هدي النبي في رمضان (08)

الحلقة الثامنة.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي الأمين محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

أيها الإخوة المستمعون الكرام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وحياكم الله إلى لقاء جديد في هذا البرنامج الذي يصحبنا فيه فضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير وفقه الله، الذي نرحب به في مطلع هذا اللقاء حياكم الله الشيخ عبد الكريم وأهلاً وسهلاً بكم معنا.

حياكم الله وبارك فيكم.

فضيلة الشيخ كنا توقفنا في الحلقة الماضية على أحد المسائل التي لها علاقة بتلاوة القرآن الكريم والقرآن الكريم هو كلام رب العالمين وقد ورد فيه من الحث على تلاوته وفضل هذه التلاوة الكثير مما ذكرتم في الحلقة الماضية حول ذلك وحال السلف في تلاوته كما ذكرتم طرفًا من آداب التلاوة وكنا توقفنا عند المدة التي يقرأ فيها القرآن الكريم وذكرتم طرفًا من الحديث حول هذه المسألة وتوقفنا بنا الأمر عليها فهلا تكرمتم بالحديث حول المدة التي يشرع للمؤمن وتالي القرآن الكريم أن يختم بها القرآن الكريم المدد التي..، أو ما ورد عن عن الصحابة وعن السلف الصالح -رحمة الله تعالى عليهم- في هذه المسألة.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، سبق في الحلقة السابقة ذكرنا حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- قال قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «اقرأ القرآن في شهر» قلت إني أجد قوة قال مازال يعني يتراداني حتى قال له «فاقرأه في سبع ولا تزد» وجاء عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا «لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث» مخرج في السنن وشاهده عند سعيد بن منصور عن ابن مسعود «اقرؤوا القرآن في سبع ولا تقرؤوه في أقل من ثلاث» يقول الحافظ ابن حجر قراءة القرآن في ثلاث هذا اختيار أحمد وأبي عبيد وإسحاق بن راهويه وغيرهم لكن يشكل على أنه ثبت عن كثير من السلف من الصحابة والتابعين فمن بعدهم إلى عصرنا هذا قراءة القرآن في أقل من ذلك.

أقل من ثلاث.

أقل من ثلاث بل في يوم كثير من السلف يقرأ القرآن في يوم في ليلة ومرت العصور على الأمة والأمر كذلك إلى يومنا هذا يوجد من يقرأ القرآن في يوم من علماء وطلاب العلم وعوام أيضًا من عامة المسلمين من يقرأ القرآن في يوم، يقول النووي..،

البعض يا شيخ المعذرة على المقاطعة البعض يا شيخ ربما سمع يعني حال السلف في ذلك واستكثر هذا الأمر قضية ختم القرآن الكريم في يوم واحد.

لا ليس فيه غرابة أبدا ليس فيه غرابة يستغرب هذا من لم يجرب لكن من جرب يجده في غاية السهولة يجده في غاية السهولة، المقصود أن هذا مجرب ومعروف عند أهل العلم قديمًا وحديثًا حتى نقل عن بعضهم أنه يختم مرتين في اليوم بعضهم ثلاث هذا إذا تصورنا أن الساعة فيها خمسة أجزاء أو أربعة أجزاء، يعني الأمر سهل يعني ست ساعات كفيلة بختم القرآن، وهي مجربة أيضًا مجربة يعني عند بعض طلاب العلم مجربة لكن يرد على ذلك أنها هل بتدبر أم..، ليست يأتي يأتي كلام أهل العلم في هذا.

على هذا الكلام يتصور أنه يختم في ثلاث وبـ...

بتدبر الثلاث ثلاثة الأيام بتدبر.

لا أقصد أن يختم ثلاثًا في يوم واحد.

متصور لكن التدبر أنا في شك منه، أما الواحدة فأدركنا من يتدبر ويقرؤه في يوم ويبكي متأثرًا به، الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى- ذكر في ترجمة أبي العباس بن عطاء من أئمة الصوفية أنه كان يقرأ في كل يوم ختمة هذا في البداية والنهاية فإذا كان في شهر رمضان قرأ في كل يوم وليلة ثلاث ختمات يقول وكانت له ختمة يتدبرها يتدبرها ويتدبر معاني القرآن فيها يعني هذا غير الختمات اللي هو اعتادها يوميًا له ختمة، ختمة تدبر مكث فيها سبع عشرة سنة ومات ولم يكملها ومات ولم يكملها، على كل حال الأخبار في هذا كثيرة وهي أيضًا أما في يوم هذا أمر ثابت وأما أكثر من ذلك فهو مروي عن بعض السلف في النهار مرة وفي الليل مرة مُتَصور مُتصور نعم من تفرغ لذلك مُتصور، وأيضًا من اعتاد ذلك أنا أعرف شخص اعتكف سنة ألف وأربعمائة وثلاث عشرة ليختم القرآن في يوم فما استطاع يقرأ عشرين، لماذا؟ لأنه ما اعتاد ما تعود فصار ديدنه قراءة القرآ اعتكف بعد أربع سنوات سنة سبع عشرة فصار يختم بالراحة، يختم في كل ليلة بالراحة؛ لأن المسألة عادة وتعرف على الله سبحانه وتعالى في الرخاء فصار أمر العبادة ميسور لديه، وهذا مجرب في كل العبادات يعني من كانت له ديدن وعادة يسهل عليه بعض الناس يسهل عليه صيام الهواجر مع طول النهار وحر الشمس ويتلذذ بذلك، بعضهم يتلذذ بقيام الليل مع طوله وبرده ليالي الشتاء ف..، كما يعرف عن السلف أنهم جاهدوا  أنفسهم عشرين عاما بقيام الليل ثم تلذذوا به عشرين أخرى، على كل حال يقول النووي الاختيار أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص فمن كان من أهل الفهم وتدقيق الفكر استحب له أن يقتصر على القدر الذي لا يختل به المقصود من التدبر واستخراج المعاني وكذا من كان له شغل بالعلم أو غيره من مهمات الدين ومصالح المسلمين العامة، يعني مثل هذا يستحب له أن يقتصر منه على القدر الذي لا يخل بما هو فيه، ومن لم يكن كذلك فالأولى له الاستكثار ما أمكنه ما أمكنه من غير خروج إلى الملل ولا يقرؤه هذرمة والله أعلم، لكن يشكل عليه حديث «لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث»، يقول الحافظ ابن رجب -رحمه الله- في اللطائف إنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك، فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان خصوصًا الليالي التي تطلب فيها ليلة القدر أو في الأماكن الفاضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن اغتنامًا للزمان والمكان وهذا قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة ويدل عليه عمل غيرهم يعني من السلف قراءة الهذ قراءة الهذ يعني شخص يقرأ هذرمة هذ، حكمها، قراءة الهذ لا شك أنها يحصل بها أجر الحروف الموعود به كل حرف بعشر حسنات المفسر بقوله -عليه الصلاة والسلام- «لا أقول ألف لام ميم حرف ولكن ألف حرف وميم» وإن فات أجر التدبر والترتيل، لحديث بريدة -رضي الله عنه- الطويل وفيه «ثم يقال له اقرأ واصعد في درج الجنة وغرفها فهو في صعود مادام يقرأ هذّاً كان أو ترتيلاً» هذا كان أو ترتيلاً.

وهذا يعم لا يشترط فيه حصول الأجر.

في حصول الأجر المرتب على الحروف، لكن أجر قدره زائد له أجر زائد على هذا، وهذا الحديث مخرج في المسند والدارمي وهو حديث حسن استدل الحافظ ابن حجر لثبوت أجر الإسراع وأنه جائز ولا إشكال فيه، يقول دليله ما تقدم في أحاديث الأنبياء من حديث أبي هريرة رفعه هذا في البخاري، «خفف على داود القرآن فكان يأمر بدوابه فتسرج فيفرغ من القرآن قبل أن تسرج» قبل أن تسْرج هذا دليل وهذا في البخاري لا أحد قد يقول قائل أنه في شرع من قبلنا لكن داود لا شك أنه أوتي المزامير صوته ندي مؤثر في القرآن.

يا شيخ بالنسبة لخلاصة هذا الأمر في المفاضلة بين كثرة الحروف والأخذ بأجرها وبين التأمل والتدبر الذي ينبغي لتالي القرآن أيهما أفضل يا شيخ؟

هذه المسألة أولاً هي مفترضة في شخص محدد الزمن، ما هي مفترضة في شخص يقرأ خمسة أجزاء من القرآن بتدبر أو يقرأ خمسة مع عدم التدبر هذا إجماعًا أن التدبر أفضل يعني القدر إذا تساوى القدر لا لا لا خلاف في هذا لكن إذا قال أنا أريد أن أقرأ ساعة، ساعة بقرأ القرآن، أنا جالس ساعة أقرأ القرآن، هل أقرأ خمسة أو أقرأ جزئين مع التدبر هذا محل الخلاف يقول ابن القيم -رحمه الله- في زاد المعاد -رحمة الله عليه-: في موضع تقدم يعني في الجزء الأول وقد اختلف الناس في الأفضل من الترتيل وقلة القراءة الترتيل وقلة القراءة أو السرعة مع كثرة القراءة أيهما أفضل؟ على قولين فذهب ابن مسعود وابن عباس -رضي الله عنهما- وغيرهما إلى أن الترتيل والتدبر مع قلة القراءة أفضل من سرعة القراءة مع كثرتها واحتج أرباب هذا القول بأن المقصود من القراءة فهم القرآن وتدبره والفقه فيه والعمل به وتلاوته وحفظه وتلاوته وحفظه وسيلة إلى معانيه كما قال بعض السلف نزل القرآن ليعمل به فاتخذوا تلاوته عملاً ولهذا كان أهل القرآن هم العالمون به والعاملون بما فيه وإن لم يحفظوه عن ظهر قلب وأمّا من حفظه ولم يفهمه ولم يعمل بما فيه فليس من أهله وإن أقام حروفه إقامة السهم، قالوا ولأن الإيمان أفضل الأعمال وفهم القرآن وتدبره هو الذي يثمر الإيمان وأما مجرد التلاوة من غير فهم ولا تدبر فيفعله البر والفاجر والمؤمن والمنافق كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها وطعمها مر» ثم ذكر طبقات الناس في هذا الأمر وأنها أربع طبقات، ثم بعد ذلك جاء إلى القول الثاني وهو أن في هذه المسألة نعم عرفنا أن القول الأول القول الأول أن الترتيل والتدبر مع قلة القراءة أفضل، لكن قال أصحاب الشافعي -كما يقول ابن القيم-: كثرة القراءة أفضل واحتجوا بحديث ابن مسعود -رضي الله عنه- قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول ألف لام ميم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف» رواه الترمذي وصححه قالوا ولأن عثمان بن عفان قرأ القرآن في ركعة وذكروا آثارًا كثيرة من السلف في كثرة القراءة يقول ابن القيم والصواب في المسألة أن يقال إن ثواب قراءة الترتيل والتدبر أجل وأرفع قدرًا وثوابًا، إن ثواب قراءة الترتيل والتدبر أجل وأرفع قدرًا وثواب كثرة القراءة أكثر عددًا فالأول كمن تصدق بجوهرة عظيمة أو أعتق عبدًا قيمته نفيسة جدًا، والثاني كمن تصدق بعدد كثير من الدراهم أو أعتق عددًا من العبيد قيمتهم رخيصة، وفي صحيح البخاري عن قتادة قال سألت أنسًا عن قراءة النبي -صلى الله عليه وسلم- قال فقال كان يمد مدًا.

 

أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ ونفع بما قلتم إنه سميع مجيب، أيها الإخوة المستمعون الكرام، بهذا نصل إلى ختام هذه الحلقة نسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقنا للعمل الصالح والعلم النافع إنه سميع مجيب ونشكر في ختامها فضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير وفقه الله، ونشكركم أنتم مستمعينا الكرام نلقاكم بإذن الله تعالى وأنتم بخير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.