التعليق على فتح المغيث بشرح ألفية الحديث (01)

 

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد: فقد قال الناظم -رحمنا الله تعالى وإياه-: "يقول راجي ربه المقتدر عبد الرحيم بن الحسين الأثري بعد حمد الله بالآلاء عن أمتنا:

 

يَقُولُ رَاجِي رَبِّهِ الْمُقْتَدِرِ

 

عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ الْحُسَيْنِ الْأَثَرِي

مِنْ بَعْدِ حَمْدِ اللَّهِ ذِي الْآلَاءِ

 

عَلَى امْتِنَانٍ جَلَّ عَنْ إِحْصَاءِ

ثُمَّ صَلَاةٍ وَسَلَامٍ دَائِمِ

 

عَلَى نَبِيِّ الْخَيْرِ ذِي الْمَرَاحِمِ

فَهَذِهِ الْمَقَاصِدُ الْمُهِمَّهْ

 

تُوَضِّحُ مِنْ عِلْمِ الْحَدِيثِ رَسْمَهْ

نَظَمْتُهَا تَبْصِرَةً لِلْمُبْتَدِي

 

تَذْكِرَةً لِلْمُنْتَهِي وَالْمُسْنَدِ

لَخَّصْتُ فِيهَا ابْنَ الصَّلَاحِ أَجْمَعَهْ

 

وَزِدْتُهَا عِلْمًا تَرَاهُ مَوْضِعَهْ

فَحَيْثُ جَاءَ الْفِعْلُ وَالضَّمِيرُ

 

لِوَاحِدٍ وَمَنْ لَهُ مَسْتُورُ

كَـ " قَالَ " أَوْ أَطْلَقْتُ لَفْظَ " الشَّيْخِ " مَا

 

أُرِيدُ إِلَّا ابْنَ الصَّلَاحِ مُبْهَمَا

وَإِنْ يَكُنْ لِاثْنَيْنِ نَحْوَ " الْتَزَمَا " فَمُسْلِمٌ

 

مَعَ الْبُخَارِيِّ هُمَا

وَاللَّهَ أَرْجُو فِي أُمُورِي كُلِّهَا

 

مُعْتَصِمًا فِي صَعْبِهَا وَسَهْلِهَا

بسم الله الرحمن الرحيم، قال المصنف رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَالصَّلَاةُ مِنَ اللَّهِ عَلَى نَبِيِّهِ ثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ وَتَعْظِيمُهُ لَهُ، وَمِنَ الْمَلَائِكَةِ وَغَيْرِهِمْ: طَلَبُ الزِّيَادَةِ لَهُ بِتَكْثِيرِ أَتْبَاعِهِ أَوِ الْعُلَمَاءِ، وَنَحْوِهِمْ مَثَلًا، لِلْعِلْمِ بِتَنَاهِيهِ فِي كُلِّ شَرَفٍ، وَلَمْ يُفْرِدْهَا عَنِ (السَّلَامِ) لِتَصْرِيحِ النَّوَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِكَرَاهَةِ إِفْرَادِ أَحَدِهِمَا عَنِ الْآخَرِ، وَإِنْ خَصَّهَا شَيْخِي بِمَنْ جَعَلَهَا دَيْدَنًا ; لِوُقُوعِ الْإِفْرَادِ فِي كَلَامِ إِمَامِنَا الشَّافِعِيِّ، وَمُسْلِمٍ، وَالشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَئِمَّةِ الْهُدَى".

هو النووي نفسه، وقع في إفراد الصلاة دون السلام في أربعة من كتبه، ابن إسحاق الشيرازي، الإمام الشافعي، مسلم، الحجاج وغيرهم، من جعلها ديدن بمعنى: يصلي طول عمره ولا يسلم على النبي عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، أو يسلم ولا يصلي طول عمره، كان ديدنه ذلك تتجه الكراهة له لأنه لا يتم الامتثال، امتثال الأمر، امتثال الأمر في الآية لا يتم إلا بالجمع بينهم.

" وَمِنْهُمُ النَّوَوِيُّ نَفْسُهُ فِي خُطْبَةِ تَقْرِيبِهِ كَمَا فِي كَثِيرٍ مِنْ نُسَخِهِ. وَكَذَا أَتَى بِهَا مَعَ الْحَمْدِ عَمَلًا بِقَوْلِهِ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ الْمَاضِي: بِحَمْدِ اللَّهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَهُوَ أَبْتَرُ مَمْحُوقٌ مِنْ كُلِّ بَرَكَةٍ، وَإِنْ كَانَ سَنَدُهُ ضَعِيفًا ; لِأَنَّهُ فِي الْفَضَائِلِ، مَعَ مَا فِي إِثْبَاتِهَا فِي الْكِتَابِ مِنَ الْفَضْلِ، كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ".

في محله يعني في الكتاب، «من صلى على النبي عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ في الكتاب صلت عليه الملائكة مادام اسمه في ذلك الكتاب»، ضعيف جدًّا.

"(عَلَى نَبِيِّ الْخَيْرِ) الْجَامِعِ لِكُلِّ مَحْمُودٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. (ذِي) أَيْ: صَاحِبِ (الْمَرَاحِمِ) نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَحَقِيقَةُ النَّبِيِّ وَالْأَكْثَرُ فِي التَّلَفُّظِ بِهِ عَدَمُ الْهَمْزِ: إِنْسَانٌ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِشَرْعٍ وَإِنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِتَبْلِيغِهِ".

هذا أقرب تعريف للفرق بين النبي والرسول: أن كلا منهما أوحي إليه بشرع، لكن النبي لم يؤمر بالتبليغ، والرسول أوحي غليه بالشرع وأُمر بالتبليغ. الآن آدم عَلَيْهِ السَّلامُ نبي ولا رسول؟ نبي وليس برسول، أول الرسول نوح عَلَيْهِ السَّلامُ، لكن هل أُمر آدم بتبليغ ما أوحي إليه لبنيه أو لم يؤمر؟ بلى، لكن ما يوحى إليه، ما يبلغه أبناءه؟

طالب: ...

لكن الذي يراه جمع من التحقيق ويميل إليه شيخ الإسلام رَحِمَهُ اللَّهُ: أن الرسول من جاء بشرعٍ جديد لم يتبع فيه من قبله، بخلاف النبي جاء بشرع يتبع، مجدد لمن جاء قبله، لشرع من جاء قبله، وهذا يَرِد عليه أن آدم عَلَيْهِ السَّلامُ نبي وشرعه جديد، ويَرِد عليه أيضًا عيسى عَلَيْهِ السَّلامُ هو رسول بل من أولي العزم من الرسل وجاء مقرر لما جاء في التوراة، وأما ما جاء في الإنجيل فجلها مواعظ.

طالب: ...

...حتى الذي عليه الجمهور ما يسلم، نعم.

طالب: يا شيخ ماذا ..

ما الفرق الحقيقي بين النبي والرسول؟ الفرق بينهما؟

طالب: ...

إذًا عيسى نبي وليس برسول، مجدد، خُص برسالة لكن ...

طالب: ...

نبوة، الوحي إليه تكون الفائدة قاصرة عليه.

طالب: ...

ما فيه إشكال، هو يطلق على النبي رسول ويطلق على الرسول نبي، كونه يطلق على النبي والنبي رسول ما فيه إشكال، نعم.

طالب: ...

يحتاج إلى التأمل، يحتاج.

طالب: ...

ما الذي قلناه توًّا؟ آدم مجدد لوحي سابق أو جاء بوحي جديد، آدم عَلَيْهِ السَّلامُ أبو البشر؟

طالب: ...

إذًا نبين ولا رسول؟

طالب: ...

على هذا الاصطلاح ينبغي أن يكون رسولاً، وأيضًا عيسى عَلَيْهِ السَّلامُ جاء مقرر لشريعة موسى فينبغي أن يكون نبيًّا وليس برسول على هذا الاصطلاح، على كلٍّ نحتاج إلى تأمل، نعم.

طالب: ...

لا، الأصل أن الرسول يُبعث إلى أمة ويؤمر بتبليغها، تبعه منهم أحد أو لم يتبعه أحد؛ {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} [المائدة: 67]، {إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ} [الشورى: 48] يتبع أو يتبعه أحد، ليست وظيفته، يحتاج إلى تأمُّل وتحرير.

طالب: .... الأنبياء أُرسلوا إلى ناس مخالفين، وناس يدعوهم، ليس ليذكروهم بل ليدعوهم ويجددوا عليهم ..

كيف هم على التوحيد؟

طالب: يعني مثلاً الأنبياء بمثابة العلماء ...

ما ورد «علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل»؟ لذلك عدد الأنبياء جم غفير.

طالب: طيب، قد يأتي العلماء ...

ما فيه إشكال، لكن الكلام على الحد الذي لا ينخرم، على كلٍّ ابحث، فهمت؟

طالب: ....

لا، هذا قول هذا، الذي اختاره شيخ الإسلام: أن النبي مقرر لشرع من قبله، مجدد، والرسول يُبعث بشرع جديد، ورأي الجمهور كما هو معلوم: أن الرسول يؤمر بالتبليغ بخلاف النبي.

طالب: ...

لا، هو نبي اتفاقًا، وأول الرسل نوح عَلَيْهِ السَّلامُ.

طالب: ...

لا، إذا قلت أنه رسول مُلزم بتبليغ أبنائه، لكن المسألة تحتاج إلى تحليل، نعم.

"وَحَقِيقَةُ " النَّبِيِّ " وَالْأَكْثَرُ فِي التَّلَفُّظِ بِهِ عَدَمُ الْهَمْزِ: إِنْسَانٌ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِشَرْعٍ وَإِنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِتَبْلِيغِهِ، فَإِنْ أُمِرَ بِالتَّبْلِيغِ فَرَسُولٌ أَيْضًا، وَلِذَا كَانَ الْوَصْفُ بِهَا أَشْمَلَ، فَالْعُدُولُ عَنْهَا إِمَّا لِلتَّأَسِّي بِالْخَبَرِ الْآتِي فِي الْجَمْعِ بَيْنَ وَصْفَيِ النُّبُوَّةِ وَالرَّحْمَةِ، أَوْ لِمُنَاسَبَةِ عُلُومِ الْخَبَرِ".

لأنه جاء في الخبر: «أنا نبي الرحمة، نبي المرحمة، نبي الملحمة» هذا ما سيأتي.

"لِأَنَّ أَحَدَ مَا قِيلَ فِي اشْتِقَاقِهِ أَنَّهُ مِنَ النَّبَأِ وَهُوَ الْخَبَرُ، أَوْ لِأَنَّهُ فِي مَقَامِ التَّعْرِيفِ الَّذِي يَحْصُلُ الِاكْتِفَاءُ فِيهِ بِأَيِّ صِفَةٍ أَدَّتِ الْمُرَادَ، لَا فِي مَقَامِ الْوَصْفِ، عَلَى أَنَّ الْعِزَّ بْنَ عَبْدِ السَّلَامِ جَنَحَ لِتَفْضِيلِ النُّبُوَّةِ عَلَى الرِّسَالَةِ، وَذَهَبَ غَيْرُهُ إِلَى خِلَافِهِ، كَمَا سَأُوَضِّحُهُ فِي إِبْدَالِ الرَّسُولِ بِالنَّبِيِّ".

العز بن عبد السلام في قواعده فضَّل النبوة على الرسالة، والجمهور على خلاف هذا؛ لأن الرسالة نبوة وزيادة، فالرسول أفضل من النبي.

"وَ"الْمَرَاحِمُ " جَمْعُ مَرْحَمَةٍ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ مَفْعَلَةٌ مِنَ الرَّحْمَةِ، فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَنَا نَبِيُّ التَّوْبَةِ، وَنَبِيُّ الْمَرْحَمَةِ» وَفِي نُسْخَةٍ مِنْهُ وَهِيَ الَّتِي اعْتَمَدَهَا الدِّمْيَاطِيُّ: «وَنَبِيُّ الْمَلْحَمَةِ» بِاللَّامِ بَدَلَ الرَّاءِ، وَفِي أُخْرَى: «وَنَبِيُّ الرَّحْمَةِ» ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: «إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي مَلْحَمَةً وَمَرْحَمَةً» وَفِي آخَرَ: «أَنَا نَبِيُّ الْمَلَاحِمِ، وَنَبِيُّ الرَّحْمَةِ»".

الملاحم قتال، نعم.

"قَالَ النَّوَوِيُّ: فِيمَا عَدَا الْمَلْحَمَةِ مَعْنَاهَا وَاحِدٌ مُتَقَارِبٌ، وَمَقْصُودُهَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ بِالتَّوْبَةِ وَبِالتَّرَاحُمِ. قُلْتُ: وَأَمَّا الْمَلْحَمَةُ فَهِيَ الْمَعْرَكَةُ، فَكَأَنَّهُ الْمَبْعُوثُ بِالْقِتَالِ وَالْجِهَادِ، وَقَدْ وَصَفَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ بِقَوْلِهِ: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الْفَتْحِ: 29]، {وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ} [الْبَلَدِ: 17] أَيْ: يَرْحَمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَهِيَ فِي حَقِّنَا بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ: رِقَّةٌ فِي الْقَلْبِ وَتَعَطُّفٌ، وَمِنَ الرَّحِيمِ: إِرَادَةُ الْخَيْرِ بِعَبِيدِهِ".

هذا تأويل على طريقة الأشاعرة، يؤولون في الرحمة بإرادة الإنعام بلازمها، والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى موصوفٌ بالرحمة، الرحمة تليق بجلاله وعظمته.

طالب: ...

في الصفات على مذهب الأشاعرة.

"وَمِنَ الْمَلَائِكَةِ: طَلَبُهَا مِنْهُ لَنَا، ثُمَّ إِنَّهُ لِقُوَّةِ الْأَسْبَابِ عِنْدَ الْمَرْءِ فِيمَا يُوَجِّهُ إِلَيْهِ عَزْمَهُ، وَيَجْمَعُ عَلَيْهِ رَأْيَهُ، يَصِيرُ فِي حُكْمِ الْمَوْجُودِ الْحَاضِرِ".

هذا إذا قلنا أن المقدمة نُظمت قبل تأليف الكتاب، لأنه قال: "فهذه" والأصل أن الإشارة تكون لحاضر في العيان، لكن باعتبارها، باعتبار الكتاب موجود حكمًا في ذهن المؤلف صارت الإشارة إلى موجود في الأذهان لا في الأعيان، وإذا كان نظم المقدمة بعد تأليف الكتاب بعد نظمه فالأمر واضح يشير إلى الكتاب وهو موجود في الأعيان، والمؤلفون يختلفون في ذلك:

منهم من يكتب المقدمة بناء على أن الكتاب حاضر في ذهنه، ومنهم من يؤخر كتابة المقدمة إلى أن ينتهي التأليف فيشير إليه.

"بِحَيْثُ يُنْزِلُهُ مَنْزِلَتَهُ، وَيُعَامِلُهُ بِالْإِشَارَةِ إِلَيْهِ مُعَامَلَتَهُ، وَلِذَا قَالَ مَعَ التَّخَلُّصِ فِي التَّعْبِيرِ أَوَّلًا بِـ"يَقُولُ" عَنِ اعْتِذَارٍ".

ماذا عندك؟

طالب: أولاً.

"أولاً يَقُولُ رَاجِي رَبِّهِ الْمُقْتَدِرِ" يقول ولم يقل قال، لأن المقدمة إنما كُتبت لو كان قال يقول بناء على أن الكتاب كله مستقبل، "عن اعتذار"  في نسخ ثانية؟ ماذا يقول؟

طالب: ...

في التعبير أولاً، "فِي التَّعْبِيرِ أَوَّلًا بِـ"يَقُولُ" أما اعتذار هذه عندك كذا؟

طالب: ...

هي أولاً يعني في بداية النظم: "يَقُولُ رَاجِي رَبِّهِ الْمُقْتَدِرِ" لكن الإشكال في اعتذار هذه ما معناها؟ خلص في التعبير يعني كأنه عبَّر عن نفسه بضمير غيره، وإلا في الأصل أن يقول: "أقول"، نعم.

"(فَهَذِهِ); وَالْفَاءُ إِمَّا الْفَصِيحَةُ، فَالْمَقُولُ مَا بَعْدَهَا، أَوْ جَوَابُ شَرْطٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: إِنْ كُنْتَ أَيُّهَا الطَّالِبُ تُرِيدُ الْبَحْثَ عَنْ عُلُومِ الْخَبَرِ، فَهَذِهِ (الْمَقَاصِدُ) جَمْعُ مَقْصِدٍ، وَهُوَ مَا يَؤُمُّهُ".

الفاء الفصيحة، أو الفاضحة ما معناها؟

طالب: ...

لا، ما ينفع هذا، الفاء الفصيحة، هي الموضحة، توضح إجمالاً سبق بتفصيله وتوضيحه وفضح معناه، اللي يسميه بعضهم الفاضح.

طالب: ...

عندك عندك: "فهذه المقاصد".

"(الْمَقَاصِدُ) جَمْعُ مَقْصِدٍ، وَهُوَ مَا يَؤُمُّهُ الْإِنْسَانُ مِنْ أَمْرٍ وَيَطْلُبُهُ (الْمُهِمَّهْ) مِنَ الشَّيْءِ الْمُهِمِّ، وَهُوَ الْأَمْرُ الشَّدِيدُ الَّذِي يُقْصَدُ بِعَزْمٍ، (تُوضِحُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ مِنْ (أَوْضَحَ) أَيْ: تُظْهِرُ وَتُبِينُ (مِنْ عِلْمِ الْحَدِيثِ) الَّذِي هُوَ مَعْرِفَةُ الْقَوَاعِدِ الْمُعَرِّفَةِ بِحَالِ الرَّاوِي وَالْمَرْوِيِّ(رَسْمُهْ) أَيْ: أَثَرُهُ الَّذِي تُبْنَى عَلَيْهِ أُصُولُهُ".

لكن هي في الحقيقة ليست الفصيحة هنا، وإنما هي بجواب شرطٍ مقدَّر، الأصل: أن يقول: "أما بعد، فهذه المقاصد" أما حرف شرط وتفصيل وبعده قائم مقام الشرط فهذه الفاء بعدها في جواب الشرط، نعم.

طالب: ...

ليست هي.

طالب: ...

الفاء واقعة في جواب الشرط، هذه المقاصد هو جواب الشرط، نعم.

طالب: الفاء تصبح واقعة يا شيخ؟

في جواب الشرط.

طالب: طيب وهذه؟

هذه هي جواب الشرط.

"وَفِي التَّعْبِيرِ بِهِ إِشَارَةٌ إِلَى دُرُوسِ كَثِيرٍ مِنْ هَذَا الْعِلْمِ الَّذِي بَادَ حُمَّالُهُ، وَحَادَ عَنِ السَّنَنِ الْمُعْتَبَرِ عُمَّالُهُ، وَأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ إِلَّا آثَارُهُ، بَعْدَ أَنْ كَانَتْ دِيَارُ أَوْطَانِهِ بِأَهْلِهِ آهِلَةً، وَخُيُولُ فُرْسَانِهِ فِي مَيْدَانِهِ صَاهِلَةً: وَقَدْ كُنَّا نَعُدُّهُمُ قَلِيلًا فَقَدْ صَارُوا أَقَلَّ مِنَ الْقَلِيلِ".

لأنه قال: رسمه، الرسم يبقى مع اندراس الديار ومحو الآثار تبقى الرسوم في آخر الزمان لا يبقى من الإسلام، نعم.

"وَ(الْحَدِيثُ) لُغَةً: ضِدُّ الْقَدِيمِ".

ضد القديم ولا نقيض القديم؟ ما الفرق بين الضد والنقيض؟ ما الفرق بينهم.

طالب: الضدين لا يجتمعان ولا ... أما النقيضان قد لا يجتمعان وقد ...

على العكس تمامًا، العكس، من أيهما؟

طالب: ...

نعم، هذا الصحيح، لكن عكس ما قلت: النقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان، الحداثة والقدم يمكن أن يجتمعا؟ لا، على الاحتمالين لا يمكن أن يجتمعا، لكن هل يمكن أن يرتفعا؟

طالب: لا يرتفعان.

إذًا هما من باب الضد والنقيض؟ أراكم سكتم.

طالب: النقيض.

إذًا هو من باب النقيض وليس من باب الضد.

طالب: الضدان لا يجتمعان ولا يرتفعان.

لا، الضدان لا يجتمعان ويرتفعان، البياض مع السواد لا يمكن أن يجتمعا في آنٍ واحد في حيِّزٍ واحد، لكن يمكن أن يرتفعا مع لون آخر أصفر أخضر أحمر. النقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان، الوجود والعدم، كيف يجتمع الوجود مع العدم؟ أو يرتفع الوجود مع العدم؟ لا يمكن.

طالب: يعني الفرق بينهما في الارتفاع؟

إي نعم.

"وَاصْطِلَاحًا: مَا أُضِيفَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلًا لَهُ أَوْ فِعْلًا أَوْ تَقْرِيرًا أَوْ صِفَةً، حَتَّى الْحَرَكَاتُ وَالسَّكَنَاتُ فِي الْيَقَظَةِ وَالْمَنَامِ، فَهُوَ أَعَمُّ مِنَ السُّنَّةِ الْآتِيَةِ قَرِيبًا".

زاد بعضهم: الهم أيضًا.

"وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ فِي كَلَامِ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَمِنْهُمُ النَّاظِمُ، مَا يَدُلُّ لِتَرَادُفِهِمَا. (نَظَمْتُهَا) أَيِ: الْمَقَاصِدَ; حَيْثُ سَلَكْتُ فِي جَمْعِهَا الْمَشْيَ عَلَى بَحْرٍ مِنَ الْبُحُورِ الْمَعْرُوفَةِ عِنْدَ أَهْلِ الشِّعْرِ، وَإِنْ كَانَ النَّظْمُ فِي الْأَصْلِ أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ".

المنثور ينظر، نعم.

"إِذْ هُوَ جَمْعُ الْأَشْيَاءِ عَلَى هَيْئَةٍ مُتَنَاسِقَةٍ. (تَبْصِرَةً لِلْمُبْتَدِي) بِتَرْكِ هَمْزِهِ، يَتَبَصَّرُ بِهَا مَا لَمْ يَكُنْ بِهِ عَالِمًا، وَ (تَذْكِرَةً لِلْمُنْتَهِي) وَهُوَ الَّذِي حَصَّلَ مِنَ الشَّيْءِ أَكْثَرَهُ وَأَشْهَرَهُ، وَصَلَحَ مَعَ ذَلِكَ لِإِفَادَتِهِ وَتَعْلِيمِهِ، وَالْإِرْشَادِ إِلَيْهِ وَتَفْهِيمِهِ، يَتَذَكَّرُ بِهَا مَا كَانَ عَنْهُ ذَاهِلًا، (وَ) كَذَا لِلرَّاوِي (الْمُسْنِدِ) الَّذِي اعْتَنَى بِالْإِسْنَادِ فَقَطْ، فَهُوَ يَتَذَكَّرُ بِهَا كَيْفِيَّةَ التَّحَمُّلِ وَالْأَدَاءِ وَمُتَعَلِّقَاتِهِ، كَمَا يَتَذَكَّرُ بِهَا الْمُنْتَهِي مَجْمُوعَ الْفَنِّ، فَبَيْنَ الْمُسْنِدِ وَالْمُنْتَهِي عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ، وَأُشِيرَ بِـ(التَّبْصِرَةِ وَالتَّذْكِرَةِ) إِلَى لَقَبِ هَذِهِ الْمَنْظُومَةِ".

اسمها: (التَّبْصِرَةِ وَالتَّذْكِرَةِ)، واسمها أيضًا: (ألفية العراقي) واسمها أيضًا: (ألفية الحديث) ومنها سمي شرح "فتح المغيث شرح ألفية الحديث"، ألفية العراقي نسبة إلى ناظمها، ولذا جاء في بعض الشرح "فتح الباقي في شرح ألفية العراقي"، بعض الشروح اسمه: "شرح التبصرة والتذكرة"، هذا من "نَظَمْتُهَا تَبْصِرَةً ... تَذْكِرَةً" إلى آخره، ألفية الحديث، ألفية العراقي، التبصرة والتذكرة.

"وَهُمَا بِالنَّصْبِ مَفْعُولٌ لَهُ تُرِكَ فِيهِ الْعَاطِفُ، وَلَمْ أَتَكَلَّفْ تَخْلِيصَ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنْ بُطُونِ الْكُتُبِ وَالدَّفَاتِرِ. وَلَكِنْ (لَخَّصْتُ فِيهَا ابْنَ الصَّلَاحِ) أَيْ: مَقَاصِدَ كِتَابِهِ الشَّهِيرِ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يُوسُفَ: 82] حَيْثُ اخْتَصَرْتُ مِنْ أَلْفَاظِهِ".

(لَخَّصْتُ فِيهَا ابْنَ الصَّلَاحِ) يعني كتابه علوم الحديث، الأصل أن يقول: لخصت فيها كتاب ابن الصلاح، لكن  النظم اضطره إلى حذف المضاف، نعم.

"وَأَثْبَتُّ مَقْصُودَهُ (أَجْمَعَهْ) ، وَلَا يُنَافِي التَّأْكِيدَ حَذْفُ كَثِيرٍ مِنْ أَمْثِلَتِهِ وَتَعَالِيلِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ; إِذْ هُوَ تَأْكِيدٌ لِلْمَقْصُودِ الْمُقَدَّرِ ; كَأَنَّهُ قَالَ: لَخَّصْتُ الْمَقْصُودَ أَجْمَعَهُ".

ما فيه شك أنه حذف من ابن الصلاح أشياء قد لا تكون الحاجة إليها داعية، تكرار الأمثلة، تكرار بعض الأشياء التي لا تدعو الحاجة إليها لاسيما في النظم اقتصر على أو ذكر الخلاف في التعريف واقتصر على مثال واحد أو اثنين مع ذكر التفاصيل والأقسام والعناية بها، وهناك نظم لعلوم الحديث لابن الصلاح أطول من هذا، نظم الخويي فيه ألف وخمسمائة بيت، يعني: يزيد على هذا بخمسمائة بيت، هناك نظم السيوطي لكنه لم ينظم فيه كتاب ابن الصلاح، وإنما أصل ألفية السيوطي هذه الألفية، ألفية العراقي؛ ولذا يقول السيوطي نفسه: "واقرأ كتابًا تدري منه الاصطلاح كهذه" يعني ألفيته "أو أصلها" يعني: ألفية العراق "وابن الصلاح". نعم.

"وَالتَّأْكِيدُ بِـ " أَجْمَعَ " غَيْرُ مَسْبُوقٍ بِـ " كُلٍّ " وَاقِعٌ فِي الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ، وَمِنْهُ: إِذًا ظَلَلْتُ الدَّهْرَ أَبْكِي أَجْمَعَا".

لحظة لحظة.

طالب: ...

لا، ألفية العراقي أفضل؛ لأنها أكثر في التعاريف والأمثلة والتقسيمات، وهذا هو ما يحتاجه طالب العلم.

نعم السيوطي زاد أنواع لا توجد في ألفية العراقي يمكن أخذها من ألفيته، أنواع. نعم.

طالب: ...

معروف، هذا من شواهد ابن عقيل هذا.

"وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا لِلتَّقْوِيَةِ كَـ {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} [الحجر: 30]".

طالب: ...

بين أجمع وكل.

طالب: ...

لا.

طالب: التنبيه عليها.

التنبيه من أجل أنه تأتي مع كل وتأتي بدونها.

طالب: ...

إي نعم، زيادة تأكيدات، لكن الآن {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ} تأكيد {أَجْمَعُونَ} تأكيد ثاني، نعم، إذا صلى قاعدًا فصلوا قعودًا أو أجمعين، وعلى الوجهين ماذا يصير؟ ما إعرابه على الوجهين؟ جاءت أجمعون وأجمعين.

أجمعين حال، وأجمعون مؤكدة للواو في صلوا، نعم. انتهى الوقت، نصف ساعة وأكثر، يكفي.

طالب: ...

قد يكون منتهيًا ولا يكون مسندًا. انتهينا في فهم القواعد النظرية لكن في الأسانيد لا، والمسنِد قد يكون مكثر من الأسانيد لكنه لا يفهم القواعد النظرية.