كتاب الحيض (06)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "باب دلك المرأة نفسها إذا تطهرت من المحيض، وكيف تغتسل، وتأخذ فِرصةً مُمسكةً، فتتبع أثر الدم؟

حدَّثنا يحيى، قال: حدَّثنا ابن عيينة، عن منصور بن صفية، عن أمه، عن عائشة، أن امرأةً سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- عن غُسلها من المحيض، فأمرها كيف تغتسل، قال: «خُذِي فِرْصَةً مِنْ مَسْكٍ، فَتَطَهَّرِي بِهَا» قالت: كيف أتطهر؟ قال: «تَطَهَّرِي بِهَا» قالت: كيف؟ قال: «سُبْحَانَ اللَّهِ!، تَطَهَّرِي» فاجتبذتها إلي، فقلت: تتبعي بها أثر الدم".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد...

فيقول الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-:"باب دلك المرأة نفسها" "الدلك" مصدر مضافٌ إلى فاعله "المرأة" فاعل المصدر، "نفسها" المفعول.

"إذا تطهرت من المحيض" وهل الدلك خاص بالغُسل من الحيض أو هو عامٌ في أنواع الأغسال، أو عامٌ في الطهارات كلها؟ الجمهور على أن الدلك سُنَّة، وأوجبه مالك في الوضوء والغُسل، ويتأكد هذا الدلك في غُسل المحيض والنُّفاس؛ لأنه لإزالة ما علق بالبدن من أثر الحيض، ومن العرق الذي يتتابع على البدن مدة الحيض والنفاس.

لأنكم لا تتصوروا أن الوضع عندهم مثل ما عندنا، الحصول على الماء شاق إلى وقتٍ قريب. قبل خمسين سنة أهل البيوت يخرجون إلى الآبار فيجلبون الماء لوضوئهم وطبخهم وشربهم ومن ذلك الغُسل، يؤتى به من الآبار بالأواني، وهذا في غاية المشقة، فهم يُحافظون عليه؛ لأنهم يتعبون عليه.

أما في وقتنا وقد تيسر الحصول عليه بجلبه بواسطة المواسير، وفتح الصنابير، فيُتساهل فيه، بعض الناس يغتسل في اليوم أكثر من مرة لاسيما في الصيف، وبعضهم مرة، وبعضهم في الأسبوع أكثر من مرة، وقليلٌ من الناس الذي ينتظر الجمعة ليغتسل.

يذكر عمٌّ لي أنه لما دخل الماء في بلدنا بُريدة أدخله إلى البيوت أحد المحسنين قبل الدولة، فأدخلوه في بيت شيخٍ كبيرٍ أعمى فطرقوا عليه الباب، وقالوا: الماء وصلك في بيتك، وفتحوا له الصنبور وأدرك الماء فبكى، وأخبر أن هذا من علامات الساعة، على حسب ظنه واجتهاده، كيف لو رأى اليوم أن الصنابير تضع يدك تحتها ويصب الماء، وتكفها فينكف الماء.

لكن الشاهد من هذا أنهم كان الحصول على الماء صعبًا عليهم، فهم في شُح من الماء، ولما تيسرت الأمور لم يعرف الناس التوسط، فصاروا يسرفون في استعمال الماء، وبعضهم يترك هذه الصنابير مفتوحة، وبعضهم يفتحه على الزرع وينساه، وأما بالنسبة لهذه القوارير التي جاءتنا أخيرًا فالإشكال فيها إن كانت بهذا الحجم فالغالب أنها تُستوعَب، لكن إذا كانت أكبر والناس كانوا في عهد النبي –عليه الصلاة والسلام- ومن بعده إلى وقتٍ قريب يشربون من إناءٍ واحد، والنبي –عليه الصلاة والسلام- شرب من الإناء بعد أهل الصُّفة كلهم، أشرف الخلق، وأكرمهم على الله، والآن إذا فُتح، أو جيء به بكأس أو إناء فما ترى أحدًا يشرب بعد الثاني.

مطلوب التوسط في الأمور كلها، والماء لا يعرف قيمته إلا من فقده، من فقد الماء عرف قيمته؛ ولذلك الشيخ الكبير الأعمى بكى بكاءً شديدًا لما رأى الماء وصله في بيته وبسهولة ينزل.

فعلى كل حال المطلوب التوسط في الأمور، نعم يأتي بما أوجب الله عليه، وما أمره به، وما شرعه له بأن يتوضأ ثلاثًا ثلاثًا، ومرتين مرتين، ومرةً مرة، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-.

والكلام في هذا يطول، لكن على طالب العلم أن يكون قدوة، وبعض من ينتسب إلى العلم، بل علم الحديث رُؤي يتوضأ ويغسل العضو عشر مرات، واعتذروا عنه أن هذا ليس من باب الوساوس، وإنما هو من باب الاحتياط.

شيخ الإسلام –رحمه الله- يقول: إذا أدى الاحتياط إلى ارتكاب محظور أو ترك مأمور، فالاحتياط في ترك هذا الاحتياط، ورُؤي شيخ من كبار أهل العلم كفيف البصر وهو يُبالغ في غسل الأعضاء مرارًا كثيرة، وقيل له: قال: أنا رجلٌ أعمى ما أدري أنا أسبغت أو ما أسبغت، كل هذا ليس بعذر إذا ما أسبغت وأنت تظنها ثلاثًا اعتبرها واحدة مُسبغة أو اثنتين.

ولذا يقول أهل العلم فيمن تردد هل غسل العضو مرة أو مرتين أو ثلاثًا؟ عندهم القاعدة المطردة أنه يبني على الأقل كما لو تردد في ركعتين أو ثلاث.

ووالد إمام الحرمين يقول: يبني على الأكثر في الوضوء، يقول: غسلت مرتين أم ثلاثة اجعلها ثلاثة لا تزد، ووجه هذا الاختيار ظاهر؛ لأنه إذ تردد هل غسل العضو مرتين أو ثلاثًا؟ وجعلها ثلاثًا وهي في الحقيقة اثنتان فقد فعل سُنَّة، لكن لو كان في الحقيقة غسلها ثلاثًا، ثم من باب الاحتياط غسل رابعة خرج إلى بدعة، زيادة على السُّنَّة بدعة، فحينئذٍ نقول: يبني على الأكثر، وهذا يختلف عن مسألة التردد في الركعات؛ لأنه إن بنى على الأقل وزاد رابعة في الثلاثية أو خامسة في الرباعية زيادة غير مقصودة وهي خطأ {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286].

وكما يقول أهل العلم: النسيان يُنزل الموجود منزلة المعدوم، ولا يُنزل المعدوم منزلة الموجود، يعني إذا زاد رابعة أو ثالثة زاد ركعة نسيانًا فهذه الركعة تُنزَّل منزلة المعدوم كأنها ما وُجِدت، ويجبر هذا النسيان بسجود سهو، كما جاء في الوتر إن كان نقص ركعة فسجود السهو يوتر له، وإن كان في حقيقة الواقع ما فعله وتر فزيادة الركعة ترغيم للشيطان.

الذي عليه أن يُصلي أربع ركعات ونسي ركعة، ترك ركعة نسيانًا، هو عليه أن يأتي بركعة فإن لم يأتِ بها فصلاته باطلة، وإن زاد ركعة نسيانًا صلاته صحيحة، ويجبر هذا النسيان بسجود السهو.

وفروع هذه المسائل تطول كلام أهل العلم في كتب الفروع، وفي كتب القواعد الفقهية كثير في هذا الباب، لكن المسألة التي اختارها الجويني هي الصواب، العلماء طردوا قاعدتهم فيمن تردد فيمن فعل اثنتين أو ثلاثًا، وهو مطلوب منه الثلاث يبني على الأقل، في الوضوء مطلوب الثلاث، لكن لا على سبيل الوجوب، ولا تبطل طهارته إذا نقص، فكونه ينقص إلى غسلتين أو إلى غسلة واحدة فقد عاد إلى سُنَّة فالنبي –عليه الصلاة والسلام- توضأ مرة، وتوضأ مرتين، وتوضأ ثلاثة، لكن إذا زاد بناءً على الأخذ بالأقل فإنه يزيد عن القدر المطلوب، نعم إذا تردد هل غسل مرة أو مرتين فما فيه إشكال، يجعلها مرتين، ويزيد ثالثة؛ لأنه يرجع إلى سُنَّة وهكذا.

فالدلك مختلفٌ فيه عند أهل العلم، والجمهور على أنه سُنَّة، ويتأكد في غُسل الحيض، وبعضهم يذكر الجنابة كذلك، لكن ما جاء في الحيض أكثر.

وحمله مالك على الوجوب في الطهارات كلها حتى في الوضوء.

"باب دلك المرأة نفسها إذا تطهرت" يقول القحطاني:

وَالْغُسْلُ فَرْضٌ وَالتَّدَلُّكُ سُنَّةٌ

 

وَكلاهُمَا في مَالِكٍ فَرْضَانِ

يعني في مذهب مالك، وهو مالكي.

"إذا تطهرت من المحيض" أي: من الحيض.

"وكيف تغتسل" يعني صفة الغسل، وسيأتي ما في هذا الحديث، هل فيه بيان للصفة أو لا بيان في الحديث لهذه الصفة؟ مما جعل بعض الشراح يستشكل الترجمة، وأنه لا مطابقة لها مع الحديث.  

"وكيف تغتسل وتأخذ فِرصةً مُمسكةً" "فِرصة" قطعة كأنها يسيرة، "مُمسكة" يعني من مِسك، وسيأتي في الحديث: «خُذِي فِرْصَةً مِنْ مَسْكٍ» من مَسك بالفتح ورويت بالكسر، ولكن التي عندنا بالفتح، والمَسك الجلد، وكان الحُلي الذي عند حُيي بن أخطب في مَسك ثور يعني في جلد ثور من كثرته.   

"فتتبع أثر الدم" تُلاحقه وتمحوه بهذه الفرصة، سواءً كانت جِلدًا فيه طيب أو مِسكًا الذي هو معروف، وقال بعضهم: إن الجلد أصوب؛ لأن الحال فيها شُح، فكيف يوجد المسك لكل مغتسلة؟ وبعضهم يقول: لا، عُرِف العرب بعنايتهم بالطِّيب، وهو موجودٍ عندهم، وليس المقصود الطِّيب بكثرة، إنما هو شيءٌ يسير يُقاوم الرائحة، وكما قلنا في درسٍ مضى أن من أكل أو شرب شيئًا له رائحة قبيحة عليه أن يُخففه بالطِّيب، يعني من أكل ثومًا أو بصلًا وانتظر الصلاة خمس ساعات ست ساعات وخف بعد ذلك وبقي شيء يسير يُقاومه بطيب مثل ما أُمِرت به المغتسلة من الحيض، وقُل مثل هذا لصحاب الدخان وغيره.

قال –رحمه الله-:"حدَّثنا يحيى" مختلفٌ فيه هل هو يحيى أبو موسى البلخي أو يحيى بن الجعفر؟ ولا يختلف الأمر حتى لو لم نقف على اسم والده وبقي مبهمًا، وأما إذا فُسِّر بأكثر من واحد وكلاهما ثقة فالحديث أينما دار فقد دار على ثقة.

وكثير من المبهمات ما وُصِل فيها إلى تعيينٍ دقيق، يختلفون، وكلٌّ له رأيه، ولكن لا يكون من أوجه الخلاف من هو ضعيف؛ لأن الحديث في الصحيح.

"عن منصور بن صفية" وهي بنت شيبة بن عثمان بن أبي طلحة؛ منصور بن صفية نُسِب إلى أمه لشهرتها، ولا مانع من ذلك فقد دخل النبي –عليه الصلاة والسلام- المسجد وهو حاملٌ أُمامة بنت زينب.

وقال بعضهم وهو معدودٌ من الأقوال الشاذة: إن الناس يُدعون يوم القيامة بأسماء أمهاتهم، فيُقال: فلان ابن فلانة، ويستدل بالآية، ولا دليل فيها {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} [الإسراء:71] جمع أم، وعللوا ذلك بأنه سترًا على أولاد الزنا، وتشريفًا لعيسى ابن مريم.

على كل حال القول غير صحيح، وأدلته لا تُقاوم ما جاء من أنه يُدعى بأحب الأسماء إليه، يُدعى يوم القيامة بأحب الاسماء إليه.

وهنا "منصور ابن صفية" نُسب إلى أمه؛ لأنها أشهر من أبيه. 

"عن أمه" صفية بنت شيبة بن عثمان.

"عن أمه عن عائشة" أم المؤمنين.

"أن امرأةً" أيضًا هذه مُبهمة، سُميت في صحيح مسلم أنها أسماء بنت شكل، وسُميت في غيره أسماء بنت السَّكن، ولا شك أن ما في صحيح مسلم أرجح من غيره.

"سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- عن غُسلها من المحيض" الغين ساقطة.

"عن غُسلها من المحيض، فأمرها كيف تغتسل، قال: «خُذِي»" هذا الأمر، يعني أمرها بقوله: "«خُذِي فِرْصَةً مِنْ مَسْكٍ، فَتَطَهَّرِي بِهَا» قالت: كيف أتطهر؟ قال: «تَطَهَّرِي بِهَا» قالت: كيف؟ قال: «سُبْحَانَ اللَّهِ! تَطَهَّرِي»" بعض الناس ما يفهم إلا باللفظ الصريح الذي لا يحتمل، مدرس يشرح في قاعة على طلاب، وفيهم أعاجم، فمر في الدرس ذِكر الذكر، قال: ما هذا يا أستاذ؟ قال: الذكر، وذكر له ما يعرف من أسمائه، وما يُطلق عليه ما فهم، ما فيه فائدة، قال لجاره: فهمه، لا بُد من الإشارة في مثل هذه الحالة ماذا يسوي؟

عائشة ماذا فعلت يوم رأت هذه المرأة ما فهمت؟ قال: «سُبْحَانَ اللَّهِ! تَطَهَّرِي» الرسول ما عنده غير هذا، الأماكن التي يُستحيا من ذكرها كالعورات يُكنى عنها، وبعض الناس ما عنده أدنى تردد يذكر اللفظ أيًّا كان هذا ليس من الأدب الشرعي.     

 تقول عائشة: "فاجتبذتها إلي" ما فيه فائدة، "فاجتبذتها إلي فقلت: تتبعي بها أثر الدم" قد تحتاج إلى تعليم أكثر من هذا ما يحتاج "أثر الدم" يعني: في موضعه، وموضعه معروف، ما يحتاج إلى زيادة شرح، الإشكال أن الذي ما يفهم الاصطلاحات كالأعاجم والبلدان التي تختلف أعرافها فهذه لا بُد من البيان حتى يفهم.

قال الحافظ –رحمه الله-: " قوله‏:‏ ‏"باب دلك المرأة نفسها..." إلى آخر الترجمة قيل‏:‏ ليس في الحديث ما يطابق الترجمة؛ لأنه ليس فيه كيفية الغسل ولا الدلك‏.‏

وأجاب الكرماني تبعًا لغيره بأن تتبع أثر الدم يستلزم الدلك، وبأن المراد من كيفية الغسل الصفة المختصة بغسل المحيض وهي التطيب لا نفس الاغتسال‏. انتهى.

وهو حسنٌ على ما فيه من كُلفة، وأحسن منه أن المصنِّف جرى على عادته في الترجمة بما تضمنه بعض طرق الحديث".

الكرماني لا يستحضر الطرق؛ لأنه ليس من أهل الحديث، لكن يُبدي مناسبات يُبدع فيها، وأحيانًا يُغرِب، ويستفيد منه من أتى بعده من الشراح، وإذا زل ما رحموه جلدوه، وهو متقدمٌ عليهم، وله فضل عليهم، صحيح أنه ليس من أهل الصنعة، لكن أبدع في مواطن، وغفل في مواطن؛ لأنه ليس من أهل الصنعة، ليس من أهل الحديث، لكنه مع ذلك في شرحه من الفوائد ما لا يُوجد في غيره على اختصار، وفيه من المتعة وتحبيب القراءة لطالب العلم.

أساء في مواضع يسيرة للمصنِّف للبخاري إذا عجز عن إظهار المناسبة تكلم بكلامٍ لا يليق بالبخاري –رحمه الله- وهذا قليل نادر يعني في مواضع يسيرة.

طالب:........

هو فقيه شافعي ومن الأشعرية، وفيه مخالفات أخرى، يقول: إنه كتب هذا التأليف أمام الحجرة النبوية، وختمه عند قبر ابن عباس بالطائف، فهو عنده شيء من تعظيم القبور، وهو أشعري مائة بالمائة.

طالب: ليس كالنووي وابن حجر.

لا، مائة بالمائة، النووي أبدًا.

طالب: أحيانًا.

لا لا ما أعرف، أحيانًا هو النووي –رحمه الله- يتبع الدليل أحيانًا في الفروع، أما التأويل وما التأويل على طريقة الأشاعرة...ابن حجر هو الذي أحيانًا مع أنهم يقولون: إن النووي رجع، وكذلك ابن حجر أثبت ذلك بعض الشيوخ، والنووي وجدوا له رسالة صغيرة فيها شيء من الرجوع، لكن ما في شرحه على مسلم جارٍ على مذهب الأشعرية.

طالب:........

نعم طُبِعت وفُقِدت، نعم.

طالب:........

ما هو بنظافةٍ تامة، لكن أفضل مما كان عليه مثل الأشعري الإمام رجع عن مذهب الاعتزال إلى مذهبٍ فيه لوث -رحم الله الجميع- نعم.

طالب:........

ما هو؟

طالب:........

منسوبٌ أنه فيه، نعم.

طالب:........

ما هو بعيد.    

"وأحسن منه أن المصنِّف جرى على عادته في الترجمة بما تضمنه بعض طرق الحديث الذي يورده، وإن لم يكن المقصود منصوصًا".

أحيانًا يردون عليه لاسيما ابن حجر إذا جاء بكلامٍ يدل على عدم إحاطته بطرق الحديث، ويشرح هذه الطريق بما يظهر له من فهمه وفيه طريق أوضح من هذا الطريق الذي شرحه، يقول ابن حجر: وهو جهلٌ بالكتاب الذي يشرحه؛ لأن الطريقة الثانية موجودة في البخاري، نعم.

"وأحسن منه أن المصنِّف جرى على عادته في الترجمة بما تضمنه بعض طرق الحديث الذي يورده، وإن لم يكن المقصود منصوصًا فيما ساقه، وبيان ذلك أن مسلمًا أخرج هذا الحديث من طريق ابن عيينة عن منصور التي أخرجه منها المصنف، فذكر بعد قوله: كيف تغتسل ‏"‏ثم تأخذ‏"‏ زاد ‏"‏ثم‏"‏ الدالة على تراخي تعليم الأخذ عن تعليم الاغتسال، ثم رواه من طريقٍ أخرى عن صفية، عن عائشة وفيها شرح كيفية الاغتسال المسكوت عنها في رواية منصور، ولفظه، فقال: «تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها فتطهر فتحسن الطهور، ثم تصب على رأسها فتدلكه دلكًا شديدًا حتى تبلغ شئون رأسها -أي أصوله- ثم تصب عليها الماء، ثم تأخذ فِرصة» فهذا مراد الترجمة لاشتمالها على كيفيه الغسل والدلك، وإنما لم يخرج المصنف هذه الطريق؛ لكونها من رواية إبراهيم بن مهاجر عن صفية، وليس هو على شرطه‏.‏

قوله‏:‏ ‏"‏حدَّثنا يحيى" هو ابن موسى البلخي كما جزم به ابن السَّكن في روايته عن الفربري‏.

وقال البيهقي‏:‏ هو يحيى بن جعفر، وقيل: إنه وقع كذلك في بعض النسخ‏.‏

قوله‏:‏ ‏"‏عن منصور بن صفية"‏ هي بنت شيبة بن عثمان بن أبي طلحة العبدري، نُسب إليها لشهرتها، واسم أبيه عبد الرحمن بن طلحة بن الحارث بن طلحة بن أبي طلحة العبدري، وهو من رهط زوجته صفية، وشيبة له صحبةٌ، ولها أيضًا، وقُتل الحارث بن طلحة بأحد، ولعبد الرحمن رؤية، ووقع التصريح بالسماع في جميع السند عند الحميدي في مسنده‏.‏

قوله‏:‏ ‏"‏أن امرأة‏" زاد في رواية وهيبٍ ‏"‏من الأنصار‏"‏، وسماها مسلمٌ في رواية أبي الأحوص عن إبراهيم بن مهاجر أسماء بنت شكل بالشين المعجمة والكاف المفتوحتين ثم اللام، ولم يُسم أباها في رواية غندر، عن شعبة، عن إبراهيم، وروى الخطيب في المبهمات من طريق يحيى بن سعيد عن شعبة هذا الحديث، فقال‏:‏ أسماء بنت يزيد بن السكن بالمهملة والنون الأنصارية التي يُقال لها: خطيبة النساء، وتبعه ابن الجوزي في (التلقيح) والدمياطي وزاد أن الذي وقع في مسلمٍ تصحيف".

(التلقيح) معروف لابن الجوزي؟

طالب: التلقيح.

التلقيح كتاب من أهم الكتب، لكنه ليس معروفًا عند أهل العلم، عند طلاب العلم وإلا فهو عند أهل العلم معروف، مطبوع في مجلد من أربعين سنة، وبيِع بكثرة في المكتبات، ثم انقطع (تلقيح فهوم أهل الأثر) كتابٌ نافع جدًّا. 

"وتبعه ابن الجوزي في (التلقيح)، والدمياطي وزاد أن الذي وقع في مسلمٍ تصحيف؛ لأنه ليس في الأنصار من يُقال له: شكل، وهو ردٌّ للرواية الثابتة بغير دليل، وقد يحتمل أن يكون شكل لقبًا لا اسمًا، والمشهور في المسانيد والجوامع في هذا الحديث أسماء بنت شكل كما في مسلم، أو أسماء لغير نسبٍ كما في أبي داود، وكذا في مستخرج أبي نعيم من الطريق التي أخرجه منها الخطيب، وحكى النووي في شرح مسلم الوجهين بغير ترجيحٍ، والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏"فأمرها كيف تغتسل قال‏:‏ «خذي‏»"‏ قال الكرماني: هو بيان لقولها: ‏"‏أمرها‏"‏، فإن قيل: كيف يكون بيانًا للاغتسال، والاغتسال صب الماء لا أخذ الفرصة‏؟‏ فالجواب: أن السؤال لم يكن عن نفس الاغتسال؛ لأنه معروفٌ لكل أحد، بل كان لقدرٍ زائد على ذلك‏.‏

وقد سبقه إلى هذا الجواب الرافعي في شرح المسند".

أي مسند؟ مسند الشافعي، واسمه (شافي العي) اسم الشرح.

"وقد سبقه إلى هذا الجواب الرافعي في شرح المسند، وابن أبي جمرة وقوفًا مع هذا اللفظ الوارد".

ابن أبي جمرة؟

طالب: نعم.

ما كتابه؟

مر ذكره مرارًا في هذا الكتاب يعتمدون عليه، الأصل (مختصر ابن أبي جمرة لصحيح البخاري) اقتصر فيه على ثلاثمائة حديث، وشرحها في مجلدين، أربعة أجزاء في مجلدين اسمه (شرح بهجة النفوس وتحليها بمعرفة ما لها وما عليها) فيه فوائد كثيرة، لكن الإشكال أنه ختمه فيما يقرب من ثمانين أو قريب من مائة صفحة رُؤى ومنامات وخُرافات، وإلا فالشرح فيه نفائس يعتمد عليه الشراح، ويعتقدون في ابن أبي جمرة الولاية إلى غير ذلك مما هو عندهم، والله المستعان.

قال: الإمام القدوة قول ابن حجر وغيره في ابن أبي جمرة.  

"قوله‏:‏ «‏فِرصة‏»‏ بكسر الفاء، وحكى ابن سيده تثليثُها".

تثليثَها.

"وحكى ابن سيده تثليثَها، وبإسكان الراء وإهمال الصاد‏:‏ قطعةً من صوفٍ أو قطن أو جلدةٍ عليها صوف حكاه أبو عبيد وغيره، وحكى أبو داود أن في رواية أبي الأحوص ‏"‏قرصة‏"‏ بفتح القاف، ووجهه المنذري، فقال‏:‏ يعني شيئًا يسيرًا مثل القرصة بطرف الإصبعين‏، انتهى‏.‏

ووهم من عزا هذه الرواية للبخاري‏.‏

وقال ابن قتيبة‏:‏ هي ‏"قرصةٌ‏"‏ بفتح القاف".

بالضاد.

"قرضةٌ بفتح القاف وبالضاد المعجمة‏.‏

وقوله‏:‏ «‏من مَسك‏»‏ بفتح الميم، والمراد قطعة جلد، ووهى رواية من قال: بكسر الميم، واحتج بأنهم كانوا في ضيقٍ يمتنع معه أن يمتهنوا المسك مع غلاء ثمنه‏.‏

وتبعه ابن بطال".

فيه واو واحدة أم ثنتان؟

طالب: أين يا شيخ؟

وهى.

طالب: واوان.

طالب:.........

خطأ.

طالب: في عين وسين وهي رواية وهو خطأ.

نعم.

طالب: يقول وهو خطأ.

وهي روايةٌ من قاله: بكسر الميم هذا خطأ، صحيح.

وهى: يعني ضعَّف، نعم.

طالب:.........

التثليث الحركات الثلاث، نعم.

"ورجح النووي الكسر وقال‏:‏ إن الرواية الأخرى وهي قوله «فِرصة ممسكةً» تدل عليه، وفيه نظر؛ لأن الخطابي قال:‏ يحتمل أن يكون المراد بقوله «ممسكةً» أي مأخوذة باليد".

لحظة لحظة.

واحتج بأنهم كانوا في ضيقٍ يمتنع معه...

طالب: يمتنع معه أن يمتهنوا المسك مع غلاء ثمنه، وتبعه ابن بطال.

"وفي المشارق أن أكثر الروايات بفتح الميم، ورجح النووي الكسر وقال‏:‏ إن الرواية الأخرى وهي قوله: «فِرصة ممسكةً» تدل عليه، وفيه نظر؛ لأن الخطابي قال:‏ يحتمل أن يكون المراد بقوله: «ممسكةً» أي مأخوذة باليد يقال: أمسكتَه".

أمسكتُه ومسَّكتُه {وَالَّذِينَ يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ} [الأعراف:170] نعم.

"أمسكتُه ومسَّكتُه، لكن يبقى الكلام ظاهر الرِّكة؛ لأنه يصير هكذا‏:‏ خُذي قطعةً مأخوذة‏.‏

وقال الكرماني‏:‏ صنيع البخاري يشعر بأن الرواية عنده بفتح الميم حيث جعل للأمر بالطيب بابًا مستقلاً‏،‏ انتهى‏".

وحينئذٍ يكون تكرارًا، إذا كان المِسك هو الطِّيب صار كالباب الذي مر، يكون مِسك وطيب، والمِسك من الطِّيب، فيكون تكرارًا، لكن...

"واقتصار البخاري في الترجمة على بعض ما دلت عليه لا يدل على نفي ما عداه، ويقوي رواية الكسر وأن المراد التطيب ما في رواية عبد الرزاق حيث وقع عنده ‏"‏من ذريرة‏"‏ وما استبعده ابن قتيبة من امتهان المسك ليس ببعيد؛ لما عُرف من شأن أهل الحجاز من كثرة استعمال الطيب، وقد يكون المأمور به من يقدر عليه‏.‏

قال النووي‏:‏ والمقصود باستعمال الطيب دفع الرائحة الكريهة على الصحيح‏.‏

وقيل: لكونه أسرع إلى الحبل‏.‏

حكاه الماوردي قال‏:‏ فعلى الأول إن فقدت المسك استعملت ما يخلفه في طيب الريح، وعلى الثاني ما يقوم مقامه في إسراع العلوق‏.‏

وضعَّف النووي الثاني وقال‏:‏ لو كان صحيحًا لاختصت به المُزوَّجة‏.‏

قال‏:‏ وإطلاق الأحاديث يرده، والصواب أن ذلك مستحبٌ لكل مغتسلةٍ من حيضٍ أو نفاس، ويُكره تركه للقادرة، فإن لم تجد مسكًا فطيبًا، فإن لم تجد فمزيلاً كالطين، وإلا فالماء كافٍ".

"فإن لم تجد فمزيلاً كالطين، وإلا فالماء كافٍ" كيف يكون الطين مزيلًا؟ أنتم ما ترون الذين يطلعون للبر في البراري وليس معهم صابون ولا مزيل يستعملون الرمل.

طالب: يبقى شيء من الأثر.

الدهن يزول فكيف بالدم! نعم.

"وقد سبق في الباب قبله أن الحادة تتبخر بالقسط فيجزئها‏.‏

قوله‏:‏ ‏«فتطهري‏»‏ قال في الرواية التي بعدها ‏«توضئي» أي: تنظفي‏.‏

قوله: «‏سبحان الله‏»‏ زاد في الرواية الآتية ‏"‏استحيا وأعرض‏"‏، وللإسماعيلي: ‏"‏فلما رأته استحيا علمتها‏" وزاد الدارمي ‏"‏وهو يسمع فلا يُنكر‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏"‏أثر الدم‏"‏ قال النووي‏:‏ المراد به عند العلماء الفرج".

"أثر الدم" أثر هو المحل الذي هو الفرج، أو الأثر ما يبقى منه مما يدل عليه‏؟

طالب: مما وصله الدم.

مما يدل عليه، وهنا حينما قال: "المراد به عند العلماء الفرج" يعني هذا  من إطلاق الحال وإرادة المحل.

"وقال المحاملي‏:‏ يُستحب لها أن تطيب كل موضعٍ أصابه الدم من بدنها، قال‏:‏ ولم أره لغيره، وظاهر الحديث حجة له‏".

لأنه إذا عُرِفت العلة فلا يلزم لزوم المكان فقط، والعلة معروفة؛ لأن الدم هذا دم الحيض له رائحة، فيُقاوم أو تُقاوم هذه الرائحة بالطيب أيًّا كان. ‏

"قلت‏:‏ ويصرح به رواية الإسماعيلي ‏"‏تتبعي بها مواضع الدم‏"‏‏.‏

وفي هذا الحديث من الفوائد: التسبيح عند التعجب، ومعناه هنا كيف يخفى هذا الظاهر الذي لا يحتاج في فهمه إلى فكر‏؟".

لكن الناس يتفاوتون في أفهامهم، يتفاوتون بعضهم يفهم بالإشارة، وبعضهم يفهم بالعبارة لأول مرة، وبعضهم لا بُد من التكرار، وبعضهم...ومن زاول التدريس عرف هذا؛ ولذا من الظلم أن يُحشر النوابغ مع الأغبياء في قاعةٍ واحدة، هذا يفهم بسرعة، وهذا يحتاج إلى أن يُكرر عليه، حتى يمل ذاك الذكي، بعضهم يترك الدراسة لهذا يمل، ويُحشرون في صف واحد، حتى لا يتخرجوا من التعليم الجامعي إلا في ستة عشر سنة، وهذا يمكن أن يتخرج بسنتين، ثلاث، وهذا له خمسون سنة بكيفه؛ لأن هذا ظلم، والله ظلم، يُحشر هذا الطالب الذكي العبقري مع طلابٍ ما يفهمون، معنا طلاب في معهد في المرحلة الثانوية خمسة أو ستة ينتهي الأستاذ أو الشيخ من الشرح فيقوم واحد يقول: أعد، فيعيد، ثم يقوم الثاني بعده يقول: أعد، حتي يأتي الخمسة، لا الشيخ يتحمل ولا الطلاب يتحملون، فتصنيف الطلاب على حسب قدراتهم وما أوتوا من الذكاء ينبغي أن يكون موجودًا، صحيح فيه مشقة، وقد تدخله بعض المحسوبيات.

الشيخ حافظ الحكمي لما جاءهم الشيخ عبد الله القرعاوي وفتح المدارس؛ ورفض أبوه في أول الأمر أن ينضم إلى المدارس؛ ليرعى الغنم، لما مات أبوه التحق بمدرسة الشيخ القرعاوي وسنتين أو ثلاث وألِّف معارج القبول، وتُوفي الشيخ عن ثلاثة وثلاثين سنة -رحمه الله-.       

‏"وفيه: استحباب الكنايات فيما يتعلق بالعورات‏.‏

وفيه: سؤال المرأة العالم عن أحوالها التي يُحتشم منها؛ ولهذا كانت عائشة تقول في نساء الأنصار: ‏"‏لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين‏"‏‏ كما أخرجه مسلم في بعض طرق هذا الحديث، وتقدم في العلم معلقًا‏.‏

وفيه: الاكتفاء بالتعريض والإشارة في الأمور المستهجنة، وتكرير الجواب لإفهام السائل، وإنما كرره مع كونها لم تفهمه أولاً؛ لأن الجواب به يؤخذ من إعراضه بوجهه عند قوله: ‏«توضئي» أي في المحل الذي يُستحيا من مواجهة المرأة بالتصريح به، فاكتفى بلسان الحال عن لسان المقال، وفهمت عائشة -رضي الله عنها- ذلك عنه، فتولت تعليمها‏.‏

وبوب عليه المصنف في (الاعتصام) الأحكام التي تعرف بالدلائل.

وفيه: تفسير كلام العالم بحضرته لمن خفي عليه إذا عرف أن ذلك يعجبه‏".

نعم، لكن ما يؤخذ هذا على إطلاقه؛ لأن بعض الطلاب يصير عنده نوع نباهة وجودة، ويسبق المعلم إذا أراد شيئًا، بعض المعلمين ما يرضى في مثل هذا، وعاصرنا منهم من يُبادر بالجواب قبل أن يُسأل، أو يُبادر بالخبر قبل أن يذكر  المعلم المبتدأ، قد يكون المعلم يُعجبه أن يُجيب بعض الطلاب؛ ليعرف مدى تأثيره في الطلاب وإفادته لهم، لكن ما هو على إطلاقه، يعني بعض الطلاب فيه لقافة زائدة.

طالب:........

ماذا؟

طالب:........

نعم فهِمت المراد.

طالب:........

الذي يمكن الأمر به أو هذا أول ما حصل. 

"وفيه: الأخذ عن المفضول بحضرة الفاضل‏.‏

وفيه: صحة العرض على المحدِّث إذا أقره ولو لم يقل عقبه: نعم".

العرض على المُحدِّث والرواية بالعرض الذي هو القراءة على الشيخ صحيحةٌ بالإجماع، فيأتي الطالب ويقرأ على الشيخ ما سمعه من حديثه يقرأه عليه، فإذا سكت الشيخ ما يحتاج أن يقول: نعم.

إذا قال للشيخ: أخبرك فلان، عن فلان، عن فلان ذكر السند، ثم ذكر الحديث فما يحتاج أن يقول: نعم، وبعضهم يشترط ذلك. 

"وفيه: صحة العرض على المحدِّث إذا أقره ولو لم يقل عقبه: نعم، وأنه لا يُشترط في صحة التحمل فهم السامع لجميع ما يسمعه".

نعم إذا حفظ اللفظ وأداه كما سمعه كفى، ولو لم يفهمه «وَرُبَّ مُبَلَّغ أوْعَى من سامع». ‏

"وفيه: الرفق بالمتعلم وإقامة العذر لمن لا يفهم‏.‏

وفيه: أن المرء مطلوبٌ بستر عيوبه، وإن كانت مما جُبل عليها من جهة أمر المرأة بالتطيب لإزالة الرائحة الكريهة‏.‏

وفيه حُسن خلقه -صلى الله عليه وسلم- وعظيم حلمه وحيائه‏،‏ زاده الله شرفًا‏".

طالب:.......

المرأة تحملت الحديث وروته أداءً ما فهمته.

طالب:.......

ماذا؟

طالب:.......

التحمل لجميع الرواة في جميع طبقات السند كلهم، الرواية لها طرفان:

الأول: التحمل.           الثاني: الأداء.

طالب:.......

ماذا؟

طالب:.......

وصفية تحملت وأدت، أدت لولدها، تحملته من عائشة وأدت لولدها، نعم.

طالب: شيخ، في بعض الروايات سألته أن تعلمها.

سيأتي في الرواية الثانية التي بعدها.

نعم.   

قال البخاري –رحمه الله تعالى-: "باب غُسل المحيض:

حدَّثنا مسلمٌ، قال: حدَّثنا وهيبٌ، قال: حدَّثنا منصورٌ، عن أمه، عن عائشة –رضي الله عنه- أن امرأةً من الأنصار قالت للنبي -صلى الله عليه وسلم-: كيف أغتسل من المحيض؟ قال: «خُذِي فِرْصَةً مُمَسَّكَةً، فَتَوَضَّئِي ثَلاَثًا» ثم إن النبي -صلى الله عليه وسلم- استحيا، فأعرض بوجهه، أو قال: «تَوَضَّئِي» فأخذتها فجذبتها، فأخبرتها بما يريد النبي -صلى الله عليه وسلم-".

عندك غَسل أم غُسل؟

طالب:.......

الغُسل الذي هو الاغتسال، والغَسل غسل الموضع وهو الذي عليه الحديث؛ ولذا ضبط هنا "باب غَسل المحيض" الذي هو مكان الحيض.

"حدَّثنا مسلمٌ" ابن إبراهيم "قال: حدَّثنا وهيبٌ" ابن خالد في طبقته وهيب بن الورد وهو ثقة أيضًا.

"قال: حدَّثنا منصورٌ" وهو ابن صفية الذي تقدم في السند الماضي "عن أمه صفية.

"عن عائشة أن امرأةً من الأنصار" هناك "عن عائشة أن امرأةً سألت النبي" يعني مُبهمة، وكونها من الأنصار أيضًا لا يُفيد تعيينها إلا بتقليل الاحتمال، وتقدم أن اسمها أسماء بنت شكل أو بنت يزيد بن السكن.

"قالت للنبي -صلى الله عليه وسلم-: كيف أغتسل من المحيض؟ قال: «خُذِي فِرْصَةً مُمَسَّكَةً، فَتَوَضَّئِي ثَلاَثًا»" والوضوء هنا اللغوي أو الشرعي؟ اللغوي الذي هو التنظيف.

"ثم إن النبي -صلى الله عليه وسلم- استحيا" وجاء في وصفه وفي شمائله أنه كان أحيا من العذراء في خدرها –عليه الصلاة والسلام- والحياء لا يأتي إلا بالخير.

"فأعرض بوجهه، أو قال: «تَوَضَّئِي بها» فأخذتها".

تقول عائشة: "فأخذتها فجذبتها، فأخبرتها بما يريد النبي صلى الله عليه وسلم" يعني أنها لما لم تفهم بيَّنت لها عائشة المراد بالأسلوب الذي تفهمه، نعم.

قال الحافظ –رحمه الله-: "قوله‏:‏ ‏"‏باب غسل المحيض‏"‏ تقدم توجيهه في الترجمة التي قبله‏.‏

قوله‏:‏ ‏"حدثنا مسلمٌ‏ٌ"‏ هو ابن إبراهيم، ومنصورٌ هو ابن صفية المذكور في الإسناد قبله‏.‏

قوله‏:‏ «فَتَوَضَّئِي ثَلاَثًا» يحتمل أن يتعلق قوله «ثَلاَثًا» بتوضئي أي: كرري الوضوء ثلاثًا، ويحتمل أن يتعلق بقال، ويؤيده السياق المتقدم، أي قال لها ذلك ثلاث مرات‏.".

يعني كرر، دائمًا يأتي الإشكال في قول الراوي ثلاثًا بعد جملةٍ يحتمل أن تكون راجعة إلى الكلام نفسه أو إلى المتكلَّم به، نعم.

طالب: لكن هذا يا شيخ الأظهر أنه...توضئي ثلاثًا كالوضوء الشرعي.

لا «فَتَوَضَّئِي ثَلاَثًا» قلنا: الوضوء ما هو بالوضوء الشرعي يعني الغسل ثلاث.

طالب: نعم كالوضوء الشرعي يأمرها ثلاث مرات.

نعم.

طالب:...... 

كرر الكلام نعم؛ لأنه ذكره الحافظ "ويؤيده السياق المتقدم، أي قال لها ذلك ثلاث" كرر عليها أم فهمت، يعني بالكلام.

"قوله‏:‏ ‏"‏أو قال‏" كذا وقع بالشك في أكثر الروايات، ووقع في رواية ابن عساكرٍ ‏"وقال‏"‏ بالواو العاطفة، والأولى أظهر، ومحل التردد في لفظ ‏"‏بها‏"‏ هل هو ثابتٌ أم لا، والتردد واقعٌ بينه وبين لفظ ‏"‏ثلاثًا‏"‏ والله أعلم‏".

التردد أو التردد ماذا عندك أنت؟

طالب: ومحل التردد في لفظ ‏«‏بها‏»‏ هل هو ثابتٌ أم لا، أو التردد واقعٌ بينه وبين لفظ ‏"‏ثلاثًا".

هذا.

اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد.

"