كتاب العلم (27)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

طالب: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: بَابُ مَنْ خَصَّ بِالعِلْمِ قَوْمًا دُونَ قَوْمٍ، كَرَاهِيَةَ أَنْ لاَ يَفْهَمُوا. وَقَالَ عَلِيٌّ: «حَدِّثُوا النَّاسَ، بِمَا يَعْرِفُونَ، أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ، اللَّهُ وَرَسُولُهُ».

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ عَلِيٍّ بِذَلِكَ.

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عنهُ-، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَمُعاذٌ رَدِيفُهُ عَلَى الرَّحْلِ، قَالَ: «يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ»، قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: «يَا مُعَاذُ»، قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، ثَلاَثًا، قَالَ: «مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ، إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ»، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَفَلاَ أُخْبِرُ بِهِ النَّاسَ فَيَسْتَبْشِرُوا؟ قَالَ: «إِذًا يَتَّكِلُوا»، وَأَخْبَرَ بِهَا مُعَاذٌ عِنْدَ مَوْتِهِ تَأَثُّمًا.

 حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا، قَالَ: ذُكِرَ لِي أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِمُعَاذٍ: «مَنْ لَقِيَ اللَّهَ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا دَخَلَ الجَنَّةَ»، قَالَ: أَلاَ أُبَشِّرُ النَّاسَ؟ قَالَ: «لاَ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَّكِلُوا»".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد، فيقول الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بَابُ مَنْ خَصَّ بِالعِلْمِ قَوْمًا دُونَ قَوْمٍ، كَرَاهِيَةَ أَنْ لاَ يَفْهَمُوا"، لا شك أن طلاب العلم ومن يسمع العلم تتفاوت أفهامهم، وتتمايز مراتبهم، فمنهم العامي، ومنهم المبتدئ، ومنهم المتوسط في العلم، ومنهم المنتهي، كل فئة يحسن أن تخاطب بما يليق بها. لكن الإشكال حينما يكون الحضور خليطًا من هؤلاء، فينبغي أن يُتحرى فيما يلقى؛ لئلا يسمعه من لا يفهمه فيكون سبب فتنة له، لا يفهمه على وجهه الصحيح فيفتنن به.

يقول: "بَابُ مَنْ خَصَّ بِالعِلْمِ قَوْمًا دُونَ قَوْمٍ، كَرَاهِيَةَ أَنْ لاَ يَفْهَمُوا. وَقَالَ عَلِيٌّ: «حَدِّثُوا النَّاسَ، بِمَا يَعْرِفُونَ»" لأن الناس إذا حُدثوا بما يجهلون، وهم أعداء بما يجهلون، بادروا إلى التكذيب، وقد يبادرون إلى التسفيه، وقد يبادرون إلى اتهام عقل المتكلم، فحديث الرجل من بني إسرائيل الذي ركب البقرة، وهو في الصحيح في البخاري، قالت: ما خلقنا لهذا، حُدث به في مجلس فيه خليط من الناس، فقال واحد منهم إمام مسجد وخطيب وواعظ لكنه ليس من أهل العلم، قال: دعوا عنا الإسرائيليات وأحاديث بني إسرائيل، ففي ديننا ما يغني عن أخبارهم، والحديث في البخاري، وقال النبي -عليه الصلاة والسلام- : «آمنت بهذا أنا وأبو بكر وعمر».

فمثل هذا لا ينبغي أن يلقى على العامة الذي لا يفهمون، ولا تدركه عقولهم، فيبادر إلى تكذيبه وهو في الصحيح.

شخص- في أمور الدنيا في الأمور العادية- قال: إنه رأى في مزرعة في منطقة أخرى الرشاشات المحورية، وقال: إنها تمشي وترش المزرعة رائحة جائية ما تحتاج إلى سواقٍ ولا تحتاج إلى شيء، فاتهم بالجنون، يقول: ما دارت السنة إلا وقد ركبته في مزرعتي وهم يرون وينظرون.  

وفي أيام الجوع وأيام شظف العيش الذي مرت به هذه البلاد وتفرق كثير من الناس في البلدان في مصر والشام والعراق، جاء من يتحدث أن التمر في العراق كثير يبلغ أمتارًا في السماء وكذلك الحنطة وغيرها، وهما اثنان أخوان، فتكلم أحدهما بذلك فرمي بنقص العقل، فالتفت إلى أخيه فقال: ما شفت هذا يا أخي؟ قال: أبدًا ما شفت شيئًا، يقول: تكون مجنونًا لحالك ولا  أكون مجنونًا أنا وإياك!

الناس ما تحتمل عقولهم هذه الأمور. الساعة أول ما خرجت كُتب فيها هل هي سحر أو صناعة؟ فالناس لا تحتمل عقولهم مثل هذه الأمور التي لم يألفوها، فينبغي للعالم أن يكون ذكيًّا لبيبًا بصيرًا بأحوال الناس لا يتحدث إلا بما تحتمله عقول المستمعين.

"قال علي: «حدثوا الناس بما يعرفون، أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ؟». حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ عَلِيٍّ بِذَلِكَ"، الآن هو قال عليٌّ معلق أو موصول؟

طالب: .......

والذي بعده ماذا يقول؟

طالب: وصله.

هل يختلف الأمر فيما لو قال قبل أن يقول: "قال علي"؟

قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، عن معروف بن خربوذ عن أبي الطفيل، عن علي قال: «حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟»، فيه فرق بين هذا وبين أن يؤخر الإسناد؟ عند عامة المحدثين لا فرق، وعند ابن خزيمة في صحيحه أن هناك فرقًا فيما إذا قدم الإسناد أو أخره، فإنه لا يؤخره إلا لعلة في الإسناد، إنما يؤخره لعلة فيه. فهذا اصطلاح له خاص، والخبر الذي معنا موصول بالإسناد اللاحق.

طالب: .......

كيف .......؟

طالب: .......

لا ....... كلام علي من الترجمة، ووصله بالإسناد، وهذا تفنن أحيانًا يقدم، وأحيانًا يؤخر، ولا فرق عنده، الفرق عند ابن خزيمة فقط.

يقول الشارح -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: (قوله: باب من خص بالعلم قومًا دون قوم، أي سوى قوم لا بمعنى الأدون) أن يخص بالقوم المتميزين غير الأدون الذين هم أقل منهم مستوى، ليس هذا المراد، يخص فئة ويترك فئة، (سوى قوم لا بمعنى الأدون) يعني الأقل مستوى، لأن دون تستعمل بمعنى أقرب، وتستعمل بمعنى سوى، وتستعمل بمعنى الأدون والأقل: إياك والدون، والعوام يقولون: يا شاري الدون بدون ترى أنك غابن وأنتم غبون، الدون يعني الأقل، {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} [الرحمن: 62].

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

الأقل، قولاً واحدًا.

طالب: .......

يعني أقرب إلى العرش، {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} [الرحمن: 62] يعني أقل أو أعلى؟

طالب: لكن مواصفات الجنتين أقل .......

ما هو؟ في سورة الرحمن أقل أم أعلى؟

طالب: أقل.

ما الدليل؟

طالب: أوصاف.

مثل؟

طالب: على تفسير الأكثر ....... {عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ} [الرحمن: 66] أكثر من {عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ} [الرحمن: 50].

أقوى، {نَضَّاخَتَانِ} أقوى من {تَجْرِيَانِ}.

طالب: .......

{قَاصِرَاتُ} [الرحمن: 56] وهذه {مَقْصُورَاتٌ} [الرحمن: 72]، أيهما أقوى؟

طالب: الأولان.

اصبر، أنت الذي تتكلم، نعم؟

طالب: .......

صح، نعم الأولى.

طالب: .......

 وذكر هذا الحافظ ابن كثير، وأن النكرة في سياق الإثبات لا تعم: {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} [الرحمن: 68]، قالوا: النكرة في سياق الإثبات لا تعم، مع أنه في كتب الأصول مثَّلوا بهذه الآية بعينها أن النكرة في سياق الامتنان تعم.

طالب: .......

هم استدلوا بأن {فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ} [الرحمن: 52] أكثر من {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} [الرحمن: 68] لأنها نكرة في سياق الإثبات فلا تعم. لكنها نكرة في سياق الامتنان فتعم. على كل حال تفضيل الجنتين الأوليين على الأخريين في حادي الأرواح من عشرة أوجه.

(وكراهية) يعني مفعول لأجله (بالإضافة بغير تنوين) كراهيةَ أن، هو قال: كراهيةً؛ لأن أن وما دخلت عليه تؤول بمصدر مضاف إليه. (وهذه الترجمة قريبة من الترجمة التي قبلها) إن ترك بعض الاختيار مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه، يقول: (قريبة من الترجمة التي قبلها، ولكن هذه في الأقوال وتلك في الأفعال أو فيهما).

طالب: .......

 ماذا؟

طالب: .......

يعني يحدث فئة ولا يحدث فئة.

طالب: .......

نعم، عرف من العلة مستواهم لا من لفظ دون، عُرف مستواهم من قوله: "كراهية ألا يفهموا".

(قوله: حدثنا عبيد الله هو ابن موسى كما ثبت للباقين) في رواية أبي ذر: عبيد الله، التي اعتمدها ابن حجر، وللباقين ابن موسى، كما هو مثبت بالنسخ التي بأيدينا. مع أنه ما فيه إشارة في اليونينية لرواية أبي ذر بدون نسبة، ما رأيت شيئًا.

(قوله: عن معروف هو ابن خربوذ كما في رواية كريمة، وهو تابعي صغير مكي، وليس له في البخاري غير هذا الموضع، وأبوه بفتح المعجمة وتشديد الراء المفتوحة وضم الموحدة وآخره معجمة، وهذا الإسناد من عوالي البخاري؛ لأنه يلتحق بالثلاثيات من حيث إن الراوي الثالث منه صحابي وهو أبو الطفيل عامر بن واثلة الليثي آخر الصحابة موتًا) مات سنة عشر ومائة، على رأس مائة سنة من قوله -عليه الصلاة والسلام-: «ما من نفس منفوسة يأتي عليها مائة سنة» أي أنه لا يعيش أحد بعد كلامه -عليه الصلاة والسلام- في هذا الحديث أكثر من مائة سنة، كان آخرهم موتًا أبو الطفيل.

 (وليس له في البخاري غير هذا الموضع) عن أبي الطفيل عن علي، أبو الطفيل صحابي وعلي صحابي.

طالب: .......

لا ما تجيء، ما الذي معك؟ لا، عبيد الله بدون موسى، عن معروف.

طالب: .......

نعم، عبيد الله عن معروف، هذا الذي أشار إليه ابن حجر أنه هو ابن موسى كما ثبت للباقين، ابن حجر لا يحتاج أن يقول: كذا في رواية أبي ذر وللباقين ابن موسى؛ لأنه اعتمد رواية أبي ذر وأشار إلى ما عداها.

(قوله: «حدثوا الناس بما يعرفون» كذا وقع في رواية أبي ذر، وسقط كله من روايته عن الكشميهني)؛ لأن أبا ذر يروي الصحيح عن شيوخه الثلاثة، منهم الكشميهني. (ولغيره بتقديم المتن، ابتدأ به معلقًا فقال: وقال علي إلى آخره ثم عقبه بالإسناد، والمراد بقوله: «بما يعرفون» أي يفهمون، وزاد آدم بن أبي إياس في كتاب العلم له عن عبد الله بن داود عن معروف في آخره: «ودعوا ما ينكرون» أي يشتبه عليهم فهمه، وكذا رواه أبو نعيم في المستخرج.

 وفيه دليل على أن المتشابه لا ينبغي أن يُذكر عند العامة، ومثله قول ابن مسعود: «ما أنت محدثًا قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة» رواه مسلم. وممن كره التحديث ببعض دون بعض أحمدُ في الأحاديث التي ظاهرها الخروج على السلطان) وهو الوعاء الذي ترك الحديث به أبو هريرة، ترك الحديث: «حفظت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعاءين» كما تقدم «أما أحدهما فبثثته، وأما الثاني فلو بثثته قطع هذا البلعوم».

(ومالك في أحاديث الصفات) وتقدم النسبة إلى الإمام مالك في أن أحاديث الصفات من المتشابه، وهذا لا يثبت عن مالك -رحمه الله-؛ لأنه قال: الاستواء معلوم. لو كان من المتشابه قال: الله أعلم، ما قال: الاستواء معلوم.

(وأبو يوسف في الغرائب، ومن قبلهم أبو هريرة كما تقدم عنه في الجرابين، وأن المراد ما يقع من الفتن ونحوه عن حذيفة، وعن الحسن أنه أنكر تحديث أنس للحجاج بقصة العرنيين).

 الحجاج حدثه أنس -رَضِيَ اللهُ عنهُ- بقصة العرنيين، وفيها أن النبي -عليه الصلاة والسلام- فعل ما فعل بأولئك الذين قتلوا الراعي ومثلوا به وسرقوا الإبل وفعلوا وفعلوا، فنكل بهم النبي -عليه الصلاة والسلام- سمل أعينهم، وقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، وتركهم يستسقون ولا يسقون، وماتوا في حر الشمس عطشًا.

الحجاج ما يصلح أن يقال له هذا الكلام، حديث صحيح ثابت في الصحيحين، لكن مثله لا يحتاج إلى أن يُدفع ويوجد له مستند على ظلمه.

طالب: .......

إنما مثل ما قلنا مرارًا؛ أن الخوارج ما تلقى إليهم أحاديث الوعيد، وإنما يُكثر من أحاديث الوعد، بخلاف المرجئة: ما يُكثر من أحاديث الوعد وتترك أحاديث الوعيد؛ لأن النصوص علاج. فأنت إذا وجدت إنسانًا متحمسًا ومقبلاً على العبادة سينقطع، تأتي له بالأحاديث التي فيها شيء من السعة.

عبد الله بن عمرو لما جاء إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو ينوي أو يريد أن يقرأ القرآن في كل يوم، يختم في كل يوم؟ قال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: «اقرأ القرآن في شهر» يعني كل يوم جزء، يكفي. ثم قال: إنه يطيق أكثر من ذلك، قال: «مرتين في الشهر»، «ثلاث مرات في الشهر»، «اقرأ القرآن في سبع ولا تزد». فزاد، صار يقرأ القرآن كل ثلاث. لكن لو قيل له من أول الأمر: اقرأ القرآن في ثلاث، قرأ القرآن في كل يوم وترتب على ذلك ضياع بعض الواجبات والمشقة على نفسه، وقد يترك، وندم بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام- ألا يكون قبل الرخصة.

لكن ترى بعض المتساهلين الآن تجيء له بأحاديث السعة سعة رحمة الله، لو كان يصلي في البيت يترك الصلاة. تجاء له أحاديث الوعيد، ويشدد عليه من أجل أن ينهض. فالنصوص عمومًا هي علاج لأمراض المجتمعات والأفراد.

طالب: .......

لا، «اقرأ القرآن في سبع» ....... هو يقول لك في سبع وأنت ....

طالب: .......

 لا، في سبع معتدلة لا تعوق عن واجبات وترتيبها يعني على التحزيب عند الصحابة سهل: ثلاث ثم خمس ثم سبع ثم تسع ثم إحدى عشرة ثم ثلاث عشرة ثم المفصل، متوازنة. يعني لو جلست ساعة في المسجد بعد صلاة الصبح انتهى.

طالب: .......

لا لا ما يهجر، يعني لو قرأ كل يوم جزءًا ما عُد هاجرًا، لكنه فرط في حسنات كثيرة.

(وعن الحسن أنه أنكر تحديث أنس للحجاج في قصة العرنيين؛ لأنه اتخذها وسيلةً إلى ما كان يعتمده من المبالغة في سفك الدماء بتأويله الواهي، وضابط ذلك أن يكون ظاهر الحديث يُقوي البدعة، وظاهره في الأصل غير مراد فالإمساك عنه)؛ لأنه له معارض، هذا الذي ظاهره يؤيد بدعة، مثل آية النساء: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} [النساء: 93]، هذا يؤيد قول الخوارج. نعم، لكن هناك أحاديث ونصوص أخرى تدل على أنه كبيرة من كبائر الذنوب، وأنه تحت المشيئة، (فالإمساك عنه عند من يخشى عليه الأخذ بظاهره مطلوب، والله أعلم).

ثم قال بعد ذلك: "حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ" الإمام المشهور ابن راهويه، "قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ" إسحاق يقول: حدثنا؟ ماذا عندك؟

طالب: قال حدثنا.

ماذا؟

طالب: .......

 بعده ....... البخاري قول: حدثنا.

"قال: حدثنا معاذ بن هشام"، الأصل أن إسحاق لا يقول: حدثنا، إنما يقول: أخبرنا، ولكن ينظر في بقية النسخ.

"قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَمُعاذٌ رَدِيفُهُ" جملة حالية "عَلَى الرَّحْلِ، قَالَ: «يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ»، قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: «يَا مُعَاذُ»، قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، ثَلاَثًا، قَالَ: «مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ، إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ»"، والصادق في قول: لا إله إلا الله لا يمكن أن يترك شيئًا مما تقتضيه، وتتطلبه لا إله إلا الله، ولا يقول لك: إن الذي يترك الصلاة: أنا أقول لا إله إلا الله صادقًا من قلبي؟ نقول: ما أنت بصادق، لو كنت صادقًا ما تركت ما أوجب الله عليك. مثل من يقول: التقوى هاهنا يشير إلى قلبه، وتجد علامات الفسق ظاهرة، فهذا صادق أم كاذب؟ لو اتقى الله -جَلَّ وعَلا- ما ارتكب ما حرم الله عليه.

"قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَفَلاَ أُخْبِرُ بِهِ النَّاسَ فَيَسْتَبْشِرُوا؟ قَالَ: «إِذًا يَتَّكِلُوا»"؛ لأنهم يفهمونه على غير مراده -عليه الصلاة والسلام- أنه بمجرد ما يقول: لا إله إلا الله حرمه الله على النار، وهذا غير صحيح، لا بد أن يكون صادقًا من قلبه.

طالب: .......

"قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَفَلاَ أُخْبِرُ بِهِ النَّاسَ فَيَسْتَبْشِرُوا؟" منصوب بأن المضمرة بعد الفاء فاء السببية في سياق العرض والتحضيض، أفلا.

"قَالَ: «إِذًا يَتَّكِلُوا»"، قال: "وَأَخْبَرَ بِهَا مُعَاذٌ عِنْدَ مَوْتِهِ تَأَثُّمًا" يعني خشية الإثم من كتمان هذا العلم.

(قوله: حدثني أبي هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي) ما اسم أبيه؟ هشام بن أبي عبد الله، أبا عبد الله ما اسمه؟

طالب: .......

غريب اسمه، من يعرفه؟

طالب: .......

شف التقريب؟ سنبر.

(قوله: رديفه أي راكب خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والجملة حالية، والرحل بإسكان الحاء المهملة وأكثر ما يستعمل للبعير، لكن معاذ كان في تلك الحالة رديفه -صلى الله عليه وسلم- على حمار كما يأتي في الجهاد).

طالب: .......

في الأخير.

طالب: .......

وجمع ابن منده من أردفه النبي -عليه الصلاة والسلام- فبلغوا ثلاثين.

(قوله: قال يا معاذ ابن جبل هو خبر أن المتقدمة، وابن جبل بفتح النون، وأما معاذ فبالضم؛ لأنه منادى مفرد عَلم) يعني مبني على الضم في محل نصب، ولذلك نُصب نعته: ابنَ، واضح.

هشام الدستوائي، عندك هشام؟

طالب: .......

لا، أبي هشام بن عبد الله يقول لك سنبر، في الأخير.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

هل أبوه راوٍ؟ هو من الرواة الأب؟ ما هو من الرواة.

طالب: .......

بلى ما يخالف، أبا عبد الله ....... لكن المشهور بكنيته ....... كيف أنت تقول راوٍ؟ معاذ عن أبيه هشام، هشام بن عبد الله سيجيء لك باسم أبيه؛ لأن أباه ما هو من الرواة.

طالب: سنبر.

خلاص، انتهى الإشكال؛ لأن سنبر ما هو من الرواة.

طالب: .......

يقول: حدثنا أين؟

من الذي يقوله؟

طالب: .......

ارفع رأسك؟ صار كلامك صحيحًا؟ معاذ بن هشام عن أبيه.

طالب: .......

هشام، ما هو .......

طالب: .......

الظاهر أنك تغفلون.

يا معاذُ بنَ جبل، يا صفيةُ عمةَ رسولِ اله، المنادى مفرد مبني على الضم في محل نصب، ولذلك ينصب نعته، ابنَ وعمةَ.

(وهذا اختيار ابن مالك؛ لعدم احتياجه إلى تقدير، واختار ابن الحاجب النصب على أنه مع ما بعده كاسم واحد مركب كأنه أضيف، والمنادى المضاف منصوب، وقال ابن التين: يجوز النصب على أن قوله: «معاذ» زائد، فالتقدير: يا ابن جبل، وهو يرجع إلى كلام ابن الحاجب بتأويل...) ما نحتاج إلى هذا كله، فكلام ابن مالك ظاهر.

(قوله: قال: لبيك يا رسول الله وسعديك، اللَّب بفتح اللام معناه هنا الإجابة) من لَب بالمكان أي أقام، فمعناه: أنا مقيم على إجابتك إقامة بعد إقامة. (والسَّعد المساعدة كأنه قال: لبًّا لك وإسعادًا لك، ولكنهما ثُنيا على معنى التأكيد والتكثير، أي إجابةً بعد إجابة وإسعادًا بعد إسعاد، وقيل في أصل لبيك واشتقاقها غير ذلك، وسنوضحه في كتاب الحج إن شاء الله تعالى) يعني في التلبية.

(قوله: ثلاثًا، أي النداء، والإجابة قيلاً ثلاثًا) يعني قالها ثلاث مرات، (وصرح بذلك في رواية مسلم، ويؤيده الحديث المتقدم في باب من أعاد الحديث ثلاثًا ليُفهم عنه. قوله: «صدقًا» فيه احتراز عن شهادة المنافق) والأول أولى، (وقوله: «من قلبه» يمكن أن يتعلق بـ«صدقًا» أي يشهد بلفظه ويُصدق بقلبه، ويمكن أن يتعلق بـ«يشهد» أي يشهد بقلبه والأول أولى، وقال الطيبي: قوله: «صدقًا» أقيم هنا مقام الاستقامة؛ لأن الصدق يعبَّر به قولاً عن مطابقة القول المخبَر عنه، ويعبر به فعلاً عن تحري الأخلاق المرضية كقوله تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ} [الزمر: 33] أي حقق ما أورده قولاً بما تحرَّاه فعلاً، انتهى. وأراد بهذا التقرير رفع الإشكال عن ظاهر الخبر؛ لأنه يقتضي عدم دخول جميع من شهد الشهادتين النار لما فيه من التعميم والتأكيد).

 «ما من أحد» نكرة في سياق النفي المؤكد بمن «يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله صدقًا من قلبه إلا حرمه الله على النار»، والقيد صدقًا من قلبه يُخرج المنافق ومن في قلبه مرض أو شك.

(لكن دلت الأدلة القطعية عند أهل السنة على أن طائفةً من عصاة المؤمنين يعذَّبون، ثم يخرجون من النار بالشفاعة، فعُلم أن ظاهره غير مراد، فكأنه قال: إن ذلك مقيد بمن عمل الأعمال الصالحة، قال: ولأجل خفاء ذلك) خشية أن يفهم من يسمع الكلام أنه بمجرد قوله: لا إله إلا الله يدخل الجنة، ويحرم عليه النار، فيدخل العمل، يتكل عليها فيترك العمل.

 (ولأجل خفاء ذلك لم يؤذن لمعاذ في التبشير به. وقد أجاب العلماء عن الإشكال أيضًا بأجوبة أخرى، منها أن مطلقه مقيد بمن قالها تائبًا ثم مات على ذلك) يعني بعد التوبة، التوبة جبت ما قبلها، (ثم مات على ذلك) أو دخل في الإسلام، شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله ومات على ذلك.

 (ومنها أن ذلك كان قبل نزول الفرائض، وفيه نظر؛ لأن مثل هذا الحديث وقع لأبي هريرة كما رواه مسلم وصحبتُه متأخرة عن نزول أكثر الفرائض، وكذا ورد نحوه من حديث أبي موسى رواه أحمد بإسناد حسن، وكان قدومه في السنة التي قدم فيها أبو هريرة، ومنها أنه خرج مخرج الغالب؛ إذ الغالب أن الموحِّد يعمل الطاعة، ويجتنب المعصية، ومنها أن المراد بتحريمه على النار تحريم خلوده فيها لا أصل دخولها، ومنها أن المراد النار التي أُعدت للكافرين لا الطبقة التي أُفردت لعصاة الموحدين، ومنها أن المراد بتحريمه على النار حرمة جملته؛ لأن النار لا تأكل مواضع السجود من المسلم، كما ثبت في حديث الشفاعة أن ذلك محرم عليها، وكذا لسانه الناطق بالتوحيد والعلم عند الله تعالى.

قوله: «فيستبشرون») بالنون (كذا لأبي ذر، أي فهم يستبشرون، وللباقين بحذف النون، وهو أوجه لوقوع الفاء بعد النفي أو الاستفهام أو العرض وهي تَنصب في كل ذلك. قوله: «إذًا يتكلوا» بتشديد المثناة المفتوحة وكسر الكاف، وهو جواب وجزاء أي إن أخبرتهم يتكلوا، وللأصيلي والكشميهني: «ينكلوا» بإسكان النون وضم الكاف أي يمتنعوا من العمل اعتمادًا على ما يتبادر من ظاهره، وروى البزار بإسناد حسن من حديث أبي سعيد الخدري- رَضِيَ اللهُ عنهُ- في هذه القصة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أذن لمعاذ في التبشير فلقيه عمر فقال: لا تعجل ثم دخل فقال: يا نبي الله أنت أفضل رأيًا، إن الناس إذا سمعوا ذلك اتكلوا عليها، قال: فرده، وهذا معدود من موافقات عمر، وفيه جواز الاجتهاد بحضرته -صلى الله عليه وسلم-، واستدل بعض متكلمي الأشاعرة من قوله: «يتكلوا» على أن للعبد اختيارًا كما سبق في علم الله).

 يقول: هذا الذي عده الشارح لبعض متكلمي الأشاعرة هو قول أهل السنة، لا شك أن العبد له نوع اختيار، وله مشيئة، لكنه لا يستقل بذلك، بل هي مشيئة تابعة لمشيئة الله -جَلَّ وعَلا- وإرادته، وهو أن للعبد اختيارًا وفعلاً ومشيئة، لكن ذلك إنما يقع بعد مشيئة الله كما قال تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير: 28، 29]، فتنبه.

بعد القيد: «صدقًا من قلبه» معناه أنه يعرف معناها، ويعمل بمقتضاها، ويحقق شروطها، وينفي ما تنفيه، ما تكون صدقًا من قلبه إلا إذا تمت شرائطها، وانتفت موانعها. يعني الذي يصلي بدون وضوء ما حقق شرائط لا إله إلا الله؟ نعم، الذي يصلي بدون وضوء ما حقق شرائط الصلاة .......

طالب: .......

«صدقًا من قلبه»، لو صدق من قلبه ما ....... فيما أوجب الله.

(قوله: عند موته، أي موت معاذ، وأغرب الكرماني فقال: يحتمل أن يرجع الضمير إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

قلت: ويرده ما رواه أحمد بسند صحيح عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: أخبرني من شهد معاذًا حين حضرته الوفاة يقول: سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثًا لم يمنعني أن أحدثكموه إلا مخافة أن تتكلوا، فذكره.

قوله: تأثمًا هو بفتح الهمزة وتشديد المثلثة المضمومة، أي خشية الوقوع في الإثم، وقد تقدم توجيهه في حديث بدء الوحي في قوله: يتحنث، والمراد بالإثم الحاصل من كتمان العلم. ودل صنيع معاذ على أنه عرف أن النهي عن التبشير كان على التنزيه لا على التحريم)؛ لأنه لو كان على التحريم لم يخبر به مطلقًا، (وإلا لَما كان يخبر به أصلاً أو عرف أن النهي مقيَّد بالاتكال فأخبر به من لا يُخشى عليه ذلك، وإذا زال القيد زال المقيد، والأول أوجه لكونه أخَّر ذلك إلى وقت موته.

وقال القاضي عياض: لعل معاذًا لم يفهم النهي، لكن كسر عزمه عما عرض له من تبشيرهم.

قلت: والرواية الآتية صريحة في النهي فالأولى ما تقدم، وفي الحديث جواز الإرداف) يعني على الدابة إذا كانت مطيقة لذلك، وإذا كانت لا تطيق فإنه لا يجوز، ما يجيء اثنان من الأوزان الثقيلة، ويقول: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- أردف، ويشق على هذه الدابة. المقصود أن الإرداف على الدابة ما فيه شيء إذا كانت تطيق ذلك، وإلا فهي ذات روح وتحس وتتألم، والحمولة على هذه الآلات فوق ما تطيق، يعني إذا كانت حمولتها ثلاثة طن ووضع عليها خمسة.

طالب: .......

 ماذا؟

طالب: .......

وإذا كانت تتأثر وتتلف، الذي صنعها أعرف بقدرتها، فهو ....... بإتلاف المال يعني يعرضها للتلف، وكذلك الطرق تتلق الأسفلت وغيره. على كل حال مثل هذا يمنع، ولذلك وضعوا موازين على الطرقات يزنون السيارات.

(وبيان تواضع النبي -صلى الله عليه وسلم-) يعني حينما ركب الحمار، (ومنزلة معاذ بن جبل من العلم؛ لأنه خصه بما ذكر، وفيه جواز استفسار الطالب عما يتردد فيه واستئذانه في إشاعة ما يعلم به وحده) يعني هل يخبر به الناس أو لا يخبر؟ هذا واحد من المشايخ الكبار تبعًا لوظيفته أعطي سيارة فارهة، لكنها من النوع الصغير، فردها وقال: نريد ....... لأنه يحمل من الإخوان وطلاب العلم أكثر مما تحمله هذه السيارة، هذا شبيه بركوب الحمار، والله المستعان.

قال -رحمه الله-: "حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا، قَالَ: ذُكِرَ لِي أَنَّ النَّبِيَّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِمُعَاذٍ: «مَنْ لَقِيَ اللَّهَ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا دَخَلَ الجَنَّةَ»، قَالَ: أَلاَ أُبَشِّرُ النَّاسَ؟ قَالَ: «لاَ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَّكِلُوا»".

(قوله: حدثنا مسدد، قال: حدثنا معتمر كذا للجميع، وذكر الجياني أن عبدوسًا والقابسي روياه عن أبي زيد المروزي بإسقاط مسدد من السند، قال: وهو وهم، ولا يتصل السند إلا بذكره انتهى، ومعتمر هو ابن سليمان التيمي، والإسناد كله بصريون إلا معاذًا، وكذا الذي قبله إلا إسحاق، فهو مروزي، وهو الإمام المعروف بابن راهويه.

قوله: ذُكر لي هو بالضم على البناء لما لم يسم فاعله، ولم يُسم أنس من ذكر له ذلك في جميع ما وقفت عليه من الطرق، وكذلك جابر بن عبد الله كما قدمناه من عند أحمد؛ لأن معاذًا إنما حدث به عند موته بالشام وجابر وأنس، إذ ذاك بالمدينة فلم يشهداه) يعني بينهم وبين معاذ واسطة ما حضرا القصة، (فلم يشهداه، وقد حضر ذلك من معاذ عمرو بن ميمون الأودي أحد المخضرمين، كما سيأتي عند المصنف في الجهاد، ويأتي الكلام على ما في سياقه من الزيادة ثَم) يعني هناك (ورواه النسائي من طريق عبد الرحمن بن سمرة الصحابي المشهور أنه سمع ذلك من معاذ أيضًا، فيحتمل أن يفسَّر المبهم بأحدهما) أحد من؟ عمرو بن ميمون أو عبد الرحمن الصحابي.

 (فيحتمل أن يفسر المبهم بأحدهما والله أعلم.

تنبيه: أورد المزي في الأطراف هذا الحديث في مسند أنس، وهو من مراسيل أنس، وكان حقه أن يذكره في المبهمات، والله الموفق).

طالب: .......

 ماذا؟

طالب: .......

لماذا حقه أن يذكر في المبهمات؟

طالب: .......

أنس قال: ذُكر لي، والذاكر في حكم المذكور، لكنه لم يعين اسمه، فهو مبهم ما حذف. الآن الذاكر ذُكر لهذا الذاكر الذي لم يسم في حكم الموجود في السند، لكنه لم يسمه، فهو مبهم. لو ساقه أنس بدون صيغة التردد صيغة البناء للمجهول لكان من مسنده.

(قوله: «من لقي الله» أي من لقي الأجل الذي قدَّره الله، يعني الموت، كذا قاله جماعة، ويحتمل أن يكون المراد البعث أو رؤية الله تعالى في الآخرة. قوله: «لا يشرك به» اقتصر على نفي الإشراك؛ لأنه يستدعي التوحيد بالاقتضاء، ويستدعي إثبات الرسالة باللزوم)؛ لأن الدلالات إما مطابقة وإما اقتضاء وإما لزوم.

 (إذ من كذب رسول الله فقد كذب الله، ومن كذب الله فهو مشرك، أو هو مثل قول القائل: من توضأ صحت صلاته أي مع سائر الشرائط، فالمراد من مات حال كونه مؤمنًا بجميع ما يجب الإيمان به، وليس في قوله: «دخل الجنة» من الإشكال ما تقدم في السياق الماضي؛ لأنه أعم من أن يكون قبل التعذيب أو بعده) ما الفرق بينهما؟ «حرمه الله على النار»، وهذا دخل الجنة، قد يُعذب قبل دخوله وقد لا يعذب. لكن حرمه الله على النار لن يدخلها.

(قوله: فأخبر بها معاذ عند موته تأثمًا، معنى التأثم التحرج من الوقوع في الإثم) يعني خشية الوقوع في الإثم (وهو كالتحنث، وإنما خشي معاذ من الإثم المرتب على كتمان العلم، وكأنه فهِم من منع النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يخبر بها إخبارًا عامًّا لقوله: أفلا أبشر الناس؟ فأخذ هو أولاً بعموم المنع فلم يخبر بها أحدًا، ثم ظهر له أن المنع إنما هو من الإخبار عمومًا فبادر قبل موته فأخبر بها خاصًّا من الناس فجمع بين الحكمين. ويقوي ذلك أن المنع لو كان على عمومه في الأشخاص لَما أخبر هو بذلك، وأخذ منه أن من كان في مثل مقامه في الفهم أنه لم يُمنع من إخباره.

وقد تُعقب هذا الجواب بما أخرجه الإمام أحمد من وجه آخر فيه انقطاع عن معاذ أنه لما حضرته الوفاة قال: أدخِلوا عليَّ الناس) الناس يشمل من يفهم ومن لا يفهم، بلفظه (أدخلوا علي الناس، فأدخلوا عليه، فقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «من مات لا يشرك بالله شيئًا جعله الله في الجنة» وما كنت أحدثكموه إلا عند الموت، وشاهدي على ذلك أبو الدرداء فقال: صدق أخي وما كان يحدثكم به إلا عند موته، وقد وقع لأبي أيوب مثل ذلك، ففي المسند من طريق أبي ظبيان أن أبا أيوب غزا الروم فمرض، فلما حُضر قال: سأحدثكم حديثًا سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لولا حالي هذه ما حدثتكموه، سمعته يقول: «من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة»، وإذا عورض هذا الجواب فأجيب عن أصل الإشكال بأن معاذًا اطلع على أنه لم يكن المقصود من المنع التحريم بدليل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر أبا هريرة أن يبشر بذلك الناس، فلقيه عمر فدفعه وقال: ارجع يا أبا هريرة، ودخل على إثره فقال: يا رسول الله لا تفع،ل فإني أخشى أن يتكل الناس فخلِّهم يعملون، فقال: «فخلِّهم» أخرجه مسلم.

 فكأن قوله -صلى الله عليه وسلم- لمعاذ: أخاف أن يتكلوا كان بعد قصة أبي هريرة فكان النهي للمصلحة لا للتحريم، فلذلك أخبر به معاذ لعموم الآية بالتبليغ، والله أعلم.

قوله: «لا» هي للنهي ليست داخلةً على أخاف، بل المعنى لا تبشر ثم استأنف فقال: أخاف) تعليل للنهي، (وفي رواية كريمة: «إني أخاف» بإثبات التعليل، وللحسن بن سفيان في مسنده عن عبيد الله بن معاذ عن معتمر قال: «لا دعهم فليتنافسوا في الأعمال، فإني أخاف أن يتكلوا»).

 ومن هذا الباب ما يشيعه بعض الناس في ليالي العشر الأواخر من رمضان أنه رأى ليلة القدر ليلة كذا، وهذا يجعل الناس يتكلون يعملون في هذه الليلة، ويتركون العمل فيما عداها، والرسول -عليه الصلاة والسلام- المؤيد بالوحي ذُكرت له هذه الرؤى، «إني أرى رؤياكم تواطأت، فمن كان متحريها فليتحرها في كذا وكذا وكذا»، ما أخبر بالليلة؛ لئلا يتكلوا.

نعم.

طالب: .......

هو لا بد من تبليغه، لكن بالتدريج بحسب احتمالهم، بالتدريج. يعني مثل بعض الأحكام التي لم يألفوها ويخشى عليهم بسببها، مثل بعض الدعاة الذي لم أسلم فئام من الناس أول ما طلب منهم الختان، فارتد كثير منهم، مثل هذا لا يُخبرون بمثل هذا الحكم حتى يرسخ الإيمان في قلوبهم.

طالب: .......

بالتدريج، بالتدريج، بحسب ما يحتمل في بدنه وعقله، بالتدريج.

طالب: .......

فإذا دخل في الشهادتين، الآن إذا نطق بالشهادتين دخل في الإسلام، ثم يخبروه بالصلاة ثم الزكاة، مثل: «فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم...» لما بعث معاذًا إلى اليمن.

طالب: .......

لما استقرت الشريعة ما يمكن أن يقال ....... صلاة العصر، يقول: أنا لا أستطيع أن أقوم لصلاة الفجر، نقول: لا تصل الفجر. ما هو بصحيح.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

مثل ما قلنا، قلنا: إذا كان صدقًا من قلبه فلن يفرط فيما أوجب الله، ولم يرتكب ما حرم الله عليه؛ لأن هذه من مقتضيات ومتطلبات لا إله إلا الله.

"