بلوغ المرام - كتاب البيوع (11)

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى-:

باب: التفليس والحجر

عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من أدرك ماله بعينه عند رجل قد أفلس فهو أحق به من غيره)) متفق عليه، ورواه أبو داود ومالك من رواية أبي بكر بن عبد الرحمن مرسلاً بلفظ: ((أيما رجل باع متاعاً فأفلس الذي ابتاعه ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئاً فوجد متاعه بعينه فهو أحق به، وإن مات المشتري فصاحب المتاع أسوة الغرماء)) ووصله البيهقي وضعفه تبعاً لأبي داود.

وروى أبو داود وابن ماجه من رواية عمر بن خلدة قال: أتينا أبا هريرة -رضي الله تعالى عنه- في صاحب لنا قد أفلس، فقال: لأقضين فيكم بقضاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من أفلس أو مات فوجد رجل متاعه بعينه فهو أحق به)) وصححه الحاكم، وضعف أبو داود هذه الزيادة في ذكر الموت.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: التفليس والحجر

التفليس: مصدر فلس يفلس تفليساً، وفلس يعني نسب غيره إلى الإفلاس، الذي هو مصدر أفلس، فلس يفلس تفليساً، وأفلس يفلس إفلاساً، أي صار إلى حال لا يملك فيها فلساً واحداً، فهو مفلس، فالمفلس على هذا من لا يملك، من لا يملك الفلس، فضلاً عن الدراهم والدنانير، فضلاً عن الأمتعة، فالذي لا يملك الفلس يقال له: مفلس، والنبي -عليه الصلاة والسلام- سأل الصحابة: ((أتدرون من المفلس؟)) قالوا: نعم المفلس من لا درهم له ولا متاع، جواب صحيح وإلا غير صحيح؟ كيف؟

الآن يقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: ((أتدرون من المفلس؟)) قلنا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، قال: ((لا، المفلس من يأتي بأعمال)) في بعض الروايات: ((أمثال الجبال من صلاة وصيام وصدقة)) وغيرها من أنواع الأعمال البر، ((ثم يأتي وقد ضرب هذا، وظلم هذا، وأكل مال هذا، وانتهك عرض هذا، فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته، وهذا من حسناته...)) إلى آخر الحديث، هذه حقيقة المفلس، وهذا الفلس الحقيقي، فالحقيقة الشرعية للمفلس ما جاء في الحديث الصحيح: ((المفلس من يأتي بأعمال...)) إلى آخره، هذه حقيقة شرعية، هل يستطيع الإنسان أن يقول: ليست بحقيقة شرعية؟ هل هي حقيقة لغوية؟ لا ليست حقيقة لغوية، هل هي حقيقة عرفية؟ لا ليست بحقيقة عرفية، لو كانت حقيقة عرفية لعرفها الصحابة، لكنها حقيقة شرعية.

المفلس في الباب الذي ندرسه الآن، وهو مطابق لجوابهم: "من لا درهم له ولا متاع" حقيقة شرعية وإلا عرفية وإلا عرفية؟ لغوية عرفية، لكن شرعية وإلا ليست شرعية؟ شرعية أيضاً بدليل: ((من أدرك ماله بعينه عند رجل قد أفلس)) هذه حقيقة شرعية، هل نقول: إن من أدرك ماله بعينه عند رجل قد أفلس؟ من جاء بأعمال أمثال الجبال، وجاء وقد ضرب هذا، وشتم هذا، وأخذ مال هذا، هذا هو المفلس في هذا الباب؟ في قوله: ((عند رجل قد أفلس)) الآن هذا الفلس والإفلاس المذكور في هذا الحديث هل هو مطابق لجواب الصحابة أو لاستدراك النبي -عليه الصلاة والسلام- لهم؟ مطابق لجواب الصحابة، وجاء به نص شرعي، إذاً حقيقة شرعية، فالإفلاس له حقيقتان شرعيتان، منها ما ذُكر في هذا الباب، ومنها ما جاء في الحديث الصحيح، الذي يأتي بالأعمال الصالحة، إلا أنه يفرقها على من يكرهه، لا على أحبابه غالباً، فالإفلاس له حقيقتان شرعيتان، كون الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول لهم: لا، هل يعني هذا أنه ليس المفلس حقيقته الشرعية مثل ما ذكروه، أو أن المراد المفلس الحقيقي الذي ينبغي أن يسمى مفلساً؟ {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [(15) سورة الزمر] هذا الخسران الحقيقي، شخص معه سيارة تستحق مائة ألف، أو اشتراها بمائة ألف وباعها بخمسين ألف، هذا خسران أو لا؟ خسران، لكن هل هذا خسران حقيقي بالنسبة لخسران الآخرة؟ {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [(15) سورة الزمر] هذا الخسران الحقيقي، والفلس الذي ذهبت أمواله بحيث لا يجد فلساً واحداً هذا مفلس، لكن الإفلاس الحقيقي الإفلاس يوم القيامة، ولذا جاء في الحديث الصحيح: ((من نفس عن مسلم كربة نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة)) ما قال: من كرب الدنيا والآخرة؛ لأن الدنيا لو كانت كلها كرب ما عدلت كربة واحدة من كرب يوم القيامة، فالإفلاس هنا حقيقي، وإذا أفلس الإنسان أو زادت ديونه على ممتلكاته صار بحاجة إلى حجر، إذا أفلس ثم اشترى واشترى واشترى من يسدد عنه؟ مثل هذا يحجر عليه، ويمنع من التصرف في ما بيده من مال، سواء كان ذهب ماله بالكلية، أو ذهب إلى حد لا تفي موجوداته بديونه، مثل هذا يحجر عليه، ولذا يقال: التفليس والحجر، وأكثر الكتب تقول: باب: الحجر والتفليس، يقدمون الحجر، والأصل أن الحجر مرتب على التفليس والإفلاس، مرتب عليه يكون الحجر بعد الإفلاس، أو يقال: إن الأصل الحجر، ثم الفك، ثم الحجر إن احتيج إليه؟ الأصل الفك أو الحجر إلى أن يبين الرشد ثم يفك عنه؟ الأصل أن الإنسان ليس بكفء إما لصغير أو لغيره، والأصل الصغر {وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ} [(5) سورة النساء] إلى أن قال: {فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ} [(6) سورة النساء] الأصل أنه محجور عليه، ثم بعد ذلك يفك، تدفع إليه الأموال، ثم إذا بان منه ما يقتضي للحجر حجر عليه، والمسألة صحيحة، سواء قلنا: باب الحجر والتفليس، أو التفليس والحجر، والمراد بالحجر منع المالك من التصرف في ماله لحظ نفسه أو لحظ غيره، إما لحظ نفسه لئلا يبذر أمواله، ويفرق أمأأ/أمواله فيما لا ينفعه في دينه ولا في دنياه، أو لحظ غيره من أرباب الديون.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"عن أبي بكر بن عبد الرحمن" بن الحارث بن هشام التابعي الجليل، أحد الفقهاء السبعة.

فخذهم عبيد الله عروة قاسم

 

سعيد أبو بكر سليمان خارجة

هذا أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام الفقيه التابعي الجليل "عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من أدرك ماله بعينه عند رجل قد أفلس))" بعينه يعني ما زاد ولا نقص، أدرك ماله، بعت على رجل سيارة ثم أفلس الرجل، السيارة باقية كما هي، ما تغيرت لا بزيادة ولا نقص، هذا مقتضى قوله: ((بعينه)) إنه لم يتغير لا بزيادة ولا بنقص.

((عند رجل قد أفلس فهو أحق به)) افترض أنك بعت سيارة على زيد من الناس بمائة ألف وهو مدين بمليون لعشرة أشخاص، ولا يوجد عنده غير هذه السيارة، أنت أولى الناس بها، ما دام ما تغيرت، ((من أدرك ماله بعينه)) يعني غير متغيرة لا بزيادة ولا بنقص ((عند رجل قد أفلس فهو أحق به)) إذا اختلفت بزيادة، بعت عليه كتاب بخمسين ريال، ثم ذهب وجلده بثلاثين، ثم أفلس، وجدت هذا الكتاب أنت أحق به وإلا ما أنت بأحق به؟ تغير بزيادة، أعكس المسألة بعت عليه كتاب بخمسين ريال ثم وجدت الكتاب، قيل لك: فلان أفلس، ذهبت لتأخذ الكتاب فإذا هو منزوع التجليد، تغير بنقص، أنت أحق به وإلا غيرك أحق به؟ إذا تغير بزيادة يكون الرجل المفلس له جزء من هذه العين، التجليد له ليس لك، فلست أحق به من غيرك، لكن إذا تغير بنقص، وقال صاحب الكتاب: أنا أرضى ولو كان بدون تجليد، رضي بالنقص من غير أرش يختلف أهل العلم في هذا، منهم من يقول: مقتضى قوله: ((بعينه)) أنه ما وجده بعينه وجده متغيراً، والتغير بالنقص مثل التغير بالزيادة، وهذا وقوف عند حرفية قوله: ((بعينه)) ومنهم من يقول: إذا قبله بدون أرش فهو أولى به من غيره، يعني هل تختلف هذه العين أنها عين ما بعت عليه؟ نعم؟ لا تختلف، هذه عين ما بعت عليه، لكن كونها نقصت وأنت راضي بالنقص لا يغير من الحكم شيء، إذا قبلها من دون أرش، أنا بعت عليك الكتاب بخمسين مجلد، أنا بآخذه الآن بأربعين، يا الله يجيب أربعين، وتدفع لي عشرة يقال: لا؛ لأنك أخذته بدون أرش كما لو كان بعينه، فلا بأس، أنت أحق به من غيرك، وإن افترضت إلا مع الارش نقول: لا، أنت أسوة الغرماء، ولا شك أن التغير حاصل.

لكن يبقى أنه عين ماله، كيف؟

طالب:.......

مؤجل أو عاجل المقصود أنه ما قبض الثمن، ما قبض الثمن، لكن لو باعه هذا الكتاب، أو هذه السيارة أقساط شهرية لمدة ثلاث سنوات، ثم أفلس، هل لصاحب العين أن يأخذ هذه العين ويقول: أنا أحق بها من غيري؟ يعني هو ما استحقها أصلاً، ولا استحق قيمتها فهل له أن يأخذها؟ أو يقول: أنا أخذها بقيمتها ولا أحتاج أقساط؟ يعني إن كان وفى من القيمة شيء له حكم، إذا كان ما وفى من القيمة شيء وأراد أن يبطل العقد شيء آخر، فأهل العلم يقولون: إن كان قد وفى من القيمة شيئاً فليس بأحق بها، وإذا كانت القيمة لم يوف منها شيء وخاف على ماله فهو أحق به، وعلى كل حال ما دام مؤجل ومقسط ومنجم لا يستحق شيئاً إلا إذا حل الأجل.

يقول: ((فهو أحق به من غيره)) يعني من الغرماء، والحديث متفق عليه.

"ورواه أبو داود ومالك من رواية أبي بكر بن عبد الرحمن -المذكور- مرسلاً بلفظ: ((أيما رجل باع متاعاً فأفلس الذي ابتاعه))" يعني المشتري ((ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئاً فوجد متاعه بعينه فهو أحق به)) الآن إذا قبض من الثمن شيء هل هذا متاعه وإلا هو شريك لصاحبه المشتري؟ لأن جزء من الثمن مدفوع، وجزء من الثمن لم يدفع، المشتري ملك بعض السلعة بما دفعه من القيمة، إذاً ليس هذا متاعه، هذا متاعه ومتاع غيره، فليس أحق به من غيره، ولذا يقول: ((أيما رجل باع متاعاً فأفلس الذي ابتاعه ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئاً فهو أحق به)) مفهومه أنه إذا قبض أنه لا يكون أحق به، ((فإن مات المشتري فصاحب المتاع أسوة الغرماء)) الحديث مرسل وضعيف، لكن إذا مات هل يختلف الحكم فيما إذا أفلس أو مات؟ الآن هل يُلزم الوارث بسداد دين مورثه؟ نعم؟

طالب:......

لا أنت افترض أنه مات وهو مفلس ما يملك شيء ومدين، هل يُلزم أولاده أن يدفعوا عنه؟ هو لم يترك شيئاً، ما يُلزمون، نعم؟

طالب:......

أي غنم؟

طالب:......

هم ما ورثوا، ما عنده شيء، يعني حكمه حكم النفقة؟ هذا أولاً: إذا ترك وفاء أو ترك تركة فسداد الديون قبل الإرث، تسدد الديون قبل أن تقسم التركة، هذا أمر مفروغ منه، لكن المسألة مفترضة في شخص لم يترك وفاء هل يُلزم أولاده أن يسددوا عنه؟ نعم؟

طالب:......

نعم من باب البر ما في إشكال، لكن إلزام ما في إلزام؛ لأن المدين انتهت ذمته، ولذا يقول: ((فإن مات المشتري فصاحب المتاع أسوة الغرماء)) خلاص انتقل المال بالموت من الميت إلى ورثته، فما وجد المال عند الرجل الذي قد أفلس، وجد المال عند ورثة الميت، فهو حينئذٍ أسوة الغرماء.

وعلى كل حال الحديث ضعيف؛ لأنه مرسل.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: "ووصله البيهقي، وضعفه تبعاً لأبي داود" وعلى كل حال الحديث صححه ابن حجر في فتح الباري، وصححه الألباني في الإرواء، وهو مصحح من قبل بعض العلماء، وضعفه أبو داود والبيهقي، الآن وجوه الاتفاق والاختلاف بين الرواية الموصولة المتفق عليها، وبين الرواية المرسلة، الرواية الموصولة خاصة بمن وجد ماله عند رجل قد أفلس وهو على قيد الحياة، ولم يدفع من الثمن شيئاً، الرواية التي تليها: ((أيما رجل باع متاعاً فأفلس الذي ابتاعه ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئاً فوجد متاعه بعينه فهو أحق به)) لكن لو كان قبض بعض الثمن، باعه السيارة بمائة ألف وأفلس وسدد عشرة أقساط، صاحبه سدد عشرة أقساط، يقول: أنا أعيد له هذه الأقساط التي دفعها ليكون في حكم من لم يدفع، ولم أقبض شيء، فهل له ذلك أو ليس له ذلك؟ الحديث يقول: ((ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئاً فوجد متاعه بعينه فهو أحق به)) مفهومه أنه إذا كان قد قبض شيئاً ولو التزم برد ما قبضه أنه كغيره، فإن مات المشتري -هذا في الموت وذاك في الإفلاس- فإن مات المشتري فصاحب المتاع أسوة الغرماء؛ لأن المتاع انتقل من ملك المورث إلى ملك الوارث، "وصله البيهقي، وضعفه تبعاً لأبي داود، ورواه أبو داود وابن ماجه من رواية عمر بن خلدة قال: أتينا أبي هريرة في صاحب لنا قد أفلس فقال: لأقضين فيكم بقضاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من أفلس أو مات))" وهذه تقوي الرواية السابقة المرسلة التي فيها..، تقوي أو خلاف؟ أو تخالف؟ الأولى: ((فإن مات المشتري فصاحب المتاع أسوة الغرماء)) والثانية: ((فإن أفلس أو مات)) ((من أفلس)) موافقة للرواية الأولى، لكن ((أو مات فوجد رجل متاعه بعينه فهو أحق به)) تخالف الرواية الأخيرة، لكن ما الفرق بين الفلس والموت؟ يعني مال الدائن في خطر في الحالين، في حال الفلس وفي حال الموت، فمقتضى الرواية الأخيرة: ((أن من أفلس أو مات فوجد رجل متاعه بعينه فهو أحق به)) والحكم لا يختلف، والأثر على المال وعلى صاحب المال واحد، فالخطر محدق به وبماله.

"((من أفلس أو مات فوجد رجل متاعه بعينه فهو أحق به)) وصححه الحاكم، وضعفه أبو داود، وضعف هذه الزيادة في ذكر الموت" أما ((من أفلس)) فهي محفوظة، زيادة في ذكر الموت عند أبي داود وابن ماجه والحاكم، لكن في إسنادها راوٍ مجهول.

هذا المال الذي وجد عند المفلس سواء كان ببيع أو قرض، وجاء الراوية بلفظ: ((من ابتاع سلعة ثم أفلس وهي عنده بعينه فهو أحق بها من الغرماء)) ((إذا ابتاع الرجل سلعة وأفلس وهي عنده بعينها فصاحبها أحق بها من الغرماء)) ابتاع هذا تنصيص على البيع، لكن من وجد متاعه، من أدرك ماله أعم من كونه بيع فيشمل القرض، وإذا كان أحق بها في حال البيع ففي حال القرض من باب أولى، لكن في حال العارية أحق بها أو ليس بأحق بها؟

طالب:......

نعم هذا لا يختلف فيه في العارية لأنها ماله، يعني ما انتقلت إلى ملك الطرف الثاني، ما زالت باقية في ملك الطرف الأول في العارية فهي أولى وأحق، يعني عارية استعار كتاب وجلده، هو كتابه، والثاني متصرف به من غير إذنه لا يستحق شيئاً، نعم.

وعن عمرو بن الشريد عن أبيه -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لي الواجد يحل عرضه وعقوبته)) رواه أبو داود والنسائي، وعلقه البخاري، وصححه ابن حبان.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن عمرو بن الشريد" تابعي يروي "عن أبيه -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لي الواجد))" لي يعني: مطل، وجاء بهذا اللفظ: ((مطل الغني ظلم)) وهنا يقول: ((لي الواجد)) ليه: مطله، والواجد من الوجد، وهو القدرة على الوفاء والسداد، من الوجد والجدة فهو واجد يعني قادر على الوفاء، فمطله معصية، والخلاف في كونها صغيرة أو كبيرة معروف، فعلى كل حال هو معصية ارتكب أمراً محرماً، وهذا الأمر المحرم ترتب عليه حل العرض والعقوبة، فإذا جئت لصاحب المحل الذي بعت عليه بضاعة فقلت له: أعطني ثمن البضاعة، قال: غداً، جئت غداً قال: تجيني يوم الجمعة، جئت يوم الجمعة، قال: .... الاثنين، جئت.. وهكذا، وهذا موجود في أسواق المسلمين، والدراهم موجودة، متوفرة، وموجود بكثرة مع الأسف المطل واللي، هذه معصية يترتب عليها حل العرض والعقوبة، لكن ما معنى حل العرض؟ علق البخاري عن سفيان أن ما يحل من عرضه أن يقول: مطلني فلان، ما تقول: فرصة الآن مكنا الشرع من عرضه، وأنا في حل، وفي كل مجلس المجرم الأثيم المعتدي الفاعل التارك، ويتعرض لأمور دينه ودنياه، وأسرته ومن حوله وقبيلته، هذه فرصة، أباح له الشارع أن يتفكه في عرضه! لا، يباح من عرضه ما علقه البخاري عن سفيان بأن يقول: مطلني فلان، بقدر الحاجة {لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ} [(148) سورة النساء] يعني إلا بقدر المظلمة، فإذا زاد فتعدى وتجاوز وظلم أثم بلا شك، فيحل عرضه وعقوبته يعاقبه الإمام، ويعزره إما بكلام شديد، أو بحبس أو بضرب إن لم يمتثل حتى يسدد، أو يؤخذ المال قهراً منه ويدفع إلى صاحبه، المقصود أنه مستحق للعقوبة.

"رواه أبو داود والنسائي، وعلقه البخاري، وصححه ابن حبان" علقه البخاري المعلق: هو ما حذف من مبادئ إسناده راوٍ أو أكثر.

وإن يكن أول الإسناد حذف
ولو إلى آخره................ 

 

مع صيغة الجزم فتعليقاً عرف
...................................

ولو حذف الإسناد إلى آخره يسمى معلق.

وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- قال: أصيب رجل في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ثمار ابتاعها فكثر دينه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((تصدقوا عليه)) فتصدق الناس عليه ولم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لغرمائه: ((خذوا ما وجدتم، وليس لكم إلا ذلك)) رواه مسلم.

وعن ابن كعب بن مالك عن أبيه -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حجر على معاذ ماله وباعه في دين كان عليه، رواه الدارقطني، وصححه الحاكم، وأخرجه أبو داود مرسلاً، ورجح إرساله.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- قال: أصيب رجل في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ثمار ابتاعها فكثر دينه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((تصدقوا عليه))" هناك في الحديث السابق، في حديث جابر الذي تقدم: عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لو بعت من أخيك تمراً فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئاً بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟)) وهنا يقول: "أصيب رجل في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ثمار ابتاعها فكثر دينه" ثمار اشتراها "فكثر دينه بسبب ذلك، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((تصدقوا عليه)) فتصدق الناس عليه ولم يبلغ ذلك وفاء، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لغرمائه: ((خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك))" الآن المخالفة ظاهرة بين الحديثين وإلا غير ظاهرة؟ ظاهرة المخالفة، في الحديث الأول في حديث جابر أبرئ المشتري من التبعة ((لو بعت من أخيك تمراً فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئاً بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟)) فالمشتري أبرئ من التبعة، وهذا محمول عند بعض العلماء على ما إذا باع أو اشترى قبل بدو الصلاح، فالبيع ليس بصحيح، والمال مال البائع، وكيف يأخذ مال أخيه بغير حق؟ وهنا في حديث أبي سعيد باع بعد بدو الصلاح بيعاً صحيحاً ولزم البيع، فهل يؤمر بوضع الجائحة حينئذٍ؟ يؤمر البائع بوضع الجائحة في هذه الصورة؟ هنا قال: "أصيب رجل في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ثمار ابتاعها فكثر دينه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((تصدقوا عليه)) فتصدقوا عليه فلم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- لغرمائه: ((خذوا ما وجدتم، فليس لكم إلا ذلك)) الآن في هذين النصين شيء من التعارض، فلا بد من توجيه النص الأول مع الثاني، والجمع بينهما بطريقة تدفع هذا التعارض، فإذا حمل الأمر بوضع الجوائح على حال الشراء قبل بدو الصلاح يستقيم وإلا ما يستقيم؟ طيب لو قال قائل: إنه ما ثبت بيع من أجل أن توضع جائحة، ما بعد ثبت بيع من أجل أن توضع الجائحة، ما ثبت في ذمته شيء، فكيف نقول: ضع عنه؟ يضع شيء عنه لم يلزمه؟! أو نقول: إن الأمر في البابين، وفي الحديثين كله على جهة الإرشاد لا على جهة اللزوم، الآن لما قال: ((تصدقوا عليه)) فتصدق الناس عليه ولم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال لغرمائه: ((خذوا ما وجدتم، وليس لكم إلا ذلك)) يعني الأصل أنه إذا أصابه ما أصابه وكثرت ديونه وأعسر أن يقال: {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [(280) سورة البقرة] انتظروا عل الله أن يرزقه، أما يقول: ((خذوا ما وجدتم، وليس لكم إلا ذلك)) نعم؟

طالب:......

خذوا ما وجدتم من هذا الذي اجتمع من الصدقة، ما هو أصيب، كثر دينه، فأمر الناس أن يتصدقوا عليه، في الحديث الأول في حديث جابر خاطب البائع، وهنا أمر المشتري بأن يعرض نفسه للصدقة، وأمر الناس أن يتصدقوا عليه، فأتجه الخطاب في حديث جابر إلى البائع، وأتجه الخطاب في حديث أبي سعيد إلى المشتري مع غرمائه، يعني ما برّأ المشتري، يعني في حديث جابر ترك المشتري، برأه براءة تامة، واتجه الكلام إلى البائع، وقال: ((بم يأخذ أحدكم مال أخيه؟)) وفي الحديث الثاني قال: ((تصدقوا عليه)) جعله مديناً بالفعل، ملتزم بهذا الدين، ولذلك أمرهم بالصدقة عليه.

"((تصدقوا عليه)) فتصدق الناس عليه ولم يبلغ ذلك وفاء دينه" أو نقول: إن هذا يختلف اختلاف الأشخاص؟ يختلف باختلاف الأشخاص؟ يمكن أن يكون بائع الثمرة غني عنده بساتين أخرى، والمشتري فقير وأصابته جائحة يتجه إلى الغني ويقال: كيف تأخذ مال هذا الفقير وقد تلف؟ لكن لو افترضنا أن البائع فقير وليس عنده إلا هذا البستان، وإذا أعفينا المشتري من القيمة ومن التبعة تضرر صاحب البستان، نقول للمشتري: يا أخي تسبب، صاحبك فقير، خذ ولو من الصدقة أنت أصابتك جائحة، تعرض للصدقة، واقبل الصدقة من الناس، وسدد لصاحبك، ثم بعد ذلك إن وفى بها ونعمت، ما وفي خذ المتيسر ويكفي، يعني لعل هذا مما يختلف باختلاف الأشخاص، يعني إذا لم نحمل حديث جابر على البيع قبل بدو الصلاح، وحديث أبي سعيد على البيع بعد بدو الصلاح ولزوم البيع، إذا لم نحمله على هذا فلا بد أن نقول: إن هذا يختلف اختلاف الأشخاص، شخص عنده عشر مزارع، وباع على واحد مزرعة مثلاً، ثمرة مزرعة، ثم هذه المزرعة أصيب ثمرها بجائحة ألا يقال لصاحب المزارع الباقية: يا أخي بما تأخذ مال ها المسكين الذي ما استفاد وإن كان مشترياً؟ يعني من باب المشورة لا من باب الإلزام، وفي الحال الأخرى هذا شخص ما عنده إلا مزرعة، وتعب عليها سنة كاملة، وكد واستدان بسببها، ثم باع الثمرة على هذا فأصابته جائحة، فيقال للمشتري مراعاة لحال البائع المحتاج المتضرر: يا أخي أنت تسبب، تعرض للصدقة، أنت أصابتك جائحة اطلب الزكاة والصدقة من الناس، والذي يجتمع عندك أدفعه لصاحبك، ثم بعد ذلك يشار على صاحبه أنه يكفيك اللي جاك، أحسن من لا شيء، كأن الموضوع في الحديثين من باب المشورة، ومثل هذا يختلف باختلاف الأشخاص، ألا يشم مثل هذا؟ نعم؟

طالب:......

يعني المشتري الأول في حديث جابر ما زال في رؤوس النخل، لكن افترض أنه في رؤوس النخل، واشتراه بعد بدو صلاحه، وقبضه بالتخلية، بيع شرعي كامل، وأصابته جائحة، هو من ضمان المشتري أو من ضمان البائع؟ ما دام قلنا: البيع صحيح، وانتقلت العين من ملك فلان إلى ملك فلان، فهي من ضمان المشتري، كيف يؤمر البائع بوضع الجائحة؟ في الصورة الثانية ابتاع، في الصورة الثانية في حديث أبي سعيد أصيب رجل في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ثمار ابتاعها فكثر دينه، أفي ما يدل على أن ذاك قطع وحاز وهذا ما قطع؟

لكن قد يرتكب مثل هذا للتوفيق ودفع الاختلاف والتعارض، قد يرتكب مثل هذا، لكن هل نقول: إنه لا يلزم البيع إلا بالقطع؟ نقول هذا؟ وإلا نقول: إذا باع على ضوء التوجيه الشرعي بعد بدو الصلاح انتهى الإشكال؟ يلزمه الضمان، فالذي يظهر من فحوى الحديثين أن هذه مشورة، بدليل أنه قال: ((خذوا ما وجدتم، وليس لكم إلا ذلك)) رجل متضرر، تعرض للزكاة، وأهان نفسه بتكفف الناس، وما حصل له إلا هذا، فانتم إيش تدورون؟ وليس هذا من باب الإلزام، وإلا فالأصل {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [(280) سورة البقرة] أما كونه يقال: "وليس لكم إلا ذلك" هذا من باب المشورة.

يقول: "وعن ابن كعب بن مالك" واسمه...نعم؟

يقول: الأخ ألا يمكن حمل حديث جابر على أنها جائحة من السماء لا يد له فيها، ولا يستطيع ردها، ولا دفعها، فأتت عليه، وعلى حديث أبي سعيد أنه فرط إما في حفظها حتى اجتاحها ما يجتاحها، أو بعدم معرفة الأسعار وتتابع وشراء بقيم عالية، وكثرت ديونه بسببها؟ هذا يمكن ارتكابه للجمع، لكن ليس في طرق الحديث ما يدل على ذلك، ويبقى الإشكال في قوله: ((خذوا ما وجدتم، وليس لكم إلا ذلك)) وإلا فالأصل أن المعسر ينظر، يعني لو اشترى شخص مال وفرط في حفظه وتلف، هذا مصاب وغارم ويأخذ من الزكاة، لكن إذا ما وفت الزكاة هل نقول لصاحب الحق: ما لك غير هذا؟ إلا إذا كان من باب المشورة، وهذا الذي يظهر من الحديث.

"وعن ابن كعب بن مالك عن أبيه" ابن كعب اسمه عبد الرحمن، كما في رواية عبد الرزاق، وكعب بن مالك أحد الثلاثة الذين خلفوا، وتاب الله عليهم "رضي الله عنهما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حجر على معاذ ماله وباعه في دين كان عليه" رواه الدارقطني، وصححه الحاكم، وأخرجه أبو داود مرسلاً، ورجح إرساله".

وعلى كل حال الحديث ضعيف؛ لأنه مرسل، "حجر على معاذ" معاذ بن جبل الصحابي الجليل "ماله وباعه في دين كان عليه" الحجر عند أهل العلم إذا لم تفِ الموجودات بالديون بأن كانت أقل من الديون يحجر عليه  لئلا تزداد هذه الديون، والعادة والسنة جرت أن مثل هذا المديون في الغالب أن التفريط يصاحبه في كثير من أموره، يعني شخص باع واشترى بالعقار ما نجح، كثرت ديونه، وزادت وصارت بالملايين، لكن مع ذلك هل تغيرت حاله ووضعه في إنفاقه على نفسه وعلى من تحت يده من الإسراف؟ ما تغير، يركب أفخم السيارات، يلبس أفضل، يسكن أعظم القصور، واستعماله للأمور الكمالية على أتم وجه، فمثل هذا يترك تزداد ديونه أو يحجر عليه؟ مثل هذا يحجر عليه، ولذا إن صح الخبر فالنبي -صلى الله عليه وسلم- حجر على معاذ، والحجر معروف في قصة حصلت في عهد عثمان -رضي الله تعالى عنه-، أراد أن يحجر على عبد الله بن جعفر حتى شاركه الزبير، أراد علي وعثمان أن يحجرا على عبد الله بن جعفر؛ لأنه اشترى أرضاً بستمائة ألف درهم، فالحجر معروف عندهم، فلما علم الزبير شاركه في هذه الأرض، فقال عثمان -رضي الله عنه-: كيف يحجر على شخص شريكه الزبير؟ فالحجر معروف عندهم، ولا شك أنه من مصلحة الجميع، وبالمناسبة شخص من النوع الذي ذكرنا اشتغل، زاول مهنة البيع والشراء بالعقار ولحقته عشرات الملايين، بل المئات، وشخص غني ما حصل له شيء من الضرر، وهما يصليان في مسجد واحد، وأنتم تعرفون في رمضان يؤتى بالطيب، فمدخنة فيها نوع رديء، ومدخنة فيها أفخر أنواع الطيب وأجودها، هذا كيلو بخمسمائة ريال، وهذا بخمسين ألف، فقال واحد لصاحبه: لمن هذا؟ ولمن هذا؟ فقال: هذا أكيد أنه لفلان -من غير ما يدرون- هذا أكيد لفلان الخمسمائة هذا اللي ما جاب شيء، وهذا الفاخر جداً لهذا المنكسر، وبالفعل طلع على ما توقعوا، بعض الناس ما يأخذ درس مما أصابه، يستمر على طريقته، وعلى نفقته، وعلى بذخه وإسرافه؛ لأنه عود نفسه على ذلك، يفترض أن الإنسان يتكيف إذا وسع الله عليك وسع على نفسك، لكن إذا ضيق عليك تتلاعب بأموال الناس؟! إذا توفر عندك شيء سدد، قد يقول قائل: إن التسديد ما ينفع، يعني افترض أنه يصرف في السنة مليون على نفسه وعلى أسرته وهو مدين بمائة مليون، هذا المليون لو وفره إيش يسوي؟ ماذا يصنع به؟ الغرماء لن يقبلوا، تعطي كل واحد ألف ألفين ثلاثة، كيف يصير؟ فهم من هذه الحيثية يتتابعون على مثل هذا الإسراف، وهذا أيضاً ليس بمبرر، نعم بعض الديون قد يحصل معها شيء من التنفيس، ولذا أهل العلم يمنعون المدين من الصدقة، المدين لا يتصدق، وإن كان شيخ الإسلام يقول: الشيء اليسير الذي تعارف الناس على بذله، يعني يأخذ زكوات مثلاً ألوف لينفق على نفسه، يجد فقير يعطيه عشرة عشرين، أشياء ما تضره، شيخ الإسلام يتسامح في مثل هذا، وغيره لا، يقول: ما دام يأخذ من الزكاة لا يتصدق، اللي يتصدق به يتركه عند أهله، شخص مدين خمسة عشر مليون، وسجن بسبب هذا، فلما دخل السجن وجد شيخ كبير مسجون قال: يا عمي ما الذي أتى بك إلى هذا؟ قال: أنا مديون، قال: كم دينك؟ قال: عشرة آلاف، قال: هذا شيك بعشرة آلاف واطلع، مثل هذا ما يضر يعني عشرة آلاف وش هي بالنسبة لخمسة عشر مليون؟ ويفرج الله عنه بسبب هذا، لكن الإسراف في أمور الدنيا، مع أن الناس ينتظرون الوفاء، مثل هذا لا بد أن يحجر عليه، ولمصلحته أن يحجر عليه، ومصلحة غرمائه أن يحجر عليه، نعم.

وعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال: "عرضت على النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم أحد وأنا ابن أربعة عشر سنة فلم يجزني، وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني" متفق عليه، وفي رواية للبيهقي: "فلم يجزني، ولم يرني بلغت" وصححها ابن خزيمة.

وعن عطية القرظي -رضي الله تعالى عنه- قال: "عُرضنا على النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم قريظة فكان من أنبت قتل، ومن لم ينبت خُلي سبيله، فكنت في من لم ينبت فخُلي سبيلي" رواه الأربعة، وصححه ابن حبان والحاكم.

الأربعة وإلا الخمسة؟

طالب: عندي رواه الأربعة.

ما هو موجود في المسند؟

طالب: كيف؟

ليس في المسند؟

التخريج؟ شوف تخريجه.

طالب:.......

على كل حال في بعض النسخ الأربعة، وفي بعضها الخمسة, وهو موجود في المسند، والأولى أن يقال: الخمسة, وبعض النسخ الصحيحة عن الحافظ رواه الأربعة، والشارح شرحه على هذا على أنه الأربعة، على كل حال هو في المسند.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "عرضت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم أحد وأنا ابن أربعة عشرة سنة فلم يجزني، وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمسة عشرة سنة فأجازني" ويوم أحد، غزوة أحد في السنة الثالثة اتفاقاً، وعلى هذا تكون الخندق في السنة الرابعة، يعني عرض وهو ابن أربعة عشرة سنة يوم أحد، وعرض يوم الخندق وهو ابن خمسة عشرة سنة، إذاً أحد في الثالثة، والخندق في الرابعة، يعني هل يلزم من هذا الحديث أن تكون الخندق في الرابعة؟ للاتفاق على أن أحد في الثالثة، يلزم أو ما يلزم؟

طالب:.......

لماذا؟ نعم؟

طالب:.......

في أول الخامسة، يعني سنة وشهرين، سنة وثلاثة أشهر يجاز بمثلها، على كل حال المرجح عند الإمام البخاري وابن القيم أن الخندق في السنة الرابعة، وأنها قبل غزوة ذات الرقاع، من أجل إيش يرجحون هذا؟ ما هي الفائدة من الخلاف في كونها في الرابعة أو الخامسة؟ نعم؟

طالب:.......

صلاة الخوف هل تفعل في الحضر أو لا تفعل في الحضر؟ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الخندق ما صلى صلاة الخوف، أخر الصلوات عن وقتها، فالذي يقول: إن غزوة الخندق بعد ذات الرقاع يقول: صلاة الخوف لا تصلى في الحضر، تؤخر الصلوات، والذي يقول: إن غزوة الخندق قبل ذات الرقاع يقول: ما حدث في غزوة الخندق منسوخ، بل تصلى الصلاة في وقتها على الصورة الواردة على الوجوه الستة أو السبعة الواردة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-.

"عرضت على النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم أحد وأنا ابن أربعة عشرة سنة فلم يجزني" في رواية: "ولم يرني بلغت"، "وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمسة عشرة سنة فأجازني" وجعلني صالحاً للحرب، صالحاً للجهاد؛ لأنه قد رآني بلغت، فالمسألة مردها إلى التكليف، والتكليف يكون بتمام خمسة عشرة سنة على ما في هذا الحديث، وهو عمدة أهل العلم الذين حددوا البلوغ في سن الخامسة عشرة، عندنا بالنسبة للرجال بتمام الخامسة عشرة كما في هذا الحديث، ويحصل بالإنبات كما في حديث عطية الآتي، ويحصل بالإنزال، هذا ما يبلغ به الذكر، وأما بالنسبة للأنثى فتزيد على ذلك: الحيض، إذا حاضت كلفت، وأورده المؤلف هنا لبيان أنه يبلغ سن التكليف بهذا العمر، بتمام الخامسة عشرة، وعلى هذا ينظر في حاله، فإن أونس منه الرشد دفع إليه ماله وإلا استمر حجره إذا لم يؤنس منه الرشد، وقبل التكليف لا يدفع إليه المال ولو آنسنا منه الرشد، فالذي دخل هذا الحديث في الحجر والتفليس أن الأصل في مال الصبي الحجر حتى يبلغ هذه السن، ويؤنس منه الرشد، فكونه يؤنس منه الرشد قدر زائد على التكليف {فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [(6) سورة النساء] يعني بعد بلوغ التكليف في الخامسة عشرة على هذا الحديث، والحديث الذي يليه في العلامة الثانية من علامات بلوغ التكليف.

"عن عطية القرظي -رضي الله عنه- قال: عرضنا –يعني من بني قريظة- عرضنا على النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم قريظة فكان من أنبت قتل، ومن لم ينبت خُلي سبيله" لأنه ثبت النهي عن قتل النساء والذرية، والذي لم ينبت ولم يبلغ التكليف هذا من الذرية، والذي بلغ التكليف مثل هذا يعامل معاملة الرجال، والأصل أن الأسرى موكول أمرهم إلى الإمام، لكن إذا رأى في مثل هذه الصورة أن تقتل المقاتلة، ورأى الإمام أن يثخن في العدو فالأمر إليه، وإن رأى المن أو الفدى فالأمر موكول إليه، وفي قريظة رأى القتل -عليه الصلاة والسلام-، وما الحد الفاصل فيمن يقتل ومن لا يقتل؟ التكليف، وليس هناك بطاقات أحوال متى ولدت؟ وأين ولدت؟ ومكان الولادة، والساعة، في المستشفيات، إلى عهد قريب مثل هذا الأمر يخفى، وقد يزاد في عمر الإنسان عشر سنين وقد ينقص تبعاً للمصلحة، فإن كانت مصلحته في الزيادة زاد، إن قيل: ما يوظف إلا لعشرين جاء أبو خمسة عشر سنة وقال: عمري عشرين، والعكس، لكن الآن الأمور مضبوطة، لكن الشرع إذا لم يمكن ضبط السنين كما في حديث ابن عمر، ضبط بالعلامات التي يشترك فيها الناس كلهم، كالإنبات مثلاً، وقد يعلق على أمر يمكن الإطلاع عليه، وقد يعلق على أمر لا يمكن الإطلاع عليه، كالإنزال مثلاً، فكون العلامات تتعدد؛ لأنه بالإمكان أن يحضر شهادة الميلاد ويقول: أنا ولدت في يوم كذا، يدرأ بذلك ما لا يمكن الإطلاع عليه كالإنزال، وما يمكن أن يطلع عليه لكنه يستحيا منه، فإن أمكن هذا وإلا عدل إلى ما يمكن الإطلاع عليه وما لا يمكن الإطلاع عليه، فوضعت العلامات متفاوتة من أجل أن التكليف يحصل بأحدها فمنها ما يطلع عليه، ومنها ما لا يمكن الإطلاع عليه.

"عُرضنا على النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم قريظة فكان من أنبت قتل" لأنه مكلف "ومن لم ينبت خُلي سبيله" يعني في حكم الذراري "فخُلي سبيلي" ومن الله عليه بالإسلام، وأسلم وحسن إسلامه، المقصود أن هذا مما كتب الله له من السعادة، وهذا الحديث مخرج عند الخمسة: أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه, وصححه ابن حبان والحاكم، وقال: على شرط الشيخين، لكن الشيخين لم يخرجا لعطية، فهل يكون على شرطهما؟ لا ليس على شرطهما؛ لأن شرطهما رجالهما، وهما لم يخرجا لعطية إذاً الحديث وإن كان صحيحاً إلا أنه ليس على شرط الشيخين، قد يقول قائل: إن الصحابي لا يحتاج أن يخرج له في الصحيحين وفي غيره بل هو ثقة مطلقاً، فإذا خرج لمن دونه في الصحيحين فالصحابة كلهم عدول وثقات، فالشرط ثابت، ولعل هذا هو ملحظ الحاكم حينما قال: على شرط الشيخين، يعني سواء قلنا: خرج البخاري ومسلم لعطية أو لم يخرجا فهو صحابي، يعني شرطهما إخراج حديث الصحابي من دون تردد، وهذا من الصحابة، ولو لم يخرجا له حقيقة فقد خرجا له حكماً، خرجا لنظرائه من الصحابة، وأما من دونهم فيشترط أن يخرجا لهم في الصحيح، وهذا شرط الشيخين على ما يفهم من تصرف الحاكم، وكأن كلام الحاكم في الغريب، ونصه على تفرد من دون الصحابي؛ لأن الصحابي سواء تعدد أو لم يتعدد الحكم واحد، وكل واحد من الصحابة بمثابة الجمع.

بلوغ التكليف بالإنبات هذا محل اتفاق بين أهل العلم، يقرب من الإجماع ومثله الإنزال، أما بالنسبة للسن فالخلاف معروف، فالأكثر على الخمسة عشرة، ومنهم من خالف ووصل به إلى الثامنة عشرة، نعم.

وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يجوز لامرأة عطية إلا بإذن زوجها)) وفي لفظ: ((لا يجوز للمرأة أمر في مالها إذا ملك زوجها عصمتها)) رواه أحمد وأصحاب السنن إلا الترمذي، وصححه الحاكم.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده" الكلام في هذه السلسلة تقدم مراراً، والقول الوسط فيها بعد أن عرفنا الخلاف، ومنشأ الخلاف، أنه إذا صح السند إلى عمرو فلا يقل عن درجة الحسن، وله يعني هذا الحديث شواهد يرتقي بها إلى الصحيح لغيره.

"أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يجوز لامرأة عطية إلا بإذن زوجها))" يعني لا تتصدق المرأة إلا بإذن زوجها، ولا تهدي إلا بإذن زوجها، ولا تشتري متاعاً إلا بإذن زوجها "وفي لفظ: ((لا يجوز للمرأة أمر في مالها إذا ملك زوجها عصمتها))" يعني إذا ملك عصمتها فلئن يملك مالها من باب أولى، وهذا الحديث يصحح عند أهل العلم، لكن هل هذا على سبيل الإلزام؟ أو هو من باب حسن العشرة؟ قوله: ((لا يجوز)) هل معنى هذا أنه يحرم؟ أولاً: جاء في الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- في يوم العيد وعظ النساء، وذكّر النساء، وحثهن على الصدقة فجعلن يتصدقن، تلقي المرأة بسخابها، تلقي بقرطها، تلقي بشيء من حليها، بدون استئذان للأزواج، يستدل به أهل العلم على أن المرأة تملك، وتتصرف التصرف التام من غير إذن أحد، لا أب ولا أخ ولا زوج ولا أي شخص، إذا كانت مكلفة رشيدة حرة، تتصرف كالرجال، وعلى هذا الجمهور، وتظاهرت عليه مفهومات النصوص، وأما هذا الحديث فهو محمول على حسن العشرة، وقالوا: ولم يذهب على معنى الحديث إلا طاوس، فقال: إن المرأة محجورة عن مالها إذا كانت متزوجة إلا بإذن زوجها، وذهب مالك إلى أنها تتصرف في الثلث فما دون، وأما ما زاد على ذلك فلا بد من الإذن، مثل ما أشرنا سابقاً أن المرأة تملك كالرجل، وتبيع وتشتري، وتتعامل مع غيرها، لكن من غير تعريض نفسها للاختلاط بالرجال، أو تعريض نفسها لافتتان الرجال بها، أو افتتانها بهم، فلا بد من هذه الاحتياطات، وسد جميع الذرائع الموصلة إلى المحرمات، وإلا فهي حرة مكلفة رشيدة، تتصرف، ويوجد في هذه الأزمان التي زاول النساء ما يزاوله الرجال، واستحق النساء من الأجور ما يستحقه الرجال، بل كثير من النساء أفضل بكثير من كثير من الرجال، وإن كان مثل هذا يحتاج إلى إعادة نظر، ففيه قلب للفطر، وفيه أيضاً خلط فيما جعل الله -جل وعلا- من القوامة للرجال، فالمرأة مهما بلغت لها خصوصياتها، ولها ظروفها والرجل كذلك، والذين ينادون بأن المرأة تدخل في جميع ما يدخله الرجال من المصانع وغيرها، هذه جريمة في حق المرأة، وفي حق زوجها، يعني المرأة بصدد أن تتهيأ لزوجها، وتربي أولادها، وتقوم على مصلحة بيتها، وتتجمل لزوجها، فإذا زاولت الصناعة هل هذه امرأة، إذا جاء زوجها، إذا كان الرجال يؤثر فيهم العمل، وينهكهم العمل، ويتعبهم العمل، ويؤثر على بشرتهم العمل، فيكف بالمرأة التي لا تتحمل مثل هذه الأمور، نحن نعيش اضطرابات وتناقضات، نقول للمرأة: عليها أن تتجمل وأن تتبعل لزوجها، ونقول: تدخل المصنع! أثر هذه الأعمال عليها في أخص أحوالها وهي أن تنشأ في الحلية والنعومة والتبعل للزوج والتزين له، ثم تدخل فيما يزاوله الرجال كيف يكون مصيرها؟! على كل حال للنساء ما يخصهن، ولا يوجد ما يمنع المرأة من العمل المناسب لها مع الاحتياطات اللازمة في عدم اختلاطها بالرجال، وعدم تعرضها للفتن، وفي كثير من البيوت مع الأسف صار الرجل لا شيء بمثابة السائق في الأسرة؛ لأن القوامة للمرأة، والراتب بيد المرأة، والضغط من جهة المرأة.

في قصة طريفة واحد من المشايخ الكبار تأتيه الصدقات فجاءه شخص ممن يقرأ عليه القرآن في المسجد، وقال له: يا شيخ أنت يأتيك صدقات وإحنا ناس فقراء ومساكين ونحتاج، قال له: أنتم لستم بحاجة أم فلان تعمل، تعمل الخوص، تشتغل بيدها في بيتها وتبيع ما تيسر، فلما جاء هذا إلى الدرس شايب كبير، وزوجته عجوز هذه التي...، لما جاء يقرأ قرأ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: "النساء قوامات على الرجال" قال: يا خبيث تحرف في كلام الله، قال: أنت الذي تقوله، ما دام أم فلان تعمل هي التي تقوم علي، وفهم الشيخ ولم يحوجه إلى مثل هذا، المقصود أن مثل هذا قلب للسنن الإلهية، نعم.

وعن قبيصة بن مخارق -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجى من قومه: لقد أصابت فلاناً فاقة فحلت له المسألة)) رواه مسلم.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن قبيصة بن مخارق –الهلالي- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن المسألة لا تحل))" يعني لأحد كائناً من كان إلا ما استثني، فالاستثناء من عموم الأحوال، وهذا الحديث مخرج في صحيح مسلم، وسبق تخريجه في باب: قسم الصدقات، وهناك محله وموضعه، لكن هنا في الرجل الذي تحمل الحمالة، والذي أصابته الفاقة والجائحة، هؤلاء ممن يستحقون الحجر لمصلحتهم، ولمصلحة غيرهم، ولذا كرره المؤلف في هذا الباب للمناسبة.

((إن المسألة لا تحل)) يعني لأحد كائناً من كان ((إلا لأحد ثلاثة)) أولهم ((رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك)) الحمالة هي المال الذي يتحمله الإنسان عن غيره، فإذا غرم الإنسان لمصلحة غيره حلت له الزكاة، وقد جاء التنصيص عليه في آية مصارف الزكاة ((تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها)) فقط بقدر ما تحمل، ((ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله)) استأصلت جميع ما عنده ((فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش)) أو سداداً عيش، يعني يصيب ما يكفيه من النفقة والقوت والسكنى من الأمور الأصلية الضرورية ((ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجى من قومه)) ثلاثة من ذوي الحجى، ثلاثة من الثقات العدول الأثبات، أصحاب العقول، الذين يقبل قولهم في مثل هذا ((لقد أصابت فلاناً فاقة)) شدة وعوز وفقر شديد ((فحلت له المسألة)) ثلاثة! نعرف أن الشهادة في الزنا أربعة، وفي القتل كم؟ اثنين، وفي البيوع اثنين، وفي الأموال كلها اثنين، أو رجل وامرأتان، فشهادة اثنين كافية، هنا قال: "ثلاثة" وحمله أهل العلم على من كان ظاهره الغنى، يعني لو جاء فقير ظاهره الفقر هذا يحتاج إلى شهادة؟ ما يحتاج إلى شهادة، لكن لو جاءنا شخص ظاهره الغنى وتصرفاته تصرفات الأغنياء هذا ما يعطى؛ لأن الظاهر يدل على أنه لا يستحق الزكاة، لكن إذا شهد له ثلاثة على خلاف ظاهره أنه محتاج، وأنه أهل للزكاة حينئذٍ يعطى من الزكاة، وتحل له المسألة.

المسألة وأحكامها، أولاً: جاء النهي عن السؤال، وجاء النهي عن كثرة السؤال، وجاء ذم منع وهات، هذا مذموم، والسائل يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم، ويأتي وهي كدوح أو خدوش في وجهه -نسأل الله السلامة والعافية-، فجاء ذمه الذم الشديد، بل تحرم المسألة من غير حاجة، إلا ما يأتي من السلطان أو من بيت المال من غير طلب ولا استشراف ما لم يكن ثمناً للدين، أما إذا كان ثمناً للدين فلا، كما جاء في الصحيح.

مثل هذا الذي يسأل من غير حاجة عرفنا أنه يحرم، وإذا كان يسأل لحاجة وترتب على سؤاله محظور مثلاً، كالذي يؤذي الناس في أماكن العبادة، مجرد ما يسلم الإمام يقوم يخطب خطبة كاملة، ويشغل الناس عن أذكارهم، وإذا منع الإنسان عن طلب ونشدان ضالته التي هي في الأصل له فلئن يمنع أن ينشد ويطلب شيئاً ليس له من باب أولى، لكن يبقى أنه ما دام هذا سائل وعلامات الحاجة ظاهرة عليه لا يجوز نهره {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} [(10) سورة الضحى] فيوفق بين هذا وهذا، لا يترك له فرصة بحيث يؤذي الناس ويتخطى رقاب الناس، ويعوق بين إتمام الصلاة، أو إتمام الأذكار، وتحصيل الأجور المرتبة على هذه الأذكار، مثل هذا يشار إليه إشارة من غير نهر بأن يترك مثل هذا، أو يوصى بأن يجلس في مكان يعرف الناس بأنه محتاج فيتصدق عليه كالأبواب مثلاً، يقف عند باب المسجد، ومن مر به يتصدق عليه، من غير أن يعرض لنهر منهي عنه، والله أعلم.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

هل يجوز تقديم نصف مبلغ تجهيز مطبخ مثلاً، ثم يعطى باقي المبلغ بعد صناعة الأرض وتركبيها؟

القيمة الأصل أن تكون بعد أو مع استلام السلعة، وإذا قدم بعضها وأخر بعضها حسب الاتفاق بينهم، فالأمر لا يعدوهم.

يقول: في بعض الأحيان يبدر بعض المزاح منا فيستدين أحدهم من أحد ألف، فيقول له: أرجعه لي ألفين فقط، من باب المزاح فقط، فهل يجوز ذلك؟

العبرة بحقيقة الحال، فإن أرجعه ألفين فهو عين الربا.

يقول: قلتم في الأمس فيما يتعلق بالمنهجية في طلب العلم يبدأ بكتاب العمدة في الفقه ثم المقنع ثم الكافي ثم المغنى، فهل الأفضل حفظ متون هذه الكتب، أم يكتفي بقراءتها وتكراراها؟

يقول: قلتم في الأمس فيما يتعلق بالمنهجية في طلب العلم يبدأ بكتاب العمدة في الفقه ثم المقنع ثم الكافي ثم المغنى، فهل الأفضل حفظ متون هذه الكتب، أم يكتفي بقراءتها وتكراراها؟ وإذا قلتم: بالحفظ فلماذا لا يبدأ أولاً بحفظ الأحاديث المتعلقة بالأحكام كعمدة الأحكام وبلوغ المرام لأنها من كلام النبي -عليه الصلاة والسلام- الذي هو مقدم على غيره؟
بعض الناس يسمع الكلام في فن من الفنون ويفهم منه إلغاء غير هذا الفن، يعني لما نتكلم عن الفقه هل يعني هذا أننا نلغي التفسير أو العقيدة أو الحديث؟ ليس هذا معناه، نحن بصدد الكلام عن الفقه، فتطلب الفقه على هذه الطريقة، وتطلب العلوم الأخرى على طرق مماثلة.

يقول: إذا سعى أحد لي بأمر لم أطلبه منه، ثم بعد أن أتاني هذا الأمر أهديته هدية هل يجوز هذا الأمر؟

المكافأة لا بأس بها، لكن يبقى أنه إن كان شفاعة، وأراد أن يأخذ على شفاعته وجاهه مالاً معاوضة فلا يجوز، لكن المكافأة ولو بالدعاء أمر مطلوب.

يقول: من كان عنده خادمة غير مسلمة، ويريد العمرة هل يجوز له أن يدخلها مكة؟

لا يجوز له ذلك.

يقول: ما حكم الشراء عن طريق الانترنت؟

الشراء بالوسائل الحديثة بالهاتف والانترنت والفاكس وغيرها أجازها أهل العلم.

يقول: لماذا لا نعتمد أولاً بحفظ أحاديث...؟

أحفظ أحاديث الأحكام، تحفظ الأربعين ثم عمدة الأحكام ثم البلوغ، ثم المحرر، ثم بعد ذلك تقرأ ما شئت، مثل العلوم الأخرى.

يقول: ما رأيكم في طبعة دار السلام للكتب الستة، سواء كانت الكتب الستة في مجلد واحد، أو في ستة مجلدات؟

هذه يريدونها من أجل خفة الحمل، كل كتاب في مجلد واحد، ييسرون على طالب العلم، لكن هي بحاجة إلى مزيد عناية الضبط والإتقان.

يقول: ورد في بعض الشروح للبلوغ أن الرجل الذي طلب منه الرسول -عليه الصلاة والسلام- ثوبين قرض أنه يهودي؟

هو اللائق بأخلاق اليهود، وإن لم يكن فالذي يغلب على الظن أنه من المنافقين.

يقول: ما أنسب وقت للحفظ والذي يعاني من ضعف الحفظ فماذا عليه؟

أنسب وقت للحفظ وقت الهدوء، والفراغ من المشاغل، وبعد الراحة التامة؛ لأن الذهن يحتاج إلى راحة كالجسم، وليكن في أخر الليل، أو أول الصباح الباكر، وإذا أراد أن يحفظ يجهر؛ يرفع صوته، بخلاف ما إذا أراد أن يفهم يخفض صوته، والمكان المناسب للحفظ المكان المحصور الضيق، بخلاف المكان المطلوب للفهم يحتاج إلى شيء واسع، والتجربة تدل على هذا، والذي يعاني من ضعف الحفظ عليه بكثرة الترديد.

ما هو أفضل شروح عمدة الأحكام؟ وأفضل طبعة؟ وبأيها يُبدأ؟

أفضل شروح عمدة الأحكام ابن دقيق العيد، أحكام الأحكام لابن دقيق العيد، لكنه كتاب متين، يحتاج إلى معاناة، ويحتاج إلى شرح، وعليه حاشية للصنعاني نافعة، هذا من حيث الأفضل، هناك كتب سهلة خدمت عمدة الأحكام تعين على فهم ابن دقيق العيد، مثل شرح الشيخ فيصل بن مبارك مختصر وميسر، ومثل تيسير العلام للشيخ البسام، وغيرها من الشروح.
طالب:.......
مطول هذا، مطول وإلا فيه فوائد كثيرة.

ما أفضل الطبعات الأم للإمام الشافعي؟

أفضلها طبعة بولاق، الطبعة الأولى.

ما حكم الجمعيات التي تكون بين الموظفين؟ هل تدخل في حديث: ((كل قرض جر نفعاً فهو ربا))؟

لا يظهر لي وجه المنع فيها.

هل يكفي في طلب العلم قراءة الكتب والسؤال عما يشكل إذا رفض الوالدان حضور الدروس؟ وهل يجب طاعتهما في ذلك؟

الحمد لله، الأمور متيسرة، إذا رفض الوالدان حضور الدروس فعليك بالوسائل المعينة على ذلك، فاحضر الدروس وأنت في البيت بواسطة الأشرطة.

هل تنصحون بالتعمق في علم أصول الفقه؛ لأنه علم متين لا يدرك دقائقه إلا فحول الرجال على قول أحد السلف، وخاصة المطولات منه؟

أما علم الأصول، وعلوم العربية، وعلوم القرآن، ومصطلح الحديث هذه وسائل لفهم غايات، فيؤخذ منها ما يعين على فهم الغاية، فمثلاً النحو، إذا قرأت الآجرومية، وقرأت شروحها، وسمعت عليها الشروح المسجلة، ثم بعد ذلك القطر، وإن استفدت من الألفية في المواطن التي لم تمر عليك في الكتابين يكفيك، ما يلزم أن تقرأ مطولات النحو، لا كتاب سيبويه ولا شروحه، ولا المفصل، ولا شروحه، تقتصر منه على هذا القدر، وقل مثل هذا في أصول الفقه، إذا قرأت الورقات مع شروحها، وسمعت ما سجل عليها، وحضرت درس فيها، ثم مختصر التحرير، أو البلبل مع شرحه، ثم بعد ذلك تراجع المطولات عند الحاجة.

ما أفضل طبعات المجموع للنووي؟

أفضله الطبعة الأولى التي معها فتح العزيز والتلخيص الحبير.

هذا يسأل: ما أفضل الشروح لبلوغ المرام؟

سبل السلام هو من أفضل الشروح الموجودة، وتوضيح الأحكام للشيخ البسام أيضاً شرح طيب ومرتب وسهل.

يقول: انتشرت قصة الفتاة التي استهانت بكتاب الله ثم مسخ الله صورتها صورة حيوان هل هذه القصة حقيقية؟

أنا لا أعرف حقيقة هذه القصة، لكن الاستهزاء بكتاب الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- وقع من الحوادث ما يبلغ بمجموعه حد القطع أنه يعاقب في الدنيا قبل الآخرة، نسأل الله السلامة والعافية0

يقول: هل لكم شرح لبلوغ المرام مكتوب سينزل قريباً في الأسواق كما سمعنا من أحد الإخوة؟

يحتاج إلى وقت -إن شاء الله تعالى-.

هذا سائل يقول -مو بسائل طلب-: هلا تكرمتم بحث طلاب العلم على العناية بكتاب الله، وحضور دروس التفسير..

على كل حال كتاب الله لا يختلف اثنان من المسلمين في فضله وشرفه، والثواب المرتب على قراءته وتدبره وحفظه والعمل به، وما يعين على حفظه وفهمه وتدبره، كل هذا يكون مطلوباً تبعاً لطلب الأصل؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ولا نستطيع أن نعرف معاني كتاب الله إلا من خلال ما جاءنا عن سلف هذه الأمة المدون في كتب التفسير، ففهم المعاني يعين على الحفظ، ويعين على التدبر، فلا غنى لطالب العلم عن كتب التفسير، لا سيما المؤلفة من قبل الأئمة الموثوقين، المعروفين بسلامة المعتقد، وتكلمنا في مناسبات كثيرة فيما يبدأ به طالب العلم من كتب التفسير، ويتدرج في تعلم هذا العلم.

ما أفضل طبعة لروضة الناظر مع نزهة الخاطر؟

أفضلها الطبعة السلفية التي طبعت على نفقة الملك عبد العزيز.

يقول: ما الدليل على طلوع النجم؟ ولماذا يصرف عن لفظ الشارع: ((حتى يبدو صلاحها)) إلى طلوع النجم؟

ورد به بعض الأحاديث، التحديد بطلوع النجم، وقد جرت العادة بأنه إذا طلع النجم أمن العاهة.

ما حكم الاحتفاظ بالصور التي توضع في الجواز بعد انتهاء مدته؟

الصورة في الجواز والبطاقة وغيرها إنما أفتى العلماء بجوازها للحاجة، والحاجة لا تتعدى موضعها.

يقول: ما الفرق بين بيع ما لا تملك الوارد في حديث حكيم بن حزام، والسلم الذي هو عقد على موصوف بالذمة بثمن مؤجل، مقبوض في مجلس العقد؟

الفرق أن هذا جاء النهي عنه، وهذا جاء إباحته، هذا الفرق الأصلي الذي عليه المعول، أن بيع ما لا يملك ممنوع، بحديث حكيم بن حزام، والسلم جائز، والسلم وإن كان خلاف الأصل لأنه بيع ما لا يبدو صلاحه، بل بيع المعدوم لكنه دعت إليه الحاجة، فجاء النص الصحيح الصريح بجوازه.

يقول: إذا اشترى رجل من أخر سلعة ليست عنده، ولكن البائع ذهب إلى السوق واشتراها له، هل هذه الصورة تعتبر من السلم أو من بيع ما لا يملك؟

هذه من بيع ما لا يملك ((لا تبع ما ليس عندك)) إلا إذا اشتراها لصاحبها بالوكالة، وحينئذٍ لا يجوز أن يزيد عليه شيئاً في قيمتها، وله أن يأخذ أجرة المثل.

يقول: أرجو منكم توضيح رأيكم في بنك البلاد؟ وهل يجوز المساهمة فيه والتعامل معه؟

هذا مر بنا مراراً، وكتب وسجل وأعلن, المساهمة الأصلية لا بأس بها -إن شاء الله تعالى-، وأما بيع الأسهم قبل أن يقوم البنك فهذا بيع دراهم بدراهم.

يقول: يطلب توضيح حديث: ((لا يغلق الرهن من صاحبه))؟

المعروف أن الرهن إنما يجعل توثقة للدين، لهذه العين المرهونة، فإذا لم يوفِ المدين يمكن الاستيفاء من هذه العين برضا المدين، أما بغير رضاه هذا غلق الرهن، والحديث فيه كلام تقدم.

ما حكم التصوير بكاميرا الفيديو للأطفال؟ وما الحكم إذا صور شخص بكاميرا فورية ثم أخذت منه الصورة واحتفظنا بها فهل علينا أثم؟

على كل حال التصوير بجميع آلاته وأشكاله إذا كان لذوات الأرواح فهو داخل في التحريم.

هل يجوز تحويل النية في الصلاة مثل أن يصلي العصر ثم يحول النية لصلاة الظهر؟

أثناء الصلاة الفريضة لا تحول، الفريضة لا تحول إلى فريضة، لكن لو أن إنساناً دخل ووجد الناس قد صلوا الظهر أو صلوا العصر، ثم شرع في الصلاة منفرداً والوقت متسع، يجوز له أهل العلم أن يقلبها نفلاً، وإن نوى منفرد فرضه نفلاً في وقته المتسع جاز، ليحصل أجر الجماعة.

يقول: كثير من أصحاب المحلات التجارية خاصة ما يتعلق بالأجهزة ونحوها قد لا يكون عندهم السلع المطلوبة، فإذا جاءهم المشتري باعوا له بعض تلك السلع، ومن ثم يقومون باستجلابها، وتوريدها من موزعيها؟

هذا بيع ما لا يملك، ((لا تبع ما ليس عندك)).
وهل تدخل فيما يسمى بالسلم الحال؟ وما الراجح؟ علماً بأن المجيزين له يقولون: إنه إذا جاز السلم مع الأجل فجوازه بدونه من باب أولى؟
حديث حكيم بن حزام نص صحيح صريح في منع هذه الصورة.

يقول: قلتم: إن الأصل أن المرأة لا تملك المال، ولكن المرأة ترث، وفي بعض الأحيان لها راتب فكيف نجمع، فلم أفهم هذه النقطة؟

من قال: إن المرأة لا تملك؟! المرأة تملك ملكاً تاماً مستقلاً، وسيأتي في حديث هل لها أن تتصدق بغير إذن زوجها أو لا تتصدق؟ يأتي بسطه -إن شاء الله تعالى-.

يقول: ما حكم السلام حال شربه الدخان؟

يعني حال التلبس بالمعصية، حال تلبسه بالمعصية، يعني شخص واقف في الشارع أو جالس والناس يصلون، أو يزاول معصية في حال مزاولته للمعصية هل يسلم عليه أو لا يسلم عليه؟ إن كان ما زال في دائرة الإسلام، فالمسألة مسألة مصلحة بين الهجر والتأليف، فإن كان الهجر أنفع لا يسلم عليه، وإن كان التأليف والسلام عليه ثم دعوته بالرفق واللين يستجيب لذلك، فالمسألة مسألة علاج.

ما حكم استعمال السبحة المكتوب على جميع حباتها أسماء الله الحسنى؟

هذا أمر مبتدع مخترع، والسبحة في أصلها في استعمالها يحتاج إلى أصل يدل عليه، وكون أم المؤمنين سبحت بالحصى أو بالنوى وأرشدها النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الأصابع، لا شك أن الأصابع أفضل، وإذا اقترن بهذه السبحة على ضعف أصلها، وأفتى بعضهم بأنها ومبتدعة مخترعة، إذا اخترع بها مثل هذا الأمر يكتب عليها أسماء الله الحسنى تزداد سوء.
طالب:......
هذا أسوأ، إذا استعمل المنكر في بيت من بيوت الله هذا أشد، الأمر أشد، فإذا حصل التصوير في المساجد فالأمر أسوأ.

هل تركب السيارة بنفقتها إذا كانت مرهونة؟

لا تركب؛ لأن هذه النفقة مرتبة على الركوب فلا داعي لركوبها؛ لأنه إذا لم تركب لا داعي لنفقتها.

يقول: جاءني رجل فأعطاني سبعة آلاف ريال، يقول: هي من كسب ربوي، مال ربا، وقد تاب إلى الله تعالى فهل يجوز أن أطعمها لأسرة فقيرة بلغت بها الفاقة والعوز ما يفوق الوصف؟ أم أن هذا المال سحت فلا يجوز لهم أكله؟

على كل حال إن الله طيب لا يقبل إلا طيب، فلا يتصدق بها على هذه الأسرة بنية الصدقة، وإنما بنية التخلص، وإن وجدت المصارف المناسبة لهذا المال الخبيث من مصرف خبيث فهو أولى.

يقول: الاشتراك المقدم في أول السنة للمجلات وغيرها هل هي من باب السلم؟

أولاً: ينتبه لهذه المجلات وهذه الجرائد التي اشتمل كثير منها على الغث فضلاً عن المحرم، فيربى طالب العلم من الاشتراك فيها أو قراءتها إلا عن قصد التنبيه على ما فيها من مخالفات، وأما الجرائد والمجلات السالمة النظيفة النزيهة فينبغي دعمها ويشترك فيها، وأقرب ما تكون إلى صور السلم المقدم هذا.

يقول: كيف يوفق طالب العلم المجتهد الحريص بين الطلب لا سيما في علم الفقه؟ كيف يوفق بينه وبين مرققات القلب؛ لأنه قد يحصل بسبب كثرة التأمل ومطالعة كتب الفقه خاصة والنظر في الخلافات بين العلماء شيء من عدم الرقة في القلب فكيف يجمع بين ذلك طالب العلم؟

يجمع طالب العلم بين هذه الأمور بين الفقه والرقائق والزهد والفتن والاعتصام والتفسير والحديث والعقيدة، يجمع بين هذه الأمور؛ لأنها هي أبواب الدين، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)) وكلها من أبواب الدين، ويكون عنده من الخلل بقدر ما يهمل من هذه الأبواب، فلا بد من العناية بهذه كلها.

يقول: هل بالإمكان إعادة حديثكم في حكم القرض من قبل الدولة فلم يكن الصوت واضحاً؟

الجمهور على أن القرض لا يقبل التأجيل، فإذا أخذت قرضاً طويل الأمد مدته عشرون أو ثلاثون سنة، يقسط كل سنة كذا، من الدولة أو من غيرها، ثم احتاجه صاحبه على هذا القول له أن يأخذه في أي وقت شاء، وعلى القول الثاني، والمسلمون على شروطهم، ورأي الإمام مالك ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية ليس له ذلك؛ لأن المسلمين على شروطهم.

يقول: ما رأيكم في كتاب (منهاج السالكين) للشيخ عبد الرحمن بن سعدي؟ ومتى نقرأه بين كتب ابن قدامة؟

يقرأ قبل كتب ابن قدامة؛ لأنه ألف بأسلوب سهل ميسر يفهمه كل طالب، ليس فيه ما يشكل.

بعض الشباب يضعون في جوالاتهم القرآن الكريم بدل النغمات -نغمات المكالمات- فما رأيك؟

القرآن ما أنزل لهذا، وهذا أقرب ما يكون إلى الامتهان.

يقول: رجل استخدم جوالاً حتى بلغ الذي عليه من المال خمسمائة ريال، ثم فصل عليه فلم يسدد، ثم أخذ جوالاً أخر بغير اسمه، فماذا يفعل؟ وما حكم عمله هذا؟

عليه أن يسدد أجرة المكالمات.
وهل يعتبر ما يجري بين المشتري وأصحاب شركة الاتصال عقوداً يجب الوفاء بها؟
نعم، هم الآن يبيعون عليك المنفعة، فلا بد من إيفائهم الثمن.

ما حكم قبول الهدية من مريض لطبيب في المستشفى، أو طالب لمدرس في المدرسة..

ما حكم قبول الهدية من مريض لطبيب في المستشفى، أو طالب لمدرس في المدرسة، وإن كانت مادية أو شفاعة في بعض الأحيان فبعض المرضى إذا وجد مثلاً من الطبيب الخير وكان له مكانة عند مدير المستشفى مثلاً يشفع في ترقيته مثلاً، وأما المادية في بعض الأحيان يأتينا كبار السن بهدية...؟
العامل في مرفق من المرافق لا يجوز له أن يقبل شيء في مقابل عمله الأصلي؛ لأن هذا له أثر ووجد الآن، وظهرت بوادره، وكان هذا في غير هذه البلاد، لكنه ظهرت بوادره الآن من إهمال كثير من الموظفين لعملهم، وترديد الناس وإتعاب الناس حتى يبذلوا؛ لأنه وجد من يبذل، والرشوة حرام، ملعون صاحبها نسأل الله السلامة والعافية.

يقول: إذا باع قبل بدو الصلاح ثم صلحت هل البيع صحيح؟

البيع ليس بصحيح، يجدد العقد.

هذه مسألة شراء السلعة وبقاء شيء من الدراهم عند صاحب السلعة؛ لأنه لم يجد الرد.

يعني اشترى بخمسة وأعطاه عشرة، وليس عنده الخمسة، قال: تأتيني في وقت أخر، ما يظهر فيها شيء.

يقول: ما رأيك في طريقة وضع المسائل على أبواب الفقه، فمثلاً كتاب الطهارة، توضع له مسائل تلم بجميع الكتاب ليكون أسهل في الاستيعاب والفهم؟ وما هي الطريقة المثلى لاستيعاب مسائل الفقه؟

أولاً: كتب الفقه مرتبة على المسائل، الأبواب مرتبة على حسب أهميتها عند أهل العلم، وطريقتهم في الترتيب متقاربة حسب حاجة المسلم إلى هذه الأبواب، والمسائل ضمن هذه الأبواب مرتبة أيضاً، فالفقهاء يعنون بالترتيب، ويحاسبون أنفسهم على الكلمة، بل على الحرف، فهم من أدق الناس في هذا الباب، فكتبهم مرتبة، لكن الطريقة المثلى لاستيعاب مسائل الفقه تعتمد على كتاب واحد في مذهب معين، وتجعل هذا الكتاب محور بحث تسير عليه، تفهم هذه المسائل، مسائل الكتاب، وتستدل لهذه المسائل المجردة عن الدليل، وتعلل من الشروح، تذكر التعليل، وتنظر من وافق من أهل العلم على الحكم الذي افترضه صاحب الكتاب، ومن خالف، ودليل المخالف، توازن بين الأدلة، ثم ترجح، إذا انتهيت من كتاب على هذه الطريقة تكون ضبطت الفقه.

يقول: لو قال قائل: إن الربا يجري في الحيوان إلا الإبل فهل هذا صحيح؟

هذا ليس بصحيح؛ لأن الحكم واحد.