شرح كتاب التوحيد - 54

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

 

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمستعمين برحمتك يا أرحم الراحمين.

 قال الإمام المجدد -رحمه الله تعالى-: "بابٌ: من سب الدهر فقد آذى الله، وقول الله تعالى: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} [الجاثية: 24] الآية. في الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال".

الصحيح. ماذا عندك؟ في الصحيح. الحديث في الصحيحين لكن التقيُّد بما جاء في الكتاب، والشيخ -رحمة الله عليه- يطلق الصحيح ويريد الجنس فيشمل الصحيحين.

"وفي الصحيح عن أبي هريرة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: «قال الله تعالى: يؤذيني ابن آدم، يسب الدهر، وأنا الدهر، أُقَلِّب الليل والنهار»، وفي رواية: «لا تسبوا الدهر، فإن الله هو الدهر».

فيه مسائل: الأولى: النهي عن سب الدهر.

 الثانية: تسمية أذى الله.

تسميته أذى الله.

"تسميته أذى الله".

أذىً لله.

"تسميته أذىً لله.

 الثالثة: التأمل في قوله: «فإن الله هو الدهر».

 الرابعة: أنه فد يكون سابًّا ولو لم يقصده بقلبه".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،

فيقول الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب- أجزل الله له الأجر والثواب، وأدخلنا وإياه الجنة بغير حساب- يقول: بابٌ: من سب الدهر فقد آذى الله. السب هو الشتم واللعن، والطعن، والدهر الزمان بلياليه وأيامه، فقد آذى الله، لماذا؟ سيأتي التعليل في الحديث، والأذى لا يعني الضرر، والأذى لا يعني الضرر، يتأذى المسلم بما يراه من منكرات، ويتأذى وبشدة لما يسمع الموسيقى أثناء الصلاة وفي بيوت الله، يتأذى لكن ما يتضرر، إذا خرج من المسجد كأن شيئًا لم يكن، إلا إذا كان هذا الأذى يبلغ به مبلغًا يزيد مرضه فيه كأن يكون مريضًا بأمراض ترتفع بهذه الأمور قد يصل إلى الضرر، وإلا فالأصل أن الأذى لا يقتضي الضرر، «لن تبلغوا ضري فتضروني»، يتأذى الإنسان بالروائح الكريهة، والملائكة تتأذى بما يتأذى به بنو آدم، في حديث: «من أكل ثومًا أو بصلاًا فلا يقربن مسجدنا» يتأذون؛ لأن من يسمع مثل هذا الكلام وهو لا يعرف أو لا يفقه شيئًا من نصوص الشرع، ولا يعرف قدر الله في نفسه قد يقول: إنه يتضرر قياسًا على بني آدم، وبنو آدم لا يتضررون في الغالب في الجملة، والله لا يتضرر؛ لأن أزمة الأمور كلها بيده -جل وعلا- .

سبّ الدهر معروف في الجاهلية، في الجاهلية الأولى والجاهلية الثانية وفي البلدان التي لا تعرف الله، أو يقلُّ فيها خوف الله، أو يكثر فيها الجهل، إذا اختصم زوج وزوجته، اختصم زوج وزوجته من أسهل ما يقول: الله لا يبارك بالساعة التي عرفتك فيها، ما يقولون هذا؟ ما الساعة؟ جزء من الدهر، أنت تذم الساعة، ويقولون ما هو أشد من ذلك، لكن هذا مثال توضيحي، هذا من سبّ الدهر.

 أما كون الإنسان يصف من باب الإخبار مثل ما قال: يوم عصيب، من الذي قاله؟ لوط- عليه السلام-، يوم عصيب، {فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ}[فصلت:16]} أو في سبعة أيام، في {سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا}[الحاقة:7] وفيه نحسات وفي حسوم، ما المقصود ؟ نعم هو لا يقتضي لا ينظر إلى السب من حيث ما أراده الشيخ -رحمه الله-؛ لأن المذموم أن تسبّ الدهر بما وقع فيه فكأنك تسبّ الموقع لهذه الأمور وهو الله -جل وعلا-، كما سيأتي في شرح الحديث.

فقد آذى الله، يعني أيكم إذا سمع الموسيقى في المسجد والناس يصلون لا يتأذى؟ وهو يعرف التحريم، ويعرف ما ورد فيه من النصوص، والله إن الألم يعتصر القلب، ولا يعرف الإنسان كم صلى {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}[الأحزاب:58] نسأل الله العافية. صاحب الموسيقى لا يدري، كنا ننكر ونسمع من ينكر وبقوة وبشدة، ثم خفت الإنكار، لماذا؟

لأنه كثر، والسبب في ذلك أن الإنكار في كثير من الأحيان بدون جدوى؛ لأن صاحب الجوال أعجمي ما يدري ماذا تقول، ثم لما رأى الناس قلة الأثر، مع أنه لا يجوز السكوت على هذا، يعني ما فيه فرق بين مساجد المسلمين وكنائس النصارى، وبعض الناس لا يدخل في الصلاة إلى أن يسلم وهو على هذا من باب أن الحركة عندهم مبطلة للصلاة، ما تجد حنفيًا يدخل يده ويطفيء الجوال ولا شيء؛ لأنها حركة، ولهذا يكثر في أهل الشرق، الذين يعتنقون مذهب أبي حنيفة -رحمه الله-، جميع المصلين آذيتهم، صحيح أنه عن جهل، لكن ينبغي أن تكون مثل هذه الأمور التي تعم المسلمين، وتعم بها البلوى في مساجد المسلمين، ينبغي أن يُبصَّر الناس بها، وهذه وظيفة مكاتب الدعوة، الذين يدعونهم إلى الإسلام، ويفقهونهم في الإسلام، ينبغي أن يوجد لوحات إرشادية بِلغاتهم، قد يكون عنده هذا الشيء جائز ولا إشكال فيه عندهم في بلدانهم، يمكن ما عندهم فيه مشكلة، مع أن مذهب الإمام أبي حنيفة أشد المذاهب في الغناء، وسماعه فسوق، والتلذذ به كفر، في مذهب الحنفية، ليس معناه أنه كفر مخرج من الملة، لكن أمره شديد.

 وأما من جاؤوا من......، هو الإشكال إذا كثُر الإمساس قلّ الإحساس، كان الناس ينكرون هذه الأمور بشدة، وينكرون الوسائل التي تحملها ثم بعد ذلك تتابع الناس على ذلك، وصاروا يسمعون الأغاني بأسماء أناشيد وشيلات وما أدري إيش، ومعها معازف، فقلّ الإنكار لهذه الأمور. والله أحيانًا تسمع شيء غريب أن يوجد مثله من مسلم في المسجد، شيء لا يحتمل التأويل، ومع ذلك بعض النغمات يختلف الناس فيها هل هي من الممنوع أو من كذا، لكن فيه شيء متفق عليه، والله المستعان.

 أنا أقول لعموم الإخوة من الطلاب وغيرهم أن يجعلوا هذا من أولوياتهم؛ لأن تشبيه مساجد المسلمين بكنائس النصارى هم الذي عندهم الموسيقى، وعندهم النغمات، وصلاتهم على أجراس وعلى كذا، ما هو بعندنا نحن المسلمين، وأمرنا بمخالفتهم،.

طالب:...

إمام المسجد؟ من وظائفه هذه لكن يبقى أن الإمام قد لا يحسن اللغات الأخرى، فالمستمع من هؤلاء الذين هم أكثر مصادر هذه النغمات قد لا يفهم ما يقول.

طالب:...

نعم؟

طالب:...

هو نسمع من يقول: أغلقوا الجوالات، لو وضع لوحة على باب المسجد، لو وضع لوحة على باب المسجد كان أحسن؛ لأنه يتخذ عادة مشكلة.

طالب:...

لا، أنت تقصد شخصًا بعينه، خلي الكلام في العموم، وعند من يملكون التأثير على أمثال هؤلاء، مثل مكاتب الدعوة التي يسلم على أيديهم أعداد كبيرة، مؤثرين بلا شك، وينبغي أن تُدعم المكاتب بوسائل الدعوة النافعة وبالمال؛ لأن المال من وسائل الدعوة، وما انتشر الرفض إلا بدعمه بالمال، فلننشر السُّنَّة، ونحن قادرون على ذلك بالمال.

طالب:...

الذي يحسن اللغات يتعين عليه هذا، أما أن يترك الناس هكذا، الغريب أن واحدًا سيماه سيما العلم وطلب العلم والفضل والصلاح كان جواله موسيقى، لما سلمنا رأيت واحدًا من طلاب العلم، قلت: أين صاحب الموسيقى؟ قال: هذا، وجه مبارك على ما يقولون، يوم قلت له قال: والله ما دريت أنه جوالي، أحسبه جوال الذي بجنبي.

طالب:...

على كل حال تقول له كذا.

طالب:...

بحثنا مرارًا مسألة الآثم هل هو صاحب الجوال أم من يتصل على الجوال وفيه هذه النغمة، صاحب الجوال متسبب، صاحب الجوال متسبب. وهذا هو المباشر في إثارتها الذي يتصل. يدري عن، يقول الذي يدري، وإلا فالذي ما يدري معذور. من تعرف أن هذه... لا تتصل ما الضرورة؟ عيالك عندك.

طالب:...

مرة رن الجوال وكان معي واحد من العيال بنغمة موسيقية، كلمه وقال: ابن حزم ما هو بإمام؟ يبيح هذه، ابن حزم أليس إمامًا؟ قلت: ما تعرف ابن حزم إلا هذا؟ ما تعرف ابن حزم في أمور تلزك على جبل، ترضى أن يكون إمامك من يقول: لو لم يرد في حق الوالدين {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ}[الإسراء:23] لجاز قتلهما، ترضى أن يصير إمامًا لك هذا؟ ابن حزم يلجأ له عند هوى النفس، ما يرتضيه في كل شيء، رحم الله ابن حزم، ورحم الجميع.

طالب:...

لا ما هو معتبر مع النصوص الصريحة، ابن حزم يبطل كل ما ورد في الباب، كل ما ورد فيه موضوع عنده، قول الحافظ العراقي:

.................. أما الذي             لشيخه عزا بقال

فكذي عنعنة كخبر المعازف            لا تصغ لابن حزم المخالف.

طالب:...

أين؟

طالب:...

لا لا في غيره، عند المالكية في الباب، أو في المدينة فقط؟ على كل حال العبرة بالنصّ، العبرة بالنصّ.

طالب:...

على كل حال العبرة بالنصّ، فإذا ثبت النصّ كما قال الإمام مالك نفسه: إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل، كلٌّ يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر.

وقول الله تعالى: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} [الجاثية: 24] ما فيه، هذه الأيام بتتابعها أسبوع أو يوم ثم يوم، أسبوع ثم أسبوع مع أسبوع شهر وهكذا سنة إلى أن تمضي السنون، وحدَّها بعضهم، بعض الدهرية قالوا: ست وثلاثين ألف سنة ما يبقى من هؤلاء شيء ولا رميم ولا تراب ولا، خلاص ينتهي هؤلاء ويجيء غيرهم، {نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} [الجاثية: 24] رحم تدفع وأرض تبلع، وما فيه غير هذا، نسأل الله العافية، {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} [الجاثية: 24]  يعني لا يقرون ببعث، هذا من منكري البعث من المشركين وغيرهم ما فيه إلا هذه الحياة، {نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} [الجاثية: 24] والمهلك هو الدهر، لا ينسبون ذلك إلى الله -جل وعلا-، الإحياء والإماتة لله -جل وعلا-، الدهر ما هو إلا ظرف تعيش فيه، ظرف تعيش فيه، {أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ. ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ}[الشعراء205 :206] ما فيه إلا ما وضعت في هذا الظرف، هو الذي ينفعك أو يضرك، وإلا فالأيام تعاتب يومًا مضى أو يومًا آتيًا، لا، العتاب كله عليك؛ لأنك أنت العاقل أنت المكلَّف الذي تفهم ما ينفعك ويضرك، فإن أتيت بما ينفعك فهو العقل مع الدين الموجِه للعقل، وإن ارتكبت ما يضرك فهو السفه والجهل.

 {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} [الجاثية: 24] الدهرية الذين لا يؤمنون ببعث هذا كلامهم، مثل كلام المشركين وهم منهم، هناك نوع لا يقرون ببعث، بل قد يُفهَم من كلامهم أنهم لا يقرون بموت حقيقي، وأن مجرد الروح تنتقل من شخص إلى شخص، أو من مكان إلى مكان، وهؤلاء يُسمَّون أهل التناسخ، تناسخ الأرواح، يقولون: في الفلبين نوع منهم، ومثل هؤلاء يسهل عليهم القتل؛ لأنه لن يموت، ينتقل من مكان لآخر بيكون أحسن من الذي هو فيه، وهذا في حقيقته جنون، في حقيقته جنون، يُسأل هذا الشخص عن أبيه وجده أين ذهبوا؟

طالب:...

نعم، ماذا فيه؟

طالب:...

لا لا لا، البعث، بعث الأمة والقومية من جديد وإحياؤها من جديد بعث معنوي ما هو، ما له علاقة بهذا.

طالب:...

 لا لا، ما هو من هذا النوع، حزب سياسي معناه أن الأمة كأنها ميتة فبعثوها.

طالب:...

بالقومية.

طالب:...

هم منهم، شرع الله. والله المستعان. في الشعراء كثير في الشعراء في الشعر كثير سبّ الدهر، ولكن إذا جاء ممن يقتدى به وكذا فالمراد به مجرد الإخبار، ولذلك يقول:

 دع الأيام تفعل ما تشاء           وطب نفسًا إذا حكم القضاء

أو بما حكم القضاء، يعني القضاء والقدر من الله -جل وعلا-، فمثل هذا لا يظن به أنه يسبّ الدهر السبّ الذي مفاده هو سبّ لله -جل وعلا-.

 يقول: في الصحيح عن أبي هريرة، والحديث في الصحيحين، وهذه كلمة معروفة عند أهل العلم: في الصحيح، والمراد به جنس الصحيح، فيشمل الصحيحين، وأحيانًا يقال في الصحيح يعني في الحديث الصحيح ولم يكن في واحد من الصحيحين.

 في الصحيح عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «قال الله تعالى: يؤذيني ابن آدم» يؤذيني ابن آدم، «يسب الدهر» ابن آدم، آدم أبو البشر، وابن آدم كل من انتسب إليه، من ذريته إلى يوم القيامة، كل واحد منهم يقال له: ابن آدم، «يسبّ الدهر وأنا الدهر»، وأنا الدهر، ذهب ابن حزم إلى أن الدهر من أسماء الله تعالى، لقوله: «وأنا الدهر»، فأثبت الدهر من أسماء الله الحسنى.

 «أقلب الليل والنهار» الدهر هو الليل والنهار، كأنه يقول: وأنا الدهر أقلب الدهر، فيكون الله- جل وعلا- عنده مقلِّب ومقلَّب، وهذا لا يصلح، الدهر هو عبارة عن الليل والنهار، عبارة عن الليل والنهار فإذا قال: أنا الدهر فمعناه أنا الزمان الذي يكون فيه الليل والنهار وأنا أقلب هذا الزمان وهذا الدهر كيف شاء أقلبه كيف شاء.

طالب:...

سمعته؟

طالب:...

يعني عند ابن حزم، هل أتى على لسانه حين من الله؟

طالب:...

لا، أنا أسألك إلزامًا لابن حزم.

طالب:...

وكل ما جاء فيه كلمة الدهر يلزمه. كيف تنطق بالنصب؟ الدهرَ؟

طالب:...

حسب ما يرد عليه من العوامل، إن دخل عليه ناصب فهو منصوب، وإن تجرد من العوامل فهو مرفوع يرجع إلى الأصل، لا ما له علاقة. أو تقصد نصب الهاء الدهَر؟ أنا الدهرُ مرفوع هنا يصلح أن يكون اسمًا من أسماء الله؟ كلام له بقية توضحه أم فقط هذا هو؟

طالب:...

لك أصبح نعم، يقول: لو رويناه بالضم، وأنا الدهرُ، والمتكلم هو الله -جل وعلا- في حديث قدسي، يعني من باب المبالغة في إثبات ما أثبته الله لنفسه، نثبته اسمًا من أسماء الله؛ لأنه أثبته لنفسه في هذا الحديث القدسي، وهذا من باب المبالغة في إثبات ما أثبته الله يكون اسمًا من أسمائه على ما يليق بجلاله على هذا القول، وإن كان غير معتبر؛ لأن الحديث مفسَّر، الحديث مُفسَّر، الدهر الذي تحدث عنه أهل الجاهلية ومن جاء بعدهم من -سبحانه وتعالى- الدهر ألا يعنون بذلك الأيام والليالي، ألا يعنون بذلك الزمان؟ نعم هو يقلب الليل والنهار، فيستحيل أن يكون المراد بالدهر هو الله -جل وعلا-، يعني مثل اختلاف المعنى باختلاف الإعراب في حديث: «ذكاة الجنينِ ذكاةُ أمه»، لكن كيف يُتصوَرّ النصب في هذا الموضع؟ ما يمكن؛ لأنه في حديث" «ذكاةُ الجنين ذكاةَ أمه» الرواية غير صحيحة أولاً، لكن لو صحت وصححها من رأى القول بما ينشأ عنها، قالوا: منصوب على نزع الخافض، ذكاة الجنين كذكاة أمه، فإذا نزع الخافض صار ذكاة الجنين ذكاةَ أمه، فلا بد أن يذكى الجنين مثل ما تذكى أمه، وهذا معروف عند الحنفية، لكن الآن هل يمكن أن تنصب على نزع الخافض: وأنا كالدهر؟ ممكن؟ ما يمكن.

طالب:...

لا، ما يقصدون الاسم لله، هم يقصدون ما يقع في الزمان من الإهلاك لهم، والمهلِك في الحقيقة هو الله -سبحانه وتعالى-، الآن لو يأتي شخص بسيارته ويدهس آخر، أنت تشتم السيارة إذا شتمت أم تشتم قائد السيارة؟ الليل والنهار ما لها أدنى تصرُّف بذاتها، فأنت تشتم المتصرِّف، تعالى الله عما يقولون، ولذلك قال: «وأنا الدهرُ أقلب الليل والنهار» يعني بما فيهما من رخاء وشدة، من رخاء وشدة، فإذا سببت الدهر بسبب هذه الشدة فأنت تسبُّ الفاعل لهذه الشدة الموقع لهذه الشدة في هذا الظرف، ماذا يقول؟

طالب:...

لا هنا ما تجيء، ولا صحت به رواية أصلاً، والذي لا يصحّ لا يُتكلَّف اعتباره هذه قاعدة عند أهل العلم، ما هو أن تفترض شيئًا ثم تجيب عنه، الكلام هل ثبت أم ما ثبت، إن ثبت فابحث عن الحل.

طالب:...

يبينها «أقلب الليل والنهار»، «أقلب الليل والنهار»، {وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}[آل عمران:140]، نداولها بين الناس، يوم يتضرر هذا، ويوم ينتفع هذا، ويوم يتضرر هذا البلد أو هذا المكان، أقلب الليل والنهار، {وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}[آل عمران:140]. ومعروف {تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ}[آل عمران:26].

طالب:...

بمعنى أنه يخبر عن الله بأنه الدهر بمعناه الشرعي تقليب الليل والنهار، ماذا فيه؟

طالب:...

نعم، أسماء الله كلها حسنى، يقولون: والدهر جامد لا يتفاوت، جامد لا يتفاوت، نعم، الدهر ما دام جامدًا لا يتفاوت، وليس فيه أحسن ولا حسن ولا أسوأ، والأصل فيه أنه متصرَّفٌ فيه لا مُتصرِّف، ولذا يقول: «أقلب الليل والنهار» من الذي يقلب الليل والنهار؟ الله؛ لأنه يقول: «قال الله تعالى» في الحديث القدسي. وفي رواية: «لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر»، «لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر» بمعنى ما سبق تأويله بما تقدم من أنهم يسبون الدهر يسبون الزمان يسبون الليالي والأيام بما وقع فيها، أقول بما وقع فيها، والسبب والسب ينصرف على موقِع هذه الشدائد، وما وقع في هذه الأيام مما يكرهونه. ماذا يقول؟

طالب:...

الليل والنهار؟ من آيات الله.

طالب:...

لا ليس من أسماء الله، ما يقوله من يتصور ما يتكلم به، والحديث يشرح بعضه بعضًا، أقلب الليل، نعم.

 ماذا؟

طالب:...

أين؟

طالب:...

الحديث في الصحيحين، ما نبحث في سند الحديث، سمعنا وسلمنا وانتهينا، وقد أحسن من انتهى إلى ما سمع، قد أحسن، لكن كونهم قالوا أو لهم أتباع يقولون وينشرون ما عندنا إلا النص الذي أمامنا، وعندنا فهمنا للحقيقة على وجهها من النصوص الشرعية أن الدهر لا يستطيع أن يصنع شيئًا لا يحيي ولا يميت، ولا يزيد في الحر، ولا يزيد في البرد، فالمتصرف هو الله- جل وعلا- لقوله: أنا أقلب الليل والنهار، ويداول هذه الأيام بين الناس، يوم شدة ويوم رخاء.

قال -رحمه الله-: فيه مسائل:

الأولى: النهي عن سبِّ الدهر، النهي عن سب الدهر، وعرفنا أن سبّ الدهر لا يجدي شيئًا، شخص يمشي أعمى وبيده عصا، فمرّ بسيارة وما حس بها، اصطدم بها، فأخذ عصاه أخذها يجلدها بعصاه، هل هذا من العقل أم لا؟ من الذي تسبب في اصطدامه بها؟ الذي أوقفها في الطريق؟ الذي أوقفها في الطريق، هذا الذي يستحق العقوبة، أما السيارة فجماد وقف في هذا، يقول: فيه مسائل: الأولى: النهي عن سبِّ الدهر، لما ذكر من أن الدهر ليس بيده أي تصرف لا في نفع ولا ضر، وإنما المتصرف والنافع الضار هو الله -جل وعلا-، فمن سبَّ الدهر سبّ من أجل شدةٍ وقعت فيه فهو سابٌّ لمن أوجد هذه الشدة، وهو الله -سبحانه وتعالى-.

الثاني: تسميته أذىً لله، وثبت الأذى لله، في قوله -جل وعلا-: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ}[الأحزاب:57] وهو مؤذٍ لله، تسميته أذىً لله -جل وعلا-.

 الثالثة: التأمل في قوله: «فإن الله هو الدهر»؛ لأن من لم يتأمل أثبت الدهر اسمًا من أسماء الله -جل وعلا-، وإذا تأملت وعرفت حقيقة الحال عرفت الواقع، وأن الله -جل وعلا- تسمى بالدهر؛ لأن الدهر يعني في الخبر نسب الدهر لنفسه؛ لأنه هو المتصرف فيه والموقع فيه ما ينفع وما يضر.

 الرابعة:...

طالب:...

نعم؟

 ماذا فيه؟

طالب:...

لا، ما هو مجاز. يقول: «يسبُّ الدهر، وأنا الدهر» الذي يظهر أنها مشاكلة مشاكلة، يسبون الدهر، ومن باب المشاكلة والتنزُّل في الأسلوب قال: «وأنا الدهر»، والمشاكلة أسلوب معروف في علم البديع، في علم البديع، كما قال -جل وعلا-: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}[الشورى:40] سيئة سيئة مثلها، الأولى سيئة؛ لأنها جناية، والثانية حسنة ليست بسيئة؛ لأنها معاقبة للجاني، فهي حسنة وقال الشاعر:

قالوا اقترح شيئًا نجد لك طبخه     قلت اطبخوا لي جبة وقميص

اطبخوا لي جبةً وقميصًا، هذا مشاكلة، ومن المشاكلة والمجانسة في التعبير قول عمر في صلاة التراويح: نعمت البدعة، هي في حقيقتها ليست ببدعة لا لغوية ولا شرعية، إذًا ما تكون؟ هذه من باب المشاكلة كأن قائلاً قال: ابتدعت يا عمر، فقال: نعمت البدعة، وهم يذكرون في المشاكلة حقيقة أو تقديرًا، يعني كأن قائلًا يقول: فعلت كذا وهو ما قال، مثل ما قال أحد: إنك ابتدعت، لكن تقديرًا كأن قائلًا أو خشية أن يقول قائل ابتدعت يا عمر، فقال: نعمت البدعة.

الرابعة: أنه قد يكون سابًّا ولو لم يقصده بقلبه، أنه قد يكون سابًّا لله -جل وعلا- ولو لم يقصد هذا السبّ أنه موجهٌ لله -جل وعلا-، وإنما هو يوجهه لليل والنهار، والليل والنهار بيد الله يقلبها كيف شاء، والأيام يداولها الله بين الناس، تجد هؤلاء أو هذا في رغدٍ من العيش، وفي مدة يسيرة ينقلب هذا إلى بؤس وشدة، وهو بما كسبت يداه، إن الله لا يظلم مثقال ذرة، الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، حتى يغيروا ما بأنفسهم، في الجليس الصالح للمعافى بن عمران النهرواني نقل بسندٍ صحيح عن الحسن البصري أن قومًا من زيادة الترف عندهم استنجوا بالخبز، فما لبثوا إلا يسيرًا حتى أكلوا العذِرة، هذا الذي استنجى بالخبر أيامه في الرغد، ثم انقلبت إلى بؤس وشقاء، الله -جل وعلا- هو المقلب لهذه الأمور، وهو الموقع لهذه الشدائد بعد الرخاء، لكن هم السبب {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ}[الشورى:30].

طالب:...

يسب السماء لماذا؟

طالب:...

من أجل ماذا؟ هل هو بسبب تصرف الله فيها وما وقع فيها؟

طالب:...

يا شيخ بعض الناس خلقه سيئ لأدنى شيء يسبّ، شخص يربط الحزام وانكشف شيء من عورته فلعن الحج، بعض الناس عنده سوء خلق يضره، نسأل الله العافية.

طالب:...

ما ودي أن تسأل. أبا رضوان؟

طالب:...

ماذا يقول؟

طالب:...

وأنت ماذا تقول أنت؟

طالب:...

ماذا سمعت من المشايخ؟ أنت حضرت عند كل المشايخ. ماذا فهمت؟ أعطني إياه.

طالب:...

أنت حضرت التوحيد عند ابن جبرين؟ ماذا قال الشيخ؟

طالب:...

أدري أدري.

طالب: قول اليوم الأسود وغيره هذه كثيرة عند الناس، الأسبوع الأسود، السنة السوداء، أيلول الأسود.

يوم عصيب، إذا كان مجرد الإخبار عما وقع فيها فقد وافق فيه هذا الشيء.

طالب: متى يكون سبًّا سماحة الشيخ؟

سبّ كأن يسب الدهر؛ لأنه وقع فيه هذا الأمر فهو يسب الموقع، إن كان يخبر أن هذا اليوم وقع فيه كذا فما عليه شيء.

طالب:...

توجد كتب في الأسماء الحسنى كثيرة.

طالب:...

أنا رأيت سؤالًا وُجّه للشيخ ابن باز وذكر فيه ما ثبت عنده فيها، في فتاوى الشيخ.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

لا، ذم الدنيا، الله -جل وعلا- ذم الدنيا، ورسوله ذم الدنيا.

طالب:...

ما هي؟

طالب:...

لا، هي تُسب أو تُذم بقدر تأثيرها على الآخرة، أما من استعملها فيما يتوصل به إلى مرضاة الله وجناته فهي مزرعة، مزرعة على حسب ما تضع فيها.

طالب:...

نفسه، الريح فرع مما يقع في الدهر، فرع مما يقع في الدهر، الدهر يقع فيه حر شديد، ويقع فيه برد شديد، ويقع فيه حروب، ويقع فيه أشياء، من فروعها الريح التي قد تؤذي.