بلوغ المرام - كتاب البيوع (24)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم.
وعن عمران بن حصين -رضي الله تعالى عنه- قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: إن ابني مات، فما لي من ميراثه؟ فقال: ((لك السدس)) فلما ولى دعاه فقال: ((لك سدس آخر)) فلما ولى دعاه فقال: ((إن السدس الآخر طعمة)) رواه أحمد والأربعة، وصححه الترمذي، وهو من رواية الحسن البصري عن عمران، وقيل: إنه لم يسمع منه.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"وعن عمران بن حصين -رضي الله تعالى عنهما-" عندك -رضي الله عنهما-؟
طالب: لا.
عنه؟
طالب: نعم.
إيه حصين ما أدري هل هو مسلم وإلا لا؟ على كل حال عمران بن حصين أبو نجيد صحابي معروف مشهور، مرض في آخر عمره، وفي أثناء مرضه كانت الملائكة تسلم عليه عياناً، فاكتوى فانقطع التسليم، ثم ندم وعاد التسليم، سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الصلاة فقال: ((صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب)) المقصود أنه صحابي مشهور معروف.
"قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: إن ابني مات" أولاً: هذا الحديث من رواية الحسن عن عمران، والمرجح عند أبي حاتم أن الحسن لم يسمع من عمران، فهل هذا الخبر منقطع؟ وهو مضعف عند جمع من أهل العلم، لكن لو قدر ثبوته، هذا الرجل جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- إن صح الخبر "فقال: إن ابني مات، فما لي من ميراثه؟ فقال: ((لك السدس)) فلما ولى دعاه قال: ((لك سدس آخر)) فلما ولى دعاه فقال: ((إن السدس الآخر طعمة))" يعني السدس الأول فرض، والثاني طعمه تعصيب، والمسألة مفترضة في رجل توفي عن بنتين، وهذا الأب، فالبنتان لهما الثلثان، والأب له السدس بالفرض، والسدس الثاني تعصيب، ولم يجمعهما، يجمع السدين ليكون ثلثاً؛ لئلا يظن أن نصيب الأب مع البنات الثلث، وفرق بينهما، فإذا صح الخبر وإلا فالخبر فيه كلام لأهل العلم، ومضعف بالانقطاع.
"رواه أحمد والأربعة، وصححه الترمذي" ومعلوم أن الترمذي يصحح مع مثل هذا الانقطاع؛ لتساهله في مثل هذا الأمر، وعلى كل حال إن صح الخبر هذا مفاده، ومعناه صحيح، يعني ما يخالف حديثاً آخر، ولو وجد قضية بهذه الصورة أنه توفي أو هلك هالك عن بنتين وأب هذه قسمته، الوالد -الأب والأم- مع الفرع الوارث له السدس، وإذا بقي من البقية بعد، أو بقي من التركة بعد استيفاء الفروض يأخذ الباقي تعصيباً، فله الثلث بالفرض والتعصيب.
وعن ابن بريدة عن أبيه -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جعل للجدة السدس إذا لم يكن دونها أم. رواه أبو داود والنسائي، وصححه ابن خزيمة وابن الجارود، وقواه ابن عدي.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"وعن ابن بريدة عن أبيه -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جعل للجدة السدس إذا لم يكن دونها أم" لأن الجدة إنما تدلي بالأم، وإرثها مشروط بعدم وجود الأم، سواء كانت من قبلها، أو من قبل الأب، فالجدة لا ترث مع وجود الأم، فإذا عدمت الأم كان للجدة السدس.
يقول: "رواه أبو داود والنسائي، وصححه ابن خزيمة وابن الجارود، وقواه ابن عدي" لكن في إسناده عبيد الله العتكي، مختلف فيه، ووثقه أبو حاتم، وقال ابن عدي: لا بأس به، قواه ابن عدي أي قال في راويه: لا بأس به، والراوي الذي يقال فيه: لا بأس به لا يصل إلى درجة الصحيح؛ لأن هذه وإن كانت من ألفاظ التعديل إلا أنها متوسطة، فالحديث على هذا حسن، وأبو حاتم إذا وثق الراوي وقد وثق هذا لا شك أنه يعظ على توثيقه بالنواجذ؛ لأنه متشدد فأئمة الحديث كثير منهم قال: صدوق، ما قال: ثقة؛ لأنه متشدد -رحمه الله-، ومع ذلك وثق هذا الراوي، والمرجح في أمره أنه متوسط الحال؛ لأنه مقدوح فيه من قبل أهل العلم، وقيل فيه: ثقة، وقيل فيه: لا بأس به، فالتوثيق في مقابل القدح، إن توسطنا في أمره أعطيناه المرتبة الوسطى، قلنا: أن الحديث حسن، فإذا توسطنا في الراوي توسطنا في المروي، وإذا كان ما يستحقه الراوي المرتبة الوسطى من مراتب التعديل فإنه يستحق المرتبة الوسطى من درجات الحديث، وحينئذٍ فالمتجه أنه حسن، فعلى هذا الجدة لها السدس، فإذا توفي عن بنت وجدة وأخ للبنت النصف، هاه؟
طالب:......
بنت وجدة وأخ.
طالب:......
أيوه؟ من هو؟
طالب:......
ما في ابن، بنت وجدة وأخ.
طالب:......
من هم؟
طالب:......
أخ أخ، إيش معنى أخ؟ إذا قالوا: أخ فهو للميت، ما هو للوارثة، ما هو أخ للبنت أخو لأبيها، البنت النصف والجدة السدس، والباقي للأخ، نعم.
وعن المقدام بن يعد يكرب -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الخال وارث من لا وارث له)) أخرجه أحمد والأربعة سوى الترمذي، وحسنه أبو زرعة الرازي، وصححه الحاكم وابن حبان.
وعن أبي أمامة بن سهل -رضي الله تعالى عنه- قال: كتب معي عمر إلى أبي عبيدة -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الله ورسوله مولى من لا مولى له، والخال وارث من لا وارث له)) رواه أحمد والأربعة سوى أبي داود، وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"وعن المقدام بن يعد يكرب -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الخال وارث من لا وارث له))" فإذا هلك هالك وليس له من يرثه من أصحاب الفروض المقدرة ولا التعصيب إذا انتفى أصحاب الفروض والعصبة، ووجد ذوو الأرحام الذين منهم الخال، حينئذٍ يرث الخال، وقد قال بهذا جمع من أهل العلم {وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ} [(75) سورة الأنفال] وهذا الحديث جيد، وفيه توريث الخال عند عدم من يرث الميت من أصحاب الفروض المقدرة والعصبة، وعند الشافعية أن الإرث في مثل هذه الحالة لبيت المال، ولا يرث ذوو الأرحام، وإنما الإرث لبيت المال، ويشترطون في إرث بيت المال أن يكون منتظماً، إيش معنى منتظماً؟ يعني منتظم على مقتضى الشرع، تكون موارده شرعية ومصارفه شرعية، مع أن كثيراً منهم من أزمانٍ متباعدة يقول: وقد أيسنا من انتظامه، بمعنى أنه لا يرد إليه إلا مالاً حلال، ولا يصرف المال الذي فيه إلا في وجهته الشرعية، فمثل هذا إذا توفي شخص وليس له وارث من أصحاب الفروض ولا العصبة على القول بتوريث ذوو الأرحام إذا وجد منهم ورث، يورّث، وكيفية توريثهم أنهم يرثون بقدر ما يرث من يدلون به، وأما على القول الثاني: وأن ذوو الأرحام لا يرثون، وأن الإرث لا يكون إلا بنصٍ ملزم، فإن المال يودع حينئذٍ في بيت المال.
والإرث إنما يكون بعد تصفية المال وتخليصه من الواجبات الأخرى، من مؤونة تجهيز الميت، وهذا أول ما يبدأ به، مؤونة التجهيز، وبعد ذلك الديون المتعلقة بعين التركة، كالدين الذي برهن، والديون المرسلة المطلقة التي لا رهن فيها بعد ذلك، ثم بعد ذلك الوصايا، وأخيراً الإرث، إذا أخرجنا من هذا المال مؤونة التجهيز، وغسل وكفن من ماله، وأخرجنا دينه المتعلق بعين التركة؛ لأن به رهن، وسددنا ديونه المرسلة المطلقة التي لا رهن فيها، ونفذنا الوصية فما بقي فعند من يقول: بتوريث ذوي الأرحام لا شك أنه يصرف المال له، والذي لا يرى ذلك وأنه لا يوجد دليل ملزم، والإرث حكم شرعي يحتاج إلى نص ملزم الذين يقولون بعدم توريثهم يودع لبيت المال، ويصرف في المصارف العامة تحت نظر ولي الأمر، لكن من الأولى بمال الميت؟ هل أقاربه كخاله وعمته وولد بنته أولى به أو بيت المال؟ أقاربه لا شك أنهم أولى به من بيت المال، ولا سيما أن حديث الباب صحيح ((الخال وارث من لا وارث له)) أخرجه أحمد والأربعة سوى الترمذي، وحسنه أبو زرعة الرازي، أبو زرعة حسنه، فجعله في المرتبة المتوسطة بين الصحيح والضعيف، وصححه ابن حبان والحاكم، وأقل أحواله أن يكون حسناً، مع أن تصحيحه متجه.
بعد هذا حديث "أبي إمامة بن سهل -رضي الله تعالى عنه- قال: كتب معي عمر إلى أبي عبيدة -رضي الله تعالى عنهم أو عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الله ورسوله مولى من لا مولى له، والخال وارث من لا وارث له)) رواه أحمد والأربعة سوى أبي داود، وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان". وهذا الحديث شاهد للذي قبله في توريث الخال، وتوريث ذوي الأرحام، فكونه -عليه الصلاة والسلام- مولى من لا مولى له هل يقتضي ذلك أن يرث الرسول -عليه الصلاة والسلام- من لا وارث له، ويقوم مقامه ولي الأمر ممن يقوم بأمور المسلمين، ويصرف شؤونهم؟ وهذا يعبر فيه عن بيت المال، وقد أخرج أبو داود وصحح ابن حبان حديث: ((أنا وارث من لا وارث له، أعقل عنه وأرثه)) وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يصلي على من في ذمته دين، لما فتح الله عليه صار يسدد الديون ((فمن ترك من مالٍ فلورثته، وما كان من دينٍ فعليّ)) والغنم مع الغرم، وما دام ولي الأمر ملزم بتسديد ديون من يموت وعليه دين فكذلك هذا الغرم فالغنم أن يكون الإرث له، يعني لبيت المال، ما دام التسديد من بيت المال فالإرث لبيت المال، هذا ما يدل عليه الحديث، لكن ((والخال وارث من لا وارث له)) فتحمل الجملة الأولى على أن بيت المال ((الله ورسوله مولى من لا مولى له))، ((أنا وارث من لا وارث له))، تحمل على حالة ما إذا عدم أصحاب الفروض والعصبة وذوو الأرحام، أما إذا وجد منهم أحد فإنه يرث من مات من أقربائه، ولذلك قال بعد ذلك: ((والخال وارث من لا وارث له)) لأنه قد يقول قائل: كيف يكون هذا التعارض؟ يفهم منه أن هذا التعارض ما دام أن المال يودع في بيت المال والخال وارث من لا وارث له يكون جمعنا بين القولين المتنافيين، القول بأن ذوو الأرحام يرثون، والقول بأنهم لا يرثون، نقول: بيت المال يرث في حال ما إذا عدم الورثة من أصحاب الفروض والعصبات وذوي الأرحام، أما مع وجود أي نوع من هؤلاء فإنه لا يرث ولا يودع فيه أموال هذا الميت؛ لأنه وجد من يستحقه شرعاً من أصحاب الفروض أو العصبات أو ذوي الأرحام، ولذلك جمع بين الأمرين معاً في هذا الحديث ((الله ورسوله مولى من لا مولى له)) مقتضى هذه أنه يرثه، ويعقل عنه، ويؤدي عنه ديونه، ومع ذلك تكون أمواله إذا مات ولا يوجد من ورثته أحد تكون له، والحديث شاهد للحديث الذي قبله في إرث الخال، نعم.
وعن جابر -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا استهل المولود ورث)) رواه أبو داود، وصححه ابن حبان.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"وعن جابر -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا استهل المولود ورث))" أو ورّث، إذا استهل الاستهلال معروف أنه رفع الصوت عند رؤية الهلال، ولذلك سمي الهلال هلالاً لأن الناس يرفعون أصواتهم عند رؤيته من الاستهلال، والاستهلال هنا المراد به البكاء، سواء كان برفع صوتٍ أو دونه، والغالب أنه مع رفع الصوت، البكاء بعد الولادة مباشرة، أو ما يقوم مقامه مما يدل على حياة المولود حياةً مستقرة، لا بد من أن يكون حياً مولوداً حياةً مستقرة، أما إذا تحرك بحركةٍ كحركة الميت أو حركة المذبوح، أو ما أشبه ذلك فإن هذا لا يكفي، فلو صرخ استهل أو بكى أو عطس أو كح أو فعل فعلاً يفعله الأحياء فإنه حينئذٍ يرث؛ لأنه ولد حياً له الحقوق كاملة تترتب عليه جميع الأحكام المترتبة على حياة المسلم، فإذا استهل ومباشرة اعتدي عليه تلزمه الدية وإلا ما تلزم؟ استهل صارخاً، واستقرت حياته ثم بعد ذلك اعتدي عليه؟ استهل صارخاً، ووضع في العناية تحت الأجهزة، ثم تصرف متصرف وشال الأجهزة ومات، ما الحكم؟ يعني اجتهد وقال: هذا طفل ما يسوى من يرعاه ساعة أو ساعتين، وصحته رديئة بعد، وفيه عاهات، وهذه الأجهزة تحتاج إلى طفل سوي، يحتاج إليها طفل سوي، فرفع الأجهزة بهذه الصورة، الصورة الثانية أن يذهب في طريقه وهذا الطفل على الأجهزة ثم ينفصل الكهرباء بسببه، يضرب السلك برجله وإلا بيده وإلا بشيء وينفصل، يضمن وإلا ما يضمن؟ الأول عمد؟ يقاد به؟ أما الثاني كونه خطأ خطأ ما فيه إشكال، والثاني عمد وإلا شبه عمد؟ شبه عمد؛ لأن مثل هذا يقتل أو لا يقتل؟ إذا كان الاحتمال قائم في كونه يقتل أو لا يقتل ما يدخل في العمد، إنما في شبه العمد، على كل حال مثل هذا تترتب عليه الآثار والأحكام، والشرع حينما أوجب القصاص والدية والكفارة والقتل إنما هو تشريع عام للكبار والصغار، العلماء والعامة الحكام والمحكومين الحكم واحد، فإن الشرع متساوي الأقدام بالنسبة للمسلمين، ولذلك ما تجد شخص عليه من الصلوات خمس ركعات وعلى غيره أربع أو العكس، ولا تجد شخص فطرته صاع ونصف أو صاعين وغيره صاع، لا، نعم يوجد من الناس من هو كالألف.
والناس ألف منهم كواحدِ |
| وواحد كالألف إن أمر عنا |
يوجد هذا، لكن هل معنى هذا أن الأحكام تغير من أجله؟ يقال: هذا ما دام عالم والناس بحاجته يدفع عنه أكثر من دية، أو تكون ديته بدل ما الدية مائة وعشرين تصير مائة وخمسين مثلاً؟ لا أبداً، الأحكام الشرعية عامة للناس كلهم ومطردة، ويستوي في ذلك الصغير والكبير، العالم وغيره، هذا المولود قبل أن يولد له أطوار، وله أحكام ولأمه أحكام، أمه تثبت أحكامها بتبين خلق الإنسان، إذا تبين فيه خلق الإنسان وسقط فإن أحكام الأم تثبت فتكون نفساء، وأما أحكامه لا تثبت حتى ينفخ فيه الروح، إذا نفخت فيه الروح وسقط فإنه يغسل ويكفن، ويصلى عليه، لكن لو اعتدي عليه قبل الولادة وهو حمل فإنه لا تثبت له أحكام من هو خارج الرحم، سواء كان كبيراً أو صغيراً، وإنما ديته غرة عبد أو أمة، وتقدر بعشر دية أمه، هذا قبل أن ينفصل عنها حياً مستقراً، حياته مستقرة، فإن انفصل عنها حياً حياة مستقرة ثبتت أحكام غيره له من كبارٍ وصغار، والناس يتساهلون في الصغار لا سيما إذا تقدم ذلك مخالفة شرعية، يتساهلون بالإجهاض، وقتل وهو وأد لنفسٍ كتبها الله -جل وعلا-، امرأة تسأل ماذا عليها تقول: إن جيرانهم عندهم بنت وهي تزورهم فقدت هذه البنت سألت أمها عنها قالت: إنها مريضة، جاءت مرة ثانية قالت: كذلك، مريضة، مرة ثالثة قالت: زائرة، خرجت من البيت، أخيراً ما عاد تستطيع أن تعتذر أكثر من هذا، فقالت لها: المسألة كذا وكذا وكذا، وقعت منها هفوة وحملت، والآن ولدت طفل، ولا نستطيع..، عار علينا ولا نستطيع أن نتصرف، قالت هذه المرأة الزائرة: الأمر سهل، ودخلت على البنت وبجانبها الولد فوضعت يدها على فمه فمات، انتهى الإشكال، هذا عندها، لكن أينها من نصوص قتل النفس؟ هذا قتل نفس، هذا مؤمن {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ} [(93) سورة النساء] نسأل الله السلامة والعافية، فيتساهلون في مثل هؤلاء الأطفال وأحكامهم كأحكام الكبار، فالمسألة في غاية الشناعة، وباعت دينها من أجل غيرها، يعني لو أن الأمر يهمها مثلاً، هي أم البنت مثلاً مع أن الحكم واحد، التحريم ثابت، والأمر شديد، لكن قد يلتمس لها عذر؛ لأن بعض الأعمال وهي محرمة يصير للفاعل وجه، وإن لم يعذر به شرعاً، لكن بعض الناس ما له وجه أن يتدخل في مثل هذه الأمور، يعني كبيرة من كبائر الذنوب، وموبقة من الموبقات، ومع ذلك لا علاقة لها بالموضوع، ويبقى أنها لو فعلته الأم الأمر كذلك، لكن عند الناس وإن كان الحكم الشرعي واحد، يعني العار يلحقها، فإذا استهل المولود ثبتت أحكامه، ومن قتله متعمداً يقتل به، فصارت الأحكام تامة، فطرته مثل فطرة الخمسين والستين لا فرق، فطرته كفطرة أعلم الناس وهكذا.
فالأحكام الشرعية إذا جاءت جاءت عامة تعم الناس كلهم، ولو كان لكل واحد ولكل فرد ما يناسبه من هذه الأحكام وهي متفاوتة لما أمكن ضبطها؛ لأننا تتشعب وتتفرع إلى صور لا يمكن حصرها، إذا قلنا: إن كل إنسان يقدر بقدره، يعني الأموال يمكن تقديرها، أتلف مال يقدر سهل، أتلف مال ثاني يقدر بقدره ما يقال: إن قيمة هذا مثل قيمة هذا، لكن بالنسبة للأحكام المتعلقة، الأحكام العامة المتعلقة ببني آدم لا شك أنها تحتاج إلى ضابطٍ يضبطها، والتفاصيل بالنسبة لما حدد شرعاً لا مجال للاجتهاد فيه، قد يقول قائل: إنه يسمع أحياناً أنه يطلب دية خمس ديات عشر ديات من أجل قتل واحد، الدية معروفة أن الأصل فيها القتل الخطأ وشبه العمد، وأما بالنسبة لقتل العمد فإن ولي الدم مخير بين القود وهو أن يقتل القاتل، أو الدية، لكن إذا أصر إلا على القود ما أرد الدية، وحاولوا أن يغروه بالمال من أجل أن يتنازل إلى الدية فهذا لا يدخل في التشريع العام لأنواع القتل، هذا لا يدخل في هذا، بل هذه مساومة من أجل التنازل عن الأعظم إلى الأخف.
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ليس للقاتل من الميراث شيء)) رواه النسائي والدارقطني، وقواه ابن عبد البر، وأعله النسائي، والصواب وقفه على عمرو.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده -رضي الله تعالى عنهم- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ليس للقاتل من الميراث شيء))" والقتل من موانع الإرث.
ويمنع الشخص من الميراثِ |
| واحدة من علل ثلاثِ |
وضابط القتل: ما أوجب قوداً أو ديةً أو كفارة يسمى قتل، سواء كان عن عمد أو شبه عمد أو خطأ، كل هذا يدخل في القتل المانع من التوارث، من الميراث، العمد واضح يعني إذا قتل أباه يعاقب بأن يحرم من ميراثه، لكن إذا أحسن إلى على أبيه وحمله بسيارته وذهب به إلى حجٍ أو عمرة أو ما أشبه ذلك ثم حصل حادث أو شيء فمات الأب، هذا قتل خطأ، ومثلما قلنا في ميراث المخالف في الدين، ميراث المسلم من الكافر، قلنا: إن شخص كافر توفي عن عشرة من الذكور تسعة كفار وواحد مسلم، نورث الكفار، ولا نورث المسلم للاختلاف في الدين، ولا شك أن هذا قد يقع في نفس المسلم ما يقع بسببه، لكن يقال للمسلم: أنت بيدك رأس المال، رأس المال كله وهو الدين، الدين رأس المال، فلا يضيرك ما ذهب عليك من أمور الدنيا، وعليك أن ترضى وتسلم؛ لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم)) وهنا إذا تصور أنه لهذا الرجل عشرة أولاد، وأراد عمرة فعرض على الأول قال له: والله عندي مشغول، وعندي وظيفتي، ولا عندي إجازة، ولا عندي شيء، عرض للثاني قال: والله أنا أولادي يحتاجون إلى مستشفى، يحتاجون إلى رعاية، وعرض على الثالث قال: لا والله ما أنا رايح، أنا ما أنا فاضي، والرابع والخامس والتاسع ثم العاشر قال: أبشر؛ لأنه متدين، والباقي مسلمون، لكنهم أقل في التدين، متدين وبار هذا العاشر، مشوا إلى مكة وحصل حادث في الطريق فمات الأب، قرر أهل العلم أن هذا قتل خطأ وحينئذٍ لا يرث كل التسعة الذين رفضوا أن يذهبوا به إلى العمرة هؤلاء يرثون، والعاشر هذا البار لا يرث، والأئمة كلهم على هذا إلا مالك، مالك يقول: لا يرث من ديته ويرث من تلاد ماله، في مثل هذه الصورة، في قتل الخطأ، وقول مالك لا شك أنه من الناحية النظرية له وجه، لا سيما في الصورة التي صورناها، يعني من ناحية النظر له وجه، لكن هنا: ((ليس للقاتل من الميراث شيء)) والقتل الخطأ قتل {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا} [(92) سورة النساء] فهو قتل على كل حال، فهو داخل في القاتل هنا، وليس له من الإرث شيء، ولا شك أنه يرد على المحاكم من هذه القضايا نظائر لهذه المسألة، ويتحرج القضاة إذا رأوا هذا الشاب الصالح الذي أراد البر بوالده، ثم بعد ذلك يرث جميع إخوته، وقد تكون الأموال طائلة وكثيرة، ويحرم منه هذا الرجل الصالح كما حرم المسلم من بين إخوته الكفار، لكن على المسلم أن يرضى ويسلم، وليس له خيرة {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} [(36) سورة الأحزاب] ما دام هذا حكم الشرع ليس لأحدٍ أن يعترض، نعم القاضي إذا كان أهل للاجتهاد، ونظر في أقوال أهل العلم، وترجح له قول منها يعمل باجتهاده. يقول: "((ليس للقاتل من الميراث شيء)) رواه النسائي والدارقطني" وقواه ابن عبد البر، وصححه الألباني -رحم الله الجميع- "وقواه ابن عبد البر، وأعله النسائي، والصواب وقفه على عمرو" كذا؟
طالب: نعم رعاك الله.
يجي وقفه على عمرو؟! حتى عمر وش عمر؟ وين عمر؟
يمكن أن يوقف الخبر على عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده؟ نقول: موقوف على عمرو؟ أو على ابن عمرو؟ والصواب وقفه على ابن عمرو؟ لأنه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص هو الجد، عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص عن أبيه عن جده، وجاء التصريح بأن الجد هو عبد الله بن عمرو، فيكون الوقف على عبد الله بن عمرو، وهذا محمول على اجتهاده، عند من نقول: الصواب وقفه، وعلى كل حال عامة أهل العلم على حرمان القاتل من الإرث سواء كان القتل عمداً أو خطأً، وعرفنا أن مالك -رحمه الله- لا يورثه من الدية، ويورثه من بقية المال، في قتل الخطأ، نعم.
وعن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((ما أحرز الوالد أو الولد فهو لعصبته من كان)) رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه، وصححه ابن المديني وابن عبد البر.
يقول المؤلف -رحمه الله-:
"وعن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((ما أحرز الوالد أو الولد فهو لعصبته من كان))" يعني استحقه ما استحقه الوالد أو الولد فهو كسائر أمواله، ما يستحقه فهو كسائر أمواله لعصبته، بل لورثته كسائر أمواله، فإذا استحق مالاً ولم يستوفَ هذا المال حتى مات فإنه يضم إلى التركة، وهناك مستحقات استحقها هذا الولد أو الوالد ثم مات وقسمتها هل تقسم على أنها ميراث فتقسم على الطريقة الشرعية لقسمة المواريث للذكر مثل حظ الأنثيين، وأصحاب الفروض يعني كماله الأصلي؟ وهذا مثل التقاعد مثلاً، أو العادة التي تصرف لبعض الناس من بيت المال في حياته وبعد مماته، في حديث عمر -رضي الله تعالى عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله وسلم يقول: ((ما أحرز الوالد أو الولد فهو لعصبته من كان)) وهذا الحديث مختلف في تصحيحه، وهل يبلغ درجة الصحة؟ لكن صححه علي بن المديني وابن عبد البر فيما نقله ابن القيم في تهذيب السنن، وعلى كل حال هو لا ينزل عن درجة القبول، والمراد بالإحراز إحراز الولد أو الوالد الاستحقاق، وكونه لعصبته هل ينفي أن يكون لورثته أصحاب الفروض؟ لا ينفي ذلك؛ لأن كونه للعصبة يدل من باب الأولى على إرث أصحاب الفروض؛ لأنهم يقدمون على العصبة، ولا نصب للعصبة في الميراث إلا بعد أن تستغرق الفروض، فنصيب العصبة إنما هو فيما تبقيه الفروض، فعلى هذا لو كان استحقاق هذا الميت ابناً كان أو أباً تسبب فيه في حياته، شخص صُرف له من بيت المال مبلغ يستمر في حياته وبعد وفاته، استحق هذا المبلغ بسببه، بسببٍ منه، وليكن هذا المبلغ مقتطعاً من رواتبه كالتقاعد مثلاً، فهل يقتسم مثل هذا على قسمة الميراث؟ أو أنه يقسم على نظر ولي الأمر الذي لا يجعله كالميراث، ويخص به بعض الورثة دون بعض؟ فإن كان هذا المال الذي يصرف هو بقدر ما يؤخذ من رواتبه أثناء عمله فلا شك أنه ميراث، إذا كان بقدره، وإن كان أكثر والزائد من بيت المال من ولي الأمر فما أخذ من رواتبه لا شك أنه حكمه حكم الميراث، والقدر الزائد على ذلك لولي الأمر أن يتصرف فيه فيعطيه من شاء، لكن هناك أنظمة تجعل هذا التقاعد لبعض الورثة دون بعض، فمن كان موظفاً أو بنت متزوجة أو تزوجت الزوجة كل هؤلاء يحرمون من هذا، على كل حال هذا ليس محل البحث، هذه المسألة التي هي لا شك أنها مسألة تحتاج إلى إعادة نظر من أهل العلم، بحاجة إلى تحرير، وأن يحكمون فيها باجتهادهم لا بالأنظمة، ومنهم من يرى أن هذا النظام شرعي، وأنه لو كان مقاصة بين ولي الأمر وبين الموظف لصار ربا؛ لأن ولي الأمر يأخذ ويعطي، قد يكون أقل أو أكثر، وهذا أيضاً ربا، لكنه إرفاق بين ولي الأمر وبين الموظف، يقتطع بنسبة 9% وفي النهاية يعاد إلى الموظف بنسبةٍ قد تكون أكثر مما أخذ منه، قد تكون الغالب أنها أكثر، المقصود أنه هذه تحتاج إلى عناية، وبعض الناس حينما يتقاعد يصرف له مبلغ كبير جداً يسمى معاش التقاعد، قد يكون عشرين ألف، ثلاثين ألف، ثم بعد ذلك يكبر الأولاد كلما كبر واحد سقط نصيبه، كلما تزوجت بنت سقط نصيبها، إلى أن يصل الأمر إلى ألف وخمسمائة ريال، فلا بد من دراسة هذا الأمر دراسة جادة على وقف النصوص والقواعد الشرعية، وعلى كل حال يشمله مثل هذا الحديث: ((ما أحرز الوالد أو الولد فهو لعصبته من كان)).
وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب)).
الولاء: لحمة كلحمة يعني لا يمكن الانفكاك منه، ملتحم وملتصق بالشخص نفسه، بحيث لا يستطيع أن يتصرف فيه ((لا يباع ولا يوهب)) رواه الحاكم من طريق الشافعي عن محمد بن حسن عن أبي يوسف، وصححه ابن حبان، وأعله البيهقي.
وعلى كل حال هذا الخبر ضعيف، وللعلماء كلام طويل في طرقه وصحته وعدمها، فلا يباع ولا يوهب، ولا يورث.
سم.
وعن أبي قلابة عن أنس -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أفرضكم زيد بن ثابت)) أخرجه أحمد والأربعة سوى أبي داود، وصحه الترمذي وابن حبان والحاكم، وأعله بالإرسال.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"وعن أبي قلابة" عبد الله بن زيد الجرمي "عن أنس" وقد ثبت سماعه من أنس -رضي الله تعالى عنه- أحاديث مع أن من أهل العلم من يقول: إنه لم يسمع منه هذا الحديث بخصوصه، ولذا أعل بالإرسال، وضعفه جمع من أهل العلم، ومقتضاه في قول الرسول الله -عليه الصلاة والسلام-: ((أفرضكم زيد)) وهذه الجملة قطعة من حديث تضمّن سبع جمل، كل جملة مزيّة لواحدٍ من الصحابة، فأقرؤكم أبي، وأفرضكم زيد، وأعلمكم بالحلال والحرام وكذا وكذا.. إلى آخر السبعة، والحديث مضعف عند أهل العلم، وفي مقدمة الرحبية يقول الناظم:
أفرضكم زيد وناهيك بها |
| ................................... |
اعتماداً على هذا الخبر، والمؤلف أدخل هذا الخبر في هذا الباب وإن كان ليس فيه بيان لمسألة أو حكم شرعي يتعلق بالفرائض، وإنما فيه منقبة لزيد بن ثابت -رضي الله تعالى عنه-، يستفاد من مثل هذا الترجيح عند التعارض، فلو أن ابن مسعود حكم في مسألة فرضية، وحكم فيها زيد بن ثابت في حكم مخالف لما قاله ابن مسعود قلنا: المقدم زيد؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- شهد له بأنه أعلم الصحابة بالفرائض، هذا لو صح الخبر، وعلى كل حال إدخاله في هذا الباب من هذه الحيثية، وقد اعتمد الشافعي على أقواله تبعاً لهذا الخبر، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
"يقول: أليس زواج المسيار كزواج المتعة من حيث توقيت الزواج وعدم الاستقرار الأسري كما أنه يعطي انطباعاً في البلدان التي يحدث فيها مثل البلاد الأوروبية طباعاً سيئاً نحو المسلمين، حيث أن هذا الزواج لا يرضاه أحد لابنته في الواقع، حتى لو رضيت الفتاة، فهل رضاها لأنها مضطرة للمال يبيح ذلك؟ فالحرام حرام حتى إن رضيه الناس؟
أولاً: زواج المسيار لا علاقة له بزواج المتعة، الأقرب إلى زواج المتعة الزواج بنية الطلاق، لعلّ السائل اختلط عليه الأمر بين زواج المسيار الذي ينوى به الاستمرار، ولا يحدد واحد من الزوجين في نفسه مدةً تنتهي عنده، الذي يشبه نكاح المتعة هو الزواج بنية الطلاق، مع العلم بأنه إذا لم تكن المدة محددة معلومة بين الطرفين متفقاً عليها معقوداً عليها فإنه جائز عند جماهير أهل العلم، إذا كان في نفس الزوج فقط والزوجة ووليها لا يعلمان بذلك، لا يعلمان به لا قولاً ولا فعلاً، أما إذا علمت الزوجة بأنه يتزوجها لمدة شهر أو شهرين أو ثلاثة، أو مدة دراسته علمت بلسان مقاله، أو بلسان حاله بأن كانت هذه عادته أو عادة أمثاله ممن يأتي إلى هذا العمل، أو استفاض في هذا البلد أن أهل هذه الجهة إنما يتزوجون مدةً معينة ويطلقون، إذا عرفت ذلك فهو متعة، وأما إذا خفي عليها الأمر فهو جائز عند جماهير أهل العلم، أما بالنسبة لمثل هذا الزواج أعني زواج المسيار، وتنازل المرأة عن بعض حقوقها هذا أمر جبلي طبيعي، والمسألة مسألة عرض وطلب، وكوني لا أرضاه لابنتي لا يعني أن امرأة فاتها القطار -على ما يقولون- وتقدمت بها السن، وأرادت أن تغتنم الفرصة في بقية عمرها لإنجاب الأولاد أنه لا يرضى لها، يرضى لها، خير من جلوسها بدون زوج، مثل هذا خير لها من جلوسها بدون زوج، وإذا كان الرجل في حال ضغطه على المرأة لأنها تقدمت بها السن فالمرأة مثله، لو وجدت منه أدنى نقص ضغطت عليه، يعني لا يظن بأن هذا خاص بالرجل، المرأة لو تجد أدنى نقص عند الزوج ضغطت عليه، والمسألة مثلما قلنا: عرض وطلب، فالزوجان يتفقان على شروط معينة، ثم بعد ذلك يرى الزوج، تشترط الزوجة أنها تكمل الدراسة وتدرس بعد ذلك، فإذا دخل بها وأنجبت ولد قال لها: اتركي الدراسة والتدريس، قالت: هذا شرط، قال: تريدين الدراسة اذهبي لأهلك، والحل بيدك، ثم تنازلت عن الدراسة؛ لأنه متضرر بدراستها وتدريسها، المسألة مثلما قلنا: عرض وطلب، قبل أن تأتي بالولد يعني يمكن تضغط عليه، لكن إذا جاءت بالولد وانشغلت به عن الدراسة والتدريس فإذا تنازلت عن حقها لا أحد يلزمها ولا يجبرها عليه.
بعضهم يقول: إن هذا تنازل قبل العقد، وهي لا تملك التنازل قبل العقد، نقول: التنازلات إنما تكون قبل اللزوم، قبل العقد، يعني أنت لو ذهبت بسيارة في تقديرك أن قيمتها خمسون ألفاً، فلما ذهبت إلى سوق السيارات ما سيمت إلا أربعين، وتنازلت عن العشرة أحد يلومك؟ لأنك ما وجدت من يشتري، ولو كانت الحقيقة أنها تستحق خمسين ألف، وأنت محتاج إلى الأربعين، هل يقال: إنك في ظرف لا يصلح أن يضغط عليك وتتنازل؟ لا، المسألة مسألة عرض وطلب، وزيادة السلع ونقصها كله يتبع ذلك، وأمور الدنيا كلها مبنية على هذا التقدير، فكون من تجاوز بها السن تتنازل عن كثير من حقوقها هي لا تلام من جهة لتستدرك بقية عمرها، وهو أيضاً لا يلام إذا قال لها: أنا لا أريد إلا على هذا الأساس؛ لأنه بالشروط التامة، والحقوق الكاملة يجد خيراً منها.
المسجد كسائر الأوقاف إذا تعطلت منافعه ينقل إلى مكان بحيث يستفاد منه.
يقول: وماذا عن أحجاره؟
أحجاره تنقل إلى مسجدٍ آخر يستفاد منه.
التي بني بها هل يمكن إعطاؤها لاستعمالها في غير الوقف؟
إنما تستعمل في أقرب مصرف مشبه له.
هذا نوع من أنواع التعريف، ولو أعلن أيضاً في وسائل الإعلام أن عنده لقطة وجدها، فمن فقدها فليأته، أو ليتصل عليه، فلا شك أن هذا من أنواع التعريف.
هذا موجود في سائر الأقطار التي تعتني بالمذاهب، فالحنفية يدرسون متون الحنفية من غير استدلال، والشافعية كذلك والحنابلة، لكن ينبغي أن يدرس الفقه على هذه الطريقة كمرحلة أولى، يكتفى فيها بتصوير المسائل، وتوضيحها على الطلاب، ثم بعد ذلك مرحلة ثانية ودراسة ثانية، أو عرضة ثانية للكتاب يستدل لهذه المسائل، يبحث عن أدلة لهذه المسائل، وبعد ذلك عرضة ثالثة ينظر من خالف ومن وافق المؤلف، ويوازن بين أدلة الجميع، ويرجح، هذه الطريقة المنهجية لدراسة الفقه.
نقول: ما دام حفظت الأجرومية فتدرس شرعها للكفراوي والعشماوي، ولكل واحدٍ منهما طريقة وميزة على الآخر، فيمتاز الكفراوي بإعراب كل شيء يرد في الكتاب، إعراب كل حرفٍ يرد في الكتاب، وما يتمه طالب العلم إلا وقد تولدت لديه ملكة إعراب تفيده، أما بالنسبة لشرح العشماوي ففيه قواعد وضوابط نافعة جداً في هذا الفن، قد لا توجد عند غيره، أما ما يدرس بعدها فالجادة عند أهل العلم أن الذي يلي الأجرومية القطر، قطر الندى في بلداننا، في بلادنا وما جاورها القطر، وهناك من يعنى بالملحة كبلاد اليمن، أو الكافية لابن الحاجب كما هي العناية في البلدان الأخرى، على كل حال الجادة أن يقرأ بعد الأجرومية قطر الندى مع شرحه لمؤلفه، ثم بعد ذلك الألفية لابن مالك.
لا بد من تحريك اللسان؛ لأنه إذا لم يتحرك اللسان لا يسمى كلام، ولا نطق، ولا قراءة، إنما هو تفكر، فعلى القارئ أن يحرك لسانه وشفتيه بما يقرأ، وإن أسمع نفسه، ولم يشوش على غيره فهو أكمل، على كل حال لا تسمى قراءة حتى يتحرك الفم واللسان.
يقول: أنا رجل منّ الله عليّ بحضور حلق العلم منذ صغري، وقد نشأت على خير، وفتح الله عليّ من فضله بمجالسة أهل العلم والفضل، ولكن أجد أني لا أعمل بما أتعلم، وأعصي الله كل ما سنحت المعصية، وأخشى أن أكون من أول من تسعر بهم النار -نسأل الله السلامة والعافية- فهل خير لي أن أترك طلب العلم حتى لا أهلك نفسي؟ مع أني -والله يشهد- أحب العلم والعلماء والصالحين، وآتاني الله القدرة العقلية، لكن لم أرزق قلباً يخش الله تعالى، مع أني كثير البكاء على ذنوبي، رغم ذلك أعود إليها دائماً في كل خلوة؟
ترك العلم في مثل هذه الحالة ليس هو الحل الصحيح، وإنما الحل أن تجاهد نفسك بترك هذه المعاصي، تحرص أتم الحرص على أن لا تقارف معصية، وتعرف قدر من عصيت، وقدر العقوبة المرتبة على معصيتك، وحينئذٍ بالمجاهدة تتركها -إن شاء الله تعالى-.
رجل عنده من الذكور أربع ومن الإناث خمس، بنى أربع شقق للذكور مساعدة في زواجهم، ويريد أن يبني شقتين على أساس أن تقسم بين بناته الأربع، والخامسة تعطى أموال من أخواتها أو إخوانها بعد الممات -يعني ممات الرجل- وذلك لحديث: ((اعدلوا بين أولادكم)) أراد أن يكون لكل ولدٍ وبنت نصيب ميراثي في هذا البيت، فهل لو اكتفى بالذكور دون الإناث مساعدة لزواجهم عليه إثم؟
مثل البنات إذا كنّ في رعايته فإسكانهن لازم له، لا بد أن يسكنهن، سواء كان عنده وهذا هو الأصل، أو في بيتٍ مستقل مع أمهن إذا لم تكن تحت عصمته مع مراقبته لهن وحياطتهن، والحرص عليهن، وأما من تزوج من الأولاد واحتاج إلى بيت يؤمن له سكن مع القدرة، على كل حال مثل هذا الولد إذا تزوج يحتاج إلى بيت وإلى سكن وحاجة أصلية، والبنت إذا لم تتزوج وسكنت مع والديها كفى ذلك، وإن تزوجت وسكنت مع زوجها فالأمر كذلك، وإن طالب البنات بأنك أسكنت الأولاد ولم تسكن فمؤونة البنات بعد الزواج انتقلت إلى أزواجهن، فسكناهن على الزوج {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ} [(6) سورة الطلاق] فالسكن على الزوج وليس على الأب بعد الزواج.