شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح - كتاب الصوم (عام 1427 هـ) - 26

 

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلًا بكم إلى حلقةٍ جديدة في شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح في كتاب الصوم من هذا الكتاب، والذي يتولى شرح أحاديثه صاحب الفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير، فأهلًا ومرحبًا بكم فضيلة الدكتور.

حياكم الله، وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.

لا زلنا في باب ما يذكر من صوم النبي –صلى الله عليه وسلم- وإفطاره في حديث أنس –رضي الله عنه- لعلنا نستكمل ما تبقى أحسن الله إليكم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المقدم: اللهم صلى عليه وسلم.

أما بعد، فقد مضى الحديث في أوله فيما يتعلق بالصيام، وبقي ما يتعلق في خلقه –عليه الصلاة والسلام- من قوله: «ولا مسستُ خزةً»، «ولا مسستُ»، يقول الزركشي: بكسر السين المهملة، بكسر السين المهملةِ على الأفصح، يعني السين الأولى والثانية ساكنة كما قال القسطلاني، وقال الكرماني: بالكسرِ هو اللغة الفصيحة، وحكى أبو عبيدة الفتح، وفي عمدة القاري يقال: مسستُ الشيء أمسه مسًا إذا لمسته، إذا لمستَه، أو لمستُه.

المقدم: لا، لذا.

لمِستَه.

المقدم: لذا نقول: لمِستَه.

نعم، بيدك، لكن لو قال: أي.

المقدم: لمستُه بيدي.

بيدي، إذا لمستَه بيدك، ويقال: مِستُ في مسستُ بحذف السين الأولى وتحويل كسرتها إلى الميم، ومنهم من يقر فتحها بحالها، مستُ، فقال: مَستُ كما يقال: ظلتُ، نعم، في ظللتُ.

المقدم: نعم.

ظلت.

المقدم: إلا ما صح.

«خزةً»: واحدةُ الخز وفي الأصلِ الخزُّ بالفتح وتشديد الزاي اسم دابةٍ، ثم سمي الثوب المتخذ من وبرهِ خزًّا، والواحدةُ منه خزة، قال ابن الأثير: الخزُّ المعروف أولًا: ثيابٌ تنسج من صوف وإبريسم وهي مباحة، وقد لبسها الصحابة، والتابعون فيكون النهي عنها لأجل التشبه بالعجمِ وزي المترفين، وإن أريد بالخز النوع الآخر وهو المعروف الآن فهو حرام؛ لأن جميعه معمولٌ.

من الإبريسم.

وعليه يحمل الحديث الآخر: «قوم يستحلون الخز والحرير»، يعني حديث بن مالك، وأبي عامر، هذا على رواية العجام الخز، والمعروف رواية، أكثر الرواة الحِرَ والحرير، الذي هو الفرج من الزنا، نسأل الله العافية، انتهى من النهاية، «ولا حريرةً» من عطف العام على الخاص، وفي نسخةٍ «ولا حريرًا»، «ألين» أفعل تفضيل من اللين، في المصباح لانَ يلين لينًا، والاسم أليان من، مثل كتاب، ليان مثل كتاب وهو لين، وجمعه ألينا، أو أَليِنا، أفعلا ألينا، ويتعدى بالهمزة والتضعيف، «من كف رسول الله –صلى الله عليه وسلم-»، «من كف رسول الله –صلى الله عليه وسلم-»،  قال ابن حجر في فتح الباري، في المناقب الجزء السادس قيل: هذا يخالف ما وقع في حديث أنس الآتي في كتاب اللباس أنه– صلى الله عليه وسلم- كان «ضَخْمَ الْيَدَيْنِ»، وفي رواية له «والقدمين»، وفي رواية له «شَثْنَ الْقَدَمَيْنِ وَالْكَفَّيْنِ»، شثن الكفين، «الْقَدَمَيْنِ وَالْكَفَّيْنِ»، وفي حديث هند بن أبي هالة الذي أخرجه الترمذي في صفة النبي –صلى الله عليه وسلم-.

المقدم: صلى وسلم عليه.

فإن فيه أنه «كان شَثْنَ الْقَدَمَيْنِ وَالْكَفَّيْنِ».

المقدم: شثن.

شثن، نعم.

المقدم: نعم.

أي غليظهما، فيه خشونة، وهكذا وصفه علي من عدة طرق عند الترمذي، والحاكم، وابن أبي خيثمة، وغيرهم وكذا في صفة عائشة له عند ابن أبي خيثمة، والجمع بينهما أن المراد اللين في الجلد، والغلظ في العظام، فيجتمع له نعومة البدن وقوته، ممكن هذا الجمع؟

المقدم: ممكن جدًّا، يكون ضخم اليد، لكنه ناعم.

لكن قوله: «شَثْنَ الْقَدَمَيْنِ»، يعني، أيش المراد بها؟ أي غليظهما فيه خشونة.

نعم، «شَثْنَ َالْكَفَّيْنِ والْقَدَمَيْنِ»، أي غليظهما فيه خشونة، أما إذا كانت مجرد غلظ مع نعومة فلا، فلا تعارض.

المقدم: نعم.

ويمكن الجمع بينهم بهذه الطريقة، يقول: أو، يعني جمع آخر حيث وصف باللين، واللطافة حيث لا يعمل بهما شيئًا، حيث لا يعمل بهما شيئًا كان بالنسبة إلى أصل الخلقة، وحيث وصف بالغلظ والخشونة فهو بالنسبة إلى امتهانهما بالعمل، فإنه يتعاطى كثيرًا من أموره بنفسه –صلى الله عليه وسلم-.

المقدم: صلى وسلم عليه.

ممكن هذا الجمع؟ لكن هو من حيث الظاهر ممكن، لكن يمكن أن يقال في الناس كلهم.

المقدم: نعم.

كل الناس ما يوجد أنعم منهم إذا لم يعملوا، وإذا عملوا صارت فيهم الخشونة.

المقدم: صح.

أما بالنسبة لوصف أنس –رضي الله عنه- للنبي –عليه الصلاة والسلام- فاقترنت فيه النعومة الحسية والمعنوية، قد يكون هذا فيه بعد في التصور.

المقدم: يعني أنس قريب منه عرفه كله.

جدًّا، وكان غالب أحواله النعومة والليونة.

المقدم: نعم.

وكثيرٌ من الناس إذا عمل كان غالب أحواله الخشونة، فالكلام في غالب الأحوال، وأما «شَثْنَ َالْكَفَّيْنِ»، فهو في وقت الوصف، في وقت وصفه من قبل من وصفه هو كذلك، مع أنه –عليه الصلاة والسلام- كان عظامه فيها شيء من الغلظ لعلها تعني القوة.

المقدم: نعم.

نعم، وفي حديث معاذ عند الطبراني، والبزار: «أردفني النبي –صلى الله عليه وسلم- خلفه في سفرٍ فما مسست شيئًا قط ألين من جلده –صلى الله عليه وسلم-».

المقدم: -عليه الصلاة والسلام-.

يعني بعض الناس تحس بشيء من الليونة مع هذه الخشونة، كيف تجتمع ليونة وخشونة؟ بعض الناس حينما، إذا كان يحمل اللحم مثلًا والشحم وفيه خشونة، فيخف وزنه فيلين جلده، مع بقاء الخشونة.

المقدم: نعم.

التي يؤثرها العمل، ويؤثرها برودة الجو أحيانًا، ويؤثرها اختلاف درجة حرارة الماء من حار إلى بارد، وما أشبه ذلك تورث خشونة، ومع ذلك إذا لمسته بعد أن خف وزنه تجد فيه شيئًا من الليونة.

المقدم: الليونة.

فالليونة شيء، والنعومة شيء، ما بينهما اختلاف؟ يعني الليونة تنشأ من خفة الوزن، يعني شخص وزنه مائة مثلًا ونزل إلى سبعين فيه ليونة، وفيه طراوة، لكن قد...

المقدم: مع بقاء.

لا يكون فيه نعومة.

المقدم: نعم.

وقد يكون وزنه ثقيلًا مثلًا وفيه نعومة في بدنه، ملوسة، وما أشبه ذلك، وفيه أيضًا من جهة أخرى شيء من الخشونة.

المقدم: خشونة.

المقصود أن مثل هذه الأمور هذا وصف خبير، وصف أنس خادم النبي –عليه الصلاة والسلام.

المقدم: صلي عليه وسلم.

وهذا أيضًا وصف أكثر من صحابي، فلابد أن من يحمل هذا على حال، وذاك على حال أخرى، في شرح الملا علي قاري على الشمائل، يقول: نقل عن الأصمعي أنه فسر في موضوعٍ آخر الشثن بالخشن، فسر في موضوعٍ آخر، يعني في غير وصف النبي –عليه الصلاة والسلام- يعني من حيث لغة العرب عمومًا، قال: الشثن الخشن، فقيل له: إنه ورد في وصف كفه –صلى الله عليه وسلم-.

المقدم: صلى عليه وسلم.

اللين والنعومة، فآلى على نفسه ألا يفسر شيئًا في الحديث؛ لأن مجرد المعرفة باللغة فقط لا تؤهل الإنسان أن يفسر النصوص.

المقدم: صح.

لابد أن يكون مع علمه باللغة.

المقدم: جمع.

أن يكون عارف ب.

المقدم: جمع النصوص.

نصوص الكتاب والسنة، فلا يقدم على تفسير القرآن بمجرد اللغة، أو العكس، كما أنه لا يكفي معرفته بالقرآن حتى يلم بلغة العرب؛ لأنه نزل بلغة العرب، الأصمعي هذا الذي يحفظ ستة عشر ألف قصيدة، في بعضها ما يزيد على مائتي بيت، ويسأل عن الصقب، في قوله: -عليه الصلاة والسلام-: «الجار أحق بصقبه».

المقدم: صقبه.

فقال: أنا لا أفسر حديث رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، ولكن العرب تزعم أن الصقب اللزيق؛ لأنه مجاور، الجار الملاصق.

المقدم: نعم.

فهذه هيبة منه لأن يتكلم في النصوص؛ لأنك إذا قلت على الله –جل وعلا-، أو على النبي –عليه الصلاة والسلام- خلاف مراده وقعت في الهلكة، في التحذير، من قال في القرآن برأيه، ومن قال علي ما لم أقل، المقصود أن مثل هذه الأمور فيها الوعيد الشديد، وهذا موضوع يحذره الكبار أشد الحذر، ويتوقونه أشد التوقي، ويوجد عندنا من صغار طلاب العلم.

المقدم: من يقع فيه.

من لا يتردد.

المقدم: لا حول ولا قوة.

إذا ألقي عليه أغرب الألفاظ يشارك ويساهم، لكن إذا شارك بلعلى، إذا شارك بلعل، لعل المراد كذا فالأمر أخف، الأمر أخف؛ لأن النبي –عليه الصلاة والسلام- لما ذكر السبعين الألف ودخل ما بينهم، بات الصحابة يدوكون لعلهم كذا، لعلهم كذا، لعلهم كذا، خرج النبي –صلى الله عليه وسلم- ما ثرب عليهم، فقال: هم كذا، وكذا، وكذا، فإذا جيء بلعل هان الأمر، أما أن يجزم بأن مراد الله -جل وعلا- من هذه الكلمة، أو من هذه.

المقدم: كذا، وكذا.

الآية ويجزم بأن مراد النبي –عليه الصلاة والسلام- كذا، من غير سابق علم ومعرفة؛ لأن بعض العلماء يجرؤ مثلًا ويجزم بأن المعنى كذا، ويشارك بقوة، وقد لا يكون في ذهنه شيء محفوظ بحروفه من كلام من تقدم من المفسرين، لكن عنده إجمالًا، عندهم معرفة، وخبرة، وراجع النصوص، وتردد في كلام أهل العلم حتى صارت لديه ملكة يستطيع بها أن يساهم، ويشارك، لكن الإشكال في شخص يأتي الموضوع عرف، لا يعرف شيئًا، وليست له دربة، ولا خبرة، ولا معرفة، ولا قراءة في كتب أهل العلم، ولا في كتب اللغة، ولا في التفاسير ثم بعد ذلك يشارك، هذا الذي يقع في المحظور، يقول: نقل عن الأصمعي، شرح الملا علي قاري على الشمائل، نقل عن الأصمعي أنه فسر في موضوعٍ آخر الشسن بالخشن، فقيل له: إنه ورد في صفة كفه –صلى الله عليه وسلم- اللين والنعومة، فآلى على نفسه ألا يفسر شيئًا من الحديث، يقول: «ولا شممت»، في شرح الزركشي شممت بكسر الميم، وقال ابن درستويه: والعامة تخطئ في فتحها، وليس كما قال، بل هي لغة حكاها الفراء، وقال أبو عبيدة: الفتح لغة، ويقال في مضارعه أشمُهُ، بفتح الشين وبضمها في لغةٍ أشمُهُ، وبضمها في لغةٍ قليلة أشمُهُ.

المقدم: أشمُهُ.

نعم.

المقدم: ومضارعها يشَمُ، أم يشُم؟

نعم يشَم.

المقدم: يشَم.

نعم.

المقدم:  ..يعني أشَم، ويشَم.

نعم.

المقدم: نعم.

يقول الإمام ابن مالك: فعلٌ مضارع يلي لم، كيشَم.

المقدم: نعم.

نعم، وفي المصباح: شممت الشيء أشمه من باب تعبَ، وشممته شمًا من باب قتل، شممته شمًا من باب قتل لغة، واشتمَمتُ مثل شمِمتُ، والمشموم ما يشم كالرياحين، مثل المأكول لما يؤكل ويتعدى بالهمزة فيقال: أشممته الطيب، أشممته الطيب. مسكةً: واحدةُ المسك وهو طيبٌ معروف، وهو معرب، والعرب تسميه المشموم، المفترض أن المشموم يسمى مفعولًا لكل ما يشم.

المقدم: صحيح.

فكون العرب تخصه بالمشموم من بين سائر ما يشم. كأنهم جعلوه كل ما يشم.

المقدم: يشم.

اهتمامًا به؛ لأنه أفضل الطيب عندهم، ولذا ورد «لخلوف فم  الصائم أطيب عند الله من ريح المسك»، ترغيبًا في إبقاء أثر الصوم، ترغيبًا في إبقاء أثر الصوم، قال الفرا: المسك مذكر، وقال غيره: يذكر ويؤنث، فيقال: هو المسك، وهي المسك، وأنشد أبو عبيدة على التأنيث قول الشاعر: والمسك والعنبر خير طيبٍ، قول الشاعر:

 

والمسك والعنبر خير طيبِ
 

أخذتا بالثمن الرغيبِ
  

وقال السجستاني: من أنث المسك جعله جمعًا، فيكون تأنيثه بمنزلة تأنيث الذهب والعسل.

المقدم: نعم.

قال: وواحده مسكه.

المقدم: مسكه.

مثل، نعم، مِسكه أم مَسكه.

المقدم: مِسكه.

مِسكه؛ لأن الجمع مكسور الميم مسك.

المقدم: مسك.

وإلا مثل ذهب وذهبَة، يعني هل هذا مما يفرق بين جمعه وواحده بالتاء، مثل تمر وتمرة، سدر وسدرة، مسك ومسكة، نعم، نعم مما يفرق بينه وبين واحده، قال ابن السكيت: وأصله مِسِك.

المقدم: نعم.

بكسرتين قال رؤبة:

إن تشف نفسي من ذبابات الحسك
 

أحري بها أطيب من ريح المِسِك
  

هكذا رواه ثعلب عن ابن الأعرابي، وقال ابن الأنباري: قال السجستاني: أصله السكون والكسر، مسك، وفي البيت اضطرار لإقامة الوزن، وكان الأصمعي ينشد البيت بفتح السين ويقول: هو جمع مسكة، مثل خرقة وخرق، من ريح المسَك، نعم ينشده بفتح السين مثل خرقه وخرق، وقربة.

المقدم: وقرب.

وقرب، ويؤيده قول السجستانى: إنه لا يوجد فعل بكسرتين إلا إبل، ويقال: مسك، إلا إبل وما ذكر معه فتكون الكسرة

 لإقامة الوزن، كما قال: علمنا إخواننا بنو، نعم بنو عِجِل، والأصل هو السكون باتفاق عجْل، أو تكون الكسرة حركة الكاف نقلت إلى السين لأجل الوقف، وذلك سائغٌ. انتهى من المصباح. يقول ابن القيم: في زاد المعاد يقول: مسك ثبت في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخضري –رضي الله تعالى عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «أطيب الطيب المسك»، وفي الصحيحين عن عائشة –رضي الله عنها- «كنت أطيب النبي –صلى الله عليه وسلم- قبل أن يحرم، ويوم النحر قبل أن يطوف بالبيت بطيبٍ فيه مسك»،  وفي الحديث الصحيح «كنت أرى وبيص».

المقدم: المسك.

المسك، في مفرق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، المسك كما يقول ابن القيم: ملك أنواع الطيب، وأشرفها، وأطيبها، وهو الذي يضرب به الأمثال، ويشبه به غيره ولا يشبه بغيره، وهو كثبان الجنة، يقول: هو حارٌّ يابس في الثانية يسر النفس، ويقويها، ويقوي الأعضاء الباطنة جميعها شربًا، وشمًا، والظاهرة إذا وضع عليها نافعٌ للمشايخ، والمبرودين لاسيما زمن الشتاء، جيدٌ للغشي، يقول: نعم، ويقوي الأعضاء الباطنة شربًا، وشمًا، والظاهرة، الأعضاء الظاهرة إذا وضع عليها نافعٌ للمشايخ والمبرودين.

المقدم: كبار السن.

يعني كبار السن.

                         إذا جاء الشتاءُ فأدفئوني                 فإن الشيخ يهرمه الشتاءُ

نعم الشتاء كبار السن...

المقدم: يضرهم.

يتعبوهم، نعم وكذلك من المبرودين، بعض الناس دائمًا مبرود وإن كان شابًّا، فلا يتحمل ما يتحمله غيره، وهنا ينشأ إشكالات، وخصومات تراها في مجامع الناس في المساجد، وفي غيرها، والمشكلة إذا كانت في البيوت، إذا كان مثلًا الزوج مبرودًا، والمرأة العكس، والعكس، فالمبرودون غير المشايخ؛ لأن المشايخ كبار السن هذا مطرد عندهم البرد.

المقدم: صحيح.

فإن الشيخ يهرمه الشتاء، والمبرودون وبعضهم صغار السن، لاسيما زمن الشتاء، جيد للغشي، والخفقان، وضعف القوة بإنعاشه للحرارة الغريزية، ويجلو بياض العين، وينشف رطوبتها، ويفش الرياح منها، الرياح يعني الانتفاخات يذهبها.

المقدم: أين، يعني يحط كيف وضعه؟

على العين،.. لا تنتفخ.

المقدم: نعم.

إذا دهنت به ذهب الانتفاخ.

المقدم: من الخارج.

نعم من الخارج، ومن جميع الأعضاء، ويبطل عمل السموم، وينفع من نهش الأفاعي، ومنافعه كثيرةٌ جدًّا، وهو أقوى المفلحات، ابن القيم يكثر من هذا الكلام باعتبار أنه ثبت بالتجربة.

المقدم: نعم.

لكن تجربة الناس في الطب القديم قد لا تطرد، فكل من نفع معه شيء وصفه لغيره، وتجد أحيانًا النتائج عكسية؛ لأن هذا الجسد، وهذا البدن قد يناسبه ما لا يناسب غيره، وكتب الطب القديم يحصل فيها هذا كثير، وكثير من الناس يراجع مثلًا تذكرة داود فيتضرر من بعض الأدوية التي يذكرها؛ لأنهم نتائجهم ليست مبنية على استقراء تام، أو قليل من الاستقراء، يعني الأدوية الحديثة تجاربها، نتائجها مبنية على تجارب كثيرة، يعني ما يخرج العلاج إلا بعد نتائج كثيرة، ومع ذلك يكون له مضاعفات.

المقدم: عكسية.

أخرى من جهةٍ أخرى، نعم.

المقدم: نعم.

وكل هذا ليبين لنا أن الشفاء بيد الله –جل وعلا-، بيد الله –جل وعلا- أولًا وآخرًا، هذه أسباب، قد يتخلف السبب، نعم ويعمل المانع فيتضرر بالعلاج عكس المراد، فينبغي أن يكون المسلم قلبه معلقًا بالله –جل وعلا- ويرى أن هذه الأدوية، وهذه الأطباء، وغيرهم إنما هي مجرد أسباب، وكذلك الرقاة، وأن الشفاء أولًا وآخرًا بيد الله –جل وعلا-، وابن القيم يذكر مثل هذه المنافع بناءً على تجارب، لكن ينبغي أن نذكر في هذا المقام ما يذكره داود الأنطاكي مثلًا في تذكرته، أو ما يذكره الدميري في حياة الحيوان من منافع بعض الطيور مثلًا، وفيها تعلق، بل فيها الشرك الأكبر أحيانًا.

المقدم: أعوذ بالله.

لأنها ليست بأسباب لا شرعية، ولا عادية، يعني رأس الهدهد إذا وضع في الوسادة مثلًا ما الذي يستفيد منه البدن؟ يستفيد منه البدن شيء؟!

المقدم: أبدًا.

لا يمكن، فمثل هذا تعلق بغير الله –جل وعلا- فهو شرك؛ لأنه ليس بسببٍ شرعي، ولا بسببٍ عادي، فليحذر، ومع هذا حياة الحيوان فيه فائدة، وفيه أحكام هذه الطيور، وهذه الحيوانات، لكن مع ذلك يتقى ما فيها من ذكر المنافع التي يذكرها من هذا النوع، ويتقى فيها ما يذكر من طلاسم، وكذلك تذكرة داود، وكثير من كتب الطب القديم، كتاب الرحمة للسيوطي، منسوب للسيوطي هذا مملوء بالشركيات، تسهيل المنافع وغيرها فيها أشياء، يعني حقيقة ضارة، ضررًا بالغًا على التوحيد، فمن الذي يقدم صحته هذا، إذا ثبت هذا النفع ولا يمكن أن يثبت هذا النفع بمجرد تعلق برأس هدهد، أو ما أشبه ذلك، فمن الذي يقدم صحته لو ثبت على توحيده؟!

ويجرنا هذا إلى أن نتحدث عن مسألة فك السحر بالسحر، يعني فك، من يقدم صحته على التوحيد، على رأس المال الذي هو التوحيد، يقدم شركًا لهذا الساحر، لهذا الكائن، يمكن هذا الساحر من أن يشرك بالله –جل وعلا- من أجل أن يشفى ويعافى، هذا لا يمكن أن يستقيم مع النصوص، وإن قال به من قال به، ولا عبيرةً بالموحدة المكسورة، والتحتية الساكنة، والعبيرُ طيبٌ معمولٌ من أخلاط، ولابن عساكر ولا عنبرة، بالنون ساكنةً فموحده مفتوحة، القطعة من العنبر المعروف، قاله القسطلاني، وفي المصباح: العبير مثل كريم، أخلاط تجمع من الطيب والعنبر، فنعل عنبر، زنتها فنعل.

طيبٌ معروف يذكر ويؤنث فيقال هو العنبر، وهي العنبر.

 وفي زاد المعاد: وأما العنبر الذي هو أحد أنواع الطيب فهو من أفخر أنواعه بعد المسك، وأخطأ من قدمه على المسك، وأخطأ من قدمه على المسك وجعله سيد أنواع الطيب، وقد ثبت عن النبي –عليه الصلاة والسلام- أنه قال في المسك: «هو أطيب الطيب»، وهو طيب الجنة، والكثبان التي هي مقاعد الصديقين هناك من مسكٍ لا من عنبر، والذي غر هذا القائل، يعني الذي قدم العنبر على المسك والذي غر هذا القائل أنه لا يدخله التغير، ما يتغير على طول الزمان، فهو كالذهب، وهذا لا يدل على أنه أفضل من المسك، فهو بهذه خاصية الواحدة، لا يقاوم ما في المسك من خواص، وبعد فضروبه كثيرة وألوانه مختلفة، لعلنا نأتي على بقيته في الحلقة.

المقدم: بإذن الله تعالى.

اللاحقة إن شاء الله تعالى.

المقدم: إن شاء الله، جزاكم الله خيراً، وأحسن إليكم ونفع بعلمكم، ونسأل الله –سبحانه وتعالى- أن يتقبل منا ومنكم، وأن يوفقنا وإياكم لكل خير وأن يعيننا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته، أيها الإخوة والأخوات نلقاكم بإذن الله في حلقةٍ قادمة وأنتم على خير.

 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.