شرح مختصر الخرقي - كتاب الزكاة (03)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين قال رحمه الله تعالى في باب صدقة الغنم ولا يؤخذ في الصدقة تيس" هذا دل عليه حديث أنس في كتاب أبي بكر- رضي الله عنه- نُص على أنه لا يؤخذ تيس، ولا ما ذُكر، ولا ذات عوار، ولا هرمة، التيس هو الذكر من الماعز بخلاف الكبش الذي هو الذكر من الضأن، لا يؤخذ تيس جاء الاستثناء في الحديث المشار إليه إلا أن يشاء المصَّدق أو المصَدِّق أو المصَدَّق على خلاف في الضبط، فالمشيئة مردها إلى الاحتياط للطرفين، فإذا شاء المصَدِّق الذي هو الساعي أن يأخذ التيس؛ لأنه أنفع للفقراء فلا مانع من ذلك، وإذا شاء المصَّدق أي المتصدق الدافع للصدقة أن يدفع التيس؛ لأنه أنفس من الأنثى فهذا مرده إلى مشيئته وطيب نفسه؛ لأن من التيوس ما هو أفضل من الإناث، والأصل في هذا الباب أن الإناث أفضل من الذكور لكن قد يعرض للمفضول ما يجعله فاضلاً، فبعض التيوس أفضل من الإناث فإذا كان هذا التيس بعينه أفضل وأنفع للفقراء فإن طابت نفس صاحبه به فالأمر إليه والمشيئة مردودة إليه مع رضا النائب عن هؤلاء الفقراء وهو الساعي، والأصل أنه في هذا الباب لا يقبل إلا الإناث إلا إذا كان النصاب كله ذكورًا والتبيع في زكاة البقر وابن اللبون في زكاة الإبل بالنسبة لمن لم يجد بنت مخاض، ولا يؤخذ في الصدقة تيس المراد بالصدقة هنا الزكاة، لكن لو جاء شخص بصدقة تطوع، أحضر تيسًا وأعطاه الجمعية وقال هذا للفقراء، يقول: والله جاء في الحديث ولا يؤخذ تيس ما نقبله لا، المراد بذلك الزكاة "ولا هرمة" كبيرة، سنها كبير ولحمها غث ولا تنضج فينتفع بها الآكل ولا يتلذذ بأكلها لا شك أن مثل هذا لا يُقبل{ وَلَا تَيَمَّمُواْ ٱلۡخَبِيثَ مِنۡهُ تُنفِقُونَ } البقرة: ٢٦٧ يعني ردي لحمها ردي "ولا هرمة ولا ذات عُوار" أو عَوار ضبطت بفتح العين وضمها وهما بمعنى يعني واحد عند كثير من اللغويين، ومنهم من يفرق بين المفتوحة والمضمومة فيجعل المضمومة عُوار في ماذا؟ العيب في العين وبالفتح العيب العام في أي جزء منها، هل يشترط في ذات العُوار المعيبة في عينها أن يكون عورها بيِّنا كما قيل مثله في الأضحية؟ أو أن هذا مطلق؟ أو أن المراد بالعَوار هنا وهو مضبوط عندنا بالفتح ذات العيب في أي جهة من بدنها؟ ولا شك أن العيب ينقص من قيمتها وقد ينقص من نفعها للفقراء ولا شك أنها مفضولة بالنسبة للسليمات فلا تُدفع عن نصاب كله سليم "ولا الرُّبَّى" التي تربِّي ولدها، في التيس، والهرمة، وذات العوار، الملاحظ حظ الفقراء، والرُّبَّى، والماخض، والأكولة هذه لا تؤخذ لحظ الأغنياء، الرُّبَّى التي تربي ولدها لو أخذت وترك ولدها لتضرر صاحبها ولا الأكولة "ولا الماخض" يعني الحامل حبلى في بطنها ولد لا شك أنها أنفس عند أربابها، وجاء في حديث بعث النبي -عليه الصلاة والسلام- معاذًا إلى اليمن قال «وإياك وكرائم أموالهم » هذه من الكرائم، الماخض والرُّبَّى الأكولة الملاحظ فيها حظ الأغنياء أو حظ الفقراء، الأكولة لا شك أن بعض الأكولات مردودها لحظ الغني؛ لأنها تسمن ويزداد نماؤها المتصل، وإذا كانت أكولة ولا تسمن فالمنع من ذلك لحظ الفقراء وهذا ملاحظ حتى في بني آدم منهم من يأكل أضعاف ما يأكله غيره ولا يزيد، ومنهم من يأكل ويزيد لكن هذا النماء ليس بملاحظ بالنسبة للإنسان بقدر ما هو ملاحظ بالنسبة لبهيمة الأنعام؛ لأنه يزيد في وزنها وفي لحمها وشحمها وأيضًا لذة الأكل منها إذا اختلط اللحم بالشحم لكنه أكثره لذة وإن كان كثير من الناس يتضرر به الآن في وقتنا الحاضر "ولا الأكولة" فإن أكلها يزيد به نماؤها المتصل فالمنع منها لحظ الغني وإن كان أكلها لا يزيد في نمائها المتصل فالمنع من أخذها لحظ الفقير تعطيها فقيرا تحتاج مصروف بيت، تأكل ولا تنتج هذه مشكلة.
طالب: ..............
التيس مثل ما قلنا إذا كان أنفس من الإناث فإلا أن يشاء المصَّدق وإلا الأصل المنع، منع لحظ الغني أحيانًا ومنع لحض الفقير أحيانًا، ولا الأكولة وتعد عليهم السخلة، النتاج الصغير، الصغار تعد؛ لأن نتاج السائمة وربح التجارة حكمها حكم الأصل، نتاج السائمة وربح التجارة حكمها حكم الأصل فإذا ملك نصابا ونما هذا النصاب في أثناء الحول فإذا تم الحول يعد هذا النماء ومثله ربح التجارة، بدأ التجارة في شهر ربيع مثلاً بمائة ألف أخذت تزيد هذه التجارة بنسبة عشرين بالمائة لما جاء ربيع الثاني إذا هي بمائة وعشرين ألفا وبعضها لم يتحصل من الأرباح إلا في شهر صفر قبل حلول الحول بشهر كم يزكي إذا حال عليها الحول؟ يزكي مائة وعشرين ألفا؛ لأن ربح التجارة حكمه حكم الأصل وكذا نتاج السائمة ولذا قال "وتعد عليهم السخلة ولا تؤخذ منهم" لأنه لا يؤخذ في الزكاة إلا المتكامل كما سيأتي "ويؤخذ من المعز الثني وما تم له سنة ومن الضأن الجذع" كما في الهدي والأضحية يؤخذ من المعز الثني كما هو شأن الأضحية والهدي ومن الضأن الجذع على خلاف بين أهل العلم لكن الأدلة تدل على أنه يؤخذ من الزكاة ويؤخذ أيضًا ويجزئ في الهدي والأضحية قال "فإن كانت عشرين ضأنًا وعشرين معزًا" عشرين ضأنا وعشرين معزا يأخذ الساعي الجابي يأخذ ضأنا أو يأخذ معزا؟
طالب: ظاهر كلامه أنه يتخير بحسب...
هو لا بد أن يأخذ من هذا أو من هذا فكما قال المؤلف "وإن كان عشرين ضأنًا وعشرين معزًا أخذ من أحدهما من الضأن أو من المعز ما يكون قيمته نصف شاة ضأن ونصف معز" إذا اعتبرنا الضأن بألف والمعز بثمانمائة بحث عن شاة قيمتها تسعمائة أو عنز قيمتها تسعمائة هذا كلامه؛ لأنه لا يأخذ من الضأن فيتضرر صاحبها ولا يأخذ من المعز بغير نظر في التفصيل المذكور لئلا يكون على حساب الفقراء فيأخذ ما قيمته متوسطا بين قيمة المعز وقيمة الضأن، يعني الملحوظ القيمة أو النفع للفقير مع عدم الإضرار بالغني لا، وإذا لم ننظر إلى القيمة افترضنا أنها كلها معز نصفها معز ونصفها ضأن، هو يقول: تأخذ من أحدهما ما شئت إما ضأن وإما معز لكن تلاحظ القيمة، وهناك ملاحظة أخرى قد تكون هذه الشاة قيمتها أقل لكن نفعها للفقير أكثر ألا يوجد من بهيمة الأنعام ما لحمه أكثر وطعمه أجود وقيمته أقل نظرًا لشيء غير مؤثر إما لون وإما شيء آخر؛ لأن مسألة البيع والشراء والأقيام لها اعتبارات عند أهلها، فإذا كانت قيمتها نظرًا للونها وهي من الشاء قيمتها ثمانمائة وبقية الشياه قيمتها ألف لكن هذه تزيد أوفر لحما لكن لونها غير مرغوب في السوق، الناس ما يلاحظون الألوان عند البيع والشراء؟ يعني يلاحظون في السيارات يفرق فيها شيء كثير في الألوان ألوف، لكن بالنسبة للمعز هل الانتفاع بلونها أو الانتفاع بلحمها؟ بلحمها لكن كونها من هذا اللون الذي جاء الحث عليه في أو جاءت تضحية النبي -عليه الصلاة والسلام- به لا شك أن تكون قيمته أكثر وإن كان غيره مما لا يساويه في اللون أنفع للفقير وأوفر لحما، فإذا كان النبي -عليه الصلاة والسلام- ضحى بكبشين أملحين أقرنين وجدنا كبشا أو شاة تزيد على الكبش الأملح في الوزن حينئذٍ تكون أنفع للفقير، لكن هل اتباع السنة في مثل هذا والاقتداء بالنبي -عليه الصلاة والسلام- لا أعني في هذا الباب في باب التضحية أولى أو الأنفع للفقير؟ لو افترضنا أن هناك كبشا زنته خمس وعشرون كيلو أملح وآخر زنته ثلاثون لكنه أسود نأخذ أو نضحي بالسمين أو نضحي باللون؟ لأنه جاء في وصف ما ضحّى به النبي -عليه الصلاة والسلام-بكبشين أملحين أقرنين سمينين فيكون في الاعتبار السمن، وفي رواية أبي عَوانة ثمينين فيكون الاعتبار بماذا؟ بالثمن، فيكون الاعتبار بالثمن، قد يُحمل الثمن على السِّمن وهو أن الغالب أن الثمن مع السِّمن فيكون مؤداهما واحدا وأن العبرة بما فيه نفع متعدٍّ، على كل حال كلام المؤلف- رحمه الله- واضح لكن قد يُنظر في غيره إذا كانت مصلحة الفقراء تتعلق به ولا يتضرر به المصَّدِّق الذي هو الغني، والشرع كما لاحظ مصلحة الفقراء فإنه أيضا لم يهمل مصالح الأغنياء، فينظر إلى الطرفين على سواء، فعلى الساعي أن ينظر ويلحظ مثل هذا ويتقي كرائم الأموال هو نائب ومؤتمن على مصالح الفقراء كما أنه لا يجوز له بحال أن يظلم الأغنياء وليعلم وليحذر أن ما يقدمه الأغنياء له من أجل أن يتغاضى أو يتساهل أو يتنازل هو رِشوة شاء أم أبى، هذا في الأمور العينية واضح، لكن في الأمور المعنوية النفوس جبلت على حب الشرف وحب المال وبعض الناس ميله إلى حب المال، وبعضهم ميله إلى حب الشرف أكثر، فإذا احتفى به صاحب المال وبالغ في إكرامه وتقديره ولو لم يبذل مالا وتنازل من أجل ذلك كان كمن أخذ رشوة حكما لأن المؤدى واحد والمعنى واحد.
طالب: ..............
إن أكل..
طالب: ..............
مسألة الأمور التي تعارف الناس عليها مثل يقدم له ماء أو تمر أو قهوة يقدمها لسائر الناس هذه أمرها سهل، لكن مسألة الأكل من غير ذلك فيه ما فيه.
طالب: ..............
ما يصلح.
طالب: ..............
لا ، يتورع عنها.
طالب: ..............
والله يقول اسمح لي أنا آت على كل حال، أنا ساعي ما يجوز.
طالب: لكن أحسن الله إليك إذا لم يتكلف له إلا غداء مثل ما يتغداه هو وأهله.
جاء وحضر الغداء يعني حان وقته ما فيه أي زيادة ولا تكلف ولا كذا هذا الأمر قد يُتسامح فيه والورع ألا يأكل، علم هذا من نفسه أنه يؤثر، لكن غيره والله فلان أكل عند بني فلان وأنت ما أكلت، جاءنا فلان وأكل وأنت لم تأكل حسم المادة هو الأصل.
قال رحمه الله "وإن اختلط جماعة في خمس من الإبل أو ثلاثين من البقر أو أربعين من الغنم" هذا ما يسمى بالخلطة، والخلطة عند أهل العلم تصيِّر المالين كالمال الواحد، يعامل المالان كالمال الواحد، وجاء في الحديث المشار إليه وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بالسوية، طيّب هذا عنده أربع من الإبل، وهذا عنده خامسة وهي خلطة بشروطها إذا جاء الساعي يأخذ شاة على الخمس بمعنى يتراجعان بالسوية، يعني يكون على هذا نصفها وعلى هذا نصفها؟
طالب: لا يا شيخ..
أو بقدر المالين يأخذ من هذا الربع، ومن ذاك ثلاثة أرباع، أو الخمس وأربعة أخماس، مقتضى التسوية أن يستويا في المأخوذ على هذا النصف وعلى هذا النصف وهذا مقتضى الحرفية من لفظ السوية، لكن مقتضى العدل الشرعي ألا يعامَل صاحب الأربع مثل ما يعامل صاحب الواحدة، ونظير ذلك ما جاء في الحديث اتقوا الله وسووا بين أولادكم، واعدلوا بين أولادكم، طيب التسوية هنا هل من مقتضاها أن يكون الذكر كالأنثى أو على مقتضى النظر الإلهي والقسمة الشرعية في الميراث.
طالب: .............
ترى هذا نظير هذا؛ ولذا يختلف أهل العلم في فهم الحديث في العدل والتسوية بين الأولاد يعني الذكور والإناث الذكور لا إشكال في كونهم يسوَّى بينهم فيعطى كل واحد بقدر ما يعطى الثاني وكذلك إذا كانوا كلهم إناثا، لكن إذا كانوا ذكورًا وإناثًا فهل من مقتضى التسوية أن تُعطى الأنثى مثل الذكر أو مقتضى التسوية والعدل بينهم أن يكون التعديل بينهم في العطية على قسم الله جل وعلا لهم في الميراث؟ وبعبارة أخرى هل من مقتضى التسوية التماثل وهو مقتضى التعديل أو نقول أن المطلوب كما جاءعن الله -جل وعلا- للذكر مثل حظ الأنثيين؟
طالب: .............
نعم.. أتريد أن يكونوا لك في البر سواء؟ قال نعم. لكن مهما قلنا في تسوية البر بين الذكر والأنثى، يعني حقيقة بر البنت هل هو مثل حقيقة بر الولد؟ هذا الأصل أنه أنفع للأب وهو الذي يمكن أن يتفرغ لأبيه لكن البنت تتزوج وتذهب مع زوجها ويكون زوجها أولى ببرها من أبيها، يعني إذا نظرنا: أتريد أو أتحب أن يكونوا لك في البر سواء؟ حتى التسوية في البر غير متحققة ولا يتصور من بر البنت أن يكون مثل بر الولد، هذه لها حال وهذا له شأن، نعم العاطفة قد تكون في البنت أكثر، العاطفة في البنت والتأثر بما يحصل للأب في الظاهر أكثر، العربي يقول والله ما هي بنعم الولد نصرها بكاء وبرها سرقة، يعني تأخذ من مال زوجها وتبر والديها يعني النساء الأصل أن المرأة ليس لها مال ولا تزاول تجارة وإنما هي في خدمة البيت، لكن الآن اختلف الوضع النساء والرجال واحد، وقد يكون عند بعض النساء من الدخل أضعاف ما عند الرجال فهذه تستطيع أن تبر لكن هذا خلاف الأصل، الأصل { وَقَرۡنَ فِي بُيُوتِكُنَّ } الأحزاب: ٣٣ هذا الأصل في المرأة، نعود إلى مسألتنا في التسوية سواء كان في العطية بين الأولاد الذكور والإناث أو في ما يؤخذ من مال الخليطين، أقول: مقتضى الحرفية حرفية اللفظ فإنها يتراجعان بينهما بالسوية أن يؤخذ من هذا نصف شاة وهذا نصف شاة، لكن إذا نظرنا إلى المعنى والجادّة والقاعدة المطردة الشرعية أنه لا يمكن أن يسوّى بين من يملك أربعا من الإبل وبين من يملك واحدة، فإن القاعدة أن الغنم مع الغرم أو الغرم مع الغنم والخراج بالضمان، لا يستوي هذا وهذا، في وصية أبي بكر- رضي الله عنه- حينما اختار الوصية بالخمس قال رضيت بما رضي الله به لنفسه فإن لله خمسه، المقصود أن مثل هذه الأمور تحتاج إلى دقة في النظر، وهي مسائل عملية، يعني في النفقات وفي المصاريف التي تُفرض على الإنسان لولده من ذكور وإناث قد تكون الحاجة بالنسبة للبنات أكثر من حاجة الأولاد، في واقعنا الذي نعيشه البنت تحتاج إلى ذهب، تحتاج إلى ملابس أغلى من ملابس الرجال، فإذا قلنا بالتسوية بينهما قد يتضرر الإناث فضلاً عن أن نقول أن البنت تعطى نصف الولد، وهناك ملاحِظ يلحظها الآباء في أبنائهم وبناتهم قد تدور معها المصالح، إذا كانت البنت يكفيها في الشهر معدل خمسمائة وعنده ثلاث بنات وأربعة أولاد، البنت يمكن تستغرق الخمسمائة خلال الشهر أو ثلاثمائة على حسب ما يفرض لها حسب غنى الرجل وفقره، طيب الولد إذا أخذ خمسمائة وفصل ثوبا بستين ريـالا وحذاء بثلاثين ريـالا انتهى عند مائة وخمسين، أما يخشى عليه أن يصرف الباقي فيما يضره فيجتهد الأب في نقص ما يصرفه له؟ هذه أمور لا بد من ملاحظتها، قد يقول قائل أنه يعطيه ما يكفيه بقدر الحاجة ويحتفظ له بالقدر الزائد حتى إذا ما احتاج مثلاً سيارة في يوم من الأيام يكون عنده لها رصيد يمكن أن ينظر في مثل هذا، لكن لا شك أن ظروف الناس اليوم لا بد أن تدرس بدقة، يدرسها الأب بدقة أين تذهب الأموال وأين تأتي وأين تصرف؟
يقول ألا نفرق بين الهبة والنفقة؟
هو لا شك أن هناك فروقا، لكن من أراد في النفقة أن يرتاح يفرض لهم مبلغا شهريا يعطيه الأم وتتصرف ويتحقق به العدل؛ لأن متابعة مثل هذه الأمور بدقة، وهذه البنت احتاجت في هذا الشهر، وهذا الولد احتاج في هذا الشهر يصعب تحقيقه، كل بيت يحتاج إلى محاسب إذا أردنا أن نتعامل مع هذه الأمور بدقة، لكن إذا قيل هذا مصروف الولد ثلاثمائة والبنت ثلاثمائة وانتهى الإشكال هذا على مقتضى التسوية، وإلا فالأصل أن كل أحد يعطى ما يحتاجه حتى لو كان عنده زوجات يجب عليه أن يعدل بينهن، لكن بين الزوجة الأولى والثانية عشرون سنة مثلاً هل متطلبات الزوجة الأخيرة التي عمرها عشرون مثل متطلبات الأولى التي عمرها خمسون أو ستون؟ هل تلبس مثل ما تلبس هذه؟ فرق لكن إذا قيل أنها تعوَّض في مجالات أخرى ولو قيل إنه يصرف لهن مبلغ مقطوع لكان أولى وأحرى لأنه أدخل في التعديل، يعني المبلغ الذي تتحقق به الذمة أما إذا قيل يجتهد يشتري لهذه ثوبا يناسبها قد يصل إلى ألف أو ألفين، والكبيرة تحتاج إلى ثوب بمائة ومائتين هذا لا شك أنه وإن كان مطابق للواقع وهذه يكفيها وهذه يكفيها لكن يبقى أن المسألة يعني تحتاج إلى نظر دقيق في مثل هذه الأمور، نعود إلى خلطة المواشي، قال: وإن اختلط جماعة في خمس من الإبل وهو أدنى ما تجب فيه الزكاة من الإبل وإن كان الواجب من غير الجنس أو ثلاثين من البقر وهو أدنى النصاب أو أربعين من الغنم كذلك على أن يشتركوا في المرعى والمسرح والمبيت والمحلب والفحل خمسة أشياء، المرعى الأصل في الصيغة أنها مكان الرعي، المكان الذي ترعى فيه، ترعى في مكان واحد، غنم زيد مع غنم عمرو وتسرح في مكان واحد وهو المكان الذي تُرسل فيه لتذهب إلى المرعى، فعلى ما قالوا السريح إذهابها مع الراعي، وإرجاعها إلى مأواها ماذا يسمونه؟
طالب: ...............
تروِّح؟ ماذا يسمونه يا أبا عبد الله؟
طالب: ...............
تهضل نعم هذه لهجة عامية لا أدري والله ما أصلها.
على كل حال المسرح الذي هو إذهابها لنوجد فرقا بين المرعى والمسرح وإلا فمنهم من يقول أن المسرح هو المرعى فنستغني عن إحدى الكلمتين، وإن كان بعضهم حمل المرعى على الراعي يكون الراعي واحدا ما يكون لزيد راعي ولعمرو راعي، يشتركان في الراعي فإذا أردنا أن نوجد الفرق بين المرعى والمسرح قلنا ما سمعتم وإذا قلنا بقول من يقول أن المرعى هو المسرح قلنا أن المراد بالمرعى الراعي لكن الصيغة تساعد أو ما تساعد؟ ما تساعد الصيغة لكن الحامل على مثل هذا التكلف أن المرعى والمسرح شيء واحد، هي الأرض التي يكون فيها السرح ويكون فيها الراعي، والاشتراك في الراعي مشترط عند أكثر من يقول بالخُلطة، ويُحمل قول المؤلف عليه ومسرحهم، ومبيتهم المكان الذي تبيت فيه الغنم، هل يشترط أن يتحد المبيت الذي يبيت فيه أرباب الغنم؟ لا يشترط، لكن المقصود مبيت الغنم كان مرعاهم يعني الميم في الغالب تأتي لجمع العقلاء وغير العقلاء يؤتى به بالتأنيث إذا كان مرعاها ومسرحها ومبيتها ومحلبها وفحلها واحدًا، ومبيتهم ومحلبهم المكان الذي تُحلب فيه الغنم أو الإبل أو البقر وفحلُهم الفحل واحد هل يتصور أن يكون فحل واحد لرعية بعضها لزيد وبعضها لعمرو.
طالب: ...............
أو المقصود أنها تشترك في الفحل سواء كان واحدا أو أكثر، لا يخصص لغنم زيد أو لإبل زيد أو لبقر زيد الفحل، ولا يخصص لغنم عمرو أو إبله أو بقره هذا الفحل بخصوصه، إنما تتحقق الخلطة باشتراكهم فيما ذكر.
طالب: لكن في كل ما ذكر يا شيخ أو لو تخلف واحد منهما...
هم يشترطون هذه الشروط كلها "وكان مرعاهم ومسرحهم ومبيتهم ومحلبهم وفحلهم واحدًا أخذت منهم الصدقة وتراجعوا فيما بينهم بالحصص" يعني لو واحد عنده تسع وثلاثين من الغنم والثاني عنده واحدة لو افترقا فلا زكاة على واحد منهما، لو كانت سبعين واحد له عشر والثاني له ستون الزكاة على واحد دون الثاني لو افترقوا، لكن لما اختلطوا وجبت الزكاة عليهما، واحد عنده خمس وثلاثون وواحد عنده خمس وثلاثون لو افترقا فلا زكاة على واحد منهما، ولو اجتمعا وجبت عليهما شاة واحدة فالخلطة لها أثر واضح في الزكاة زيادةً ونقصًا، لو أن ثلاثة عند كل واحد منهم أربعون من الغنم إذا تفرقوا ففيها ثلاث كل واحد عليه واحدة، وإذا اجتمعوا عليهم واحدة هنا أثرت الخلطة في نقص الزكاة، لو كان عندهم ما لا تجب فيه الزكاة واحد عنده خمس وثلاثون وواحد عنده خمس وثلاثين وتفرقوا لا زكاة عليهم وإذا اجتمعوا عليهم واحدة فلها أثر واضح في الزكاة أو في القدر المخرج منها زيادة ونقصًا؛ ولذا جاء النهي عن الجمع والتفريق، في حديث أنس "ولا يفرّق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق خشية الصدقة" لا يفرِّق أصحاب الأموال لتقل الصدقة أو تُعدم الصدقة، ولا يفرق الساعي لتكثر الصدقة، ولا يجمع صاحب المال لتقل، ولا يجمع المصَّدق لتزيد الصدقة، فالخطاب موجَّه للجميع لكل من الساعي والذي ينظر في حظ الفقراء ولصاحب المال.
طالب: ...............
نعم جاء في بعضها دليل لكن البقية أُلحقت نظرًا لأن الخلطة لا تتم إلا بها أصل معنى الخلطة ما معنى خلطة.
طالب: ...............
وكل واحد يجيب لغنمه فحل! ما تسمى خلطة افترقت لا تتم الخلطة إلا باجتماع هذه الأمور.
طالب: ...............
يعني خلطة أوصاف أو خلطة أموال؟ خلطة الأموال ليس فيها إشكال، يعني لو تفرقت أماكنها خلطة، لكن الكلام في خلطة الأوصاف التي ينبغي لها هذه الأمور، يعني لود فعت مبلغا لشخص عنده غنم مثلاً عنده ألف رأس وقلت له هذه ثلاثمائة ألف على أن يكون الغنم بين نصفين أنت لا تعرف نصيبك وهو لا يعرف نصيبه هذه سواء كانت في المشرق أو في المغرب هذه خلطة كما للرجل الواحد، لكن إذا تميزت غنمك عن غنم غيرك اشترطت هذه الأمور أُخذت منهم الصدقة.
طالب: ...............
في الزكاة؟
طالب: ...............
كل بنسبته، بقدر ماله لكن ذكروا في الشروح أرقاما وكيفيات للقسمة وأشياء لا تناسب لا من قريب ولا من بعيد سهولة الشريعة ويسرها، فمثلاً قالوا لفلان إذا كان له كذا من أول الحول وله كذا من أثنائه وفلان له كذا هذا واحد على تسعة وسبعين وهذا واحد على ما أدري ماذا؟! ماهذا الكلام؟! مثل هذا يأتي به الشرع؟ والناس يعني عَرفوا مثل هذا الأمر وعرفوا أنهم يتقاسمون بالسوية وخلاص انتهى الإشكال لا داعي أن تأتي بهذه الكسور التي تحتاج إلى من يُستأجر لاستخراجها، كثير من الناس لا يستطيع استخراجها يعني نظير ما قيل في المياه، وبعض التفاصيل التي يذكرها الفقهاء قال كثير من أهل العلم أن يسر الشريعة لا يمكن أن يأتي بمثل هذه الأمور التي فيها المشقة الشديدة على المكلف؛ لأنه لا يعرفها إلا الخواص من الناس فتكليف عامة الناس بها تكليف بما لا يطاق، المقصود أنهم يتراجعون فيما بينهم بالحصص يعني تُقسم قيمة الشاة على عدد الرؤوس، قيمة الشاة التي أخذت من مال زيد تقسم على عدد الرؤوس ثم يضرب نصيب زيد بقدر ما له من هذه الغنم ونصيب عمرو بقدر ما له من الغنم ويخرج الناتج بكل سهولة "وإن اختلطوا في غير هذا" اختلطوا في غير هذه الأمور المذكورة أو في بعضها دون بعض "أخذ من كل واحد منهم على انفراده إذا كان ما يخصه تجب فيه الزكاة" طيب كل واحد عنده خمسة وثلاثون وهم يعرفون الحكم أنهم إذا اجتمعوا وجب عليهم شاة وإذا تفرقوا لا زكاة عليهم وهم مختلطون في المرعى والمسرح والمبيت والمحلب، قال واحد منهم أنا والله هذا الفحل لا يعجبني أن يطرق غنمي أو إبلي، وقال الثاني والفحل له أو من نصيبه إذًا دبِّر فحلا يطرق نصيبك من الغنم أو الإبل أو البقر إن كان الهدف من ذلك جودة النسل في هذا الفحل دون ذاك فهو ملحظ لأهل الأغنام وافترقا في الفحل، لكن إذا كان الهدف والله -جل وعلا- لا تخفى عليه خافية الفرار من الزكاة فإن مثل هذا التحايل لا يجدي بل يعامَل بنقيض قصده، طيِّب يعامل هذا الذي لحظ هذا الملحظ وأنهم إذا افترقوا في الفحل لا زكاة عليهم، الثاني ما ذنبه؟ مسألة دقيقة يا إخوان هذا له خمسة وثلاثون وهذا له خمسة وثلاثون قال زيد نشترك في الفحل وهم مشتركون في البقية قال عمرو أنا والله فحلك لا يعجبني لا بد أن أبحث عن فحل يكون نتاجه أفضل، إن كانت هذه الدعوى صحيحة وفي قرارة نفسها الأمر واضح ليس إشكال اختلف اختل شرط وإن كان في قرارة نفسه خلاف ما أظهره تجب عليه الزكاة ويعامل بنقيض قصده زيد لا زكاة عليه؛ لأنه طلب من هذا الشخص ورفض وعمرو عليه الزكاة، فهل تجب الزكاة فيما دون النصاب؟ عنده خمسة وثلاثون وقلنا يعامل بنقيض قصده، وما القدر الواجب فيها؟ إذا قلنا يجب فيها مادام لم يوافق على الفحل فرارًا من الزكاة.
طالب: ألا تكون هذه- أحسن الله إليك- مخرجة على من كان عنده نصاب وقبل تمام الحول باع بعضها فرارًا من الزكاة فتلزمه الزكاة؟
يعني عنده أربعون وقبيل حلول الحول باع خمسا فرارًا من الزكاة لكن في هذه الصورة يجب عليه شاة كاملة زكاة الأربعين لكن في الصورة التي معنا ولا يملك إلا خمسا وثلاثين يكون عليه نسبة الخمس والثلاثين من النصاب أو يجب عليه ما يجب عليه لو تمت الخلطة وهو النصف.
طالب: ...............
لأنه لو وافق صاحبه وأكثر ما يطلب منه نصف مع خليطه.
وقال- رحمه الله- وإن اختلطوا في غير هذا أُخذ- يعني في غير ما تجتمع فيه هذه الشروط- أُخذ من كل واحد منهم على انفراده إذا كان ما يخصه تجب فيه الزكاة أو اختلطوا في مال غير بهيمة الأنعام، اختلطوا في مال غير بهيمة الأنعام أو في بهيمة الأنعام ولما تكتمل الشروط فإنه يؤخذ من كل واحد منهم على انفراده إذا كان ما يخصه تجب فيه الزكاة بأن يكون ملكه تامًا مستقرًا وحال عليه الحول وهو من الأموال التي تجب فيها الزكاة قال "والصدقة لا تجب إلا على الأحرار المسلمين" وفي بعض النسخ أحرار المسلمين "والصدقة لا تجب إلا على الأحرار المسلمين" وفي بعض النسخ على أحرار المسلمين بالإضافة والمعنى واحد؛ لأنه بالإضافة من إضافة الموصوف إلى صفته لا تجب إلا على الأحرار، فالعبيد لا تجب عليهم الزكاة؛ لأنه لا يملك، وهذا قول جمهور أهل العلم، والمكاتَب لا تجب عليه الزكاة؛ لأن ملكه غير مستقِر؛ لأنه لو أعجز نفسه أو عجِز عن أداء آخر نجم من نجوم الكتابة عاد رقيقًا، "المسلمين" فلا تجب الزكاة على الكفار مع أنهم مخاطَبون بفروع الشريعة، يعني لا تجب عليهم حال كفرهم بمعنى أنهم لا يطالَبون بها حال كفرهم ولا تصح منهم إذا دفعوها لتخلف شرط القبول وهو الإيمان { وَمَا مَنَعَهُمۡ أَن تُقۡبَلَ مِنۡهُمۡ نَفَقَٰتُهُمۡ إِلَّآ أَنَّهُمۡ كَفَرُواْ } التوبة: ٥٤ فنفقته غير مقبولة ومعنى أنه مطالب بها كسائر فروع الشريعة أنه يحاسب عليها ويعاقَب عليها في الآخرة، أما في الدنيا فلا تقبل منه إذا أداها ولا يطالَب بها إذا أسلم، لا تقبل منه إذا أدّاها حال كفره وإذا أسلم لا يطالَب بها؛ لأن الإسلام يجُبُّ ما قبله ومن باب الترغيب لدخوله في الإسلام.
طالب: ...............
كيف؟ وهو كافر؟
طالب: ...............
لا.
طالب: ...............
ما تؤخذ إلا على نية الانتفاع بها لا على أنها زكاة مفروضة، وإلا من تبرع بمال بطيب نفس منه لا مانع من أخذه وصرفه في المصارف اللائقة به.
طالب: ...............
يملك ملكا مستقرا، مقتضى ذلك إذا كان يملك عندهم ملكا مستقرا تاما فإنها تجب عليه الزكاة، المبعَّض نصفه عبد ونصفه حر يزكِّي بقدر حريته، والصدقة لا تجب إلا على الأحرار المسلمين "والصغير والمجنون يخرج عنهما وليهما" الصغير والمجنون تجب الزكاة في مالهما عند الجمهور وهم مخاطَبون بها وتكليفهم بها من باب الحكم الوضعي لا من باب الحكم التكليفي؛ لأنه لم يجر عليهما قلم التكليف، رُفع القلم عنهما فلا تكليف عليهما، لكن إيجاب الزكاة في مالهما من باب ربط الأسباب بالمسبَّبات وجد السبب فيوجد المسبب كأروش الجنايات وقِيَم المتلفات تلزم الصبي والصغير إذا أتلف شيئًا أن يدفع وإذا جنى على أحد عليه الأرش، الصغير والمجنون يخرج عنهما وليهما، وجاء الأمر بالاتجار في مال الأيتام لئلا تأكلها الصدقة فدل على وجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون ولا يؤثر في ذلك رفع القلم عنهما؛ لأن هذا الحكم ليس من باب التكليف وإنما هو من باب الأحكام الوضعية، الأحكام الوضعية معروفة ومقررة عند أهل العلم كتقرير الأحكام التكليفية "والسيد يزكي عما في يد عبده لأنه مالكه" هذا العبد بيده أموال يتاجر بها ويضارب بها لكن هي له أو لسيده؟ هي لسيده فالعبد وما يملك لسيده والسيد يزكِّي عما في يد عبده لأنه مالكه "ولا زكاة على مكاتَب" لأنه رقيق ما بقي عليه درهم فلو كُوتب على مائة ألف في كل شهر ألف فسدد تسعة وتسعين نجمًا وبقي واحد قال والله عجزت بقي ألف من مائة ألف إذا أعجز نفسه عاد رقيقًا فالملك غير تام ولا مستقر ولا زكاة على مكاتَب "فإن عجز استقبل سيده بما في يده حولاً" كاتبه سيده وقال له اشتغل واكتسب وارتزق فصار هذا العبد في الأسواق يشتغل في التجارة وصار بيده أموالا لكنها لا تفي بنجوم الكتابة فأعجز نفسه وبيده مبلغ من المال هل نقول إن السيد يزكيه من ملك العبد له أو من إعجازه نفسه إذا أعجز نفسه أو عجز استقبل سيده بما في يده حولاً لماذا؟ لأن ملكه غير تام قبل أن يعجز نفسه لاحتمال أن يسدد فيتحرر فملك السيد غير تام وملك المكاتَب غير تام فالمال في هذه المدة فيه زكاة أو ليس فيه زكاة؟ ليس فيه زكاة لا على السيد ولا على المكاتَب.
طالب: ...............
لكن مع ذلك هو مستقر له هذا ما يدري يصير له أو للعبد، من أي حال؟
طالب: ...............
لا، إن أدى ما عليه فالمال الذي بيده له.
طالب: ...............
أين؟
طالب: ...............
أصل النجم هذا الذي يحل في نهاية الشهر أنت تعامل هذا النجم معاملة دَين؟ ما يمكن لأنه في منتصف الشهر يقول عجزت والله أعود رقيقا، لكن الذي في ذمته دَين ما يمكن أن يقول مثل هذا الكلام لا، فرق.
"وإن أدى وبقي في يده منصب" وإن أدى وبقي في يده منصب يقول في الدر النقي بفتح الميم وسكون النون وكسر الصاد يعني نصابًا وكذا ضبطه الجوهري المنصب بكسر الصاد النصاب من المال، يقول: ورأيت في نسخة قديمة صحيحة من نسخ الخرقي منصَب بفتح الصاد وهو بعيد فأستبعد أن يقع ذلك "وإن أدى وبقي في يده منصب للزكاة استقبل به حولاً" يعني أدى المائة قسط المائة نجم انتهت وبقي في يده مبلغ من المال نصاب كامل أو أكثر من نصاب قبل التأدية عليه شيء أو ليس عليه؟ ليس عليه لاحتمال أن يعود رقيقا لكن أدى وانتهى وتحرر بالكلية هل يتوقع أن يقول أعود رقيقًا؟ سيده لا يستطيع أن يعيده لكن لو قال أعود رقيقًا لأني من خلال الشغل جربت كوني لهذا السيد يتكفل بي أفضل من كوني أكتسب يملك أو ما يملك؟ ما يملك إذا صار حرًّا "وإن أدى وبقي في يده منصب للزكاة استقبل به حولاً ولا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول" ولا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول طيّب بالنسبة للماشية بهيمة الأنعام وعروض التجارة والنقدين هذه أمور متفق عليها، وأما بالنسبة للخارج من الأرض والمعادن هل يستقبل بها حولا؟ أو كما جاء في قول الله جل وعلا { وَءَاتُواْ حَقَّهُۥ يَوۡمَ حَصَادِهِۦ } الأنعام: ١٤١ لأنه جاء نص بهذا المعنى عند ابن ماجه وغيره وإن اختلفوا في رفعه ووقفه لكن اشتراط الحول هو قول عامة أهل العلم في غير الخارج من الأرض والمعادن وإن كان يشمله الخارج من الأرض، ولا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول فإذا تم الحول اثنا عشر شهرًا كاملة يتجاوزون عند المدة اليسيرة، لما بقي يوم تلف المال عليه زكاة أو ليس عليه زكاة؟ يتجاوزون عن الساعة والساعتين وأقل من يوم إنما استقر الوجوب في ذمته بتمام الحول، تم الحول وأخّر اليوم واليومين الذي يتسامح فيها أهل العلم فتلف المال عليه زكاة أو ما عليه؟ يعني بقي يوم لتمام الحول أو زاد يوم على تمام الحول ثمَّ فرق أو لا فرق؟ فرق فإذا تلف المال قبل تمام الحول ولو بشيء يسير كاليوم واليومين فإنه لا زكاة فيه؛ لأنه لم يستقر الوجوب وإن تلف المال بعد تمام الحول بيوم أو يومين وإن تسامح أهل العلم في وجوب التأخير إلى اليوم واليومين والناس يتساهلون في هذا كثيرًا، يؤخرون المدة الطويلة وقد يؤخر سنين وهذا لا شك أنه تعدٍ على أموال الآخرين الذين هم الفقراء وحرمان لهم من حقوقهم، فلا يجوز تأخيرها وماذا عن التقديم قال المؤلف .."يجوز تقدمة الزكاة" يجوز تقدمة الزكاة لمدة عام وبعضهم يقول ولو عامين؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- تعجل الزكاة من العباس، ولا شك أن التعجيل هو من مصلحة الفقراء ولا يتضرر إلا صاحب المال في التعجيل فإذا بذله بطيب نفس منه فالأمر لا يعدوه، ومنهم من قال لا يجوز التعجيل حتى يحول عليه الحول لاحتمال أن تكون حاجة الفقير إذا حال عليه الحول أشد من حاجته اليوم، وقد يطرأ لمال الغني ما يجعله يندم على التعجيل، وعلى كل حال القول بجواز التعجيل لعام هذا فيه النص فلا مانع منه لاسيما إذا دعت الحاجة، أصابت الناسَ سنةٌ مجدبة واشتدت حاجتهم إلى المال فطلب الإمام من بعض الناس أن يُعجل كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- مع العباس فهذا لا شك في جوازه.
طالب: أحسن الله إليك لو عجل...
نعم "ومن قدم زكاة ماله فأعطاها لمستحقها فمات المعطى قبل الحول أو بلغ الحول وهو غني منها أو من غيرها أجزأت عنه" طيب عجل لمدة سنة ثم طرأ وحدث ما لم يكن في حسبانه أنه افتقر وأعطاها زيد من الناس باسم الزكاة ونص على أنها زكاة، والصورة الثانية لم ينص على شيء أعطاه إياها وما قال له شيئا هو فقير مستحق يرجع أو ما يرجع؟ من أهل العلم من يقول إنها إذا أعطاها إياه على أنها زكاة وافتقر قبل تمام الحول فإنه يرجع عليه ولا يكون عود في هبة؛ لأن هذه ليست هبة فكأنه أعطاه إياها مشروطة بتمام الحول، هناك شروط عرفية لا تحتاج إلى تصريح فهو يعطي هذا الفقير زكاة ولا تكون زكاة إلا بتمام شروطها فكأنه اشترط أنها زكاة إن كانت واجبة عليّ، يعني كما لو قال زيد لعمرو إن امرأتك ركبت مع شخص فقال هي طالق فتبين أن هذا الشخص كاذب يقع الطلاق أو ما يقع؟ لا يقع هذا شرط عرفي وإن لم يكن ذكري كأنه قال إن كانت ركبت مع فلان فهي طالق فمثل هذا الاشتراط العرفي منهم من يقول إذا أداها باسم الزكاة فإنه يرجع بها على الفقير، وإن أعطاها إياه وسكت فالفقير قبِلها على أنها مال مدفوع يحتمل أن يكون هبة ويحتمل أن يكون صدقة والرجوع في الهبة لا يجوز يعني لا يرجع، ومنهم من يقول لا يجوز الرجوع مطلقًا وهذا هو المتجه لا يجوز الرجوع مطلقًا، ومن أدى زكاة ماله فأعطاها لمستحقها قدم الزكاة قبل سنة فأعطاها فقيرا تتوافر فيه الشروط فمات المُعطى قبل الحول الميت تصرف له الزكاة أو ما تصرف؟ لا تصرف له الزكاة ولو كان فقيرًا لو كان مدينًا لو كان غارمًا لماذا؟ لأن الذمة غير صالحة للملك والله جل وعلا يقول: { إِنَّمَا ٱلصَّدَقَٰتُ لِلۡفُقَرَآءِ } التوبة: ٦٠ يعني تمليك لهم فمات المعطى قبل الحول أو بلغ الحول يعني ما تعطى زكاة لسداد دين عن ميت لأنه غير قابل، محل غير قابل لكن أعطاها قبل حلولها بسنة لشخص تتوافر فيه الشروط وهو محل قابل أثناء أداء الزكاة لكن وقت حلولها غير قابل فعندنا كما في القاعدة التي يقررها أهل العلم إذا كان للعبادة سبب وجوب ووقت وجوب لا يجوز تقديمها على السبب، تدفع مالا معك مائة ريـال تقول هذه زكاة فيما لو ملكت أربعة آلاف حال عليها الحول يجوز أو ما يجوز؟ لا يجوز لأنها تقديم على سبب الوجوب، يعني مثل ما قالوا في كفارة اليمين قبل الحلف ويجوز بعد انعقاد السبب وقبل وقت الوجوب مثل ما لو كفّر بعد انعقاد اليمين وقبل الحنث، قال: ومات المُعطى قبل الحول أو بلغ الحول وهو غني لما حال الحول في الزكاة المعجلة المحل غير قابل ميت أو غير قابل لأنه غني لكنه في وقت دفع الزكاة المحل قابل فالزكاة صحيحة غني منها أو من غيرها أجزأت عنه؛ لأنه في وقت الدفع المحل قابل والشروط متوافرة، طيب كثير من الناس يقدم على الجهات التي تُعين على الأعمال، تعين على الزواج مثلاً وأمامه أعداد هائلة، جلس خمس سنوات مثلاً كما هو الحاصل في بعض الجهات ثم خرج اسمه وإذا به غني يأخذ أو لا يأخذ؟ لا يأخذ. لماذا؟ لأنه في وقت الدفع غير قابل في وقت الدفع محل غير قابل أجزأت عنه "ولا يجزئ إخراج الزكاة إلا بنية" لعموم «إنما الأعمال بالنيات» لعموم حديث «إنما الأعمال بالنيات» والزكاة عبادة لا تصح إلا بنية كالصلاة والصيام والحج وغيرها، وفيها أيضًا ما يقتضي النية للتفريق بين واجبها ومندوبها كالصلاة فلا بد من النية أثناء إخراج الزكاة أو قبلها بيسير "إلا أن يأخذها الإمام منه قهرًا" إذا امتنع من دفع الزكاة فالإمام يأخذها منه قهرًا، يأخذها منه بغير نية فهذا الاستثناء للإجزاء أو للقبول؟ الظاهر للإجزاء بمعنى أنه لا يطالَب بها مرة أخرى، يقال والله أنت دفعت زكاة بغير نية لو أُجبر الإنسان على الصلاة وصلى هل يؤمر بها ثانية؟ لا يؤمر بها ثانية، أما ثبوت الحكم المترتب عليه من صحتها في حقيقة الحال أو الثواب المرتب عليها فهذا لا يتم له إلا بنية، ومنهم من يقول إذا أخذها الإمام منه قهرا أجزأت عنه ظاهرًا وباطنًا فلا يطالَب بها في الدنيا وتبرأ ذمته منها في الآخرة، ولا شك أن القول المتجه في وجوب النية وأنها لا تصح إلا بها يقتضي أنها لا تجزئ باطنًا إلا بالنية وأما إجزاؤها ظاهرًا فيتم ولو بغير نية بمعنى أنه لا يطالَب بها مرة أخرى.
طالب: ...............
تاب وأخذها الإمام منه قهرًا يبرئ ذمته لا بد أن يخرجها مرة ثانية من تمام توبته أن يخرجها ثانية.
طالب: ..............
يخرجه، عسى يأتي هذا.. أظنه سيأتي..
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك...
"