتباطها بالكتاب الأول.

وأما ما يظهر للناس ويبدو لهم من أن فلانًا يعمل بالهدى، ويهتدي في أول أمره، ويشتهر بذلك، ويطول امتثاله لذلك، واتصافه به، ثم يسبق عليه الكتاب انتهى، الشقاوة مآله والعكس.

فقد يقول قائل: {فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ} [الأعراف:101] كثير ممن كذب النبي –عليه الصلاة والسلام- في أول رسالته هداهم الله وأسلموا، وقُل مثل ذلك في الرسل، والرسالات الأخرى، لكن في مجموع ومُجمل ما ذكره الشيخ وغيره من المفسرين أن هذا الحكم مرتبط بالقَدر السابق.

طالب: ............

ماذا عندك؟

طالب: ............

نعم.

طالب: ............

صفحة؟

طالب: ............

"تَكْذِيبِهِمْ بِالْحَقِّ أَوَّلًا" يعني ابتداءً.

طالب: ............

يجوز هذا أولًا يعني: ابتداءً، أول ما ورد عليه، نفس الشيء، ابتداءه.

طالب: ............

مُجمل كلام أهل العلم أنه في حال طاعته لله هو محبوبٌ لله، والله أعلم بمآله وخاتمته إذا كان مخلصًا في ذلك؛ لأنه قد يكون في الظاهر كما جاء في الحديث «فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ»، ومن عمل بما يُغضب الله ويُسخطه فمغضوبٌ مسخوطٌ مكروه لله –جلَّ وعلا-، وإن كانت خاتمته..

طالب: ............

هو يُرتب الآثار على الفعل، {هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم:32] هو أعلم، قد يكون عمله الظاهر وفيما يبدو للناس خيرًا، وهو في حقيقته ليس بخير، فالله يُبغضه على هذا، ولكن الخَلق معاملاتهم للمخلوق على حسب ما يظهر لهم.

"أَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ: فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا جَاءَتْهُمْ بِهِ الرُّسُلُ بِسَبَبِ تَكْذِيبِهِمْ بِالْحَقِّ أَوَّلَ مَا وَرَدَ عَلَيْهِمْ" في وقت الميثاق، يعني هذا بعد مجيء الرسل.

طالب: ............

من استمر على التكذيب ما يؤمن، يكون المعنى فيه ضعف؛ لأنه أول ما جاءه الحق كذَّب به، فاستمر على هذا التكذيب وعوقِب بهذه المبادرة أنه لا يقبل فيما بعد، لكن متى جاءتهم البينات؟ بعد مجيء الرسل.

طالب: ............

امتداد لها.

"قَوْلُهُ تَعَالَى: {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا} [الأعراف:103] الْآيَةَ. 

بَيَّنَ تَعَالَى هُنَا أَنَّ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ ظَلَمُوا بِالْآيَاتِ الَّتِي جَاءَهُمْ بِهَا مُوسَى، وَصَرَّحَ فِي النَّمْلِ بِأَنَّهُمْ فَعَلُوا ذَلِكَ جَاحِدِينَ لَهَا، مَعَ أَنَّهُمْ مُسْتَيْقِنُونَ أَنَّهَا حَقٌّ لِأَجْلِ ظُلْمِهِمْ وَعُلُوِّهِمْ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ * وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النمل:13-14]".

هم في قرارة أنفسهم مذعنون مصدقون بأن هذا من عند الله، وأنه حق، لكن جحدوا؛ استكبارًا وعتوًا ونفورًا، وأظهروا للناس أنها غير صحيحة، وضحكوا على السذج من الناس، وإلا ففي واقع أمرهم وقرارة أنفسهم أنهم مصدقون بها وموقنون بها، {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ} [النمل:14].

وهذه طريقة الكبراء والمتبوعين أنهم يموهون على أتباعهم أن هذا ليس بصحيح، وأن هذا لا يقبله عقل، وهم في حقيقة الأمر موقنون ومصدقون بها؛ لكن ليصرفوا أتباعهم عن الانقياد لها.

طالب: ............

لا شك أن منهم من هو كذلك، يعني أنت تعجب من الكبراء والمتبوعين في الطوائف، حتى المنتسبة للإسلام، يعني تعجب أن مثل هذا القول الذي يُصدرونه خرج من قرارة نفس وتصديق قلب، فقد تقول: إنهم عاندوا وارتكبوا ما ارتكبوا لفتنة التبعية؛ لأنهم لو صدَّقوا بما جاء عن الله وعن رسوله فقدوا هؤلاء الأتباع، فمتبوعون كبار يُعظَّمون ويُقدَّسون، وتُصب عليهم الأموال صبًّا، والشهوات والشبهات كلها عندهم.

يعني شخص عاش خمسين، ستين سنة وهو تُقدَّم له الأموال باسم الدين، باسم الخُمُس، تُقدَّم له أجمل البنات، بل وصل البعض ببعض أتباع السُّذج أن يأتوا ببناتهم يستفتحون بها بركة هذا الشيخ، صعب أن يرجع، فالنفس لها حظ، حظٌّ خاسر وخاسئ، لكن هم ما استجلبوا بعض العوام، بعض السُّذج، بعض ضعاف العقول إلا بهذين الأمرين: بالمال والنساء.

يعني هل الكبار، كبارهم ما يعرفون أنهم على باطل؟ وما تبين لهم من خلال العمر الطويل بطلان مذهبهم؟ لكن الرجوع دونه هذا الانتفاع بالأمرين، نسأل الله العافية.

طالب: ............

التابعون سُذج، قد يتبين لبعضهم ويرجع، وبعضهم ما يتبين له ويستمر؛ لأن الفتنة بالشيوخ، أمامك شيخ، من يوم أن ظهرت على الدنيا وهم يتمسحون به، وهو الدمع عنده سريع، والشكل والمنظر مهيب، والناس يتمسحون به ويتبركون، ما هو بناظرك، مثل ما يكون عند عُبَّاد القبور إذا جئته وقلت: الدليل كذا، ما يلتفت لك أبدًا بالدليل، وإذا قلت: الشيخ الفلاني، قال: هذا شيخٍ عندك، عندنا شيوخنا أعظم منه.

فهذه من الصواد عن قبول الحق، ولا يلزم انتفاء قبولها من قيام الحجة عليه؛ لأن بعضهم يقول: هذا صدَّه عن اتباع الحق ما يراه من فعل المتبوعين {إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا} [الأحزاب:67]، هذا ما فيه حُجة ولا قُبِل كلامهم {فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ} [الأحزاب:67-68] فالصد بهذه الطريقة ليس بحجة.

طالب: ............

نعم.

طالب: ............

قد؛ لأن التابع قد يكون في بداية أمره، وقد تُغطي الشُّبه قلبه، فلا ينفذ إليه الحق، لكن هذا الشخص الذي عاش السنين الطويلة وهو يُواجه الردود من أهل الحق ردود بالبينات من الكتاب والسُّنَّة، ويُصر على ما هو عليه قد يتبين له مثل الشمس بطلان مذهبه، لكن يصده عن ذلك الانتفاع.

"قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ} [الأعراف:108] ذَكَرَ تَعَالَى هُنَا أَنَّ مُوسَى نَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ، وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّ ذَلِكَ الْبَيَاضَ خَالٍ مِنَ الْبَرَصِ، وَلَكِنَّهُ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي سُورَةِ (النَّمْلِ) وَ (الْقَصَصِ) فِي قَوْلِهِ فِيهِمَا: {تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} [النمل:12] أَيْ مِنْ غَيْرِ بَرَصٍ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ} [الأعراف:109] بَيَّنَ هُنَا أَنَّ مُوسَى لَمَّا جَاءَ بِآيَةِ الْعَصَا وَالْيَدِ قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ: إِنَّهُ سَاحِرٌ، وَلَمْ يُبَيِّنْ مَاذَا قَالَ فِرْعَوْنُ، وَلَكِنَّهُ بَيَّنَ فِي (الشُّعَرَاءِ) أَنَّ فِرْعَوْنَ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ} [الشعراء:34].

قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} [الأعراف:116] لَمْ يُبَيِّنْ هُنَا هَذَا السِّحْرَ الْعَظِيمَ مَا هُوَ؟ وَلِمَ يُبَيِّنْ هَلْ أَوْجَسَ مُوسَى فِي نَفْسِهِ الْخَوْفَ مِنْهُ؟ وَلَكِنَّهُ بَيَّنَ كُلَّ ذَلِكَ فِي (طَهَ) بِقَوْلِهِ: {فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى * فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى} [طه:66-67]".

هذا النوع من السحر التخييلي الذي يحمل الحنفية أنواع السحر عليه، فالسحر منه ما هو تخييل، ومنه ما له حقيقة مؤثرة تكون سببًا في التأثير في الأمور المحسوسات بجعل الله –جلَّ وعلا- إياها سببًا.

وواحد من المشايخ ذهب للفلبين ذُكِر له طبيب ماهر للعيون، فذهب إليه، هذا الشيخ معه ناس، فأدخلهم هذا الطبيب من باب ليخرجوا من بابٍ آخر؛ لئلا يرجعوا فيؤثروا على من في الانتظار، يقول الشيخ: لما دخلت عليه الغرفة أجلسني على كرسي، فأدخل أصبعه في عيني وأخرجها ووضعها على ماصة، وأخرج الثانية كذلك، ثم ردهما بيده، قلت له: أيضًا ظهري فيه شيء يؤلمني، فجاء بمشرط، وفتح الظهر، فسالت الدماء، ثم قال بيده هكذا، قال: قم، يقول: خلاص برئت، يقول: العيون فيهن أنا أرى الشمس، وأرى يعني ضحاح الشمس والنور، ورجعت بدون شيء، ليل.

طالب: ............

سمعت؟

والذي معي معه كاميرا، يصور ما حدث، تتصورون خرجت هذه الأفعال أم ما خرجت؟ خرجت، وأُعلِنت في الصُّحف، خرج الدم يسيل من ظهره، فتبين أن ما تلتقطه العين تلتقطه الكاميرا.

في هذا رد على من يقول: إن السحر كله تخييل، ونشر مقالًا في الصحيفة، صحيفة الجزيرة أو الرياض قبل ثلاثين سنة، وقرأه من قرأه من المسؤولين، وكادوا وبعضهم عزم على أن يذهب إلى ذلك الطبيب، فرجعوا عن ذلك، وكلموا الشيخ، وشكروه، هو ذاهب على أنه طبيب وتبين أنه ساحر.

طالب: ............

نعم.

طالب: ............

لا، مات وهو أعمى.

طالب: ............

رأوه بأعينهم، وصورته الكاميرا، وجاء وقميصه نظيفة ما فيها شيء.

طالب: ............

مشى وصُوِّر ونُشِر بالجزيرة.

طالب: ............

يرونه من معه، هو ما يرى.

طالب: ............

هو ما يرى، يرى ضحاحًا من نور، ما يرى شيئًا، هو من الأصل ضعيف جدًّا.

طالب: ............

مثل هذا.  

"وَلَكِنَّهُ بَيَّنَ كُلَّ ذَلِكَ فِي (طَهَ) بِقَوْلِهِ: {فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى * فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى * قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى * وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} [طه:66-69]، وَلَمْ يُبَيِّنْ هُنَا أَنَّهُمْ تَوَاعَدُوا مَعَ مُوسَى مَوْعِدًا لِوَقْتِ مُغَالَبَتِهِ مَعَ السَّحَرَةِ، وَأَوْضَحَ ذَلِكَ فِي سُورَةِ (طَهَ) فِي قَوْلِهِ عَنْهُمْ: {فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى * قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ} الْآيَةَ [طه:58-59]".

يعني يوم العيد عندهم {يَوْمُ الزِّينَةِ} [طه:59].

"قَوْلُهُ تَعَالَى: {ثُمَّ لَأَصُلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ} [الأعراف:124] لَمْ يُبَيِّنْ هُنَا الشَّيْءَ الَّذِي تَوَعَّدَهُمْ بِأَنَّ يَصْلُبُهُمْ فِيهِ، وَلَكِنَّهُ بَيَّنَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، كَقَوْلِهِ فِي (طَهَ): {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} الْآيَةَ [طه:71]".

يُمثلون بــ{فِي} [طه:71] هنا على أنها بمعنى: على، وأورد بعضهم أنه لا مانع من حملها على حقيقتها وأنها (في)، وأنه من مبالغته في الصلب، أنه من مبالغته في صلبهم أنهم يدخلون في جوف الجذوع، يعني أنت لما تأتي بشيءٍ تُريد أن تربط به، وليكن من حديد مثلًا تربط به هذا الجذع، أو تربط به شيئًا على هذا الجذع، فمن المبالغة المبالغة في ربطه أن يدخل في الجذع، أليس كذلك؟

طالب: ............

تكون ظرفية حقيقية دخل.

طالب: ............

لا لا، دخل في الجذع من قوة الربط.

طالب: ............

ما يُسمى صلب إدخال هذا، هو الصلب الربط في الجذع.

طالب: ............

على كل حال يربطه، وإذا دخَّله ما يحتاج ربطًا. 

طالب: ............

أنت لا ترى بعض الناس عند ربطهم العفش الأحبال تدخل في المربوط؛ من قوة الربط.

أبو عبد الله موجود؟ ناصر؟

طالب: ............

في صباه انكسرت يده، فذهب به أبوه إلى طبيب من أجل تجبيره، فوضع الساج، وجاء بالحبال وربطها، وأحد من الخشب تزحزح عن مكانه، ومن قوة الربط دخل الحبل في يده في عضده، يقول: أنا لا أنام من الألم، ويقول لي أبي: إنه كل ما زاد قوة الربط فهو أسرع للشفاء، جئنا نفكه عقب عشرة أيام ووجد الحبل داخله بني عليها اللحم، يعني هذا من قوة الربط، وليكن الصلب مثل ذلك.

طالب: ............

تضمين الفعل أم تضمين الحرف؟

طالب: ............

شيخ الإسلام يرى أنه تضمين الفعل.

طالب: ............

أكثرهم على أنه بمعنى على.

طالب: ............

لا، لا تصير مبالغة حقيقية، مبالغة في الربط حتى أدى إلى أن تكون الظرفية حقيقة دخل بالفعل.   

" قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ} [الأعراف:131].

ذَكَرَ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: أَنَّ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ إِنْ أَصَابَتْهُمْ سَيِّئَةٌ أَيْ قَحْطٌ وَجَدْبٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ، تَطَيَّرُوا بِمُوسَى وَقَوْمِهِ، فَقَالُوا: مَا جَاءَنَا هَذَا الْجَدْبُ وَالْقَحْطُ إِلَّا مِنْ شُؤْمِكُمْ، وَذُكِرَ مِثْلُ هَذَا عَنْ بَعْضِ الْكُفَّارِ مَعَ نَبِيِّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي قَوْلِهِ: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ} الْآيَةَ [النساء:78]، وَذُكِرَ نَحْوُهُ أَيْضًا عَنْ قَوْمِ صَالِحٍ مَعَ صَالِحٍ فِي قَوْلِهِ: {قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ} الْآيَةَ [النمل:47]، وَذُكِرَ نَحْوُ ذَلِكَ أَيْضًا عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ فِي قَوْلِهِ: {قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ} الْآيَةَ [يس:18]، وَبَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ شُؤْمَهُمْ مِنْ قِبَلِ كُفْرِهِمْ، وَمَعَاصِيهِمْ، لَا مِنْ قِبَلِ الرُّسُلِ، قَالَ فِي (الْأَعْرَافِ): {أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ} [الأعراف:131]، وَقَالَ فِي سُورَةِ (النَّمْلِ) فِي قَوْمِ صَالِحٍ: {قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ} [النمل:47]".

طالب: ............

تعداه، تعدى هذا.

"وَقَالَ فِي سُورَةِ (النَّمْلِ) فِي قَوْمِ صَالِحٍ: {قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ} [النمل:47]، وَقَالَ فِي (يس): {قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ} الْآيَةَ [يس:19].

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا} الْآيَةَ [الأعراف:137] لَمْ يُبَيِّنْ هُنَا مَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْم، وَلَكِنَّهُ صَرَّحَ فِي سُورَةِ (الشُّعَرَاءِ): بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ؛ لِقَوْلِهِ فِي الْقِصَّةِ بِعَيْنِهَا {كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} الْآيَةَ [الشعراء:59]، وَأَشَارَ إِلَى ذَلِكَ هُنَا بِقَوْلِهِ بَعْدَهُ: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} [الأعراف:137] الْآيَةَ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} [الأعراف:137] الْآيَةَ لَمْ يُبَيِّنْ هُنَا هَذِهِ الْكَلِمَةَ الْحُسْنَى الَّتِي تَمَّتْ عَلَيْهِمْ، وَلَكِنَّهُ بَيَّنَهَا فِي (الْقَصَصِ) بِقَوْلِهِ: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ} [القصص:5-6].

قَوْلُهُ تَعَالَى: {قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي} الْآيَةَ [الأعراف:143]".

قف على هذا.

الكلام مع المعتزلة يطول في هذا.