بلوغ المرام - كتاب الزكاة (5)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
قال الإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر -يرحمه الله تعالى-:
وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: جاءت زينب امرأة ابن مسعود فقالت: يا رسول الله إنك أمرت اليوم بالصدقة وكان عندي حلي لي فأردت أن أتصدق به فزعم ابن مسعود أنه وولده أحق من أتصدق به عليهم فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((صدق ابن مسعود زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم)) رواه البخاري.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: جاءت زينب امرأة ابن مسعود عبد الله بن مسعود بن غافل الهذلي ابن أم عبد من جلة الصحابة وساداتهم فقه من فقهاء الأمة، من أهل القرآن ومن أهل الله وخاصته، ابن مسعود -رضي الله عنه- كان قليل ذات اليد وليس بعيب أن يوصف بهذا الوصف فحاله ميسورة يعني أقل من يقوم بحاجته ولذا احتاج إلى صدقة زوجته وليس بعيب أن يعيش المسلم دون المستوى المطلوب، كما أنه ليس من العيب أن يعيش طالب العلم بل العالم هذا ليس بعيب، فلا يحمل طالب العلم استبطاء الرزق أن يترك العلم ويتجه إلى الدنيا وينصرف عما حصله فيضيع نفسه، فالعلم خير مغنم وأولى ما يحرص عليه الإنسان، هذا ابن مسعود ابن أم عبد جاءت مناقبه في الأحاديث الصحيحة لا تكاد تحصر، يقول: فقالت: يا رسول الله إنك أمرت اليوم بالصدقة ، أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بالصدقة بعد الخطبة في العيد وخص بها النساء لأنهن أكثر أهل النار فجاءت امرأة ابن مسعود وكان عندها حلي لها، تقول: وكان عندي حلي لي فأردت أن أتصدق به هل في هذا ما يدل على زكاة الحلي؟ ليس فيه ما يدل على زكاة الحلي وإنما تريد أن تتصدق بالحلي لا من الحلي ولذا لم يذكره أهل العلم في أدلة زكاة الحلي فأردت أن أتصدق به فزعم ابن مسعود أنه وولده أحق من تصدقت به عليهم، ظاهر السياق أنه في صدقة النفل؛ لأنها تريد أن تتصدق بجميع المال وإن حمله بعضهم ورأى أنه في الصدقة الواجبة ففي صحيح البخاري عن زينب امرأة ابن مسعود أنها قالت يا رسول الله أيجزي عني أن نجعل الصدقة، أو يجزي عنا أن نجعل الصدقة في زوج فقير؟ فقال: ((نعم، لك أجر الصدقة والصلة)) والإجزاء إنما يكون في الواجب، كما أن أيجزي عني؟ يأتي بمعنى أيغني عني؟ أيغني عني هذا؟ أو يقبل مني أن أجعلها في زوج وأولاد وأيتام فليس في الحديث ما يدل على أنها واجبة ولا على أنها ليست واجبة، والصدقة تطلق على هذا وهذا، فزعم ابن مسعود زعم يعني قال: تأتي زعم كما هو الأصل بمعنى قال، واستعمالها العرفي في القول المشكوك فيه أو القول الذي يغلب على الظن أنه خطأ، كثيراً ما يقول سيبويه في كتابه: زعم الكسائي، ويوافقه، فهو يستعمل زعم بمعنى القول، ولا يتهم القول ولا صاحب القول، بينما استعمالها العرفي يشم منه الشك في الكلام زعم ابن مسعود أنه وولده أحق من تصدقت به عليهم، أحق به من تصدقت به عليه، فصدقة الزوجة على زوجها جائزة وعند الأكثر حتى الفرث لأنها لا تجب عليها نفقته، بخلاف العكس زكاة الزوج لا تصرف للزوجة لأنها تجب عليه نفقتها، نفقة الزوج لا تجب على الزوجة فتصرف له زكاتها.
يقول بعضهم، هذا رأي لبعض أهل العلم أنها لا تصح صدقة الزوجة أن تصرف للزوج لماذا؟ لأنه ينفق من هذه الزكاة عليها فترجع إليها، ولا يمنع أنه إذا ملك الفقير أن يأكل منها غني، كما أكل النبي -عليه الصلاة والسلام- من اللحم الذي تصدق به على بريرة ، قال: ((هو عليها صدقة ولنا هدية)) لا يمنع إذا ملكه الفقير يتصرف به، فزعم ابن مسعود أنه وولده، الولد قال أهل العلم يحتمل أنه من غيرها، وإلا فالصدقة أو الزكاة على، لا تصرف لا إلى الأصل ولا إلى الفرع والولد فرع، فقالوا: إن الولد ليس منها، أو أن هذه الصدقة ليست هي الواجبة التي حددت مصارفها، أحق من تصدقت به عليهم فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((صدق ابن مسعود زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم)) لا شك أنه إذا وجدت الحاجة لا سيما في الصدقات النفل، وأما في الفرض فيحتاط له؛ لأن الفرض ركن من أركان الإسلام ومصارفه محددة تولى الله -جل وعلا- بيانها ولم يكلها إلى أحد فيحتاط لها أما صدقة النفل فالأمر فيها سعة، وكلما كان من هدف هذه الصدقة المندوبة كل ما كان فيه صلة فهو أفضل ((زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم)) وهذا حديث في البخاري وعرفنا أن الصدقة مختلف فيها هل هي الواجبة أو مندوبة، وعلى كل حال لو كانت الواجبة ففيه دليل على جواز صرف زكاة المرأة لزوجها، وهذا جائز عند الجمهور؛ لأن نفقته ليست واجبة عليها، ومنعه بعضهم لأن هذا المال سوف يعود عليك عليها بالإنفاق، وقلنا أنه لا مانع من ذلك.
وأما الولد فحملوه على أنه من غيرها.
طالب..........
ينزل منزلة الولد، ولد الزوجة ينزل على حسب التوسع منزلة الولد هكذا حمله جمع من أهل العلم وكثير منهم يقول أنها في الصدقة غير الواجبة نعم.
طالب.........
الزوجة المرأة تتصدق على زوجها نعم إيش المانع، هذا حديث نص في الباب.
طالب..........
والزكاة الجمهور ما يمنع عندهم لأن الصدقة مرتبطة ارتباط بالنفقة، إذا كان يقي ماله بهذه الصدقة ، نعم هو يقي ماله بهذه الصدقة إذا أعطاهم من زكاته ونفقته واجبة أحالها على هذا المعطى وهو زكاة.
قال -رحمه الله-: وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم)) متفق عليه.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من سأل الناس أموالهم تكثراً فإنما يسأل جمراً فليستقل أو ليستكثر)) رواه مسلم.
وعن الزبير بن العوام -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة من الحطب على ظهره فيبيعها فيكف بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه)) رواه البخاري.
وعن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((المسألة كد يكد بها الرجل وجهه إلا أن يسأل الرجل سلطان أو في أمر لا بد منه)) رواه الترمذي وصححه.
الأحاديث المذكورة كلها تدل على تحريم المسألة من غير حاجة للتكثر .
في الحديث الأول يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما يزال الرجل يسأل الناس...)) يعني من أموالهم، وقد جاء النهي عن كثرة السؤال نهى عن قيل وقال وكثرة السؤال، وحمله أهل العلم على عمومه في أمور الدنيا وفي مسائل العلم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [(101) سورة المائدة] فهو محمول على عمومه، فالسؤال ممنوع لهذه النصوص لكن من نزلت به نازلة أو حصلت له مسألة يريد الحكم الشرعي فيها اتجه إليه الأمر، في قوله جل وعلا: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ} [(43) سورة النحل] فالسؤال المنهي عنه غير السؤال المأمور به، منهم من يحمل السؤال المنهي عنه على السؤال على سبيل التعنت، ولذا جاء النهي عن الأغلوطات على سبيل التكبر والترفع وبيان المنزلة، أو على سبيل تعنيت المسئول أو السؤال عن فضول المسائل وتشقيقها والمسائل التي لم تقع والحوادث التي يبعد وقوعها ويندر، كان السلف يتوقون مثل هذا، وكانوا يسألون السائل هل وقعت هذه المسالة أو لم تقع، في وقت التنزيل الذي يخشى منه التحريم بسبب السؤال وقد جاء الوعيد في حق من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجله، لكن بعد أن أمن هذا وانقطع الوحي واستقرت الشريعة وكمل الدين العلماء فرعوا المسائل وصوروا مسائل لم تقع ومرنوا الطلاب عليها، وخرجوا الطلاب على هذه الطريقة وتوسعوا في هذا فلا مانع من أن يمرن الطالب على مسائل لم تقع، لكن يبقى أنه لا يكثر السؤال إلا لشيء يرجو منه فائدة.
السؤال الذي معنا في أمور الدنيا ما يزال الرجل يسأل الناس يعني من أموالهم وفي حكمه المرأة لأن خطاب الرجال يدخل فيه النساء، يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة السائل رجلاً كان أو امرأة وليس في وجهه مزعة، قطعة لحم، فمقتضاه أن النار في مقابل هذا السؤال تأكل لحم وجهه فلا يبقى إلا العظم، نسأل الله السلامة والعافية، فالحديث فيه دليل على تحريم السؤال؛ لأن مقتضاه أن النار تأكل والنار لا يتوعد بها إلا على محرم، والحديث محمول على من يسأل تكثراً لغير حاجة، أما من سأل من حاجة ففي النصوص اللاحقة ما يدل على جوازه، ولذا ترجم البخاري على الحديث باب من سأل الناس تكثراً، فحمله على هذه الصورة وجاءت في بعض الروايات .
الحديث الذي يليه حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من سأل الناس أموالهم تكثراً )) يعني بهذا القيد، من سأل الناس وفي رواية: ما هو أعم من ذلك ((من أخذ الناس تكثراً)) جاء ذمه ولو أخذه بطريق القرض أو بطريق الدين يتكثر بذلك فإنه لا يعان على سداده فكيف إذا أخذه بغير مقابل بالسؤال، فالأمر أشد ((فإنما يسأل جمراً)) يسأل جمراً يحرق وجهه ليتحد مع الحديث السابق: ((فليستقل أو ليكثر)) اللام لام الأمر ((فليستقل أو ليستكثر)) يعني إذا عرف أن هذه العاقبة يتصور نفسه يسأل الناس جمر، والجمر نسأل الله العافية هل لأحد طاقة في مقاومته، إذا تصور أنه يسأل الجمر فليستقل أو ليستكثر اجمع اجمع وقود لك وهذا سؤال تهديد نقول هذا أمر تهديد وليس بأمر تخيير إنما هو أمر تهديد {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [(40) سورة فصلت] في الحديث: ((فليأخذها أو ليدعها فإنما أقضي له بقطعة من نار فليأخذها أو ليدعها)) ما هو بهذا تخيير إنما هو تهديد.
في الحديث الذي يليه يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن الزبير بن العوام -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة من الحطب على ظهره فيبيعها فيكف الله بها وجهه يعني بقيمتها خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه)) هذا فيه حث على العمل فالدين ديننا ولله الحمد دين العمل، وليس بدين بطالة ولا كسل ولا خمول، إنما على الإنسان أن يعمل {وَقُلِ اعْمَلُواْ} [(105) سورة التوبة] لكن العمل لما خلق له الإنسان وهو تحقيق العبودية ومن العبودية أن يسعى في تحصيل ما يعينه على تحقيق الهدف {وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [(77) سورة القصص] لأن النصيب من الدنيا لا بد منه لتحقيق الهدف والوسائل لها أحكام المقاصد والأمر بالشيء أمر به وبما لا يتم إلا به، لا يمكن أن يتعبد الإنسان بدون ما يعينه على بقاء جسمه وبقاء حياته، فهذا لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة من الحطب تصور هذه المهنة مهنة شاقة على كثير من الناس فكيف بما هو أهون منها وأسهل والناس الآن يستنكفون عن كثير من المهن؛ لأنهم عاشوا في رخاء وفي رغد فعلى الإنسان ألا يمتهن نفسه بسؤال الناس، فكونه يمتهن نفسه بالعمل أيسر له من أن يسأل الناس ، فالناس يستثقلون من يسأل ولو كان المسئول شيئاً يسيراً.
ولو سئل الناس التراب لأوشكوا |
| إذا قيل هاتوا أن يملوا ويمنعوا |
لو تقول أعطيني كف من تراب استثقلوا، والصحابة -رضوان الله عليهم- يسقط سوط أحدهم من يده وهو على البعير لا يقول لفلان ناولني السوط، ينزل فيأخذه، وقد بايعوا النبي -عليه الصلاة والسلام- على مثل هذا.
((لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة من الحطب)) يخرج إلى خارج البلد حيث يوجد حطب ((يأتي بحزمة من الحطب على ظهره فيبيعها فيكيف الله بها وجه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه)) السؤال لا شك أنه ذل، والسؤال مع الحاجة لا بأس به لأن هذا أمر لا بد منه، لكن شريطة ألا يكون له حيلة يستطيع بواسطتها يعني له قدرة على التكسب على ما سيأتي، فمثل هذا لا يحل له أن يسأل الناس، هذا الذي أراد أن يحتطب لنفسه ويبيع ويستغني بذلك عن الناس يقول: أخذ الحبل وخرج ووجد الحطب ممنوع ماذا يصنع؟ نقول: إذا سد باب فتح الله أبواب ما يلزم الحطب، وإذا منع في هذا يمنع من جهة أخرى؛ لأن هناك أنواع من الحطب أو جهات يراعوا المصلحة في منعها، المقصود أنه قد يقول هذا الكلام، الرسول قال له احطب، قال والله الحطب ممنوع وأنا إيش أسوي نعم يفتح الله لك آفاق، فأنت عليك السعي والتوكل على الله -جل وعلا- لا تعتمد على جهدك وقدرتك فلو توكل الناس على الله حق التوكل لرزقهم كما ترزق الطير تغدوا خماصاً وتروح بطاناً، لكن لا بد من السعي ما قال تجلس في أوكارها والسماء لا تمطر لا ذهب ولا فضة، بل على الإنسان أن يسعى ويبشر ويؤمل، وإذا سعى ولم يتيسر له الرزق فهناك باب المسألة إذا عجز وكثير من الناس الآن من الذين يسألون تجد هناك خلل في حياتهم يأتي يسأل شاب في العشرين من عمره، تقول له أنا أذكر لك عمل يكفيك ويعفك ولا يكلفك، يقول: أنا والله ما عندي إقامة، إقامتي غير نظامية ولا أمكن من العمل إلا بالإقامة، نقول ما الذي يمنعك من أن تحصل على إقامة نظامية؟ فهنا لا شك أن هناك وسائل تسلك غير شرعية فمثل هذه الأمور تحتاج إلى حل، وأما المنع من السؤال بالكلية وإخافة السُّؤال مع حاجتهم ومسيس الحاجة إليه، فهذا يحتاج إلى دراسة، نعم إذ تكفل بمصالحهم من بيت المال وأغنوا عن السؤال فليمنعوا، يبقى أن السائل عليه أن يتوخى الأوقات المناسبة والظروف المناسبة فلا يقطع على المصلين صلاتهم ولا أورادهم ولا أذكارهم؛ لأن بعض الناس مباشرة بعدما يقول الإمام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مباشرة يقوم، ويتكلم بكلام طويل منظم مرتب كأنه موعظة، وهذا صاحب دربة وخبرة الذي يظهر ويغلب على الظن أن له مدة طويلة يسأل الناس، المقصود أن مثل هذا إذا جلس في ناحية من المسجد وظهر عليه آثار الفاقة وأعطاه الناس من غير قطع لأورادهم وأذكارهم ولا خلل في صلاتهم مثل هذا نهي عن منعه ونهره، {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} [(10) سورة الضحى] وما يدريك لعله صادق أما بالنسبة لمن يقطع الأذكار ويشوش على المصلين مثل هذا يقال له اجلس أو شوف لك مكان مناسب وإن بعض الناس يتخذ هذه مهنة، وتنوعت الأساليب تنوعت الأساليب وصارت هذه المهنة في بعض الأحوال مدخل للفساد وبوابة إلى الشر وحصل فيها خطر على بعض السُّؤال من الصبية وكبار السن، تجدهم عند الإشارات مثلاً، وبعضهم يتحايل يا شيخ السلام عليكم؟ عليكم السلام، عندي سؤال لو تفضلت، تقول له والله الآن ما معي شيء، لا،لا سؤال علم وما أدري إيش، ويجيك والله أنا يا شيخ وأنا كذا وأنا حصل لي ويسأل، يتحايلون بهذه الطرق، المقصود أن السائل له نصيب ولا يجوز نهره ولا منعه منعاً باتاً لأن منهم من هو صادق ولا وسيلة له إلا هذه ومنهم من هو كاذب لكن تحتاج المسألة إلى دراسة متثبتة تفرق بين هذا وهذا ويقف هؤلاء الصبية عند الإشارات والأماكن الخطرة، أيضاً في أوقات الصلوات يسألون، طيب متى يصلون هؤلاء، يمنعون في مثل هذا، بنات يفتن الناس يسألن عند الإشارات أيضاً هذا خطر يجب منعهم المقصود أن مثل هذه لا بد من عناية المسئولين بها، وبعضهم يتحايل ببيع بعض الأشياء حتى وجد من الصبية من يجمع جرائد أمس وقبل أمس ويتحين الإشارة إذا بغت تفتح جريدة أعطاه ريالين ومشى إذا وصل البيت إذا هي جريدة أمس هذا موجود، المقصود أن مثل هذه الأمور لا بد من حلها ولا بد من علاجها.
وعن سمرة بن جندب -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((المسألة كد يكد بها الرجل وجهه خدش جروح يجرح وجهه بهذه المسألة، يكد بها الرجل وجهه إلا أن يسأل الرجل سلطان أو في أمر لا بد منه)) السلطان مستثنى لأن السلطان إنما يعطي من بيت المال ولا منة في هذا، لا منة في مثل هذا لأنه من بيت المال وبيت المال مستحق لجميع المسلمين فهو كالوكيل عن عامة المسلمين يوزعه عليهم، فإذا سأل السلطان لا يلام والتعفف والتورع بعد أفضل وأفضل أما إذا أعطاه السلطان من غير مسألة فسيأتي في حديث عمر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((خذوا فتمولوا)) وفي حديث أبي ذر في صحيح مسلم أن ما جاء من غير مسألة ولا استشراف أنه يؤخذ، وفي الحديث نفسه أما إذا كان ثمناً لدينك فلا لأن بعض الناس يعطي لكن يحتاج يبي مقابل مما يعطي، تاجر يعطي بعض طلاب العلم لا يظن بالتجار ولا يظن بطلاب العلم لكن قد يوجد مثل هذا، قد يعطيه لأنه يحتاجه في بعض المسائل، فيحرج أحياناً أن يفتيه بمنع بعض الصور أو يتساهل معه في تخفيف بعض الأمور، المقصود أن مثل هذا إذا خفت سواءً كان من تاجر أو من سلطان أو من أمير أو من وزير أو من كبير إذا كان ثمناً للدين فلا، إذا كان المقابل لهذه العطية سوف يكون من دينك قف، الدين رأس المال، فإذا تعرض رأس المال للخدش إيش يبقى منه عندك.
((المسألة كد يكد بها الرجل وجهه إلا أن يسأل الرجل سلطان أو في أمر لا بد منه)) حاجة ماسة فضلاً عن ضرورة إذا وجد مثل هذا، يسأل، ويكون سؤاله بقدر الحاجة سؤاله بقدر الحاجة ويوجد -ولله الحمد- في الأمة نماذج من يحتاج ويتعفف ويوجد ناس أيضاً تعرض عليهم الأموال والزكوات وهم بأمس الحاجة إليها فيردونها، الأمة ما زالت بخير -ولله الحمد-، ويوجد من أصحاب الأموال من يعطي بسخاء وبخفاء تام يرتب الأمور ترتيب ويوجد -ولله الحمد- من يسعى على حوائج المحتاجين من الجمعيات والمستودعات الخيرية، يعني موجود الخير -ولله الحمد- لكن لو أخرج الأغنياء جميع ما أوجب الله عليهم، لا يتصور أن يوجد محتاج، فلا شك أنه يوجد من يبخل ويوجد من يعطي، يوجد من يسأل وهو غني، يوجد من يتعفف.
((أو في أمر لا بد منه)) فهذا لا مانع من السؤال والحديث رواه الترمذي وصححه.
طالب..........
لكن ثبت أنه تصدق على المحتاج والفقير في المسجد ولذا يفرق بين من يؤذي الناس بسؤاله ويحلف عليهم وبين من يظهر في حالة تبين أنه محتاج فيعطى، فرق بين هذا وهذا، تريد أن تقول إذا منع من يسأل ماله الذي يملكه فلأن يمنع أن يسأل مال غيره من باب أولى .
طالب.......
لا هنا أعرف أنت الذي يسأل عن الضالة يدعى عليه، لأن المساجد ما بنيت لهذا، والضالة ماله فكيف بمن يسأل مال غيره، وقد قيل هذا وخرج على هذا لكن يبقى أن المساجد هي مجتمعات للناس، قد يصعب على الإنسان أن يطرق البيوت ويدخل عليها يدخل على الناس في بيوتهم يصعب عليه فلا وسيلة إلا في المسجد لكن بالطرق المناسبة يجلس في المكان بحيث يشعر الناس أنه محتاج فيتصدقوا عليه، لكن أنت افترض أنه جلس ولا أعطاه أحد شيء وهو محتاج، جلس خارج المسجد وسألهم للحاجة ، أمر لا بد منه فلا بأس .
قال -رحمه الله-: باب قسم الصدقات:
عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: لعامل عليها، أو رجل اشتراها بماله، أو غارم أو غاز في سبيل الله، أو مسكين تصدق عليه منها فأهدى منها لغني )) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه و صححه الحاكم وأعل بالإرسال.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- باب قسم الصدقات أو قسمة الصدقات:
وتولى الله -جل وعلا- بيان مصارف الزكاة {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [(60) سورة التوبة] الثمانية لا غير لكن القياس على الثمانية معروف عند أهل العلم منهم من يقيس بعض الوجوه ويضمها إلى بعض الأصناف التي أشير إليها وجاءت الأصناف مختلفة الحروف فإنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين (اللام) هذه للتمليك فلا بد أن يملكها هؤلاء ولا يتصرف فيها قبل تمليكها إياهم، يملك الفقير هذه الزكاة فيفعل فيها ما شاء وبعض الناس يجتهد يقول الفقير غالباً لا يحسن التصرف أنا بانفق عليه، أقبض زكاة لمدة سنة وأنفق عليه، هذا ما هو بتمليك، أن تملكها إياه واطلب منه أن يوكلك على الإنفاق عليه، لا بأس، ولذا جاءت باللام التي هي للملك، بينما الأصناف الأخرى في سبيل الله، نعم فبعضها بفي التي تقتضي أنها توجد وتنفع في هذا المجال ولو لم يملكها شخص بعينه أما البعض التي اقتضت بلام الملك لا بد من التمليك، فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة.. حصر الأغنياء ليس لهم مدخل وليس لهم نصيب من الصدقة إلا هؤلاء الخمسة ((لعامل عليها)) ولو كان غنياً لأنه يأخذ أجرة، ((أو رجل اشتراها بماله))، هذه زكاة حقه أعطيت فقير فجاء غني واشتراها منه، على ألا يكون هو المزكي فلا يشتريها المزكي، فحديث عمر لما حمل على فرس في سبيل الله وباعه صاحبه وأراد أن يشتريه منه سماه رجوع في الصدقة، سماه عود في صدقته ورجوع إليها، فمثل هذا لا يجوز له أن يشتريها ولغيره أن يشتريها، أو اشتراها أو رجل اشتراها من ماله لعامل أو رجل اشتراها بماله، ((أو غارم)) الغارم إما أن يكون غرمه لمصلحته أو لمصلحة غيره، فإن كان لمصلحته وهو غني يسدد الغرامة من ماله ولا تحل له الزكاة، مادام الوصف ثابتاً غني، نعم لو أتى هذا الغرم على جميع ماله صار فقيراً يستحقه اسم الفقر، لكن غارم مدين وسدد زكاة وسدد الديون من بعض ماله، هل نقول أن هذا الغارم الذي يملك الأموال وعليه ديون يملك مليون وغارم بمائة ألف يأخذ هذه المائة ألف من الزكاة؟ لا تحل له، إنما المقصود به الغارم الذي يأتي الغرم على جميع أمواله حتى يصير فقير فيأخذها باسم الفقر، أو يغرم لمصلحة غيره لحظ غيره، فمثل هذا يأخذ من الزكاة، وهو المنصوص عليه، ولو كان غنياً احتاج إلى الصلح بين فئتين أو بين شخصين فتحمل حمالة من أجل الإصلاح فيأخذ هذه الحمالة من الزكاة ولو كان من أغنى الناس.
((أو غارم أو غاز في سبل الله)) غاز في سبيل الله يأخذ الغزاة الزكاة فيما يعينهم على تحقيق الجهاد والانتصار على الأعداء و لو كانوا، ولو كانت لهم أموال.
((أو مسكين تصدق عليه منها لغني)) تصدق فأهدى منها لغني وحديث بريرة صريح في هذا اللحم تصدق به على بريرة ((ألم أرى البرمة وفيها لحم؟)) قالوا: لحم تصدق به على بريرة، قال: ((هو عليها صدقة ولنا هدية)) فأكل منه -عليه الصلاة والسلام- والحديث في الصحيحين فلا مانع.
لك قريب فقير فأعطيته من الزكاة ودعاك لوليمة أقام وليمة ودعاك، تقول أنا آكل زكاتي؟ لا، الفقير ملك هذه الزكاة طيب، أصهارك فقراء يحتاجون إلى الزكاة فأعطيتهم من الزكاة وملكتهم إياها وأولادك يذهبون إليهم ويأكلون من هذه الزكاة، تقول ما أعطيهم من الزكاة؛ لأن أولادي يأكلون منها، هم ملكوا هذا الزكاة ويتصرفون فيها وهذه المسألة فيها سعة، لكن لا يقصد الإنسان هذا لا يقصد تفضيل الأصهار على غيرهم لأن أولاده يذهبون إلى المكان باستمرار ويأكلون عندهم، أما إذا حصل من غير اتفاق أنه تصدق عليهم أكلوا أو لم يأكلوا فالأمر فيه سعة والحديث دليل عليه، رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم وأعل بالإرسال، أحمد وأبو داود وابن ماجه رووه موصولاً ، وأرسله الإمام مالك في الموطأ، والإمام مالك -رحمه الله تعالى- يرسل كثيراً الأحاديث المخرجة في الصحيحين الموصولة كثير منها يرسلها؛ لأنه لا فرق عنده بين الموصول والمرسل، الإمام مالك يحتج بالمراسيل فليست بمشكلة عنده أن توجد في الموطأ مراسيل كثيرة والبلاغات لأنه يحتج بالمراسيل.
احتج مالك كذا النعمان |
| به وتابعوهما ودانوا |
ولذا لا يحرص على الوصل، وصل أو لم يوصل سيان عنده.
قال -رحمه الله-: وعن عبد الله بن عدي بن الخيار عبيد الله، عبيد الله معروف، وعن عبيد الله بن عدي بن الخيار أن رجلين حدثاه أنهما أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألانه من الصدقة فقلب فيهما النظر فرآهما جلدين فقال: ((إن شئتما أعطيتكما ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب)) رواه أحمد وقواه أبو داود والنسائي.
عبيد الله بن عدي بن الخيار من كبار التابعين، طلب من شخص أن يريه وحشي بن حرب قال أريد أن أرى وحشي الذي قتل حمزة وقتل مسيلمة، وحشي كبير جداً في ذلك الوقت، في الشام يزيد عمره على التسعين، فلما وقف عليه عبيد الله ومن معه وكان عبيد الله متلثماً ، قال له وحشي: أنت ابن عدي بن الخيار؟ قال: نعم، فأماط اللثام وما يدريك؟ ما يعرف اسمه لأنه يعرفه قبل أن يسمى، يقول: عرفت رجلك، ناولتك أمك على الدابة وأنت في المهد، عرفه برجله بعد كم؟ عبيد الله في ذلك الوقت يمكن عمره أكثر من خمسين سنة قال بعضهم أنه صحابي لكن المعتمد أنه من كبار التابعين.
أن رجلين حدثاه أهما أتيا، رجلين الرجلين أو الرجلان مبهمان، والمبهم لا بد من تعيينه، لكن هما صحابيان، والصحابة كلهم عدول أن رجلين حدثاه أنهما أتيا النبي -صلى الله عليه وسلم- يسألانه من الصدقة، فقلب فيهما النظر فرآهما جلدين، ردد النظر مرة مرتين ثلاث شوف سبب مبرر للمسألة فما وجد، فرآهما جلدين يعني فيهما قوة وقدرة على العمل، فقال: ((إن شئتما أعطيتكما -للوصف وهو الحاجة- ولا حظ فيها لغني)) يعني إن كنتما غنيين فلا حظ لكما فيها، والمسألة ديانة والخيار لكما، لكما النظر إن شئتما رد ذلك إلى مشيئتهما فيدل هذا على أن مرده إلى الديانة، وأن الإنسان لا يستحلف، إذا ظهرت عليه آثار الفقر لا يستحلف يعطى ولا يطالب ببينة إلا إذا عرف عنه خلاف ما يدعي على ما سيأتي في حديث قبيصة.
((إن شئتما أعطيتكما ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب)) لقوي مكتسب هما جلدان لديهما القدرة والقوة على الاكتساب ولا حظ لهما فيها فكيف يقول إن شئتما أعطيتكم؟ هل لهما حظ في الصدقة جاء وصفهما بأنهما جلدان.
طالب.........
ولا لقوي مكتسب يعني احتمال أنهما جلدان وقويان ولديهما القدرة لكن هما لا يكتسبان لكن إذا قال شاب في العشرين من عمره قوي قادر أو افترض أنه في الخمسة والعشرين وعنده شهادة وقيل له توظف قال ما أنا متوظف، أنا ما عندي شيء أبا أطلب الزكاة، إذا رددناه إلى الوصف الأخير ترى يرد عليه مثل هذا يرد عليه مثل هذا عنده شهادة وبإمكانه يتوظف وينفع وينتفع قال لا ما أنا متوظف أنا قوي وجلد لكني ما أنا مكتسب، يعطى من الزكاة أو ما يعطى؟ الآن الإشكال وينه عندنا في الحديث؟ الوصف قائم هما جلدان ولا حظ لقوي مكتسب في الزكاة لا حظ له فهل الوصف يكتفى بالقدرة على الكسب أو لا بد من تحقق وصف الاكتساب ، لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- رد ذلك إلى مشيئتهما إن شئتما أعطيتكما أو يكون النبي -عليه الصلاة والسلام- مع رؤيته لهما وتحقق وصف القوة إلا أنه يشك في قدرتهم على الاكتساب فوكل الأمر إليهما، كما وكل أمر الغنى إليهما؛ لأن بعض الناس تشوف مثل ما شاء الله تظنه يعمل عمل عشرة ولا يستطيع أن يعمل عمل شيء ما عنده قدرة، وبعض الناس تجده من أذكى الناس ومن أحرص الناس ولا يوفق، وبعض الناس تنقصه الخبرة والحذق والحرص والنباهة ومع ذلك غني، شخص من البادية دخل إلى البلد فاشترى كيساً كبيراً من بر كبير جداً يقولون فيه مائة وزنه يعني مائة وخمسين كيلو في الكيس كبير جداً فقال لصاحب البر أعطني كيساً ثانياً فارغاً فملأه من الرمل وعدل الكيسين على البعير، البعير عليه ثلاثمائة كيلو الآن، أراد أن يركب البعير ما يتحمل فصار يمشي وراءه فتبعه رجل فقال: وراك تمشي قال: البعير والله ما يتحمل، قال: ويش هو هذا؟ قال: بر، قال: ويش هو هذا ؟ قال: رمل، لماذا ليعدل هذا بهذا لأن الكيس بمفرده لا يثبت لا بد من عدله على البعير، قال يا أخي وين عقلك، كب الرمل واقسم البر بين الكيسين واركب ، فعل ارتاح البعير ومشى مشياً حثيثاً ثم لما أدبر ناداه يا رجل تعال، ما عندك من الأموال قال: أبد والله ما عندي إلا ها العصا وها الثوب المتمزق، قال: لا، يكفينا العقل الذي عندنا، أنا عندي جيوش من الأموال أقول عقلي يكفيني وعقلك يكفيك فعاد الكرة إلى الرمل وعدل به ، هذا لو عقله نافعه كان رازقه الله، قال هذا العقل لا دخل له، وهذه حكمة إلهيه، لئلا يقول كسبته بعقلي وحنكتي ودهائي وخبرتي لا، لكنه أيضاً مزلة قدم لمن لا يرضى ويسلم كم جاهل يقول المعري وهو متهم بالزندقة:
كم جاهل جاهل أعيت مذاهبه وعالم عالم يقول..
كم عالم عالم أعيت مذاهبه |
| وجاهل جاهل تلقاه مرزوقا |
كم عالم يعترض بهذا على القدر،
هذا الذي صير الأفكار حائرة |
| وصير العالم النحرير زنديقا |
الواقع يدل على كثير من الأذكياء، أذكياء العالم فقراء، وكثير ممن هم دونهم في المستوى عندهم، وبعضهم يرد هذا إلى أن الذكي جداً يتردد ما يقدم على شيء إلا بعد دراسة وافية وتامة ويحسب وليش هذا ومتى هذا ثم تفوته الفرص، بخلاف غيره الذي يغامر والتجارة تحتاج إلى شيء من الجرأة ، على كل حال قد ترى الإنسان وتقدر وضعه أنه قادر على الاكتساب وهو في الحقيقة لا يستطيع، فالمرد في الاكتساب لا على القوة ولذا رده النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى مشيئتهما.
قال الحافظ -رحمه الله-: وعن قبيصة بن مخارق الهلالي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا من قومه ، لقد أصابت فلان فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش، فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحت يأكله صاحبه سحتاً)) رواه مسلم وأبو داود وابن خزيمة وابن حبان.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن قبيصة بن مخارق الهلالي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة -هذا حصر رجل بدل من الثلاثة ويجوز رجل على تقدير مبتدأ- ((رجل تحمل حمالة)) يعني عن غيره تحمل حمالة عن غيره وهذا غارم فحلت له المسألة حتى يصبيها ثم يمسك، فالحمالة ما يتحمله الإنسان عن غيره ((ورجل أصابته جائحة)) أصابته جائحة أي آفة سواءً كانت سماوية أو أرضية فتلف ماله بسببها رياح سيول فيضانات حرائق أو غيرها، غرق في بحر، ((أصابته جائحة اجتاحت ماله)) يعني أتت عليه فأهلكته ((فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً)) بكسر القاف وهو ما يقوم بحاجته ويسد خلته، ((حتى يصيب قواماً من عيش))، أو قال: سداداً من عيش، ((ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة))، فاقة حاجة، حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا من ذوي العقول وإلا المغفل، من أهل الفطنة لا من أهل الغفلة، لأن أهل الغفلة سهل أن يلقنهم ولو كانوا من الصالحين، المغفل سهل تلقينه، المغفل سهل يعني قد يكون من أتقى الناس لله -جل وعلا- لكنه متصف بالغفلة، فيلقنه هذا الشخص الغني فيقول أنه جاءنا بضاعة من كذا فغرقت ويوم ثاني جاءنا من كذا ثم بعد ذلك يرسخ في ذهنه أن هذا الرجل بحاجة وأصابته فاقة ومع الوقت يوم ثم يوم ثم يوم، يقدر ثم يشهد له، ومثل هذا النوع لا يؤمن أن يؤخذ مع غرة ، فيشهد شهادة زور، بالتلقين يأتي إليه شخص فيقول اشترينا الأرض الفلانية يقول ما شاء الله أرض طيبة وموقعها استراتيجي وما أدري إيش وينتهي الأمر على هذا، بعد أسبوع يجي يقول والله كنا كنت اشتريتها على أساس أني أشيد عليها سكن وأتوسع ثم يقول والله بعد ما أدرك قريبة من كل المرافق ثم يأتي بعد أسبوع يقول عدلنا عن كونه سكن لأن الموقع تجاري يريد أن يقيم عليها محلات تجارية ومكاتب وغيرها، ثم يأتيه أسبوع رابع المقصود أن هذا استقر في ذهنه أن الأرض له، ثم يأتيه بعد أسبوع خامس وقد مر واحد واثنين من بعد مثله ولقنهم بهذه الطريقة يقول والله إن البينة الآن فلان سافر وما أدري إيش إحنا محتاجين أن نفرق الأرض ..... أهل الغفلة يقبلون التلقين مع الأسف أن عامة المسلمين الآن منهم من أهل لخبرة والفطنة والنباهة صاروا يلقنون على أعلى مستوى، وسائل الإعلام الآن صارت تلقن الناس فجميع ما يقال فيها صحيح، هذه مشكلة، فقبول التلقين آفة، جرح عند أهل العلم، الراوي الذي يلقن لا يتلقن مردود الرواية وكثير من الناس يقول أبداً شفت بعيني شوف الصحف، وكونهم يلقنون من العلوم والأخبار والصور المدبلجة وقد الآن السفهاء والمفسدون يدبلجون صور عارية على أناس أهل خير وأهل فضل هذه مشكلة إذا كنا نبي نصدق من خلال ما يفعله هؤلاء أساس التلقين بعينه، وضرره محض حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا، الآن الشخص إذا كان فقير يحتاج إلى أن يقيم بينة وثلاثة؟ ما يحتاج إذا كان ظاهره الفقر ولا عرف بغنى يعطى بمجرد دعواه، لكن المسألة هنا فيمن عرف بخلاف دعواه، عرف بغناه فلا بد أن يأتي بثلاثة ما يكفي اثنين لان الثالث يقاوم ما عرف به، وإن قال بعضهم أنه يكفي الاثنين والثالث مجرد استحباب وزيادة تأكد ويكفي الاثنين كغيرها من الدعاوى .
من قومه: الذين هم أعرف الناس به ويشهدون فيقولون: لقد أصابت فلاناً فاقة، أصابته بدليل أنه قبل هذه الإصابة لا يستحق ما ادعاه، فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش فما سوى هذه الأمور الثلاثة من المسألة ((يا قبيصة سحت يأكلها صاحبها سحتاً))، والسحت الحرام وإذا كان الحلال يذهب فما بالك بالحرام الذي يذهب نفسه ويذهب غيره من الحلال، يسحت ما عند الشخص وجاء وصف أهل الكتاب بأنهم أكالون للسحت، ((يأكلها صاحبها سحتاً)) رواه مسلم و أبو داود وابن خزيمة إلى آخره.
قال -رحمه الله-: وعن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد إنما هي أوساخ الناس، وفي رواية: وأنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد)) رواه مسلم.
هذا الحديث مخرج في صحيح مسلم عن عبد المطلب صحابي لا يوج له رواية في الكتب الستة إلا هذا الحديث وقد اختلف في اسمه هل هو عبد المطلب أو المطلب، رجح كثير من أهل التحقيق أنه المطلب، وليس عبد المطلب، لأنه كونه عبد المطلب يرد عليه إشكال لماذا ما غيره النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ وقد غير من نوعه كثير لأن التعبيد لغير الله -جل وعلا- لا يجوز، وغير النبي -عليه الصلاة والسلام- من هذا النوع عدد، عبد المطلب أجاز بعض أهل العلم التسمية بعبد المطلب لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب)) كيف يفتخر بشخص معبد لغير الله -جل وعلا-؟ لكن هذا مجرد إخبار، وتغيير اسم جده لا أثر له، الذي مات مات، المسألة فيمن هو تحت التكليف، مات على كفر، لكن لو وجد في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- وأسلم غير اسمه، فالتغيير في شخص قد مات يعني لو كان للشخص ولد اختار له اسماً قبيحاً سماه به ثم مات الطفل هل يتعب عليه ويروح يقدم على الجهات يغير اسمه وإيش الفائدة من الاسم إلا أن ينادى به بين الأحياء، وما دام مات لا يحتاج إلى تغييره فهذا منه فكونه -عليه الصلاة والسلام- قال: أنا ابن عبد المطلب يحكي واقع.
هذا الراوي الذي معنا وهو عمدة من غير ابن حزم، ابن حزم يستدل بكون جد النبي -عليه الصلاة والسلام- عبد المطلب، لكن هذا الراوي الذي معنا إذا كان اسمه عبد المطلب ففيه حجة لمن يقول أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يغيره فتجوز التسمية بعبد المطلب، لكن من ناحية النظر ما الفرق بين المطلب ومناف مثلاً إيش الفرق أن نقول عبد المطلب أو عبد مناف؟ من ناحية النظر .
طالب............
لا، لا كلها أسماء والتعبيد لغير الله لا يجوز البتة، ابن حزم يقول: حاشا عبد المطلب ويستدل بقوله، لكن هذا الراوي لا شك أنه لو كان اسمه عبد المطلب مشكل، ويستروح بعض أهل العلم إلى جواز عبد المطلب من خلال استدلوا بهذا الراوي، والخلاف فيه معروف، هل هو عبد المطلب أو المطلب وما دام وجد الخلاف في اسمه فلا يكون وجود مثل هذا الراوي مبرراً للتعبيد لغير الله -جل وعلا-، لأن العبودية خاصة.
عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لأنه جاء يطلب العمالة على الصدقة، فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد ومن باب أولى النبي -عليه الصلاة والسلام- دخوله في آله دخولاً أولياً فلا تحل له كما في الرواية الأخرى ولا لآله، ((إنما هي أوساخ الناس))، هذه هي العلة إنما هي أوساخ الناس وفي رواية: ((أنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد)) رواه مسلم .
جاء تفسير الآل في النصوص على وجوه حديث التشهد جاء بدل من آل محمد اللهم صلي على محمد وعلى أزواجه وذريته، فهم من آله ، {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} [(33) سورة الأحزاب] والنص في أزواج النبي -عليه الصلاة والسلام- فهن من آله ، فهذا تفسير للآل.
ومنهم من يخص آل محمد بآل علي وآل جعفر وآل عقيل وآل العباس ومنهم من يعمم، فيقول: آل محمد بنو هاشم، كلهم فيدخل فيهم من ينتسب إلى أبي لهب مثلاً ومنهم من يضيف إليهم بني المطلب وهو المعروف عند الحنابلة والشافعية وعند غيرهم أنه خاص ببني هاشم، والحديث الذي يلي هذا فيه الدلالة على ما يختاره الحنابلة والشافعية من دخول بني المطلب فيمن لا تحل لهم الزكاة .
قال -رحمه الله-: وعن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: مشيت أنا وعثمان بن عفان إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقلنا: يا رسول الله أعطيت بني المطلب من خمس خيبر وتركتنا ونحن وهم بمنزلة واحدة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد)) رواه البخاري .
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن جبير بن مطعم -رضي الله عنه- قال: مشيت أنا وعثمان، الفصل بالضمير هنا واجب لئلا يعطف على الضمير المرفوع والمتصل دون فاصل وجاء في الشهر ما ، الفصل بدون فاصل لكن المحقق عندهم أنه لا يجوز العطف على ضمير الرفع دون فاصل مشيت أنا وعثمان، أو قال مشيت وعثمان؟ ما جاز عندهم
وإن على ضمير رفع متصل |
| عطفت فافصل بالضمير المنفصل |
مشيت أنا وعثمان بن عفان إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فقلنا يا رسول الله: أعطيت بني المطلب من خمس خيبر وتركتنا ونحن وهم بمنزلة واحدة، لأنه من بني عبد مناف جبير بن مطعم من بني عبد مناف، وعبد مناف وعبد المطلب والمطلب واحد بمنزلة واحدة لأنهم أبناء عم، فهم بمنزلة واحدة، فما المبرر لتخصيص بني المطلب وإلحاقهم ببني هاشم، هم ما يستدلون ببني هاشم لأنهم أصل بنو هاشم أصله -عليه الصلاة والسلام- لكن الإشكال في بني المطلب وهم بمنزلة عبد مناف فما الذي يخصص هؤلاء من هؤلاء أعطيت بني المطلب من خمس خيبر وتركتنا ونحن وهم بمنزلة واحدة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: -جبير بن مطعم من أولاد نوفل بن عبد مناف وعثمان من أولاد عبد شمس بن عبد مناف ويستوون مع بني المطلب وبني هاشم لكن هم لا ينظرون إلى بني هاشم لأنهم أصل النبي -عليه الصلاة والسلام- فهم يحتجون ببني المطلب أعطاهم النبي -عليه الصلاة والسلام- من خمس خيبر وترك هؤلاء وهم بمنزلة واحدة فكان الجواب النبوي منه -عليه الصلاة والسلام- فقال: ((إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد)) يعني هذا حكم شرعي لم يفترقوا في جاهلية ولا إسلام كما جاء في ذلك الخبر، كما جاء بذلك الخبر ، فهذه العلة جعلت إلحاق بني المطلب ببني هاشم بهذه الخصيصة إعطائهم من الخمس مفهومه والغنم مع الغرم والخراج بالضمان أعطوا من الخمس إذاً يحرمون من الزكاة كبني هاشم لأن حكمهم حكم بني هاشم، فما دام أعطوا من الخمس يحرمون من الزكاة وهذا من أقوى ما يعتمد عليه الحنابلة والشافعية.
قال: وعن أبي رافع -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث رجلاً على الصدقة من بني مخزوم، فقال لأربي رافع اصحبني فإنك تصيب منها، فقال: لا، حتى آتي النبي -صلى الله عليه وسلم- فأسأله فأتاه فسأله فقال: ((مولى القوم من أنفسهم وأنها لا تحل لنا الصدقة)) رواه أحمد و الثلاثة وابن خزيمة وابن حبان.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- وعن أبي رافع وهو مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقال اسمه هرمز ويقال إبراهيم، وهذا شأنه شأن من يشتهر بغير اسم العلم فإنه يضيع، إذا اشتهر الإنسان بشيء ضاع غيره، من اشتهر باسمه ضاعت كنيته، من اشتهر بنسبه ضاع اسمه وكنيته، من اشتهر بكنتيه ضاع اسمه، وهكذا والأدلة كثيرة من الرواة، يعني في أحد يعرف كنية قتادة؟
طالب.............
أبو سليمان، كيف؟
طالب..........
قتادة بن دعامة معروف باسمه كنيته ؟
طالب..........
لا، لا .
طالب..............
إيش؟ نعم
طالب أبو الحارث
لا، لا ، كنيته أبو الخطاب.
فهذا شأن من يشتهر بشيء يضيع الباقي، وانظر في الناس كلهم من المتقدمين من أهل العلم من غيرهم إلى عصرنا هذا تجد كثير من المؤلفين والكتاب الذين يكتبون بالكنى ما يعرف الناس أسمائهم.
فالعبرة بأهل العلم وأهل الرواية الذين لا بد من تعيينهم فهذا اختلف فيه اختلف في اسمه، كان مولاً للنبي -عليه الصلاة والسلام- بشر النبي -عليه الصلاة والسلام- بإسلام العباس فأعتقه، الرسول -عليه الصلاة والسلام- بعث رجل على الصدقة عامل على الصدقة جاء تعيينه بأنه الأرقم بن أبي الأرقم في بعض الروايات، عامل على الصدقة من بني مخزوم فقال لأبي رافع: اصحبني فإنك تصيب منها، تشاركني في العاملة وتأخذ نصيبك بصفتك عامل عليها، ولا يريد أن يعطيه من نصيبه، تكون له زكاة في العمالة وهذا تكون له هدية منه، لا يريد ذلك، إنما يريد أن يشاركه في العمالة ويشاركه فيما يترتب عليها، اصحبني فإنك تصيب منها، فقال: لا حتى آتي النبي -صلى الله عليه وسلم- فأسأله فأتاه فسأله فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((مولى القوم من أنفسهم وإنا لا تحل لنا الصدقة)) فلا تحل لمولاه، رواه أحمد وابن خزيمة وابن حبان، طيب بريرة حلت لها الصدقة بريرة حلت لها الصدقة نعم،
طالب..........
التطوع ليس من الزكاة.
مولاة لعائشة.
كانت لعائشة مولاة لعائشة -رضي الله عنها- فألحق الموالي بأسيادهم مولى القوم منهم أو من أنفسهم فما دامت لا تحل لأسيادهم فلا تحل لهم تبعاً لهم ومولى القوم منهم، فهم في حكمهم في تحريم الصدقات، نعم.
طالب............
ما تحل لها الزكاة، من بني هاشم ومن بني المطلب هي؟
طالب.........
لكن هي من بني هاشم ومن بني المطلب؟
ليست منهم.
طالب...........
ولو كان، دليل يدل على منع الزكاة لبني هاشم وبني المطلب، لأنه ما هي بالمسألة انتهت تقول عائشة ترفع عن هذا لكن إخوانها، المسألة مسألة نسب.
والآل جاء في النصوص يختلف من نص إلى آخر المراد بهم؛ لأن معناه اللغوي أوسع ابن القيم ذكر خلاف ذكر في المسألة أربعة أقوال واختار منها ما اختار.
قال -رحمه الله-: وعن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يعطي عمر بن الخطاب العطاء فيقول: "أعطه أفقر مني" فيقول: ((خذه فتموله أو تصدق به ، وما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لا فلا تتبعه نفسك)) رواه مسلم.
وعن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عبد الله بن عمر -رضي الله عن الجميع- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يعطي عمر، عمر بن الخطاب فيقول عمر من باب التورع أعطه أفقر مني، فعمر يأتيه المال من غير استشراف ولا تتطلع فمثل هذا لا يرد يتوسع به الإنسان فيما يعينه على أمور دينه ودنياه وينفق منه ويتصدق فعمر -رضي الله عنه- يقول: أعطه أفقر مني يعني ليست بحاجة إليه فيقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((خذه فتموله أو تصدق به)) انتفع به أنت أو انفع به غيرك، ((وما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه ، وما لا -يعني ما يحتاج إلى استشراف وتطلع إليه وسؤال هذا- لا تتبعه نفسك..))، لا تلتفت إليه وإنما علق آمالك ورجاءك بالله -جل وعلا-، فالذي يأتي من غير طلب ولا تطلع ولا استشراف هذا يؤخذ ويبقى النظر في أمور هذا المال الذي يعطى من شخص كسبه حرام تورعاً مطلوب، إذا كان هذا المال المعطى مظلوم صاحبه مأخوذ غصباً عنه لا يؤخذ لأن هذا من باب التعاون على الإثم والعدوان، إذا كان الشخص فاسق فلا تقبل هديته ولا عطيته إلا إذا كان فيها تأليف لقلبه وإلا لا شك أن الهدية والعطية لها أثر على القلب فيكون لهذا الفاسق يد على هذا الشخص فيميل إليه القلب، وجاء في الخبر اللهم لا تجعل لفاسق عندي يداً فيوده قلبي إذا كان يريد من هذه الهدية أو هذا العطاء مقابل وتقدم في حديث أبي ذر: ((وإذا كان ثمناً لدينك)) فلا فالمسألة لا بد من التأكد من سلامة القصد.
والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
"قلنا إن (إن شاء الله هنا) للتبرك وليست للتعليق والدعاء إذا كان بلفظ الأمر لا يجوز أن يقترن بالمشيئة ولا يجوز أن يقول الإنسان: اللهم اغفر لي إن شئت ، أما إذا كان الدعاء بلفظ الخبر جاز تعليقه بالمشيئة، مع أنه ليس بتعليق، جاز ذكر المشيئة معه، طهور إن شاء الله، ثبت الأجر إن شاء الله، ففرق بين هذا وهذا .
يعني قبل الصلاة عليهم يقول للمصلين الجنازة رجل أو امرأة من أجل التغيير في الضمير اللهم اغفر لها وراحمها وعافها واعف عنها، اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه، هذا مقصد لا بأس به ولا يترتب عليه شيء، يعني لو ترك ما ضر؛ لأن للمصلي أن يقول: اللهم اغفر له: أي الميت ويشمل الرجل والمرأة أو اغفر لها أي الجنازة، جنازة رجل أو امرأة .
إيش معنى مبسط، المقصود أنه يمارس هذه العادة السيئة التي هي استخراج المني مع اللذة وهي محرمة عند أهل العلم، محرمة والأدلة تدل على التحريم {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [(5- 6) سورة المؤمنون] فقط، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أرشد الذي لا يستطيع الباءة أن يصوم ولو كانت جائزة لوجه الناس إليها، لكن قد يقول قائل أنا في بلد أو في مجتمع أتعرض فيه للفتن رغم أنفي من غير اختياري ولا قدرة لي على الصبر والتحمل وجربت الصيام وما أجدى وجربت كذا وكذا أقول: إذا خشي الإنسان بحيث يغلب على ظنه أنه يقع في الفاحشة فارتكاب أخف الضررين مقرر بالشرع ومنه هذا.
هذا الشرح شرح نفيس ولا يستغني عنه طالب علم وينقل عنه الشراح واعتمد عليه كل من جاء بعده، فلا يستغنى عنه شرح طيب ونفيس، وأفضل طبعاته الطبعات المتداولة مثل طبعة دار الفكر نسيت والله أي طبعة، لكن الكاملة هي الكاملة ما أظن في غيرها، طبع منه أجزاء في مصر لكنه لم يكمل.
هذه الكتب لا ينصح بها المبتدئ فضلاً عمن بعده، يعني من أراد حفظ المتون على الطريقة المعروفة وقرأ شروحها وسمع وحضر الدروس وفرغ الأشرطة عليها له أن يقرأ في الكتب الأصلية بشروحها لكن الشروح منها ما لو بدئ منه لصد عن القراءة ومنها ما يعين على الاستمرار فيها؛ فالطالب حينما يبدأ بالقراءة يبدأ بفتح الباري هذا خطر يترك القراءة، أو يبدأ بالشروح الكبيرة التي حتى إخراجها ما أخرج على وجه يحبب طالب العلم للقراءة، فلو بدأ طالب العلم بشرح النووي ، شرح الكرماني على البخاري، هذا يعينه على الاستمرار في القراءة؛ لأن مادة الكتابين في الشرح فيها شيء من الانتقاء والاختيار، فالجمل التي يختارها النووي في شرحه التي تحبب الطالب للقراءة وللعبادة وللإقبال على الله -جل وعلا- هذا يعينه على ما في الكتاب من أخطاء عقدية لا بد من التنبه لهذا، الكرماني أيضاً مثل النووي في أخطاءه كلهم أشاعرة، لكن الكرماني ميزته انتقاء الطرائف العلمية التي قد لا توجد عند غيره، فينتقي في تراجم الرواة أطرف ما وقف عليه في ترجمته، لا يهمه أن يكون الراوي في أعلى درجات التوثيق أو أدناها لا يهمه كثيراً، إنما يهمه أن ينقل للقارئ أطرف ما وقف عليه في ترجمته، النووي يهمه إن ينقل في ترجمة الراوي ما كان عليه هذا الراوي من عمل من عبادة من إقبال، أما فتح الباري وإرشاد الساري وعمدة القاري هذه كتب تأتي مرحلة ثانية.
عون المعبود كتاب سهل وسمح وميسر يستفاد منه، تحفة الأحوذي كذلك أيضاً مختصرة وتنفع طالب العلم.
أولاً: الذي لم يبلغ الحلم لا تكليف عليه، غير مكلف وغير مؤاخذ، لكنه يمنع مما يمنع منه جنسه، من باب التمرين والتعويد على امتثال الأوامر والنواهي، ولذا جاء أمره بالصلاة، والصحابة كانوا يحملون صبيانهم على الصيام، فيمنع مما يمنع منه المكلف من باب التمرين ومن ذلك الإسبال، محمد بن الحسن وقول عند الشافعية أنهم لا مانع من لبس الصبيان الذين لم يكلفوا الذهب لبسهم الحرير، لكن الأكثر على منعهم من ذلك.
يقول:إن استطاع الطالب الموافقة بين حديثين مثل حديث: (إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير) وحديث وائل بن حجر: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه". يقول: لم يجده عند أحد من الشراح، فهل له ذلك أم ليس له أن يتعدى أقوال العلماء وما الضابط في ذلك؟
المسألة لغوية، يعني إذا فسرنا البروك وفهمنا معناه عرفنا أن الحديث ليس فيه قلب البتة، يعني كونه لا يوجد عند الشراح مثل هذا الفهم، لكن المسألة لغوية إيش معنى البروك في لغة العرب، متى يقال برك البعير؟ يقال برك البعير إذا أثار الغبار وفرق الحصى، فمعناه أن البعير ينزل على الأرض بقوة، فإذا نزل الساجد على يديه المقدم يديه على الأرض بقوة قلنا برك مثلما يبرك البعير، لكن مجرد وضع اليدين على الأرض هذا ليس ببروك، وإن أشبه نزول البعير من وجه، لكن لا يلزم مطابقة الصورة من كل وجه، ولذا لا أعرف أحداً أعل الحديث بالقلب غير ابن القيم، ومن تبعه. فالمسألة مثل هذه لغوية.
أفضل شرح يعني على حد علمي شرح ابن سيد الناس وتكملته للحافظ العراقي لكنه ما طبع كامل إلى الآن، وأفضل طبعات التمهيد الطبعة الهندية الأولى، الطبعة المغربية التي اعتمد فيها على النسخ، في طبعة يذكرها الإخوان أن صاحبها اعتنى بها وقارن بينها وبين بين الطبعة الهندية وبين نسخ خطية أخرى وقف عليها لا أعرفها.
يتصبر ويتحمل وينظر في النصوص ، يجمع النصوص التي تحث على الصبر، وتكون دائماً على باله، ثم ينظر أيضاً في عاقبة الجزع، وأثره في الدنيا والآخرة، وهل له قيمة إن فرد أو عدم؛ فالصبر جاء فضله في نصوص الكتاب والسنة {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [(155) سورة البقرة] ويتمنى الناس كلهم يوم القيامة أنهم ممن أصيب لما يروا من جزاء الصابرين وعظيم ثوابهم، وأشد الناس بلاء الأنبياء.
هذا ما فهمه الصحابة، أبو بكر دفن ليلاً، علي -رضي الله عنه- دفن فاطمة ليلاً، فإذا أمن التقصير فلا مانع من الدفن ليلاً.
هذا بحث وإذا كان الهدف منه التيسير على المعزي ولم يكن هناك قصد آخر ولم يلحق أهل الميت عناء ولا تعب ولا نفقة أموال هذا (الأمور بمقاصدها)، أما إذا اجتمع مع الاجتماع للعزاء الطعام من قبل أهل الميت وحصل في العزاء ما حصل من شيء ممنوع كالنياحة وشبهها واجتمعت هذه الأمور منع، ولو لم يكن في ذلك إلا صنع الطعام من قبل أهل الميت، أما صنعه لهم فقد عرفنا أنه سنه.
ما أدري والله، من أصيب به يعزى، من أصيب بالميت يعزى سواءً من قريب أو بعيد، إذا كانت بينه وبينه صله أو مودة ومحبة في الله يعزى لأن فقده مصيبة.