شرح زاد المستقنع - كتاب المناسك (07)

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: الفدية:

يخير بفدية حلق وتقليم وتغطية رأس، وطيب، ولبس مخيط بين صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين مد بر أو نصف صاع تمر أو شعير، أو ذبح شاة، وبجزاء صيد بين مثلٍ إن كان، أو تقويمه بدراهم يشتري بها طعاماً فيطعم كل مسكين مداً، أو يصوم عن كل مد يوماً، وبما لا مثل له بين إطعام وصيام، وأما دم متعة وقران فيجب الهدي، فإن عدمه فصيام ثلاثة أيام، والأفضل كون آخرها يوم عرفة، وسبعة إذا رجع إلى أهله، والمحصر إذا لم يجد هدياً صام عشرةً ثم حل، ويجب بوطء في فرج في الحج بدنة، وفي العمرة شاة، وإن طاوعته زوجته لزمها".

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

يقول -رحمه الله تعالى-:

"باب: الفدية" في مفيد الأنام للشيخ ابن جاسر -رحمه الله-، وهو منسك موسع وماتع ونفيس جامع لشتات الفوائد، وهو قابل للاختصار نقلاً عن حاشية الإقناع للشيخ منصور يقول: "الفداء ما يعطى في افتكاك الأسير، أو إنقاذ من هلكة، وإطلاق الفدية في محظورات الإحرام فيه إشعار بأن من أتى محظوراً منها فكأنه صار في هلكة يحتاج إلى إنقاذه منها بالفدية التي يعطيها، وسبب ذلك -والله أعلم- تعظيم أمر الإحرام، وأن محظوراته من المهلكات لعظم شأنه، وتأكد حرمته".

يقول: "ولم أجد من اعتنى بالتنبيه على هذا فليستفد فإنه من النفائس" هذا كلام منصور في حاشيته على الإقناع، ومنصور يقول: "كذا رأيته بخط ابن نصر الله البغدادي" والفدية مصدر يقال: فداه وفاداه أعطى فداءه، كما يقال: فدّاه إذا قال له: جُعلتُ فداءك، والفدية والفِداء والفَدا والفِدا بمعنى إذا كسر أوله يمد ويقصر، وإذا فتح أوله قصر، والفدية في الشرع: دم أو صوم أو إطعام يجب بسبب نسك كدم تمتع وقران، أو يجب بسبب ترك واجب كترك الإحرام من الميقات أو الوقوف بعرفة إلى الليل لمن وقف نهاراً وسائر الواجبات كترك المبيت بمزدلفة أو ليالي منى، أو ترك رمي الجمار، أو طواف الوداع، أو يجب بسبب فوات الحج بعدم وقوفه بعرفة لعذر حصر أو غيره حتى طلع فجر يوم النحر، ولم يشترط، فإن اشترط فلا دم عليه، أو يجب لفعل محظور من محظورات الإحرام، أو يجب بسبب حرم مكة كقتل صيده، وقطع حشيشه ونباته وشجره، هذه خلاصة باب الفدية، يعني ما تجب به الفدية من فعل أو ترك.

محظورات الإحرام من حيث الفدية وعدمها تنقسم إلى أربعة أقسام:

الأول: ما لا فدية فيه، وهو عقد النكاح.

الثاني: ما فديته مغلظة وهو الجماع في الحج قبل التحلل الأول.

والثالث: ما فديته الجزاء أو بدله وهو قتل الصيد.

والرابع: ما فديته فدية أذى وهو بقية المحظورات.

يقول الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى-: هذه القسمة حاصرة تريح طالب العلم.

ما لا فدية فيه وهو عقد النكاح، ما فديته مغلظة وهو الجماع، ما فديته الجزاء أو بدله وهو قتل الصيد، ما فديته فدية أذى وهو بقية المحظورات.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "يخير بفدية حلق وتقليم، وتغطية رأس، وطيب، ولبس مخيط بين صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين مد بر أو نصف صاع تمر أو شعير أو ذبح شاة" من ارتكب محظوراً بأن حلق أكثر من شعرتين على ما تقدم، أو قلم فوق ظفرين على ما سبق، أو غطى رأسه، أو تطيب، أو لبس مخيطاً، يخير بين ثلاثة أشياء؛ لقوله -عليه الصلاة والسلام- لكعب بن عجرة: ((لعلك آذاك هوام رأسك؟)) قال: نعم يا رسول الله، فقال: ((احلق رأسك، وصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، أو انسك شاة)) متفق عليه، وقد تقدم، و(أو) للتخيير، وهذا في حلق الرأس، وقيس الباقي على حلق الرأس، والمانعون للقياس يمنعون الفدية في هذه الثلاثة، وتفريق المؤلف بين البر وغيره بناء على فعل معاوية في زكاة الفطر وأن البر على النصف من غيره، والصواب عدم التفريق كما هو مذهب أبي سعيد الخدري، وأنه ما زال يخرجها صاعاً كاملاً على عهده -عليه الصلاة والسلام- من البر وغيره.

يقول -رحمه الله-: "وبجزاء صيد بين مثلٍ إن كان" يعني إن وجد "أو تقويمه بدراهم يشتري بها طعاماً فيطعم عن كل مسكين مداً، أو يصوم عن كل مد يوماً، وبما لا مثل له بين إطعام وصيام" يخير بجزاء الصيد بين ثلاثة أمور:

ذبح المثل إن كان له مثل من النعم، ويتصدق به على فقراء الحرم؛ لقوله تعالى: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [(95) سورة المائدة] أو يقوم المثل بمحل التلف أو بقربه بدراهم يشتري بها طعاماً يجزئ في فطرة، فيطعم كل مسكين مداً إن كان الطعام براً وإلا فمدين، وفيه ما تقدم من أنه لا فرق بين البر وغيره.

وتقوم المثل هو المذهب عند الحنابلة والشافعية، وعند مالك أن التقويم للصيد نفسه؛ لأن الصيام بدل عن الصيد فوجب اعتباره بالأصل لا بالبدل، والأقرب الأول؛ لأن المثل هو الواجب أصلاً، فإذا كان هو الواجب أصلاً فالواجب قيمته هو الراجح، إيش معنى هذا الكلام؟ معناه أنه إذا صاد حمامة والحمامة فداؤها شاة هل تقوم الحمامة أو تقوم الشاة إذا لم يجد شاة؟

طالب:.......

عند من؟ عندنا الأصل الشاة أو الحمامة؟ نعم؟

طالب:.......

الأصل الحمامة، والشاة مثل فيما حكم به الصحابة على ما سيأتي، فعند المالكية التي تقوم الحمامة، وعند الحنابلة والشافعية التي يقوم المثل، أيهما الأصل؟ الأصل الحمامة، لكن الأصل الشرعي والواجب الشرعي المثل، وليس الواجب الحمامة، يعني لو قتل حمامة نقول: ادفع حمامة لو وجدت؟ فالواجب عليه المثل، فالذي يجب تقويمه المثل، يعني لو قتل حمامة بعشرة ريال، والشاة بخمسمائة ريال، يقول: أنا قتلت حمامة لا بد أن أقوم الحمامة بعشرة ريال وأدفعها، أو أشتري بها طعاماً وأتصدق به، نقول: لا الواجب {فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ} [(95) سورة المائدة] يعني فالواجب عليه مثل ما قتل، والمثل ليس المقصود به عين الشيء، وإنما الواجب فيه ما حكم به الصحابة فهم المرجع في هذا الباب على ما سيأتي -إن شاء الله تعالى-، وفرق كبير بين أن تقوم الحمامة وبين أن تقوم الشاة، فرق بين أن يشتري طعاماً بعشرة وبين أن يشتري طعاماً بخمسمائة، فرق كبير فعلى مذهب المالكية تقوم الحمامة، ويشتري بعشرة ريال طعاماً ويتصدق به، أو ينظر هذا الطعام كم يكفي من مسكين ثم يصوم مكان كل مسكين يوماً، أو يصوم عن كل مد من البر يوماً؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} [(95) سورة المائدة] وهذا قول الأئمة الثلاثة، وهنا كفارة جزاء الصيد على التخيير بين هذه الأمور الثلاثة؛ لأنها جاءت بـ(أو) والمعروف أن (أو) للتخيير، هذا الأصل فيها، وإن كانت لها معان كثيرة.

خير أبح قسّم بـ(أو) وأبهمِ

 

 

...................................
ج

إلى أخر كلام ابن مالك -رحمه الله-، لكن هي هنا عند جماهير أهل العلم للتخيير، عند أبي حنيفة الواجب القيمة في المثل وغيره، قتلت صيداً تجب عليك قيمته، لكن لا اجتهاد مع النص، والله -سبحانه وتعالى- يقول: {فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ} [(95) سورة المائدة] والذي يقدر المثل مسلمان عدلان؛ لقوله تعالى: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ} [(95) سورة المائدة] فالواحد لا يكفي، فلا بد من اثنين، والفاسق لا يكفي؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- نص على العدالة، وهذا كما هو معروف فيما لم تقضِ به الصحابة على ما سيأتي، أما ما قضى به الصحابة فاجتهادهم أولى من اجتهاد غيرهم.

قوله: "وبما لا مثل له بين إطعام وصيام" أن يخير بما لا مثل له بعد أن يقومه بدراهم لتعذر المثل ويشتري بها طعاماً كما سبق بين الإطعام والصيام، إذ لا مثل فتسقط المماثلة، يسقط الخيار الأول، فإما أن يشتري بالقيمة طعاماً يطعمه الفقراء، وإما أن يصوم عن كل مسكين يوماً، ولا شك أن الاختيار يخضع لظروف الإنسان، فمن كان ذا جدة لا شك أن الإطعام أيسر عليه، ومن كان فقيراً فقد يكون الصيام أنسب له، معادلة الصيام بالمد هو مذهب المالكية والشافعية فيصوم لكل مد يوماً، وعند الحنفية يصوم لكل نصف صاع يوماً، والأقرب ما ذهب إليه الحنفية لوروده عن ابن عباس وغيره، وعرفنا أن الأصل في هذه المسألة اجتهاد معاوية -رضي الله عنه- في زكاة الفطر.

يقول -رحمه الله تعالى-: "وأما دم متعة وقران فيجب الهدي، فإن عدمه فصيام ثلاثة أيام، والأفضل كون أخرها يوم عرفة، وسبعة إذا رجع إلى أهله" أما وجوب الدم على المتمتع والقارن فلقوله تعالى: {فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} [(196) سورة البقرة] الآية صريحة في المتمتع وقيس عليها عليها القارن على أن التمتع يشمل القران بالمعنى الأعم للتمتع، وإيجاب الدم على القارن قول جمهور العلماء، وخالف داود الظاهري فقال: ليس على القارن دم لعدم الدليل، الآية نص في المتمتع، لكن الجمهور منهم من يقول: إن القارن قيس على المتمتع، ألحق به، ومنهم من يقول: القارن يدخل في التمتع بمعناه الأعم، وعلى كل حال إيجاب الدم على القارن هو قول جماهير أهل العلم، فإن عدم الدم أو عدم ثمنه حينئذٍ لا يلزمه الاقتراض ولا الشراء بثمن مؤجل لكونه موسراً في بلده لا يلزم، لكن إن اقترض أو اشترى ديناً فالأمر يرجع إليه، فالواجب عليه حينئذٍ صيام ثلاثة أيام في الحج، والأفضل كون أخرها يوم عرفة عند الحنابلة والحنفية، والمذهب الشافعي أن أخرها يوم التروية اليوم الثامن، عند الحنابلة والحنفية يكون أخر أيام الثلاثة يوم عرفة، وعند الشافعية يكون أخرها يوم التروية.

الحنابلة والحنفية استدلوا بما أخرجه ابن جرير والبيهقي عن علي -رضي الله عنه- في قوله تعالى: {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ} [(196) سورة البقرة] قبل يوم التروية يوم، ويوم التروية يوم، ويوم عرفة، واستدل الشافعية بما ورد أن ابن عمر وعائشة -رضي الله عنهم- قالا فيمن تمتع بالعمرة إلى الحج ولم يجد هدياً أن يصوم ما بين أن يهل بالحج إلى يوم عرفة، رواه مالك في الموطأ، وبما ورد من النهي عن صوم يوم عرفة، فقد جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة، والحديث فيه مقال، ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أفطر يوم عرفة بمشهد من الناس؛ ولأن الفطر يوم عرفة أنشط للحاج يستعين بالفطر على الذكر والدعاء، فكان الأفضل أن يصوم قبل يوم عرفة، وهذا هو الأقرب، بل صرح بعض أهل العلم بتحريم صوم يوم عرفة، وألزموه الإثم لو صام.

جوّز الحنفية والحنابلة أن صيام ثلاثة الأيام يبدأ من بعد الإحرام بالعمرة؛ لقوله تعالى: {فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [(196) سورة البقرة] فالإحرام بالعمرة سبب التمتع، فمتى وجد السبب جاز تقديمه على..، جاز تقديم المسبب على الوقت، يعني بعد السبب..، عندنا سبب ووقت يجوز بعد السبب وقبل الوقت، لا يجوز قبل السبب هذا اتفاقاً، يجوز بعد الوقت اتفاقاً، لكن بينهما يجوز عند عامة أهل العلم، والقاعدة تأتي الإشارة إليها -إن شاء الله تعالى-؛ لحديث جابر مرفوعاً: ((دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيام)) وشبك بين أصابعه، رواه مسلم، فإذا أحرم بالعمرة فهو حاج، فيكون صامها حينئذٍ في الحج، شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- يقول: عامة الصحابة كانوا متمتعين وكثير منهم لا يجد الهدي، وقد أحرموا بالحج يوم التروية.

وشيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- يقول: "عامة الصحابة كانوا متمتعين، وكثير منهم لا يجد الهدي، وقد أحرموا بالحج يوم التروية، فلو لم يجز الصيام قبل الإحرام بالحج لوجب تقديم الإحرام بالحج قبل التروية" يعني وهذا خلاف ما وقع من الصحابة معه -عليه الصلاة والسلام-، وذهب الشافعية والمالكية إلى أن صيامها..، أحرموا بالحج يوم التروية بإقراره -عليه الصلاة والسلام-، وذهب الشافعية والمالكية إلى أن صيامها يبدأ من بعد الإحرام؛ لقوله تعالى: {فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [(196) سورة البقرة] فالصيام بعد الإحرام بالحج، إذ الظاهر من اسم الحج الدخول في نفس الحج بالإحرام، الصيام بعد الإحرام بالحج، تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي، يعني لو أحرم بعمرة فقط يلزمه دم؟ لا يلزمه دم، الموجب للدم جمعه بين النسكين، وعلى هذا لا يجب الدم إلا إذا تحقق الجمع، عند من؟ عند الشافعية والمالكية، فعلى هذا يلزمه أن يتقدم بالإحرام قبل يوم التروية؛ ليصوم السابع والثامن والتاسع، أو يصوم السادس، يحرم اليوم السادس فيصوم السادس والسابع والثامن، ويتفرغ يوم عرفة للدعاء والعبادة.

يقول ابن رجب -رحمه الله تعالى- في القواعد: القاعدة الرابعة: العبادات كلها سواء كانت بدنية أو مالية أو مركبة منهما لا يجوز تقديمها على سبب وجوبها، ويجوز تقديمها بعد سبب الوجوب وقبل الوجوب، أو قبل شرط الوجوب، ويتفرع على ذلك مسائل كثيرة، منها صيام التمتع والقران فإن سببه العمرة السابقة للحج في أشهره، فبالشروع في إحرام العمرة قد وجد السبب فيجوز الصيام بعده، وإن كان وجوبه متأخراً عن ذلك، وأما الهدي فقد التزمه أبو الخطاب في انتصاره، ولنا رواية أنه يجوز ذبحه لمن دخل قبل العشر لمشقة حفظه عليه إلى يوم النحر، وعلى المشهور لا يجوز في غير أيام النحر؛ لأن الشرع خصها بالذبح.

القاعدة تشمل الصيام، وتشمل أيضاً الذبح، كيف نقول: بأنه يدخل فيها البدن ولا يدخل فيها المبدل؟ الأصل في القاعدة أنها شاملة للبدل والمبدل، فإذا جاز الصيام قبل وقت الوجوب قبل الإحرام بالحج فضلاً عن كونه قبل يوم النحر، فإذا جاز الصيام قبل ذلك فلئن يجوز الأصل من باب أولى على هذه القاعدة، لكن الشرع خص الذبح بأيام النحر، رواية في المذهب يجوز، إذا تقدم إلى الحج بوقت لا سيما إذا كان قبل العشر والوقت يشق فيه حفظ الهدي فإنه يجوز له أن يذبحه إذا شق عليه حفظه.

تعرفون ما ألف في هذا من: (القول اليسر في جواز نحر الهدي قبل يوم النحر) بناء على هذه القاعدة، والرد على هذا الكتاب في كتاب اسمه: (إيضاح ما توهمه صاحب اليسر في يسره من تجويزه النحر قبل وقت نحره) على كل حال النحر جاءت في الأدلة، وأنه لا يكون إلا في أيام النحر، وإلا فالأصل أن القاعدة شاملة للهدي وبدله.

طالب:........

لا، لا، خله، خله اتركه، الحريص بيلقاه -إن شاء الله-، نعم؟

طالب:........

قبل؟ هو الأصل في الحج، والأصل أنه قبل يوم عرفة، يعني يوم عرفة فما قبل، لكن من لم يستطع الصيام قبل عرفة قبل العيد؛ لأنه يرجم مثلاً أو لم يستطع لم يتمكن من ذلك يأتي أنه يصوم أيام التشريق، نوقش المالكية والشافعية بأن قوله: "في الحج" أي في أشهره بعد وجود السبب إذا الحج أفعال لا يصام فيها، كما أنه مخالف لما فعله الصحابة من صيام قبل الإحرام بالحج، كما تقدم عن شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-، وأما أخر وقت صيام الثلاثة فعند مالك والحنابلة أنه آخر أيام التشريق، وعند الحنفية والشافعية آخرها يوم عرفة، يعني أنه إذا جاء يوم عرفة خلاص ما يصوم عند الحنفية والشافعية، عند الحنابلة والمالكية يصومها أيام التشريق، دليل المذهب خبر عائشة وابن عمر -رضي الله عنهما- قالا: "لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي" رواه البخاري والبيهقي، ورجحه الشوكاني، رجح القول هذا الشوكاني، استدل الحنفية والشافعية بحديث نبيشة الهذلي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله -عز وجل-)) رواه مسلم.

خبر عائشة وابن عمر لا شك أنه خاص بمن لم يجد الهدي، وأما كون أيام التشريق أيام أكل وشرب فهذا لجميع الناس، ولم يذكر المؤلف صيام الثلاثة في أيام التشريق، بل ذكره في كتاب الصيام، تقدمت الإشارة إليه في كتاب الصيام، قوله: وسبعة إذا رجع إلى أهله، كما تقدم ذكره في الآية، ذهب الجمهور إلى أن له أن يصومها بعد أيام منى، وفراغه من أفعال الحج، يعني كونه رجع إلى أهله لا يراد به حقيقة الرجوع إلى الأهل، وإنما يراد به الفراغ من أعمال الحج؛ لأنه إذا فرغ من أعمال الحج فهو في حكم الراجع، والصيام لا يختص به مكان دون مكان، الجمهور ذهبوا إلى أن له أن يصومها بعد أيام منى، وفراغه من أفعال الحج، وتأولوا الرجوع -بالرجوع من أعمال الحج، أي رجوعه إلى حاله قبل الإحرام من الإحلال، وأيضاً فالصوم لا يختص بمكان دون مكان في الشرع، وأيضاً فإن الحجاج إذا صدروا من منى فقد شرعوا في الرجوع إلى أهليهم، هذا قاله شيخ الإسلام في شرح العمدة.

وذهب الشافعية إلى أنه لا يصومها إلا إذا رجع إلى وطنه، وقالوا: إن هذا ظاهر القرآن، وهو أيضاً تفسير النبي -عليه الصلاة والسلام- للآية كما في حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-: ((وسبعة إذا رجع إلى أهله)) نص في الموضع.

يقول الشنقيطي -رحمه الله تعالى-: "التحقيق أن صومها بعد الرجوع إلى أهله؛ لحديث ابن عمر الثابت في الصحيح، فما يروى عن مالك وأبي حنيفة والشافعي -يعني قول الشافعي وإلا المعروف عند الشافعي أنه لا يصومها إلا إذا رجع إلى أهله- فما يروى عن مالك وأبي حنفية والشافعي وغيرهم مما يخالف ذلك من الروايات لا ينبغي التعويل عليه، هذا كلام الشنقيطي لمخالفته الحديث الصحيح، ولفظه: ((فمن لم يجد هدياً فصيام ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله)) هذا لفظ مسلم في صحيحه، ولفظ البخاري: ((فليصم ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله)) فلفظة: ((إذا رجع إلى أهله)) في الصحيحين من حديث ابن عمر مرفوعاً إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو تفسير منه لقوله تعالى: {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [(196) سورة البقرة] وإذا ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في الصحيحين تفسير الرجوع في الآية بالرجوع إلى أهله، يقول الشيخ: "فلا وجه للعدول عنه" وفي صحيح البخاري من حديث ابن عباس بلفظ: ((وسبعة إذا رجعتم إلى أمصاركم)) وكل ذلك يدل على أن صوم السبعة بعد رجوعه إلى أهله لا في رجوعه إلى مكة، ولا في طريقه كما هو ظاهر النصوص التي ذكرنا، بل صريحها، والعدول على النص بلا دليل يجب الرجوع إليه لا يجوز، والعلم عند الله تعالى.

يقول الشيخ: "والأظهر عندي –الشنقيطي- والأظهر عندي أنه إن صام السبعة قبل يوم النحر لا يجزئه ذلك" إن صام السبعة قبل يوم النحر يعني إن صام العشر كلها قبل يوم النحر أنه لا يجزئه ذلك، فما قال اللخمي من المالكية من أنه يرى إجزاءها لا وجه له، والله أعلم، بل لو قال قائل بمقتضى النصوص وقال: لا تجزئ قبل رجوعه إلى أهله لكان له وجه من النظر واضح؛ لأن من قدمها قبل الرجوع إلى أهله فقد خالف لفظ النبي -عليه الصلاة والسلام- الثابت في الصحيحين عن ابن عمر، وهو لفظ منه -صلى الله عليه وسلم- في معرض تفسير آية، والعدول عن لفظه الصريح المبين لمعنى القرآن لو قيل بأنه لا يجزئ فاعله لكان له وجه، والعلم عند الله تعالى.

واعلم أن العاجز عن الهدي في حجه ينتقل إلى الصوم ولو كان غنياً في بلده، هذا هو الظاهر، وإن عجز وابتدأ صوم الثلاثة ثم وجد الهدي، صام يوم أو يومين أو بعض يوم، المقصود أنه شرع في الصيام ثم وجد الهدي بعد أن صام يوم منها أو يومين فالأظهر عندي -يقول الشنقيطي -رحمه الله تعالى- أنه لا يلزمه الرجوع إلى الهدي؛ لأنه دخل في الصوم بوجه جائز، وحينئذٍ لا يجمع عليه بين البدل والمبدل، يقول: لأنه دخل في الصوم بوجه جائز، وأنه لا ينبغي أن ينتقل إلى الهدي، واستحباب الانتقال إلى الهدي هو قول مالك ومن وافقه كالحسن وقتادة والشافعي وأحمد.

وعن ابن أبي نجيح وحماد والثوري والمزني: إن وجد الهدي قبل أن يكمل صوم الثلاثة فعليه الهدي، يعني لو لم يبق من اليوم الثالث إلا ساعة، ثم وجد الهدي عليه أن ينحر الهدي عند هؤلاء، نظير ذلك من تيمم قبل الشروع في الصلاة يلزمه أن يتوضأ إذا وجد الماء، وبعد الشروع في الصلاة محل خلاف، أما بعد الفراغ من الصلاة لا أحد يلزمه إلا قول عند المالكية ما دام في الوقت.

وقيل: متى قدر على الهدي قبل يوم النحر انتقل إليه صام أو لم يصم، يعني لو صام ثلاثة أيام ثم وجد الهدي قبل يوم النحر فإنه يلزمه الانتقال إليه صام أو لم يصم، يقول الشيخ: والأظهر ما قدمناه، والله اعلم.

لا شك الشرع لا يجمع بين البدل والمبدل، يقول الحافظ ابن رجب -رحمه الله تعالى- في قواعده، وذكرنا قيمة هذه القواعد وأهميتها لطالب العلم، يقول -رحمه الله تعالى-: القاعدة السادسة عشرة: إذا كان للواجب بدل فتعذر الوصول إلى الأصل حالة الوجوب، فهل يتعلق الوجوب بالبدل تعلقاً مستقراً بحيث لا يعود إلى الأصل عند وجوده، للمسألة صور عديدة، يقول: منها هدي المتعة، إذا عدمه ووجب الصيام عليه ثم وجد الهدي قبل الشروع فيه فهل يجب عليه الانتقال أم لا؟ قبل الشروع فيه؟ الآن ما وجد الهدي، قلنا: يلزمك الصيام، ما دام أنت غير واجد {فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [(196) سورة البقرة] يلزمك الصيام، خلاص استقر في ذمته الصيام، وجد الهدي قبل الشروع في الصيام بعد أن استقر الصيام في ذمته هل يجوز له أن يرجع إلى الهدي أو لا؟ فهل يجب عليه الانتقال أم لا؟ هذا كلام ابن رجب -رحمه الله-، ينبني على أن الاعتبار في الكفارات بحال الوجوب أو بحال الفعل، وفيه روايتان، فإن قلنا: بحال الوجوب صار الصوم أصلاً لا بدلاً، وعلى هذا فهل يجزئه فعل الأصل وهو الهدي أم لا؟ نعم؟

طالب:.........

على كلامه لا، ما دام الأصل خلاص كيف ينتقل إلى غيره؟ يقول: المشهور أنه يجزئه؛ لأنه الأصل في الجملة الذي هو الهدي، وإنما سقط رخصة، وحكى القاضي عن ابن حامد أنه لا يجزئه، على كل حال إذا لم يشرع في الصيام فكونه ينتقل إلى الهدي على سبيل الإيجاب، سبيل اللزوم لا شك أنه راجح؛ لأن الصيام إنما يلزم بالشروع، نعم إذا شرع فيه وصام بعضه لا يلزم بالبدل والمبدل، ومع ذلكم إذا انتقل إلى الأصل؛ لأن الأصل هو الهدي، فإذا صام وانتقل إلى البدل أو صام بعضه ثم وجد الهدي بقي عليه صوم يومين أو يوم واحد أو يوم وبعض الثاني وجد الهدي قال: أنا أذبح الهدي أسهل من صيام يوم واحد، نعم له ذلك؛ لأنه الأصل، والصيام إنما هو رخصة والعزيمة والهدي.

أما إذا فرغ من الصيام ثم وجد الهدي لا أحد يلزمه بذبح الهدي؛ لأنه أدى ما أمر به، واتقى الله ما استطاع، لكن إن أراد أن يذبح هدياً على سبيل التطوع فلا بأس.

طالب:........

يأتي الكلام على السبعة، نعم؟ نعم؟

طالب:........

إيه، يأتي الكلام على السبعة.

طالب:........

كيف الثلاثة؟ هي مطلقة على كل حال، ما جاء تقييد، صيام ثلاثة أيام في الحج، يعني لو كان محرم بالحج مثلاً تصور في القارن أحرم بالحج في أول العشر، وأراد أن يصوم اليوم الأول والثالث والخامس، نعم هي في الحج، وقعت في الحج، والصيام المطلق في مثل هذا، مثل السبعة إذا رجع، وبعض الكفارات يبقى على إطلاقه، كما أنه إذا قيد يُلتزم بتقييده، صيام شهرين متتابعين، جاء في كفارة اليمين في قراءة ابن مسعود: صيام ثلاثة أيام متتابعات، فقيد الصيام في بعض النصوص بالتتابع، وفي بعضها بالتفريق هنا، بدل الهدي قيد بإيش؟ بالتفريق، ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع، وأما بالنسبة لكفارة إيش؟ الظهار، فصيام شهرين متتابعين، قيد بالتتابع، وحينئذٍ إذا جاء نص مطلق يتردد بين هذين الأصلين، فإن وجد مرجح يلحقه بأحدهما وإلا بقي على إطلاقه.

طالب:........

نعم؟

طالب:........

لكن إذا صام؟ إذا صام؟

طالب:........

لكن إذا قال: أنا أتمتع كما هو الأفضل، وأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يهلوا، وأنا مستعد للصيام يكون أفضل في حقه، الشنقيطي -رحمه الله تعالى- يقول: إن فاته صوم الثلاثة في وقتها إلى ما بعد أيام التشريق، ما استطاع أن يصوم قبل يوم العيد، ولم يستطع أن يصوم أيام التشريق، إن فاته صوم الثلاثة في وقتها إلى ما بعد أيام التشريق، يقول: يجري على القاعدة الأصولية التي هي: هل يستلزم الأمر المؤقت القضاء إذا فات وقته أو لا يستلزم؟ الأمر المؤقت، إذا جاء الأمر مؤقت وفات الوقت، نعرف أن الأداء فعل العبادة في وقتها، والقضاء فعل العبادة بعد خروج وقتها، فإذا جاء التنصيص على الوقت مقروناً بالأمر وفات هذا الوقت هل الأمر يتجه إلى القضاء كاتجاهه إلى الأداء أو لا؟ المسألة خلافية بين أهل العلم، فمثلاً أقيموا الصلاة، والصلاة موقوتة {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} [(103) سورة النساء] مؤقتة، إذا فات الوقت هل نقول: إن الأمر (أقيموا الصلاة) يتجه إلى القضاء كاتجاهه إلى الأداء أو لا بد من أمر جديد للقضاء؟ نعم؟

طالب:........

على كل حال هذه المسألة أنتم تسمعون من يفتي بأن من ترك الصلاة عمداً حتى خرج وقتها أنه لا يقضي نعم، أنه لا يقضي إذا كان متعمداً، وأفتى به من يعول عليه، لكن من باب العلم ابن عبد البر يقول: شذ قوم فخالفوا وأسقطوا القضاء على من فوتها عمداً، والنووي يقول: والأمر بقضاء من تركها عمداً حتى خرج وقتها قول عامة أهل العلم، فإذا فاتت، الشخص تعمد تفويت الصلاة ثم ندم على ذلك ما الذي يمنعه من القضاء؟ الأصل أنه مأمور بأداء الصلاة، نعم؟

طالب:.........

ويش هو؟

طالب:........

اللي معنى الآن؟

طالب:........

إذا فات وقته؟ ما زلنا في هذا.

طالب:.........

أي نعم؛ لأن سبب الوجوب وجد، نعم؟

طالب:........

نعم؟ 

طالب:........

على كل حال كما ذكرنا هو قال عامة أهل العلم، وأهل العلم مطبقون على أنه إذا فاتته من غير عمد أنه يقضيها، إذا فاتته عن سهو أو نسيان أو نوم أنه يقضيها هذا محل إجماع، نعم، فما دام هناك بدل للوقت الأصلي المؤقت، هناك بدل في حال فليكن في الحال الثانية، ما المانع؟ لا سيما وهو قول عامة أهل العلم فيما حكاه النووي، وابن عبد البر يقول: شذ من قال بعدم وجوب القضاء عليه".

طالب:.........

نعم؟

طالب:.........

يكون خلاص فعلها بعد وقتها مثل فعلها قبل وقتها، موقوتة في وقت محدد، كما أنها لا تجوز قبله فلا تجوز بعده.

طالب:........

هو مخرج على هذا أنه يكفر، شيخ الإسلام يقول بهذا -رحمه الله-.

طالب:.........

........ هو قول شيخ الإسلام، يفتى به الآن، يوجد من يفتى به الآن، نعم؟

طالب:..........

لا خلاص حبط عمله، ما عاد، يسلم من جديد إذا قيل بكفره، نسأل العافية.

نكمل يا الإخوان، نعم؟

طالب:.......

يشهد له، الأدلة التي ذكرها ابن عبد البر في التمهيد على وجوب القضاء لمن تركها ولو متعمداً تراجع هناك.

طالب: السؤال الذي ذكره الأخ........

لا فرض واحد عند بعضهم، أبداً إذا تعمد إخراج فرض واحد عن وقته خلاص.

طالب: لكن عند من يقول: إنه الصلاة كلها يعمل بالقاعدة هذه.

على هذا اللي يترك شيء يترك بعضها ويصلي بعضها عند بعضهم ليس بتارك عند بعضهم، على كل حال أمر الصلاة عظيم، عظيم جداً، هي رأس المال، ماذا بيد العبد؟ إذا تركها وضعيها فقد ضيع دينه، لما سواها أضيع.

نعود إلى مسألتنا، يقول الشيخ -رحمه الله تعالى-: إن فاته صوم الثلاثة في وقتها إلى ما بعد أيام التشريق أنه يجري على القاعدة الأصولية التي هل يستلزم الأمر المؤقت القضاء إذا فات وقته أو لا يستلزمه؟ فعلى القول بأن الأمر يستلزم القضاء فلا إشكال في قضاء الثلاثة بعد وقتها، وعلى القول بأنه لا يستلزم القضاء احتمل أن يقال بوجوب القضاء؛ لعموم حديث: ((فدين الله أحق أن يقضى)) ويحتمل أن يقال بعدمه بناء على أن صوم الثلاثة في الحج ليكون ذلك مسوغا لقضاء التفث؛ لأن الدم مسوغ لقضاء التفث ممن عنده هدي فلا يبعد أن يكون بعض الصوم قدم لينوب عن الدم في تسويغ قضاء التفث، وعلى هذا الاحتمال لا يظهر القضاء، ولا يبعد لزوم الدم للإخلال بالصوم في وقته، والعلم عند الله تعالى.

طالب:........

ثابت في ذمته دين، يبقي دين، يعود إلى الأصل ما تمكن من الفرع يرجع إلى الأصل، نعم.

يقول الشيخ: "وعلى هذا الاحتمال لا يظهر القضاء، ولا يبعد لزوم الدم للإخلال بالصوم في وقته، والعلم عند الله تعالى" هذا بالنسبة للثلاثة، أما لزوم صوم السبعة، يعني هل تسقط السبعة إذا رجع إلى الدم أو لا تسقط؟ السبعة ثبتت بذمته حينما عدم الهدي كلزوم الثلاثة، الثلاثة فات وقتها فرجع إلى الأصل، فهل الأصل يسقط العشرة أو يسقط الثلاثة؟

طالب:.........

نسمع كلام الشيخ -رحمه الله تعالى-:  يقول  -رحمه الله تعالى-: "أما لزوم صوم السبعة بعد الرجوع إلى أهله فالذي يظهر لي لزومه لمن لم يجد الهدي مطلقاً، وأنه لا يسقط بحال؛ لأن وجوبه ثابت بالقرآن، فلا يمكن إسقاطه إلا بدليل واضح، بحيث يجب الرجوع إليه فجعل الدم بدلاً منه إن فات صوم الثلاثة في وقتها ليس عليه دليل يوجب ترك العمل بصريح القرآن في قوله: {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [(196) سورة البقرة] كلام غريب؟ نعم؟ نعم مستغرب الكلام وإلا؟ ها؟

طالب: الأصل، ترك الأصل.....

عاد إلى الأصل، عاد إلى الأصل لكن متى عاد إلى الأصل؟ بعد أن استقر الفرع في ذمته.

طالب:........

فصار أصلاً بالنسبة له، الثلاثة الأيام هي وإن كانت أصل هي صارت أصلا لكن فات وقتها، يعني لو افترضنا أن شخصا لزمه صيام، ما وجد هدي فلزمه صيام ولم يتمكن من صيام السبعة الأيام حتى مات، قلنا: ((من مات وعليه صوم صام عنه وليه)) على الخلاف في ذلك هل يلزم كل صوم وجب بأصل الشرع أو بما أوجبه على نفسه؟ على ما هو معروف عند أهل العلم، هل نقول: لو قال الولي: أنا السبعة الأيام بدل إيش؟ بدل الهدي، أنا أذبح هدي أسهل من صيام سبعة أيام، يُمكن من ذبح الهدي أو نقول: يلزمك صيام سبعة أيام؟ باعتبار أنها هي اللازمة نها   لصاحبك، كلام الشيخ يلزم بصيام السبع، وأما الهدي فيكون في مقابل الثلاثة التي لم يتمكن من فعلها.

يقول: "أما لزوم صوم السبع بعد الرجوع إلى أهله فالذي يظهر لي لزومه لمن لم يجد الهدي مطلقاً، وأنه لا يسقط بحال؛ لأن وجوبه ثابت في القرآن فلا يمكن إسقاطه إلا بدليل واضح يجب الرجوع إليه، فجعْل الدم بدلاً منه إن فات صوم الثلاثة في وقتها ليس عليه دليل يوجب ترك العمل بصريح القرآن في قوله: {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [(196) سورة البقرة] وعلى كل حال المسألة قابلة للنقاش، فمن قال: إنه عاد إلى الأصل وهو الهدي وأن الهدي مسقط للجميع، صيام العشرة في مقابل الهدي وقد وجد، ولا يجمع بين البدل والمبدل، كما هي القاعدة المعروفة.

وإيش عندك؟ يشتغل؟ هاه؟ نعم؟

طالب: ما يقال: إنه الذي يقول يعني مما يؤكد أن السبعة في حقه أولى من الهدي...

إيه.

طالب: ما يقال: لو قلنا: إنه يرجع إلى الهدي هذا يخالف أصل حكمة التشريع كل إنسان إذا رجع إلى أهله بإمكانه أن يقترض من أقارب من كذا، ويسقط السبع، كل إنسان أو غالب الناس فكأنه لو قلنا له: ارجع إلى الهدي ما أصبح لها حكمة هذه السبعة الأيام؟

طالب:.......

نعم؟

طالب: فما أصبح لها حكمة....

لكن هناك فرق بين ما نفعه متعدي، وبين ما نفعه لازم، الأصل هو الهدي اتفاقاً {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [(196) سورة البقرة] متى يطالب بالصيام؟ إذا لم يجد هدي، ما وجد هدي ألزم بالصيام ما استطاع أن يصوم ورجع إلى الأصل، يكون الأصل بدل عن بعض وإلا عن الكل؟ على كل حال المسألة اجتهادية، ووجهة نظر الشيخ بلا شك لها حظ من النظر، لكن ليست بقطعية، يعني ما جنح إليه الشيخ ليس بقطعي، عمدته ليس بقطعية.

طالب: ويش الأقرب عندك يا شيخ؟

كيف؟

طالب: الأقرب عندك؟

ولو صام سبعة احتياطاً ما في شك أنها لزمته شرعاً، لكن لو عاد إلى الأصل فما الذي يلزمه بالبدل والمبدل؟ نعم؟

طالب:.........

ما شي.

طالب:........

كيف؟

طالب.........

إيه، انتهت إيه، انتهت انتهت الأيام الثلاثة ما صام.

طالب:.........

مثله، مثله، مثل الصيام هذا انتهى وقته وهذا انتهى وقته.

وراك؟

طالب:........

من متى؟ أنتبه، أنتبه يا أحمد.

مسألة: هل المعتبر بالنسبة لوجود الهدي وعدمه وقت الإحرام بالعمرة

كما هو معروف، رواية معروفة عن أحمد -رحمه الله تعالى-، بحيث نقول: إذا كان معه دراهم وقت إحرامه بالعمرة يشتري بها ثم سرقت، هل يعتبر واجداً؟ أو المعتبر إحرامه بالحج؟ أو المعتبر طلوع الفجر يوم النحر؟ أو المعتبر وقت جواز الذبح بعد ارتفاع الشمس؟

عرفنا أن الأول أن المعتبر بالنسبة لوجود الهدي وقت الإحرام بالعمرة؛ لأنه سبب الوجوب، وهو رواية عن أحمد، الثاني: وهو أن المعتبر إحرامه بالحج؛ لأنه وقت الوجوب، هناك سبب الوجوب وهنا وقت الوجوب، وهو مذهب الشافعي، المعتبر طلوع الفجر يوم العيد، هذا مذهب الحنابلة والحنفية، طلوع الفجر يوم العيد لماذا؟

طالب: وقت الذبح.

بغض النظر هل يجوز بعد الطلوع مباشرة إنما الذبح يوم العيد {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [(196) سورة البقرة] يعني يوم العيد، ويوم العيد يبدأ من طلوع الفجر وإلا من طلوع الشمس؟

طالب: طلوع الفجر يا شيخ.

اليوم يبدأ من طلوع الفجر أو من غروب الشمس؟ باعتبار أن اليوم يشمل الليل والنهار، بالنسبة لهذا اليوم خاصة؛ لأن ليلة يوم النحر تابعة ليوم عرفة.

لا شك أن سبب الوجوب الإحرام بعمرة على ما تقدم، ووقت الوجوب إما يوم النحر، وهو يبدأ من طلوع الفجر، أو لأنه بطلوع الفجر ينتهي يوم عرفة، ينتهي وقت الوقوف بعرفة، ثم تبدأ أعمال يوم النحر.

هناك مناقشات حول جواز النحر قبل طلوع الشمس، هل حكمها حكم الأضحية؟ بمعنى أنها لا تصح إلا بعد ذبح الإمام أو صلاة الإمام أو وقت صلاة العيد؟ المسألة تأتي الإشارة إليها -إن شاء الله تعالى-، أو أنها بدل، أو أنها من أعمال يوم النحر التي ما سئل -صلى الله عليه وسلم- عن شيء منها قدم أو أخر إلا قال: ((افعل ولا حرج)) فإذا كان يسوغ له أن يرمي قبل طلوع الشمس، نعم، وافترضنا أنه قدم النحر على الرمي الذي يسوغ له أن يرمي قبل طلوع الشمس على هذا يسوغ له أن يذبح قبل طلوع الشمس، وعلى كل حال المسألة محسومة في النصوص أن الذبح بالنسبة للأضحية بعد صلاة العيد أو بعد ذبح الإمام أو وقت صلاة العيد على ما هو معروف، والهدي حكمه حكم الأضحية عند الجمهور.

طالب:.........

في حديث ابن عباس، النهي عن الرمي قبل طلوع الشمس، لكنه ضعيف.

يقول –رحمه الله تعالى-: "والمحصر إذا لم يجد هدياً صام عشرة ثم حل" لزوم الهدي للمحصر؛ لقوله تعالى:

{فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [(196) سورة البقرة] ولقول عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: "أليس حسبكم سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إن حبس أحدكم عن الحج طاف بالبيت وبالصفاء والمروة ثم يحل من كل شيء حتى يحج عام قابلاً فيهدي أو يصوم إن لم يجد هدياً" رواه البخاري، وقوله: "سنة نبيكم" معروف أنه له حكم الرفع، وفي الموطأ أن عمر -رضي الله عنه- أمر أبا أيوب الأنصاري وهبار بن الأسود حينا فاتهما الحج فأتيا يوم النحر أن يحلا بعمرة ثم يرجعا حلالاً ثم يحجا عاماً قابلاً، ويهديا ((فلم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله)) هذا الشاهد، ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله، فقياس ما يلزم المحصر {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [(196) سورة البقرة] على إيش؟

طالب:.........

على دم؟

طالب: على من لم يجد الهدي.

على من لم يجد الهدي بالنسبة للمتمتع، والفوات والإحصار له باب مستقل يأتي تفصيله -إن شاء الله تعالى-، يقول -رحمه الله تعالى-: "والمحصر إذا لم يجد هدياً صام عشرة ثم حل، ويجب بوطءٍ في فرجٍ في الحج بدنة، وفي العمرة شاة، وإن طاوعته زوجته لزماها" يعني البدنة أو الشاة، كلٌ في موضعه، إذا وقع الجماع من الحاج قبل التحلل الأول ولو بعد الوقوف بعرفة فإنه يلزمه أن يذبح بدنة عند جمهور الفقهاء، وعند الحنفية إن كان قبل الوقوف يلزمه إيش؟ شاة، وإن كان بعد الوقوف يلزمه بدنة، أو العكس؟

طالب:.........

هكذا؟ أو العكس؟ قبل الوقوف يلزمه شاة، وبعد الوقوف يلزمه بدنة.

طالب: هذا عند الحنفية.

صحيح، عند الحنفية إن كان قبل الوقوف بعرفة عليه شاة وبعده بدنة؛ لأن جماعه قبل الوقوف مفسد للحج، فلا يجمع عليه بين أن يمضي في فاسده ويقضي يذبح بدنة، يكفيه شاة ويقضي، لكن بعد الوقوف وحجه صحيح يلزمه بدنة عندهم، هذا عند الحنفية، أما الجمهور فإن يلزمه بدنة ولو بعد الوقوف، استدل الجمهور بما تقدم من فتوى الصحابة ولم يستفصلوا، وذلك يوجب عموم الحكم.

استدل الحنفية بما روي عن جماعة من الصحابة من إيجاب الهدي، أوجبوا هدي، دون التعيين بالبدنة أو الشاة فيشمل الشاة، يعني الهدي يطلق على البدنة وعلى الشاة فيصح أن يقال: إنه أهدى سواء ذبح بدنة أو شاة، وإذا وقع الجماع بعد التحلل لزمه شاة، بعد التحلل الأول لزمه شاة، وإذا وقع بعد التحلل الثاني؟ إيش يلزمه؟

طالب: حلال زلال.

معروف هذا، إذا وقع الجماع بعد التحلل يعني الأول لزمه شاة فإن لم يجد البدنة صام عشرة أيام، ثلاثة في الحج، وسبعة إذا رجع لقضاء الصحابة بذلك، ويجب بوطء في العمرة شاة، وهذا مذهب الحنفية والحنابلة وعند المالكية والشافعية إن كان الجماع قبل الطواف والسعي فيلزمه بدنة، وإن كان بعد الطواف والسعي فشاة، وإن طاوعته زوجته لزماها، إن طاوعته زوجته لزماها ما يلزم الرجل؛ لأنهن شقائق الرجال، وما يتجه إلى الرجال من أوامر أو نواهي فإن النساء يدخلن فيه، إذا كانت مكرهة بأن أكرهها وجامعها فلا شيء عليها؛ لأن المكره غير مكلف، لكن إن أكرهته هل يلزمه شيء وإلا لا؟ نعم؟

طالب:.......

يتصور إكراه الرجل وإلا ما يتصور؟ الأكثر على أن إكراه الرجل لا يتصور، لماذا؟ لأنه إذا أكره لا ينتشر، نعم، والله أعلم.

 

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"