كتاب الوضوء (19)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،

 فيقول الشارح -رحمه الله تعالى- قوله: وقال طاوس، هو ابن كيسان التابعي المشهور، وأثره هذا وصله ابن أبي شيبة بإسناد صحيح، ولفظه: أنه كان لا يرى في الدم وضوءًا، يغسل عنه الدم ثم حسبه. يعني يكفيه أن يغسل الدم، ولا أثر له على الوضوء.

 قوله: محمد بن علي هو ابن الحسين بن علي، أبو جعفر، الباقر، ولقب بباقر قالوا: لأنه بقر العلم، دخل فيه وأوغل فيه، كما سميت البقرة؛ لأنها تبقر الأرض وتشقها للحرث، قال: وأثره هذا رُوِّيناه موصولاً في فوائد الحافظ أبي بشر، في فوائد الحافظ أبي بشر المعروف بسمويه، من طريق الأعمش قال: سألت أبا جعفر الباقر عن الرعاف، فقال: لو سال نهرٌ من دمٍ ما أعدت منه الوضوء.

 وعطاء هو ابن أبي رباح، وأثره هذا وصله عبد الرزاق عن ابن جريج عنه، قوله: وأهل الحجاز هو من عطف العام على الخاص؛ لأن الثلاثة المذكورين قبلُ حجازيون، وقد رواه عبد الرزاق من طريق أبي هريرة وسعيد بن جبير، وأخرجه ابن أبي شيبة من طريق ابن عمر وسعيد بن المسيب، وأخرجه إسماعيل القاضي من طريق أبي الزناد عن الفقهاء السبعة من أهل المدينة، وهو قول مالك والشافعي.

أخرجه ابن أبي شيبة من طريق ... رواه عبد الرزاق من طريق أبي هريرة، يعني عمن؟ رواه عبد الرزاق من طريق أبي هريرة وسعيد بن جبير لكن عمن؟ ما يجيء عن طريق وهو المروي عنه، الذي في الطريق واسطة بين الناقل والمنقول عنه، وقد رواه عبد الرزاق من طريق أبي هريرة وسعيد بن جبير، يكون عمن فوقهم، عن أبي بكر وعن النبي -عليه الصلاة والسلام-، بالنسبة لأبي هريرة أو عن صحابي كبير، ومثل هذا، وأخرجه ابن أبي شيبة من طريق ابن عمر، وسعيد بن المسيب، أخرجه من طريق أم عنه؟

وأخرجه إسماعيل القاضي من طريق أبي الزناد عن الفقهاء السبعة هذا ماشٍ، هذا من طريق أبي الزناد عن الفقهاء السبعة من أهل المدينة، وهو قول مالك والشافعي، يعني أن الدم لا ينقض الوضوء، لكن يبقى الإشكال إخراجه من طريق أبي هريرة، وهو عنه أو من طرق عن أبي هريرة وسعيد بن جبير ممكن، أما من طريق أبي هريرة وسعيد بن جبير يعني عنهما فهذا الأسلوب فيه ما فيه.

طالب: ......

ماذا؟

طالب:...

مثله، نفسه، نفس الشيء لم تراجع المصنف. عندك موثق؟

طالب:...

راجع للمصنف؟

طالب:...

هذا ارتاحت.

طالب:...

نفس الموضوع، نفس الموضوع، يراجع، معكم الآلات تخرجونها، أين عبد الرحمن؟

طالب: ......

 قوله: وعصر ابن عمر، وصله ابن أبي شيبة بإسناد صحيح، وزاد قبله: ولم يتوضأ ثم صلى، وزاد قبل، وزاد قبل قوله ولم يتوضأ: ثم صلى، وعصر ابن عمر بثرة ثم صلى ولم يتوضأ، هذا السياق، ثم قوله: بَثْرة بفتح الموحدة وسكون المثلثة، ويجوز فتحها بَثَرة هي خُرَّاج صغير يقال: بثَر وجهه مثلث، الثاء المثلثة، بثَر وبثُر وبثِر. قوله: وبزق ابن أبي أوفى، وبزق ابن أبي وفى، هو عبد الله الصحابي ابن الصحابي وأثره هذا وصله سفيان الثوري في جامعه، عن عطاء بن السائب أنه رآه فعل ذلك، وسفيان سمع من عطاء قبل اختلاطه، فالإسناد صحيح، قوله: وقال ابن عمر، وصله الشافعي وابن أبي شيبة بلفظ: كان إذا احتجم غسل محاجمه. قال ابن عمر والحسن فيمن يحتجم: ليس عليه إلا غسل محاجمه هذا قول، والموصول فعل، كان إذا احتجم غسل محاجمه، يعني الذي في الأصل قول، وتخريج الأثر، وصل الأثر عند الشافعي من فعله.

 قوله: والحسن أي البصري، وأثره هذا وصله ابن أبي شيبة أيضًا ولفظه: أنه سئل عن الرجل يحتجم ماذا عليه؟ قال: يغسل أثر محاجمه، هناك غسل محاجمه، وهنا قال: يغسل أثر محاجمه؛ لأن غسل المحاجم إذا كان المراد بها الآلة لا يُحتاج إليه، ولا علاقة له بالصلاة، لا سيما الآن المحاجم تُرمى، صح؟ ما تتكرر، تُرمى، أو تُغسل ثم ترمى؟ يعني على مقتضى الآثار غسل محاجمه.

طالب: ......

في الأثر الذي يليه ولفظه: أنه سئل عن الرجل يحتجم ماذا عليه؟ قال: يغسل أثر محاجمه، يعني الموضع، وهناك كان إذا احتجم غسل محاجمه، التي هي الآلة، إذا أراد أن يستعملها مرة ثانية فلا بد من تنظيفها وتنقيتها، لكن الآن جاؤوا لا يحتاج إليها مرة ثانية، ولا تعاد.

طالب: ......

 من إطلاق المحل وإرادة الحال؟

طالب:...

ممكن.

يقول الحافظ: تنبيه: وقع في رواية الأصيلي وغيره: ليس عليه غسل محاجمه، ليس عليه غسل محاجمه، بإسقاط أداة الاستثناء، بإسقاط أداة الاستثناء، وهو الذي ذكره الإسماعيلي، وقال ابن بطال: ثبتت إلا في رواية المستملي دون رفيقيه انتهى. قال: وهي في نسختي ثابتة. من الذي يقول: وهي في نسختي؟ ابن حجر أو ابن بطال؟

طالب: ابن حجر.

نعم خلاص، ابن حجر هذا. وهي في نسختي ثابتة من رواية أبي ذر عن الثلاثة، يعني التي اعتمدها في الشرح.

 وتخريج التعليق المذكور يؤيد ثبوتها، تخريج التعليق المذكور يؤيد ثبوتها، كان إذا احتجم غسل محاجمه، يغسل أثر محاجمه، وقد حُكي عن الليث أنه قال: يجزئ المحتجم أن يمسح موضع الحجامة ويصلي ولا يغسله، يجزئ المحتجم أن يمسح موضع الحجامة ويصلي ولا يغسله؛ لأنه ليس بنجس عنده، والمكان حتى لو كان نجسًا عند بعضهم إذا كان المكان صقيلًا لا يشرب النجاسة يكفي مسحه، كمسح السكين بعد الذبح والسيف وغير ذلك.

 ثم قال -رحمه الله-: "حدثنا آدم بن أبي إياس قال: حدثنا ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا يزال العبد في صلاة ما دام في المسجد ينتظر الصلاة، ما لم يحدث»". قال رجل أعجمي: ما الحدث يا أبا هريرة؟ قال: الصوت. يعني الضرطة وهي خارجة من المخرج، خارجة من المخرج، والترجمة من لم ير الوضوء إلا من المخرجين، وهذه من المخرج.

 مع أن الوصف بكونه أعجميًّا، مع أن الحدث يحتمل، الحدث الحسي والحدث المعنوي من أحدث في أمرنا، يعني لو ابتدع مثلاً تستمر الملائكة تصلي عليه؟ أو يشمله الحدث؟

طالب: ......

 لأنه قال: فقال رجل أعجمي: ما الحدث؟ كأنه يستنكر عليه السؤال، وأن العربي يعرف الحدث، ما يحتاج إلى أن يسأل عنه، وما دام الحدث يشمل المعنيين فلا مانع أن يراد به الحدث الحسي الذي أشار إليه أبو هريرة في تفسيره للحدث، وفي رده على الأعجمي يشمل الحدث الثاني.

طالب: ......

ممكن الحافظ يشير إليها.

قوله: ابن أبي ذئب، تقدم أن اسمه محمد بن عبد الرحمن، والإسناد كله مدنيون إلا آدم وقد دخلها، قوله: «ما كان في المسجد» أي ما دام، وهي رواية الكشميهني، والمراد أنه في ثواب الصلاة ما دام ينتظرها، في صلاة حكمًا لا حقيقة، والمراد أنه في ثواب الصلاة ما دام ينتظرها وإلا لامتنع عليه الكلام ونحوه، حتى الذكر، حتى الذكر بعض الأذكار التي تقال بعد الصلاة لا تصلح في الصلاة.

 وقال الكرماني: نكَّر قوله في الصلاة، في صلاة، نعم في صلاةٍ، عندنا في الصلاة ليس بصحيح.

 نكَّر قوله في صلاة؛ ليشعر بأن المراد نوع صلاته التي ينتظرها، وسيأتي بقية الكلام عليه في الصلاة في كتاب الصلاة، في أبواب صلاة الجماعة، إن شاء الله تعالى.

 قوله: أعجمي أي غير فصيح، أي غير فصيح بالعربية، سواء كان عربيًّا كان عربي الأصل أم لا، ويحتمل أن يكون هذا الأعجمي هو الحضرمي الذي تقدَّم ذكره في أوائل كتاب الوضوء، يقال للعربي الذي لا يحسن العربية: أعجمي؛ لأنه يشبه الأعاجم، لأنه يشبه الأعاجم، والعجمة في الأصل عدم النطق، والنطق بغير العربية عند العرب كلا نطق، يسمونه أعجميًّا تشبيهًا له بالعجماوات التي لا تتكلم.

قوله: قال: الصوت، كذا فسّره هنا، ويؤيده الزيادة المذكورة قبل في رواية أبي داود وغيره حيث قال: لا وضوء إلا من صوت أو ريح، فكأنه قال: لا وضوء إلا من ضراط أو فُساء، وإنما خصهما بالذكر دونما هو أشد منهما؛ لكونهما لا يخرج من المرء غالبًا في المسجد غيرهما، فالظاهر أن السؤال وقع عن الحدث الخاص، الظاهر أن السؤال وقع عن إيش؟

طالب: ......

 نعم، أنا عندي الحديث.

وهو المعهود وقوعه غالبًا في الصلاة كما تقدمت الإشارة إلى ذلك في أوائل الوضوء.

 ابن العربي في العارضة شرح الترمذي استنبط من الحديث أنه يجوز إرسال الفساء والضراط في المسجد للحاجة، يعني إذا دعت الحاجة ما تقول: والله ما يجوز في المسجد أطلع وإذا انتهى أرجع، يقول: يجوز هذا؛ لأنه ما رتِّب عليه عقاب ولا نهي عنه، وإنما ينقطع عنه الأجر إذا أحدث، استدل بهذا على أنه يجوز إرسال ذلك للحاجة، أما لغير حاجة فإنه يكون حينئذٍ مجرد امتهان.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

انقطع خلاص، إذا أحدث انقطع، إذا رجع عاد أجر جديد هذا، وأبو هريرة إيش يقول؟ الصوت، يعني بالتنبيه بالأدنى على الأعلى.

طالب:...

أين؟

طالب: ......

نعم، خاص؛ لأن الحدث يشمل المعنى والحسي.

طالب:...

ما سأل عن الحدث الذي هو الإحداث في الدين، أو ما يشمل ذلك، حدث خاص مما يخرج من المخرج، نعم. لكن هل يبلغ أذاه للملائكة وللموجودين مثل الثوم والبصل؟

طالب:...

ما أسمع.

طالب: ......

 افترض أنه بدون صوت، هل هو بمثابة الثوم والبصل ومكثه طول مكث الثوم والبصل؟ لأنه إذا أردنا أن نقيس فلا بد من المشاركة في العلة والمطابقة في ذلك.

طالب: ......

نعم، لكن هل القدر الذي يتأذى به بنو آدم من هذا مطابق للقدر الذي ورد فيه النهي؟

طالب: ......

 طيب تأذى من النفس، يتأذون، يلحق؟

قال -رحمه الله-: "حدثنا أبو الوليد" وهو الطيالسي، هشام بن عبد الملك قال: حدثنا، هو غير الطيالسي صاحب المسند غير أبي داود نعم، قال: "حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن عباد بن تميم عن عمه، عباد بن تميم عن عمه" عبد الله بن زيد تقدَّم، وسيأتي في حديث الوضوء، "عن عمه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا»، «لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا»"، لكن إذا كان لا يسمع ولا يشم، فمتى ينصرف؟

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

هو ما رجع للإحساس، كل الناس يحسون، والشيطان يتلاعب بمقاعد بني آدم، إذا كان مجرد الإحساس فالذي يسمع ويشم مثله، لعل الشارح يقول شيئًا.

 قوله: حدثنا أبو الوليد هو الطيالسي، وإن كان هشام بن عمار يُكَنَّى أيضًا أبا الوليد، ويروي أيضًا عن ابن عيينة، ويروي عنه البخاري، هشام بن عمار روى عنه البخاري في خمسة مواضع بصيغة حدثنا، وروى عنه حديث المعازف بصيغة قال، وهو من شيوخه الذين لقيهم، وأخذ عنهم، وتقدَّم الكلام على حديثه هذا في باب: لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن، وأورده هنا؛ لظهور دلالته على حصر النقض مما يخرج من السبيلين، وقد قدّمنا توجيه إلحاق بقية النواقض بهما في أوائل الباب، يعني التنصيص على فرد لا ينفي ما عداه.

 قال: "حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا جرير عن الأعمش عن منذر أبي يعلى الثوري عن محمد ابن الحنفية محمد بن علي، بن أبي طالب، قال: قال علي: كنت رجلاً مذاءً فاستحييت أن أسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بعض الروايات: لمكان ابنته مني، فأمرت المقداد بن الأسود فسأله فقال: «فيه الوضوء»"؛ لأنه من المخرج ما ينقض قاعدة البخاري وإن كانت نجاسته مخففة قال بعضهم بطهارته، لكن المقرر أنه نجس؛ لأنه أُمر بغسله، فقال: «فيه الوضوء».

 ورواه شعبة عن الأعمش، حدثنا جرير هو ابن عبد الحميد، وسيأتي الكلام على المتن في باب غسل المذي من كتاب الغسل، إن شاء الله تعالى. وقد تقدَّمت له طريق أخرى في أواخر كتاب العلم، وأورده هنا لدلالته على إيجاب الوضوء من المذي وهو خارج من أحد المخرجين، يعني باب من استحيا عن السؤال وأمر غيره أن يسأل، والأصل أنه لا يتعلم العلم مستحي ولا مستكبر، بعض المسائل لا يمنع من الحياء فيها، لا سيما إذا لم يترتب على هذا الحياء إهدار المسألة بالكلية وتركها بالكلية، فإذا أناب من ينوب عنه في السؤال فقد تأدى المطلوب.

طالب:...

هذا إذا كان يشعر بكثرة بخروجه، إذا كان يشعر بكثرة بخروج شيء يقاس.

طالب:...

يعني ما فيه شيء اسمه ناقض؟

طالب:...

هو مثله في بقية الأوصاف مثله، وأورده هنا لدلالته على إيجاب الوضوء من المذي وهو خارج من أحد المخرجين.

 قوله: رواه شعبة عن الأعمش أي بالإسناد المذكور، وقد وصله أبو داود الطيالسي في مسنده عن شعبة كذلك.

 قال -رحمه الله-: "حدثنا سعد بن حفص قال: حدثنا شيبان عن يحيى عن أبي سلمة أن عطاء بن يسار أخبره أن زيد بن خالد أخبره أنه سأل عثمان بن عفان -رضي الله عنه- قلت"، يعني قائلاً أو قال: "قلتُ: أرأيت إذا جامع فلم يمنِ؟ قال عثمان: يتوضأ كما يتوضأ للصلاة، ويغسل ذكره". هذا على وقت حديث: «الماء من الماء» «الماء من الماء» أنه لا بد من الإنزال، أما حديث: «إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل ولو لم ينزل» هذا ناسخ. يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ويغسل ذكره فقال عثمان: سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فسألت عن ذلك عليًّا والزبير وطلحة وأبي بن كعب -رضي الله عنهم- فأمروه بذلك. يعني بالوضوء.

قوله: حدثنا سعد بن حفص كذا للجميع إلا القابسي فقال: سعيد، وكذا صنع في حديثه الآخر الآتي في باب فضل النفقة في سبيل الله، من كتاب الجهاد، نبّه عليهما الجيّاني، أبو علي الجيّاني في تمييز المهمل، أو تقييد المهمل ينبِّه على مثل هذه الخلافات بين الرواة.

قوله: حدثنا شيبان هو ابن عبد الرحمن، عن يحيى وهو ابن أبي كثير، عن أبي سلمة أي ابن عبد الرحمن بن عوف، وفي الإسناد تابعيان كبيران مدنيان يروي أحدهما عن الآخر، وصحابيان كذلك، ويحيى بن أبي كثير أيضًا تابعي صغير، ففيه ثلاثة من التابعين في نسق، ثلاثة من التابعين على نسق، يروي بعضهم عن بعض، ووجد ما هو أكثر من ذلك، وجد أربعة من التابعين في سند واحد، ووجد خمسة، وأكثر وأعلى ما وجد ستة، ستة من التابعين يروي بعضهم عن بعض في حديث يتعلق بسورة الإخلاص، خرّجه النسائي، وأفرده الخطيب البغدادي في جزء.

قوله: أرأيت أي أخبرني، قوله: إذا جامع أي الرجل فلم يُمْنِ بضم التحتانية وسكون الميم يعني مثله المرأة إذا جومعت فلم تنزل في هذا الحكم.

قوله: كما يتوضأ للصلاة بيانٌ لأن المراد بالوضوء الشرعي لا اللغوي، لا يقتصر على غسل فرجه وما لوَّثه، وسيأتي حكم هذه المسألة في آخر كتاب الغسل، سيأتي أن هذا الحكم منسوخ، وأنه بمجرد التقاء الختانين يجب الغسل، ونبين هناك أنه منسوخ ولا يقال: إذا كان منسوخًا كيف يصحّ الاستدلال به؟ لأنّا نقول: المنسوخ منه عدم وجوب الغسل، وناسخه الأمر بالغسل، وأما الأمر بالوضوء فهو باقٍ؛ لأنه مندرج تحت الغسل، وأما الأمر بالوضوء فهو باق؛ٍ لأنه مندرج تحت الغسل، فمن وجب عليه الغسل يتوضأ وضوءه للصلاة كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يفعل.

والحكمة في الأمر بالوضوء قبل أن يجب الغسل إما لكون الجماع مظنة خروج المذي أو ملامسة المرأة؛ لأنه ما خرج منه شيء، لم ينزل، لكن يبعد أن يخرج وينزع بدون أن يخرج منه شيء، والحكمة في الأمر بالوضوء قبل أن يجب الغسل إما لكون الجماع مظنة خروج المذي، أو لملامسة المرأة، وبهذا تظهر مناسبة الحديث للترجمة؛ لأنه خرج من المخرج شيء فيه غلبة الظن. وإلا لو طردنا أنه لا وضوء إلا إذا خرج من المخرجين شيء احتمال ما يخرج؛ لأنه لم يمنِ احتمال ألا يخرج مذي أيضًا، فلا يجب وضوء.

طالب: ......

 ماذا؟

طالب: ......

 لم يدخل أصلًأ؛ لأنه ما خرج منه شيء.

 قال -رحمه الله-: "حدثنا إسحاق قال: أخبرنا النضر قال: أخبرنا شعبة عن الحكم عن ذكوان أبي صالح عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أرسل إلى رجل من الأنصار" يطلبه، "فجاء ورأسه يقطر فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : «لعلنا أعجلناك»" لعلنا أعجلناك، "فقال: نعم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا أُعجِلت أو قُحطت فعليك الوضوء»" مثل ما رأسه كأنه اغتسل وهو ما عليه غسل في أول الأمر قبل النسخ، هذا يحصل قديمًا لما كان الناس يتفقدون لصلاة الفجر، ويعاقبون على التخلف، قد يأتي الإنسان وهو ما اغتسل أصلاً، عليه الغسل، فيحضر للصلاة خوف العقوبة، ويقول: الله أرحم من خلقه، يصلي، وإذا خرج من المسجد ورآه الناس وأمن العقوبة ذهب فاغتسل وصلى، لكن الذي يصلي على غير طهارة أولاً عمله محرم، بلا شك، لكن عند الحنفية أمره أشد، يقول: إنه مستهزئ.

طالب: ......

يكفر عندهم؛ لأنه مستهزئ، لكن من ظهر عذره في مثل هذه الحالة لا يسلم، ليس بمستهزئ، وهذا يضعف قول الحنفية.

أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "أرسل إلى رجل من الأنصار فجاء ورأسه يقطر، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : «لعلنا أعجلناك» فقال: نعم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا أُعجِلت أو قُحطت فعليك الوضوء» تابعه وهبٌ قال: حدثنا شعبة قال أبو عبد الله المصنف: ولم يقل غندَر ويحيى عن شعبة: الوضوء.

قوله: حدثنا إسحاق كذا في رواية كريمة وغيرها، زاد الأصيلي: هو ابن منصور الكوسج، وفي رواية أبي ذر: حدثنا إسحاق بن منصور بن بهرام، بفتح الموحدة، وهو المعروف بالكوسج، كما صرح به أبو نُعيم، قال: حدثنا النضر هو ابن شُميل اللغوي المعروف بالمعجم مصغرًا، والحكم هو ابن عُتيبة بمثناة وموحدة مصغرًا، النضر بالضاد المعجمة يقترن بال وبالمهملة يجرد من ال، فالنضر بالضاد المعجمة فيه ال، ونصر لا يقترن بال.

 قوله: أرسل إلى رجل من الأنصار، ولمسلم وغيره: ومرّ على رجل، فيحمل على أنه مرّ به فأرسل إليه، يعني مرّ به -عليه الصلاة والسلام- فتجاوزه بسرعة؛ لئلا يحرجه، والمرور يعني ما يلزم أن يكون بمرأى، مجرد ما يشعر الرجل أو يخبَر أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- مرّ به لا شك أنه سوف يقع في حرج؛ لأن الحال محرجة، فيحمل على أنه مرّ به فأرسل إليه، وهذا الأنصاري سماه مسلم في روايته من طريق أخرى عن أبي سعيد: عِتْبَان، وهو بكسر المهملة وسكون المثناة ثم موحدة خفيفة، ولفظه من رواية شَرِيك بن أبي نَمْر عن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه قال: خرجت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى قباء، حتى إذا كنا في بني سالم وقف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على باب عِتبان فخرج يجرّ إزاره، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أعلجنا الرجل»، فذكر الحديث بمعناه. فذكر الحديث بمعناه، وعِتبان المذكور هو ابن مالك الأنصاري كما نسبه بقي بن مخلد في روايته لهذا الحديث من هذا الوجه.

 ووقع في رواية في صحيح أبي عوانة أنه ابن عِتبان، والأول أصحّ، ورواه ابن إسحاق في المغازي عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه جده، لكنه قال: فهتف برجل من أصحابه يقال له: صالح، فإن حُمِل على تعدد الواقعة أمكن استقامت الروايتان، وإلا فطريق مسلم أصحّ. أصحّ من رواية ابن إسحاق، وإلا فطريق مسلم أصحّ. وقد وقعت القصة أيضًا لرافع بن خديج، وغيره أخرجه أحمد وغيره، ولكن الأقرب في تفسير المبهم الذي جاء في البخاري أنه عِتبان؛ لوروده في صحيح مسلم. والله أعلم.

قوله: يقطُر أي ينزل منه الماء قطرة قطرة، وقد يقال: ينطِف، والمراد به يقطر، أي ينزل منه الماء قطرة قطرة، من أثر الغسل هذا ولم يتنشف، لم يستعمل المنشفة، وقد يترجح ذلك لا سيما مع عدم الضرر؛ لأن الذنوب تخرج مع الماء أو مع آخر قطر الماء. وهذا يرجح عدم التنشف، لكن إذا كان هناك ضرر من برد شديد أو نحوه فإنه لا مانع من التنشف، وقد جاء به الأثر، يعني جيء للنبي -عليه الصلاة والسلام- بالمنشفة فلم يردها ولم يقبلها، وفي رواية لم يردها أخذها وتنشف بها، والأمر فيه سعة.

قوله: «لعلنا أعجلناك» عن فراغ حاجتك من الجماع، وفيه جواز الأخذ بالقرائن، جواز الأخذ بالقرائن، قد يقول قائل: ما الذي يدريهم أنهم أعجلوه؟ جاء مسرعًا، جاء مسرعًا والماء يقطر من رأسه، هذه علامة على أنه استعجل، وفيه جواز الأخذ بالقرائن؛ لأن الصحابي لما أبطأ عن الإجابة مدة الاغتسال خالف المعهود منه، وهو سرعة الإجابة للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فلما رأى عليه أثر الغسل دلّ على أن شغله كان به، على أن شغله كان به، وهو الشغل الذي أشير إليه في آية يس: {إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ} [سورة يس: 55]، جاء تفسيره بأنه.. ماذا عندك يا أبا عبد الرحمن؟

طالب: ......

يقول: فلما رأى عليه أثر الغسل دلّ على أن شغله كان بذلك، يحتمل أن يكون قبل الإنزال ليسرع الإجابة، أو كان أنزل فوقع السؤال عن ذلك، وفيه استحباب الدوام على الطهارة؛ لكون النبي -صلى الله عليه وسلم- لم ينكر عليه تأخير إجابته، لأنه قدَّم الطهارة على إجابة النبي -عليه الصلاة والسلام- فدل على استحباب الدوام على الطهارة، والمبادرة برفع الحدث، وكأن ذلك كان قبل إيجابها، {إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}[سورة الأنفال: 24] تلزم الإجابة.

طالب:...

نعم أنه إيش؟

طالب: ......

 نعم ، لكن أعجلناه على إيش؟ عن الإنزال عن الإنزال؟

طالب:...

التعليل في آخر الحديث يدل على أنه ما أنزل، لكنه يبقى احتمالًا، فيفتى بالاحتمالين.

طالب:...

وكأن ذلك كان قبل إيجابها؛ إذ الواجب لا يؤخر للمستحب، وقد كان عتبان طلب من النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يأتيه فيصلي في بيته في مكان يتخذه مصلى، فأجابه، كما سيأتي في موضعه، فيحتمل أن تكون هي هذه، أن تكون هي هذه الواقعة، قدَّم الاغتسال؛ ليكون متأهبًا للصلاة معه، والله أعلم.

النبي -عليه الصلاة والسلام- أجاب عتبان لطلبه، وصلى في موضع في بيته ليتخذه مصلى، وابن أم مكتوم ما أذن له أن يصلي في بيته، والفرق بينهما أن ابن أم مكتوم يسمع النداء، وهذا قريب من قباء، لا يسمع النداء، وإلا لو سمع النداء هو مثله ذاك أعمى وهذا ضعف بصره فالعذر واحد، وإن كان عتبان كبيرًا في السن، لكن الذي يدل الذي يشَم أو يفهم من النصين أن ذاك تصريح يسمع النداء «أتسمع النداء؟» قال: نعم، وهذا الذي يغلب على الظن أنه لا يسمع النداء، ولو سمع النداء لألزمه بما ألزم به ابن أم مكتوم ولم يسأله؛ لأنه يعرف المسافة -عليه الصلاة والسلام-.

طالب: ......

 حتى ابن أم مكتوم في وادٍ وهوام وأشجار، الفرق بينهما هذا، هذا يسمع، وهذا ما يسمع، الذي لا يسمع النداء ويشق عليه الوصول إلى المسجد لا شك أن عدم سماع النداء عذر.

طالب:...

لا لا، كيلومترين، يعني قبل وجود المكبرات يسمع النداء من كيلومترين، وقبل وجود الموانع من السماع، عندك مكيفات، وعندك سيارات، وعندك أشياء كثيرة تمنع من السماع، وفي غلق محكم، إذا أغلقت النوافذ ما سمعت، لكن قبل ذلك كله من كيلومترين يسمع النداء.

طالب: ......

 ماذا؟

طالب: ......

يلزمه نعم، إلا إذا كان هناك علة أخرى، تحتاج إلى ربع ساعة الكيلومتران، والبطيء إلى ثلث، أنا أقطعها في ثلث. لكن مثلكم يعدو عدوًا. منصوص عليه. منصوص على أنه اتخذ مصلى للفرائض.

طالب:...

أين؟

طالب: ......

لا، لكن السماع له أثر، ويدل على مسافة معينة؛ لأنه إذا لم يسمع فهو بعيد، وإذا سمع فهو قريب، والبعيد يلزمه من المشقة ما لا يلزم القريب.

طالب: ......

لا لا يسمع حكمًا نقول: يسمع حكمًا.

قوله: إذا أعجلت بضم الهمزة وكسر الجيم، وفي أصل أبي ذر: إذا عجلت، بلا همز، وقُحطت وفي رواية غيره: أُقحطت بوزن أُعجلت، وكذا لمسلم قال صاحب الأفعال، من هو؟

طالب: ......

 ابن القوطية أم؟ ابن قطاع أو الذي تقدَّم قريبًا عبد الملك بن طريف. كتب الأفعال كثيرة، لكن المطبوع منها ثلاثة، قال صاحب الأفعال: يقال: أقحط الرجل إذا جامع ولم ينزل، أو أُقحط الرجل إذا جامع ولم ينزل، وحكى ابن الجوزي عن ابن الخشاب أن المحدثين يقولون: قَحط بفتح القاف، والصواب الضم قُحط.

 قلت: وروايته في أمالي أبي علي القالي بالوجهين في القاف، وبزيادة الهمزة المضمومة، يقال: قَحط الناس وأقحطوا إذا حبس عنهم المطر، ومنه استعير ذلك لتأخر الإنزال، يعني الاستعارة ظاهرة، هذا إنزال مطر، وهذا إنزال ماء وعدمه قحط، قال الكرماني: ليس قوله: أو للشك، بل هو لبيان عدم الإنزال سواء كان بحسب أمر من ذات الشخص أم لا، وهذا بناءً على أن إحداهما بالتعدية وبالتعدية وإلا فهي للشك، قال الكرماني: ليس قوله: أو للشك، بل هو لبيان عدم الإنزال، يعني يكون بسبب هذا أو ذلك، سواء كان بحسب أمر من ذات الشخص يعني أُقحط من ذاته، أو أُعجل من قبل غيره، وذلك بناءً على أن إحداهما للتعدية وإلا فهي للشك.

قوله: تابعه وهب أي ابن جرير بن حازم، والضمير يعود على النضر، ومتابعة وهب وصله أبو العباس السَّراج في مسنده، مسند السَّراج مطبوع مطبوع في مجلد، وطُبِع أيضًا في أكثر من ذلك محققًا، في مسند عن زياد بن أيوب عنه، قوله: لم يقل غندر ويحيى عن شعبة: الوضوء، يعني أن غندرًا محمد بن جعفر، ويحيى وهو ابن سعيد القطان رويا هذا الحديث عن شعبة بهذا الإسناد والمتن، لكن لم يقولا فيه: عليك الوضوء. فأما يحيى فهو كما قال، فقد أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده عنه ولفظه: «فليس عليك غسل»، فليس عليك غسل، ونفي الغسل لا ينفي الوضوء، وأما غندر فقد أخرجه أحمد أيضًا في مسنده عنه، لكنه ذكر الوضوء، ولفظه: «فلا غسل عليك، عليك الوضوء»، كيف يقول البخاري: لم يقل غندر ويحيى عن شعبة: الوضوء، وهنا يقول: وأما غندر فقد أخرجه أحمد أيضًا في مسنده عنه، لكن ذكر الوضوء، ولفظه: «فلا غسل عليك، عليك الوضوء»؟

وهكذا أخرجه مسلم وابن ماجه والإسماعيلي وأبو نعيم من طرق عنه، وكذا ذكره أكثر أصحاب شعبة، كأبي داود الطيالسي وغيره عنه، فكأن بعض مشايخ البخاري حدثه به عن يحيى وغندر معًا فساقه فله على لفظ يحيى، والله أعلم.

 يقول: فكأن بعض مشايخ البخاري حدثه به عن يحيى وغندر معًا، فساقه على لفظ على لفظ يحيى والله أعلم.

لكن النفي ما يتأتى بهذه الصورة، يعني كونه ذُكر له الخبر عن اثنين أحدهما ذكر الوضوء، والثاني لم يذكر، فعطف أحدهما على الآخر بالنفي فيهما ما يتأتى مع أنه روي عنه، لم يقل نفي، لم يقل غندر ويحيى عن شعبة: الوضوء.

طالب:...

ماذا؟

طالب: ......

 لم يصله، لا، لا يقتضي ذلك النفي، يبقيه كما رُوِّي.

طالب: ......

 ماذا؟

طالب: ......

نعم. والله أعلم، وقد كان بين الصحابة اختلاف في هذه المسألة، كما سنذكره في آخر كتاب الغسل، إن شاء الله تعالى، وأبو هريرة كان يفتي بمقتضاه، بمقتضى حديث الباب، وحديث: «الماء من الماء»، لكن النسخ واضح، كان الماء من الماء رخصة، ثم نُسِخ، والله أعلم.