كتاب الإيمان (47)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هذا يقول: ذكرتم في الدرس السابق في حديث فاطمة بنت قيس -رَضِيَ اللهُ عَنها- الذي رواه الإمام مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «أما أبو جهم فلا يضع العصا على عاتقه، وأما معاوية فصعلوق لا مال له»، والسؤال: أليس هذا تحذير لفاطمة -رَضِيَ اللهُ عَنها- بذكر صفات الصحابيين -رضي الله عنهما- دون ذكر حسناتهم، وأن المقام مقام تحذير لا يجوز فيه ذكر الحسنات؛ حتى لا يُلبس على السائل أو العامي، وأن مقام التحذير والجرح لا يلزم فيه الموازنات بين الحسنات والسيئات، وأنها ليست من الغيبة؟

أولاً: في حال النكاح والزواج لا بد من ذكر ما ينفر، لا سيما إذا اقتنع المستنصَح بأن هذا الشخص لا يصلح لهذه المرأة، هذا الشخص من باب النصيحة لا يصلح لهذه المرأة، والبديل موجود، يعني ليس معنى هذا أن المرأة تتعطل، البديل موجود، وهذا لا يصلح بحال لهذه المرأة، فتحذَّر منه، وليست المسألة مسألة موازنات في مثل هذا. لكن إذا وُجد شخص ظاهر للعيان، فضله مشهور ومعروف، وأخطأ، لا يقال: أن يُذكر فضله كله، ثم يُذكر خطؤه، هو معروف، ما يحتاج إلى ذكر، هؤلاء صحابة، فضل الصحبة وشرف الصحبة لا يدانيه أي فضل. لكن مسألة ما يتعلق بالعشرة إلا من قسوة على المرأة أو قلة ذات يد بحيث يقصر عليها في حقوقها، هذا لا بد من بيانه؛ لأنه هو الذي يهمها بالدرجة الأولى. أما ذكر حسناته وفضله، هو صحابي ما يحتاج إلى ذكر، يكفيه شرف الصحبة. كذلك العلماء الكبار، لو زل عالم، وما من عالم إلا وله ذلة، أنت تذكر حسنات هذا العالم كلها التي مثل البحار، وهذه الزلة كالقطرة في بحار حسنات، تقول: من باب الموازنات، ما هو بصحيح. لكن شخص بصدد أن يُنال من عرضه، وأن يتطاول الناس عليه، وله فضل كبير، وعنده حسنات، يُبين هذا وهذا من باب الإنصاف. ففرق بين هذا وذاك.

هذا أيضًا سؤال يقول: تتابعت في الآونة الأخيرة اللقاءات والمهرجانات والمنتديات المختلفة الثقافية والاقتصادية والطبية والتقنية وغيرها، وهي لا تخلو في الجملة من الاختلاط بين الرجال والنساء؟

الاختلاط فيه فتاوى من أهل العلم بتحريمه، وأنه شر مستطير، وأنه وسيلة إلى ما لا تُحمد عقباه. المقصود أن الكلام فيه كثير لأهل العلم والتحذير منه شديد.

يقول: من ذلك المعرض المقام حاليًّا بأنشطته المصاحبة، والتي يتيح للزوار جميعًا من الرجال والنساء دون تحديد أيام أو أماكن مخصصة للنساء، إضافة إلى ما يتاح في بيع الكتب المشتملة على مخالفات عقدية وفكرية وسلوكية؟

لا شك أن فكرة إنشاء المعارض كانت لتوفير الكتاب لطالب العلم، فبدلاً من أن يبعث إلى البلدان يبحث عن كتاب، الكتب تُوفر عنده، وبين أن يجوب أحياء الكتب الكبيرة بين المكتبات ليجمع الكتب، المعرض يوفر له ذلك. ولا شك أن هذا مقصد حسن، وصار على ذلك، صارت الفكرة أمدًا طويلًا بعيدًا، يعني المعارض تقام من ثلاثين سنة، ووفَّرت لطلاب العلم كتبًا ويسَّرت لهم اقتناءها، وحصل فيه شيء من الرخص. لكن الإشكال في السنوات الأخيرة حينما كثرت الدعوات إلى حرية الكلمة، ثم جاءت كتب عليها ملاحظات كبيرة جدًّا عقدية وأخلاقية وُجدت وكانت الكتب تُفحص.

وأذكر أنه كان فيه معرض في جامعة الإمام، وكان المقرر أن يقام سنة ألف وأربعمائة وإحدى عشرة، وكنا نفحص الكتب من سنة تسعة، ثم بعد ذلك أُجل إلى اثني عشر؛ بسبب أحداث الكويت، وصار معنا فرصة سنة، ففحصت الكتب ثلاث سنوات؛ ليأمن الناس من شر هذا الزيغ، والكتب والروايات والقصص الإباحية بيعت في المعارض السابقة القريبة، على علم من أصحاب الشأن أو لا يعلمون هذا. على كل حال هو خلل، فعليهم أن يتقوا الله -جَلَّ وعَلا- في ألا يقحموا شباب الأمة فيما لا تحمد عقباه، وبدأت بوادر هذه الدعوات وهذا الطرح، سنسمع بين فينة وأخرى من يكتب وينشر الإلحاد والزندقة، وما سب الله -جَلَّ وعَلا- تعالى الله عما يقولون وسب نبيه -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- إلا من ثمار هذه القراءات في هذه الكتب، هذا نتاجها.

فعلى من ولاه الله -جَلَّ وعَلا- أمر هذا المعرض أو من له قدرة عليه أن يتقي الله في شباب الأمة وفي ناشئتها، وأن لا يُزج بهم في مثل هذه الأمور.

ليس الأمر بالسهل، يعني ليست المسألة معصية يتوب منها مع أن المعاصي شأنها عظيم وخطير، لكن هذا أخطر بكثير. إضافة إلى ما يصاحبه من اختلاط وتبرج فما يُنقل شيء يندى له الجبين، وفيه قلة حياء بعد. أنا حضرت يومًا واحدًا في المعرض السابق في العام السابق يوم أن قالوا: مُنع الاختلاط، والله فيه سخرية من أهل اللحى، ومن بنات مع الأسف، وغمز وضحك، فيخشى من العقوبة. والله المستعان.

نعم.

طالب: أحسن الله إليك.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا واجزه عنا خيرًا.

قال الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بَابٌ: قِيَامُ لَيْلَةِ القَدْرِ مِنَ الإِيمَانِ.

حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عنهُ-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ القَدْرِ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد، فيقول المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-، سمعنا ما رواه البخاري في هذا الباب، ويقول ابن حجر في شرحه: (قوله: "باب قيام ليلة القدر من الإيمان").

يقول: (لما بيَّن علامات النفاق وقبحها، رجع إلى ذِكر علامات الإيمان وحُسْنها)، لماذا؟ لأنه بالضد يتبين المعنى وينجلي، كما قيل: وبضدها تتميز الأشياء. (لأن الكلام على متعلقات الإيمان هو المقصود بالأصالة)، والكلام في النفاق والظلم من باب الكلام على الضد. (لأن الكلام على متعلقات الإيمان هو المقصود بالأصالة، وإنما يذكر متعلقات غيره استطرادًا. ثم رجع فذكر أن قيام ليلة القدر وقيام رمضان وصيام رمضان من الإيمان، وأورد الثلاثة من حديث أبي هريرة متحدات الباعث والجزاء)، يعني الشرط والجزاء متحد: «من يقم ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا»، «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا»، «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا»، والجواب: «غُفر له ما تقدم من ذنبه»، متحد الجزاء، والباعث: «إيمانًا واحتسابًا» في الأمور الثلاثة.

والإمام البخاري فرَّق الثلاثة في ثلاثة أحاديث في ثلاثة أبواب، وهل يجوز جمعها وسياقها مساقًا واحدًا؟ فللراوي أن يجمعها، عن أبي هريرة -رَضِيَ اللهُ عنهُ- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «من يقم ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن صام رمضان، ومن قام ليلة القدر...» إلى آخره، هل له أن يجمع ذلك؟

محل خلاف بين أهل العلم، لا سيما إذا كانت أحاديث ليست حديثًا واحدًا ثم فُرق.

(وعبر في ليلة القدر بالمضارع في الشرط وبالماضي في) الجزاء «من يقم... غُفر»، (وعبر في ليلة القدر بالمضارع في الشرط وبالماضي في جوابه، بخلاف الآخرين فبالماضي فيهما)، «من صام رمضان»، «من قام رمضان». (وأبدى الكرماني لذلك نكتةً لطيفةً، قال: لأن قيام رمضان محقَّق الوقوع وكذا صيامه)، يعني كما قال الله -جَلَّ وعَلا-: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ} [النحل: 1]، هو يأتي، ما أتى، لكن عُبر بالماضي لتحقق وقوعه، وكذلك الصيام والقيام محقق الوقوع بالنسبة لعموم المسلمين، لكن التوفيق لقيام ليلة القدر هذا الذي هو مظنون ليس بمحقق؛ لأن الإنسان قد لا يُوفق، ليلة قد يغلبه النوم ينام.

(لأن قيام رمضان محقق الوقوع وكذا صيامه، بخلاف قيام ليلة القدر فإنه غير متيقَّن؛ فلهذا ذكره بلفظ المستقبل. انتهى كلامه).

طالب: .......

ما يوفق في ليلة، واحد يجيئه ما يشغله، لكن ثلاثين يقوم. وقد يقوم ليلة القدر ويصلي وعنده من الموانع ما يمنع من قبول عمله، فكأنه قام وهو في الحقيقة لم يقم، قام في الصورة، لكن هو من أبعد الناس عن هذا القيام.

طالب: .......

جملة رمضان، يعني لو غفل في ساعة أو غفل لليلة...، الغالب يقوم الناس.

طالب: .......

لكن المدار على الاحتساب والإخلاص، قد يكون مصدقًا لهذا الأمر، لكن لا يخلص فيه.

طالب: .......

نعم. إذا قام طمعًا في الثواب، كما أنه رُتّب بعض الأمور الدنيوية على بعض الأذكار، فهل ملاحظة هذه المقاصد التي رُتّب عليها يُخل بالذكر؟ لو كان مخلًّا به ما جاء على لسان الشارع، فكونه يُذكر على لسان الشارع يدل على أن قصده غير مخل.

طالب: .......

لا، المراءين مصدقون بأن الصلاة فرض عليهم.

طالب: .......

نعم، احتسابًا لله -جَلَّ وعَلا-، إخلاص.

(انتهى كلامه)، يعني كلام الكرماني.

 (وفيه شيء ستأتي الإشارة إليه. وقال غيره: استعمل لفظ الماضي في الجزاء إشارةً إلى تحقق وقوعه، فهو نظير {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ} [النحل: 1]، وفي استعمال الشرط مضارعًا، والجواب ماضيًا نزاع بين النحاة، فمنعه الأكثر، وأجازه آخرون، لكن بقلة، استدلوا بقوله تعالى: {إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ} [الشعراء: 4]؛ لأن قوله: {فَظَلَّتْ} بلفظ الماضي)، {فَظَلَّتْ} بلفظ الماضي، و{نَشَأْ نُنَزِّلْ} بلفظ المضارع. (وهو تابع للجواب، وتابع الجواب جواب. واستدلوا أيضًا بهذا الحديث، وعندي في الاستدلال به نظر؛ لأنني أظنه من تصرف الرواة)، (لأنني أظنه من تصرف الرواة) وهذه فرع من المسألة الكبرى التي يختلف فيها أهل العلم، وهي الاحتجاج بالحديث على قواعد العربية: فمنهم من يحتج به، ومنهم من يقول: لا. يحتجون به؛ لأنه كلام أفصح الناس وأفصح الخلق، والذي لا يحتج به يقول: إن الرواة يتصرفون، يروون بالمعنى، والرواية بالمعنى جائزة عند عامة أهل العلم. والمسألة خلافية، وفيها مصنفات، وصاحب الخزانة عبد القادر بن عمر البغدادي صاحب خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب في شرح شواهد شروح الكافية أطال في هذه المسألة، أطال في تقرير هذه المسألة، وهي الاحتجاج بالحديث على قواعد العربية، وذكر الخلاف، وذكر أمثلة، وأفاض في ذلك، فليرجع إليه، وفيه رسالة تقع في مجلد. (وعندي في الاستدلال به نظر؛ لأنني أظنه من تصرف الرواة).

طالب: .......

يعني تواتر بلفظه؟

طالب: .......

متى يتواتر بلفظه، كم يوجد من حديث تواتر بلفظه؟

طالب: .......

طيب لفظ المضارع واثنان باللفظ الماضي، ماذا تفعل به؟

طالب: .......

لا لا، ضبطه صعب، ضبطه عسير، الرواة يتصرفون في إطار ما أجازه عامة أهل العلم.

طالب: .......

لا لا متأخروهم، البخاري إلى مائتين وأربعين يروي إلى مائتين وخمسين إلى سنة وفاته، روى عن أقرانه.

طالب: .......

ماذا فيه؟

طالب: .......

الصحابي قد يروي بالمعني نعم، ما المانع؟ ثم بعد ذلك هذا اللفظ الذي وقفنا عليه، واللفظ المخالف له عند غيره، واللفظ المخالف عند البخاري نفسه في موضع آخر، هل نجزم بأنه من تصرف الصحابي أو تصرف من دونه؟

طالب: .......

ما نجزم.

طالب: حكاية الأخبار يا شيخ وقع ....... اختلفت عن الصحابة؟

ما هو؟

طالب: حكاية الأحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- اختلفت عن الصحابة أنفسهم؟

نعم، لكن يرويه عنه تابعي ويتصرف.

طالب: هذا يقع؟

يقع، ويرويه عنه تابعي التابعي ويتصرف، لكن في إطار ما أجازه أهل العلم، ما هم يتصرفون بشيء يحيل المعنى أو يحذفون شيئًا لا بد منه، أو يضيفون شيئًا، لا؛ لأن الرواية بالمعنى أجازها عامة أهل العلم، لكن بضوابط وشروط.

قال: (وعندي في الاستدلال به نظر؛ لأنني أظنه من تصرف الرواة؛ لأن الروايات فيه مشهورة عن أبي هريرة بلفظ المضارع في الشرط والجزاء)، من يَقم يُغفر (بلفظ المضارع في الشرط والجزاء، وقد رواه النسائي عن محمد بن علي بن ميمون عن أبي اليمان شيخ البخاري)، واسمه الحكم بن نافع، (عن أبي اليمان شيخ البخاري فيه، فلم يغاير بين الشرط والجزاء، بل قال: «من يقم ليلة القدر يغفر له».

 ورواه أبو نعيم في المستخرج عن سليمان، وهو الطبراني عن أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة عن أبي اليمان)، كلها بسند البخاري، (عن أبي اليمان، ولفظه زائد على الروايتين فقال: «لا يقوم أحدكم ليلة القدر فيوافقها إيمانًا واحتسابًا إلا غفر الله له ما تقدم من ذنبه»، وقوله في هذه الرواية: «فيوافقها» زيادة بيان)، وإلا فإذا قام ليلة القدر ماذا قام هو؟ ليلة القدر، يمكن يقوم ليلة القدر ولا يوافقها؟

طالب: .......

نعم، هذا خلاف، يعني الذي لا يقف على العلامات لم يوافقها ولو قامها، وقد يوافقها أحد ولا يوافقها آخر، هذا القول مرجوح.

طالب: .......

نعم، ذهب إليه، لكنه مرجوح.

(وقوله في هذه الرواية: «فيوافقها» زيادة بيان، وإلا فالجزاء مرتب على قيام ليلة القدر، ولا يصدق قيام ليلة القدر إلا على من وافقها، والحصر المستفاد من النفي والإثبات مستفاد من الشرط والجزاء)، «إلا غفر له» نفس الشرط والجزاء، النفي والإثبات الحصر هو مفاد الشرط والجزاء. (فوضح أن ذلك من تصرف الرواة بالمعنى؛ لأن مخرج الحديث واحد، وسيأتي الكلام على ليلة القدر وعلى صيام رمضان وقيامه، إن شاء الله تعالى في كتاب الصيام).

أعطنا الأبواب الثلاثة التي تليه؛ لأن شرحها واحد.

طالب: أحسن الله إليك. "بَابُ الجِهَادِ مِنَ الإِيمَانِ".

"بابٌ: الجهادُ".

طالب: الضبط هنا "الجهادِ".

بالكسر؟

طالب: نعم.

لا لا، الباب من الإيمان أم الجهاد من الإيمان؟

طالب: الجهاد من الإيمان.

إذا كسرت صار الباب من الإيمان. نعم.

"بَابٌ: الجِهَادُ مِنَ الإِيمَانِ.

حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ حَفْصٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَارَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عنهُ- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «انْتَدَبَ اللَّهُ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ، لاَ يُخْرِجُهُ إِلَّا إِيمَانٌ بِي وَتَصْدِيقٌ بِرُسُلِي، أَنْ أُرْجِعَهُ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ، أَوْ أُدْخِلَهُ الجَنَّةَ، وَلَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي مَا قَعَدْتُ خَلْفَ سَرِيَّةٍ، وَلَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ»".

"بَابٌ: تَطَوُّعُ قِيَامِ رَمَضَانَ مِنَ الإِيمَانِ.

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عنهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»".

"بَابٌ: صَوْمُ رَمَضَانَ احْتِسَابًا مِنَ الإِيمَانِ.

حَدَّثَنَا ابْنُ سَلاَمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عنهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»".

يقول الشارح -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: (قوله: "باب الجهاد من الإيمان" أورد هذا الباب بين قيام ليلة القدر وبين قيام رمضان وصيامه)، يعني المفترض والدقة في الترتيب أن يكون الجهاد بعدُ ليتوالى قيام ليلة القدر والصيام والقيام؛ لأن وقتها واحد، لكن قد يقول قائل: إن الجهاد قد يكون في رمضان كما حصل في وقعة بدر، فيكون أيضًا موضعه.

طالب: .......

نعم. مثال، قد يكون في رمضان فيكون الوقت مناسبًا. لكن جمع الثلاثة لا شك أنه أنسب؛ لأن وقتها واحد.

يقول: (أورد هذا الباب بين قيام ليلة القدر وبين قيام رمضان وصيامه، فأما مناسبة إيراده معها في الجملة فواضح لاشتراكها في كونها من خصال الإيمان، وأما إيراده بين هذين البابين مع أن تعلق أحدهما بالآخر ظاهر فلنكتة لم أرَ من تعرَّض لها، بل قال الكرماني: صنيعه هذا دال على أن النظر مقطوع عن غير هذه المناسبة، يعني اشتراكها في كونها من خصال الإيمان)، يعني ما فيه مناسبة دقيقة بين هذه الأبواب، وإلا فالأصل أن يؤخر أو يقدم عنها.

 (بل قال الكرماني: صنيعه هذا دال على أن النظر مقطوع عن غير هذه المناسبة، يعني اشتراكها في كونها من خصال الإيمان.

وأقول: بل قيام ليلة القدر، وإن كان ظاهر المناسبة لقيام رمضان، لكن للحديث الذي أورده في باب الجهاد مناسبة بالتماس ليلة القدر حسنة جدًّا؛ لأن التماس ليلة القدر يستدعي محافظةً زائدةً ومجاهدةً تامةً، ومع ذلك فقد يوافقها أو لا، وكذلك المجاهد يلتمس الشهادة ويقصد إعلاء كلمة الله، وقد يحصل له ذلك أو لا، فتناسبا في أن في كل منهما مجاهدةً، وفي أن كلًّا منهما قد يحصل المقصود الأصلي لصاحبه أو لا، فالقائم لالتماس ليلة القدر مأجور، فإن وافقها كان أعظم أجرًا، والمجاهد لالتماس الشهادة مأجور، فإن وافقها كان أعظم أجرًا، ويشير إلى ذلك تمنيه -صلى الله عليه وسلم- الشهادة بقوله: «ولوددت أني أقتل في سبيل الله» فذكر المؤلف فضل الجهاد لذلك استطرادًا)، لأنه يحتاج إلى مجاهدة للنفس، وقيام ليلة القدر تحتاج. لكن قد يقول قائل: إن الصيام يحتاج إلى المجاهدة، وقيام رمضان يحتاج إلى مجاهدة؟

طالب: ............

 ماذا؟

طالب: .......

كلها تحتاج إلى مجاهدة، لكن قد يقول قائل: إن قيام رمضان وصيامه فيه شيء من السعة، ولذلك المسلم لا يجد فيه كَلفة؛ لأنه يصوم ثم يفطر، وينام ويقوم في سائر الليالي، لكن في العشر يجاهد، يشد المئزر، ويحرص على قيام العشر؛ من أجل أن يوافق ليلة القدر، فقيام العشر كاملة، شد المئزر كما كان -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- من أجل هذه الليلة، فكل هذا التعب في العشر ما لم يسبق نظيره في العشرين من أجل هذه الليلة، ولا شك أن هذه مجاهدة.

طالب: .......

ما أدري الشارح تعرض لمسألة فيها شيء من المناسبة، {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3] نعم، وقد ذكر النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- رجلاً من الأمم السابقة حمل السيف ألف شهر، ثلاثة وثمانين سنة وهو حامل السيف، وليس في أمتنا من يطيق ذلك يعني وأعمارهم لا تفي بذلك، فأنزل الله -جَلَّ وعَلا- ليلة القدر عوضًا لهذه الأمة. ففيه تناسب.

طالب: .......

ما هو؟

طالب: .......

{خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}، يعني في جميع الأعمال الصالحة.

طالب: .......

{خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} هذا كلام الله -جَلَّ وعَلا-.

طالب: .......

المقصود أن مثل هذه الأحاديث التي فيها الحث على هذه الأعمال وبيان فضائلها لا يعني المساواة بدقة، ومن كل وجه، لا، يعني، فمن قرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] ثلاث مرات كأنه قرأ القرآن، صح أم لا؟ عندك شك في هذا؟

طالب: .......

اصبر علي قليلًا، دعونا نقرر المسألة، عندك شك في أن من قرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] ثلاث مرات فكأنما قرأ القرآن كله؟

طالب: .......

لا، ما يتساوى، هذا الذي أقرره. أنت لو اعتمرت في رمضان تغنيك عن حجة الإسلام؟ «كأنها حجة معي»، «تعدل حجة معي». لا، يعني بيان الشبه من وجه لا يعني مطابقة من كل الوجوه، وهذا مجرد التماس الذي أذكره مثل ما يذكر الشراح، أنا ما أقول لك مطابق كمثل من حمل، يعني ليلة خمس ساعات أو ست ساعات تعادل، لكنها في الثواب والأجر خير من ألف شهر، ويكفينا هذا الفضل.

طالب: .......

يكون قام، إذا جاهد في ليلة القدر قام ليلة القدر، ليس القيام خاصًّا، إنما يقوم لوجه الله -جَلَّ وعَلا- متقربًا إليه، نعم الغالب أن القيام يكون بالصلاة والذكر والتلاوة والدعاء.

طالب: .......

هو ظاهر، هذا مثل ما ذكره سابقًا.

(ويشير إلى ذلك تمنيه -صلى الله عليه وسلم- الشهادة بقوله: «ولوددت أني أقتل في سبيل الله»، فذكر المؤلف فضل الجهاد لذلك استطرادًا، ثم عاد إلى ذكر قيام رمضان وهو بالنسبة لقيام ليلة القدر عام بعد خاص، ثم ذكر بعده باب الصيام؛ لأن الصيام من التروك، فأخره عن القيام؛ لأنه من الأفعال، ولأن الليل قبل النهار)، (ولأن الليل قبل النهار) يعني اليوم الشرعي يبدأ من غروب الشمس، (الليل قبل النهار) وفي سورة يس: {وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ} [يس: 40]، والعلماء يقولون: الليل قبل النهار؟

طالب: .......

يعني ما يمكن يجيء نهاران ما بينهما ليل.

طالب: نعم.

أو ليلان ما بينهما نهار، هذا المقصود.

طالب: .......

(ولأن الليل قبل النهار، ولعله أشار إلى أن القيام مشروع في أول ليلة من الشهر خلافًا لبعضهم.

قوله: "حدثنا حرمي" هو اسم بلفظ النسبة، وهو بصري يكنى أبا علي، "قال: حدثنا عبد الواحد" هو ابن زياد البصري العبدي، ويقال له: الثقفي، وهو ثقة متقن، قال ابن القطان: لم يُعتل عليه بقادح، وفي طبقته عبد الواحد بن زيد بصري أيضًا، لكنه ضعيف، ولم يخرَّج عنه في الصحيحين شيء).

 حديث الأمر بالاضطجاع بعد صلاة راتبة الصبح ثبتت من فعله -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-، نعم، ثبتت من فعله، لكن الأمر بها قالوا هو من رواية.... أبي هو عبد الواحد بن زياد، وقد أخطأ فيها، ومن الذي يعرى من الخطأ والنسيان؟

(قوله: "حدثنا عمارة" هو ابن القعقاع بن شبرمة الضبي.

قوله: «انتدب الله»)، السند قال: حدثنا عمارة بن القعقاع كما هو معلوم، حدثنا أبو زرعة بن عمرو بن جرير البجلي، سمعت أبا هريرة. هذا الحديث الذي روى به البخاري حديث: «كلمتان خفيفتان على اللسان...» إلى آخره، وهو من غرائب الصحيح، لا يُروى إلا من هذا الوجه، وهو آخر حديث في الصحيح.

(قوله: «انتدب الله» هو بالنون أي سارع بثوابه وحسن جزائه، وقيل: بمعنى أجاب إلى المراد، ففي الصحاح: ندبت فلانًا لكذا فانتدب أي أجاب إليه، وقيل معناه تكفل بالمطلوب)، فيه رواية: «تكفل»؟

طالب: .......

نعم. نعم. باللفظ.

طالب: نعم.

(وقيل: معناه تكفل بالمطلوب، ويدل عليه رواية المؤلف في أواخر الجهاد لهذا الحديث من طريق الأعرج عن أبي هريرة بلفظ: «تكفل الله»، وله في أوائل الجهاد من طريق سعيد بن المسيب عنه بلفظ: «توكل الله»، وسيأتي الكلام عليها وعلى رواية مسلم هناك، إن شاء الله تعالى، ووقع في رواية الأصيلي هنا: «ائتدب» بياء تحتانية مهموزة بدل النون، من المأدبة).

هل يقال: بياء مهموزة أو بهمزة؟ هي عليها همزة بلا شك، لكن هل هي ياء مهموزة أو همزة على ياء؟ لأن المؤلف يقول: (بياء تحتانية) ما فيها نقط، لماذا يقول: تحتانية؟ «ائتدب»؟

طالب: .......  

ما فيها ....... هي همزة، انطقها بياء؟

طالب: ايتدب.

هذه سُهلت شيئًا، لكن إذا حُققت؟

طالب: .......

الآن لو قرأناها: «ائتدب»، {فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ} [البقرة: 283] نفس الشيء بهمزتين.

(بياء تحتانية مهموزة بدل النون من المأدبة وهو تصحيف، وقد وجهوه بتكلف، لكن إطباق الرواة على خلافه مع اتحاد المخرج كافٍ في تخطئته.

قوله: «لا يخرجه إلا إيمان بي» كذا هو بالرفع على أنه فاعل يُخرج، والاستثناء مفرَّغ)، (والاستثناء مفرَّغ) لماذا؟ لأنه لم يذكر فيه المستثنى منه.

(وفي رواية مسلم والإسماعيلي: «إلا إيمانًا» بالنصب)، الآن يمكن أن يُنصب وهو غير تام ولا موجب؟ (وفي رواية مسلم والإسماعيلي: «إلا إيمانًا» بالنصب، قال النووي: هو مفعول له)، أي مفعول لأجله، (وتقديره: لا يخرجه المُخرِج إلا الإيمان والتصديق)، يعني من أجله. (قوله: «وتصديق برسلي» ذكره الكرماني بلفظ: «أو تصديق»)، يعني كون الإنسان يخطئ بلفظ ثم يتكلف توجيه هذا الخطأ. (ذكره الكرماني بلفظ: «أو تصديق» ثم استشكله وتكلف الجواب عنه، والصواب أسهل من ذلك)، الصواب أسهل من ذلك، لماذا؟ لأنه خطأ، والخطأ لا يُتكلف اعتباره، كما أن الحديث الضعيف الذي لا يَثبت لا يُتكلف اعتباره ولا توجيهه إذا خالف غيره، تريد أن تجمع بين حديثين؛ واحد صحيح، وواحد ضعيف توجههما، أنت لست بمطالب، فالضعيف لا يتكلف اعتباره، وكذلك الخطأ من باب أولى.

(ذكره الكرماني بلفظ: «أو تصديق» ثم استشكله وتكلف الجواب عنه)؛ لأن الجواب هو يقول: «أو» بمعنى الواو، وربما عاقبت الواو كما في كلام ابن مالك، (والصواب أسهل من ذلك؛ لأنه لم يثبت في شيء من الروايات بلفظ «أو».

وقوله: بي، فيه عدول من ضمير الغيبة إلى ضمير المتكلم فهو التفات)، (وقوله: بي، فيه عدول من ضمير الغيبة) ما قال: «به»، (إلى ضمير المتكلم) بي (فهو التفات، وقال ابن مالك: كان اللائق في الظاهر هنا إيمان به، ولكنه على تقدير اسم فاعل من القول منصوب على الحال، أي انتَدب الله لمن خرج في سبيله قائلاً: لا يخرجه إلا إيمان بي)، وإلا فالأصل: «انتدب الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا إيمان به»، لكن قُدر اسم الفاعل من قائل، (قائلاً: لا يخرجه إلا إيمان بي، ولا يخرجه مقول القول؛ لأن صاحب الحال على هذا التقدير هو الله)، هذا كلام من؟

كلام ابن مالك، (وتعقبه شهاب الدين بن المرحَّل بأن حذف الحال لا يجوز)، نعم حذف القول كثير، لكن حذف الحال حينما يراد يحتاج إليه في بيان الهيئة يقول: لا يجوز، يقوله ابن المرحل (وأن التعبير باللائق)، لأن ابن مالك يقول: (كان اللائق في الظاهر هنا: إيمان به)، (وأن التعبير باللائق هنا غير لائق، فالأولى أنه من باب الالتفات وهو متجه)، يعني لو ثبت أن هذا هو اللفظ النبوي هل يسوغ أن يقال: اللائق كذا؟ لا، لكن لما كان الاحتمال قائمًا في أنه من تصرف الرواة احتُمل مثل هذا الكلام.

(فالأولى أنه من باب الالتفات وهو متجه، وسيأتي في أثناء فرض الخُمس من طريق الأعرج بلفظ: «لا يخرجه إلا الجهاد في سبيله وتصديق كلماته».

تنبيه: جاء هذا الحديث من طريق أبي زرعة هذه مشتملاً على أمور ثلاثة، وقد اختصر المؤلف من سياقه أكثر الأمر الثاني، وساقه الإسماعيلي وأبو نعيم في مستخرجيهما من طريق عبد الواحد بن زياد المذكور بتمامه، وكذا هو عند مسلم في هذا الحديث من وجه آخر عن عمارة بن القعقاع، وجاء الحديث مفرقًا من رواية الأعرج وغيره عن أبي هريرة كما سيأتي عند المؤلف في كتاب الجهاد، وهناك يأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى، وقد تقدمت الإشارة إلى أن الكلام على قيام رمضان وباب صيام رمضان يأتي في كتاب الصيام). وكذلك الكلام على ليلة القدر، وقد ذكر فيها المؤلف ما يقرب من خمسين قولاً في تعيينها، ما يقرب من خمسين قولاً في تعيين ليلة القدر، وأيام الشهر كلها ثلاثين، ليالي الشهر ثلاثين أو تسعة وعشرون، فكيف تكون الأقوال تقرب من الخمسين؟

يعني اطلعوا لشوال أو رجعوا لشعبان أو غيره؟ لا، فيها أقوال مركبة من أقوال، ذكر الحافظ ابن كثير -رَحِمَهُ اللهُ- عن عشرة من النصارى اجتمعوا لبحث مسألة فصدروا عن أحد عشر قولاً، هل هو من هذا النوع؟

طالب: .......

ما هو؟

طالب: نعم، لكن الذين قالوا خمسين قولًا يمكن هو خمسة آلاف، ما هو بأقل من الأقوال؟ هذا الفرق.

طالب: قول أنها تتنقل هذا قول وليس .......

معروف.

طالب: .......

كثيرة كثيرة.

طالب: .......

على كل حال يجتهد الإنسان والتوفيق بإذن الله، والحرمان ما له نهاية، قد يجلس الإنسان في المجلس ينتظر ليلة القدر ومعه أجهزته ويشتغل ويطقطق، ورأينا من ينام عشية عرفة، نائم والناس يدعون وهو نائم، والله المستعان، معطى ومحروم.

طالب: .......

القيام قالوا إنه يشتمل على الصلاة والذكر والدعاء والتلاوة، كلها تدخل في القيام.

طالب: .......

ما يسمى قيامًا إلا على سبيل التجوز مثل ما أدخلنا الجهاد.

اقرأ.

طالب: أحسن الله إليك.

"بَابٌ: الدِّينُ يُسْرٌ. وَقَوْلُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى اللَّهِ الحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ».

حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلاَمِ بْنُ مُطَهَّرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ مَعْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الغِفَارِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عنهُ-، قال: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ»".

يقول الشارح -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: ("باب: الدين يسر" أي دين الإسلام ذو يسر)؛ لأنه موصوف باليسر، فالإخبار عنه بأنه هو اليسر يحتاج إلى تقدير، الدين لا شك أن من أوصافه أنه ذو يسر. (أو سُمي الدين يسرًا مبالغةً بالنسبة إلى الأديان قبله؛ لأن الله رفع عن هذه الأمة الإصر الذي كان على مَن قبلهم، ومِن أوضح الأمثلة له أن توبتهم كانت بقتل أنفسهم وتوبة هذه الأمة بالإقلاع والعزم والندم).

 لا تتم التوبة بالنسبة للأمم السابقة إلا بالقتل قتل النفس: {فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 54]، أما هذه الأمة: «الندم توبة»، «التوبة تهدم ما كان قبلها»، بل تفضل الله على هذه الأمة بأن من تاب تُبدل سيئاته حسنات، فهذا من يُسر هذه الشريعة. كانت النجاسة تُقرض بالمقاريض، وعندنا يكفي غسلها بالماء، ولله الحمد والمنة. وليس معنى هذا أننا نستغل هذه اللفظة وما جاء في يُسر الشريعة اليسر النسبي بالنسبة للشرائع السابقة، وإلا فالدين دين تكليف والتكليف إلزام ما فيه كُلفة ومشقة، الدين تكليف «وحفت الجنة بالمكاره»، ما نستغل «الدين يسر» هذه الكلمة ويسر الدين ويسر الشريعة وسماحة الشريعة في ترويج بعض التساهل غير المرضي الذي مؤداه في النهاية إلى الانسلاخ من كثير من التكاليف.

(قوله: «أحب الدين» أي خصال الدين)، أي: أحَب خصاله؛ (لأن خصال الدين كلها محبوبة)، يعني لو اعتبرنا الدين، الدين شيء واحد، إذا اعتبرناه شيئًا واحدًا ما فيه فاضل ومفضول، لكن بالنظر إلى خصاله المتعددة التي فيها الفاضل والمفضول، وفيه المحبوب، وفيه الأحب، وفيه ما هو دونه؛ (لأن خصال الدين كلها محبوبة، لكن ما كان منها سمحًا أي سهلاً فهو أحب إلى الله، ويدل عليه ما أخرجه أحمد بسند صحيح من حديث أعرابي لم يُسمِّه، أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «خير دينكم أيسره»، أو الدين جنس أي أحب الأديان إلى الله الحنيفية. والمراد بالأديان الشرائع الماضية قبل أن تُبدل وتُنسخ، والحنيفية ملة إبراهيم، والحنيف في اللغة من كان على ملة إبراهيم).

 والأصل في الحنف الميل، ويقال لمن في رجله ميل يقال له: أحنف. (وسمي إبراهيم حنيفًا لميله عن الباطل إلى الحق؛ لأن أصل الحَنَف الميل، والسمحة السهلة أي أنها مبنية على السهولة؛ لقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} [الحج: 78]).

طالب: .......

الميل نسبي، من مال عن الباطل أين راح؟

طالب: .......

نعم، إلى الحق: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} [يونس: 32].

(وهذا الحديث المعلق لم يسنده المؤلف في هذا الكتاب؛ لأنه ليس على شرطه، نعم وصله في كتاب الأدب المفرد، وكذا وصله أحمد بن حنبل وغيره من طريق محمد بن إسحاق عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس وإسناده حسن. استعمله المؤلف في الترجمة؛ لكونه متقاصرًا عن شرطه، وقواه بما دل على معناه لتناسب السهولة واليسر).

طالب: .......

الرخصة من تيسيره.

طالب: .......

قبل العزيمة.

طالب: .......

نعم، كلاهما محبوب.

طالب: .......

ترى المحبة وضدها لها متعلقات متعددة، أنت الآن «من توضأ فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل»، والوضوء شرط للصحة والغسل مستحب، أيهما أفضل؟ الغسل المشتمل على الوضوء؛ لأن الوضوء لا بد منه. إذًا كيف نقول هذا: «بها ونعمت»، وذاك أفضل؟

طالب: .......

لأن فيه زيادة؛ لأن المتعلقات متعددة لا تتوارد على شيء واحد، فإذا كانت غير متواردة وانفكت الجهات بإمكانك أنت.

طالب: .......

نعم.

طالب: .......

لا، على حسب سياقه، والغالب أنه ما يترجم بحديث ضعيف، ما يترجم، قد يورد الحديث الضعيف ويصدره بصيغة تمريض أو يعقبه بحكمه: ويذكر عن أبي هريرة: «لا يتطوّع الإمام في مكانه»، ولم يصح، يعقب إذا كان ضعيفًا.

طالب: .......

الذي هو أحب الأديان كلها، أو أحب خصال الدين؛ لأن الشيء الواحد لا مفاضلة فيه، يعني أفعل التفضيل ما ترد في شيء واحد، ما أفضل هذا الكتاب؟ إذا نظرت إلى أنه كتاب واحد، لا، لكن لو نظرت إلى جهاته مثلاً تقول: أفضل ما فيه تجليده، يجيء.

طالب: .......

هو نظر إلى أن المضاف «أحب» أفعل تفضيل لا بد أن تضاف إلى متعدد؛ ليمكن المفاضلة بينها، فالمراد بالدين خصاله.

طالب: .......

معروف أن التكاليف إلزام ما فيه كلفة، «حفت الجنة بالمكاره» نحن من يستصحب هذا الحديث في كل شيء «وما خُير النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- بين أمرين إلا اختار أيسرهما»، ما فيه تخيير الآن، استقرت الشريعة، هو فيه تخيير؟ علشان تختار رأي مالك؛ لأنه يقول بالكراهة، وتترك رأي أحمد؛ لأنه يقول بالتحريم أو العكس؟ الآن ارتفع التخيير، ما فيه إلا إلزام.

(قوله: "حدثنا عبد السلام بن مطهر" أي ابن حسام البصري وكنيته أبو ظَفَر بالمعجمة والفاء المفتوحتين. قوله: "حدثنا عمر بن علي" هو المُقَدَّمي بضم الميم وفتح القاف والدال المشددة وهو بصري ثقة، لكنه مدلس شديد التدليس، وصفه بذلك ابن سعد وغيره. وهذا الحديث من أفراد البخاري عن مسلم وصححه، وإن كان من رواية مدلس بالعنعنة؛ لتصريحه فيه بالسماع من طريق أخرى، فقد رواه ابن حبان في صحيحه من طريق أحمد بن المقدام أحد شيوخ البخاري عن عمر بن علي المذكور، قال: سمعت معن بن محمد فذكره، وهو من أفراد معن بن محمد وهو مدني ثقة قليل الحديث، لكن تابعه على شقه الثاني ابن أبي ذئب عن سعيد، أخرجه المصنف في كتاب الرقاق بمعناه ولفظه: «سددوا وقربوا»، وزاد في آخره: «والقصد القصد تبلغوا»، ولم يذكر شقه الأول، وقد أشرنا إلى بعض شواهده ومنها حديث عروة الفُقَيْمي بضم الفاء وفتح القاف عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن دين الله يسر»، ومنها حديث بريدة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «عليكم هديًا قاصدًا فإنه من يشاد هذا الدين يغلبه»، رواهما أحمد وإسناد كل منهما حسن. قوله: «ولن يشاد الدين إلا غلبه»)، «ولن يشاد الدينَ» أو «ولن يشاد الدينُ»؟

طالب: .......

(«إلا غلبه» هكذا في روايتنا بإضمار الفاعل)، لكن هو ببناء الفعل للمعلوم أو المجهول؟ لأن الصيغة واحدة، الصيغة واحدة «يُشاد» تصلح للمفعول، وتصلح للفاعل، {لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ} [البقرة: 233]، {وَالِدَةٌ} فاعل أم نائب عن الفاعل؟

طالب: .......

نائب عن الفاعل، هل معناها: تُضارِر أو تُضارَر؟ يحتمل، يعني لا تُضارِر الأب الولد والعكس.

طالب: .......

نعم.

طالب: .......

المهم أنه من محفوظه، يحفظ البخاري، يعني وقف على طريق فيه تصريح، فانتفت عنده تهمة التدليس بأي وجه كان.

طالب: .......

أين؟ لا ما هو بعلى شرطه.

طالب: .......

المهم أنه قد تنتفي عنده تهمة التدليس بأي طريق يرتضيها.

(هكذا في روايتنا بإضمار الفاعل، وثبت في رواية ابن السكن وفي بعض الروايات عن الأصيلي بلفظ: «ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه»، وكذا هو في طرق هذا الحديث عند الإسماعيلي وأبي نعيم وابن حبان وغيرهم، و«الدينَ» منصوب على المفعولية، وكذا في روايتنا أيضًا، وأضمر الفاعل للعلم به)، الفاعل يُضمر للعلم به، ويبنى الفعل للمجهول إما للعلم به: {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: 28]، معلوم أم لا؟ معلوم، أو الجهل به: سُرق المتاع، أو الخوف عليه، إلى غير ذلك من المقاصد التي يُحذف فيها الفاعل.

(وحكى صاحب المطالع)، من صاحب المطالع؟ ابن قُرقول، صاحب مطالع الأنوار على صحيح الأخبار، (أن أكثر الروايات برفع «الدينُ» على أن «يشاد» مبني لما لم يُسم فاعله، وعارضه النووي بأن أكثر الروايات بالنصب، ويُجمع بين كلاميهما بأنه بالنسبة إلى روايات المغاربة والمشارقة). النووي نظر إلى روايات المشارقة التي بين يديه، وابن قرقول نظر إلى روايات المغاربة؛ لأنه منهم.

 (ويؤيد النصب لفظ حديث بريدة عند أحمد: «إنه من شاد هذا الدين يغلبه»، ذكره في حديث آخر يصلح أن يكون هو سبب حديث الباب. والمشادة بالتشديد المغالبة، يقال: شاده يشاده مشادةً إذا قاواه، والمعنى لا يتعمق أحد في الأعمال الدينية ويترك الرفق إلا عجز وانقطع فيُغلب)، يعني مثل صنيع ابن عمر -رَضِيَ اللهُ عنهُ- لما أشار إليه النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- أن يقرأ القرآن في شهر مرتين في الشهر.

طالب: .......

عبد الله بن عمر نعم. مرتين في الشهر، إلى أن قال: «اقرأ القرآن في سبع ولا تزد»، ثم صار يقرأ في ثلاث، وجاء متحمسًا يقرأ كل يوم، فصار يقرأه كل ثلاث ثم ندم على ذلك؛ لأنه تعب، وكره أن يترك ما فارقه النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- عليه.

نقف على كلام ابن المنير.

طالب: .......

يجوزونها من غير تكليف.

طالب: ....... يقولون في بعض البيوع ما يمكن تكليف.

ما فيه شيء يخرج عن هذه الشريعة، لا بد أن يوجد له .......

طالب: .......

لكن ما فيه شيء يخرج عن إطار هذه الشريعة أبدًا، لا بد أن يكيف.

طالب: ....... إطاره ....... الإباحة.

لكن التكييف هو يلزم أن يكون على صورة واحدة، كل يكيف على ما يلوح له.

"