شرح أبواب الصلاة من سنن الترمذي (21)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الإمام الترمذي رحمه الله تعالى وغفر له ولشيخنا ولنا وللسامعين:
باب ما يقول عند افتتاح الصلاة
حدثنا محمد بن موسى البصري قال حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي عن علي بن علي الرفاعي عن أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا قام إلى الصلاة بالليل كبر يقول «سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك» ثم يقول «الله أكبر كبيرًا» ثم يقول «أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه» وفي الباب عن علي وعائشة وعبد الله بن مسعود وجابر وجبير بن مطعم وابن عمر رضي الله عنهم وحديث أبي سعيد أشهر حديث في هذا الباب وقد أخذ قوم من أهل العلم بهذا الحديث وأما أكثر أهل العلم فقالوا إنما يروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يقول «سبحانك اللهم..»."
وأما.. وأما.. وأما أكثر..
"وأما أكثر أهل العلم إنما يروى.."
بما فقالوا بما روي.
في نسخة أخرى.
عفا الله عنك.
"وأما أكثر أهل العلم فقالوا بما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يقول «سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك» وهكذا روي عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من التابعين وغيرهم وقد تُكلم في إسناد حديث أبي سعيد كان يحيى بن سعيد يتكلم في علي بن علي الرفاعي وقال أحمد لا يصح هذا الحديث حدثنا الحسن بن عرفة ويحيى بن موسى قالا حدثنا أبو معاوية عن حارثة بن أبي الرجال عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها قالت كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا افتتح الصلاة قال سبحانك الله وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه وحارثة قد تُكُلِّم.."
لا نعرفه من حديث عائشة إلا من هذا الوجه.
سم يا شيخ؟
هذا حديث لا نعرفه من حديث عائشة إلا من هذا الوجه لأن الغرابة نسبية ما هي مطلقة هو معروف من وجوه كثيرة لكن من حديث عائشة لا يعرف إلا من هذا الوجه.
عفا الله عنك.
"هذا حديث لا نعرفه من حديث عائشة إلا من هذا الوجه وحارثة قد تُكُلِّم فيه من قِبَل حفظه وأبو الرجال اسمه محمد بن عبد الرحمن المديني."
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف رحمه الله تعالى "باب ما يقول عند افتتاح الصلاة" يعني في دعاء الاستفتاح وفي ذكر الاستفتاح في الصلوات والصلاة المراد بها الجنس فتشمل الفريضة والنافلة في الليل وفي النهار وما استثنى أهل العلم من جنس الصلاة إلا صلاة الجنازة لأن مبناها على التخفيف قال رحمه الله "حدثنا محمد بن موسى البصري قال حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي عن علي بن علي الرفاعي عن أبي المتوكل" هو الناجي "عن أبي سعيد الخدري قال كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا قام إلى الصلاة بالليل كبَّر" إذا قام إلى الصلاة بالليل كبَّر "ثم يقول «سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك» ثم يقول «الله أكبر كبيرًا» ثم يقول «أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه»" هو بهذا السياق بالتكبير في آخره وتخصيصه بصلاة الليل ورفعه الصريح إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- كل هذا محل نظر عند أهل العلم على ما سيأتي إن شاء الله تعالى "ثم يقول «سبحانك اللهم»" سبحان اسم مصدر والمصدر التسبيح والمصدر واسمه ينصبان على المصدرية أو بتقدير فعل مناسب والتسبيح هو التنزيه تنزيه الخالق عما لا يليق به تنزيهًا مقرونًا بالحمد سبحانك اللهم وبحمدك فالواو هنا بمعنى مع «وتبارك اسمك» أي كثرت بركته وتعاظَم وتعالى «تعالى جَدك» الجَد هو الحظ والنصيب هو الحظ والنصيب فتعالى نصيبه جل وعلا عن أن يناله نقص في قوله جل وعلا {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَداً} [سورة الجن:3] ذكر بعض المفسرين أن هذا من جهل الجن وأنهم زعموا أن له جَدَّنا والمراد بالجد والد الأب وهذا لا حظ له من النظر وإن كان فيهم جهل وفي بعضهم جهل مركَّب كما في الأنس لكن هذا وإن ورد على ألسنتهم وله محمل صحيح وجاءت به النصوص لا يمكن حمله على معنى باطل «وتعالى جدك ولا إله غيرك» لا إله يعني لا معبود بحق سوى الله جل وعلا ثم يقول «الله أكبر كبيرا» أول الحديث «سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك» هذا محفوظ في الصحيح صحيح مسلم عن عمر رضي الله عنه على ما سيأتي ثم يقول «الله أكبر كبيرًا» كبيرًا حال مؤكِّدة وهذا التكبيرة على ما ستأتي الإشارة إليه غير محفوظ على ما سيأتي "ثم يقول «أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزة ونفخه ونفثه»" والاستعاذة مع هذه الزيادة محفوظة في صلاة الليل «أعوذ بالله» ألتجئ إليه وأعتصم به «السميع العليم» من الأسماء المثبَتة لله جل وعلا الثابتة بالكتاب والسنة وبإجماع سلف هذه الأمة «من الشيطان الرجيم» من جنس الشياطين أو الشيطان الأكبر المعهود إبليس لعنه الله «من همزه» من همزه بدل اشتمال وهمزه وسوسته «ونفخه» الكبر نسأل الله العافية بحيث ينفخ الإنسان حتى يتكبر ويتعاظم «ونفثه» السحر وذكر الزمخشري في الفائق الفائق له من كتب غريب الحديث وهو على ما عنده من اعتزال وابتداع مغلَّظ إلا أنه في باب اللغة إمام إمام وله الفائق في غريب الحديث يستفاد منه على حذر يستفاد من هذا الكتاب على حذر كغيره من الكتب التي تأثرت المذاهب العقدية وتفسيره أشد يُتقى يتقيه طالب العلم المتوسط ولا مانع أن ينظر فيه ويستفيد منه طالب العلم المنتهي الذي يدرك ما أودعه فيه من الاعتزال بأساليب وطرق خفية جدًا حتى أن أهل العلم استخرجوا الاعتزال منه بالمناقيش الفائق كتاب نفيس يستفاد منه لكن مثل ما قلنا على حذر وليست له بضاعة.. وليس له بضاعة في الحديث، الزمخشري ليست له بضاعة في الحديث وهذا مطرد لأنه ليس في المبتدعة من هو معروف بحمل السنة المضافة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- لاسيما البدع المغلظة يعاقَبون بالحرمان نسأل الله العافية ولذا تجده يروي الموضوعات في تفسيره يقول في الفائق بعد أن ذكر هذا الحديث فقال -عليه الصلاة والسلام- أما همزه فالموتة وأما نفثه فالشعر وأما نفخه فالكبر والموتة الجنون وإنما سماه همزًا لأنه جعله من النخس والغمز وسمي الشعر نفثًا لأنه كالشيء ينفث من الفم كالرقية وإنما سُمي الكبر نفخًا لما يوسوس إليه الشيطان في نفسه فيعظمها ويحقر الناس في عينه حتى يدخله الزهو هكذا ذكر التفسير مرفوعًا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول المعلِّق الشيخ أحمد شاكر وقد أخطأ الزمخشري في نسبة تفسير هذه الثلاثة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وإنما اشتبه عليه الأمر فأدرج التفسير في الحديث المرفوع وقد رواه أبو داود وابن ماجه من حديث جبير بن مطعم وفي آخره قال يقصد به قال أحد الرواة مفسِّرًا ما جاء في المرفوع على طريق وسبيل الإدراج قال نفثه الشعر ونفخه الكبر وهمزه الموتة وهذا القائل هو عمرو بن مرة كما صرح به صريحًا في رواية ابن ماجه وروى ابن ماجه أيضًا نحوه مختصرًا من حديث ابن مسعود وفي آخره هذا التفسير أيضًا مصدّرًا بلفظ قال ولم يبين القائل والظاهر أنه أحد رواة الإسناد المقصود أن التفسير لا يثبت مرفوعًا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- بل هو مدرج ولا شك أن هذا من جهل الزمخشري ومثل ما ذكرنا أن رؤوس المبتدعة لا يعرف فيهم من له شأن في السنة "قال أبو عيسى وفي الباب عن علي" مخرج في مسند إسحاق بن راهويه وأعله أبو حاتم وأيضًا في الباب "عن عائشة" مخرج عند الترمذي على ما سيأتي وعند أبي داود وابن ماجه وفي الباب أيضًا "عن ابن مسعود" عن عبد الله بن مسعود عند الطبراني "وجابر" عند البيهقي بسند ضعيف "وعن جبير بن مطعم" عند أبي داود وابن ماجه "وعن ابن عمر" أيضًا رضي الله عن الجميع عند الطبراني وهو ضعيف أيضًا "قال أبو عيسى وحديث أبي سعيد أشهر حديث في هذا الباب" وحديث أبي سعيد أشهر حديث في هذا الباب إذا كان يقصد الإمام رحمة الله عليه إذا كان يقصد بهذا السياق بما فيه من التكبير والاستعاذة فكلامه صحيح وإلا فحديث عمر أشهر وأكثر وأصح فهو في صحيح مسلم "وحديث أبي سعيد أشهر حديث في هذا الباب" وخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه أيضًا فهو عند الأربعة وقد أخذ قوم من أهل العلم بهذا الحديث فرجَّحوا هذا الاستفتاح على غيره ومعوَّلهم في ذلك على حديث عمر قال "وأما أكثر أهل العلم فقالوا بما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يقول «سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك»" يعني دون التكبير دون التكبير ودون الاستعاذة لأن الاستعاذة ليست من دعاء الاستفتاح وإنما هي للقراءة دون التكبير "وهكذا روي عن عمر بن الخطاب" فيما خرجه الإمام مسلم رحمه الله "موقوفًا عليه" يعني من قوله وكان يجهر به ويعلمه الصحابة وما كان لعمر أن يخترع شيئًا من تلقاء نفسه ويعلمه صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا يوجَد من يرد عليه منهم إلا أن له حكم الرفع حينئذٍ لأن مثله لا يقال بالرأي "وعبد الله بن مسعود" خرجه ابن المنذر بسنده وأيضًا عثمان بن عفان رواه الدارقطني وأكثر وأما أكثر أهل العلم فقالوا بما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من استفتاح عمر رضي الله عنه وأرضاه وعلى ذلك الحنفية والحنابل والشافعية يرجحون حديث أبي هريرة وهو الأليق والأولى حديث أبي هريرة في الصحيحين وغيرهما يقول يقول أبو هريرة أرأيت سكوتك بين القراءة والتبكير ما تقول؟ يخاطب الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال «أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب» وهذا متفق عليه ولا شك أنه أولى وأرجح مما خرجه مسلم مما صيغته الوقف وهذا مجزوم برفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- ولا يتردد أحد في تصحيح ما جاء عن عمر لأنه في صحيح مسلم ولا في رفعه لأن له حكم الرفع لأنه لا يقال بالرأي فلا تثريب على من اختاره لكن أرجح منه وأولى الاستفتاح الوارد في حديث أبي هريرة المتفق عليه وأيضًا جاء عن علي رضي الله تعالى عنه مرفوعًا عند مسلم «وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض» الحديث وإن كان هذا خصه بعض أهل العلم بصلاة الليل بل قال بعضهم إنه يقال قبل التكبير لصلاة الليل لكن جاء في بعض طرقه ما يدل على أنه استفتاح بعد التكبير قال "والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من التابعين وغيرهم" نعم اعتمد استفتاح عمر جمع من أهل العلم من الصحابة الذين علمهم عمر هذا الاستفتاح ومن التابعين ومن بعدهم من الأئمة وهو اختيار الحنفية والحنابلة والشافعية المرجح عندهم استفتاح أبي هريرة الاستفتاح الوارد في حديث أبي هريرة وأما بالنسبة للمالكية فلا يرون دعاء الاستفتاح أصلاً على ما ستأتي الإشارة إليه لأنهم كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين فلما يذكر الاستفتاح ولا شك أن من زاد وهو ثقة المعوَّل عليه لأن الزيادة من الثقة مقبولة من حفظ حجة على من لم يحفظ والإثبات منطوق والفهم من حديث كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين لا ينفي ما أثبته غيره في الأحاديث الأخرى وقد جاءت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- استفتاحات متعددة ولشيخ الإسلام ابن تيمية رسالة في أنواع استفتاحاته واختلاف هذه الاستفتاح من باب اختلاف التنوُّع وليس من باب اختلاف التضاد بحيث يرجح بعضها على بعض لو أن إنسانًا في كل صلاة يستفتح بنوع خاص بنوع من هذه الأنواع لا تثريب عليه لاسيما الثابت عنه -عليه الصلاة والسلام- لأنه لا تضاد فيها بحيث يقال بالترجيح فالاختلاف اختلاف تنوع فمرة يستفتح باستفتاح عمر ومرة بحديث أبي هريرة ومرة بحديث علي إلى غير ذلك من الأنواع الثابتة عنه -عليه الصلاة والسلام- "وقد تكلم في إسناد حديث أبي سعيد كان يحيى بن سعيد القطان يتكلم في علي بن علي الرفاعي" ويضعفه وإن قال بعضهم أنه لا بأس به "وقال أحمد لا يصح هذا الحديث" قال رحمه الله "حدثنا الحسن بن عرفة ويحيى بن موسى قالا حدثنا أبو معاوية" الحسن بن عرفة وثقه ابن معين وأبو حاتم ويحيى بن موسى قالا حدثنا أبو معاوية الضرير محمد بن خازم وهو ثقة عن حارثة بن أبي الرجال هذا متروك واقتصر الحافظ ابن حجر في التقريب على تضعيفه فقال ضعيف وصرح جمع من أهل العلم بأنه متروك عن عمرة عن عائشة قالت كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا افتتح الصلاة قال «سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك» قد يقول قائل أنه مادام ثبت هذا الاستفتاح عن عمر رضي الله تعالى عنه في صحيح مسلم لماذا نضعِّف ما جاء بلفظه عن غير عمر؟ الحديث إذا كان ضعفه شديدًا فوجوده مثل عدمه وجوده مثل عدمه لأنك إذا أثبتّ حديث أبي سعيد مع حديث عمر مع حديث عائشة وتواردت الأحاديث الثلاثة على لفظ واحد قد يرجحه من يرجحه ومعه حق على حديث أبي هريرة المتفق عليه لأن هذه من طرق الترجيح لكن إذا عرفنا أن حديث أبي سعيد ضعيف وحديث عائشة شديد الضعف إذًا ليس في الباب مما يثبت إلا حديث عمر رضي الله عنه وأرضاه ويرجح عليه حينئذٍ حديث أبي هريرة وإذا كان هذا الاختلاف بين هذه الاستفتاحات من باب التنوُّع فلا مانع أن يستفتح بجميع ما صح عنه أو ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- ويراوح بينها ولا يُجمَع بينها لأنه لم يثبت الجمع بين هذه الأنواع ونسمع بعض العامة يقول اللهم باعد بيني وبين خطاياي إلى آخره ثم يقول سبحانك اللهم وبحمدك لا، هذا أنواع يستفتح في كل صلاة بنوع ومن لزم نوعًا واحدًا مما ثبت مرجحا له على غيره فلا تثريب عليه "قال أبو عيسى هذا حديث لا نعرفه من حديث عائشة إلا من هذا الوجه" لا نعرفه من حديث عائشة إلا من هذا الوجه يعني هو مروي من وجوه أشار إليها الإمام الترمذي فيما تقدم فإذا قلنا هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه يقول قائل كيف بالوجوه التي مرت؟! لكن إذا قيدناه من حديث عائشة استقام الكلام استقام الكلام وأحيانًا تجد الترمذي يجمع بين الحسن والغرابة ومن شرطه في الحسن أن يروى من غير وجه فكيف يكون حسنًا مرويًا من غير وجه ويحكم عليه بأنه غريب وقد يقول مع ذلك لا نعرفه إلا من هذا الوجه فيكون المراد بالنفي لعدم معرفته إلا من هذا الوجه عن هذا الصحابي وبهذا يرتفع الإشكال الذي يورَد على الجمع بين الحسن والغرابة أو التعقيب بقوله لا نعرفه إلا من هذا الوجه والذي معنا من هذا النوع فزيادة من حديث عائشة لا بد منها والحديث رواه أبو داود مع ذلك يعني مع قول الترمذي وتخصيصه بحديث عائشة رواه أبو داود من غير هذا الوجه وليس فيه حارثة بن أبي الرجال المتروك فهو عند أبي داود أقوى من رواية الترمذي والنفي لا نعرفه من حديث عائشة إلا من هذا الوجه لا شك أنه على حد علم الإمام الترمذي وإذا لم يحفظه ولا يعرفه فقد عرفه غيره يقول أبو داود حدثنا حسين بن عيسى قال حدثنا طلق بن غنام قال حدثنا عبد السلام بن حرب الملائي عن بديل بن ميسرة عن أبي الجوزاء عن عائشة قالت كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا استفتح الصلاة قال «سبحانك اللهم وبحمدك» فهو مروي من غير هذا الوجه عند أبي داود ومع ذلك قال فيه أبو داود وهذا الحديث ليس بالمشهور عن عبد السلام بن حرب لم يروه إلا طلق بن غنام وقد روى قصة الصلاة عن بديل جماعة لم يذكروا فيه شيئًا من هذا لم يذكروا فيه شيئًا من هذا والأئمة قد يضعفون الخبر بهذا الأسلوب يعني إذا رواه جماعة ولم يذكروا هذا الذي تفرد به طلْق بن غنام ممن هو أحفظ منه وأكثر يغمزن روايته بمثل هذا الأسلوب قال الترمذي "وحارثة قد تكلم فيه من قِبَل حفظه ضعفه" أحمد وابن معين وقال البخاري منكر الحديث ولم يعتد به أحمد رحم الله الجميع "وأبو الرجال اسمه محمد بن عبد الرحمن المديني" لأنه ولد له عشرة كلهم بلغوا مبلغ الرجال الكبار المشهورين المعروفين قيل له أبو الرجال وأبو الرجال اسمه محمد بن عبد الرحمن المديني ومن غرائب الاتفاق أن الشيخ أحمد شاكر كنيته أبو الأشبال ومحمد بن عبد الرحمن المديني أبو الرجال ولم يرَ مالك الاستفتاح ولم يرَ الإمام مالك الاستفتاح إلا بالقراءة مباشرة الله أكبر الحمد لله رب العالمين لا يرى استفتاح ولا استعاذة ولا بسملة لأن الصلاة كانت تفتتح بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين والإمام مالك رحمه الله وقف عند هذا الحد لكن لا شك أن ما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- من حديث أبي هريرة وغيره من الأحاديث حجة على مالك وعلى غيره وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقِل كما قال الإمام مالك نفسه.
نعم.. سم..
عفا الله عنك.
قال رحمه الله تعالى:
"باب ما جاء في ترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم حدثنا أحمد بن منيع قال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم قال حدثنا سعيد الجريري عن قيس بن عباية عن ابن عبد الله بن مغفل قال سمعني وأنا في الصلاة أقول بسم الله الرحمن الرحيم فقال لي أي بُنَيّ محدث إياك والحدث قال ولم أرَ أحدًا من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان أبغض إليه الحدث في الإسلام يعني منه قال وقد صليت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ومع أبي بكر ومع عمر ومع عثمان رضي الله عنهم فلم أسمع أحدًا منهم يقولها فلا تقلها إذا أنت صليت فقل {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [سورة الفاتحة:2] حديث عبد الله بن مغفل حديث حسن والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم ومن بعدهم من التابعين وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك وأحمد وإسحاق لا يرون أن يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم قالوا ويقولها في نفسه."
يقول الإمام الؤلف رحمه الله تعالى :باب ما جاء في ترك الجهر ببسم الرحمن الرحيم: قال رحمه الله.. أولاً بسم الله الرحمن الرحيم يختلف أهل العلم في كونها من القرآن هي آية بعض آية من سورة النمل بالإجماع وليست بآية من سورة التوبة بالاتفاق ويختلف أهل العلم فيما عدا ذلك من المواضع المائة والثلاث عشرة من المواضع المائة والثلاثة عشر يعني في جميع السور الباقية دون براءة هل هي آية من كل سورة أو ليست بآية من أي سورة أو هي آية من الفاتحة دون غيرها أو هي آية واحدة نزلت للفصل بين السور هذه أقوال لأهل العلم أما كونها بعض آية من سورة النمل هذا محل إجماع ومن ساق الخلاف فيها كفر نسأل الله العافية كما أنها ليست بآية بالاتفاق في أول سورة التوبة وكونها آية من سورة الفاتحة هو قول الشافعية ورواية عند الحنابلة وشيخ الإسلام يرى أنها آية واحدة في القرآن نزلت للفصل بين السور وليست مائة وثلاثة عشرة آية وإنما هي آية واحدة نزلت للفصل بين السور فلا تعد من كل سورة تبعًا لذلك اختلفوا في قراءتها في الصلاة وفي الجهر بها في القراءة وتركها وفي الجهر بها والإسرار فالشافعي الذي يرى أنها آية يقال يجهر بها كما يجهر بآيات الفاتحة والذي لا يرى أنها آية يقول تقرأ لكن لا يُجهر على أن تقرأ مثل دعاء الاستفتاح ولا يجهر بها كالفاتحة لأنها ليست في القرآن ومالك رحمه الله تعالى مثل ما قلنا في دعاء الاستفتاح لا يرى البسملة لأنها ليست بآية عنده ولا يرى قبل الحمد لله رب العالمين شيء الأحاديث في الباب كثيرة جدًا وفيها اختلاف كبير وصُنِّف فيها مصنفات قال رحمه الله "حدثنا أحمد بن منيع قال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم" بن مقسم الأسدي المعروف بابن عُلَيَّة ثقة ثبت قال "حدثنا سعيد بن أبي إياس الجريري" ثقة أيضًا "عن قيس بن عباية" أبو نعامة الحنفي أيضًا موثَّق "عن يزيد بن عبد الله" على خلاف فيه في اسمه وهل يُعرَف اسمه أو لا؟ المقصود أن المنصوص عليه عند الإمام أنه "ابن عبد الله بن مغفَّل قال سمعني أبي" الصحابي الجليل عبد الله بن مغفل "وأنا في الصلاة" حال الجملة الواو واو الحال والجملة بعدها حالية حال كونه في الصلاة "أقول بسم الله الرحمن الرحيم" وهو أعم من أن يكون جهرًا أو سرًا لكن الغالب أن الذي يُسمَع هو الجهر "سمعني أبي وأنا في الصلاة أقول بسم الله الرحمن الرحيم فقال لي أي بني" نداء أصليها يا بني أي بني "مُحْدَث" يعني مبتدع مخترع لا أصل له من كتاب ولا سنة "أي بني محدث إياك والحدث" تحذير من الابتداع "قال" ابن عبد الله بن مغفل "ولم أرَ أحدًا من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان أبغض إليه الحدث في الإسلام" يعني منه يعني من أبيه عبد الله بن مغفل والصحابة كلهم ينكرون الإحداث وينكرون الابتداع وعلى ذلك أئمة الإسلام قال عبد الله بن مع مغفل "صليت من النبي -صلى الله عليه وسلم- ومع أبي بكر ومع عمر ومع عثمان فلم أسمع أحدًا منهم يقولها" وهذا محمول على نفي الجهر بها فلا تقلها وإن كان القول أعم من أن يكون سرًا أو جهرًا لكن سمعني المسموع ما يُجهر به "فلا تقلها إذا أنت صليت فقل الحمد لله رب العالمين" يعني ابدأ بها ظاهره أنه نهاه عن البسملة رأسًا يعني لا يقولها لا سرًا ولا جهرًا لكنه يحمل على الجهر إذ السماع عادة لأنه يقول سمعني إذ السماع عادة يتعلق بالجهر ويدل عليه ترجمة المصنِّف المصنف الإمام الترمذي قال باب ما جاء في ترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم لأنه فهم المصنف أن نفي عبد الله بن مغفل إنما ينصب على الجهر ولذلك ترجم عليه بقوله باب ما جاء في ترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم "قال أبو عيسى حديث عبد الله بن مغفل حديث حسن" وأخرجه النسائي وابن ماجه وضعفه جمع لجهالة ابن عبد الله بن مغفل الجهالة في مثل هذا في مثل هذه الطبقة طبقة التابعين منهم من يرى أن التابعين مثل غيرهم المجهول منهم ضعيف كالمجهول ممن تأخر بعدهم وابن الصلاح أشار إلى أن مثل هذه الجهالة إذا وجدت في طبقة من تقادم العهد بهم يعني من كبار التابعين أنها تحتمل وحينئذ يقبل حديثه لكن أي جهالة جهالة الحال جهالة الحال أو جهالة العين؟
طالب: جهالة الحال جهالة الحال..
جهالة الحال والذي معنا..
طالب: جهالة عين..
أو جهالة ذات؟ جهالة العين يعرف اسمه.
طالب: جهالة ذات هذي هذه جهالة ذات..
جهالة العين يُعرَف فلان بن فلان بن فلان أبو فلان الفلاني لكنه يكون مقل لم يرو عنه إلا شخص واحد.
طالب: إذًا جهالة عين يا شيخ إذًا جهالة عين تكون.
جهالة عين يعرف اسمه جهالة الاسم تعني جهالة الذات.
طالب: الآن مادام اسمه يزيد يا شيخ.
لا، ما هو مؤكَّد لا ما ثبت حتى قال بعضهم لا يُعرَف اسمه على كل حال هذه جهالة فالذي يتساهل في شأن التابعين هو تابعي بلا نزاع هو تابعي بلا نزاع لأنه يقول ولم أرَ أحدًا من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهو تابعي بلا نزاع فالذي يتساهل في أمر التابعين يقول مثل هذا يُقبَل لكن يبقى أن الحديث محمول على عدم الجهر لا على عدم الذكر كما فهمه المصنِّف كما فهمه المصنِّف في ترجمته "باب ما جاء في ترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم" قال "والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم" يعني إذا تواطأ الأئمة الأربعاء الخلفاء الراشدون الذين أمرنا بالاقتداء بهم «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي» إضافة إلى ما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- في الصحيحين وغيرهما من حديث أنس في مسألة الجهر والإسرار إن المرجح تبعا لذلك الجهر أو الإسرار؟ الإسرار وهو قول جمهور أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم من التابعين والأئمة وبه يقول سفيان الثوري وبه يقول سفيان الثوري "وابن المبارك وأحمد وإسحاق لا يرون أن يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم قالوا ويقولها في نفسه" استدلالاً بحديث الباب وبحديث أنس المتفق عليه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمر كانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين كانوا الصلاة تفتتح بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين وعند مسلم لا يذكرون بسم الله الرحمن في أول قراءة ولا في آخرها لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها معروف أن البسملة تكون في أول القراءة إذًا كيف نفى الذكر في آخر القراءة؟ إما أن يقال أن هذا من باب المبالغة كما جاء في حديث الكسوف «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته» ما فيه أحد قال إن الشمس تنكسف لحياة أحد إنما القول كله منصب على أنها تنكسف لموت فلان وقالوا انكسفت الشمس لما مات إبراهيم فمن باب المبالغة قال النبي -عليه الصلاة والسلام- «إن الشمس والقمر آيتان لا ينكسفان لموت أحدٍ ولا لحياته» وهنا قال لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها معروف أن آخر القراءة ما فيها بسملة ومنهم من يقول أن المراد البسملة بالسورة التي تلي الفاتحة يعني لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم لا في سورة الفاتحة ولا في السورة التي تُقرأ بعدها ولا في آخرها ولأحمد والنسائي وابن خزيمة لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم قال ابن حجر يحمل النفي لا يذكرون يحمل النفي الرواية في صحيح مسلم ما أحد يقدر يتكلم يحمل النفي في رواية مسلم على عدم الجهر لا يذكرون يعني جهرًا وإن ذكروها سرًّا وبهذا يندفع إعلال من أعلها إعلال من أعلها وذكر ابن الصلاح مثال لعلة المتن والحافظ العراقي في ألفيته يقول:
وعلة المتن كنفي البسملة |
| إذ رأى راوٍ نفيها فنقله |
وعلة المتن كنفي البسملة |
| ....................... |
يعني الراوي فهم من حديث أنس أنهم يفتتحون بالحمد لله رب العالمين فهم منهم أنهم لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم فنقله نقله بناء على فهمه وهذه علة لا شك لكن إذا حملنا عدم الذكر على عدم الجهر كما وجه إلى ذلك الحافظ ابن حجر استقامة الرواية واتفقت مع غيرها وحينئذ يندفع الإعلال ومنهم من يعلها بأن الأوزاعي رواها مكاتَبة لكن هي مروية من غير طريقه هي مروية من غير طريقه الأوزاعي عن من؟ هاه يا إخوان الأوزاعي عن من؟
طالب: أليست عن الزهري يا شيخ؟ أليست عن الزهري؟
عن من؟ عن قتادة أو من؟ قتادة وُلد أكمه ولعل هذا هو وجه الإعلال رواه مكاتبة عن شخص ولد أكمه والآن ما أستحضر ما يحضرني وجه العلة بالضبط لكن الأوزاعي رواها مكاتبة أنا أسأل عن من؟ لعلنا نذكر يعني إن كان بعيد العهد جدًا.
طالب: لكن لا يصح أن يكون مثالاً لعلة المتن يا شيخ؟
وش لون؟ إذا قلنا أن المراد بالنفي نفي الذكر المطلق نعم صار علة متن ويكون على حسب فهم الراوي على حسب فهم الراوي وإذا وجهناها بأن النفي نفي الذكر منصب على نفي الجهر لأن اللي ما يجهر ما يدري وش هو قال والا ما قال؟ إذا وقف الإمام واستفتح واستعاذ بالله وبسمل سرًّا أنت تدري هو ذكر والا ما ذكر جرأ هذا الراوي وقال لا يذكرون ومراده بذلك لا يذكرون ذلك جهرًا وهذا لا ينفي السر وبهذا تلتئم الروايات ويندفع الإعلال.
طالب: إذا قلنا بذلك صيانة للصحيح يا شيخ.. على توجيه ابن حجر..
لا بد أن نقول بهذا وهو متجه حتى لو لم يكن في الصحيح مع وجود المعارض يتجه هذا التوجيه لأنه ما فيه تكلُّف ولو فيه تكلُّف بُيِّن؛ لكن ما فيه تكلُّف هذا واضح.
سم.
عفا الله عنك.
قال رحمه الله تعالى:
"باب من رأى الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم حدثنا أحمد بن عبدة قال حدثنا المعتمر بن سليمان قال حدثني إسماعيل بن حماد عن أبي خالد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يفتتح صلاته ببسم الله الرحمن الرحيم وليس إسناده بذاك وقد قال بهذا عدة من أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- منهم أبو هريرة وابن عمر وابن عباس وابن الزبير ومن بعدهم من التابعين رأوا الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم وبه يقول الشافعي وإسماعيل بن حماد هو ابن أبي سليمان وأبو خالد هو أبو خالد الوالبي واسمه هرمز وهو كوفي."
لمّا ذكر المؤلف رحمة الله عليه ما استدل به الجمهور على عدم الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ثنَّى بعد ذلك بذكر ما استدل به الطرف المخالف القائل بالجهر ببسم الله الرحمن الرحيم كالشافعية فقال رحمه الله "باب من رأى الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم" قال "حدثنا أحمد بن عبدة" الضبي "قال حدثنا المعتمر بن سليمان قال حدثني إسماعيل بن حماد" الأشعري مولاهم الكوفي فيه كلام لأهل العلم ضعفه العقيلي وغيره ووثقه ابن معين "عن أبي خالد" الوالبي وهو فيه كلام سيأتي قال فيه الذهبي لا يُعرَف وقال غيره مجهول وقال ابن حجر مقبول ونعرف الرواة الذين يقال فيهم في التقريب مقبول وهم في المرتبة الخامسة من مراتب التعديل عند ابن حجر من ليس له من الحديث إلا القليل ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله فإن توبع فمقبول وإلا فليِّن وذكرنا هذا في مناسبات كثيرة وأطلنا في بيان هذه القاعدة وأنها لا تسلم من النظر لأنها في حقيقتها ليست ليست حكمًا على الرواة بقدر ما هي حكم على المرويات فلا يستقيم الحكم على الراوي بأنه مقبول يعني ما نعطيه حكم مستقر أنه مقبول ثم بعد ذلك إذا لم نجد له متابع رجعنا عن حكمنا عليه فنقول ليِّن المقصود أنه مقبول فإذا لم يتابع فهو ليِّن واللين ضعيف وهو يعضد قول من يقول إنه مجهول أو لا يعرف كما قال الحافظ الذهبي "عن أبي خالد" هو الوالبي "عن ابن عباس قال كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يفتتح صلاته ببسم الله الرحمن الرحيم" يفتتح صلاته ببسم الله الرحمن الرحيم ظاهر إيراد هذا الحديث تحت هذه الترجمة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يجهر بالبسملة لكنه ضعيف ولهذا يقول أبو عيسى "هذا حديث ليس إسناده بذاك" يعني ليس بالقوي بل هو مضعَّف "قال أبو عيسى هذا حديث ليس إسناده بذاك" يعني ليس بالقوي لما عرفنا من الكلام في أبي خالد الوالبي "وقال بهذا" والمراد الجهر بالبسملة "عدة من أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- منهم أبو هريرة" حديث أبي هريرة عند النسائي وابن خزيمة وابن حبان عن نعيم المُجْمِر قال صليت وراء أبي هريرة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ثم قرأ بأم القرآن الحديث ثم قال والله إني لأشبهكم صلاة برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحديثه مخرَّج في الصحيح لكن دون ذكر البسملة دون الجهر بالبسملة قاله ابن حجر "منهم أبو هريرة وابن عمر وابن عباس وابن الزبير ومن بعدهم من التابعين رأو الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم" لكن إذا وضعنا هؤلاء في مقابل من تقدَّم بما فيهم الخلفاء الراشدون الأربعة وجماهير الصحابة والسواد الأعظم من الأمة في عدم الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم وتبعًا لأدلة القولين ولا شك أن أدلة عدم الجهر كما تقدم أرجح "وبه يقول الشافعي وإسماعيل بن حماد هو ابن أبي سليمان وأبو خالد" وعرفنا أن إسماعيل بن حماد ضعفه العقيلي ووثقه غيره "وأبو خالد يقال له أبو خالد الوالبي" أبو خالد يقال له أبو خالد الوالبي واسمه هرمز وهو كوفي" ويقال في اسمه أيضًا هرِم قال مقبول من كبار التابعين قاله في التقريب وقال الذهبي لا يُعرَف وقال بعضهم هو مجهول وعلى كل حال كل الأقوال تدور على عدم تقويته فالمجهول ضعيف والذي لا يعرف كذلك وكونه أيضًا مقبول يحتاج إلى متابِع ليتم قبوله لأنه إذا لم يتابَع صار ليِّن والليِّن ضعيف وإذا توبع صار مقبول فهو إذًا في دائرة الكلام في دائرة الضعف فلا يخرج منها.
سم..
عفا الله عنك.
المرجع في هذه المسألة عدم الجهر لكن لو جهر أحيانًا؟ لو جهر أحيانًا لا يُلام وليس الخلاف في هذه المسألة مما يُشَدَّد فيه ليس الخلاف في هذه المسألة مما يشدد فيه لأنه لو جهر في الصلاة السرية يقول أهل العلم يُكرَه إن جهر في سرية أو أسر بجهرية كره ما لم يتخذ ذلك عادة وديدن وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يجهر بالآية أحيانًا يجهر بالآية في الصلاة السرية أحيانًا فإذا جهر بها أحيانًا لا يلام ولذا جاء في رسالة الشيخ عبد الله بن الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب في رسالته إلى أهل مكة قال ونصلي خلف الشافعي الذي يجهر بالبسملة ولا نصلي خلف الحنفي الذي لا يطمئن في صلاته لكن من الخلاف ما هو مؤثر في الصلاة ومنها ما لا يؤثر فالجهر في البسملة لا يؤثر كما لو جهر بآية في السرية.
سم.
عفا الله عنك.
قال رحمه الله تعالى:
"باب في افتتاح القراءة بالحمد لله رب العالمين حدثنا قتيبة قال حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه قال كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر وعمر وعثمان يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين هذا حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- والتابعين ومن بعدهم كانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين قال الشافعي إنما معنى هذا الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر.."
معنى معنى..
"إنما معنى هذا الحديثَ أن النبي -صلى الله عليه وسلم-.."
الحديثِ.. معنى..
"قال الشافعي إنما معنى هذا الحديث.."
اضبط الحديث.
"إنما معنى هذا الحديثِ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمر وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين معناه أنهم كانوا يبدءون بقراءة فاتحة الكتاب قبل السورة وليس معناه أنهم كانوا لا يقرؤون بسم الله الرحمن الرحيم وكان الشافعي يرى أن يُبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم وأن يُجهر بها إذا جهر بالقراءة."
يقول المؤلف رحمه الله تعالى "باب ما جاء في افتتاح القراءة بالحمد لله رب العالمين حدثنا قتيبة" وهو ابن سعيد قال "حدثنا أبو عوانة" وهو الوضاح بن عبد الله اليشكري "عن قتادة" بن دعامة "عن أنس بن مالك قال كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر وعمر وعثمان يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين" والحمد بالضم على الحكاية وهو دليل من لا يرى قراءة البسملة يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين هذا يستدل به من لا يرى قراءة البسملة إما مطلقًا أو جهرًا على الخلاف في ذلك والجمهور على أن المراد الافتتاح بالفاتحة بما فيها البسملة وكل على مذهبه في الجهر والإسرار على ما تقدم على "قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح" وسنده كما ترون كالشمس وهو أيضًا مخرج في صحيح مسلم "والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- والتابعين ومن بعدهم كانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين" بمعنى أنهم لا يقرؤون قبل الفاتحة شيئًا من القرآن يستفتحون القراءة يعني من القرآن يفتتحونها بالحمد لله رب العالمين فلا يُقرأ شيء من القرآن قبل سورة الفاتحة أما دعاء الاستفتاح فلا يدخل في هذا النفي لأنه ثبت بأدلة أخرى على ما تقدم "قال الشافعي إنما معنى هذا الحديث إنما معنى هذا الحديثِ معنى مضاف وهذا مضاف إليه والحديث بدل "إنما معنى هذا الحديثِ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين معناه أنهم كانوا يقرؤون بقراءة فاتحة الكتاب" بقراءة فاتحة الكتاب قبل السورة ولا يقدمون عليها سورة أخرى "وليس معناه أنهم كانوا لا يقرؤون بسم الله الرحمن الرحيم" والحمد لله رب العالمين بل الحمد اسم من اسماء السورة فهم يفتتحون بهذه السورة بما فيها البسملة على خلاف بين أهل العلم في البسملة هل هي آية من السورة؟ أو ليست بآية أو على الخلاف الذي بسطناه في أول الدرس معناه أنهم كانوا يبدءون بقراءة فاتحة الكتاب قبل السورة "وليس معناه أنهم كانوا لا يقرؤون بسم الله الرحمن الرحيم وكان الشافعي يرى أن يُبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم وأن يجهر بها إذا جهر بالقراءة" وأن يجهر بها إذا جهر بالقراءة الإمام الشافعي رحمه الله عرفنا أن مذهبه الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم وخالفه غيره من الأئمة كالحنفية والحنابلة لا يرون الجهر وأما المالكية فلا يذكرونها مطلقًا لا سرًا ولا جهرًا الشافعي في كتاب الأم يرى أن البسملة آية من الفاتحة وأنها مثل الحمد لله رب العالمين من ترك بسم الله الرحمن الرحيم فكأنما ترك الحمد لله رب العالمين يقول إن أغفل أن يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم وقرأ من الحمد لله رب العالمين حتى يختم السورة عليه كان عليه أن يعود فيقرأ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين يعني مثل هذا الكلام هل يتجه مع وجود الخلاف أولاً الآية الحمد لله رب العالمين أحد يشك في أنها من القرآن؟! من شك فيها كفر لكن الذي يتردد في البسملة مع وجود الخلاف بين أهل العلم لا شك أنه له وجه وله سلف من أهل العلم من لا يرى أنها آية ويستدل بوجود الخلاف فيها ولو كانت من القرآن لما وجد الاختلاف وإن أغفل أن يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم وقرأ من {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [سورة الفاتحة:2] حتى يختم السورة كان عليه أن يعود فيقرأ بسم الله الرـحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين حتى يأتي على السورة قال الشافعي: ولا يجزيه أن يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم بعد قراءة الحمد لله رب العالمين يعني لا بد من الترتيب فهي الآية الأولى من الفاتحة عنده ولا بين ظهرانيها يعني لا يجوز أن يقرأ البسملة بعد ما يفرغ من الفاتحة ولا بين آياتها ولا بين ظهرانيها حتى يعود فيقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ثم يبتدئ أم القرآن فيكون قد وضع كل حرف منها في موضعه وكذلك لو أغفل فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ثم قال {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [سورة الفاتحة:4] حتى يأتي على آخر السورة عاد فقرأ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [سورة الفاتحة:2] حتى يأتي على آخر السورة وكذلك لو أغفل الحمد فقط فقال لله {رَبِّ الْعَالَمِينَ} [سورة الفاتحة:2] عاد فقرأ الحمد وما بعدها لا يجزيه غيره حتى يأتي بها كما أُنزلت ولو أجزت له أن يقدم منها شيئًا عن موضعه أو يؤخره ناسيًا أجزت له إذا نسي أن يقرأ آخر آية منها ثم التي تليها قبلها ثم التي تليها حتى يجعل بسم الله الرحمن الرحيم آخرها يعني يقرأ الفاتحة منكّسة يبدأ بالآية الأخيرة إلى البسملة ولكن لا يجزئ عنه حتى يأتي بكمالها كما أنزلت هذا رأيه رحمه الله بناء على أن بسم الله الرحمن الرحيم مثل {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [سورة الفاتحة:2] ومثل {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [سورة الفاتحة:6] كغيرها من آيات الفاتحة ويشدد في شأنها حتى أنه يأمر بالإعادة لو نسيها يأتي بالبسملة ثم يأتي بالفاتحة من جديد كأنه نسي آية بحيث يأتي بها وما بعدها وعرفنا الخلاف في البسملة هل هي آية أو ليست بآية من الفاتحة أو من غيرها من السور ولسنا بحاجة إلى إعادته فقد بسطناه في أول الدرس.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
"هذا أشرنا إليه في أثناء الدرس والغرابة عنده أحيانًا تكون مطلقة وأحيانًا تكون نسبية فإذا جمع بينها وبين الحسن لا شك أنها نسبية لأن من شرط الحسن أن يروى من غير وجه كما نص عليه الإمام الترمذي.
الإمام الترمذي معروف بتساهله وكثير من الأحاديث التي حكم عليها بالحسن لا تصل إلى درجة الحسن وبعضهم يطرد ذلك فيقول ما يحكم عليه بالحسن فقط فهو ضعيف لكن هذا ليس بمطّرد.
يقول: وكذا الألباني عليه رحمة الله.
أيضًا الألباني رحمه الله حفظ عليه شيء من التساهل في هذا الباب لا سيما فيما يسميه بالحسن لغيره..
أولاً على الإنسان أن يتقي الله جل وعلا ولا يعرِّض نفسه لمواقع الفتن لا يعرِّض نفسه لمواقع الفتن فلا ينظر في الآلات في الفضائيات ولا في الصحف ولا في المجلات التي تنشر الصور ولا يغشى الأسواق والمحافل التي يتردد فيها النساء المتبرجات فإذا حفظ نفسه من هذه المواطن واستعان بالله جل وعلا وجاهد نفسه للصيام أو على الصيام فإنه حينئذٍ وبذل الأسباب وألحّ على الله جل وعلا في أن يعصمه من هذه من الوقوع في الفاحشة فإن الله جل وعلا يعينه؛ لأن من لا يستطيع النكاح فعليه بالصوم فإنه له وِجاء أما أن يعرِّض نفسه للفتن وينظر في هذه الآلات وينظر في الصحف والمجلات ويغشى الأسواق ويقول أخشى على نفسي أنت الذي عرَّضت نفسك لهذه الفاحشة.
كلها داخلة في النهي والمنع الشديد كله تصوير.
على كل حال التصوير سواء كان باليد أو بالآية فإنه تصوير داخل في النصوص الشديدة في تحريمه.
نعم يغني هو أوسع منهما.