التعليق على تفسير القرطبي - سورة قريش

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، قال الإمام القرطبي- رحمه الله تعالى-:

تفسير سورة قريش، مكية في قول الجمهور، ومدنية في قول الضحاك والكلبي، وهي أربع آيات، بسم الله الرحمن الرحيم، قوله تعالى: {{لإيلاف قريش}} { ﭑ ﭒ}  قريش:1  قيل: إن هذه السورة متصلة بالتي قبلها في المعنى. "

لأنها كالتعليل لها، أهلك الله أصحاب الفيل؛ لإيلاف قريش، واجتماع كلمتهم، كأنها كالتعليل لها.

" يقول: أهلكت أصحاب الفيل؛ لإيلاف قريش أي لتأتلف أو لتتفق قريش أو لكن أو.. "

أو لكي.

" أو لكي تأمن قريش فتؤلف رحلتيها، وممن عد السورتين واحدة أبي بن كعب، ولا فصل بينهما في مصحفه، وقال سفيان بن عيينة: كان لنا إمام لا يفصل بينهما، ويقرؤهما معًا. وقال عمرو بن ميمون الأودي: صلينا المغرب خلف عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- فقرأ في الأولى:{{والتين والزيتون}} { ﭑ ﭒ}  التين:1  وفي الثانية: {{ألم تر كيف}} { ﯲ ﯳ ﯴ}  إبراهيم:24  و{{لإيلاف قريش}} { ﭑ ﭒ}  قريش:1،  وقال الفراء: هذه السورة متصلة بالسورة الأولى؛ لأنه ذكّر أهل مكة عظيم نعمته عليهم فيما فعل بالحبشة، ثم قال: {{لإيلاف قريش}} { ﭑ ﭒ}  قريش:1  أي فعلنا ذلك بأصحاب الفيل نعمة منا على قريش، وذلك أن قريشًا كانت تخرج في تجارتها، فلا يغار عليها، ولا تقرب في الجاهلية، يقولون: هم أهل بيت الله- جل وعز- حتى جاء صاحب الفيل ليهدم الكعبة، ويأخذ حجارتها فيبني بها بيتًا في اليمن يحج الناس إليه، فأهلكهم الله- عز وجل- فذكّرهم نعمته، أي فجعل الله ذلك لإيلاف قريش أي ليألفوا الخروج، ولا يُجتَرأ عليهم، وهو معنى قول مجاهد وابن عباس في رواية سعيد بن جبير عنه، ذكره النحاس حدثنا أحمد بن شعيب قال: أخبرني عمرو بن علي قال.. "

النسائي أحمد بن شعيب النسائي.

قال أخبرني..

عمرو بن علي الفلاس.

" قال: أخبرني عمرو بن علي قال: حدثني عامر بن إبراهيم- وكان ثقة من خيار الناس- قال: حدثني خطاب بن جعفر بن أبي المغيرة قال: حدثني أبي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى: {{لإيلاف قريش}} { ﭑ ﭒ}  قريش:1  قال: نعمتي على قريش {{إيلافهم رحلة الشتاء والصيف}} { ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ}  قريش:2  قال: كانوا يشتون بمكة ويصيفون بالطائف، وعلى هذا القول: يجوز الوقف على رؤوس الآي وإن لم يكن الكلام تامًّا على ما نبينه أثناء السورة. وقيل: ليست بمتصلة؛ لأن بين السورتين بسم الله الرحمن الرحيم، وذلك دليل على انقضاء السورة وافتتاح الأخرى، وأن اللام متعلقة بقوله تعالى: {{فليعبدوا}} {}  قريش:3  أي فليعبدوا هؤلاء رب هذا البيت؛ لإيلافهم رحلة الشتاء والصيف؛ للامتيار، وكذا قال الخليل: ليست بمتصلة، كأنه قال: ألف الله قريشا إيلافًا، فليعبدوا رب هذا البيت، وعمل ما بعد الفاء فيما قبلها؛ لأنها زائدة غير عاطفة كقولك: زيدًا فاضرب، وقيل: اللام في قوله تعالى: {{لإيلاف قريش}} { ﭑ ﭒ}  قريش:1  لام التعجب أي اعجبوا لإيلاف قريش، قاله الكسائي والأخفش، وقيل: بمعنى إلى، وقرأ ابن عامر: لإلاف قريش. "

لإئلاف.

"لإئلاف قريش مهموزًا مختلسًا بلا ياء، وقرأ أبو جعفر والأعرج: لإلاف بلا همز طلبًا للخفة، والباقون: لإيلاف بالياء مهموزًا مشبعًا من آلفت أولف إيلافًا، قال الشاعر:

المنعمين إذا النجوم تغيرت

 

والظاعنين لرحلة الإيلاف

يقال: ألفته إلفًا وإلافًا، وقرأ أبو جعفر: أيضًا لإلْف قريش، وقد جمعهما من قال:

زعمتم أن إخوتكم قريش

 

لهم إلف وليس لكم إلاف"

يعني جمع بين القراءتين من ألّف في مناسبة السور هؤلاء كلهم ما ترددوا في جعل سورة قريش علة.. أو تعليل لسورة الفيل، والسياق واضح، وإن كانت سورة مستقلة، وبينهما بسملة، فسائر السور عدا براءة، وأما كونها مقطوعة عنها من كل وجه ولا صلة لها بها واللام واضح أنها لام التعليل، وأما كونه- جل وعلا- ألّف بينهم ليعبدوه، جميع النعم إنما أوجدهم ليعبدوه، وحينئذٍ تكون اللام لاغية لإيلافهم ليعبدوه؟ ما لها مجال اللام هذه.

" قال الجوهري: وفلان قد ألف هذا الموضع بالكسر يألفه إِلْفًا، وَآلَفَهُ إِيَّاهُ غَيْرُهُ. وَيُقَالُ أَيْضًا: آلَفْتُ الموضع أولفه إيلافًا، وكذلك آلفت الموضع أولفه مؤالفة وإلافًا، فصار صورة أفعل وفاعل في الماضي واحدة، وقرأ عكرمة: ليألف بفتح اللام على الأمر. "

ليألَف.

ليلَف.

ليألَف.

لَيألَف لَيألَف؟

لا، فرق بين لام التعليل تكون مكسورة ولام الأمر تكون أيش؟

مفتوحة.

لِيَألف مجزومة، لكن باعتبار أنه لا يبدأ بساكن، تحرك بفتح اللام عدولاً من الجزم إلى التحريك..

لَيألف.

لَيألف تكون لام الأمر، وإلا فإذا كان قبلها عاطف واو أو فاء مثل فليعبدوا الأصل فيها السكون، لكن باعتبار أنه لا يبدأ بساكن تُحرك إلى أي حركة من الحركات الثلاث؟

طالب: ..................

لماذا؟

طالب: ..................

هو ما فيه شك أنه أقرب، التحريك أقرب، ولذا إذا كانت الكلمة لا تقبل الحرف الإعرابي عُدِل عنه إلى الفتح مثل أيش؟

طالب: ..................

هو في حال التضعيف، لكن يبقى أنه ... مثل أيش؟

طالب: ..................

لم يردَّ، لماذا ما حركوه بالضم الذي هو الأصل في إعراب المضارع؟ لئلا يقول: إن الحرف العامل ملغى غير عامل، لما لم يُرجع إلى أصله، لحركته الأصلية التي هي الضم عرفنا أن الكلمة متأثرة بالعامل، ما تأثرت بالجازم؛ لأنه غير ممكن أن يجتمع جازمان، ما يجتمعان؛ لأن الحرف الأول المضعف عبارة عن حرفين، الأول مجزوم، والثاني متحرك، كيف تحركه؟ إن حركته بالضم ألغيت العامل، وهذا لا يمكن، وإن حركته بالكسر الفعل لا يُكسر إلا عند التقاء الساكنين في بعض الصور {{ما يفتح الله}} { ﯛ ﯜ ﯝ}  فاطر:2  {{يرفع الله}} { ﰈ ﰉ}  المجادلة:11  هذه ما هي حركة إعراب، هذي حركة تخلص، وما بقي إلا الفتحة لَيألَف، وإلا فأصلها ساكن مثل فلْيعبدوا لام الأمر ساكنة.

طالب: ..................

لَيألَف.

طالب: ..................

نعم، أعرف، أنا فهمت كلامك أن الحركة في الأول ما للإعراب فيها دخل، لعلهم طردوا الباب «إنا لم نردَّه إليك إلا أنا حُرُم» إنا في حديث الحج، الصيد في الحج، قال النبي -عليه الصلاة والسلام- «إنا لم نردَّه إليك إلا أنا حُرُم» المتجه في مثل ما رجحنا الفتح، لكن النووي قال: المتجه الإتْباع للحرف اللاحق، فإذا كان ضميرًا مذكرًا يصير أيش؟ ضمير المذكر مبني على الضم فتضم الدال لم نردُّه، ولو كان ضميرًا مؤنثًا تفتح الدال، هذا ما رجحه النووي في شرح مسلم.

" وقرأ عكرمة: لَيأْلف بفتح اللام على الأمر، وكذلك هو في مصحف ابن مسعود، وفتح لام الأمر لغة حكاها ابن مجاهد وغيره، وكان عكرمة يعيب على من يقرأ: لإيلاف، وقرأ بعض أهل مكة إلاف، واستشهد بقول أبي طالب يوصي أخاه أبا لهب برسول الله -صلى الله عليه وسلم-:

فلا تتركنه ما حييت لمعظم

 

وكن رجلًا ذا نجدة وعفاف

تذود العدا عن عصبة هاشمية

 

إلافهم في الناس خير إلاف

وأما قريش، فهو بنو النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر، فكل من كان من ولد النضر فهو قرشي، دون بني كنانة ومن فوقه، وربما قالوا: قريشي، وهو القياس، قال الشاعر:

بكل قريشي عليه مهابة

 

..........................

فإن أردت بقريش الحي صرفته وإن أردت به القبيلة لم تصرفه قال الشاعر.. "

لأن لأن الحي مذكر وحينئذٍ ما فيه إلا علة واحدة وهي العلمية والقبيلة مؤنثة فتجتمع علتان.

" قال الشاعر:

وكفى قريش المعضلات وسادها

 

..............................

والتقريش: الاكتساب، وتقرشوا أي تجمعوا، وقد كانوا متفرقين في غير الحرم، فجمعهم قصي بن كلاب في الحرم حتى اتخذوه مسكنًا قال الشاعر:

أبونا قصي كان يدعى مجمِّعًا

 

به جمَّع الله القبائل من فهر

وقد قيل: إن قريشًا بنو فهر بن مالك بن النضر، فكل من لم يلده فهر فليس بقرشي، والأول أصح وأثبت، وقد روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: أنا. "

إنَّا.

" إنَّا ولد النضر بن كنانة لا نقفوا أمنا، ولا ننتفي من أبينا. وقال واثلة بن الأسقع: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى من بني كنانة قريشًا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم»، صحيح ثابت خرجه البخاري ومسلم وغيرهما. "

الحديث الأول ماذا قال عنه؟

طالب: ..................

ما خرّجه؟

طالب: ..................

تقدم؟

طالب: ..................

حتى على قول الحافظ مادام له متابع يصير حسنًا.

طالب: ..................

زوائد أيش؟

طالب: ..................

زوائد البوصيري؟

طالب: ..................

ابن ماجه؟

طالب: ..................

ابن ماجه يصير البوصيري يعني حتى على قول الحافظ فيه إنه مقبول يعني مقبول حيث يتابع، وقد تُوبع: إنا ولد النضر بن كنانة أو بنِ كنانة، إنا ولد النضر بنِ كنانة لا نقفوا أمنا، نقفوا يعني: نتبع أمنا ولا نتتبعها، ولا ننتفي من أبينا يعني كأن هذا إثبات لنسبهم، وأنه نظيف.

" واختلف في تسمية.. "

والحديث الثاني في الصحيحين معروف.

"واختلف في تسميتهم قريشًا على أقوال؛ أحدها: لتجمعهم بعد التفرق والتقرش: التجمع والالتئام، قال أبو جلدة اليشكري:

إخوة قرشوا الذنوب علينا

 

في حديث من دهرهم وقديم

الثاني: لأنهم كانوا تجارًا يأكلون من مكاسبهم، والتقرش التكسب، وقد قرش يقرش قرشًا إذا كسب وجمع، قال الفراء: وبه سُميت قريش. الثالث: لأنهم كانوا يفتشون الحاجّ من ذي الخلة، فيسدون خلته، والقَرش التفتيش، قال الشاعر:

أيها الشامت المقرِّش عنا

 

عند عمرو فهل له إبقاء

الرابع: ما روي أن معاوية سأل ابن عباس: لم سميت قريش قريشًا؟ فقال: لدابة في البحر من أقوى دوابّه يقال لها القرش تأكل ولا تُؤكل، وتَعلو ولا تُعلى، وأنشد قول تبّع:

وقريش هي التي تسكن البحر

 

بها سميت قريش قريشًا

تأكل الرث والسمين ولا

 

تترك فيها لذي جناحين ريشًا

هكذا في البلاد حي قريش

 

يأكلون البلاد أكلا كميشًا

ولهم آخر الزمان نبي

 

يكثر القتل فيهم والخموشًا"

يُكثر.

"...........................

 

يُكثر القتل فيهم والخموشا

قوله تعالى.."

بسبب شرعية الجهاد يَقتلون ويُقتلون.

" قوله تعالى: {{إيلافهم رحلة الشتاء والصيف}} { ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ}  قريش:2  قرأ مجاهد وحميد: إلفهم ساكنة اللام بغير ياء، وروي نحوه عن ابن كثير. وكذلك روت أسماء أنها سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرأ إلفهم، وروي عن ابن عباس وغيره. وقرأ أبو جعفر والوليد عن أهل الشام وأبو حَيوة: إلافَهم مهموزًا مختلسًا بلا ياء، وقرأ أبو بكر عن عاصم: إئلافهم بهمزتين الأولى مكسورة، والثانية ساكنة، والجمع بين الهمزتين في الكلمتين شاذ، والباقون إيلافهم بالمد والهمز، وهو الاختيار، وهو بدل من الإيلاف الأول للبيان، وهو مصدر آلف إذا جعلته يألف وألفه وإلفًا على ما تقدم ذكره من القراءة، أي وما قد ألفوه من رحلة الشتاء والصيف، روى ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى: {{إيلافهم رحلة الشتاء والصيف}} { ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ}  قريش:2  قال: لا يشق عليهم رحلة شتاء ولا صيف منة منه على قريش. وقال الهروي وغيره: وكان أصحاب الإيلاف أربعة إخوة هاشم وعبد شمس والمطّلب ونوفل بنو عبد مناف، فأما هاشم فإنه كان يؤلف ملك الشام، أي أخذ منه حبلاً وعهدًا يأمن به في تجارته إلى الشام، وأخوه عبد شمس كان يؤلف إلى الحبشة، والمطّلب إلى اليمن، ونوفل إلى فارس، ومعنى يؤلف يجير. "

لعلها يؤلِف إذا كان معناها يجير فهي يؤلِف.

" ومعنى يؤلِف يجير، فكان هؤلاء الإخوة يسمَّون المجيرين، فكان تجار قريش يختلفون إلى الأمصار بحبل هؤلاء الإخوة، فلا يُتعرض لهم، قال الأزهري: الإيلاف شبه الإجارة بالخفارة، يقال: آلَف يؤلِف إذا أجار الحمائل بالخفارة، والحمائل جمع حمولة قال: والتأويل أن قريشًا كانوا سكان الحرم، ولم يكن لهم زرع ولا ضرع، وكانوا يميرون في الشتاء والصيف آمنين والناس يُتَخطفون من حولهم، فكانوا إذا عرض لهم عارض قالوا: نحن أهل حرم الله فلا يتعرض الناس لهم. وذكر أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا في تفسيره: حدثنا سعيد بن محمد عن بكر بن سهل الدمياطي بإسناده إلى ابن عباس في قول الله- عز وجل-: {{لإيلاف قريش}} { ﭑ ﭒ}  قريش:1  إلفهم {{رحلة الشتاء والصيف}} { ﭕ ﭖ ﭗ}  قريش:2 وذلك أن قريشًا كانوا إذا أصابت واحدًا منهم مخمصة جرى هو وعياله إلى موضع معروف فضربوا على أنفسهم خباءًا فماتوا، حتى كان عمرو بن عبد مناف، وكان سيدًا في زمانه وله ابن يقال له: أسد، وكان له ترب من بني مخزوم يحبه ويلعب معه فقال له: نحن غدًا نعتقد، قال ابن فارس: هذه لفظة في هذا الخبر لا أدري بالدال. "

الترب يعني مثل سنه الأتراب الأسنان.

" قال ابن فارس: هذه لفظة في هذا الخبر لا أدري بالدال هي أم بالراء: فإن كانت بالراء فلعلها من العقر، فلعلها من العفر وهو. "

نعتفر يعني..

" فلعلها من العفر وهو التراب، وإن كانت بالدال فما أدري معناها، وتأويله على ما أظنه ذهابهم إلى ذلك الخِباء وموتهم. "

المعلق يقول: في اللسان مادة عَفد الاعتفاد أن يغلق الرجل بابه على نفسه، فلا يسأل أحدًا حتى يموت جوعًا، وهو معنى ما سبق، يقول: إذا أصاب واحدًا منهم مخمصة يعني مجاعة جرى هو وعياله إلى موضع معروف، فضربوا على أنفسهم خباءً فماتوا، هذا معنى الاعتفاد.

" وتأويله على ما أظنه ذهابهم إلى ذلك الخباء وموتهم واحدًا بعد واحد قال: فدخل أسد على أمه يبكي، وذكر ما قاله تربه، قال: فأرسلت أم أسد م أمه إلى أولئك بشحم ودقيق فعاشوا به أيامًا، ثم إن تربه أتاه أيضًا فقال: نحن غدًا نعتقد. "

نعتفد.

" نحن غدًا نعتفد، فدخل أسد على أبيه يبكي وخبّره خبر تربه، فاشتد ذلك على عمرو بن عبد مناف فقام خطيبًا في قريش وكانوا يطيعون أمره فقال: إنكم أحدثتم حدثًا تقلون فيه وتكثر العرب، وتذلون وتعز العرب، وأنتم أهل حرم الله- جل وعز- وأشرف ولد آدم، والناس لكم تبع، ويكاد هذا الاعتفاد يأتي عليكم، فقالوا: نحن لك تبع قال: ابتدؤوا بهذا الرجل- يعني أبا ترب أسد- فأغنوه عن الاعتفاد ففعلوا، ثم إنه نحر البدن، وذبح والكباش والمعز، ثم هشم الثريد وأطعم الناس، فسمِّي هاشمًا وفيه قال الشاعر:

عمرو الذي هشم الثريد لقومه

 

ورجال مكة مسنِتون عجاف

ثم جمع كل بني أب على رحلتين في الشتاء إلى اليمن وفي الصيف إلى الشام للتجارات، فما ربح الغني قسمه بينه وبين الفقير، حتى صار فقيرهم كغنيهم، فجاء الإسلام وهم على هذا، فلم يكن في العرب بنو أب أكثر مالاً ولا أعز من قريش، وهو قول شاعرهم:

والخالطون فقيرهم بغنيهم

 

حتى يصير فقيرهم كالكافي

فلم يزالوا كذلك حتى بعث الله رسوله محمدًا -صلى الله عليه وسلم- فقال: {ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ }  سورة قريش:3-4 بصنيع هاشم {{وآمنهم من خوف}} {ﭢ ﭣ ﭤ}  قريش:4  أن تكثر.. "

من خوف أن تكثر العرب ويقلوا.

أن تكثر.. أن تكثر العربُ ويقلوا..

يعني تفسير الآية على ضوء ما ذكر في القصة والامتنان {ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ  }  سورة قريش:3-1 امتن عليهم بالطعام والأمن منة منه- جل وعلا- فهل تكون منته بواسطة هذا الذي فعل هذه الأفعال؟ هاشم مثلاً؟ وقد يكون تسخير الله- جل وعلا- لهذا الرجل تحتاج فيها شيئًا من امتنان الله عليهم بذلك، لكن الغالب أن منن الله ونعمه بدون واسطة يمتن بما لا واسطة فيه؛ لأن الواسطة هو نفسه يمتن عليها وله يد وله فعل، نعم الله- جل وعلا- هو الذي سخره ويسر له ما صنع، لكن يبقى أنه له منة، ومنة الخلق معروفة على بعضهم، فتفسير الآية بما تقدم في القصة يعني تنزيل الآية وتفسيرها على ما تقدم في القصة، نعم لو ثبتت القصة بسند صحيح وأقرها النبي -عليه الصلاة والسلام- وسيقت عنه بسند صحيح قلنا: نعم الله- جل وعلا- سخر هذا الشخص وامتن بتسخيره لهم بما ذكر، لكن هي أخبار تاريخ.

طالب: ..................

ﭿ ﮅﮆ العنكبوت: ٦٧  هذا امتنان من الله- جل وعلا- وهي إجابة لدعوة إبراهيم- عليه السلام-.

" قوله تعالى: {{رحلة الشتاء والصيف}} { ﭕ ﭖ ﭗ}  قريش:2  رحلة نصب بالمصدر أي ارتحالهم رحلة أو بوقوع إيلافهم عليه أو على الظرف، ولو جعلتها في محل الرفع على معنى هما رحلة الشتاء والصيف لجاز، والأول أولى، والرحلة: الارتحال، وكانت إحدى الرحلتين إلى اليمن في الشتاء؛ لأنها بلاد حامية، والرحلة الأخرى في الصيف إلى الشام؛ لأنها بلاد باردة، وعن ابن عباس أيضًا قال: كانوا يشتون بمكة لدفئها ويصيفون بالطائف لهوائها، وهذه من أجلّ النعم أن يكون للقوم ناحية حر تدفع عنهم برد الشتاء وناحية برد تدفع عنهم حر الصيف، فذكّرهم الله تعالى هذه النعمة، وقال الشاعر:

تشتي بمكة نعمة

 

ومصيفها بالطائف

وهنا أربع مسائل؛ الأولى: اختار القاضي أبو بكر ابن العربي وغيره من العلماء أن قوله تعالى: {{لإيلاف}} {}  قريش:1  متعلق بما قبله، ولا يجوز أن يكون متعلقًا بما بعده وهو قوله تعالى: {{فليعبدوا رب هذا البيت}} { ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ}  قريش:3  قال: وإذا ثبت أنه متعلق بالسورة الأخرى وقد قُطع عنه بكلام مبتدأ واستئناف بيان وسطر بسم الله الرحمن الرحيم فقد تبين جواز الوقف في القراءة للقراء قبل تمام الكلام، وليست المواقف التي ينتزع بها القراء شرعًا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرويًا، وإنما أرادوا به تعليم الطلبة المعاني، فإذا علموها وقفوا حيث شاؤوا، فأما الوقف عند. "

إذا عُرف المعنى وأُمن أن يختل المعنى فلا مانع من الوقوف على رأس رؤوس الآي، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، فمثلاً {{فويل للمصلين}} { ﭶ ﭷ}  الماعون:4  إذا قرأت وسكت لا شك أن المعنى ينقلب عن المراد فهو يتوعد المصلين بويل، ولكنه يتوعد من يتأخر ويؤخر الصلاة عن وقتها ويسهو عنها، فهل يدخل هذا في قول شيخ الإسلام؟ إن السنة الوقوف على رؤوس الآي {ﯿ ﰀ ﭑ ﭒ ﭓﭔ}  سورة البقرة:219-220 هذا مثله يعني إذا تعلقت الآية الثانية بالآية الأولى بحيث لا يبين معناها ولا يتضح معناها إلا بها.

طالب: ..................

أنت افترض أنه قال: {{فويل للمصلين}} { ﭶ ﭷ}  الماعون:4  وركع، يصلح؟

طالب: ..................

ما يصلح، وإذا قلنا بجواز الوقوف على رؤوس الآي معناه أنك تنهي قراءتك عليها، أما إذا قرأت في مكان واحد بحيث يؤمن اللبس فالكلام كله إذا بتر بعضه عن بعض أوجد لبسًا.

طالب: ..................

فيه قطع، وفيه ائتناف ما الفرق بينهما؟

طالب: ..................

القطع والائتناف.

طالب: ..................

في الكتب.. على كل حال إذا أُمِن اللبس؛ لأنه وجد من يستدل بآية الماعون يعني يشرب الخمر ويقول في أبيات شعر معروفة الله ما توعد من شرب الخمر، وإنما توعد المصلين: ما قال ربك ويل للذين سكروا، وإنما قال ويل...

.........................

 

بل قال ربك ويل للمصلينا

صاحب الهوى والله ما يفيده لا قطع ولا وصل ولا وقوف، ينتزع هؤلاء الذين سمى الله كما تقول عائشة هؤلاء أهل الزيغ، وقد يجدون من يتلقف عنهم من الجهلة، لكن أهل الرسوخ ما يؤثر فيهم مثل هذا الكلام، وأهل المعرفة لا يؤثر فيهم مثل هذا الكلام.

طالب: ..................

نعم، يعني من يأتي بالذكر المفرد الله، ويكرر الله الله الله الله {{الله أعلم حيث يجعل رسالته}} { ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ}  الأنعام:124  ما الذي قبله ﯯﯰ الأنعام: ١٢٤ يقولون: الله، كرر، قال: الله الله ومثله لا إله إلا هو، وهذه مرحلة ثانية بعد الاسم المجرد المفرد هو هو، يكررون هو هو، يزعمون أنهم يذكرون الله، ويرجون بذلك ثواب الله، والشيطان لعب عليهم وحرمهم مما جاء ذكرهم وورد في النصوص فضله، وتشبثوا بأمور ليس فيها أجر بالكلية لو من اليوم إلى يوم القيامة تكرر الله ما لك أجر؛ لأن الاسم المفرد ما يفيد شيئًا، لا بد من خبر عنه، لا بد أن يسند إليه شيء، الخبر الجزء المتم الفائدة، أما تكرر اسمًا مفردًا فما فيه فائدة.

" فأما الوقف عند انقطاع النفس فلا خلاف فيه ولا تُعِدْ ما قبله إذا اعتراك ذلك، ولكن ابدأ من حيث وقف بك نفسك، هذا رأيي فيه، ولا دليل على ما قالوه بحال، ولكني أعتمد الوقف على التمام؛ كراهية الخروج عنهم. قلت: ومن.. "

يعني إذا وقف النفس فإن أعدت ما تتم به الجملة من غير تطويل فهو أفضل بلا شك، لكن بعض الناس يقرأ قراءته مرتين، بعض القراء وفي الصلاة أيضًا تجده يقرأ السورة أو الصفحة مرتين، يقرأ ثم يقف ثم يعيد نصف ما قرأ، ثم يأخذ النصف الثاني من الجملة الثانية ثم يعود إلى هذا النصف، ثم يقرنه بنصف كأنه يكرر القراءة، هذا غير مقبول أصلاً، نعم يعيد ما تتم به الفائدة، ما تتم به الجملة، وأكثر من ذلك معناه تكرار، وتكرار القراءة في الصلاة بما في ذلك الفاتحة أقل أحوالها الكراهة نعم إلا إذا كان على سبيل التدبر والاعتبار من أجل أن يحرك قلوب السامعين ليتدبروا ما يُقرأ ويعتبروا به.

طالب: ..................

ما هو؟

طالب: ..................

هذا الصدى مبتدع، هذا مبتدع.

" قلت: ومن الدليل على صحة هذا قراءة النبي -صلى الله عليه وسلم- {{الحمد لله رب العالمين}} { ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ}  الفاتحة:2  ثم يقف الفاتحة: ٣ ثم يقف، وقد مضى في مقدمة الكتاب: وأجمع المسلمون أن الوقف عند قوله:    الفيل: ٥ ليس بقبيح، وكيف يقال إنه قبيح وهذه السورة تقرأ في الركعة الأولى والتي بعدها في الركعة الثانية فيتخللها مع قطع القراءة أركان، وليس أحد من العلماء يكره ذلك، وما كانت العلة فيه إلا أن قوله تعالى:    الفيل: ٥ انتهاء آية، فالقياس على ذلك ألا يمتنع الوقف عند أعجاز الآيات سواء كان الكلام يتم والغرض ينتهي أو لا يتم ولا ينتهي، وأيضًا فإن الفواصل حلية وزينة للكلام المنظوم، ولولاها لم يتبين المنظوم من المنثور، ولا خفاء أن الكلام المنظوم أحسن، فثبت بذلك أن الفواصل من محاسِن الكلام المنظوم. "

وهو مراعى في القرآن رؤوس الآي مراعاة، ولذلك تجده يعدل عن كلمة إلى كلمة من أجل موافقة الآية السابقة واللاحقة.

" فمن أظهر فواصله بالوقوف عليها فقد أبدى محاسنه، وترك الوقوف يخفي تلك المحاسن، ويشبه المنثور بالمنظوم، وذلك إخلال بحق المقروء. الثانية: قال مالك: الشتاء نصف السنة والصيف نصفها، ولم أزل أرى ربيعة بن أبي عبد الرحمن ومن معه لا يخلعون عمائمهم حتى تطلع الثريا، وهو يوم التاسع عشر من.. "

بشنس.

بشنس.

ما هو بشنس؟ من الأشهر..

طالب: ..................

نعم، من الأشهر الفارسية الشمسية.

طالب: ..................

ماذا يوافق عندنا؟ ترجمه لنا بالأشهر المعروفة.

طالب: ..................

بِشَنْس.. يخشى من البرد مادام ما وصل هذا التاريخ، كان عندنا واحد كبير السن في المسجد يعرفه أبو عبد الله من أقرانه، طوّل الشتاء، وكل ما طلع جاءنا برد، كل ما طلع رجع البرد مثل هذه السنة، ترى فيها شيء من هذا، فأقسم بالله ما يترك البشت حتى يرى اللون في النخل، وهذا في عز الصيف إذا لبس ثوب أبيض جاء برد ثم يرجع للبشت، ثم إذا احتر رماه ثم رجع، فهو مثل هذا ما يرمي العمامة حتى يقول ولم أزل أرى ربيعة بن أبي عبد الرحمن ومن معه لا يخلعون عمائمهم حتى تطلع الثريا، يطلع اللون بالنخل الثريا ويأمن العاهة، النجم هو الثريا، فله سلف- رحمة الله عليه-.

" وهو يوم خمسة وعشرين من عدد الروم أو الفرس، وأراد بطلوع الثريا أن يخرج السعاة، ويسير الناس بمواشيهم إلى مياههم. "

على كل حال معرفة هذه الشهور والفصول بالأسماء القديمة والجديدة والأسماء والمعروفة والمندرسة كلها موجودة في صبح الأعشى للقلقشندي.

طالب: ..................

ماذا؟

طالب: ..................

ثابتة نعم.

طالب: ..................

ماذا عندك؟ ما هو ذا طلوع الثريا؟

طالب: ..................

نعم يمكن.

طالب: ..................

يقول حتى تطلع الثريا الذي فيه يأمن الزرع العاهة، وعُلِّق عليه جواز بيع الثمرة.

طالب: ..................

ما ندري والله.. لو رجعت إلى الكتاب فيه كل التفاصيل.

" وأن طلوع الثريا أول الصيف ودبر الشتاء. وهذا مما لا خلاف فيه بين أصحابه عنه. وقال عنه أشهب وحده: إذا سقطت الهقعة نقص الليل، فلما جعل طلوع الثريا أول الصيف، وجب أن يكون له في مطلق السنة ستة أشهر، ثم يستقبل الشتاء من بعد ذهاب الصيف ستة أشهر. وقد سئل محمد بن عبد الحكم عمن حلف ألا يكلم امرأً حتى يدخل الشتاء؟ فقال: لا يكلمه حتى يمضي سبعة عشر من هاتور. ولو قال حتى يدخل الصيف، لم يكلمه حتى يمضي سبعة عشر من بشنس. قال القرظي: أما ذكر هذا عن محمد في بشنس، فهو سهو، إنما هو تسعة عشر من بشنس؛ لأنك إذ حسبت المنازل على ما هي عليه، من ثلاث عشرة ليلة كل منزلة، علمت أن ما بين تسع عشرة من هاتور لا تنقضي منازله إلا بدخول تسع عشرة من بشنس. والله أعلم. الثالثة: قال قوم: الزمان أربعة أقسام: شتاء، وربيع، وصيف، وخريف. وقال قوم: هو شتاء، وصيف، وقيظ، وخريف. والذي قاله مالك أصح؛ لأن الله قسم الزمان قسمين ولم يجعل لهما ثالثًا. الرابعة لما امتن الله.. "

الصيف والشتاء {{رحلة الشتاء والصيف}} { ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ}  قريش:2  لكن هل هذا ينفي الأوقات الأخرى من الربيع والخريف أولاً المسألة الاصطلاحية ولا مشاحة في الاصطلاح، الأمر الثاني أن التنصيص على بعض الأشياء التي نُص عليها للاحتياج إليها الخريف والربيع ما يحتاجون إلى رحله لا بحر ولا قر، ما فيه صيف يحتاجهم إلى أن يرحلوا إلى الشام من أجل البرودة، ولا فيه شتاء يجعلهم يحتاجون إلى الرحلة إلى اليمن من أجل الدفء، إنما يرحلون من أجل الحاجة، ولا حاجة فالتنصيص على ما يحتاج إليه، أما الاستدلال على أنه لا ربيع ولا خريف؛ لأن الله لم يذكر إلا الصيف والشتاء فلا دليل فيه، وهذه قاعدة مطردة عند أهل العلم التنصيص على بعض الأفراد لا يقتضي التخصيص.

" الرابعة: لما امتنّ الله تعالى على قريش برحلتين شتاءً وصيفًا على ما تقدم كان فيه دليل على جواز تصرِّف الرجل في الزمانين بين محلَّين يكون حالهما في كل زمان أنعمَ من الآخر. "

لو قال قائل مثلاً: تقول أروح أصيف بالطائف تقول: تفر من قدر الله ولا تتحمل ما كتب الله عليك؟! يعني إذا كان في الرياض أو غيره، لكن قد يلام إذا خرج من مكة من الحرّ إلى الطائف لوجود المضاعفات ووجود يعني هذا أمر ثانٍ، الترجيح من جهة أخرى، أما إنه خرج ليطلب ما يناسبه وما ينشط فيه، ويمكن ينتج فيه أكثر إذا اتقى شدة الحر وشدة البرد، كنا عند واحد من أئمة الحرم وآخذ إجازة بالصيف وطالع للطائف، وجاء واحد من الشناقطة شايب كبير قال: أين أنت يا فلان؟ يعني إمام الحرم قال: بالطائف قال: تذهب وتترك الحرم؟! أتفر من الحرّ؟!{{قل نار جهنم أشد حرا}} {ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ}  التوبة:81  يقول له: والله هذا الكلام ما فيه شك أن البقاء في المكان الذي فيه شدة من أجل ما يرضي الله- جل وعلا- ويكسب ثوابه هذا جهاد ولا ينبغي أن يفرّط به، لكن النفس لها حظ.

طالب: ..................

خشية الذنوب خشية تعظيم السيئة هذا رأيه- رضي الله عنه وأرضاه- وهو ابن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن، ونحن ما يهمنا مثل هذه الأمور.

طالب: ..................

لا لا لا، هم ما تركوا مكة والمدينة مع علمهم بالمضاعفات الكثيرة، يعني فرض واحد بمكة عن خمس وخمسين سنة، والصحابة تفرقوا في الأمصار بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام- من أجل الدعوة، من أجل النفع المتعدي، من أجل تعليم الناس والجهاد في سبيل الله، تفرقوا من أجل ذلك.

" كان فيه دليل على جواز تصرف الرجل في الزمانين بين محلين يكون حالهما في كل زمان أنعم من الآخر كالجلوس في المجلس البحري في الصيف، وفي القبلي في الشتاء، وفي اتخاذ البادهنجات والخيش للتبريد واللبدة واليانوسة للدفئ. "

شف هذه وسائل تبريد ووسائل تدفئة يعني بمثابة المكيفات والدفايات، الله المستعان، يعني كانت وسائلهم ضعيفة جدًّا حتى ملوكهم ما عندهم شيء ولا واحد بالمائة مما نتنعم به، فنعم الله علينا لا تعد ولا تحصى، وشكرنا أوجب لما نتقلب به من نعمه.

" قوله تعالى: {{فليعبدوا رب هذا البيت}} { ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ}  قريش:3  أمرهم الله تعالى بعبادته وتوحيده لأجل إيلافهم رحلتين، ودخلت الفاء لأجل ما في الكلام من معنى الشرط؛ لأن المعنى إما لا، فليعبدوه لإيلافهم على معنى أن نعم الله تعالى عليهم لا تحصى، فإن لم يعبدوه لسائر نعمه، فليعبدوه لشأن هذه الواحدة التي هي نعمة ظاهرة، والبيت: الكعبة، وفي تعريف نفسه لهم بأنه رب هذا البيت وجهان: أحدهما: لأنه كانت لهم أوثان، فميز نفسه عنها، الثاني: لأنهم بالبيت شرِّفوا على سائر العرب، فذكر لهم ذلك؛ تذكيرًا لنعمته، وقيل:{{فليعبدوا رب هذا البيت}} { ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ}  قريش:3  أي ليألفوا عبادة رب الكعبة كما كانوا يألفون الرحلتين، قال عكرمة: كانت قريش قد ألفوا رحلة إلى بُصرى، ورحلة إلى اليمن، فقيل لهم: {{فليعبدوا رب هذا البيت}} { ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ}  قريش:3  أي يقيموا بمكة رحلة الشتاء إلى اليمن، والصيف إلى الشام. قوله تعالى: {{الذي أطعمهم من جوع}} { ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ}  قريش:4  أي بعد جوع. "

يُذكر أن شيخًا كبيرًا ملازم الحرم البيت الحرام، ويجلس بعد صلاة الصبح إلى أن تنتشر الشمس، فإذا قام قال: يا كعبة الله، فسمعه شخص وقال: أريد أن أقرأ عليك المفصل لأجوده عليك؛ لأن هذا الكبير ضابط مجود، لما وصل إلى هذه الآية قال: فليعبدوا هذا البيت قال: لا يا ولدي {{فليعبدوا رب هذا البيت}} { ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ}  قريش:3  قال: لا فليعبدوا هذا البيت قال: لا لا {{فليعبدوا رب هذا البيت}} { ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ}  قريش:3  قال: أنت تقول يا كعبة الله، ما أنت تقول: يا الله، فدعاه بطريقة مناسبة، وفي الوقت نفسه مخجلة يعني أنت ترد عليه فليعبدوا رب هذا البيت تقول: يا كعبة الله، والله المستعان.

طالب: ..................

هو معروف الشيخ محمد لكن..

" قوله تعالى: {{الذي أطعمهم من جوع}} { ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ}  قريش:4  أي بعد جوع {{وآمنهم من خوف}} { ﭢ ﭣ ﭤ}  قريش:4  قال ابن عباس: وذلك بدعوة إبراهيم- عليه السلام- حيث قال: {{رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات}} { ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ}  البقرة:126  وقال ابن زيد: كانت العرب يُغير بعضها على بعض، ويسبي بعضها من بعض، فأمنت قريش من ذلك؛ لمكان الحرم، وقرأ: {{أولم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء}} { ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ}  القصص:57  وقيل: شق عليهم السفر في الشتاء والصيف، فألقى الله في قلوب الحبشة أن يحملوا إليهم طعامًا في السفن، فحملوه فخافت قريش منهم وظنوا أنهم قدموا لحربهم، فخرجوا إليهم متحرزين، فإذا هم قد جلبوا إليهم الطعام وأغاثوهم بالأقوات، فكان أهل مكة يخرجون إلى جدة بالإبل والحمر، فيشترون الطعام على مسيرة ليلتين وقيل: هذا الإطعام هو أنهم لما.. "

مسيرة ليلتين يعني مسافة قصر، وكانت جدة عن مكة مسافة قصر، وبها مثّل ابن عباس في صحيح البخاري من مكة إلى جدة، ومن مكة إلى الطائف، ومن مكة إلى عسفان، ويكثر السؤال الآن عن جدة هل هي مسافة قصر أم لا؟ كانت أكثر من ثمانين، والآن تقارب خمسين؛ تقارب البلدان، فلا يصل الفرق بينهما ولا خمسين كيلو مترًا، إذًا فليست بمسافة قصر.

طالب: ..................

يؤثر لأنه باعتبار السفر من مفارقة البلد.

طالب: ..................

ماذا؟

طالب: ..................

خلاص مقيم؛ لأنه مادام في البلد ما فيه مشقة وأنت في داخل بلد يا أبو...

طالب: ..................

لكنك ببلدك متى بغيت تأوي إن بغيت تأكل إن بغيت.. ببلد، ما أنت في سفر، ما أنت في مقطعة في برية والسفر الإسفار، شف معنى سفر، الإسفار والبروز عن البلد، لذلك ما تقول سافرة إلا إذا أبرزت بعض محاسنها، فأنت لو قلت من ناحية ثانية أنه مادام ما هو مسافة قصر فيجوز أن تسافر المرأة بدون محرم من جدة إلى مكة.

طالب: ..................

على كل حال..

طالب: ..................

إذًا البلدان الكبيرة تسمى سفرًا صح؟ ساكن في بلد مثل الرياض خمسة آلاف كيلو بين النظيم والدخل المحدود مائة كيلو، هذا سفر؟ تريد تسميته سفرًا؟! لا لا، ما هو بسفر بالإجماع.

طالب: ..................

ألف كيلو مادام ببلد ما سافرت.

طالب: ..................

صاروا بلدًا واحدًا حكمًا، بلد واحد، ما عليك من التسمية مثل الأحياء تصير مثل الدمام والخبر والظهران سفر هذا بعد؟! بلدان ما بينها إلا شوارع، لا لا، ما يؤثر هذا.

طالب: ..................

الخرج مازال والله بعيدًا.

" وقيل: هذا الإطعام هو أنهم لما كذّبوا النبي -صلى الله عليه وسلم- دعا عليهم فقال: «اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف»، فاشتد القحط فقالوا: يا محمد، ادع الله لنا فإنا مؤمنون، فدعا فأخصب تبالة وجُرش من بلاد اليمن فحملوا الطعام إلى مكة وأخصب أهلها. "

جُرش هي بلجُرشي؟

طالب: ..................

تبالة هذه قريبة من..

طالب: وجُرش قريبة منها بهذا الاسم إلى الآن.

بهذا الاسم، لكن قريبة من بيشة...

طالب: ..................

تبالة ديرة الحجاج.

طالب: وجرش منه قريبة بهذا الاسم.

وتبالة ديرة الحجاج وديرة آل سحمان الشيخ سليمان وأولاده من تبالة.

" وقال الضحاك والربيع وشريك وسفيان. "

وتبالة رخيصة عند الحَجاج رخيصة عليه جدًّا، فكان يُضرب بها المثل: أهون على الحجاج من تبالة/ مع أن العادة أن البلد الذي يولد فيه الإنسان يستمر عزيزًا عنده." وقال الضحاك والربيع وشريك وسفيان: {{وآمنهم من خوف}} { ﭢ ﭣ ﭤ}  قريش:4  أي من خوف الجذام لا يصيبهم ببلدهم الجذام، وقال الأعمش: {{وآمنهم من خوف}} { ﭢ ﭣ ﭤ}  قريش:4  أي من خوف الحبشة مع الفيل، وقال علي- رضي الله عنه- وآمنهم من خوف أن تكون الخلافة إلا فيهم، وقيل: أي كفاهم أخذ الإيلاف من الملوك، فالله أعلم، واللفظ يعم. "

"