كتاب الحيض (01)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين.

قال الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "بسم الله الرحمن الرحيم، كتاب الحيض، وقول الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ المَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي المَحِيضِ} [البقرة:222] إِلَى قَوْلِهِ: {وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ} [البقرة:222].

باب كيف كان بدء الحيض، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «هَذَا شَيْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ».

وقال بعضهم: كان أول ما أرسل الحيض على بني إسرائيل، وحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- أكثر.

حدَّثنا علي بن عبد الله، قال: حدَّثنا سفيان، قال: سمعت عبد الرحمن بن القاسم، قال: سمعت القاسم، يقول: سمعت عائشة –رضي الله عنها- تقول: خرجنا لا نرى إلا الحج، فلما كنا بسرف حضت، فدخل علي النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنا أبكي، قال: «مَا لَكِ أَنُفِسْتِ؟» قلت: نعم، قال: «إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَاقْضِي مَا يَقْضِي الحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِي بِالْبَيْتِ» قالت: وضحى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن نسائه بالبقر".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد...

فيقول: الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "بسم الله الرحمن الرحيم" وجرت عادته –رحمه الله- بذكر البسملة في أول كتابٍ من كتب صحيحه التي تُناهز المائة على الترقيم الموجود سبعًا وتسعين كتابًا، وعلى خلافٍ يسير في بعضها لو كتاب أو باب، وعلى خلافٍ بين نُسخ الصحيح في تقديم البسملة على الترجمة كما هنا أو تقديم الترجمة على البسملة، كما تقدم في مواضع كتاب كذا بسم الله الرحمن الرحيم.

وقالوا: إن الأمر في هذا يسير، فمن قدَّم البسملة فهو الأصل أن يُبدأ بذكر الله، ثم الترجمة، ومن قدَّم الترجمة جعل الترجمة نظير اسم السورة، اسم السورة مقدمٌ على البسملة في القرآن، والخطب سهل، يعني يسير ما يترتب عليه شيء، والبسملة تُوجد في بعض النُّسخ، وقد لا تُوجد في بعضها.

على كل حال مضمون الكتاب لا اختلاف فيه، هذه الأمور اليسيرة التي يحصل فيها خلافٌ بين النُّسخ والروايات لا أثر لها في الحقيقة على الكتاب، والله المستعان.

"بسم الله الرحمن الرحيم، كتاب الحيض" "كتاب" مر التعريف به مرارًا، وأنه مصدر كتب يكتب كتابًا، وكتابةً وكتبًا، والأصل في هذه المادة الكتب والكتابة أصلها جمع، وقال: تكتب بنوا فلان إذا اجتمعوا، وجماعة الخير يُقال لها: كتيبة إلى آخر ما قيل ويُقال في مثل هذا اللفظ.

"الحيض" أصله السيلان، قالوا: حاض الوادي إذا سال، وفي الاصطلاح والعرف جريان دم المرأة من أصل أو من قعر الرحم في أوقاتٍ مخصوصة بالنسبة للمرأة، وهو علامة بلوغها إضافةً إلى السن والإنزال والإنبات كما هو شأن الرجل.

"وقولِ الله تعالى" وقول مجرور معطوف على الحيض {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ المَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} [البقرة:222] الأسئلة التي وُجِهت إليه –عليه الصلاة والسلام- وأجيب عنها بالقرآن، إما بجوابٍ مطابق أو بجوابٍ يُسمى أسلوب الحكيم؛ لأن السائل ليس بحاجة إلى الجواب، وإنما هو بحاجةٍ إلى ما ينفعه، والجواب ليس فيه مصلحة للسائل {يَسْأَلونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ} [البقرة:189] أُجيبوا بما ينفعهم، ويُسمى في العربية بأسلوب الحكيم، وإجابة السائل بغير ما سأل، بل بما هو أنفع له.

{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ المَحِيضِ} [البقرة:222] المراد به الحيض؛ ولذا قال: {قُلْ هُوَ أَذًى} [البقرة:222] ويُطلق المحيض وُيراد به الحيض كما تقدم، ويُراد به وقت الحيض، ويُراد به مكان الحيض.

{فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي المَحِيضِ} [البقرة:222] يعني في وقته أو زمانه أو في مكانه.

{فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي المَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ} [البقرة:222] حتي ينقطع الدم، فإذا طهرن انقطع الحيض عليهن أن يغتسلن.

{فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} [البقرة:222] أي: اغتسلن من أثر الحيض {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ} [البقرة:222] ذكر ابن الجوزي في كتاب (الحمقى والمغفلين) أن شخصًا قال: كان جارًا لي كل الليل من صلاة العشاء إلى أن طلع الفجر يُصلي ويُكرر هذه الآية {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ المَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} [البقرة:222] ويبكي وذُكِرت في مجلس على سبيل أن هذا شخص مُغفل، وأن هذه الآية ليس مما يُكرر، مما يُرقق القلب، ويزيد في الخشوع، فقال شخصٌ من الأشخاص قال: لا، تُكرر حُق له أن يُكرر وقد مُنِع من امرأته.

على كل حال هذا من طرائف الحمقى والمغفلين، وقد صنَّف فيهم ابن الجوزي كتابًا مشهورًا متداولاً، وذكر من القُراء، وذكر من الأئمة، وذكر من المؤذنين، وذكر من عامة الناس الشيء الكثير من هذا النوع هو كتابٌ طريف، لكنه ليس مما ينبغي أن يتشغل به طالب العلم إلا من باب التنفيس والترويح إذا شد على نفسه وضاقت نفسه بما تحمله من الجد لا مانع أن يُنفس بمثل هذا، وهذا أمرٌ معروف عند أهل العلم، رأينا لهم قراءات وتعاليق على كتاب (الأغاني) و(العقد لفريد) وغيرها من كتب الأدب.

طالب:......

أين هو؟

طالب:......

هذا مغفل يبكي كل الليل لقراءة هذه الآية.

طالب:......

تتبسم أنت من الآية وموضعها أم من صنيع الرجل الذي يمضي كل الليل قائمًا يُصلي بهذه الآية ويبكي؟

طالب:......

نعم.

طالب:......

ما هو مستهزئ هذا من واقعه، كما لو قال واحد نُكتة وضحكت أنت.

{وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ} [البقرة:222] المراد بالقربان هنا الجماع، وما عدا ذلك من أنواع الاستمتاع بغير موضع الحرث أو الانتفاع بالمرأة في أمور ما يُعين الرجل في حياته لا مانع من ذلك، وتنام مع زوجها في لحافٍ واحد كما سيأتي.

واليهود كانوا يُجامعون النساء في وقت الحيض، والنصارى يُخرجونهن من البيوت.

طالب: العكس.

نعم.

طالب: اليهود يعتزلون.

اليهود –نأتي بكلام الشارح- يعتزلون النساء اعتزالاً كليًّا كما سيأتي، والنصارى العكس.

على كل حال ديننا- ولله الحمد- وسط بين هذا وهذا، والمرأة الحائض طاهر والنوم معها لا إشكال فيه، والأكل معها ومباشرة بدنها ومباشرتها بدن الزوج لا إشكال فيه، كما سيأتي في الأدلة.

{وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} [البقرة:222] يعني اغتسلن من الحيض {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ} [البقرة:222] يعني في موضع الحرث {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِين} [البقرة:222].

ثم قال -رحمه الله-.

عندك باب؟

طالب: نعم هنا عندي، لكن في الأصل ما عندي.

يقول: "كيف كان بدء الحيض" في بعض النُّسخ "بابٌ كيف كان بدء الحيض وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «هَذَا شَيْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ»" لما حاضت عائشة –رضي الله عنها- وهم طريقهم إلى الحج بسرف بكت وظنت أنها لا تتمكن من حجها، فقال لها النبي– عليه الصلاة والسلام- مطمئنًا لها «هَذَا شَيْءٌ» في روايةٍ: «هذا أمرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ».

ولما حاضت صفية قال لها: «أحابستُنا هي؟ عقراء حلقاء» قال لعائشة: «هَذَا شَيْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ» يُطمئنها ويُخفف من مصيبتها، وقال لتلك: «عقراء حلقاء» دعاء عليها أن تُصاب في حلقها وأن تُعقر، وهذا لا تُراد حقيقته كما في قولهم: تربت يمينك أو تربت يداك.

والفرق بين قصة عائشة وقصة صفية أن عائشة في أول الأمر بإمكانها أن تطهر فلا تحبسهم، ثم ليس في أمرها شيء مما يحبس الرفقة ويضيق عليهم، بخلاف صفية لو لم تكن طافت.

طالب:......

لو لم تكن طافت لحبستهم، فتغير الأسلوب لهذا؛ لا لأن النبي –عليه الصلاة والسلام- يُعامل نساؤه بمعاملةٍ مختلفة، بل العدل واجب.

"«هَذَا شَيْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ» وقال بعضهم" مرويٌّ عن ابن مسعود وغيره "كان أول ما أُرسل الحيض على بني إسرائيل، وحديث النبي –صلى الله عليه وسلم- أكثر" بكلامه– عليه الصلاة والسلام- في حديث عائشة «هَذَا شَيْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ» بدأً من بناته لصلبه إلى قيام الساعة، في كلام ابن مسعود الذي أبهمه البخاري "وقال بعضهم: كان أول ما أُرسل الحيض على بني إسرائيل:" يعني ما قبل بني إسرائيل لا يوجد الحيض.

"وحديث النبي –صلى الله عليه وسلم- أكثر" يعني أشمل؛ لأنه يشمل النساء من بداية الخلق إلى قيام الساعة أو أكثر من حيث الرواية فيكون أرجح.

في قصة إبراهيم لما جاءه الملائكة وبشروه بالولد {وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ} [هود:71] قال بعض المفسرين: يعني حاضت، من أسماء الحيض الضحك، فتكون امرأة إبراهيم قبل بني إسرائيل بلا شك.

نعم.

طالب:........

نعم، قرأناها أقرأ من كتب الحيض. 

طالب:........

الحديث قرأته؟ نعم ثلاث تراجم.

ثم قال –رحمه الله-: "باب الأمر بالنفساء إذا نُفسن" والمراد بالنفساء نُفسن المراد بذلك الحيض "النفساء إذا نُفسن" النساء إذا حضن، وفيه قوله –عليه الصلاة والسلام- لعائشة: «أَنُفِسْتِ؟» يعني أحضتِ؟

فالحيض والنُّفس يشتركان في كثير من الأحكام، وبضم النون في النُّفاس والحيض أيضًا، وقال بعضهم: الحيض يُقال بفتح النون: أنَفستِ؟

قال: "حدَّثنا علي بن عبد الله" وهو ابن المديني الإمام الكبير المشهور.

"قال: حدَّثنا سفيان، قال: سمعت عبد الرحمن بن القاسم" ابن محمد بن أبي بكر الصديق "قال: سمعت القاسم" يعني ابن محمد "قال: سمعت عائشة تقول" عمته عائشة.

"تقول: خرجنا لا نرى إلا الحج" يعني ما كانوا يرون العمرة في وقت خروجهم من المدينة.

"لا نرى إلا الحج، فلما كنا بسرف حضت" يعني بعدما أحرمت بالعمرة مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم-.

 تقول: "فدخل علي النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنا أبكي" تبكي لماذا؟ خشية أن يفوتها الحج في هذه السنة، فلا تدرك الحج مع النبي -عليه الصلاة والسلام-.

"وأنا أبكي قال: «مَا لَكِ؟»" يعني يسأل عن السبب سبب البكاء «أَنُفِسْتِ؟» يعني أحضتِ؟

"قلت: نعم، قال: «إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ»، وهذا هو الشاهد للترجمة «فَاقْضِي مَا يَقْضِي الحَاجُّ» كل ما يفعله الحاج غير الطواف افعليه، يستدل بهذا من يقول: بأن الحائض تقرأ القرآن؛ لأن الحاج يقرأ القرآن، ولم يُستثن من أحوال الحاج إلا الطواف، ولكن يعني النص ما سيق لغير أفعال الحج الخاصة به؛ ولذلك يُقال في مثل هذا ما قرره الشاطبي –رحمه الله-: من أن الدلالة إما أن تكون أصلية يعني فيما سيق له الكلام، أو فرعية يعني لم يُسق له الكلام، وهنا هل يجول بخاطر أحد أن يقول: افعلي ما يفعل الحاج أو «فَاقْضِي مَا يَقْضِي الحَاجُّ» أنها تقرأ القرآن؟

طالب: بعيد.

بعيد.

طالب:.......

إنما هو مما يتعلق بالحج، الحنفية لما استدلوا على امتداد وقت الظهر إلى مصير ظل الشيء مثليه بحديث «إنما مثلكم ومثل من كان قبلكم كمثل من استأجر أجيرًا من أول النهار إلى الزوال بدينار، ثم استأجر أجيرًا إلى العصر بدينار، ثم استأجر أجيرًا إلى الغروب بدينارين، واحتج أهل الكتاب وقالوا: نحن أكثر عملاً وأقل أجرًا» قالوا أهل الكتاب: اليهود عملوا إلى منتصف النهار، ولا شك أن هذا أكثر عملًا، وأقل أجرًا؛ لأنه دينار، والمسلمون بدينارين أقل أجرًا، وأما بالنسبة للنصارى قالوا: لن يكونوا أكثر عملاً؛ حتى يكون وقت الظهر يمتد إلى مصير ظل الشيء مثلين، هل الحديث سيق لبيان المواقيت؟ الحديث ما سيق لبيان المواقيت، سيق لبيان شرف هذه الأمة، ولو لم يكن في الباب إلا هذا الحديث لأمكن، لكن في الأحاديث الصحيحة الصريحة المسوقة لبيان المواقيت، ومنها حديث عبد الله بن عمرو في صحيح مسلم: ووقت الظهر إلى مصير ظل كل شيءٍ مثله، أيهما أصرح؟ بلا شك هذا المسوق أو سيق للمواقيت، لمواقيت الصلاة، فلا يُعارض به، علمًا بأن وقت الظهر أطول حتى على كونه من مصير ظل كل شيءٍ مثله في كل زمانٍ ومكان، كما قرر ذلك أهل العلم، ومن نظر في التقويم عرف ذلك على طول العام.

طالب:.......

ماذا عليه؟

طالب:.......

ما ضعفه؟

طالب:.......

يقولون: أكثر، ما يقولون: ضعف، أكثر عملاً، والظهر لو زاد عشر دقائق، ربع ساعة صار أكثر. 

لو نظرنا إلى الآن من اثني عشر إلا خمسًا إلى ثلاث وخمس وعشرين كم؟ ثلاث ساعات ونصف، ومن ثلاث وخمس وعشرين إلى ستة وربع هي وأربعة عشر قُل: ستة وربع، كم؟ ثلاثة إلا عشرًا، فالظهر أطول، فلا يتم استدلال الحنفية حتى لو لم يرد في الباب غير هذا الحديث ما تم استدلالهم مع أن الدلالة ليست أصلية ليست مما يُساق النص من أجله، الدلالة الفرعية عند الشاطبي لا يُستدل بها.

طالب:.......

ما هو بالعصر، الكلام على وقت الظهر، ما لنا علاقة بالعصر، الكلام في نهاية وقت صلاة الظهر الذي يتبين به المسافة طول وقت الظهر من زوال الشمس إلى مصير ظل الشيء مثليه.          

«غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِي بِالْبَيْتِ» فالحائض لا تطوف، وأكد ذلك –عليه الصلاة والسلام- بقوله: «أحابستنا هي؟» مما يدل على أن الحائض تحبس الرُّفقة.

"قالت: وضحى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن نسائه بالبقر" وهذا في حجة الوداع، فهل المراد الأضحية أو المراد الهدي؟

طالب: الهدي.

إن كان المراد الأضحية فهذا يرد على من يقول: إن الحاج لا يُضحي، النبي –عليه الصلاة والسلام- ضحى عن نسائه بالبقر، ومن قال: إن المراد بالأضحية هنا هي الهدي تبقى الأضحية على الأصل وما ورد فيها من نصوص، وهذا لا يُثبت ولا ينفي، فلا مانع من أن يُضحي الحاج، وحينئذٍ تشمله النصوص العامة.

هذا ضحى عن نسائه بالبقر اللفظ نصه في الأضحية، لكن كوننا نحمل الأضحية على الهدي؛ من أجل أن نُبرر لمن يقول: إنه ليس على الحاج أضحية، النصوص العامة الواردة في التضحية وفي فضلها تشمل الحاج وغير الحاج، ما أذكر أنه ضحى وهو حاج، لكن إن وجدت من حفظ حج على من... نحن عندنا الأصل، الأصل مشروعية الأضحية في وقتها، ولم يُستثن من ذلك لا حاج ولا غير حاج، ما الذي يمنع أن يكون هذا هو الهدي؟

على كل حال إذا ثبت النص الخاص في الأضحية بالنسبة للحاج فأنا ما عندي إشكال أن الحاج يُضحي تشمله النصوص العامة، كونه يرد نص خاص هذا شيء ثانٍ.

نعم.

قال الحافظ -رحمه الله- "قوله: "بسم الله الرحمن الرحيم، كتاب الحيض" أصله السيلان، وفي العُرف جريان دم المرأة من موضعٍ مخصوص في أوقاتٍ معلومة.

قوله: "وقول الله تعالى" بالجر عطفًا على الحيض، والمحيض عند الجمهور هو الحيض، وقيل: زمانه، وقيل: مكانه.

قوله: {أَذًى} [البقرة:222] قال الطيبي: سُمي الحيض أذى؛ لنتنه وقذره ونجاسته. وقال الخطابي: الأذى المكروه الذي ليس بشديدٍ، كما قال تعالى: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً} [آل عمران:111] فالمعنى أن المحيض أذىً يُعتزل من المرأة موضعه ولا يُتعدى ذلك إلى بقية بدنها.

قوله: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي المَحِيضِ} [البقرة:222] روى مسلم وأبو داود من حديث أنس أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة أخرجوها من البيت، فسُئل النبي - صلى الله عليه وسلم- عن ذلك فنزلت الآية فقال: «اصنعوا كل شيءٍ إلا النكاح» فأنكرت اليهود ذلك، فجاء أُسيد بن حضيرٍ، وعباد بن بشرٍ فقالا: يا رسول الله ألا نجامعهن في الحيض؟ يعني خلافًا لليهود، فلم يأذن في ذلك.

وروى الطبري عن السُّدي أن الذي سأل أولاً عن ذلك هو ثابت بن الدحداح.

قال –رحمه الله تعالى-: "باب كيف كان بدء الحيض، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «هَذَا شَيْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ» وقال بعضهم: كان أول ما أرسل الحيض على بني إسرائيل، وحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- أكثر".

قوله: "باب كيف كان بدء الحيض" أي ابتداؤه، وفي إعراب "باب" الأوجه المتقدمة أول الكتاب".

في كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

 قوله: "وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «هَذَا شَيْءٌ»" يُشير إلى حديث عائشة المذكور عقبه، لكن بلفظ: «هذا أمرٌ»، وقد وصله بلفظ: «شَيْءٌ» من طريقٍ أخرى بعد خمسة أبواب أو ستة، والإشارة بقوله: «هَذَا» إلى الحيض.

قوله: "وقال بعضهم: كان أول" بالرفع؛ لأنه اسم كان، والخبر "على بني إسرائيل" أي على نساء بني إسرائيل، وكأنه يشير إلى ما أخرجه عبد الرزاق عن ابن مسعودٍ بإسنادٍ صحيح قال: كان الرجال والنساء في بني إسرائيل يصلون جميعًا، فكانت المرأة تتشرف للرجل، فألقى الله عليهن الحيض، ومنعهن المساجد، وعنده عن عائشة نحوه.

قوله: "وحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- أكثر" قيل: معناه أشمل؛ لأنه عامٌّ في جميع بنات آدم، فيتناول الإسرائيليات ومن قبلهن، أو المراد أكثر شواهد أو أكثر قوة.

وقال الداودي: ليس بينهما مخالفة، فإن نساء بني إسرائيل من بنات آدم، فعلى هذا فقوله: «بَنَاتِ آدَمَ» عامٌّ أريد به الخصوص.

قلت: ويمكن أن يُجمع بينهما مع القول بالتعميم بأن الذي أُرسل على نساء بني إسرائيل طول مكثه بهن عقوبة لهن لا ابتداء وجوده.

وقد روى الطبري وغيره عن ابن عباسٍ وغيره أن قوله تعالى في قصة إبراهيم: {وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ} [هود:71] أي: حاضت. والقصة متقدمةٌ على بني إسرائيل بلا ريب.

وروى الحاكم وابن المنذر بإسنادٍ صحيح عن ابن عباسٍ: أن ابتداء الحيض كان على حواء بعد أن أُهبِطت من الجنة، وإذا كان كذلك فبنات آدم بناتها، والله أعلم".

لكن كون ابتداء الحيض كان على حواء بعد أن أُهبِطت من الجنة، فليست حواء من بنات آدم إلا على سبيل التجوز باعتبارها بضعةٌ منه ومن ضلعه، كما كان الابن بضعة من أبيه، والبنت بضعة من أبويها.

طالب:.......

نعم؛ لأن بعض التراجم والأسباب موجودة في بعض الروايات، وليست باعتبار أن هذه الترجمة موجودة.

طالب:.......

السادس؛ لأن الترجمة مثبتة عندك، في بعض النسخ، وسقطت هذه الترجمة من أكثر الروايات، الترجمة التي تليها؛ ولذلك ما رُقِّمت.

"باب الأمر بالنفساء إذا نُفسن" يقول: "وسقطت هذه الترجمة من أكثر الروايات، غير أبي ذر وأبي الوقت" وعليها شرح الكرماني، فما أثبت الترجمة، فالتردد خمسة أو ستة باعتبار وجود هذه الترجمة أو عدمه.

قوله: "باب الأمر بالنفساء" أي: الأمر المتعلق بالنفساء، والجمع في قوله "إذا نفسن" باعتبار الجنس، وسقطت هذه الترجمة من أكثر الروايات غير أبي ذر وأبي الوقت".

قوله: "باب الأمر بالنفساء" يعني الحافظ أثبت الترجمة، أثبتها؛ لأنه قال: قوله: "باب الأمر بالنفساء" فالحافظ مثبتٌ لها، لماذا؟ لأنه يعتمد رواية أبي ذر، شرح على رواية أبي ذر، وأشار إلى ما عداها عند الحاجة.  

"وسقطت هذه الترجمة من أكثر الروايات غير أبي ذر وأبي الوقت، وترجم بالنفساء؛ إشعارًا بأن ذلك يطلق على الحائض؛ لقول عائشة –رضي الله عنها- في الحديث: "حضت" وقوله- صلى الله عليه وسلم-: لها «أَنُفِسْتِ؟» وهو بضم النون وفتحها وكسر الفاء فيهما، وقيل بالضم في الولادة، وبالفتح في الحيض، وأصله خروج الدم؛ لأنه يُسمى نَفَسًا".

يُسمى نَفْسًا.

"لأنه يُسمى نَفْسًا".

ما لا نفس له سائلة حكمه طاهر، يعني ما لا نفس له يعني ما لا دم له.

تَسيلُ عَلى حَدِّ الظُّباتِ نُفوسُنا

يعني دماؤنا.

"وسيأتي مزيد بسطٍ لذلك بعد بابين.

قوله: "سمعت القاسم" يعني أباه، وهو ابن محمد بن أبي بكر الصديق.

قوله: "لا نُرى" بالضم أي لا نظن. و"سرف" بفتح المهملة وكسر الراء بعدها فاء: موضعٌ قريبٌ من مكة بينهما نحو من عشرة أميال، وهو ممنوعٌ من الصرف وقد يصرف".

طالب:........

ماذا؟

طالب:........

بناءً على الرواية التي اعتمدها.

"قوله: «فَاقْضِي» المراد بالقضاء هنا الأداء، وهما في اللغة بمعنىً واحد".

{فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} [فُصِّلَت:12] قضى بمعنى أنه: فُعلت أولاً، ثم فُعلت ثانية، فُعلت على وجهٍ غير صحيح، ثم قُضيت مرةً ثانية؟ هو لأول مرة {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} [فُصِّلَت:12] هذا قضاء اصطلاحي أم أداء أول مرة أداء؟ أداء.     

"قوله: «غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِي بِالْبَيْتِ» زاد في الرواية الآتية «حتى تطهري» وهذا الاستثناء مختصٌّ بأحوال الحج لا بجميع أحوال المرأة، وسيأتي الكلام على هذا الحديث بتمامه في كتاب الحج إن شاء الله تعالى".

"وهذا الاستثناء مختصٌّ بأحوال الحج لا بجميع أحوال المرأة".

طالب: يتعلق بأحكام الحج.

بأحكام الحج خاصة، نعم.

قال الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "باب غسل الحائض رأس زوجها وترجيله: حدَّثنا عبد الله بن يوسف، قال: حدَّثنا مالكٌ، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة –رضي الله عنها- قالت: كنت أُرجِّل رأس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا حائض.

حدَّثنا إبراهيم بن موسى، قال: أخبرنا هشام بن يوسف، أن ابن جريجٍ، أخبرهم قال: أخبرني هشامٌ عن عروة، أنه سُئل أتخدمني الحائض أو تدنو مني المرأة وهي جنب؟ فقال عروة: كل ذلك علي هين، وكل ذلك تخدمني، وليس على أحدٍ في ذلك بأس، أخبرتني عائشة –رضي الله عنها-: أنها كانت تُرجِّل-تعني رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم- وهي حائض، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- حينئذٍ مجاورٌ في المسجد، يدني لها رأسه، وهي في حُجرتها، فتُرجِّله وهي حائض".

يقول –رحمه الله تعالى-: "باب غسل الحائض رأس زوجها وترجيله" الغسل معروف بالماء، والترجيل: التسريح بالمشط والمدرة ونحوهما.  

قال: "حدَّثنا عبد الله بن يوسف، قال: حدَّثنا مالكٌ" عبد الله بن يوسف التنيسي "قال: حدَّثنا مالكٌ" ابن أنسٍ إمام دار الهجرة "عن هشام بن عروة" ابن الزبير "عن أبيه" عروة بن الزبير "عن عائشة" خالته.

"قالت: كنت أُرجِّل رأس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا حائض" عليه الصلاة والسلام -ورضي عنها- مما يدل على أن الحائض تخدم زوجها، وتمس بدنه وشعره، ولا يُقال: إن اليابس لا يُنجِّس اليابس، ما فيه ترجيل وفيه غسل إلا بماء بعد ترطيب اليدين بالماء ليس بيابس، فالرطب لو كانت نجسة لانتقلت النجاسة؛ لأنها رطبة، ولكنها طاهرة، وهذا محل إجماع بين أهل العلم.

قال: "حدَّثنا إبراهيم بن موسى، قال: أخبرنا هشام بن يوسف، أن ابن جريجٍ، أخبرهم" أخبر مَن؟

طالب: هشام بن يوسف.

أخبرهم بالجمع هشام ومن معه.

"قال: أخبرني هشامٌ عن عروة، أنه سُئل أتخدمني الحائض أو تدنو مني المرأة وهي جنب؟ فقال عروة: كل ذلك علي هين" يعني ما فيه إشكال مثل ما قال ابن عباس لما سُئل عن المستحاضة، هل المُستحاضة تُجامع؟ قال: الصلاة أعظم، يعني الجماع بالنسبة للمستحاضة هين بالنسبة للصلاة.

 

"كل ذلك علي هين، وكل ذلك تخدمني وليس على أحدٍ في ذلك بأس" ما فيه إشكال لا على المرأة ولا على الرجل، لا على الخادم ولا على المخدوم.

"أخبرتني عائشة: أنها كانت تُرجِّل-تعني رأس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهي حائض، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- حينئذٍ مجاورٌ" معتكف "في المسجد" يُخرج إليها رأسه "وهي في حُجرتها" والحجرة مجاورة للمسجد.

"أخبرتني عائشة: أنها كانت تُرجِّل-تعني رأس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهي حائض، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- حينئذٍ مجاورٌ في المسجد" مُعتكف "يدني لها رأسه، وهي في حُجرتها فترجله وهي حائض" فإخراج الرأس أو الجزء من البدن لا يُنافي الاعتكاف.

طالب: ..............

ما عليك هذا..... هو ما يعمد إلى الصريح، هذا منهجه، البخاري ما يعمد إلى صريح، يعمد إلى شيءٍ غامض.

طالب:........

على كل حال هذا الواقع تُريد أن تُصحح نُسختك؟ علق على كتابك. 

طالب:........

البخاري لا يعمد إلى الواضح، عادته جرت بأنه يعمد إلى الغامض؛ ليشحذ همة طالب العلم، وأحيانًا يأتي بالواضح الذي يُستغرب من إيراده، "باب قول الرجل: ما صلينا" فيه إشكال قول الرجل: ما صلينا؟ "باب الصلاة على الحصير" نعم، بعضهم كره أن يقول: ما صلينا، "باب الصلاة على الحصير" ما وجه الإيراد، إيرادها؟ {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا} [الإسراء:8] نعم.    

الاستدراكات على الإمام في جمعه؛ لأن فيه ناسًا يجمعون على الإمام، هم رجال ونحن... هم رجال ونحن رجال، ألم يقولوا هذا؟

الله يرحم الشيخ ابن غُديان.

 اقرأ، اقرأ. 

قال الحافظ –رحمه الله-: "قوله: "باب غسل الحائض رأس زوجها وترجيله" بالجر عطفًا على غسل، أي: تسريح شعر رأسه، والحديث مطابقٌ لما ترجم له من جهة الترجيل، وأُلحِق به الغسل قياسًا، أو إشارةٌ إلى الطريق الآتية في باب مباشرة الحائض، فإنها صريحةٌ في ذلك، وهو دالٌّ على أن ذات الحائض طاهرةٌ، وعلى أن حيضها لا يمنع ملامستها.

قوله: "أخبرنا هشام" وفي رواية الأكثر "أخبرني هشام بن عروة" وفي هذا الإسناد لطيفةٌ، وهي اتفاق اسم شيخ الراوي وتلميذه، مثاله هذا ابن جريج عن هشام وعنه هشام، فالأعلى ابن عروة، والأدنى ابن يوسف، وهو نوعٌ أغفله ابن الصلاح".

يعني لم يذكره مما ذكر من الأبواب في علوم الحديث مما يتعلق بالأسانيد والرواة، فيُستدرك عليه.

"قوله: "مجاورٌ" أي معتكفٌ، وثبت هذا التفسير في نسخة الصغاني في الأصل، وحجرة عائشة كانت ملاصقةٌ للمسجد".

ملاصقةً.

"ملاصقةً للمسجد، وألحق عروة الجنابة بالحيض قياسًا، وهو جلي؛ لأن الاستقذار بالحائض أكثر من الجُنب، وألحق الخدمة بالترجيل.

وفي الحديث دلالة على طهارة بدن الحائض وعرقها، وأن المباشرة الممنوعة للمعتكف هي الجماع ومقدماته، وأن الحائض لا تدخل المسجد.

وقال ابن بطال: فيه حجةٌ على الشافعي في قوله: إن المباشرة مطلقًا تنقض الوضوء، كذا قال، ولا حجة فيه".

لأن الشافعية عندهم مس المرأة ينقض الوضوء ولو من غير شهوة، لكن هنا المباشرة والمس هل هو للبدن أو للشعر؟ للشعر، والشعر في حكم المتصل أو في حكم المنفصل؟

طالب:......

فعند الشافعية ما ينقض الوضوء.

"كذا قال ولا حجة فيه؛ لأن الاعتكاف لا يشترط فيه الوضوء، وليس في الحديث أنه عقَّب ذلك الفعل بالصلاة، وعلى تقدير ذلك فمس الشعر لا ينقض الوضوء. والله أعلم".

طالب:........

من أي جهة؟

طالب:........

لا، وبالمسجد وهو معتكف، وهل جاء النهي عن مباشرة المرأة عمومًا للمعتكف؟ فهمت.

طالب:........

فيه أكثر من دليل منها هذا.

اقرأ.

طالب:........

لا، عروة، "فقال عروة: كل ذلك علي هين".

طالب:........

يروي عن أبيه.

"باب قراءة الرجل في حجر امرأته وهي حائضٌ، وكان أبو وائل يُرسل خادمه وهي حائض إلى أبي رزين، فتأتيه بالمصحف، فتمسكه بعلاقته.

حدَّثنا أبو نعيمٍ الفضل بن دكينٍ، قال: سمع زهيرًا، عن منصور بن صفية، أن أمه، حدثته أن عائشة –رضي الله عنها- حدثتها أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: كان يتكئ في حجري وأنا حائض، ثم يقرأ القرآن".

بعد هذا يقول الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "باب قراءة الرجل في حجر امرأته وهي حائض" مِن لازم كونه في حجرها رأسه على حجرها أو على فخذها أن تمسه وهو حاوٍ للقرآن، والقرآن في قلبه، فلا مانع من أن تمس القرآن من وراء حائل.

ويستدل بهذا في كلام عائشة "كان يتكئ في حجري وأنا حائض، ثم يقرأ القرآن" ما الداعي لهذا الكلام؟ ما الداعي؟ هل يحتاج إلى كلام؟ استنبط منه ابن دقيق العيد أن الحائض لا تقرأ القرآن، ولو كانت تقرأ القرآن فما لهذا الكلام أصلاً داعٍ.

وكان أبو وائل التابعي الجليل صاحب ابن مسعود شقيق بن سلمة "يُرسل خادمه وهي حائض" الخادم يُطلق على الذكر والأنثى.

"وهي حائض إلى أبي رزين، فتأتيه بالمصحف، فتمسكه بعلاقته" يعني من وراء حائل، العِلاقة: الحبل الذي يُربط به الوعاء الذي يُوضع فيه المصحف ماذا تُسمونه أنتم؟

طالب:........

لا، الكيس ماذا تُسمونه؟

طالب:........

ماذا؟

طالب:........

خبز!!

طالب:........

خرجي نعم، أين غانم راح طلع؟

ماذا تسمونه أنتم؟ الكيس الذي يُوضع فيه الكتاب أو المصحف؟ كان مشهورًا إلى وقتٍ قريب، ما فيه كتاب يحمل بغير الكيس، يُسمونه بُقشة، تعرفونه أنتم؟ طلاب العلم كتبهم ومصاحفهم في آباطهم بعد أن يُوضع في بُقشة أو خُرج -كما يُسميه الإخوان- أو كيس أو خريطة، وهذا الكيس يُربط بحبل يُقال له: عِلاقة.

قال: "حدَّثنا أبو نعيمٍ".

ماذا عندك؟ ماذا تسمونه؟

طالب:.......

هو الخرجان.

طالب:.......

انظر لو رد عليك من...

ومن العَجِيبِ أنَّهُ بِسِلَاحِهم

 

أَرْدَاهُمُ نحو الحَضِيَضِ الدَّانِي

هذا من قومك.

طالب:.......

لا مشاحة في الاصطلاح.

طالب:.......

طيب.

"حدَّثنا أبو نعيمٍ، الفضل بن دكينٍ" كما هو معروف "سمع زهيرًا" ابن معاوية  "عن منصور بن صفية" بنت شيبة من بني شيبة حجبة البيت، ونُسب إلى أمه؛ لأنها أشهر لشهرتها.

"أن أمه، حدثته أن عائشة –رضي الله عنها- حدثتها أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: كان يتكئ في حجري وأنا حائض، ثم يقرأ القرآن".

طالب:.......

أين؟

طالب:.......

 متوالدين.

طالب: .............

أمه، لكن لو وُجِد أبوه مثل عبد الله بن أُبي ابن سلول فلابد أن تضع ألفًا، ما بينهم أحد.

اقرأ.

قال الحافظ –رحمه الله-: قوله: "باب قراءة الرجل في حجر امرأته وهي حائضٌ" الحجر بفتح المهلة وسكون الجيم ويجوز كسر أوله‏.‏

قوله‏:‏ ‏"وكان أبو وائل‏" هو التابعي المشهور صاحب ابن مسعود، وأثره هذا وصله ابن أبي شيبة عنه بإسنادٍ صحيح‏.‏

قوله‏:‏ ‏"‏يرسل خادمه‏" أي جاريته، والخادم يطلق على الذكر والأنثى‏.‏

قوله‏:‏ "‏إلى أبي رزين‏"‏ هو التابعي المشهور أيضًا‏.‏

قوله‏:‏ ‏"‏بعِلاقته"‏ بكسر العين، أي: الخيط الذي يربط به كيسه، وذلك مصير منهما إلى جواز حمل الحائض المصحف، لكن من غير مسِّه، ومناسبته لحديث عائشة من جهة أنه نظَّر حمل الحائض العِلاقة التي فيها المصحف بحمل الحائض المؤمن الذي يحفظ القرآن؛ لأنه حامله في جوفه، وهو موافقٌ لمذهب أبي حنيفة، ومنع الجمهور ذلك، وفرَّقوا بأن الحمل مخلٌّ بالتعظيم، والاتكاء لا يُسمى في العرف حملاً.‏

قوله‏:‏ ‏"‏سمع زهيرًا‏" هو ابن معاوية الجعفي، ومنصور بن صفية منسوبٌ إلى أمه؛ لشهرتها وهو منصور بن عبد الرحمن الحجبي، وأمه صفية بنتْ شيبة".

بنتُ.

"بنتُ شيبة بن عثمان من صغار الصحابة‏.‏

قوله‏:‏ ‏"ثم يقرأ القرآن‏"‏ وللمصنف في التوحيد: ‏كان يقرأ القرآن ورأسه في حجري وأنا حائض، فعلى هذا فالمراد بالاتكاء وضع رأسه في حجرها‏.‏

قال ابن دقيق‏:‏ في هذا الفعل إشارةٌ إلى أن الحائض لا تقرأ القرآن؛ لأن قراءتها لو كانت جائزةً، لما تُوهم امتناع القراءة في حِجرها حتى احتيج إلى التنصيص عليها، وفيه جواز ملامسة الحائض، وأن ذاتها وثيابها على الطهارة ما لم يلحق شيئًا منها نجاسة، وهذا مبنيٌّ على منع القراءة في المواضع المستقذرة.

وفيه جواز القراءة بقرب محل النجاسة، قاله النووي‏".

"جواز القراءة بقرب محل النجاسة، قاله النووي‏" يعني في دورات المياه قبل الدخول إلى مكان قضاء الحاجة في المكان الذي ينتظر فيه الناس يقرأ ويذكر أم لا؟

طالب:........

هو ليس بمحل النجاسة، لكن بالقرب منه قال: "وفيه جواز القراءة بقرب محل النجاسة، قاله النووي‏"؛ لأنه ليس محل النجاسة، بينه وبينها حائل سور، لكن قد يُفتح الباب فالسور ينتهي.

وعلى كل حال القريب من الشيء قد يأخذ حكمه أحيانًا لاسيما عند استحضار الحال والمكان، الإنسان إذا استحضر شيئًا، أنت الآن جئت بشيءٍ مما يُستعمل في النجاسة مثلاً أو جئت من الصيدلية بكيس فيه الحفاضات التي توضع للأطفال ووضعته في البيت، هل تسمح نفسك أن تضع عليه مصحفًا، وهو نظيف جاء من المصنع؟

طالب:........

لماذا؟ لأنك مستصحب تعظيم القرآن من جهة وما سيؤول إليه الحال، وإلا ما فيه شيء، طاهر ما فيه إشكال؛ لأنه طاهر، لكن مع ذلك النفس لا ترتاح لمثل هذا مع تعظيم القرآن وعظمة القرآن، لكنه هو في الأصل طاهر، ما فيه شيء.

طالب:........

لا، الحمامات في الزمن السابق لا يُقضى فيها الحاجة، لكن الآن يُقضى فيها الحاجة.

طالب:........

ما هي مسألة يبقى أنها يُقضى فيها حاجة، فرق بينهما.

‏"وفيه جواز القراءة بقرب محل النجاسة، قاله النووي، ‏وفيه جواز استناد المريض في صلاته إلى الحائض إذا كانت أثوابها طاهرة، قاله القرطبي".

‏"جواز استناد المريض في صلاته إلى الحائض"؛ لأنها مثل السور، طاهرة وهي طاهر، ولو كان السور أو السارية التي يستند إليها المريض مثلاً في جوفها نجاسة، ما المانع؟ هل يكون الاستناد إلى القسم المباشر له المصلي وهو طاهر أو نقول: نستند على هذا السور في الجملة وفي جوفه نجاسة؟ لو قلنا مثل هذا لقلنا: ابن آدم نفسه المصلي في جوفه نجاسة.

استنباط ابن دقيق العيد –رحمه الله- من الحديث وأن الحائض لا تقرأ القرآن هو نظير استنباط شيخ الإسلام –رحمه الله- أن المحدِث لا يمس المصحف مستدلاً بقوله -جلَّ وعلا-: {فِي كِتَابٍ مَّكْنُون * لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُون} [الواقعة:78-79] قال: {الْمُطَهَّرُون} [الواقعة:79] الملائكة.

طيب ما وجه الاستدلال؟ قال: إذا مُنع من هو متصفٌ بوصفٍ ملازم وهو الطهر مُنع من عداهم، يعني أُذن للمطهرين الذين هم من ملازمي الطهارة، فهذا فيه إشارة أو قريب من الصريح أن غيرهم إذا كان غير متطهر لا يمس القرآن؛ لأنه لما تستدل بالآية قال: هذا في الملائكة ما هو...وشيخ الإسلام يقول: هذا أبلغ...

طالب:........

نعم.

طالب:........

نعم.

طالب:........

لكن فيه حاجز، فيه فاصل.

طالب:........

نعم، لو ما كان فيه ساتر بينه وبينه ما يجوز.

طالب:........

حُكم الصلاة على فراش فيه جزء طاهر من هذا الفراش وفي طرفه نجاسة.

طالب:........

نعم.

طالب:........

على كل حال لا يُباشر الأشياء، لكن يشمله مسمىً واحد صلى على فراشٍ متنجس، تعرف كلام أهل العلم في هذا؟

لو كانت في حبلٍ ينجر بانجرار هذا الفراش فبعضهم يمنع.

اللهم صلِّ على محمد وعلى آله وصحبه.

"