تعليق على البلبل في أصول الفقه (01)

نعم.

بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صلِّ على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الكتاب الذي معنا الآن كتاب "البلبل في أصول الفقه"، وهو مختصر الروضة للموفق بن قدامة، ومقامه ومكانته في المذهب عند الحنابلة، ومنزلته بين علمائهم لا تخفى، ومختصره للطوفي، سليمان بن عبد القوي الصرصري الحنبلي المتوفى سنة ست عشرة وسبعمائة، وفي القرن السابع وأوائل الثامن.

والطوفي مشهور عند الحنابلة، وله قدم راسخة في العلوم، لا سيما ما يحتاج منها إلى فهم وقوة إدراك، فهو متميز في هذا الباب، وكتبه شاهدة على ذلك، ومختصره يدل على براعته وقدرة تصرفه على سبك العبارة واختصار الكلام والإيجاز فيه مع وفاء المعاني.

والطوفي هذا مع كونه حنبليًّا رُمي أيضًا بكونه أشعريًّا رافضيًّا، ذُكر في ترجمته أنه أشعري، وأنه أيضًا رافضي. ويؤثر عنه بعض ما يدل على ذلك، إن ثبت: ذُكر في ترجمته أنه قال عن نفسه: "أشعري حنبلي رافضي" يقول: هذه من أعجب العجب.

 المقصود: أن هذه التهمة قائمة وموجودة عند من ترجم له، كابن رجب- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وغيره، وإن كان بعضهم يدافع عنه بقوة، لا سيما وأنه تتلمذه على يد شيخ الإسلام ابن تيمية وإشادته به، وهو الذي هدم مذهب الرافضة من أساسه، ولو كان فيه شيء من الرفض ما التصق بشيخ الإسلام لا من قريب ولا من بعيد، بل عدَّه من ألد أعدائه.

عنده أيضًا مسألة المصلحة وكلامه فيها وما يؤثر عنه وما ينقل عن شرح الأربعين له، من أنه يقدم المصلحة على النصوص، ولا شك أن هذه هفوة وزلة، فالنصوص المقدمة وهي الحاكمة على كل شيء.

شرحه للمختصر ليس فيه ما يدل على ما نُسب إليه إلا من بُعد، بعض الأشياء التي يمكن أن يلمح فيها شيء من التشيع والميل إلى علي- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، لكن الرفض الكامل قد لا يُستدل له من هذا الكتاب على وجه الخصوص، وإن كان المترجمون أثبتوا ذلك.

طالب: أحسن الله إليك، الآن البلبل مختصر لروضة الناظر؟

نعم.

طالب: ومختصر الروضة الذي شرحه؟

كيف؟

طالب: وله شرح مختصر الروضة.

مختصر الروضة هو البلبل، فشرح مختصر الروضة شرح البلبل.

طالب: يعني هو اختصر الروضة ثم شرح المختصر؟

نعم.

طالب: يقول الشيخ شرح المختصر أنفس ..؟

لا لا، شرح متين، يصلح شرحًا للروضة وشرحًا للكتب الأصولية بالنسبة لمذهب الحنابلة كلها.

طالب: الذي هو مطبوع في ثلاث مجلدات؟

نعم، مطبوع ومحقق. وهو مترجم في روضات الجنات للخوانساري، باعتبار أن هذا الكتاب يجمع تراجم الرافضة، هنا المحقق يقول: "ولم أجد في كتابه هذا شرح مختصر الروضة ما يؤيد صراحةً تشيع الطوفي، بل وجدت أنه يترضى عن الصحابة- رضوان الله عليهم- بخاصة الشيخين، ويصرح في أماكن باعتقاده، بما يعتقده أهل السنة والجماعة ويرد على الشيعة وآرائهم ويبيِّن أن الحق بخلافها".

يقول: "إلا في مواضع ثلاثة من كتابه هذا قد يُفهم منها ميوله للتشيع، ولكن الأمر غير صريح". يقول: "وقد علقت عليها في مواضعها، وهي كلامه على المغيرة بن شعبة- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- واستنتاجه أن أبا بكر- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- توقف في خبره، وأنه تفرَّس فيه نوع ضعف أو تهمةٍ" كما أنه يلاحظ أن الطوفي لا يترضى عن المغيرة- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عند ذكره.

يقول: "ثانيًا: كلامه على إجماع أهل البيت والاعتداد به، وقد توسع في ذكر أدلة الشيعة ومناقشتها وإجابتهم على الأسئلة الموجهة إليهم وقواها في بعض الأماكن، ولكن لم يظهر منه بشكل واضح ترجيحه للاعتداد بإجماع أهل البيت.

ثالثًا: كلامه على خلافة أبي بكر- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، وأنها تمت من باب القياس على الإمامة في الصلاة لا بالنص عليها، وتجويزه أنه كُشف للنبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بوحي أو إلهام أن الخليفة بعده أبو بكرٍ وعمر- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- بحكم المقدور السابق، وأنه لم يوصِ بالتغيير عليهما لذلك، ولا يلزم من ذلك رضاه".

يقول في خلافة أبي بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: "وأنها تمت من باب القياس على الإمامة في الصلاة، لا بالنص عليها".

طالب:...

نعم، يقول: "وتجويزه أنه كُشف للنبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بوحي أو إلهام أن الخليفة بعده أبو بكرٍ وعمر- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- بحكم المقدور السابق، وأنه لم يوصِ بالتغيير عليهما لذلك" لهذا الوحي أو هذا الإلهام، "ولا يلزم من ذلك رضاه"؛ لأن المقدور السابق لا بد من وقوعه، وإن لم يرضَ به.

هذا الكلام ما فيه شك أنه تُشم منه الرائحة، لكنه ليس بنصٍّ قاطع على ما نُسب إليه، لاسيما وأنه يترضى عن أبي بكر وعمر- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- وغيرهما من الصحابة.

هذه المواضع الثلاثة هي التي يمكن أن يقال فيها: إن الطوفي له ميول إلى التشيع، وإن لم يكن بالتشيع الغالي والرفض الكامل.

منهم من ينقل توبة الطوفي ورجوعه إلى مذهب أهل السنة والجماعة، لكن الحافظ ابن رجب- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لا يصدِّق بتوبته، ويحملها على التقية، كما هو المعهود من حال الرافضة، ويتهمه في صحبته للسكاكيني، والسكاكيني هذا هو محمد بن أبي بكر بن أبي القاسم الهمذاني ثم الدمشقي، المتوفى سنة إحدى وعشرين وسبعمائة.

قال الذهبي في حقه: "لأن السكاكيني ممن يُبغض الرافضة".

طالب:...

أو عن ستٍ وثمانين سنة.

كيف؟

طالب: ..........

بيده؟

طالب:...

والله وجه الشبه في.... المقصود: الأصل الاقتداء بالنبي- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-، ومنذر الجيش لا شك أنه يلتفت يمينًا ويسارًا ويحرِّك، أحيانًا يحتاج إلى التحرك، لا بد من أن يتحرك، لو حرَّك بهذا الاعتبار لا بأس، منذر الجيش يقول: صبحكم ومساكم.

طالب:...

هو من شرط الجمعة تقدم الخطبتين كما تقدم، لا بد من الخطبتين، إذا لم يوجد الخطيب فلا جمعة.

طالب:...

الأصل أنها تلزمهم، لكن ما وُجد شرطها، أساءوا ظلموا، لا سيما مَنْ يؤنس مِن نفسه القدرة على ذلك، لا شك أنه فوَّت عليهم خيرًا عظيمًا.

طالب:...

هو إذا أمكنهم، لكن أحيانًا ما يجزمون إلا أن تتأخروا، يلتفتون يمينًا ويسارًا ويدورون على أحد، مع أنه قد يوجد في المسجد طلبة علم، لكن من تخذيل الشيطان، هذا يحصل كثيرًا، وأحيانًا يقوم غير الكفء مع وجود الكفء، يحصل هذا.

طالب:...

لا، دائمًا يتقدم، ما هو يُقدم، ليته يصبر إلى أن يُقدم، بعض الناس، والله المستعان.

طالب:...

نعم، صلى، موجود، إذا لم يوجد خطيب لا بد من صلاة ظهر؛ لأن من شرط الجمعة تقدم خطبتين، لكن لو قام واحد وتكلم كلمة بدقيقة واحدة تكفي، يأتي بالشرائط وانتهى الإشكال.

طالب:...

نعم، لا بد من اعتبار الشروط التي ذكروها، لكن ما يلزم إطالتها.

طالب:...

الدعاء؟ يعني إذا أمرهم الإمام؟

طالب:...

لأن هذا مظنة إجابة، الإمام أو المأموم؟

طالب:...

هذا مظنة إجابة؛ لأنه وقت من أوقات الإجابة كما تقدم، في حديث عبد الله بن سلام.

طالب:...

والجمعة تلزمه أو مسافر؟

طالب:...

إذا كان لا تلزمه الجمعة فلا بأس، يعضده حديث: «يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدًا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء» فيدخل فيه.

طالب:...

يصليها ظهرًا، أما إذا كان ناويًا جمعة يلزمه الإنصات للخطيب.

طالب:...

على حسب نيته.

طالب:...

لا لا، «والإمام يخطب» بهذا القيد.

طالب:...

لا، والإمام يخطب لا، إنما يجوز التأمين، تجوز الصلاة على النبي- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-، رد السلام بالإشارة وما أشبه ذلك، وما عدا ذلك فلا.

طالب: أحسن الله إليك، هل يلزم البدء بخطبة الحاجة في خطبة الجمعة؟

اللزوم لا، لا يلزم.

طالب: هل تعتبر سنة يا شيخ؟

على كلٍّ هي خطبة وهي أيضًا حاجة، البداءة بها سنة بلا شك.

طالب: طيب يا شيخ، أحسن الله إليك، قول من قال، يوجد بعض الناس يقول: إن خطبة الحاجة على هذه الهيئة لتبدأ بـ"إن الحمد لله" ثم الآيات الثلاث، هذه ملفقة من أحاديث؛ لأنه وردت الخطبة بعدة روايات، والصحيح: أن نجعل كل رواية خطبة، يصبح من اختلاف التنوع كما في دعاء الاستفتاح، أما أن نحمل الأحاديث بعضها على بعض ونلفق خطبة، ونقول: هذه خطبة الحاجة، فهذا غير صحيح. ما رأيكم- أحسن الله إليك- في مثل هذا الأمر؟

تعرف أن من أهل العلم من قال: بأنه يمكن أن يُجمع بين أكثر من دعاء استفتاح؟ ومادام هذه خطبة، وُصفت بأنها خطبة فالوصف قائم بأنه يقول في خطبته كذا.

طالب: لكن وردت بعدة روايات، أحسن الله إليك.

وإن كان، إذا كان الأمر يحتمل ذلك خلاف التشهد، ما يمكن أن تتشهد بتشهد ابن مسعود، إذا انتهيت تتشهد بحديث عمر، إذا انتهيت بحديث ابن عباس.

طالب: هو نفسه، نفس دعاء الاستفتاح ونفس صيغة التشهد، لماذا ما جمعنا ...؟

لا، هذا إذا قلنا بالاقتصار على الوارد بحيث لا نزيد عليه، فإذا ساغ لنا أن نزيد عليه من كلامنا فلأن نزيد عليه من كلام الرسول- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- من باب أولى.