التعليق على تفسير القرطبي - سورة هود (03)

أن يكون على السنة؛ لأن من متطلبات السنة أن يكون خالصًا لله، لكن قد يكون العمل ظاهره على السنة، وهو في الحقيقة ليس لله، فلابد من ذكر الشرطين معًا، «إِنَّمَا الأعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ»، «مَنْ عَمِلَ عَمَلا ليسَ عليه أمرُنا هذا فهو رَدٌ».

"وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى الِابْتِلَاءِ".

الابتلاء هو الاختبار، الامتحان، نعم.

"{وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ} أَيْ دَلَلْتَ يَا مُحَمَّدُ عَلَى الْبَعْثِ، {مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ} وَذَكَرْتَ ذَلِكَ لِلْمُشْرِكِينَ لَقَالُوا: هَذَا سِحْرٌ ، وكسرت إن".

وكسرت إنَّ.

"وَكُسِرَتْ إِنَّ؛  لِأَنَّهَا بَعْدَ الْقَوْلِ مُبْتَدَأَةٌ، وَحَكَى سِيبَوَيْهِ الْفَتْحَ" .

"إِنَّ" مبتدأة، وكُسرت إن {إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ}.

"{لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} فُتِحَتِ اللَّامُ لِأَنَّهُ فِعْلٌ مُتَقَدِّمٌ لَا ضَمِيرَ فِيهِ، وَبَعْدَهُ {لَيَقُولُنَّ} لِأَنَّ فِيهِ ضَمِيرًا".

{لَيَقُولُنَّ}، في الآية التي تليها، قَوْلُهُ تَعَالَى:   {لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ}.

"وَ {سِحْرٌ} أَيْ غُرُورٌ بَاطِلٌ".

ما الفرق بين { لَيَقُولَنَّ}، و{لَيَقُولُنَّ

طالب:......

نعم.

طالب:.....

نعم.

طالب:.......

نون النسوة؟

ليست نون النسوة عفوًا، نون التوكيد.

كلاهما مسنَد إلى نون التوكيد، كلاهما فيه نون التوكيد، كلاهما مضارع فيه نون التوكيد، هذا {لَيَقُولَنَّ}، وذا {لَيَقُولُنَّ

طالب: هذا يا شيخ أحسن الله إليك، قُلبَت واوًا لما أُسندت لنون التوكيد، أصبح يقولُن.

ما فيه، ما فيه واوات هنا، كلها صورة واحدة، المضارع إذا اقترنت به نون التوكيد ماذا يصير حكمه؟

المضارع إذا اقترنت به نون التوكيد؟ يُعرب مضارعا إن عريَ عن نون توكيد، يُبنى على ماذا؟

طالب:.........

إذا أُسند لنون التوكيد، إذا اقترن بنون التوكيد؟ هذا {لَيَقُولَنَّ} مبني على الفتح؛ لأنه اتصلت به نون التوكيد، والثاني {لَيَقُولُنَّ

               مِنْ نُونِ تَوْكِيدٍ مُبَاشِرٍ            وَمِنْ نُونِ إِنَاثٍ كَيَرُعْنَ مَنْ فُتِنْ

فنون التوكيد في الأول مباشرة، والثاني ليست مباشرة؛ لأنها مفصولة بواو الجماعة المحذوفة، يا هشام؟

نعم. نعم.

"وَ{سِحْرٌ} أَيْ غُرُورٌ بَاطِلٌ، لِبُطْلَانِ السِّحْرِ عِنْدَهُمْ، وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ {إِنْ هَذَا إِلَّا سَاحِرٌ مُبِينٌ} كِنَايَةٌ عَنِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم-".

{إِنْ هَذَا إِلَّا سِحِرٌ} يعني ما جاء به النبي -عليه الصلاة والسلام-، و{إِنْ هَذَا إِلَّا سَاحِرٌ}  المقصود به النبي -عليه الصلاة والسلام-.

"قَوْلُه: {وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ} اللَّامُ فِي {لَئِنْ} لِلْقَسَمِ، وَالْجَوَابُ {لَيَقُولُنَّ} وَمَعْنَى {إِلَى أُمَّةٍ} إِلَى أَجَلٍ مَعْدُودٍ وَحِينٍ مَعْلُومٍ، فَالْأُمَّةُ هُنَا الْمُدَّةُ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَجُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ، وَأَصْلُ الْأُمَّةِ الْجَمَاعَةُ، فَعَبَّرَ عَنِ الْحِينِ، وَالسِّنِينَ بِالْأُمَّةِ؛ لِأَنَّ الْأُمَّةَ تَكُونُ فِيهَا، وَقِيلَ: هُوَ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ، وَالْمَعْنَى إِلَى مَجِيءِ أُمَّةٍ لَيْسَ فِيهَا مَنْ يُؤْمِنُ فَيَسْتَحِقُّونَ الْهَلَاكَ، أَوْ إِلَى انْقِرَاضِ أُمَّةٍ فِيهَا مَنْ يُؤْمِنُ فَلَا يَبْقَى بَعْدَ انْقِرَاضِهَا مَنْ يُؤْمِنُ، وَالْأُمَّةُ اسْمٌ مُشْتَرَكٌ يُقَالُ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَوْجُهٍ".

يعني يُطلق ويراد به أحد ثمانية أشياء، أي يُطلق ويراد به الحين والوقت، ويراد به الجيل، يُطلق ويراد به الرجل الذي جمع الخير ويُقتَدى به، ويُطلق ويراد به الملة والدِّين إلى آخره، نعم.

"فَالْأُمَّةُ تَكُونُ الْجَمَاعَةَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ} وَالْأُمَّةُ أَيْضًا أتَبَاعُ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَالْأُمَّةُ الرَّجُلُ الْجَامِعُ لِلْخَيْرِ الَّذِي يُقْتَدَى بِهِ".

يعني أمة محمد، أمة محمد يعني أتباعه -عليه الصلاة والسلام-، وإن كانت تنقسم إلى أمة إجابة وأمة دعوة ممن لم يتبعه -عليه الصلاة والسلام-، نعم.

"وَالْأُمَّةُ الرَّجُلُ الْجَامِعُ لِلْخَيْرِ الَّذِي يُقْتَدَى بِهِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا}[النحل:120]، وَالْأُمَّةُ الدِّينُ وَالْمِلَّةُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ} [الزخرف:22]، وَالْأُمَّةُ الْحِينُ وَالزَّمَانُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ} وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} [يوسف:45]، وَالْأُمَّةُ الْقَامَةُ، وَهُوَ طُولُ الْإِنْسَانِ وَارْتِفَاعُهُ، يُقَالُ مِنْ ذَلِكَ: فُلَانٌ حَسَنُ الْأُمَّةِ أَيِ الْقَامَةِ، وَالْأُمَّةُ الرَّجُلُ الْمُنْفَرِدُ بِدِينِهِ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُهُ فِيهِ أَحَدٌ".

لعله لا يَشْرَكَه، لا يِشْرَكَه يعني لا يشاركه.

قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «يُبْعَثُ زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ أُمَّةً وَحْدَهُ»، وَالْأُمَّةُ الْأُمُّ، يُقَالُ: هَذِهِ أُمَّةُ زَيْدٍ ، يَعْنِي أُمَّ زَيْدٍ.

 {لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ} يَعْنِي الْعَذَابَ، وَقَالُوا هَذَا إِمَّا تَكْذِيبًا لِلْعَذَابِ لِتَأَخُّرِهِ عَنْهُمْ، أَوِ اسْتِعْجَالًا وَاسْتِهْزَاءً، أَيْ مَا الَّذِي يَحْبِسُهُ عَنَّا، {أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ} قِيلَ: هُوَ قَتْلُ الْمُشْرِكِينَ بِبَدْرٍ، وَقَتْلُ جِبْرِيلَ الْمُسْتَهْزِئِينَ عَلَى مَا يَأْتِي .

{إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} [الحجر:95]، وهذا سيأتي إن شاء الله تعالى.


"{وَحَاقَ بِهِمْ} أَيْ نَزَلَ وَأَحَاطَ، {مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} أَيْ جَزَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ، وَالْمُضَافُ مَحْذُوفٌ، قوله تعالى".

يكفي يكفي الآن بقي نصف ساعة، الآن نهينا الدرس عشر صفحات من الكتاب، وإذا قررنا وعزمنا على أن ننجز في كل فصل جزءًا، فلابد أن ننهي عشرين صفحة، يعني ضعف ما قرأناه اليوم، وإن كنتم ترون هذا أو ترون أن نقتصر على العشر ونمد في المدة بدل ست سنين نمد عشر سنة.

طالب: وبهذا يطول.

سيطول لكن مع ذلك احتجنا إلى ...

طالب: التعليق مهم التعليق.

العلم ما ينتهي يا أبا عبد الله.