بلوغ المرام - كتاب الزكاة (3)
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
يقول الإمام الحافظ شيخ الإسلام أحمد بن علي بن حجر -رحمه الله تعالى-:
وعن أبي موسى الأشعري ومعاذ -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لهما: ((لا تأخذا في الصدقة إلا من هذه الأصناف الأربعة: الشعير والحنطة والزبيب والتمر)) رواه الطبراني والحاكم، وللدار قطني عن معاذ -رضي الله عنه-: "فأما القثاء والبطيخ والرمان والقصب فقد عفا عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" وإسناده ضعيف.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن أبي موسى الأشعري ومعاذ -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لهما حين بعثهما إلى اليمن يعلمان الناس أمر دينهم.
أبو موسى عاد والنبي -عليه الصلاة والسلام- في حجة الوداع، وأحرم بما أحرم به النبي -عليه الصلاة والسلام- كما هو معروف، وأما معاذ فلم يعد إلا بعد وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لا تأخذا الصدقة إلا من هذه الأصناف)) حصر، ((لا تأخذا الصدقة إلا من هذه الأصناف: الشعير والحنطة والزبيب والتمر)) هذا الحصر يقتضي أن الزكاة لا تجب إلا في هذه الأصناف فلا تجب في الذرة مثلاً، ولا الدخن، ولا غيرهما من الحبوب، إلا في الشعير والحنطة، ولا تجب من الثمار إلا في الزبيب والتمر؛ لأن هذا مقتضى الحصر وقال به جمع من أهل العلم، وأهل القياس يجعلون هذه أصول فما يجتمع معها في العلة يلحق به، فيلحقون الذرة، مع أنه جاء فيها نصوص ضعيفة، ومن أهل العلم وهو المعروف عند الحنابلة أن الزكاة تجب في الحبوب كلها، تجب في الحبوب كلها، وأما بالنسبة للثمار فتجب في كل ما يكال ويدخر، والحديث صريح في أنه لا تؤخذ -وهذا حصر- إلا -والنفي مع الاستثناء يقتضي الحصر- ((لا تأخذا الصدقة إلا من هذه الأصناف الأربعة: الشعير والحنطة والزبيب...)) والحديث مصحح، وأعله ابن دقيق العيد في شرح العمدة، لكن علته يقولون: غير قادحة.
المقصود أن الأصل الأخذ وإلا عدم الأخذ؟ يعني هل الأصل شغل الذمة وإلا براءة الذمة؟ براءة الذمة، ولا تشغل الذمة إلا بما يرفع هذا الأصل؛ لأن هذا نفي وإثبات، لو كان السياق تؤخذ الزكاة من الشعير والحنطة والزبيب والتمر اتجه الإلحاق، كما في الأصناف الربوية ألحق بها أهل العلم ما يشاركها في العلل؛ لكن هنا حصر والأصل براءة الذمة فلا تؤخذ إلا من هذه الأصناف الأربعة، فالعمل بهذا النص هو المتعين، منهم من يرى أن الزكاة تؤخذ من كل ما أخرجت الأرض، كل ما يخرج من الأرض فيه الزكاة، لعموم ((فيما سقت السماء العشر)) لكن هذا الحصر أخص من هذا العموم، ولا نقول: أن الحصر دل بمفهومه، هل دلالة الحصر بمفهومه على عدم الأخذ وإلا النص أنها لا تؤخذ بمنطوقه؟ الدلالة على عدم الأخذ بالمنطوق، والأصل عدم الأخذ، ثم جاء الاستثناء من هذا الأصل فيقتصر عليه، طيب مزارع الفواكه يقول: وللدار قطني عن معاذ -رضي الله عنه- قال: "فأما القثاء والبطيخ والرمان والقصب قد عفا عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" حديث إسناده ضعيف جداً، حديث فيه أكثر من عله فهو ضعيف؛ لكن أنت افترض أن شخص عنده مزرعة كيلوات فيها الفواكه: بطيخ ورمان، وأنواع الفواكه كلها، التفاح والبرتقال والموز، تدر ملايين، هل نقول: هذه ليس فيها زكاة؟ نقول: ليس فها زكاة الخارج من الأرض، وإنما الزكاة في قيمتها إذا حال عليها الحول، والخبر هذا ضعيف.
قال الإمام الحافظ -رحمه الله-: وعن سهل بن أبي حثمة -رضي الله عنه- قال: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ((إذا خرصتم فخذوا، ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع)) رواه الخمسة إلا ابن ماجه، وصححه ابن حبان والحاكم.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن سهل بن أبي حثمة -رضي الله عنه- قال: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ((إذا خرصتم فخذوا، ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع))
الخرص: هو الحرز والتخمين والتقدير، أولاً: الحديث فيه ضعف؛ لكن كيف تؤخذ الزكاة؟ هل تخرص قبل حصادها؟ والنبي -عليه الصلاة والسلام- كان يرسل عبد الرحمن، من الذي كان يخرص؟ عبد الله بن رواحة، كان يبعثه النبي -عليه الصلاة والسلام- يخرص على أهل خيبر، هل نقول: يخرص على المسلم مادام الثمرة في الأشجار؟ التمر على رؤوس النخل، ثم بعد ذلك يحاسبون فيما بعد لاحتمال أنهم يجحدون بعض الأشياء، ولا يخرجون الكل، كونه -عليه الصلاة والسلام- يبعث إلى أهل خيبر من يخرص قبل أن يتصرف في النخل، هؤلاء يهود احتمال يجحدون؛ لكن غيرهم من المسلمين الذين يتدينون بطاعة الله ورسوله، هل يلزم أن تخرص أموالهم؟ أو يقال: إذا جذوا ينظر في أموالهم؟ لكن ماذا عن الأموال التي تباع قبل جذاذها؟ وهل يترك التقدير لصاحب المال أو يبعث الإمام من يخرص الزروع والثمار؟ حديث الباب ((إذا خرصتم فخذوا، ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع)) هذا مضعف؛ لكن الخرص ثابت ويقول به جمهور أهل العلم، ويرى الحنفية أنه إيش؟ رجم بالغيب، ولا يثبت به حكم؛ لكن ما دام ثابت، يبعث النبي -عليه الصلاة والسلام- من يخرص على أهل خيبر، كعبد الله بن رواحة فليس لأحد كلام، والواقع يشهد أن أرباب الخبرة عندهم دقة متناهية في هذا الباب، يعني الآن تتصور أن الشخص إذا خرص الذي يقول عنه الحنفية: أنه رجم بالغيب، إذا دخل البستان، الخبير، ما هو بأدنى شخص، تقول له: كم تسوى هذه السلعة؟ وهذه حاصلة، كم تجيب؟ يقول: ألف أربعمائة ألف وست، ويش من كلام هذا؟ هذا ما هو بخارص ولا حول الخرص؛ لكن شخص يقدر البستان الكبير بالكيلوات، ومع ذلك لا يزيد إلا شيء أو ينقص شيء يسير جداً، وهذا حاصل يعني، ما هي مبالغة، وكل مهنة، وكل صنعة لها أهلها، المسألة مسألة خبرة، العلم له أهله، الصناعة لها أهلها، الزراعة لها أهلها، كل مهنة لها أهلها، فالذي له صلة بالمزارعين يعرف أن الخرص من أدق الوسائل للتقدير؛ لكن ما يجاب شخص من الشارع ويقال له: اخرص، يخرص ثم يطلع أضعاف أو ينقص أضعاف، لا، لا، هناك من أهل الخبرة من يزيد إلا الشيء اليسير جداً الذي لا يكاد يذكر، أو ينقص الشيء اليسير الذي لا يكاد يذكر، مثل هذا يعتمد عليه، والمسألة مسألة غلبة ظن.
الحديث الذي معنا حديث سهل بن أبي حثمة ((إذا خرصتم فخذوا، ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع)) عمل به بعض أهل العلم، وقال: ينبغي أن يترك لأهل المزارع شيء يأكلونه في أول الأمر هم وأولادهم، ويهدون منه، ويتصدقون على أقاربهم، ومعارفهم، لا يحاسبون بالمشاحة، بمعنى أنه يجب عليك كذا، أدفع كذا، يترك لهم شيء يتصرفون به.
وهذا الحديث قد عمل به بعض أهل العلم على ضعفه، والمقصود أن الخرص وسيلة للتقدير، وسيلة شرعية.
الحديث الذي يليه:
قال -رحمه الله-: عن عتاب بن أسيد قال: "أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يخرص العنب كما يخرص النخل، وتؤخذ زكاته زبيباً" رواه الخمسة، وفيه انقطاع.
وهذا أيضاً ضعيف؛ لكن هل الزكاة تؤخذ من التمر الرطب والعنب الرطب؟ أو تؤخذ منه إذا صار تمراً بالنسبة للتمر، أو صار زبيباً بالنسبة للعنب؛ لأنه هو الذي يمكن كيله، هو الذي يكال، الذي يكال الزبيب والذي يكال التمر، أما الرطب لا يكال، والعنب لا يكال، والزكاة إنما تؤخذ كيلاً، وهذا الحديث على ضعفه يقول فيه: وعن عتاب بن أسيد قال: "أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يخرص العنب كما يخرص النخل" كم يقدر في هذا البستان من عنب رطب، ثم كم تكون حصيلته إذا جف وصار زبيباً، وقل مثل هذا في النخل، كم فيه من صاع رطب وكم يؤول إليه إذا كان جافاً؟
"أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يخرص العنب كما يخرص النخل، وتؤخذ زكاته زبيباً" رواه الخمسة، وفيه انقطاع؛ لأنه رواه سعيد بن المسيب عن عتاب، قال أبو داود: "لم يسمع منه"، وقال أبو حاتم: "الصحيح عن سعيد بن المسيب أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر عتاباً" فسعيد حينما يقول أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر عتاباً يحكي قصة لم يشهدها، فهي مرسلة، وإذا قال: عن عتاب قلنا: أنه لم يسمع منه كما نص على ذلك أبو داود؛ ولكن النووي يقول: أن هذا الحديث وإن كان مرسلاً فهو يعتضد بقول الأئمة" فالخرص لأن أصحاب الأموال إذا أرادوا أن يتصرفوا فيها قبل أن تصير زبيباً أو تمراً، لا بد أن يخرص عليهم، وتقدر ثمارهم، لتثبت في ذممهم الزكاة، فلا بد من الخرص، وإذا خيف من أرباب الأموال جحد شيء من أموالهم فعلى الإمام أن يبعث من يخرص عليهم، كما بعث ابن رواحة يخرص على اليهود في خيبر.
الخارص من شرطه أن يكون عدلاً، وأن يكون خبيراً، عارفاً، ويكفي واحد، ما يقال: هذه شهادة لا بد فيها من اثنين، إنما هي بمثابة الحكم، والحكم يكفي فيه واحد، ومثل ما ذكرنا فائدة الخرص أمن الخيانة إذا شك في أمر صاحب الزرع، أو ترك التصرف لصاحبه إذا أراد أن يتصرف فيه قبل أن يجذ، قبل حصاده، ففائدة الخرص الاحتياط لحق الفقراء؛ لأن صاحب المزرعة إذا كان رطب ويخرف منه كل يوم مائة سطل ويبيعها تزيد وتنقص، ثم بعد ذلك يصعب عليه ضبطها وحسابها، وكم تؤول إليه إذا جفت؟ فذلك يصعب عليه، لا بد أن يأتي خبير يخرص له.
قال الحافظ -رحمه الله-: وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة أتت النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومعها ابنة لها، وفي يد ابنتها مسكتان من ذهب، فقال لها: ((أتعطين زكاة هذا؟)) قالت: لا، قال: ((أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟)) فألقتهما" رواه الثلاثة، وإسناده قوي، وصححه الحاكم من حديث عائشة.
وعن أم سلمة -رضي الله عنها- أنها كانت تلبس أوضاحاً من ذهب، فقالت: يا رسول الله أكنز هو؟ قال: ((إذا أديت زكاته فليس بكنز)) رواه أبو داود والدار قطني، وصححه الحاكم.
هذا الحديث يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة أتت النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومعها ابنة لها، وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان، سوران غليظان، وفي يد ابنتها مسكتان من ذهب فقال لها: ((أتعطين زكاة هذا؟)) قالت: لا، قال: ((أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟)) فألقتهما" رواه الثلاثة، حديث معروف، وهو أقوى ما يحتج به من يرى زكاة الحلي المستعمل، ((أتعطين زكاة هذا؟)) نص على أنه تجب فيه الزكاة، ولذا قال: ((أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟)) فألقتهما، هذا أقوى الأدلة في وجوب زكاة الحلي، إضافة إلى قوله -جل وعلا-: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ}[(34) سورة التوبة] وحديث: ((ما من صاحب ذهب ولا فضة...)) إلى آخره فالعمومات مع هذا الحديث الذي يقبله جمع من أهل العلم بهذه الصيغة، بهذا الإسناد.
"مسكتان من ذهب" ((أتعطين زكاة هذه؟)) ذهب مستعمل في اليد، ولا يدرى هل بلغ النصاب أو لم يبلغ؟ والذي يغلب على الظن أنه لا يبلغ النصاب، ولذا قال بعضهم: تجب زكاة الحلي ولو لم يبلغ النصاب، وإذا قيل بهذا مع عدم اعتبار الشروط، شرط بلوغ النصاب، بلوغ النصاب شرط، والذي يغلب على الظن أن هذين المسكتين لا تبلغان النصاب، وأيضاً: مسألة الحول، ما استفصل النبي -عليه الصلاة والسلام- هل حال عليها الحول؟ فمع عدم اعتبار الشروط المعتبرة للزكاة المفروضة التي هي ركن من أركان الإسلام، هل يحمل لفظ الزكاة هنا على الزكاة المفروضة؟ التوعد بالنار يدل على وجوب إخراج الزكاة فيها؛ لكن هل هذه الزكاة مع عدم اعتبار الشروط، هل هذه الزكاة هي الزكاة الواجبة في الذهب؟ معنى أنها تخرج منها ربع العشر؟ أو تزكيها والتزكية تحصل بشيء منها، وتحصل بإعارتها كزكاة الماعون، الذي جاء ذم منعه {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ}[(7) سورة الماعون]؟ يعني الجادة والقاعدة الشرعية في الأموال أنها لها شروط معتبرة، وأنه لا زكاة في مال حتى يبلغ النصاب، الذهب نصابه أحد عشر جنيهاً وأربعة أسباع الجنيه، هل يتصور أن هاتين المسكتين إحدى عشرة جنيه؟ لا يتصور في يد بنت صغيرة، هذا بالنسبة للنصاب.
الأمر الثاني: الحول ما استفهم عنه، ولا قالت: أنا الآن اشتريته، وإلا حال عليهم حول أو حولين أو أكثر، فالذي يظهر أن الزكاة هذه ليست من جنس زكاة الأموال؛ لأن زكاة الأموال لها شروط، وهذا لا تنطبق عليها شروط زكاة الأموال، وللعلم هذا أقوى ما في الباب، وإلا فالأصل أنه إذا جاءنا لفظ شرعي نحمله على الاصطلاح الشرعي؛ لأن الشرع ينطق باصطلاحاته؛ لكن إذا اختلت الشروط التي اشترطها الشارع للاصطلاح الخاص، اختلت الشروط، فهل مع اختلال هذه الشروط، لا حول، ولا نصاب، هل نطلب النتيجة المرتبة على المال الذي حال عليه الحول وبلغ النصاب؟ يعني الجادة معروفة في الشرع، بلغ النصاب وحال عليه الحول فيه ربع العشر مال انتهى؛ لكن هذا لا حال عليه حول، ولا بلغ النصاب، لأن هذا أقوى ما عندنا، لو افترضنا أن حلي المرأة يبلغ النصاب، وحال عليه الحول، هو تبعاً لثبوت هذا الحديث، وما يقرر فيه، المسألة مسألة شرعية، لا بد أن تنطبق عليها الشروط الشرعية، الملاحظة في بقية الأموال، والتي منها الذهب، لا بد من اكتمال النصاب، ولا زكاة في الذهب حتى يبلغ عشرون مثقالاً، كما تقدم، ولا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول، المقصود أن اشتراط الحول معروف متقرر، وأيضاً بلوغ النصاب متقرر، وهنا لم يشترط حول ولا بلوغ نصاب، وقال: ((أتعطين زكاة هذه؟)).
طالب:........
إيه، لأن البنت ما يتجه لها خطاب غير مكلفة.
طالب:.......
لكنها لا يتجه الخطاب للبنت لأنها غير مكلفة، ترون يا إخوان المسألة من عضل المسائل، لا نحسب المسألة سهلة؛ لأن إلزام الناس بغير لازم مشكل، وأيضاً ترك هذا الركن العظيم من أركان الإسلام، وهو أداء الزكاة فيما تجب فيه الزكاة أيضاً مشكل، فالاحتياط صعب في هذا.
طالب:.......
حلي، حلي لا للتجارة ولا...، هو للزينة.
طالب:.......
المقصود أنه حلي المرأة المعروف أنها تلبسه {أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ}[(18) سورة الزخرف] الزينة يعني، هذا الأصل في الحلي، ولذا لو اتخذت المرأة أناء من ذهب وجبت فيه الزكاة؛ لأنه حرام ما يجوز أن تقتنيه، فالمسألة هل إجراء الذهب المستعمل حلي للمرأة، كما يستعمل في القنية ((ليس على المسلم في عبده ولا فرسه زكاة)) وأيضاً الأثاث ما فيه زكاة، كل ما يستعمل ما فيه زكاة، وأقوى ما في المسألة من الأدلة الخاصة حديث الباب هذا، والحديث الذي يليه ضعيف؛ لكن أقوى ما فيها هذا.
طالب:........
لا، لا، الترمذي صحيح أنه يقول: لا يعرف إلا من طريق ابن لهيعة؛ لكن غير صحيح يروى من غير طريقه يروى عن حسين المعلم، وهو ثقة ما في إشكال، لا، الذي يقبل حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده يقبل هذا الحديث، الذي يقبل حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ما فيه إشكال الحديث من حيث الثبوت أقل أحواله أنه حسن؛ لكن هل الزكاة المطلوبة هي الزكاة المطلوبة فيما توافرت فيه الشروط؟ أو أن زكاته إعارته كما يقول جمع من أهل العلم؟ كما أن الماعون زكاته أيضاً بذله عند الحاجة إليه، فزكاة كل شيء بحسبه، فالمقصود أن إيجاب الزكاة فيما لا تجب فيه تكليف بما لا يجوز التكليف فيه، إلا بنص يقطع العذر، لأن الأصل براءة الذمة، والقاعدة الشرعية أن المقتنيات لا زكاة فيها، المستعملة، ومنها هذا، مثل الأثاث ومثل السيارة، ومثل الفرس، ومثل العبد، ومثل البيت، كلها ما فيها زكاة؛ لأنها مستعملة؛ لكن أيضاً التفريط بواجب من واجبات الإسلام والدليل فيه صحيح لا يمكن، ولذا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله تعالى- في تفسير آية التوبة عرض المسألة، وبسطها بسطاً لا نظير له، وبعضهم يرى أن مثل هذا الحديث كان في أول الأمر، لما كان الذهب محرماً على النساء؛ لكن كيف يقول: تؤدين زكاته ويسكت عن تحريمه؟ لأن الذهب المحلق فيه ما فيه، وجاء فيه كلام، لكن كيف ما أنكر اللبس فضلاً عن الزكاة؟ لو كان هذا الكلام له وجه؟ فإذا قارنا بين الأصل الذي هو براءة الذمة، وأن مثل هذا الخبر على ما فيه من خلاف بين أهل العلم، وليس في الباب ما هو أقوى منه، فتبقى المسألة مسألة احتياط، فلا يحمل الإنسان نفسه ما لا تحتمل، نعم إذا أراد أن ينقل الفتوى، يقول: والله الشيخ فلان يفتي بوجوب الزكاة، هذا ما عليه شيء، لا سيما وأن من يفتي به تبرأ الذمة بتقليده؛ لكن هو يتحمل مثل هذا وهو غير مقتنع مشكلة؛ لأن تكليف الناس بغير واجب لا يجوز، والاحتياط إذا أراد أن يحتاط يحتاط لنفسه، أما يحتاط لغيره لا، يقول لهم: الأحوط أن تدفعوا الزكاة، لا مانع، أما مسألة الإلزام والإيجاب يحتاج إلى نص قاطع للعذر.
طالب:.......
هو الأصل أن الزكاة إذا أطلقت في النصوص فالمراد بها المفروضة، المقدرة التي اشترط لها في الشرع شروط، بحيث إذا توافرت هذه الشروط وجبت هذه الزكاة؛ لكن هل توافرت الشروط للزكاة المقدرة شرعاً هنا؟
طالب:.......
نعم، كيف؟ المانع المسكتين بيد الطفلة الصغيرة إحدى عشر جنيه؟ يمكن ما تشيلهم إحدى عشرة جنيه، هذا واضح كونها ما بلغت النصاب هذا ما فيه إشكال؛ لكن الحول الذي هو احتمال، فالذي تجب فيه الزكاة المفروضة هو الذي تتوافر فيه الشروط للزكاة المفروضة، أنا ما أقول: أنها لا تزكي، النساء ما تزكي، لا، أنا أقول: أن إيجابها يحتاج إلى دليل قاطع، إيجاب الزكاة على النساء يحتاج إلى دليل قاطع، والذي يزكي من باب الاحتياط هو بينقل فتوى، من استفتاه من النساء، قال: والله الشيخ ابن باز يقول فيه الزكاة، تبرأ عهدته وذمته؛ لكن لا يتبنى شيء إلا إذا ترجح له دليله.
طالب:........
لا، لا هو نص على زكاة، ما نص على لبس، هو نص على الزكاة.
طالب:.........
وين؟ من باب الخروج من العهدة بقوة، ما يكفي أن تزكي لا ذهب ولا شيء، لا هذا يتصور هذا سهل؛ لأنه في مقابل نار، سوارين من النار في الآخرة، لأن الزينة كمال.
طالب:.......
لا، تعطين، وتدفعين، وتؤدين، كلها بمعنى واحد ما فيه فرق، في شيء؟ في شيء يا شيخ؟ أنا ما زال في نفسي شيء من إيجاب زكاة الحلي، وأن الدليل لا ينهض بحيث يلزم الناس بها، أما باب الاحتياط لا بأس، الشيخ الشنقيطي -رحمه الله تعالى- لما أنهى الكلام وتكلم على المسألة بعجرها وبجرها، بأدلتها وخلافها، أشار إلى أن إخراج الزكاة احتياط، الاحتياط أمره سهل؛ لكن الإلزام بغير لازم هذا هو المشكل، ومعروف أن الأئمة جمهورهم لم يقولون بها، مالك والشافعي وأحمد: لا تجب الزكاة في الحلي عندهم، وجاء عن بعض الصحابة أيضاً آثار تدل على أنهم لا يرون زكاة الحلي.
الحديث الذي يليه:
قال الإمام الحافظ -رحمه الله-: وعن سمرة بن جندب -رضي الله عنه-..
حديث أم سلمة، قرأته؟
نعم يا شيخ،
قرأت حديث أم سلمه؟
نعم.
بعد هذا يقول الحافظ -رحمه الله تعالى- وعن أم سلمة -رضي الله عنها- أنها كانت تلبس أوضاحاً من ذهب فقالت: يا رسول الله أكنز هو؟ قال: ((إذا أديت زكاته فليس بكنز)).
الكنز: في الأصل الذي يدفن في الأرض، هذا الأصل فيه، وحقيقته العرفية واللغوية؛ لكن حقيقته الشرعية تدور وجوداً وعدماً مع الزكاة، فالمال الذي لا تؤدى زكاته هو كنز، ولو نشر في السطوح، والمال الذي تؤدى زكاته ليس بكنز، ولو أخفي في الآبار، ودفن وطمر تحت التراب، فحقيقته الشرعية تأدية الزكاة {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ}[(34) سورة التوبة] ما أديت زكاته فليس بكنز، وأما ما لا تؤدى زكاته فهو كنز ولو كان على وجه الأرض.
هذا الحديث ضعيف الإسناد، وله شاهد، ذكر العلماء له شاهد، ولذا صححه الحاكم.
وعن أم سلمة -رضي الله عنها- أنها كانت تلبس أوضاحاً من ذهب فقالت: يا رسول الله أكنز هو؟ قال: ((إذا أديت زكاته فليس بكنز)) رواه أبو داود والدار قطني، وصححه الحاكم، ويجعلونه شاهد لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ويتقوى به، وعلى كل حال المسألة في النفس من إيجاب الزكاة فيها شيء، والدليل لا يقطع العذر ولا يلزم، والأصل براءة الذمة، ومن أراد أن يخرج الزكاة باعتبار أن هذه الأحاديث تورث عنده شبهة، عليه أن يتقيها ليستبرئ لدينه وعرضه، هذا في خاصة نفسه، ومن تحت يده، أما أن يلزم به الناس فالأصل براءة الذمة.
قال الحافظ -رحمه الله-: وعن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نعده للبيع" رواه أبو داود، وإسناده لين.
نعم أيضاً هذا الحديث ضعيف، يقول: عن سمرة، وسبب ضعفه أنه من رواية سليمان بن سمرة عن أبيه، وسليمان مجهول، عن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نعده للبيع".
الحديث دليل على وجوب زكاة مال التجارة، والزكاة في عروض التجارة نقل الإجماع عليه، ابن المنذر قال: الإجماع قائم على وجوب الزكاة في مال التجارة، فعروض التجارة فيها الزكاة بالاتفاق، وإن قالت الظاهرية بعدم الوجوب فيها، والحديث فيه لين؛ لأنه من رواية سليمان، وهو مجهول، واللين عند الحافظ كما قرره في مقدمة التقريب: الراوي اللين عنده من ليس له من الحديث إلا القليل، ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله فإن توبع فمقبول وإلا فلين" وإن كان هنا المراد الذي يظهر من لين الإسناد الكلام التضعيف الخفيف، استدل الجمهور بوجوب زكاة التجارة بقوله -جل وعلا-: {أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ}[(267) سورة البقرة] يقول مجاهد: نزلت في التجارة، وأخرج الحاكم أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: ((في الإبل صدقتها، وفي البقر صدقتها، وفي البز صدقته)) وعلى كل حال عامة أهل العلم على وجوب الزكاة في التجارة.
قال -رحمه الله-: وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((وفي الركاز الخمس)) متفق عليه.
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في كنز وجده رجل في خربه: ((إن وجدته في قرية مسكونة فعرفه، وإن وجدته في قرية غير مسكونة ففيه وفي الركاز الخمس)) أخرجه ابن ماجه بإسناد حسن.
حديث أبي هريرة المتفق عليه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((وفي الركاز الخمس)) هذه جملة من حديث يشتمل على عدة جمل ((العجماء جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس)) والركاز: ما يوجد من دفن الأموال تحت الأرض، فيحصل عليه بحفرها، مال يدفن تحت الأرض، ومنهم من يشترط أن يكون من دفن الجاهلية، وليست عليه علامات تدل على أنه مال لمسلم، وإن كان مالاً لمسلم إن عرف دفع إليه وإلا فحكمه حكم اللقطة، يعرف، فالركاز: هو دفن الجاهلية، المال المدفون، وعليه آثار غير إسلامية، وفيه الخمس لأن الزكاة تتبع المشقة كثرةً وقلة، فالذي يتعب عليه فيه ربع العشر، فإن كان التعب أقل فنصف العشر، ثم إن قل التعب ففيه العشر، وإن قل التعب فيه الخمس، والشرع حينما أوجب الزكاة في أموال الأغنياء دفعاً لحاجة الفقراء نظر أيضاً إلى عدم إهدار جهد التجار، فجعل لجهدهم أثر في الزكاة، فالركاز الذي لا يحتاج إلى جمع، بساعة يحصل على هذا، اشترى أرض، وأحضر المقاول، وحفر القواعد، أو أراد أن يضع بدروم فوجد هذا الكنز، والقصص يتناقلها الناس في أنه يرى رؤي أن في المكان الفلاني من بيتك كنز، فيحفره، قد تصدق هذه الرؤيا، وقد لا تصدق؛ لكن الكلام كثير.
طيب إذا اشترى أرض بمبلغ وجد فيها كنز، فهل هذا الكنز للواجد أو لصاحب الأرض؟ إذا كان فيه ما يدل على أن صاحب الأرض هو الذي دفنه فهو صاحبه، له، وإذا لم يدل الدليل على أن صاحب الأرض له يد في هذا الكنز، أو له، أو وجد علامات تدل على أن هذا المدفون قبل أن يملك صاحب الأرض الأصلي أرضه، فمثل هذا يورث وقفة، وأهل التحري لهم مواقف، فشخص اشترى أرضاً، فوجد فيها كنزاً، فذهب إلى صاحب الأرض فقال: خذ مالك، أنا ما اشتريت المال، أنا اشتريت الأرض، فرفض صاحب الأرض فقال: أنا بعت الأرض بما فيها، هذه المسألة في تصورنا هل تحتاج إلى خصومة؟ تحتاج إلى أن نذهب إلى القاضي؟ يعني من خلال واقعنا تحتاج إلى خصومة وإلا ما تحتاج؟ ذهب إلى القاضي، فادعى، قال: أنا اشتريت أرض ووجدت فيها كنز، وما هو لي، لصاحب الأرض، سأله قال: أنا بعت الأرض بما فيها، ما لي علاقة، استلمت قيمتها، أراد أن يصلح بينهما ويقسم المال بينهما رفضوا، كل واحد يقول: ما هو لي، أخيراً قال: هل لك من ابن -يقول للمدعي؟- قال: نعم، وقال للمدعى عليه: هل لك من بنت؟ قال: نعم، فقال: يتزوج الابن بهذه البنت، وينفق عليهما من هذا الكنز، هكذا يكون أهل التحري، الله المستعان.
بعض الناس لما ارتفعت أقيام العقار، يذهب إلى بعض كبار السن ويقول: هل تعرف لآبائي وأجدادي أملاك وإلا شيء على شان إيش؟ على شان يذهب إلى هذه الأملاك، ويدعي على أصحابها، أقل الأحوال أن تكون بعض الوثائق ضاعت، يصطلح وإياهم، هذا أقل الأحوال، هذا وجد من يبحث ويسأل نقيض هذه القصة، الله المستعان.
على كل حال الكنز هذا أو الركاز فيه خمسه، وهل مصرفه مصرف الزكاة أو مصرف الفيء في مصالح المسلمين العامة؟ أو هو للزكاة يصرف في مصارف الزكاة؟ محل خلاف معروف بين أهل العلم.
ويقول أيضاً: عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده -رضي الله عنهم- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في كنز وجده رجل في خربة: ((إن وجدته في قرية مسكونة فعرفه)) الآن السؤال بعد وجوده أو قبل وجوده؟
طالب:.......
بعد وجوده، قال: في كنز وجده رجل في خربة، والجواب ((إن وجدته في قرية مسكونة)) يعني إن كنت وجدته في قرية مسكونة فعرفه، يعني لأنه لقطة، ((وإن وجدته في قرية غير مسكونة ففيه وفي الركاز الخمس)) لأنه إذا كان على وجه الأرض وقرية خربة متروكة، مهجورة، فحكمه حكم ما تحت الأرض، حكمه حكم الكنز لخفائه على الناس، هذه القرية المهجورة يعني لو دخل إنسان في قرية هجرها أهلها، وتهدمت بيوتها فدخل فيها من باب الاعتبار والاتعاظ والادكار، دخل المجلس فوجد صندوق فيه أموال، هذا كنز وإلا ليس بكنز؟ هو على وجه الأرض ما هو بمدفون ولا دفين ولا شيء؟
طالب:.......
ليس بكنز، الكنز: المدفون؛ لكن حكمه حكم الكنز؛ لأنه قال: ((وإن وجدته في قرية غير مسكونة ففيه وفي الركاز الخمس)) فدل على أنه ليس بكنز؛ لأنه على وجه الأرض؛ لكن حكمه من حيث إخراج الخمس حكم الكنز.
قال -رحمه الله-: وعن بلال بن الحارث -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخذ من المعادن القبلية الصدقة" رواه أبو داود.
نعم يقول: وعن بلال بن الحارث المزني -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخذ من المعادن القبلية، موضع بناحية الفرع، جهة المدينة، الصدقة، والخبر ضعيف؛ لأنه مرسل.
في الموطأ عن ربيعة عن غير واحد من علمائهم أنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أقطع بلال بن الحارث المعادن القبلية، وأخذ منها الزكاة دون الخمس، يعني زكاة الأموال العادية، الزكاة دون الخمس.
عن ربيعة عن غير واحد من علمائهم، المروي عنهم مجاهيل، غير واحد من علمائهم؛ لكن بعض أهل العلم يرى تصحيح مثل هذه الجهالة؛ لأن وصفهم بالعلم واجتماعهم أكثر من واحد، هم موصوفون بالعلم، وهم أيضاً عدد، فصفتهم بالعلم مع كثرتهم يجبر بعضها بعضاً، فترتفع الجهالة، فوصفهم بالعلم مع كونهم عدد يجبر بعضهم بعضاً، كما قيل: عن مشايخ من جهينة، وكما قيل: عن عدة من شيوخه، كما يقول ابن عدي، بعضهم يصحح بمثل هذا؛ لأن الواحد منهم مجهول؛ لكن مجموعة مجاهيل موصوفين بالعلم يجبر بعضهم بعضاً، فهو قابل للتحسين، وإن كان في الأصل ضعيفاً.
أقطع بلال بن الحارث المعادن القبلية، وأخذ منها الزكاة دون الخمس، يعني بعد تخليصها وتنقيتها يؤخذ منها نصيب الفقراء...
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
"الطبعة الأخيرة طبعة مشهور حسن سلمان، هذه طبعة طيبة، اعتمد فيها على بعض النسخ؛ لكن اعتمادي أنا على الطبعة الأولى، الطبعة المصرية، طبعة فوزان السابق، وهي طبعة نفيسة ممتازة، الثانية التي تليها طبعة طه عبد الرءوف سعد، ذكروا بعض معاني الكلمات التي تشكل، أذكر في قراءتنا قبل ثلاثين سنة على الشيخ ابن غديان، مر بنا كلمة في طبعة فوزان كلمة (التاوي) فبحثنا عنها، بحث قريب ما رجعنا إلى معاجم ولا رجعنا إلى شيء، فبينت هذه الكلمة في الطبعة التي تليها طبعة طه عبد الرءوف سعد أنه الهالك، فالطبعات التي تعنى بشرح الكلمات مع مقابلة النسخ يعتنى بها؛ لكن ما زلت أنا أقول: أن الطبعة الأولى طبعة فوزان السابق نفيسة.
نعود إلى المسألة كيف يقول: رواية واحدة، وهو يعرف أن في المسألة رواية ثانية؟ أو معنى هذا أن الرواية الثانية لم تثبت عنده؟ أو لا تجري عنده على قواعد المذهب؟ الآن أدركتوا الإشكال؟ الطريقة الأولى: يجنح صاحبها إلى أن الزكاة تجب في العين رواية واحدة، والثانية: أنها تجب في الذمة رواية واحدة، والثالث، دعونا من الثالثة، الرابعة: أن في المسألة روايتين، يعني هل الرابع جاب جديد؟ أو نظر إلى الطريقة الأولى والثانية وأثبت كل منهما رواية؟ هل مقتضى هذا الكلام أن الأول ينفي الرواية الثانية، والثاني ينفي الرواية الأولى؟ وأثبتهما صاحب الطريقة الرابعة؟ رواية أنها تجب في العين، والرواية الثانية تجب في الذمة، وكل واحد من صاحبي القولين يجنح إلى أن الرواية الثانية وجودها مثل عدمها، كأنها لم توجد، ولذلك لا يثبت إلا رواية واحدة، والقول الرابع: يثبت الروايتين، والقول الثالث: يوفق، أو يلفق بين الروايتين.
في أحد يساهم يشارك في المسألة وإلا ما في أحد؟ يعني كأن أصحاب الطريقة الأولى يرون أن القول الثاني أو الطريقة الثانية لا تجري على قواعد المذهب فلا تذكر رواية والعكس، والطريقة الرابعة تجمع بين القولين وتجعلهما روايتين، والطريق الثالث أنها تجب في الذمة وتتعلق بالنصاب.
هنا مسألة يقول: في ذلك اختلف الأصحاب في ذلك على طرق: إحداها: والثانية والثالثة والرابعة، الطريق مذكر وإلا مؤنث؟ نعم جل استعمال المحدثين على أنه مؤنث، مروي من عدة طرق: الأولى الثاني الثالثة، ومثله كلام المؤلف هنا؛ ولكن الذي جاء في القرآن {طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا}[(77) سورة طـه] فعلى هذا مذكر وإلا مؤنث؟ مذكر، وعلى كل حال هو يذكر ويؤنث في الأصل، طيب ما الفائدة من هذا الخلاف؟ ما الفائدة التي تترتب على هذه الطرق وهذه الأقوال؟
أولاً: المؤلف ما خرج عن المذهب، كل الأقوال وفي روايات المذهب، وفي أقوال الأصحاب، لهذا الخلاف فوائد تظهر في عدد من المسائل:
المسألة الأولى: إذا ملك نصاباً واحداً ولم يؤدِ زكاته أحوالاً، يزكي زكاة سنة واحدة وإلا سنوات؟ أو على ما تقدم كل على مذهبه؟ إذا قلنا: أنها تجب في العين سنة واحدة، وإذا قلنا: أنها تجب في الذمة سنوات، وإذا قلنا: تجب في الذمة وتتعلق بالنصاب إيش الفرق بينها؟ يعني إذا كان لها تعلق بالنصاب وتلف النصاب، تبرأ الذمة وإلا ما تبرأ؟ إذاً ما الفرق بين الثانية والثالثة، الثانية يقول: تجب في الذمة، والثالثة تجب في الذمة وتتعلق بالنصاب، يعني الفرق بين القولين أن وجوبها في الذمة ثبتت ديناً في ذمته من غير ارتباط بالنصاب، نعم، لكن على الطريقة الثالثة أن تعلقها بالذمة ولها ارتباط بالنصاب فتخرج من عين النصاب، فإذا تلف النصاب المثلي يزكى مثله، والذي ليس بمثلي يزكى قيمته.
الفائدة الثانية: إذا تلف النصاب أو بعضه قبل التمكن من أداء الزكاة، وبعد تمام الحول، إذا تلف النصاب أو بعضه قبل التمكن من أداء الزكاة وبعد تمام الحول على الطرق تجب في العين خلاص ما في زكاة، تجب في الذمة استقرت في الذمة فتجب.
الفائدة الثالثة: إذا مات من عليه زكاة أو دين وضاقت التركة عنهما، إذا قلنا: أن ارتباطها بالذمة فالذمة الآن إيش فيها الذمة؟ انتهت، الذمة فارغة الآن انتهت لأنه مات، وإذا قلنا: وجوبها بالنصاب أنها تخرج منه قبل قسمة التركة.
الفائدة الرابعة: إذا كان النصاب مرهوناً وجبت في الزكاة فهل تؤدى زكاته منه؟ نعم إذا كان النصاب مرهوناً عند الدائن، فهل إذا حال عليه الحول يأتي الراهن إلى المرتهن فيأخذ منه مقدار الزكاة؟ قد يرفض المرتهن؛ لأنه ينقص التوثقة، تنقص التوثقة فإذا قلنا: لها تعلق بالذمة يخرج من غيره.
الفائدة الخامسة: التصرف في النصاب أو بعضه بعد الحول ببيع أو غيره مثل ما لو تلف.
الفائدة السادسة: لو كان النصاب غائباً عن مالكه لا يقدر على الإخراج منه، فإذا كان تعلقها بالمال، بالعين ينتظر حتى يحضر المال، وإذا كانت بالذمة يخرج بدله.
الفائدة السابعة: إذا أخرج رب المال زكاة حقه من مال المضاربة، فهل يحسب ما أخرجه من رأس المال ونصيبه من الربح أو من نصيبه من الربح خاصة؟ شخص عنده مائة ألف أعطاها لزيد من الناس، وقال: خذ هذه المائة ألف مضاربة على أن يكون الربح بيني وبينك نصفين، علي المال وعليك العمل، إذا حال الحول على هذا المال يجب أن يخرج منه ومن ربحه، افترضنا أن المائة صارت مائة وعشرين، فربع العشر ثلاثة آلاف، ثلاثة آلاف هل تؤخذ؟ فهل يحسب ما أخرجه من رأس المال ونصيبه من الربح على كل واحد منهما الآن، الآن كم نصيب المضارب؟ عشرة آلاف، ونصيب صاحب المال مائة وعشرة ، إذا أخرج رب المال زكاة حقه من مال المضاربة منه فهل يحسب ما أخرجه من رأس المال ونصيبه من الربح؟ أم من نصيبه من الربح خاصة؟ فعلى هذا يكون على كل واحد منهما ألف وخمس إذا قلنا: من نصيبه من الربح خاصة، ومرد ذلك أنها إذا كانت في عين المال، أخرجت من مجموعه، وإذا كانت في الذمم معنى أنه لا يتبين وجهه، هنا الآن إذا أخرج رب المال زكاة حقه من مال المضاربة، أخرج زكاة حقه قلنا: مائة وعشرين فيها ثلاثة آلاف، ونصيب صاحب المال مائة وعشرة، ونصيب المضارب عشرة آلاف فتكون زكاة المضارب بمائتين وخمسين، وزكاة صاحب المال المائة في ألفين ونصف، ومائتين وخمسين ألفين وسبعمائة وخمسين، هذا على أي الروايتين؟
طالب:........
إذا قلنا: أنه متعلق بالعين، أما إذا قلنا: أنه متعلق بالذمم لا ارتباط له بالعين، فالمضارب له النصف باعتبار عمله وربحه، والثاني له النصف باعتبار مئته مع الربح.
نعم.
طالب:.........
بالعين؟ ينتظر حتى يحضر.
طالب:.........
والله الجمع بينهما بطريقة شيخ الإسلام طيب، على شان ما يهدر حق الفقير، ولا يكلف الغني أكثر مما يطيق لأنه لو تلف المال ولها ارتباط به من غير تفريط ولا تعدي ذهبت خلاص؛ لكن الذي يقول: تثبت في الذمة ولو تلفت من غير تعدي ولا تفريط يضمن.
أولاً: السبق جاء حصره فيما يعين على الجهاد فقط، السبق: وهو ما يأخذه الفائز، جاء حصره فيما يعين على الجهاد فقط، ((لا سبق إلا خف أو نصل أو حافر)) فيما يستعان به على الجهاد، وألحق بعض العلماء ومنهم شيخ الإسلام بن تيمية وابن القيم جواز أخذ السبق على مسائل العلم؛ لأن العلم باب من أبواب الجهاد، وما عدا ذلك يبقى على المنع.
المسألة التي أشير إليها في درس الأمس وهي الزكاة، وارتباطها بالمال، وعلاقتها بالذمة.
هذا نقل لنا كلام من قواعد ابن رجب، وكتاب القواعد لابن رجب كتاب عظيم، لا يستغني عنه طالب علم، وقد يقول قائل: أنه يطلِق في ذكر الروايات والوجوه ولا يرجح؛ لكنه يخرج طالب علم، يعرف كيف يتعامل مع أقوال العلماء؟ وكيف يفهم النصوص؟ وإن لم يشر المؤلف إلى النصوص، فيذكر مأخذ القول من التعليل.
الزكاة هل تجب في عين النصاب أو في ذمة مالكه؟ اختلف الأصحاب في ذلك على طرق إحداها: أنها تجب في العين، يعني في عين المال، رواية واحدة، وهي طريقة ابن أبي موسى والقاضي في المجرد، و الثانية: أن الزكاة تجب في الذمة رواية واحدة، وهي طريقة أبي الخطاب في الانتصار، وصاحب التلخيص متابعة للخرقي.
والثالثة: أنها تجب بالذمة، وتتعلق بالنصاب، ووقع ذلك في كلام القاضي وأبي الخطاب وغيرهما، وهي طريقة الشيخ تقي الدين.
والرابعة: أن في المسألة روايتين إحداهما: تجب في العين والثانية: في الذمة، وهي طريقة كثير من لا أصحاب المتأخرين، وفي كلام أبي بكر في الشافي ما يدل على هذه الطريقة.
تجب في العين رواية واحدة، تجب في الذمة رواية واحدة، تجب بالعين ولها تعلق بالذمة أو العكس، أو روايتان، يعني هل معنى أن الطريقة الأولى تلغي الثانية من الوجود؟ لأنه قد يشكل مثل هذا الكلام على بعض الناس، يعني ابن رجب اطلع على هذه الأقوال كلها، اطلع على هذه الأقوال، فكيف يقول: إحداها: تجب في العين رواية واحدة، طيب الرواية الثانية في القول الثاني الذي في الطريقة الثانية التي ذكرت، يعني هل معنى هذا أن الذي ذكر أو اختار الطريقة الثانية ما اطلع على الطريقة الثانية التي نص فيها على أنها رواية؟ تجب في الذمة رواية واحدة، الأول: تجب في العين رواية واحدة، والثاني: تجب في الذمة رواية واحدة، إيش معنى هذا الكلام؟ هل معنى هذا أن كل من اختار طريقة ألغى الطريقة الثانية، أو يظن به أنه لم يطلع عليها؟ أو نقول: أنه صاحب الطريقة الأولى لم يعتد بالقول الثاني رواية عن الإمام، وإنما لم يثبت عنده عن الإمام إلا الطريقة التي اختارها، وقل مثل هذا في الطريقة الثانية العكس، يمكن أن يقال هذا وإلا ما يمكن؟