التعليق على تفسير القرطبي - سورة المعارج (02)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

طالب: ...................

الإنكار ما هو منصبّ أصلاً على الذكور أو الإناث لو أنهم ممرضين ما هم ممرضات يجوز؟

طالب: ....................

ما يجوز ما هو لأنهم ذكور أو إناث، أما مسألة الأنوثة، فما فيه فقطع، لكن هل تثبت أو يثبت وصف الذكورة بمجرد نفي وصف الأنوثة أو يحتاج إلى تنصيص؛ لأنهم غير هذا محل البحث.

طالب: ....................

الشيخ صرح؛ لأن أولئك ذكور، وليسوا إناثا، أخذه من نفي الأنوثة، لكن لو قدر أن السؤال ما وقع عن الممرضات وقع عن الممرضين، وقيل: إنهم ملائكة، هل نقول صحيح؛ لأن الممرضين ذكور والملائكة ذكور؟ لا.. فمسألة نفي الشيء في النصوص، هل يثبت له ضده لاسيما في الغيبيات؟ ما يلزم.

طالب: ....................

الذكور أو الأنثى؟

طالب: ....................

هو الإشكال أنه بالنسبة للبشر ضدان، وليسا بنقيضين؛ لأن فيه وصف ثالث، الخنثى، لكن بالنسبة لعالَم الغيب ما فيه شك أنه إذا كان الضد يتضمن كمالًا، وضده المنفي يتضمن نقصًا فإثباته له وجه مثل ما قيل إن الملائكة عقلاء مثلاً؛ لأن تصرفاتهم تصرفات العقلاء، بل أشد وأدق من تصرفات العقلاء، وأحكم من تصرفات العقلاء، فمن وصفهم بذلك فمن هذه الحيثية، ومن نفى عنهم العقل قال: إن ما وصفهم الله لا بعقل ولا بنفي ولا إثبات فلما نقحم أنفسنا بأشياء ما طولبنا بها؟ ولذلك نفى الشيخ حامد عنهم الوصف بأنهم عقلاء.

 

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، قال الإمام القرطبي -رحمه الله تعالى-:

قوله تعالى:     ﭿ              المعارج: ١٩ - ٢١ ، قوله تعالى:     ﭿ المعارج: ١٩  يعني الكافر، عن الضحاك، والهلع في اللغة أشد الحرص، وأسوأ الجزع وأفحشه، وكذلك قال قتادة ومجاهد وغيرهما، وقد هلِع بالكسر."

هلِع؟

" وقد هلِع بالكسر يهلع فهو هلِع وهلوع على التكثير، والمعنى أنه لا يصبر على خير ولا شر حتى يفعل فيهما ما لا ينبغي. وقال عكرمة: هو الضجور. وقال الضحاك: هو الذي لا يشبع.."

من وصف البشر الملل والضجر فتجده يحب التغيير، ويسأم أن يكون على حال واحدة، فإذا كان في رخاء دائم تمنى أن يتغير شيء من هذا الرخاء؛ ليجرب النوع الثاني من الحياة، وتجد الإنسان أحيانًا يكون في بيت ضيق يتمنى السعة، وأحيانًا يكون في بيت واسع، ويتمنى شيئًا من الضيق، وتكون عنده الزوجة ذات الأوصاف الجميلة يتمنى ما هي دونها أو العكس، وهذا الكثير، وهذه حال ابن آدم، لا يرضى على حال، وإذا جاءه البرد تمنى الحر، وإذا جاءه الحر تمنى البرد، فتجده ضجورًا ملولًا لكن الهلع شيء أشد من ذلك، الهلع إذا خاف من شيء بذل له من الأسباب أكثر مما يستحق، وإذا توقع شيئًا احتاط له أكثر مما ينبغي، ولو على حساب دينه، وإذا أمسك بشيء لم يفلته، وهذه حال الإنسان الذي عنده الحرص وعنده الاهتمام بشؤونه أكثر مما ينبغي، وهذا الذي أورد كثيرًا من الناس الموارد والمهالك، تجد الله -جل وعلا- يغدق عليه الأموال والنعم، ثم بعد ذلك يخشى من فواتها، ويحرص عليها، ويمنع حق الله فيها، وقد يعتدي على غيره من أجلها، وهذا من شدة حرصه عليها.

" والمنوع هو الذي إذا أصاب المال منع منه حق الله تعالى وقال ابن كيسان: خلق الله الإنسان يحب ما يسره ويُرضيه ويهرب مما يكرهه ويسخط، ثم تعبده الله بإنفاق ما يحب، والصبر على ما يكره. وقال أبو عبيدة: الهلوع هو الذي إذا مسه الخير لم يشكر، وإذا مسه الضر لم يصبر، قاله ثعلب، وقال ثعلب أيضًا: قد فسَّر الله الهلوع، وهو الذي إذا ناله الشر أظهر شِدة الجزع، وإذا ناله الخير بخِل به ومنعه الناس. وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «شرُّ ما أُعطِي العبدُ شُحٌّ هالِعٌ وجبن خالعٌ»."

ماذا قال عنه؟

طالب: ..................

نعم من أدلة العموم في اللفظ وقوع الاستثناء بعده، مما يدل على أنه يتناول من فرد، فإذا استثني من هذه الأفراد شيئًا دل على أن الأصل من ألفاظ العموم و(ال) إن الإنسان (ال) هذه للجنس يصح أن تضع مكانها (كل) مثل العصر: ٢  يعني كل الناس في خسر ومثله ما عندنا.

" قال النخعي: المراد بالمصلين الذين يؤدون الصلاة المكتوبة. وقال ابن مسعود: الذين يصلونها لوقتها، فأما تركها فكفر، وقيل: هم الصحابة، وقيل: هم المؤمنون عامة، فإنهم يغلبون فرط الجزع بثقتهم بربهم ويقينهم المعارج: ٢٣  أي على مواقيتها، وقال عقبة بن عامر: هم الذين إذا صلوا لم يلتفتوا يمينًا ولا شمالاً، والدائم الساكن، ومنه: نهى عن البول في الماء الدائم أي الساكن."

واللفظ كما يُطلق على الساكن يُطلق على المتحرك، يقال دوّم الطائر وفي رأسه دوام أي دوار، فقالوا: إن اللفظ من الأضداد أي هم الذين دائمون يعني ساكنون مثل إذا صلوا لم يلتفتوا يمينًا ولا شمالاً، وجاء في وصف أبي بكر -رضي الله عنه- أنه إذا صلى لا يلتفت في صلاته، فهل يكون هذا من مناقبه أنه لا يلتفت؟ هو ذكر في مناقبه أنه لا يلتفت في صلاته.

طالب: ..................

لأبي بكر أفضل الأمة بعد نبيها؟!

طالب: ..................

يعني قبل المنع أو أن المراد به الالتفات الذي لا يقطع الصلاة.

طالب: ..................

أو الالتفات الذي لا يقطع الصلاة، ومع ذلك لا يلتفت أبو بكر، قد يقول قائل: إن أطفالنا لا يلتفتون الالتفات الذي لا يقطع الصلاة، هل يكون ذلك من مناقبهم فضلاً عن الكبار؟

طالب: ..................

نعم فيه شيء من الخوف، والرسول -عليه الصلاة والسلام- صلى وهو يلتفت إلى الشعب؛ لأنه في وقت خوف وذعر، ومع ذلك لا يلتفت مقبل على ربه، لا شك أن هذه من المناقب، الآن لو الذين لا يلتفتون كلهم في صلاتهم لو يغلق الباب بقوة كلهم قطعوا صلاتهم، فالكلام على أوقات الشدائد، أما أوقات السعة فالأمر كل يطيقه.

طالب: ................

بعضهم قال هذا، لكن ما هو الظاهر.

طالب: ................

المعارج: ٢٣.

طالب: ................

قدّر معنىً يضمن الديمومة بما يتعدى بـ(على) الذين هم على صلاتهم حريصون مثلاً.

طالب: ................

نعم الأصل عدم التناوب، لكن هنا لو ضمنت الفعل معنى فعل يتعدى بـ(على) على رأي شيخ الإسلام كان أولى، وتأتي بدلاً من دائمون تقول: معناها حريصون، الذين هم على صلاتهم حريصون، عندهم حرص شديد على صلاتهم، وهذا لا شك أنها من الأوصاف التي تليق بالمقام.

" وقال ابن جريج والحسن: هم الذين يكثرون فعل التطوع منها المعارج: ٢٤  يريد الزكاة المفروضة، قاله قتادة وابن سيرين، وقال مجاهد: سوى الزكاة. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: صلة رحم، وحمل كَلٍّ، والأول أصح؛ لأنه وصف الحق بأنه معلوم، وسوى الزكاة ليس بمعلوم، إنما هو على قدر الحاجة، وذلك يقل ويكثر."

لكن هل نقول: إن هذه الآية في الزكاة، وآية الذاريات في غير الزكاة؟

طالب: ................

هنا نص على أنه معلوم، وهناك قال: الذاريات: ١٩  بدون معلوم.

طالب: ................

لا شك أن المعلوم المحدد هو الزكاة، والمطلق بدون تحديد صدقات وغيرها مما ينفع الناس.

طالب: ................

الأول.

طالب: ................

أعم من هذه، وهذه خاصة بالزكاة.

المعارج: ٢٥  تقدم في الذاريات       المعارج: ٢٦.

السائل الذي يتعرض ويسأل الناس، والمحروم هو المحتاج الذي لا يتعرض للناس ولا يسألهم، فيحرم من عطائهم؛ لأن الناس ما يدرون عنه بخلاف المعنى العرفي للمحروم، الناس عندهم المحروم الذي عنده الأموال الطائلة يكون له أرصدة في البنوك، لكنه محروم من هذا المال، ممسك من إنفاقه على نفسه وعلى من تجب عليه نفقته، فهو محروم، هذا معنى عرفي، حقيقة عرفية للمحروم، لكن الحقيقة الشرعية لا، ولو قلنا: إن الحقيقة العرفية معتبرة في الشرع لقلنا: إن هذا المسكين الذي أمواله تستفيد منها البنوك ويرابون بها، وأموالهم طائلة، عشرات بل مئات الملايين، ثم بعد ذلك نقول يُعطى من الزكاة؟ ما فيه أحد يقول بهذا.

"       المعارج: ٢٦  أي بيوم الجزاء، وهو يوم القيامة، وقد مضى في سورة الفاتحة القول فيه. المعارج: ٢٧  أي خائفون.   المعارج: ٢٨  قال ابن عباس: لمن أشرك أو كذب أنبياءه، وقيل: لا يأمنه أحد، بل الواجب على كل أحد أن يخافه ويشفق منه."

نعم المؤمنون: ٦٠  هم الذين يزنون ويشربون الخمر؟ لا، «لا، يا ابنة الصديق» كما في الحديث، هم الذين يصومون ويتصدقون ويصلون ويحجون، لكنهم مع ذلك يخافون من عدم القبول.

"            المعارج: ٢٩ - ٣١  تقدم القول فيه في سورة قد أفلح المؤمنون والذين.."

والذي تعدى زوجته وما ملكت يمينه لا شك أنه عادٍ ومعرّض نفسه لسخط الله، وبحث المؤلف هناك مسألة الاستمناء وجزم بتحريمه؛ لأنه خارج عن الحصر في الآيتين في آية المؤمنون وفي آية المعارج        المعارج: ٣٠ ، فإذا تعدى ذلك فهو عادٍ، وذكر قصة هناك ما أدري تذكرونها أو..

طالب: ................

في سورة المؤمنون المسألة الثانية عشرة قال: كان فيه ولد مغفل، وأمه عندها خادمة فجلدتها يومًا، فظهر صوتها فجاء الجيران يسألون: ما بالكم؟ قال: أمي تجلد عميرة؛ لأن الجارية اسمها عميرة، ذكرها القرطبي في الموضع الأول في سورة المؤمنون، ونقلها الشنقيطي -رحمه الله- في أضواء البيان، ومعوّله في الغالب على هذا التفسير القرطبي -رحمه الله-، الشنقيطي معوله على القرطبي في الكثير الغالب، ويضيف ما يقول فيه -رحمه الله- قال مقيده رحمه الله أو عفا الله عنه.

طالب: ................

جاء في الحديث: «إن في المال لحقًّا سوى الزكاة»، وجاء النفي «ليس في المال حق سوى الزكاة»، جاء بالنفي وبالإثبات، النفي حمله أهل العلم على الواجب، والإثبات حمله أهل العلم على المستحب، وكون الآية مكية لا يعني أنه لا يوجد حق واجب في المال غير محدد، لكنه قال هنا: معلوم، فهو محدد، لكن قد يكون التحديد في أول الأمر يختلف عن التحديد في آخره في الأنصبة المحددة، قد يكون هذا يختلف، وإلا فما فيه شك أن كلامه متجه.

طالب: ................

الماعون: ٧  وعيد هذا، هذا وعيد في منع الماعون.

طالب: ................

أين؟

طالب: ................

ماذا فيه؟

طالب: ................

الشنقيطي يكتب في أحكام القرآن الأصل فيه تفسير القرآن بالقرآن، لكن له نَفَس في الأحكام، فما فيه شك أن الذي له نفس في الأحكام يعجبه مثل هذا التفسير؛ لأنه ما يوجد من يستطرد في آيات الأحكام وفي توضيح هذه الأحكام مثله، مثل هذا الآن اعتماده بالدرجة الأولى على ابن العربي، ويضيف إليه أضعافًا مضاعفة مما يقوله ابن العربي؛ لأنه في أحكام القرآن، والمذهب واحد. أنا قلت في مناسبات كثيرة، وهذا ينتفع به طالب العلم كثيرًا أنه يأتي إلى كتب أحكام القرآن، ويأتي في المذهب الحنفي بالجصاص، والمالكي بابن العربي، والشافعي بإلكيا الهراسي، يأتي بالثلاثة، ويطالع عليها ولو المغني فقط، فإذا ذكر الجصاص مسألة، وذكر مذهب الحنفية حرر مذهب الحنفية، رجع إلى المغني، وعلق عليه مذهب الحنابلة، ورجع إلى أبي بكر بن العربي، وعلق عليه مذهب الحنابلة من المغني أو من كتاب آخر، وعلق على إلكيا بقول الحنابلة ولو من كتاب آخر، ثم في النهاية يجتمع له كتاب في أحكام القرآن للحنابلة، مثل ما ألف في المذاهب الأخرى، مع أن الحنابلة لهم في أحكام القرآن مساهمة، لكن ما طُبع منها شيء.

المعارج: ٣٢.

بمثل هذا ينتفع طالب العلم كثيرًا؛ لأن الموازنة أو المقارنة بين الأقوال، والنظر في الكتب، وفي أكثر من كتاب، وهذا يلفت إلى شيء، وهذاك يدل على شيء، يتفتق الذهن، يستفيد الطالب كثيرًا.

" المعارج: ٣٢  تقدم أيضًا {والذين هم بشهاداتهم قائمون} على من كانت عليه من قريب أو بعيد، يقومون بها عند الحاكم، ولا يكتمونها، ولا يغيرونها، وقد مضى القول في الشهادة وأحكامها في سورة البقرة."

يعني في آية الدين عند الأمر بالشهادة ﯪﯫ البقرة: ٢٨٢.

" وقال ابن عباس: بشهاداتهم أن الله واحد لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله. وقرئ لأمانتهم على التوحيد، وهي قراءة ابن كثير وابن محيصن، فالأمانة اسم جنس، فيدخل فيها أمانات الدين، فإن الشرائع أمانات ائتمن الله عليها عباده، ويدخل فيها أمانات الناس من الودائع، وقد مضى هذا كله مستوفًى في سورة النساء."

يعني قوله -جل وعلا-:   النساء: ٥٨ ، وعلى قراءة الجمع لأماناتهم ما فيه إشكال أن هذا يشمل جميع الأمانات، سواء كانت من التكاليف الشرعية أو من حقوق العباد، وقراءة لأمانتهم مثلها؛ لأنه مفرد مضاف، مفرد فيفيد العموم.

" وقرأ عباس الدوري عن أبي عمرو ويعقوب: بشهاداتهم جمعًا، والباقون بشهادتهم على التوحيد؛ لأنها تؤدى عن الجمع، والمصدر قد يفرد وإن أضيف إلى الجمع كقوله تعالى:             لقمان: ١٩."

ما قال لأصوات الحمير، لصوت، فإذا أضيف إلى الجمع أفاد الجمع.

" وقال الفراء: ويدل على أنها بشهادتهم توحيدًا قوله تعالى: ﮎﮏ الطلاق: ٢."

على كل حال إذا قلنا الشهادة فـ(ال) للجنس، وإذا قلنا بشهادتهم قلنا مفرد مضاف، يعني ﭿ المائدة: ٣  هل هي نعمة واحدة أم جميع النعم؟ جميع النعم، اللهم اغفر لي ذنبي هو يقصد ذنبًا واحدًا أم جميع الذنوب؟ مفرد مضاف فيعم الجميع.

طالب: أحسن الله إليك، قوله: الباقون على التوحيد بشهادتين.

والله أنا في شك من هذا؛ لأن القراءة معروفة بالجمع، فيه أحد معه برنامج أو شيء..؟

طالب: ............

نعم على أنها قراءة الأقل الجمع قراءة الأقل عباس الدوري عن أبي عمرو ويعقوب بشهاداتهم مع أنها قراءة غيرهم من الأئمة.

" المعارج: ٣٤  قال قتادة: على وضوئها وركوعها وسجودها. وقال ابن جُريج: التطوع. وقد مضى في سورة المؤمنون، فالدوام خلاف المحافظة."

طالب: ............

أين؟

طالب: ............

لا، هي قراءات كلها ثابتة وسبعية ومتواترة من حيث الصحة، كلها صحيحة، ومن حيث المعنى معناها واحد، ما فيه أفصح، الأصل الجمع، والإفراد يؤدي معناه.

" فالدوام خلاف المحافظة، فدوامهم عليها أن يحافظوا على أدائها لا يُخِلُّون بها، ولا يشتغلون عنها بشيء من الشواغل."

الدوام غير المحافظة؛ لأنه قال: المعارج: ٢٣ ، وهناك قال: المعارج: ٣٤  فلو كان الدوام هو المحافظة لكان تكرارًا، لكن الدوام له معنى، والمحافظة لها معنى.

" فدوامهم عليها أن يحافظوا على أدائها لا يُخِلُّون بها، ولا يشتغلون عنها بشيء من الشواغل، ومحافظتهم عليها أن يراعوا إسباغ الوضوء لها ومواقيتها، ويقيموا أركانها، ويكمِّلوها بسننها وآدابها، ويحفظوها من الإحباط باقتراب المأثم."

أو اقتراف.. ماذا عندكم؟

طالب: ............

اقتراف.

طالب: ............

ويحفظوها من الإحباط باقتراف المآثم، هل العمل الصالح يُحبَط بالمعاصي؟ أما إذا كانت هذه المعصية داخل الصلاة فلا شك أن الصلاة تبطل؛ لأنه لا تجتمع الطاعة والمعصية في وقت واحد، وإذا كانت المعصية في غير وقت العبادة، في غير وقت الصلاة، فإنها لا تَحْبَط، هناك قوم يقال لهم الإحباطية من المعتزلة لهم رأيهم. أما مقارفة المعصية في أثناء الصلاة فهنا يفرّق أهل العلم، فإذا كانت هذه المعصية متجهة إلى ذات العبادة أو إلى شرطها، فإنها تكون مؤثرة، لكن إذا كان مقارفته للمعصية لا تتعلق بذات العبادة ولا بشرطها فإنها لا تحبط، تصح مع الإثم، وذكرنا المثال مرارًا فيمن صلى وفي أصبعه خاتم ذهب، أو على رأسه عمامة حرير صلاته صحيحة.

" فالدوام يرجع إلى نفس الصلوات، والمحافظة إلى أحوالها. المعارج: ٣٥  أي أكرمهم الله فيها بأنواع الكرامات. قوله تعالى:   ﯿ        المعارج: ٣٦  قال الأخفش مسرعين، قال:

بمكة أهلها ولقد أَراهم

 

إليه مهطعين إلى السماع

والمعنى: ما بالهم يسرعون إليك، ويجلسون حواليك ولا يعملون بما تأمرهم! وقيل: أي ما بالهم مسرعين في التكذيب لك، وقيل: أي ما بال الذين كفروا يسرعون إلى السماع منك ليعيبوك ويستهزئوا بك. وقال عطية.."

نعم ولكل قوم وارث، كانوا يسمعون كلام النبي -عليه الصلاة والسلام- ليعيبوه ويبحثوا عن شيء يعيبونه به، ويوجد الآن، وهذه سُنّة المستشرقين من قِبَل من يتصدى لقراءة كتب المسلمين لا للاستفادة منها، وإنما للبحث عن العيوب والتناقض إن وجد، ومن خلال استقرائهم للكتب لبَّسوا على السذج وعلى أنصاف المتعلمين، وأظهروا أن عندهم علمًا واطلاعًا.. والآن الكتبة، بعض من يخرج للناس في وسائل الإعلام تجده ينقِّب عن مثل هذه الأمور التي هي في الحقيقة لو دُقّق فيها ما وُجد لها شيء، لكنهم يروجون باطلهم على السُّذَّج من الناس، وأما من عنده علم الكتاب والسنة، ويعتصم بهما، فإنه لا يُروَّج عليه مثل هذا الباطل. في حديث: «كنت أردت أن أنهى عن الغيلة، فإذا فارس والروم يغيلون فلا يضرهم»، كتب من كتب في الصحف أن الثقافة الإسلامية مزيج من الثقافات؛ ثقافات الأمم الأخرى، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- تأثَّر، نظر إلى فارس والروم، وتأثَّر وأصدر الحكم بسبب هذا التأثُّر، وأشكل على بعض الناس، كان يصدر حكمًا شرعيًّا ينهى عن الغيلة، فرأى الأمم؛ فارس والروم لا يضرهم، فأعرض عن الحكم، فأشكل على بعض طلاب العلم مثل هذا، والحقيقة أنه ليس بمشكِل؛ لأن نسبة العرب لا سيما في ذلك الوقت قليلة جدًّا بالنسبة لأمم الأرض من فارس والروم، خلائق لا يُحصون، وأحكام الدين للناس كافة، والحكم للغالب، إذا كان الغالب لا يضرهم، فهل يُنهَى عنه إذا كان الغالب ما يضرهم؟ ما يُنهى عنه، يبقى من يتضرر به يُمنع للضرر، لا لورود النهي، إنما للضرر المترتِّب عليه. التمر فيه أحد يقول حرام؟ ما فيه أحد يقول حرام، ويبقى حكمه الحل إلى يوم القيامة، لكن من يتضرر به يُمنع منه.

" وقال عطية: مهطعين معرضين. وقال الكلبي: ناظرين إليك تعجبًا. وقال قتادة: عامدين. والمعنى متقارب أي: ما بالهم مسرعين عليك مادّين أعناقِهم."

أعناقَهم.

" مادّين أعناقَهم مدمني النظرَ إليك."

النظرِ.

" مدمني النظرِ إليك."

شف في الموضع الأول أثبت النون، فلا تصح الإضافة، وفي الثاني حذف النون فتعيَّنت الإضافة.

نونًا تلي الإعراب أو تنوينًا

 

مما تضيف احذف كطور سينا

" مادّين أعناقَهم مدمني النظرِ إليك، وذلك من نظر العدو، وهو منصوب على الحال، نزلت في جمع من المنافقين المستهزئين، كانوا يحضرونه -عليه السلام- ولا يؤمنون به. وقِبَلك أي نحوك.    المعارج: ٣٧  أي عن يمين النبي -صلى الله عليه وسلم- وشماله حلقًا حلقًا وجماعات، والعِزِين: جماعات في تفرقة، قاله أبو عبيدة، ومنه حديث النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه خرج على أصحابه فرآهم حلقًا فقال: «ما لي أراكم عِزِين، ألا تصفُّون كما تصفُّ الملائكةُ عند ربِّها؟» قالوا: وكيف تصفّ الملائكة عند ربها؟ قال: «يُتِمُّون الصفوف الأُوَل، ويتراصّون في الصف»، خرَّجه مسلم وغيره، وقال الشاعر.."

مثل عِزِين أوزاع أوزاع يجتمع الثلاثة والأربعة والخمسة هنا، ومثلهم هناك، ومثلهم في جهة أخرى، يتفرقون أوزاعًا، ثم كما كانوا يفعلونه في صلاة الليل في رمضان، كانوا أوزاعًا، ثم جمعهم عمر على إمام واحد.

"قال الشاعر:

ترانا عنده والليل داجٍ

 

على أبوابه حلقًا عزينا

أي متفرقين، وقال الراعي:

أخليفةَ الرحمن إن عشيرتي

 

أمسى سَرَاتُهُم إليك عِزِينا

أي متفرقين، وقال آخر:

كأن الجماجم من وقعها

 

خَنَاطِيلُ  يَهْوِينَ شَتَّى عِزِينَا

أي متفرقين، وقال آخر:

فلما أن أتين على أُضاخٍ

 

ضَرَحْنَ حصاة أشتاتًا عزينا

وقال الكُميت:

ونحن ووجندل.................

 

..........................."

يقول الخناطيل جماعات من الوحش والطير في تفرقة، وأُضاخ بالضم جبل يُذكَّر ويؤنَّث، وقيل: هو موضع بالبادية يُصرف ولا يُصرف، ومعنى ضرحنا نحين ودفعن.

" وقال الكميت:

ونحن وجندل باغٍ تركنا

 

كتائب جندل شَتَّى عزينا

وقال عنترة:

وقِرْنٍ قد تركْتُ لذي وليٍّ

 

عليه الطيرُ كالعُصب العِزِين

وواحد عزين عزة، جمع بالواو والنون؛ ليكون ذلك عِوضًا مما حذف منها، وأصلها عزهة، فاعتلت كما اعتلت سنة فيمن جعل أصلها سنهة، وقيل: أصلها عزوة من عزاه يعزوه إذا أضافه إلى غيره، فكل واحد من الجماعات مضافة إلى الأخرى، والمحذوف منها الواو. وفي الصحاح: والعِزَة الفرقة من الناس، والهاء عَوَض من الياء."

عِوَض.

" والهاء عِوَض من الياء، والجمع عِزا على فِعَل، وعِزُون وعُزُون أيضًا بالضم، ولم يقولوا عِزاة كما قالوا ثُباة."

يعني ثِبة مثل عِزَة مثل عِدَة ومثل زِنَة، وزنها واحد، لكن قالوا في عزة عزين، كما قالوا في ثبة ثبين وثباة، لكنهم لم يقولوا في عِزة عزات.

" قال الأصمعي: قالوا في الدار عزو أي أصناف من الناس. وعن اليمين وعن الشمال متعلق بمهطعين، ويجوز أن يتعلق بعزين على حد قولك: أخذته عن زيد المعارج: ٣٨. "

ما معنى أخذت عن زيد؟ يكون عزين عن اليمين وعن الشمال على حد قولك أخذته عن زيد؟ الآن الإشكال    المعارج: ٣٧  يعني المتعلَّق متقدم على ما يتعلق به، وقولك أخذته عن زيد يعني لو قال:  على حد قولكعن زيد أخذته، لتمت المطابقة، وصح التمثيل. ظاهر؟

طالب: .............

وقال: وعن اليمين وعن الشمال متعلق بمهطعين، هذا ما فيه إشكال، مهطعين عن اليمين وعن الشمال، ويجوز أن يتعلق بعزين، عزين متقدمة أم متأخرة؟

طالب: متأخرة.

متأخرة، يقول على حد قولك أخذته عن زيد، لو قال: على حد قولك عن زيد أخذته لصح أن يتعلق بما بعده، كما قرر في الآية.

"   المعارج: ٣٨  قال المفسرون: كان المشركون يجتمعون حول النبي -صلى الله عليه وسلم- ويستمعون كلامه فيكذبونه ويكذبون عليه ويستهزئون بأصحابه، ويقولون: لئن دخل هؤلاء الجنة لندخلنها قبلهم، ولئن أُعطوا منها شيئًا لنُعطين أكثر منها، فنزلت أيطمع."

المقاييس إذا اختلت، هم مقاييسهم على أمور دنياهم، وعلى هذا فالشريف عندهم والأولى بالتكريم هو من نصيبه من هذه الدنيا أكبر، إذا دخل هؤلاء الجنة، يعنون الصحابة، والغالب أن النبي-عليه الصلاة والسلام- أو أن عموم الأنبياء يتبعهم أشراف الناس أو الضعفة؟ الضعفة، فإذا كانت المقاييس دنيوية قيل: هؤلاء الضعفاء المساكين إن دخلوا الجنة فنحن قبلهم من باب أولى، هذه إذا كانت المقاييس مقاييس دنيا، لكن المقاييس في الحقيقة والواقع مقاييس دين   ﮅﮆ الحجرات: ١٣ ، ومع الأسف أنه يوجد مثل أو شبيه بهذا عند بعض الناس، تجد المقياس عنده هذه الدنيا، الشرف يتبع الدنيا، إن كان عنده مال اهتموا به واعتنوا به، وإن كان لا مال له أهملوه، ولم يلتفتوا إليه، ومع الأسف إن هذا موجود حتى عند بعض ممن ينتسب إلى العلم، إذا دخل عليه طالب العلم ويعرف أنه أحواله وسط ما التفت إليه، وإذا دخل عليه صاحب الدنيا اهتم به واعتنى بشأنه، ولو كان من أبخل الناس؛ لأن بعض الناس يعتني بالتجار وهو من أهل العلم؛ طمعًا في أن يحثهم على البذل في سبيل الله، ويستجيبون، وهذا مقصد حسن، لكن الإشكال حينما تختل هذه الموازين والمقاييس، فيقوم الناس ويقدِّمون ويقدِّرون على قدر دنياهم، هذا لا قيمة له في الشرع، لا فضل لعربي على عجمي ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى   ﮅﮆ الحجرات: ١٣.

"فنزلت: أيطمع... الآية، وقيل: كان المستهزئون خمسة أرهط، وقرأ الحسن وطلحة بن مصرّف والأعرج: أن يَدْخُل بفتح الياء وضم الخاء مسمى الفاعل، ورواه المفضَّل عن عاصم، والباقون أن يُدخَل على الفعل للمجهول، كلا لا يدخلونها، ثم ابتدأ فقال:     المعارج: ٣٩  أي إنهم يعلمون أنهم مخلوقون من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة كما خلق سائر جنسهم، فليس لهم فضل يستوجبون به الجنة، وإنما تُستوجَب بالإيمان والعمل الصالح ورحمة الله تعالى، وقيل: كانوا يستهزئون بفقراء المسلمين، ويتكبرون عليهم فقال: {إنا خلقناهم مما يعلمون} من القذر، فلا يليق بهم هذا التكبر، وقال قتادة في هذه الآية: إنما خُلقت يا ابن آدم من قذر، فاتق الله. ورُوي أن مطرِّف بن عبد الله بن الشِّخِّير رأى المهلب بن أبي صفرة يتبختر في مُطْرَف خَزٍّ وجُبَّةِ خَزٍّ، فقال له: يا عبد الله، ما هذه المشية التي يبغضها الله؟ فقال له: أتعرفني؟ قال: نعم، أولُك نطفةٌ مَذِرَةٌ، وَآخِرُكَ جِيفَةُ قَذِرَةٌ، وأنت فيما بين ذلك تحمل العذرة. فمضى المهلب وترك مشيته.."

    المعارج: ٣٩  هذه كناية عن حقارة ما خُلقوا منه، وعدم التصريح بالحقير هو الأسلوب الأدبي، من الأدب الرفيع كما يقولون، ولذا لما سُئل رؤبة بن العجاج الشاعر الراجز المعروف، ورؤبة يأكل الفأر، ولا يأكل الدجاج، فقيل له في ذلك، فقال: إن الفأر يأكل البر والسمن، والدجاج يأكل ما تعلمون. هو كنى عما يأكله الدجاج لاسيما ما يُسمى بالجلالة التي تأكل القاذورات، قال: يأكل ما تعلمون، يعني مثل ما قال الله -جل وعلا-:     المعارج: ٣٩  فمثل هذه الألفاظ التي يعرفها الناس لا يُحتاج إلى التصريح بها.

"نظم الكلام محمود الوراق فقال:

عجبت من معجب بصورته

 

وكان في الأصل نطفة مذرة

وهو غدًا بعد حسن صورته

 

يصير في اللحد جِيفة قذرة

وهو على تِيهه ونخوته

 

ما بين ثوبيه يحمل العذرة

وقال آخر:

هل في ابن آدم غير الرأس مكرمة

 

وهو بخمس من الأوساخ مضروب

أنف يسيل وَأُذْنٌ رِيحُهَا سَهِكٌ

 

والعين مُرْمَصَةٌ وَالثَّغْرُ مَلْهُوبُ

يا ابن التراب ومأكول التراب غدًا

 

قصِّر فإنك مأكول ومشروب

وقيل: معناه من أجل ما يعلمون، وهو الأمر والنهي والثواب والعقاب، كقول الشاعر وهو الأعشى:

أزمعت من آل ليلى ابتكارًا

 

..........................

أأزمعت.

أأزْمَعْتَ من آل ليلى ابتكارًا

 

وشَطَّت على ذي هوًى أن تزارا"

المعارج: ٣٩  يعني لما يعلمون من تحقيق العبودية لله -جل وعلا- كما في قوله سبحانه: الذاريات: ٥٦.

طالب: ....................

أين؟ ابتكارا بالباء.

" أي من أجل ليلى.. قوله تعالى:     المعارج: ٤٠  قوله: فلا أقسم أي أقسم، ولا: صلة.."

كما مر قريبًا في سورة الحاقة، {فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون} قلنا: إن (لا) هذه فيما تقدم يقول أهل العلم إنها زائدة؛ لأنها تُحذف، وليس المراد نفي القسم للدلالة عليه بخبره، وهو في سورة الواقعة ظاهر أنه قسم لا يحتمل نفي القسم      ﯿ  الواقعة: ٧٥  ثم قال:    الواقعة: ٧٦  فتكون لا هذه زائدة، وذكرنا أن للحسن البصري قراءة بدون الألف فلأقسم، فلأقسم بمواقع النجوم، فلأقسم بما تبصرون، فلأقسم برب المشارق، وتكون الألف زائدة في الرسم مثل: أو لأذبحنه فيه ألف زائدة ترى في الرسم تكون مثلها.

طالب: ....................

أين؟

طالب: ....................

لأقسم ما يلزم الفاء.

" برب المشارق والمغارب هي مشارق الشمس ومغاربها، وقد مضى الكلام فيها، وقرأ أبو حيوة وابن مُحيصن وحميد: برب المشرق والمغرب، على التوحيد."

يعني جاء في القرآن إفراد المشرق والمغرب    المزمل: ٩ ، وجاءت الثانية التثنية رب المشرقين ورب المغربين، وجاء الجمع المشارق والمغارب، فمن فرب المشرق والمغرب الجنس جنس المشرق وجنس المغرب، يعني ما تشرق فيه الشمس وما تغرب منه، والتثنية المشرقين مشرق الصيف ومشرق الشتاء، والمغربين مغرب الصيف ومغرب الشتاء؛ لأن المشرق يختلف في الصيف، يختلف عنه في الشتاء؛ لأن مسافة النهار في الصيف طويلة، فتكون الشمس تأخذ في الطلوع من جهة اليسار، ثم تأخذ إلى جهة اليمين في الغروب، والعكس في الشتاء، لا تأخذ يمينًا ويسارًا، بل مستقيمة؛ لأنها تقطع المسافة بأقصر مدة، ونهار الشتاء أقصر من نهار الصيف، فيكون لها مشرقان مشرق في الصيف ومشرق في الشتاء، ومغرب في الصيف ومغرب في الشتاء، هذا التثنية، وأما المشارق والمغارب فمشرق كل يوم ومغرب كل يوم.

"     المعارج: ٤٠ - ٤١  يقول: نقدر على إهلاكهم والذهاب بهم والمجيء بخير منهم في الفضل والطوع والمال، وما نحن بمسبوقين أي لا يفوتنا شيء، ولا يعجزنا أمر نريده. قوله تعالى:       المعارج: ٤٢  أي اتركهم يخوضوا في باطلهم، ويلعبوا في دنياهم على جهة الوعيد، واشتغل أنت بما أُمرت به، ولا يَعْظُمَن عليك شركهم، فإن لهم يومًا يلقون فيه ما وُعدوا، وقرأ ابن محيصن ومجاهد وحميد: حتى يلقوا يومهم الذي يوعدون، وهذه الآية منسوخة بآية السيف. قوله تعالى:             المعارج: ٤٣."

آية السيف عند أهل العلم نَسَخت سبعين آية من كتاب الله التي فيها الموادعة والمهادنة للمشركين، الآيات كلها نُسِخت بآية السيف عند أهل العلم، ويروّج بعض الناس اليوم أن آية السيف نُسِخت بسبعين آية، التعامل لا بد أن يختلف.

" يوم: بدل من يومهم الذي قبله، وقراءة العامة: يخرجون بفتح الياء وضم الراء على أنه مسمى الفاعل، وقرأ السلمي والمغيرة والأعشى عن عاصم: يُخرجون بضم الياء وفتح الراء على الفعل المجهول، والأجداث: القبور، واحدها جدث، وقد مضى في سورة يس. سراعًا حين يسمعون الصيحة الآخرة إلى إجابة الداعي، وهو نُصب على الحال. كأنهم إلى نصب يوفضون قراءة العامة بفتح النون وجزم الصاد."

نصب..

" وقرأ ابن عامر وحفص بضم النون والصاد وقرأ عمرو."

نصب جمع كخشب.

" وقرأ عمرو بن ميمون وأبو رجاء وغيرهما بضم النون وإسكان الصاد، والنَّصب والنُّصب لغتان مثل الضَّعف والضُّعف، قال الجوهري: والنصب ما نُصب فعُبد من دون الله، وكذلك النُّصب بالضم، وقد يحرّك، قال الأعشى:

وذا النصب المنصوب لا تَنْسُكَنَّه

 

لعافية واللهَ ربك فاعبدا

أراد فاعْبُدَن، فوقف بالألف، كما تقول: رأيت زيدًا، والجمع الأنصاب، وقوله: وذا النصب بمعنى إياك.."

الفرق بين نون فاعبدا التي وقف عليها بالألف، ورأيت زيدًا لأن فاعبدا أصلها فاعبدنّ نون توكيد، ورأيت زيدًا هذا تنوين، وليست نون توكيد، تقول: رأيت زيدًا ولا تنون، وإذا أدرجت تقول: رأيت زيدًا وعمرًا، وإذا وقفت تقف على الألف، رأيت زيدًا، وربيعة يحذفون التنوين، ويقتصرون على الفتحة، ومنه ما درج على ألسنة أهل العلم في الرواية: سمعت أنسَ بن مالك، يعني الأصل سمعت أنسًا، لكنهم في هذا يجرون على لغة ربيعة ويقتصرون على الفتحة ويحذفون التنوين، وعلى كل حال إذا ما وُجد لبس فالأمر سهل.

 " والنُّصُب الشر والبلاء، ومنه قوله تعالى:     ص: ٤١  وقال الأخفش والفراء: النصُب جمع النَّصْب مثل رَهن ورُهُن، والأنصاب جمع نُصُب فهو جمع الجمع، وقيل: النصب والأنصاب واحد، وقيل: النصب جمع نصاب، وهو حجر أو صنم يُذبح عليه، ومنه قوله تعالى: المائدة: ٣  وقد قيل: نَصْب ونُصْب ونُصُب بمعنى واحد، كما قيل: عَمْرو وعُمْر وعُمُر ذكره النحاس، قال ابن عباس: إلى نصب: إلى غاية، وهي التي تنصب إليها بصرك. قال الكلبي: إلى شيء منصوب علم أو راية. وقال الحسن: كانوا يبتدرون إذا طلعت الشمس إلى نُصبهم التي كانوا يعبدونها من دون الله لا يلوي أولهم على آخرهم. يوفضون: يسرعون، والإيفاض: الإسراع، قال الشاعر:

فوارس ذبيان تحت الحديد

 

كالجن يوفضن من عُبقر

من عَبقر.

..........................

 

كالجن يوفضن من عَبقر

عَبقر تزعم العرب أنه من أرض الجن."

يقولون إنه وادي عبقر، يقولون إنه يسكنه الجن، ويذكر بعضهم أنه رأى فيه بعض التصرفات العجيبة الخارقة، ولذا قالوا: الذكي الذي يحسن التصرف في المواقف يقال له عَبقري نسبة إلى هذا الوادي.

" قال لبيد:

كهول وشبان كجنة عبقر

 

............................

وقال الليث: وفضت الإبل تفِض وفضًا، وأوفضها صاحبها، فالإيفاض متعدٍّ، والذي في الآية لازم، يقال: وفض وأوفض واستوفض بمعنى أسرع. قوله تعالى:    ﭸﭹ             ﭿ المعارج: ٤٤  قوله تعالى: خاشعة أبصارهم أي ذليلة خاضعة لا يرفعونه؛ لما يتوقعونه من عذاب الله. ترهقهم ذلة أي يغشاهم الهوان، قال قتادة: هو سواد الوجوه والرهق الغشيان، ومنه غلام مراهق إذا غشى الاحتلام، رهقه بالكسر يرهقه رهقًا أي غشيه، ومنه قوله تعالى:   ﭜﭝ يونس: ٢٦               ﭿ المعارج: ٤٤."

ومنها أرهقتنا العصر يعني غشينا وقتها.

" ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون أو يوعدونه في الدنيا أن لهم فيه العذاب، وأخرج الخبر بلفظ الماضي؛ لأن ما وعد الله به يكون ولا محالة."

أين الماضي؟ خاشعة.

طالب: يوعدون.

وأخرج الخبر بلفظ الماضي خاشعة؛ لأنه متحقق الوقوع كما في قوله تعالى: النحل: ١.

اللهم صل على محمد وعلى...

طالب: ....................

أين؟

طالب: ....................

إلا هذا تهديد لهم.

طالب: ....................

نعم تقول: إن عقوبتهم تكون في الآخرة.

طالب: ....................

نعم باعتبار أن العقوبة والتهديد في الدنيا.

طالب: ....................

إذا قلنا إنها في الآخرة فيُرتكون في الدنيا ويعاقبون في الآخرة.

طالب: ....................

لا والله أنا مسافر يوم الجمعة، عندنا دروس بمكة إن شاء الله.

طالب: ....................

هذه إشارة..

"