شرح مختصر الخرقي - كتاب البيوع (09)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، قال -رحمه الله تعالى-: والنجش منهي عنه" تعريفه عند المؤلف "هو أن يزيد في السلعة وليس هو مشتريًا لها" يزيد في السلعة وهو لا يريد شراءها: إما من أجل نفع البائع، أو ضرر المشتري، يزيد في السلعة ومع الأسف أن هذا موجود في أسواق المسلمين، يزيد في قيمتها فإذا سيمت بمائة قال مائة وعشرة، وإذا قال الأول مائة وخمسة عشر قال مائة وعشرون، فإذا زاد في قيمتها إلى حد يخشى أن تباع عليه أو يتفق هو وصاحب السلعة بحيث لا يبيع عليه فيحرجه أمام الناس، يكتفي بأن إذا وصلت الحد الذي يزاد عليه وقف، ثم بعد ذلك يبيعها على غيره لأنه لا يريد هذه السلعة يريد أن ينفع صاحب السلعة أو يضر المشتري وقد كثرت الحيل في رفع أقيام السلع عن ما تستحقه، ومع الأسف أنها في كثير من الصور توجد في كثير من السلع أيضًا، يعني إذا قلنا أنها موجودة في السيارات وفي العقار وفي السلع التي يراد منها التجارة توجد أيضًا في بعض ما يتداوله بعض الناس مما يتقرب به إلى الله، شخص جاء إلى مكتبة فقال لهم أريد الكتاب الفلاني ولو وصل إلى ثلاثة آلاف، عُرض الكتاب على هذه المكتبة بألفين وخمس وهو لا يساوى ولا ألف وخمس، فاشتراه صاحب المكتبة باعتبار أنه سوف يكسب خمسمائة على هذا، ثم اتصل عليه قال وجدنا بغيتك جاء الكتاب نسخة نظيفة، قال: والله وجدت نسخة واشتريت هذه حيلة محرمة- نسأل الله العافية- وهذا في كتاب من كتب التفسير أو الحديث، ثم بعد ذلك يحتمل أن يكون هو نفسه الذي بعث النسخة للمكتبة، عنده نسخة يريد أن يبيعها فذهب إلى المكتبات وقال أنا حريص على الكتاب الفلاني أشتريه ولو بثلاثة آلاف، يعني من الصور أن يبعث نسخته هذا من النجش المحرم، صورة من صور النجش، ويُذكر أن شخصًا بريطاني في مصر عنده درة نفيسة يعني تستحق على ما ذكروا في زمن مضى من أربعين سنة أو خمسين سنة، قالوا تستحق عشرة آلاف جنيه، فذهب إلى الصاغة وقال أنا أريد مثل هذه ولو بخمسين ألف جنيه، أنا أريد أن أضمها مع هذه لتكون عقدًا يقول لزوجته، ثم ذهب إلى الفندق الذي يسكنه وبعث نفس الدرة التي عنده فاشتُريت بمبلغ كبير جدًا بالخمسة وثلاثين أو بأربعين ألف وهي ما تساوى عشرة، فلما قبض الثمن كان حاجزا ومشى، هذه صور من صور التلاعب بالأسواق أسواق المسلمين والضحك عليهم والتغرير بهم والخداع لهم، كل هذه صور محرمة ومع الأسف أن الهدف عند كثير من الناس صار هو الكسب، والحلال كما قال بعضهم ما حل باليد؛ ولذلك تساهلوا في العقود المحرمة إلى العقد الذي هو في حقيقته حرب لله ورسوله الذي هو الربا المجمع على تحريمه الذي يبعث صاحبه مجنونًا يوم القيامة { ٱلَّذِينَ يَأۡكُلُونَ ٱلرِّبَوٰاْ لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ ٱلَّذِي يَتَخَبَّطُهُ ٱلشَّيۡطَٰنُ مِنَ ٱلۡمَسِّ } البقرة: ٢٧٥ وصل إلى هذا الحد فما قيمة الحياة وما قيمة المال في مقابل هذه النصوص التي تتضمن الوعيد الشديد على من تعامل بهذه المعاملات! قال "والنجش منهي عنه وهو أن يزيد للسلعة وهو ليس مشتريًا لها" حصل النجش والسيارة بدلا من أن تباع بخمسين ألفا وصلت إلى ثمانين إلى حد يثبت فيه خيار الغبن، فهل يصحح البيع أو يقال البيع صحيح وللمشتري الخيار؟ هل النهي يقتضي البطلان أو يقال الأمر لا يعدوه مثل تلقي الركبان إن أجازه فالأمر إليه وإن أراد فسخ البيع خيار الغبن فله ذلك؟.
النهي عائد إلى ذات المنهي عنه أحسن الله إليك.
النهي عائد إلى ذات العقد أو إلى أمر خارج؟
طالب: ................
نريد يا أبا عبد الله الجزء الرابع من فتح الباري؛ لأنه انتظم الجمل الأربع جميعا: النجش، وتلقي الركبان، وحاضر لباد.
طالب: أحسن الله إليك لو علم أن أصحاب السوق قد اتفقوا...
نعم، هذه المسألة عكس ما نحن فيه، يوجد هذا في الحراج كثيرا، يجتمع السماسرة ويتفقون على ألا يزيدوا في السلع يأتي الرجل بأثاثه ثم يسومها أولهم بخمسمائة ريـال ولا يزودون وهو يساوى خمسة آلاف وفي النهاية يتقاسمونه هذا عكس النجش وهما في الحكم سواء؛ لأن الضرر في الصورة الأولى على المشتري وفي الصورة الثانية على البائع، هل نقول إن هذا النهي يقتضي البطلان أو نقول إنه على إجازة المشتري؟ في الصورة الأولى وعلى إجازة البائع في الصورة الثانية، والأمر لا يعدوه كما سيأتي في النهي عن تلقي الركبان.
طالب: ................
لا، يسوون.
طالب: ................
يزيد فيها ولا يريد شراءها، نعم إذا كان يريد شراءها فلا إشكال هذا محتسب و محسن إذا رأى هؤلاء النفر تآمروا على هذا البائع ولم يزد بعضهم على بعض ووقفت السلعة على ربع الثمن أو ثلث الثمن، وقال مادامت بهذه القيمة أنا أريدها إذا كانت بأقل من قيمتها التي تستحقها أنا أستفيد والبائع يستفيد وأقطع الطريق على هؤلاء المتآمرين هذا مأجور إن شاء الله.
طالب: ................
على كل حال إذا كان يريد شراءها، أما إذا كان لا يريد شراءها فهو ناجش "وهو أن يزيد في السلعة وليس هو مشتريًا لها" وما بيّن الحكم هل يصح البيع أو لا يصح؟ "فإذا باع حاضر لباد فالبيع باطل" نهى عن النجش ولا يبيع حاضر لباد، المساق واحد في الحديث عند البخاري ولا يبيع حاضر لباد قال "فإن باع حاضر لباد فالبيع باطل" هل الحكم خاص في المسألة الثانية أو يشمل المسألة الأولى أيضًا؟
طالب: ................
نعم هو لأنه جعله بين جملتيها "وهو أن يخرج الحضري إلى البادي وقد جلب السلعة فيعرِّفه السعر ويقول أنا أبيع لك فنهى النبي -عليه الصلاة والسلام- عن ذلك وقال «دعوا الناس يرزق بعضهم من بعض»" هذا البادي عنده غنم تكاثرت عنده، ثم يخرج إليه الحاضر ويقول: الغنم الرأس الآن بألف، يريد أن ينزل إلى السوق ومعه غنمه يبيعها بسعر يومها، ولا شك أن البيع والشراء لهما ظروفهما، ومسألة العرض والطلب كما يقولون لها أثر في القيمة، فإذا جلب أكثر من واحد نزلت الأسعار، لكن إذا قال الحاضر للبادي أنا أبيعها لك الرأس بألف ولو تركه باعها بسبعمائة ثمانمائة انتفع هو لأنها تناسلت عنده، وانتفع الناس المشترون منه، وقد يقول: أنا أخزنها لك حتى تأتي بالقيمة التي تريدها فحرم الناس من الانتفاع بما ييسره الله من نزول هذه السلعة بناء على كثرة العرض قال "فالبيع باطل وهو أن يخرج الحضري إلى البادي وقد جلب السلعة فيعرفه السعر ويقول أنا أبيع لك فنهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك وقال «دعوا الناس يرزق بعضهم من بعض »" يعني بدلاً من أن يبيع هذا البادي بسبعمائة، ثمانمائة وينتفع الحاضر بمائة أو بمائتين أو أكثر أو أقل كل منهما مستفيد، لو أن البادي اشتراها بألف ثم جلبها للسوق وتآمر الناس عليه أو ما وجد قيمة مناسبة فأيضًا الإضرار به مدفوع في الشرع "ونهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن تلقي الركبان" تلقي الركبان قبل أن يصلوا إلى السوق فيعرفوا الأسعار "فإن تلقوا واشتري منهم فهم بالخيار إذا دخلوا السوق" سلعة تستحق ألفا ثم يتلقاه من تلقاه من السماسرة ويشتريها بخمسمائة هؤلاء "بالخيار إذا دخلوا السوق وعرفوا أنهم قد غُبنوا إن أحبوا أن يفسخوا البيع فسخوا" وجاء النهي عن تلقي الركبان في الصحيحين وغيرهما "ونهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن تلقي الركبان فإن تلقوا واشتري منهم فهم بالخيار إذا دخلوا السوق وعرفوا أنهم قد غبنوا إن أحبوا أن يفسخوا البيع فسخوا" في مسألة النجش ما ذكر حكما، وبيع الحاضر للبادي حكم ببطلان البيع، والمسألة الثالثة التي هي تلقي الركبان حكم بالخيار، والنهي واحد في الحديث كلها جاء النهي عنها فهل حكمها واحد؟ أو لكل مسألة حكم يخصها؟ يوجد شيء يا إخوان؟
طالب: ................
لا، إذا وصل البائع السوق خلاص إذا ما استقصى صار مفرطا هو الذي أضاع حقه، لكن كونهم يتلقون خارج البلد هذا هو الإشكال. في البخاري يقول- رحمه الله- : باب النجْش يقول ابن حجر بفتح النون وسكون الجيم وبعدها معجمة وعندنا مضبوطة بفتح الجيم يقول باب النجْش ومن قال لا يجوز ذلك البيع، وقال ابن أبي أوفى الناجش آكل ربًا خائن، وهو خداع باطل لا يحل، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- «الخديعة في النار» «ومن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» حدثنا عبد الله بن مسلمة، قال: حدثنا مالك عن نافع عن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن النجْش، قال الشارح- رحمه الله- باب النجْش بفتح النون وسكون الجيم بعدها معجمة، وفي اللغة تنفير الصيد واستثارته من مكانه ليصاد، يقال: نجشت الصيد أنجشه بالضم نجشًا، وفي الشرع الزيادة في ثمن السلعة ممن لا يريد شراءها ليقع غيره فيها؛ سمي بذلك؛ لأن الناجش يثير الرغبة في السلعة ويقع ذلك بمواطئة البائع فيشتركان في الإثم، ويقع ذلك بغير علم البائع فيختص بذلك الناجش، وقد يختص به البائع كمن يخبر بأنه اشترى سلعة بأكثر مما اشتراها به ليغر غيره بذلك، كما سيأتي من كلام الصحابي في هذا الباب، قال ابن قتيبة: النجش الختل والخديعة ومنه قيل للصائد ناجش؛ لأنه يختل الصيد ويحتال له، قوله: "ومن قال لا يجوز ذلك البيع" كأنه يشير إلى ما أخرجه عبد الرزاق من طريق عمر بن عبد العزيز أن عاملاً له باع سبيًا فقال له لولا أني كنت أزيد فأنفقه لكان كاسدًا، يقوله لعمر بن عبد العزيز، ينجش ويزيد من أجل بيت المال، ويقول ذلك لعمر بن عبد العزيز، قال: إن عاملاً له باع سبيًا فقال له لولا أني كنت أزيد فأنفقه لكان كاسدًا فقال له عمر هذا نجش لا يحل، فبعث مناديًا ينادي: إن البيع مردود وإن البيع لا يحل، قال ابن بطال: أجمع العلماء على أن الناجش عاص بفعله، واختلفوا في البيع إذا وقع على ذلك، ونقل ابن المنذر عن طائفة من أهل الحديث فساد ذلك البيع، وهو قول أهل الظاهر ورواية عن مالك وهو المشهور عند الحنابلة إذا كان ذلك بمواطئة البائع أو صنعه، والمشهور عند المالكية في مثل ذلك ثبوت الخيار في المسألة الأولى كالثالثة ووجه للشافعية قياسًا على المصراة والأصح عندهم صحة البيع مع الإثم، وهو قول الحنفية، ولا شك أنه إذا كانت الزيادة مؤثرة فالخيار ثابت بخيار الغبن والأصح عندهم صحة البيع مع الإثم وهو قول الحنفية، وقال الرافعي أطلق الشافعي في المختصر تعصية الناجش وشرط في تعصية من باع على بيع أخيه أن يكون عالمًا بالنهي، وأجاب الشارحون بأن النجش خديعة وتحريم الخديعة واضح لكل أحد وإن لم يعلم هذا الحديث بخصوصه بخلاف البيع على بيع أخيه فقد لا يشترك فيه كل أحد، استشكل الرافعي الفرق بأن البيع على بيع أخيه إضرار والإضرار يشترك في علم تحريمه كل أحد، قال: فالوجه تخصيص المعصية في الموضعين بمن علم التحريم يعني العامل هذا لعمر بن عبد العزيز يتوقع أنه يعلم التحريم ويعرض المسألة على عمر بن عبد العزيز؟! ما يظن به أنه يعلم التحريم، وقد حكى البيهقي في المعرفة والسنن عن الشافعي تخصيص التعصية في النجش أيضًا بمن علم النهي فظهر أن ما قاله الرافعي بحثًا أورده احتمالا وهو من منصوص الشافعي-رحمه الله-ولفظ الشافعي في النجش أن يَحضر الرجل أو يُحضر الرجل السلعة تباع فيعطى بها الشيء وهو لا يريد، أو أن يَحضر الرجل السلعة تباع فيعطي بها الشيء وهو لا يريد شراءها ليقتدي به السوام فيعطون بها أكثر مما كانوا يعطون ممن لم يسمعوا سومه، فمن نجش فهو عاص بالنجش إن كان عالم بالنهي، والبيع جائز لا يفسده معصية، رجل نجش يعني باعتبار انفكاك الجهة وأن النهي يعود لأمر خارج، لكن إذا تبين أن هناك غبنا فالخيار للمشتري بخيار الغبن، والمسألة الثانية الخيار للبائع بخيار الغبن أيضًا فيه المسألة الثانية التي قلنا أنهم يجتمعون يعني السماسرة يجتمعون ولا يزيدون في السلع فتباع بأبخس الأثمان، وقال ابن أبي أوفى: الناجش آكل ربًا خائن هذا طرف من حديث أورده المصنف في الشهادات في باب قول الله تعالى { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَشۡتَرُونَ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ وَأَيۡمَٰنِهِمۡ ثَمَنٗا قَلِيلًا } آل عمران: ٧٧ ثم ساق فيه من طريق السكسكي عن عبد الله بن أبي أوفى قال: أقام رجل سلعته فحلف بالله لقد أعطي فيها ما لم يعط فنزلت، قال ابن أبي أوفى: الناجش آكل ربًا خائن أورده من طريق يزيد بن هارون عن السكسكي، وقد أخرجه ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور عن يزيد مقتصرين على الموقوف، وأخرجه الطبراني من وجه آخر عن ابن أبي أوفى مرفوعًا لكن قال: ملعون بدل خائن، وأطلق ابن أبي أوفى على من أخبر بأكثر مما اشترى به أنه ناجش لمشاركته لمن يزيد في السلعة وهو لا يريد أن يشتريها في غرور الغير فاشتركا في الحكم لذلك، وكونه آكل ربا بهذا التفسير يعني الزيادة في السلعة كما يكون بالقول يكون بالفعل، سلعة اشتراها بقيمة قبل عشر سنوات لكنها في هذه السنة تضاعفت قيمتها فيمسح القيمة السابقة ويضع السعر الجديد هذا يوهم أنه اشتراها بهذا الثمن، لكن لو مسح القيمة ولم يضع شيئًا كتاب اشتراه بمائة والآن يستحق مئتين ومكتوب عليه مائة، المشتري إذا رأى المائة لن تجود نفسه بأكثر من شيء يسير ربح، لكن إذا مسحت القيمة أو وضع عليه بدل المائة مائتين فإنه يقدم على الشراء بما يذكر له، لاسيما وأن الكتاب يستحق هذه القيمة فهل يجوز له أن يمسح السعر الأول القيمة الأولى ويضع القيمة التي تستحقها الآن؟
طالب: ..........
لا، هو يدل على أن هذه القيمة اشتراها بكذا؛ لأن هذا ليس تسعيره، هو يعرف أنه زبون ليس بتاجر كتب.
طالب: ..........
تغير السعر لكن يدل على أنه اشتراها بهذه القيمة.
طالب: ..........
كذب بلا شك.
طالب: لكن أحسن الله إذا محاها مجرد محو عدم إخباره بقيمتها..
مجرد محو لا يضره، لكن إذا أثبت قيمة.
طالب: لا هذا كذب.
بلا شك كذب، والمشتري أيضا يمكن أن يقول هذا الكتاب منقطع من السوق من عشر سنين يمكن أنه اشتراه بمئتين من ذلك الوقت.
طالب: ..........
كيف؟
طالب: ..........
نعم له أثر.
طالب: ..........
معروفة مئتين لكن احتمال؛ لأن هذا سعر البائع ليس بسعر المشتري، يقول والله أبيع بهذا السعر وهذه كتابتي يوهم المشتري أنه اشتراه بكذا والكتاب معروف أنه انقطع من عشر سنين، المشتري يدفع ثلاثمائة، يعني هناك كذب فعلي، مرة قال رجل المرور بعد أن كثر عليه الناس والتفتيش طال قال بالمكبر: من ليس معه رخصة فليتوقف، فمشوا كلهم كثير منهم ليس معه رخصة، ماذا نسمي هذا؟
طالب: ..........
هذا كذب بلا شك، لكن هل يلزمه أن يخبر أن ليس معه رخصة؟ أو يستتر بستر الله ويمشي؟
طالب: ...........
الصور لا تنتهي وبحثها مهم جدًا كونه كذب بفعله لأنه أوهم أنه معه رخصة، لكن هل يلزمه أن يخبر؟ أن ليس معه رخصة؟ لو كانوا يفتشون قال والله أنا ما معي يا إخوان ولو ما سئل ما يلزمه ذلك.
وأطلق ابن أبي أوفى على من أخبر بأكثر مما اشترى به أنه ناجش لمشاركته لمن يزيد في السلعة وهو لا يريد أن يشترها في غرور الغير فاشتركا في الحكم لذلك وكونه آكل ربا بهذا التفسير، وكذلك يصح على التفسير الأول إن واطأه البائع على ذلك، الآن إطلاق الربا في مثل هذه الصورة وفي مثل كل قرض جر نفعًا فهو ربا، هل يدخل في حد الربا أو لا يدخل؟ الربا اللغوي الذي فيه زيادة، لكن الربا الاصطلاحي الذي هو ربا الفضل أو ربا النسيئة ينطبق عليه؟
طالب: .............
هو كذب قال: اشترى الكتاب بثلاثمائة وهو مشتريه بمئتين، وأظهر نفسه أنه محسن على طالب العلم ولا يريد أن يكسب عليه كثيرا، وأنه يبيعه برأس ماله بثلاثمائة وهو مشتريه بمئة وخمسين أو بمئتين هذا لا شك أنه كاذب وغاش ومتشبع.
طالب: .............
أخبر ابتداءً، بعضهم أبدا ما يهتم لهذه الأمور، يعني الكذب عندهم من أيسر الأمور في سبيل أنه يحصل على المبلغ الذي يريده، ومع الأسف أن هذا يوجد في المسلمين في العصور المتأخرة بكثرة! طيب بعض الناس يزيد في السلعة أضعافا، أحيانًا عشرة أضعاف ومحتجًا بأنه لو أخبر بالسعر الحقيقي ما مشت السلعة؛ لأن أكثر الناس إنما يشتري على القيمة يجعل الجودة والرداءة تتبع القيمة وهذا كثير في من يتعامل مع النساء، القماش المتر بعشرة ولو قال للمرأة بعشرين قالت ليس بجيد، لكن يضطر أن يقول بمئتين حتى تقول أنه أجود ما في السوق، وهذا موجود مع الأسف في أسواق المسلمين، فهو يقول أنا والله أبد ائتني بزبائن يشترون مني بمكسب يسير وأبيع لكن إذا قلت بعشرين لم يشتر، أقول هذا ليس بمبرر إنما يبيع بربح لا يشق على الناس فيه وسوف يرزقه الله جل وعلا.
طالب: ............
لا، ليس كل الأسواق سوق عن سوق، بعض الأسواق ترفع بعض الأسواق شعبية لا ترفع.
طالب: ............
أين؟
طالب: ............
ليست مسألة خمسين، المسألة أنه يأخذ ربحا يناسب الأتعاب ويناسب الخسائر على هذه السلع، ويناسب أيضًا ما يحتاجه في معيشته ومعيشة ولده؛ لأنه ليس جالسا للناس متبرعا بدون فائدة.
طالب: ............
فيه ألف محظور.
طالب: ............
كيف تجارة؟!
طالب: ............
هل يستطيع أن يقول والله أنا شاري بعشرين وأبيعه لك بمئتين؟! أو يستغل غفلة هؤلاء النسوة وأشباه النسوة ويفعل هكذا؟! هو يستغل غفلتهم بلا شك.
طالب: ............
نعم لكن يبيع بعشرة أضعاف؟!
طالب: ............
لا لا.
طالب: ............
على كل حال مثل هذا لا يجوز بحال؛ لأن مثل هذا غش للناس.
طالب: ............
لا، المراعى تكاليفه، أحيانًا المحل يكون أجرته مائة ألف، وأحيانًا يكون بعشرة آلاف في حي آخر يراعي مثل هذا لأنه لا بد أن يكسب.
طالب: ............
قصة حاصلة لواحد من طلاب العلم، جاء واشترى قماشا لزوجته المتر بخمسة عشر فجلس عند قريب له في دكان، فجاءت امرأة تبحث عن نفس القماش الذي اشتراه من محل ثاني، قال بمئة وخمسين قال أليس هذا هو؟! قال بلى هذا هو، قال أنا اشتريته من جارك بخمسة عشر، قال لو أرادت بعشرة، لكن لو لم أعرضه بمئة ما شرت، ستقول ليس جيدا فضلاً عن كونه قال بعشرين أو بخمسة عشر.
طالب: ............
الضعف سهل لكن هذه عشرون ضعفا.
طالب: ............
حنكة البيع عشرين ضعفا يضحك على الناس؟!
طالب: ............
ما تحمل يا أخي من أردى القماش ما هي سلعة طيبة.
طالب: ............
يا شيخ هؤلاء مغفلون مثل حبان بن.. كلهم.
طالب: ............
صفقة أنا حضرتها كنا خارجين من الجامع الكبير وعنده ناس يبيعون العسل، وعنده شخص يبيعون ثلاثة سطول من هذه التي تفرك الحديد معدن، تفرك هكذا، قال الذي معي على كم؟ قال: على سبعمائة، الثلاث بألفين ومئة، أحط عنك المئة، قال ما معي إلا خمسة عشر ريـالا، الواحدة بخمسة، قال: يا عمنا ولا حق السطل، قال: ما معي إلا خمسة عشر، وباع عليه، ما مشينا إلا بالعسل، مثل هذا هل يجوز في أسواق المسلمين؟ هل هذا من النصح لكل مسلم؟!
طالب: ............
لا، ما يرضى يا رجل، الله المستعان.
طالب: ............
على كل حال متى باع بنفس الوقت؟
طالب: ............
خلاص هذا الوقت، الوقت له دوره على كل حال دعونا نكمل درسنا.
قال: وأطلق ابن أبي أوفى على من أخبر بأكثر مما اشترى به أنه ناجش لمشاركته لمن يزيد في السلعة وهو لا يريد أن يشتريها في غرور الغير فاشتركا في الحكم لذلك وكونه آكل ربا بهذا التفسير، وكذلك يصح على التفسير الأول إن واطأه البائع على ذلك وجعل له عليه جعلاً فيشتركان جميعا في الخيانة، وقد اتفق أكثر العلماء على تفسير النجش.
اتفق أكثر! ما تجي مثل ما يقول الحافظ: أجمع جمهور أئمة الأثر ما تجتمع أجمع جمهور.
وقد اتفق أكثر العلماء على تفسير النجش في الشرع بما تقدم، وقيد بن عبد البر وابن العربي وابن حزم التحريم بأن تكون الزيادة المذكورة فوق ثمن المثل، قال ابن العربي: فلو أن رجلاً رأى سلعة رجل تباع بدون قيمتها فزاد فيها لتنتهي إلى قيمتها لم يكن ناجشًا عاصيًا بل يؤجر على ذلك بنيته، وقد وافقه على ذلك بعض المتأخرين من الشافعية وفيه نظر إذ لم تتعين النصيحة في أن يوهم أنه يريد الشراء وليس من غرضه بل غرضه أن يزيد على من يريد الشراء أكثر مما يريد أن يشتري به، فللذي يريد النصيحة مندوحة عن ذلك أن يعلم البائع بأن قيمة سلعتك أكثر من ذلك ثم هو باختياره بعد ذلك، ويحتمل ألا يتعين عليه إعلامه بذلك حتى يسأله للحديث الآتي «دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض» فإذا استنصح أحدكم أخاه فلينصحه والله أعلم.
شخص جاء من دولة من دول الخليج وجاء بقماش لزوجته متره بثلاثة دراهم، ومن باب جواز الكذب على الزوجة قال بثلاثمائة، ذهبت وفصلته تفصيلا جيدا وحضرت به زواجا، وكل من سألها من النساء قالت المتر بثلاثمائة فجاءت وشنطتها مملوءة من الدراهم ليُشترى لهن مثله من من هذه الدولة، الزوج أسقط في يده كيف يشتري لهن بثلاثمائة وهو قد اشترى بثلاثة.
طالب: ............
ليست أرزاقا هو غاش قال بثلاثمائة، ما الذي حصل؟ قال: أخبرها بالواقع، فما الذي حصل منها؟ أقبلت عليه بالسب والشتم واللوم كيف تجعلني أحضر عرسا بثوب قيمته ثلاثة دراهم؟! وهو قد أعجب الحضور، المسألة يعني لا بد أن يُنظر بعناية في مثل هذه التصرفات من النساء هذا محل الحجر.
طالب: ............
أنت ما تدور مكسبا ولا تدور شيئا
طالب: ............
نعم لكن إذا جابت لك وصايا لكن شوف الآن العقول؟! يعني حضرت العرس وهي رافعة الرأس يعني شيء ما يخطر! لما أخبرها غضبت وسبت وشتمت ولامت وكيف تحضر عرسا بهذا الثوب الذي ما يلبسه ولا الخدم؟!
طالب: ............
تسعة دراهم.
قوله: "وهو خداع باطل لا يحل" هو من تفقه المصنف وليس من تتمة كلام ابن أبي أوفى، وقد ذكرنا توجيه ما قاله المصنف قبل قوله قال النبي -عليه الصلاة والسلام- «الخديعة في النار» «ومن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد« أما الحديث الثاني فسيأتى موصولاً من حديث عائشة في كتاب الصلح، وأما حديث «الخديعة في النار» فرويناه في الكامل لابن عدي من حديث قيس بن سعد بن عبادة قال: لولا أني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول «المكر والخديعة في النار» لكنت من أمكر الناس وإسناده لا بأس به، وأخرجه الطبراني في الصغير من حديث ابن مسعودن والحاكم في المستدرك من حديث أنس، وإسحاق بن راهويه في مسنده من حديث أبي هريرة، وفي إسناد كل منها مقال لكن مجموعهما يدل على أن للمتن أصلاً، وقد رواه ابن المبارك في البر والصلة عن عوف عن الحسن قال: بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال فذكره. قوله عن النجش تقدم أن المشهور أنه بفتح الجيم وحكى المطرِّزيُّ فيه السكون.
كيف؟! في الأول يقول..
طالب: ...............
لا، يقول بفتح النون وسكون الجيم، وفي النهاية عن النجش تقدم أن المشهور أنه بفتح الجيم وحكى المطرزي فيه السكون يعني بأقل من ورقة.
طالب: ...............
تقدم أن المشهور فيه أنه بفتح الجيم وحكى المطرزي فيه السكون، وهنا قال بفتح النون وسكون الجيم بعدها معجمة.
طالب: ...............
لا، تقدم أنه بفتح الجيم.
طالب: ...............
تقدم أن المشهور بفتح الجيم وحكى.. إلا إذا كان في موضع ثاني فيمكن، لكن هذا أقرب «ولا تناجشوا».. شوف «ولا تناجشوا» في الحديث الذي قبله.
«ولا تناجشوا» عطف على صيغة النهي على معناها ما ذكر فيه شيئا إلا إذا كان عن قبل لكن أقرب محل في الباب نفسه.
طالب: ...............
أين؟
طالب: ...............
فيه إيجاب وقبول، وسلعة موجودة، مباح، و الثمن معلوم، والسلعة معلومة يعني الشروط متوافرة.
طالب: ...............
لا، شروط البيع كلها متكاملة، وقعت زيادة في الثمن بسبب هذا الفعل الخارج فأكثر ما يقال أن المشتري المغبون بالخيار.
طالب: ...............
لكن قد يكون العاقد طرفا في النجش في الصورة التي تشمل الناجش والمنجوش له.
طالب: ...............
من لا يريد شراءها في حال ما إذا كان البائع لا يعلم واضح، أما إذا كان باتفاق بينه وبين الناجش الأمر واضح والحكم واحد.
طالب: ...............
إذا كانت بقيمتها لا.
فإن باع حاضر لباد.. الصحيح الخيار الأمر لا يعدوهم قد يقدم المشتري وإن ارتفعت القيمة لحاجته لهذه السلعة. "فإن باع حاضر لباد فالبيع باطل وهو أن يخرج الحضر إلى البادي وقد جلب السلعة" إلى آخره.
قال رحمه الله: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يبيع حاضر لباد.
تفضل.
المؤذن يؤذن.
يقول الإمام- رحمه الله- باب هل يبيع حاضر لباد بغير أجر، وهل يعينه أو ينصحه، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- "إذا استنصح أحدكم أخاه فلينصح له" ورخص فيه عطاء ثم ذكر حديث جرير- رضي الله عنه- يقول بايعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والسمع والطاعة لكل مسلم، ثم ذكر حديث ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «لا تلقوا الركبان ولا يبيع حاضر لباد» قال فقلت لابن عباس ما قوله «لا يبيع حاضر لباد»؟ قال لا يكون له سمسارًا، قوله: باب هل يبيع حاضر لباد بغير أجر وهل يعينه أو ينصحه؟ قال ابن المنير وغيره: حمل المصنف النهي عن بيع الحاضر للبادي على معنى خاص وهو البيع بالأجر أخذًا من تفسير ابن عباس، وقوى ذلك بعموم أحاديث الدين النصيحة؛ لأن الذي يبيع بالأجرة لا يكون غرضه نصح البائع غالبًا وإنما غرضه تحصيل الأجرة فاقتضى ذلك إجازة بيع الحاضر للبادي بغير أجرة من باب النصيحة، قلت ويؤيده ما سيأتي في بعض طرق الحديث المعلق أول أحاديث الباب «إذا استنصح أحدكم أخاه فلينصح له» وكذلك ما أخرجه أبو داود من طريق سالم المكي أن أعرابيًا حدثه أنه قدم بحلوبة له على طلحة بن عبيد الله فقال له إن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى أن يبيع حاضر لباد، ولكن اذهب إلى السوق فانظر من يبايعك فشاورني حتى آمرك وأنهاك.
يعني تجنب طلحة موضع النهي فقط وبيع الحاضر للبادي، وأما النصيحة فهل يبيع بهذه القيمة أو لا يبيع؟ فاستدلالاً بالأحاديث الأخرى.
قوله وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- «إذا استنصح أحدكم أخاه فلينصح له» هو طرف من حديث وصله أحمد من حديث عطاء بن السائب عن حكيم بن أبي يزيد عن أبيه، قال: حدثني أبي قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض فإذا استنصح الرجل الرجل فلينصح له» ورواه البيهقي من طريق عبد الملك بن عمير عن أبي الزبير عن جابر مرفوعًا مثله، وقد أخرجه مسلم من طريق أبي خيثمة عن أبي الزبير بلفظ «لا يبيع حاضر لباد دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض» قوله: ورخص فيه عطاء أي في بيع الحاضر للبادي، ووصله عبد الرزاق عن الثوري عن عبد الله بن عثمان أي ابن خثيم عن عطاء بن أبي رباح، قال: سألته عن أعرابي أبيع له فرخص لي، وأما ما رواه سعيد بن منصور من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قال إنما نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يبيع حاضر لباد لأنه أراد أن يصيب المسلمون غرتهم.
يعني غرة هذا البادي الذي ما تكلف على هذه السلعة نتجت عنده، والسمن هو الذي استخلصه بنفسه والصوف هو الذي جزه بيده ما تعب عليه شيء.
فأما اليوم فلا بأس، فقال عطاء: لا يصلح اليوم، فقال مجاهد ما أرى أبا محمد إلا لو أتاه ظئر له من أهل البادية إلا سيبيع له فالجمع بين الروايتين عن عطاء أن يحمل قوله هذا على كراهية التنزيه؛ ولهذا نسب إليه مجاهد ما نسب، وأخذ بقول مجاهد في ذلك أبو حنيفة وتمسكوا بعموم قوله -عليه الصلاة والسلام- «الدين النصيحة» وزعموا أنه ناسخ لحديث النهي، وحمل الجمهور حديث «الدين النصيحة» على عمومه إلا في بيع الحاضر للبادي فهو خاص فيقضي على العام، والنسخ لا يثبت بالاحتمال، وجمع البخاري بينهما بتخصيص النهي بمن يبيع له بالأجرة كالسمسار، وأما من ينصحه فيعلمه بأن السعر كذا مثلاً فلا يدخل في النهي عنده والله أعلم.
طالب: .............
الأمور بمقاصدها، والذي يقصد الضرر آثم على أي حال سواء قصد الضرر على صاحب السلعة أو قصد الضرر على المشتري، يقول والحديث أين هو؟!
ثم أورد المصنف في الباب حديثين أحدهما حديث جرير في النصح لكل مسلم وقد تقدم الكلام عليه في آخر كتاب الإيمان، والثاني حديث ابن عباس، قوله: حدثنا عبد الواحد هو ابن زياد، قوله: «لا تلقوا الركبان» زاد الكشميهني في روايته للبيع وسيأتي في الكلام عليه قريبًا، قوله: "لا يكون له سمسارًا" بمهملتين هو في الأصل القيم بالأمر والحافظ له ثم استعمل في متولي البيع والشراء لغيره يعني الدلال، وفي هذا التفسير تعقب على من فسّر الحاضر بالبادي بأن المراد نهي الحاضر أن يبيع للبادي في زمن الغلاء شيئًا يحتاج إليه أهل البلد فهذا مذكور في كتب الحنفية، وقال غيرهم: صورته أن يجيء البلد غريب بسلعته يريد بيعها بسعر الوقت في الحال فيأتيه بلدي فيقول له ضعها عندي لأبيعها لك على التدريج بأغلى من هذا السعر، فجعلوا الحكم منوطًا بالبادي ومن شاركه في معناه، يعني حتى ولو لم يكن باديا لكن لا يرتاد الأسواق ولا يدري عن شيء ولو كان في البلد.
قال: وإنما ذكر البادي في الحديث لكونه الغالب فألحق به من يشاركه في عدم معرفة السعر الحاضر وإضرار أهل البلد بالإشارة عليه بألا يبادر بالبيع، وهذا تفسير الشافعية والحنابلة وجعل المالكية البداوة قيدًا، وعن مالك لا يلتحق بالبدوي في ذلك إلا من كان يشبهه، قال: فأما أهل القرى الذين يعرفون أثمان السلع والأسواق فليسوا داخلين في ذلك، قال ابن المنذر: اختلفوا في هذا النهي فالجمهور أنه على التحريم بشرط العلم بالنهي، وأن يكون المتاع المجلوب مما يحتاج إليه، وأن يعرض الحضري ذلك على البدوي، فلو عرضه البدوي على الحضري لم يمنع، وزاد بعض الشافعية عموم الحاجة وأن يظهر ببيع ذلك المتاع السعة في تلك البلدة، قال ابن دقيق العيد: أكثر هذه الشروط تدور بين أتباع المعنى أو اللفظ، يعني بين الذين ينظرون إلى العلة وبين من ينظرون إلى ألفاظ الحديث، يعني لو أنه يقول: لا يبع أو لا يبيع حاضر لبادي، طيب لو أن حاضرًا جلس في البادية وله بيت في البلد ثم جاء بادي ليبيع له تلقاه بادي ليبيع له وبادي معروف أنه ساكن البادية لكنه في السوق كل يوم وسمسار بهذه الأسواق هل المقصود اللفظ أو المعنى؟
طالب: ...........
نعم.
قال أكثر هذه الشروط تدور بين أتباع المعنى أو اللفظ والذي ينبغي أن ينظر في المعنى إلى الظهور والخفاء فحيث يظهر تخصيص النص أو يعمم، وحيث يخفى فاتباع اللفظ أولى، فأما اشتراط أن يلتمس البلدي ذلك فلا يقوى لعدم دلالة اللفظ عليه وعدم ظهور المعنى فيه، فإن الضرر الذي علل به النهي لا يفترق الحكم فيه بين سؤال البلدي وعدمه، وأما اشتراط أن يكون الطعام مما تدعو الحاجة إليه فمتوسط بين الظهور وعدمه، يعني فرق بين أن يشتري هذه الناقة أو هذا الجمل أو هذه الشاة ليأكل لحمها فهو محتاج إليها وبين أن يشتريها ليزاين بها، الذي يشتري لحمها يريد ناقة بألفين بثلاثةن والذي يريد أن يزاين يشتري خمسمائة ألف، ستمائة ألف، مليون أو أكثر، فمثل هذا لو قيل له بدل تكون بمليون نبيعها لك بثلاثة ملايين، والمسألة ترف والمشتري لا يتضرر والبائع يستفيد، يعني النظر إلى المعنى الحاجة الداعية لمثل هذا يعني هل ينظر إلى الغبن فيه أو لا ينظر؟ أصل كل المسألة غبن هي كلها مبنية على الغبن، يعني يذكر أن شبابا مروا بأعرابي وعنده إبل عنده حاشي صغير قالوا كم تبيعه؟ قال سوموه أنا ما أقدر أحده قالوا بعشرة آلاف، يوم قالوا بعشرة آلاف انتبه لأنه متميز، لو قالوا بألف كان يقولون بألف ومئتين، وبألف وخمس ويبيعه عليهم، لكن انتبه لما قالوا عشرة آلاف قال لا، أين أنتم والعشرة الآلاف انتبه إلى أنه نوعية مطلوبة عشرون، ثلاثون، خمسون، مائة ألف قال لا، ما أبيعه إلا بمليونين قالوا لا، مليون ونصف ويبيع عليهم ويقبض المليون ونصف، قالوا له أنت مسكين لو قلت لنا بعشرة ملايين ما نروح إلا ونحن قد اشترينا، قال لو أصريتوا على ألف ونصف ما رحتوا إلا وأنا بايع عليكم، مثل هذه الأمور يعني الزيادة ما هي مسألة حاجة، هي كلها من أصلها مبنية على الغبن، فمثل هذه المسائل لا تدخل في هذه الأبواب؛ لأنها من الأصل ممنوعة شرعًا هي مبنية على الغبن والله المستعان.
يقول: فأما اشتراط أن يلتمس البلدي ذلك فلا يقوى لعدم دلالة اللفظ عليه وعدم ظهور المعنى فيه، فإن الضرر الذي علل به النهي لا يفترق الحال فيه بين سؤال البلدي وعدمه، وأما اشتراط أن يكون الطعام مما تدعو الحاجة إليه فمتوسط بين الظهور وعدمه، إذا دعت إليه الحاجة اتجه النهي والعلة ظهرت فيه بجلاء، وأما اشتراط ظهور السعة فكذلك أيضًا لاحتمال أن يكون المقصود مجرد تفويت الربح والرزق على أهل البلد، وأما اشتراط العلم بالنهي فلا إشكال فيه، وقال السبكي شرط حاجة الناس إليه معتبر ولم يذكر جماعة عمومها وإنما ذكره الرافعي تبعًا للبغوي ويحتاج إلى دليل، واختلفوا أيضًا فيما إذا وقع البيع مع وجود الشروط المذكورة هل يصح مع التحريم أو لا يصح؟ على القاعدة المشهورة ماهي القاعدة المشهورة؟ أنه إذا عاد النهي إلى ذات المنهي عنه أو إلى شرطه فإنه يبطل، وأما إذا عاد إلى أمر خارج فإنه يصح مع التحريم.
باب من كره أن يبيع حاضر لباد بأجر، ثم ساق بسنده عن عبد الله بن عمر قال نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يبيع حاضر لباد، وبه قال ابن عباس، قوله: باب من كره أن يبيع حاضر لباد بأجر وبه قال ابن عباس أي حيث فسر ذلك بالسمسار كما في الحديث الذي قبله، قوله: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يبيع حاضر لباد، كذا أورده من حديث ابن عمر ليس فيه التقييد بالأجر، المتن ليس فيه تقييد بأجر الذي قيد به في الترجمة من كره أن يبيع حاضر لباد بأجر، قال ابن بطال: أراد المصنف أن بيع الحاضر للبادي لا يجوز بأجر ويجوز بغير أجر؛ لأنه إذا باع بأجر فإنه يلاحِظ مصلحته فهو ناصح لنفسه، وإذا باع بغير أجر فالذي يظهر أنه ناصح لغيره، واستدل على ذلك بقول ابن عباس وكأنه قيّد به مطلق حديث ابن عمر، قال: وقد أجاز الأوزاعي أن يشير الحاضر على البادي وقال ليست الإشارة بيعًا.
طالب: .............
تقدم عن حديث طلحة قال بع أنت أنا لا أبيع حاضر لبادي، لكن إن سيمت تعال أخبرك بالثمن.
طالب: .............
لكن في الغالب أن هذا المزارع حضري ويعرف الأسعار، تكرر عليه الأمر في الغالب أنه يعرف.
واستدل على ذلك بقول ابن عباس وكأنه قيد به مطلق حديث ابن عمر، وقال: وقد أجاز الأوزاعي أن يشير الحاضر على البادي وقال ليست الإشارة بيعًا وعن الليث وأبي حنيفة لا يشير عليه لأنه إذا أشار عليه فقد باعه إن قال نبيع بمائة قال لا، اصبر.
وعند الشافعية في ذلك وجهان والراجح منهما الجواز لأنه إنما نهي عن البيع له وليست الإشارة بيعًا وقد ورد الأمر بنصحه فدل على جواز الإشارة تنبيه حديث ابن عمر.
الشرع نظره إلى مصلحة جميع الأطراف، فإذا نظر إلى مصلحة الحاضر فإنه لا يهمل مصلحة البادي.
تنبيه: حديث ابن عمر فرد غريب لم أره إلا من رواية أبي علي الحنفي عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار وقد ضاق مخرجه على الإسماعيلي وعلى أبي نعيم فلم يخرجاه إلا من طريق البخاري.
يعني في المستخرجات الأصل أن يخرِّج المستخرج الحديث من غير طريق مؤلف الأصل، وقد يضيق عليه الأمر فلا يجده من غير طريقه فإما أن يعلقه ويذكره من غير إسناد، أو يتركه من غير ذكر، أو يرويه من طريق المصنف.
وقد ضاق مخرجه على الإسماعيلي وعلى أبي نعيم فلم يخرجاه إلا من طريق البخاري يعني في مستخرجيهما على الصحيح وله أصل من حديث ابن عمر أخرجه الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر وليس هو في الموطأ، قال البيهقي: عدوه في أفراد الشافعي، وقد تابعه القعنبي عن مالك ثم ساقه بإسنادين إلى القعنبي ثم قال: باب لا يشتري حاضر لباد بالسمسرة، الأول لا يبيع حاضر لبادي، والثاني العكس هل يشتري؟ هل يشتري الحاضر للبادي بالسمسرة؟ وكره ابن سيرين وإبراهيم للبائع والمشتري، وقال إبراهيم: إن العرب تقول بع لي ثوبًا وهي تعني الشراء هو يريد أن يجعل النهي عن بيع الحاضر للبادي يشمل الشراء والبيع كما يطلق على البيع للسلعة يطلق على شرائها وكما أن المشتري كذلك فهي أضداد.
طالب: ...........
في ماذا؟
العلة واحدة مثل ما قلنا أن الشارع كما يلاحظ مصلحة الحاضر لا يهمل مصلحة البادي، الشرع متوازن في جميع أحكامه، وقلنا مرارًا أن الشرع كما يلاحظ مصلحة الفقير فإنه لا يهدر مصلحة الغني ولذلك قال: «وإياك وكرائم أموالهم» ملاحظة لحال الغني المزكِّي.
طالب: ...........
لا، ليست مخصصة هي تطبيق لحديث النصح، لكن إذا تعارضت مصلحة الفرد مع مصلحة الجماعة ما الذي يقدَّم؟ مصلحة الجماعة، والباب الثاني لا يشتري حاضر لبادي والذي يليه باب النهي عن تلقي الركبان وأن بيعه مردود.
طالب: ...........
كذلك إذا أمكن الجمع بين المصلحتين تعيَّن.
الدرس القادم نكمل هذا إن شاء الله.
طالب: ...........
سيأتي وأن بيعه مردود.
طالب: ...........
في الصحيح إن شاء الله تعالى.
طالب: ...........
مابه؟
طالب: ...........
نعم الذي يقول زدت فيه كأنه ماذا؟
طالب: ...........
لا، قد يرده من له المصلحة من باب النصح، أنت أرسلت بسيارة تبيعه فوجد من ينجش أنت كسبان إذا قلت ردها، الأصل أن الرد من أجل المشتري ليس من أجل البائع، فإذا رد البائع قال هذا نصح.. عرفت الفرق؟
طالب: ...........
لا، ما يلزم.
طالب: ...........
أورد كذا قال ابن عمر؟
طالب: ...........
من؟ هو يقصد ابن عمر؟
طالب: ...........
لا، لا يلزم أن يكون ابن عمر إنما يقصد دلالة الحديث ومن استدل بها.
"