كتاب الغسل (11)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

طالب: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: بَابٌ: إِذَا التَقَى الخِتَانَانِ.

حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، خ وحَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عنهُ-، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ، ثُمَّ جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ الغَسْلُ». تَابَعَهُ عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، عَنْ شُعْبَةَ مِثْلَهُ. وَقَالَ مُوسَى: حَدَّثَنَا أَبَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قال: أَخْبَرَنَا الحَسَنُ مِثْلَهُ".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد، فيقول الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بَابٌ: إِذَا التَقَى الخِتَانَانِ". الختان معروف بالنسبة للذكر كما أنه معروف بالنسبة للأنثى، وهو من سنن الفطرة، وهو بالنسبة للذكر واجب؛ لأن الطهارة لا تتم إلا به، وبالنسبة للأنثى مكرمة، وأوجبه بعضهم. وعلى كل حال الختان معروف، ولا يحتاج إلى تعريف، وما يُقطع بالنسبة للذكر معروف، وما يُقطع بالنسبة للأنثى، وسيشير إليه المؤلف. وفي الأزمان المتأخرة ظهر من ينكر ختان المرأة، وجُيشت الأقلام -أعني أقلام المغرضين والمناوئين- ضد هذه السنة من سنن الفطرة، ولكن ليس هو بمثابة ختان الرجل الذي يمنع من كمال الطهارة أو من الطهارة، لا تتم الطهارة إلا به، وأما بالنسبة للأنثى فهو مكرمة بالنسبة لها، ولا شك أن دوره في تخفيف الشهوة واضح وملموس، يعرفه من جربه، ولكن هذا لا يقتضي وجوبه كما هو الشأن في ختان الذكر.

هذا الختان من الذكر والختان من المرأة إذا التقيا، إذا التقيا، مجرد التقاء الختان بالختان لا يقتضي الإيلاج، والأحكام كلها مرتبة على الإيلاج، قد يلتقي الختان بالختان ولا يحصل الإيلاج، والأحكام كما يقرر أهل العلم مرتبة على الإيلاج، فمعنى قوله: «إذا التقى الختانان» كما سيأتي يشرحه ويبينه الحديث المذكور في الباب قال: "حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ" الفضل بن دكين، "عَنْ هِشَامٍ" الدستوائي، "عَنْ قَتَادَةَ" ابن دعامة، "عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ، ثُمَّ جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ الغَسْلُ»". «إذا جلس» يعني الرجل «بين شعبها» يعني زوجته أو المرأة «الأربع»، واختلف في المراد بالشعب الأربع، لكن الأظهر أنها اليدان والرجلان، هذا الذي يُتصور من وضع الرجل إذا علا على امرأته فإنه يكون موقعه بين الرجلين واليدين. ذكروا أشياء ما يُتصور فيها أنه يكون بينها، وستأتي في كلام الشارح- رَحِمَهُ اللهُ-، لكن هذا هو الظاهر.

«ثم جهدها» يعني أولج وحصل ما يحصل من الرجل مع امرأته مما يقتضي شيئًا من الجهد ونوعًا من التعب، الطريقة المعروفة التي لا تخفى على أحد. «فقد وجب الغسل»، وفي بعض الروايات: «أنزل أو لم ينزل» ولا شك أن هذا ناسخ لحديث: «الماء من الماء» يعني أنه لا غسل إلا من إنزال، ويفتي به بعض الصحابة، ولا يرون أن هناك غسلاً إلا على من أنزل عملاً بالمنسوخ؛ لأنه لم يبلغهم الناسخ. بيَّن الترمذي أن الحديث: «الماء من الماء» منسوخ، وأعل به الخبر، ذكر بعد روايته للحديث أنه منسوخ ثم قال في العلل: وقد بينا علته في الكتاب. فالترمذي سمى النسخ علة، وليس بعلة في الاصطلاح المعروف عند أهل العلم: السبب الخفي الغامض الذي يقدح في الحديث الذي ظاهره السلامة منها، فهو ليس بخفي ولا غامض ولا يقدح في صحة الخبر، حديث «الماء من الماء» في الصحيحين، لكنه يقدح في العمل به، أما بالنسبة لثبوته فهو ثابت لا يستطيع أحد أن يعله، ثابت سندًا ومتنًا، ولكنه كان رخصة في أول الأمر على ما سيأتي فهو منسوخ.

نعم.

"تَابَعَهُ عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، عَنْ شُعْبَةَ مِثْلَهُ" يعني بالحرف، بلفظه. تابع من؟

طالب: تابع هشامًا.

تابع هشامًا. طيب، عمرو بن مرزوق هذا فيه نوع قدح، ومثل هذا في الصحيح ينتقي الإمام من أحاديثه ما يجزم بثبوته؛ ولذا يقول الحافظ العراقي:

وفي البخاري احتجاجًا عكرمة            مع ابن مرزوق وغير ترجمة

 يعني متكلم فيهم، لكن هذا لا يقدح في الأحاديث التي رووها؛ لأنها ثابتة، القدح فيهم لا ينزل حديثهم عن درجة القبول من جهة، وإن أنزلها عن منزلة شرط الصحيح الأصلي، لكن باب الانتقاء والمتابعات هنا تابعه عمرو بن مرزوق، والمتابعة كما تعلمون يُتسامح فيها ما لا يتسامح في الأصول؛ لأنها زيادة، قدر زائد عن المطلوب، فيتسامحون في رواة المتابعات والشواهد.

"تابعه عمرو بن مرزوق عن شعبة مثله. وَقَالَ مُوسَى: حَدَّثَنَا أَبَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ"، موسى بن؟

طالب: إسماعيل.

موسى بن إسماعيل، أيش؟

طالب: التبوذكي.

التبوذكي.

"وقال موسى: حدثنا أبان، قال: حدثنا قتادة، قال: أَخْبَرَنَا الحَسَنُ"؛ لأن قتادة موصوف بالتدليس، وهنا صرح بالتحديث فزالت تهمة التدليس أو ما يترتب عليها.

"قال: أخبرنا الحسن مِثْلَهُ".

"أبان" عندكم ماذا عليها؟ ضمة واحدة أم ثنتان؟

طالب: ضمة واحدة.

والأصل؟

طالب: نفسه واحدة.

تعرفون ما قيل في أبان من الصرف ومنعه، وأنه مصروف عند الأكثر، والأصل أن يقال: "أبانٌ"؛ لأنه من الإبانة، النون أصلية وهو مصروف، حتى قالوا: من منع أبان فهو أتان. الإمام ابن مالك الإمام النحوي الشهير يمنعه من الصرف. وعلى كل حال الخلاف موجود هل هو من الإباء أو من الإبانة؟ هل النون أصلية أو زائدة؟ إذا كانت أصلية فيصرف، وإذا كانت زائدة يمنع.

حسان من الحس أو من الحسن؟ عفان؟ هو يحتمل هذا وهذا، لكن المنع هنا على خلاف قول الأكثر وله وجه، لكن كلامهم القوي، ما قال أحدهم: ممنوع من الصرف فيستحق الوصف، والخطب سهل.

اقرأ.

طالب: قال الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ-: "قوله: "باب إذا التقى الختانان"، المراد بهذه التثنية ختان الرجل والمرأة، والختن قطع جلدةٍ".

جلدةِ.

"قطع جلدةِ كمرته وخفاض المرأة، والخفض قطع جليدة في أعلى فرجها تشبه عرف الديك، بينها وبين مدخل الذكر جلدة رقيقة. وإنما ثُنيا بلفظ واحد تغليبًا، وله نظائر، وقاعدته رد الأثقل إلى الأخف والأدنى إلى الأعلى".

يعني في التغليب في التثنية، وإذا قلنا: إنه بالنسبة للذكر ختان، وبالنسبة للأنثى ختان صارا ختانين، وإذا قلنا: ختان بالنسبة للذكر، وخفض بالنسبة للأنثى قلنا: إن التثنية من باب التغليب. نعم.

طالب: "قوله: "هشام" هو الدستوائي في الموضعين، وإنما فرقهما؛ لأن معاذًا قال: حدثنا، وأبا نعيم قال: عن، وطريق معاذ إلى الصحابي كلهم بصريون. قوله: «إذا جلس» الضمير المستتر فيه، وفي قوله: «جهد» للرجل، والضميران البارزان في قوله: «شعبها» و«جهدها» للمرأة، وترك إظهار ذلك؛ للمعرفة به، وقد وقع مصرحًا به في رواية لابن المنذر من وجه آخر عن أبي هريرة -رَضِيَ اللهُ عنهُ- قال".

من الغرائب أن أدق من وصف هذا العمل النووي، والنووي ما تزوج وغاية في الورع والعفة- رَحمةُ اللهِ عَليهِ-، ومع ذلك يقال: إنه جلس شهرين يغتسل من قرقرة البطن يظنها إيلاج الحشفة! يعني هذا في غاية الغفلة عن هذه الأمور، ثم لما جاء الشرح والتوضيح للنصوص اشتغل، بحث، مع أنه ما تزوج، ويسأل، والسؤال من البحث.

طالب: "قال: عن أبي هريرة -رَضِيَ اللهُ عنهُ- قال: «إذا غشي الرجل امرأته فقعد بين شعبها» الحديث، والشعب جمع شعبة، وهي القطعة من الشيء، قيل: المراد هنا يداها ورجلاها، وقيل: رجلاها وفخذاها، وقيل: ساقاها وفخذاها، وقيل: فخذاها وإسكتاها، وقيل: فخذاها وشفراها، وقيل نواحي فرجها الأربع".

هل يجلس الرجل بين هذه الأمور؟ ما بعد الرجلين واليدين هل يتصور جلوس الرجل بين هذه الأمور؛ لأن البينية تقتضي الظرفية، فهي ظرف له. هل يُتصور مثل هذا؟ إذا كان شيء امتدادًا لآخر فهو تابع له. يجلس بين الرجلين والفخذين، يُتصور؟ شيء واحد، في حكم الواحد؛ لأنها متصلة، فضلاً عن أن يكون فخذاها وإسكتاها، وفخذاها وشفراها. هل يُجلس بين هذه الأمور الصغيرة التي لا تسع شيئًا فيقال هذا؟ والمتصور في الظرفية اليدان والرجلان.

طالب: "قال الأزهري: الإسكتان ناحيتا الفرج، والشفران طرف الناحيتين، ورجح القاضي عياض الأخير، واختار ابن دقيق العيد الأول، قال: لأنه أقرب إلى الحقيقة أو هو حقيقة في الجلوس، وهو كناية عن الجماع فاكتفى به عن التصريح.

قوله: «ثم جهدها» بفتح الجيم والهاء، يقال: جَهد وأجهد، أي بلغ المشقة، قيل: معناه كدَّها بحركته أو بلغ جهده في العمل بها. ولمسلم من طريق شعبة عن قتادة: «ثم اجتهد»، ورواه أبو داود من طريق شعبة وهشام معًا عن قتادة بلفظ: «وألزق الختان بالختان» بدل قوله: «ثم جهدها»، وهذا يدل على أن الجهد هنا كناية عن معالجة الإيلاج. ورواه البيهقي من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة مختصرًا ولفظه: «إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل»، وهذا مطابق للفظ الترجمة، فكأن المصنف أشار إلى هذه الرواية كعادته في التبويب بلفظ إحدى روايات حديث الباب. ورُوي أيضًا بهذا اللفظ من حديث عائشة أخرجه الشافعي من طريق سعيد بن المسيب عنها، وفي إسناده علي بن زيد وهو ضعيف".

علي بن زيد بن جدعان، الجمهور على تضعيفه، وهو ممن وثَّقه الشيخ أحمد شاكر ممن الجمهور على ضعفهم، وقد جمعت له أكثر من عشرين من هذا النوع -رَحِمَهُ اللهُ-.

طالب: "وابن ماجه من طريق القاسم بن محمد عنها، ورجاله ثقات. ورواه مسلم من طريق أبي موسى الأشعري عنها بلفظ: «ومس الختان الختان»، والمراد بالمس والالتقاء المحاذاة، ويدل عليه رواية الترمذي بلفظ: «إذا جاوز»، وليس المراد بالمس حقيقته؛ لأنه لا يتصور عند غيبة الحشفة، ولو حصل المس قبل الإيلاج لم يجب الغسل بالإجماع. قال النووي: معنى الحديث أن إيجاب الغسل لا يتوقف على الإنزال، وتُعقب بأنه يحتمل أن يراد بالجهد الإنزال؛ لأنه هو الغاية في الأمر، فلا يكون فيه دليل. والجواب أن التصريح بعدم التوقف على الإنزال".

لا لا لا، الجهد قد لا يرتبط بالإنزال، قد يجهد ويعجز عن الإنزال، ويكون أشق، يعني إذا كرر المحاولة من أجل أن يُنزل وتضاعف جهده فلا ارتباط بين الجهد والإنزال.

طالب: "والجواب أن التصريح بعدم التوقف على الإنزال قد ورد في بعض طرق الحديث المذكور فانتفى الاحتمال، ففي رواية مسلم من طريق مطر الوراق عن الحسن في آخر هذا الحديث: «وإن لم ينزل»، ووقع ذلك في رواية قتادة أيضًا رواه ابن أبي خيثمة في تاريخه عن عفان قال: حدثنا همام وأبان قالا: حدثنا قتادة به، وزاد في آخره: «أنزل أو لم ينزل»، وكذا رواه الدارقطني وصححه من طريق علي بن سهل عن عفان، وكذا ذكرها أبو داود الطيالسي عن حماد بن سلمة عن قتادة.

قوله: "تابعه عمرو"، أي ابن مرزوق، وصرح به في رواية كريمة، وقد رُوينا حديثه موصولاً في فوائد عثمان بن أحمد السماك، قال: حدثنا عثمان بن عمر الضبي، قال: حدثنا عمرو بن مرزوق، قال: حدثنا شعبة عن قتادة، فذكر مثل سياق حديث الباب لكن قال: «وأجهدها»، وعُرف بهذا أن شعبة رواه عن قتادة عن الحسن لا عن الحسن نفسه، والضمير في "تابعه" يعود على هشام لا على قتادة، وقرأتُ بخط الشيخ مغلطاي أن رواية عمرو بن مرزوق هذه عند مسلم عن محمد بن عمرو بن جبلة عن وهب بن جرير وابن أبي عدي كلاهما عن عمرو بن مرزوق عن شعبة، وتابعه بعض الشراح على ذلك، وهو غلط؛ فإن ذِكر عمروَ بن مرزوق في إسناد مسلم زيادة".

عمروِ بن مرزوق.

"فإن ذِكر عمرو بن مرزوق في إسناد مسلم زيادة، بل لم يُخرج مسلم لعمرو بن مرزوق شيئًا".

ولذلك الحافظ العراقي اختصر على ذكر البخاري:

وفي البخاري احتجاجًا عكرمة               مع ابن مرزوق وغير ترجمة

 ما قال في الصحيحين؛ في البخاري.

طالب: "قوله: "وقال موسى"، أي ابن إسماعيل، "قال: حدثنا"، وللأصيلي: أخبرنا أبان وهو ابن يزيد العطار، وأفادت روايته التصريح بتحديث الحسن لقتادة، وقرأت بخط مغلطاي أيضًا أن رواية موسى هذه عند البيهقي أخرجها من طريق عفان وهمام كلاهما عن موسى عن أبان، وهو تخليط تبعه عليه أيضًا بعض الشراح، وإنما أخرجها البيهقي من طريق عفان عن همام وأبان جميعًا عن قتادة، فهمام شيخ عفان لا رفيقه، وأبان رفيق همام لا شيخ شيخه، ولا ذِكر لموسى فيه أصلاً، بل عفان رواه عن أبان كما رواه عنه موسى، فهو رفيقه لا شيخه، والله الهادي إلى الصواب.

تنبيه: زاد هنا في نسخة الصغاني: هذا أجود وأوكد، وإنما بينا... إلى آخر الكلام الآتي في آخر الباب الذي يليه، والله أعلم".

قال الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بَابُ غَسْلِ مَا يُصِيبُ مِنْ فَرْجِ المَرْأَةِ.

 حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، عَنِ الحُسَيْنِ، قَالَ: يَحْيَى، وَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الجُهَنِيَّ، أَخْبَرَهُ: «أَنَّهُ سَأَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَالَ: أَرَأَيْتَ إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَلَمْ يُمْنِ؟ قَالَ عُثْمَانُ: يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاَةِ وَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ. قَالَ عُثْمَانُ: سَمِعْتُهُ مِنْ النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَالزُّبَيْرَ بْنَ العَوَّامِ، وَطَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، فَأَمَرُوهُ بِذَلِكَ». قَالَ يَحْيَى: وَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو أَيُّوبَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: «أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ المَرْأَةَ فَلَمْ يُنْزِلْ؟ قَالَ: يَغْسِلُ مَا مَسَّ المَرْأَةَ مِنْهُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: الغَسْلُ أَحْوَطُ، وَذَاكَ الآخِرُ، وَإِنَّمَا بَيَّنَّا لِاخْتِلاَفِهِمْ".

يقول الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بَابُ غَسْلِ مَا يُصِيبُ مِنْ فَرْجِ المَرْأَةِ"، هذا مما يُستدل به على أن رطوبة فرج المرأة نجس يغسل، وإن كان محل خلاف بين أهل العلم.

قال: "حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ"، واسمه عبد الله بن عمرو.

طالب: نعم.

"قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ" وهو ابن سعيد، "عَنِ الحُسَيْنِ" المعلم.

طالب: ابن ذكوان.

المعلم.

طالب: نعم.

قالوا: المُكَتِّب. ما الفرق بين المعلم والمكتب؟ يعلم الناس الكتابة، صار معلمًا ومكتبًا.

"قَالَ: يَحْيَى" وهو ابن أبي كثير، "وَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ". الخاء التي مرت علينا؟

طالب: عندنا في الأصل [خ].

في الباب السابق، «نعم. إذا التقى الختانان»، قال: حدثنا معاذ بن فضالة، قال: حدثنا هشام: خ. الأصل والمتداول في كتب الحديث وهي كثيرة جدًّا عند مسلم قليلة عند البخاري أنها: ح. يسميها أهل العلم: حاء التحويل، تحويل السند أو للتحويل من سند إلى آخر، هذه معروفة. وبعضهم يقول: معناها الحديث، والخاء هنا رمز المؤلف وهو البخاري، ويختلفون في مواضع هل هي حاء أو خاء، ووجودها في الأسانيد كثير في كتب السنة، وهي في بعضها أكثر من بعض: للتحويل من إسناد إلى آخر.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

لا لا لا، هذا رمز المؤلف، أظن أنها ....... السطر الأول في الشرح السابق، بدأنا: "حدثنا أبو نعيم".

طالب: .......

على كل حال الأمر سهل، هي التي تحتاج إلى تنبيه، ونبهنا عليه.

"قال يحيى" ابن أبي كثير: "وأخبرني"، أخبرني بكذا، الواو عاطفة على محذوف، كأنه قال: أخبرني بكذا وأخبرني أبو سلمة، "أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الجُهَنِيَّ، أَخْبَرَهُ: «أَنَّهُ سَأَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَالَ: أَرَأَيْتَ إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَلَمْ يُمْنِ؟»" يعني ما الحكم؟ "«قَالَ عُثْمَانُ -رَضِيَ اللهُ عنهُ-: يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاَةِ وَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ»" وهذا جارٍ على حديث العمل بـ«الماء من الماء» قبل نسخه. "«يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ويغسل ذكره. قَالَ عُثْمَانُ: سَمِعْتُهُ مِنْ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-»" القائل: «الماء من الماء» في أول الأمر، وهو موافق لهذا الحديث. قال: "«فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ»" من القائل: «فسألت»؟

طالب: .......

يعني السائل لعثمان سأل غيره من الصحابة، "«فسألت عن ذلك علي بن أبي طالب، وَالزُّبَيْرَ بْنَ العَوَّامِ، وَطَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، فَأَمَرُوهُ بِذَلِكَ»" يعني بما أمره به عثمان، هل هذا المراد؟ يعني هؤلاء الصحابة وافقوا عثمان على الفتوى بأنه يكتفي بالوضوء، وغسل الفرج فيه عدة احتمالات، والحديث في ضمائر الحديث فيها إشكال عند بعض الشراح: "«فأمروه بذلك»" يعني بالاكتفاء بالوضوء، وهذا ظاهر السياق. ومنهم من يقول: «فأمروه بالغسل»، اختلفت فتواهم عن الحديث المرفوع الذي يرويه عثمان -رَضِيَ اللهُ عنهُ-، وسيأتي في كلام الشارح ما يبين ذلك.

"قَالَ يَحْيَى: وَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ أن أبا أيوب أخبره أَنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".

ثم الحديث الذي يليه في الباب نفسه قال: "حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ" وهو ابن المسرهد، "قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى" وهو ابن أبي كثير، "عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ" ابن الزبير، "قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي" عروة بن الزبير "قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو أَيُّوبَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: «أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ المَرْأَةَ فَلَمْ يُنْزِلْ؟ قَالَ: يَغْسِلُ مَا مَسَّ المَرْأَةَ مِنْهُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي»"، «يغسل» هذا الشاهد من الحديث للترجمة؛ لأن الترجمة: "باب غسل ما يصيب من فرج المرأة"، وأشار إليه أنه قال: «يغسل ذكره»، فهذا هو الشاهد من الحديث.

طالب: .......

نعم؛ لأنه صرح بالموافقة هنا، وهناك فيه إجمال، يعني رواية أُبي المصرحة بعدم الغسل تبين الإجمال المذكور والضمير الذي اختلف في تفسيره، وأن المراد أن فتواهم أخبروه بذلك أي بما أخبره به عثمان -رَضِيَ اللهُ عنهُ-، أنه قال: «يا رسول الله، إذا جامع الرجل المرأة فلم يُنزل؟ قال: يغسل ما مس المرأة منه ثم يتوضأ ويصلي».

"قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ" البخاري المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ-: "الغَسْلُ أَحْوَطُ، وَذَاكَ الآخِرُ"، الغسل أحوط، والاحتياط يعني اللزوم والوجوب أم السنية؟

طالب: السنية.

يعني السنية، وهذا البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-، أكيد أنه بعد النسخ، فكيف يقول: "الغسل أحوط، وذاك الآخر، وَإِنَّمَا بَيَّنَّا لِاخْتِلاَفِهِمْ"؟

"قال أبو عبد الله" وهو المصنف: وقائل ذلك هو الراوي عنه: "الغَسْلُ أَحْوَطُ" أي على تقدير أن لا يثبت الناسخ، ولا يظهر الترجيح. يعني لو قُدر أنه ما فيه ناسخ ولا فيه مرجح قلنا: الغسل أحوط، فالاحتياط للدين الاغتسال.

اقرأ.

طالب: قال الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ-: "قوله: "باب غسلِ ما يصيب" أي الرجل "من فرج المرأة"، أي من رطوبة وغيرها. قوله: "عن الحسين" زاد أبو ذر: المعلم. قوله: "قال يحيى" هو ابن أبي كثير، أي قال الحسين: قال يحيى، ولفظ قال الأولى تُحذف في الخط عرفًا".

وتُذكر في القراءة، مثل ما تكون في أثناء الأسانيد: حدثنا فلان، قال: حدثنا فلان، قال: حدثنا فلان، قال: أخبرنا فلان. فيحذفونها في الكتابة؛ لأنها معروفة. وبعضهم يوجب النطق بها، وبعضهم يتسامح ويقول: لا يلزم، والسياق معروف، ولا يلتبس، ولا يحصل منه لبس على القارئ أو على السامع.

طالب: "قوله: «وأخبرني» هو عطف على مقدر، أي أخبرني بكذا وأخبرني بكذا، ووقع في رواية مسلم بحذف الواو، قال ابن العربي: لم يسمعه الحسين من يحيى فلهذا قال: "قال يحيى" كذا ذكره ولم يأتِ بدليل، وقد وقع في رواية مسلم في هذا الموضع عن الحسين عن يحيى، وليس الحسين بمدلس، وعنعنةُ غير المدلس محمولة على السماع إذا لقيه على الصحيح".

هذا محل اتفاق إذا لقيه، الكلام على ما إذا عاصره هل يكتفى بذلك كما هو رأي الإمام مسلم ونقل عليه الاتفاق، أما اللقاء فهو معروف عن البخاري وعلي بن المديني، والمسألة معروفة.

 وصححوا وصل معنعن سلم           من دلسة راويه واللقا عُلم

طالب: "على أنه وقع التصريح في رواية ابن خزيمة في رواية الحسين عن يحيى بالتحديث، ولفظه: حدثني يحيى بن أبي كثير، ولم ينفرد الحسين مع ذلك به، فقد رواه عن يحيى أيضًا معاوية بن سلَّام، أخرجه ابن شاهين، وشيبان بن عبد الرحمن، أخرجه المصنف كما تقدم في باب الوضوء من المخرجين".

المعروف بالنحوي.

طالب: "وسبق الكلام هناك على فوائد هذا الإسناد وألفاظ المتن. قوله: «فأمروه بذلك» فيه التفات؛ لأن الأصل أن يقول: فأمروني، أو هو مقول عطاء بن يسار فيكون مرسلاً، وقال الكرماني: الضمير يعود على المُجامِع الذي في ضمن إذا جامع".

يعني أمروا المجامع على كلام الكرماني، وكلام غيره يقتضي أنهم أمروا السائل.

طالب: "وجزم أيضًا بأنه عن عثمان إفتاء ورواية مرفوعة، وعن الباقين إفتاء فقط. قلت: وظاهره أنهم أمروه بما أمره به عثمان، فليس صريحًا في عدم الرفع، لكن في رواية الإسماعيلي: «فقالوا مثل ذلك»، وهذا ظاهره الرفع؛ لأن عثمان أفتاه بذلك، وحدثه به عن النبي- صلى الله عليه وسلم-، فالمثلية تقتضي أنهم أيضًا أفتوه وحدثوه، وقد صرح الإسماعيلي بالرفع في رواية أخرى له ولفظه: «فقالوا مثل ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم-»، وقال الإسماعيلي: لم يقل ذلك غير يحيى الحماني، وليس هو من شرط هذا الكتاب. قوله: "وأخبرني أبو سلمة" كذا لأبي ذر، وللباقين: قال يحيى: وأخبرني أبو سلمة وهو المراد، وهو معطوف بالإسناد الأول وليس معلقًا، وقد رواه مسلم من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث عن أبيه بالإسنادين معًا.

 قوله: «أنه سمع ذلك من رسول الله -صلى الله عليه وسلم، قال الدارقطني: هو وهمٌ؛ لأن أبا أيوب إنما سمعه من أُبي بن كعب كما قال هشام بن عروة عن أبيه. قلت: الظاهر أن أبا أيوب سمعه منهما لاختلاف السياق؛ لأن في روايته عن أبي بن كعب قصةً ليست في روايته عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، مع أن أبا سلمة وهو ابن عبد الرحمن بن عوف أكبر قدرًا وسنًّا وعلمًا من هشام بن عروة، وروايته عن عروة من باب رواية الأقران؛ لأنهما تابعيان فقيهان من طبقة واحدة، وكذلك رواية أبي أيوب عن أبي بن كعب؛ لأنهما فقيهان صحابيان كبيران. وقد جاء هذا الحديث من وجه آخر عن أبي أيوب عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخرجه الدارمي وابن ماجه، وقد حكى الأثرم عن أحمد أن حديث زيدَ".

زيدِ.

"حديث زيدِ بن خالد المذكور في هذا الباب معلول؛ لأنه ثبت عن هؤلاء الخمسة الفتوى بخلاف ما في هذا الحديث، وقد حكى يعقوب بن شيبة عن علي بن المديني أنه شاذ".

يعني هذا الكلام على أن المأثور عن هؤلاء الخمسة الأمر بالغسل لا الاكتفاء بالوضوء كفتوى عثمان، ولكن ضُعف هذا القول، وإجراء الضمائر على بابها واتساقها أولى من أن تختلف الضمائر من غير أدلة.

طالب: "لأنه ثبت عن هؤلاء الخمسة الفتوى بخلاف ما في هذا الحديث".

ولا يلزم من إفتائهم بخلاف ما يروون أن يعلّ الحديث، والأمر في هذا ظاهر: لوجود الناسخ. نعم.

طالب: "وقد حكى يعقوب بن شيبة عن علي بن المديني أنه شاذ، والجواب عن ذلك أن الحديث ثابت من جهة اتصال إسناده وحِفظ رواته، وقد روى ابن عيينة أيضًا عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار نحو رواية أبي سلمة عن عطاء، أخرجه ابن أبي شيبة وغيره، فليس هو فردًا. وأما كونهم أفتوا بخلافه فلا يقدح ذلك في صحته؛ لاحتمال أنه ثبت عندهم ناسخه فذهبوا إليه، وكم من حديث منسوخ وهو صحيح من حيث الصناعة الحديثية. وقد ذهب الجمهور إلى أن ما دل عليه حديث الباب من الاكتفاء بالوضوء إذا لم يُنزل المُجامِع منسوخ بما دل عليه حديث أبي هريرة وعائشة المذكورين في الباب قبله".

المذكوران.

طالب: المذكورين عندي.

"بما دل عليه حديث أبي هريرة وعائشة" يعني على نية تكرار المعطوف: حديث أبي هريرة وحديث عائشة المذكوران. ليس المقصود المضاف إليه أبو هريرة وعائشة المذكورين، لكن المقصود الحديثان.

طالب: "وقد ذهب الجمهور إلى أن ما دل عليه حديث الباب من الاكتفاء بالوضوء إذا لم يُنزل المجامع منسوخ بما دل عليه حديث أبي هريرة وعائشة المذكوران في الباب قبله".

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

لا، فيه إشارة.

طالب: "والدليل على النسخ ما رواه أحمد وغيره من طريق الزهري عن سهل بن سعد قال: حدثني أبي بن كعب أن الفتيا التي كانوا يقولون: «الماء من الماء» رخصة كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رخص بها في أول الإسلام ثم أمر بالاغتسال بعدُ؛ صححه ابن خزيمة وابن حبان، وقال الإسماعيلي: هو صحيح على شرط البخاري، كذا قال، وكأنه لم يطلع على علته، فقد اختلفوا في كون الزهري سمعه من سهل. نعم أخرجه أبو داود وابن خزيمة أيضًا من طريق أبي حازم عن سهل، ولهذا الإسناد أيضًا علةٌ أخرى ذكرها ابن أبي حاتم.

 وفي الجملة هو إسناد صالح لأن يُحتج به، وهو صريح في النسخ، على أن حديث الغسل «وإن لم يُنزل» أرجح من حديث «الماء من الماء»؛ لأنه بالمنطوق، وترك الغسل من حديث الماء بالمفهوم أو بالمنطوق أيضًا، لكن ذاك أصرح منه. وروى ابن أبي شيبة وغيره عن ابن عباس أنه حمل حديث «الماء من الماء» على صورة مخصوصة، وهي ما يقع في المنام من رؤية الجماع، وهو تأويل يجمع بين الحديثين من غير تعارض".

يعني إذا احتلم ولم ينزل فلا غسل عليه؛ لأنه في الاحتلام لا بد من الإنزال، لا بد من رؤية الماء كما تقدم في الحديث: «نعم. إذا هي رأت الماء».

طالب: .......

لا، النسخ هذا متواطئ معروف.

طالب: بالاتفاق.

محل إجماع أو منسوخ.

طالب: "تنبيه: في قوله: «الماء من الماء» جناس تام، والمراد بالماء الأول ماء الغسل".

جناس تام يعني لفظان متفقان والمعاني مختلفة، «الماء» الذي هو ماء الاغتسال «من الماء» الذي هو بسبب الإنزال جناس تام.

 قبورنا تبنى ونحن ما تبنا         فليتنا تبنا من قبل أن تبنى

طالب: "في قوله: «الماء من الماء» جناس تام، والمراد بالماء الأول ماء الغسل، وبالثاني المني. وذكر الشافعي أن كلام العرب يقتضي أن الجنابة تطلق بالحقيقة على الجماع، وإن لم يكن معه إنزال، قال: فإن كل من خوطب بأن فلانًا أجنب من فلانة عقل أنه أصابها وإن لم يُنزل، قال: ولم يختلف أن الزنى الذي يجب به الحد هو الجماع ولو لم يكن معه إنزال، وقال ابن العربي: إيجاب الغسل بالإيلاج بالنسبة إلى الإنزال نظير إيجاب الوضوء بمس الذكر بالنسبة إلى خروج البول، فهما متفقان دليلاً وتعليلاً، والله أعلم".

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ-: "قوله: "عن هشام بن عروة قال: أخبرني أبي" يعني أباه عروة وهو واضح، وإنما نبّهت عليه".

نعم؛ لئلا يختلط بأُبَي؛ لئلا يقول: عن هشام بن عروة قال: أخبرني أُبي، فنبَّه الحافظ على أن المراد أباه.

طالب: "وإنما نبهت عليه لئلا يُظن أنه نظير أُبي بن كعب لكونه ذُكر في الإسناد.

 قوله: «ما مس المرأة منه»، أي يغسل الرجل العضو الذي مس فرج المرأة من أعضائه، وهو من إطلاق الملزوم وإرادة اللازم؛ لأن المراد رطوبة فرجها. قوله: «ثم يتوضأ» صريح في تأخير الوضوء عن غسل الذكر، زاد عبد الرزاق عن الثوري عن هشام فيه: «وضوءه للصلاة»".

يعني ما هو بوضوء لغوي مجرد الغسل من غير إتمام لأعضاء الوضوء، لكنه وضوؤه للصلاة. نعم.

طالب: "قوله: «ويصلي» هو أصرح في الدلالة على ترك الغسل من الحديث الذي قبله. قوله: "قال أبو عبد الله" هو المصنف، وقائل ذلك هو الراوي عنه. قوله: "الغسل أحوط"، أي على تقدير أن لا يثبت الناسخ ولا يظهر الترجيح، فالاحتياط للدين الاغتسال. قوله: "الأخير" كذا لأبي ذر، ولغيره: الآخِر بالمد بغير ياء، أي آخِر الأمرين من الشارع أو من اجتهاد الأئمة، وقال ابن التين: ضبطناه بفتح الخاء فعلى هذا الإشارة في قوله: "وذاك" إلى حديث الباب. قوله: "إنما بينا لاختلافهم"، وفي رواية كريمة: إنما بينا اختلافهم، وللأصيلي: إنما بيناه لاختلافهم، وفي نسخة الصغاني: إنما بينا الحديث الآخر لاختلافهم، والماء أنقى، واللام تعليلية، أي حتى لا يظن أن في ذلك إجماعًا".

الخلاف خلاف قديم بين الصحابة -رَضِيَ اللهُ عنهُم-.

طالب: ما هو متروك يا شيخ؟

على كل حال انعقد الإجماع بعد ذلك.

طالب: ....... اختلافهم وقد تُرك الخلاف ....... الإجماع؟

ذكر أو ما ذكر، إذا ثبت الإجماع قضى على ما عداه. الإجماع عند أهل العلم مقدم، قال الطوفي وغيره: مقدم على النصوص؛ لأنه لا يحتمل نسخًا ولا تأويلًا بخلاف النص.

طالب: .......

معروف عن الإجماع .......

طالب: .......

لا، من مقتضاه، الإجماع بعد الخلاف.

طالب: .......

كأنه لا وجود له، إذا حصل الإجماع ارتفع الخلاف السابق.

طالب: "واستشكل ابن العربي كلام البخاري، فقال: إيجاب الغسل أطبق عليه الصحابة ومن بعدهم، وما خالف فيه إلا داود ولا عبرة بخلافه، وإنما الأمر الصعب مخالفة البخاري، وحكمه بأن الغسل مستحب، وهو أحد أئمة الدين وأجلة علماء المسلمين، ثم أخذ يتكلم في تضعيف حديث الباب بما لا يُقبل منه، وقد أشرنا إلى بعضه، ثم قال: ويحتمل أن يكون مراد البخاري بقوله: "الغسل أحوط"، أي في الدين وهو باب مشهور في الأصول، قال: وهو أشبه بإمامة الرجل وعلمه.

قلت: وهذا هو الظاهر من تصرفه؛ فإنه لم يُترجِم بجواز ترك الغسل، وإنما تَرجم ببعض ما يستفاد من الحديث من غير هذه المسألة، كما استدل به على إيجاب الوضوء فيما تقدم. وأما نفى ابن العربي الخلاف فمعترَض، فإنه مشهور بين الصحابة ثبت عن جماعة منهم، لكن ادعى ابن القصار أن الخلاف ارتفع بين التابعين، وهو معترَض أيضًا، فقد قال الخطابي: إنه قال به من الصحابة جماعة فسمى بعضهم، قال: ومن التابعين الأعمش، وتبعه عياض، لكن قال: لم يقل به أحد بعد الصحابة غيره وهو معترَض أيضًا، فقد ثبت ذلك عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وهو في سنن أبي داود بإسناد صحيح، عن هشام بن عروة عند عبد الرزاق".

وعن هشام بن عروة عند.

وعن؟

وعن هشام بن عروة عند.

" وعن هشام بن عروة عند عبد الرزاق بإسناد صحيح، وقال عبد الرزاق أيضًا عن ابن جريج عن عطاء أنه قال: لا تطيب نفسي إذا لم أنزل حتى أغتسل من أجل اختلاف الناس لأخذنا بالعروة الوثقى، وقال الشافعي في اختلاف الحديث: حديث «الماء من الماء» ثابت لكنه منسوخ، إلى أن قال: فخالفنا بعض أهل ناحيتنا يعني من الحجازيين، فقالوا: لا يجب الغسل حتى ينزل. انتهى. فعُرف بهذا أن الخلاف كان مشهورًا بين التابعين ومن بعدهم، لكن الجمهور على إيجاب الغسل وهو الصواب، والله أعلم".

طالب: .......

لم يقع فيها إجماع، لكن إذا صار الدليل والاستدلال مثل الشمس يكون القول المقابل فيه وهن شديد. عرفت أنه كان «الماء من الماء» رخصة في أول الأمر، والأئمة يقولون: إن الحديث منسوخ، وأحاديث صحيحة صريحة: «إذا جلس بين شعبها ثم جهد فقد وجب الغسل وإن لم يُنزل». هذه أمور واضحة لا تحتمل خلافًا.

طالب: .......

يكون نُقل عنه قبله، وقد يستمر يفتي بالقول؛ لأنه لم يبلغه الناسخ، ثم يبلغه فيما بعد.

خاتمة.

طالب: "خاتمة: اشتمل كتاب الغسل وما معه من أحكام الجنابة من الأحاديث المرفوعة على ثلاثة وستين حديثًا، المكرر منها فيه وفيما مضى خمسة وثلاثون حديثًا، الموصول منها أحدٌ وعشرون، والبقية تعليق ومتابعة، والخالص ثمانية وعشرون؛ منها واحد معلق وهو حديث بهز عن أبيه عن جده، وقد وافقه مسلم على تخريجها سواه، وسوى حديث جابر في الاكتفاء في الغسل بصاع، وحديث أنس: «كان يدور على نسائه وهن إحدى عشرة امرأةً في ليلة واحدة»، وحديثه في الاغتسال مع المرأة من إناء واحد، وحديث عائشة في صفة غسل المرأة من الجنابة.

 وفيه من الآثار الموقوفة على الصحابة والتابعين عشرة؛ المعلق منها سبعة، والموصول ثلاثة، وهي حديث زيد بن خالد عن علي وطلحة والزبير المذكور في الباب الأخير، فإن كان مرفوعًا عنهم فتزيد عدة الخالص من المرفوع ثلاثةً، وهي أيضًا من أفراده عن مسلم، والله أعلم".

اللهم صل وسلم على عبدك ونبيك وعلى آله وأصحابه أجمعين.

"