شرح منتهى الإرادات (08)
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وعنه: كل جرية من جار كمنفرد، فمتى امتدت نجاسة بجارٍ فكل جرية نجاسة مفردة، والجرية ما أحاط بالنجاسة سوى ما وراءها وأمامها، وإن لم يتغير الكثير لم ينجس إلا ببول آدميٍ أو عذرةٍ رطبةٍ أو يابسة، أو يابسة ذابت عند أكثر المتقدمين والمتوسطين إلا أن تعظم مشقة نزحه كمصانع مكة، فما تنجس بما ذُكر ولم يتغير فتطهيره بإضافة ما يشق نزحه بحسب الإمكان عُرفًا، وإن تغير فإن شق نزحه فبزوال تغيره بنفسه، أو بإضافة ما يشق نزحه أو بنزحٍ يبقى بعده ما يشق نزحه، وإن لم يشق فبإضافة ما يشق نزحه مع زوال تغيره، وما تنجَّس بغيره ولم يتغير فبإضافة كثيرٍ، وإن تغير فإن كثُر فبزوال تغيرهِ بنفسه، أو بإضافة كثير أو بنزح يبقى بعده كثير، والمنزوح طهورٌ بشرطه وإلا أو كان كثيرًا مجتمعًا من متنجس يسير، فبإضافة كثير مع زوال تغيره، ولا يجب غسل جوانب بئر نُزحت.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
تقدم قول المؤلف في القسم الثالث، النجس، وهو أنه ما تغير بالنجاسة في غير محل التطهير أو لاقى النجاسة وهو يسير وهو قليل، بمجرد الملاقاة ينجس، ولا فرق بين أن يكون راكدًا دائمًا أو جاريًا، كما أنه لا فرق بين أن تكون النجاسة لها جرم يُرى بالعين المجردة، أو مما لا يدركه الطرف، ولا فرق في تأثير النجاسة على الماء بين أن يمضي وقت تسري فيه هذه النجاسة أو لا، وهذا كله تقدم، وهناك فرق بين الوارد والمورود، ما سبق هو المورود، وإذا ورد الماء على النجاسة، (سبق ما وردت عليه النجاسة)، وأما إذا وردت النجاسة على المحل، فإنها تطهره ولا يتأثر بها إلا إذا انفصل عن محله وقد تغير بالنجاسة، أو بقيت النجاسة لم تتغير. لم يفرقوا بين الجاري والراكد على ما تقدم على الرواية التي مشى عليها المؤلف، ثم ذكر الرواية الأخرى؛ لقوتها وشهرتها.
والأصل في التفريق بين الجاري والراكد أنه جاء التنصيص على الماء الراكد الساكن «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري» مفهومه أن الذي يجري يختلف حكمه هذا من حيث الأثر، ومن حيث النظر هناك فرق بأن جريان الماء أولاً له أثر في سير النجاسة، وله أثر من جهة أخرى أن يتخلله الهواء، والهواء يُستعمل لتنظيف الماء، بمعنى أنه لو وجد ماء متغير بمكثه مثلًا تغيرت رائحته من طول المكث، فيمكن تطييب الرائحة بعرضه على الهواء، يعني مثل ما يطيب العيش، يؤخذ منه بإناء ويُرفع ويُصب عليه تتغير رائحته؛ لأن الأكسجين والهواء دخل فيه، المقصود أن مثل هذا تحريك الماء له أثر في قبوله للنجاسة وعدمها، فالدائم جاء النص عليه، وأنه يتأثر، وحينئذٍ يكون القيد معتبرًا، ويكون الجاري يختلف عنه حكمًا. الجاري هو الذي يجري في السواقي ونحوها. الدائم الذي لا يجري، هل مجرد حركة الماء ترفع عنه وصف الدائم؟ أو لابد أن يجري؛ لأنه فُسر في الخبر بكونه «الدائم الذي لا يجري» والجريان يختلف عن مجرد الحركة، ولذا يستروح بعضهم إلى التحايل على الماء الدائم بأن يلقي فيه حجرًا أو خشبة ليتحرك؛ لئلا يكون دائمًا، لكن هل يتحقق مثل هذا بمثل هذا الفعل؟ هل يرتفع الوصف من كونه دائم؟ هل الدوام مقابل الحركة أو مقابل للجريان؟
طالب: مقابل للجريان.
في الحديث مقابل للجريان، والدائم في اللغة قالوا: من الأضداد، فيطلق الدائم ويراد به الساكن، ويطلق ويراد به المتحرك المضطرب في اللغة، يقال: رأسه به دوام يعني تحرك واضطراب، فيطلق على هذا وهذا، وهو من الأضداد، لكن الحديث دلل على أن الدائم بإزاء أو في مقابل الذي لا يجري، بالنص.
الرواية الأخرى عن الإمام أحمد، وهي منصوصة أيضًا يقول: وعنه أن كل جرية من ماء جارٍ تعتبر بنفسها كالماء المنفرد، كالماء المنفرد، وهذه الرواية اختارها القاضي وقال: هي المذهب. فإن كانت دون القلتين تنجست، وإلا فلا. (الجرية الواحدة). لكن كيف نعرف أن هذه الجرية منفصلة عما قبلها وعما بعدها؟ الضابط.
الجرية عرفها المؤلف، أولًا التفريق بين الجاري والراكد هو قول الإمام مالك، وهو رواية كما سمعنا عن الإمام أحمد، وأن الجاري لا ينجس إلا بالتغير قليلًا كان أو كثيرًا، وهو القديم من قول الشافعي واختاره البغوي، وقال النووي: هو قوي، واختاره الموفق في العمدة، والشيخ وجماعة، وقال: هي أنص الروايتين عن أحمد.
نريد أن نفرق الماء مقداره واحد، أقل من قلتين، لكنه في إناء لا يتحرك، وردت عليه نجاسة، هذا تؤثر فيه النجاسة، هذا الماء نفسه لو جعلناه جاريًا، لو جعلناه جاريًا فوقعت النجاسة فيه، أيهما أبلغ في التأثير كونه راكدًا أو كونه جاريًا؟ لأن النجاسة وقعت في جزء منه وهو جارٍ، هذا الجزء هل يتأثر بهذه النجاسة باعتباره في حكم المنفصل عما تقدمه فيكون أقل من القليل، أيهما أولى بالتنجيس؟
طالب: الراكد يا شيخ تسري فيه النجاسة.
لكنها تذوب لكثرته، بينما الجاري لا شك أنه باعتبار قولهم إن كل جرية لها حكم الماء المنفصل.
طالب: يعني ما تقدم النجاسة لا تصل إليه.
ولذلك ذكر الضابط هذا (فمتى امتدت نجاسة بجارٍ) يعني بماء جارٍ، فكل جرية نجاسة مفردة، والجرية ما أحاط بالنجاسة) من فوقها ومن تحتها، يعني من جميع جهاتها سوى ما وراءها؛ لأنه لم يصل إليها، و(أمامها) لأنها لم تصل إليه، فتختص النجاسة بهذه البقعة، لكن كيف نتصور مثل هذه المسألة؟ الموفق في الكافي حتى ما وراءها وما أمامها وما قرب منها حكمه حكم واحد يتأثر؛ لأن سريانها في الجرية الواحدة مثل سريانها في الماء الراكد.
طالب: يعني الذي تنتشر إليه عادة يا شيخ؟
نعم، تصل إليه بقوتها ونفوذها. هناك مسائل ذكرها الحافظ ابن رجب -رحمه الله- في قواعده، في القاعدة الأولى تكشف بعض الأمور.
القاعدة الأولى يقول الحافظ ابن رجب -رحمه الله تعالى-: الماء الجاري هل هو كالراكد، أو كل جرية منها لها حكم الماء المنفرد؟ فيه خلاف في المذهب ينبني عليه مسائل، أولًا: في الاختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية: فرقت طائفة من محققي أصحاب الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- بين الجاري والواقف، وهو أنص الروايتين عن أحمد، فلا ينجس الجاري إلا بالتغير سواء كان قليلًا أو كثيرًا، وهذا معوله على النص الذي فرق بين الراكد والجاري، معوله على النص فلا ينجس الجاري إلا بالتغير سواء كان قليلًا أو كثيرًا. يقول: أيضًا وحوض الحمام إذا كان فائضًا فإنه جارٍ في أصح قولي العلماء، نص عليه أحمد.
حوض الحمام يعني إذا كان حوض ويرد عليه ماء ويخرج منه ماء، وإن كان راكدًا في الجملة، هو في الأصل في إناء كبير، وهذا الإناء يرد عليه ماء متجدد، ويخرج منه ماء ليُستعمل يقول: هذا حكمه حكم الجاري. وإن نظرنا إليه من حيث النظر، فإن النجاسة إذا وقعت فيه وسقطت في أسفله، فالنجاسة محفوظة في أسفل ما في الإناء.
الحافظ ابن رجب -رحمه الله تعالى- يقول: فيه خلاف في المذهب ينبني عليه مسائل:
أحدها: لو وقعت فيه نجاسة فهل يعتبر مجموعه؟ فإن كان كثيرًا لم ينجس بدون تغير وإلا نجس، أو تعتبر كل جرية بانفرادها، لو وقعت فيه نجاسة فهل يعتبر مجموعه؟ فإن كان كثيرًا لم ينجس بدون تغير وإلا نجس، أو تعتبر كل جرية بانفرادها فإن بلغت قلتين لم ينجس وإلا نجست. فيه روايتان حكاه الشيرازي وغيره.
والثانية لو غُمس، يعني الفائدة الثانية هي المذهب عند القاضي. والفائدة الثانية من فوائد هذه القاعدة: لو غمس الإناء النجس في ماء جارٍ ومرت عليه سبع جريات، فهل ذلك غسلة واحدة أو سبع غسلات؟
يعني إناء نجس، نجاسته بولوغ كلب مثلًا، غُمس هذا الإناء في ماء جارٍ، ومرَّت عليه سبع جريات، فهل ذلك غسلة واحدة أو سبع غسلات؟ إذا قلنا: حكمه حكم الراكد قلنا: غسلة واحدة، وإذا قلنا: كل جرية لها حكم الماء المنفرد قلنا: سبع غسلات.
على وجهين حكاهما أبو الحسن ابن الغازي تلميذ الآمدي، وذكر أن ظاهر كلام الأصحاب أن ذلك غسلة واحدة، يعني على الرواية الأولى.
وكذلك لو كان ثوبًا ونحوه وعصره عقيب كل جرية.
والثانية: لو غسله عقيب كل جرية وهو داخل الماء.
أما إذا أخرجه وأعاده غسلتان.
والثالثة: لو انغمس المحدث حدثًا أصغر في ماء جارٍ للوضوء، ومرت عليه أربع جريات متوالية فهل يرتفع حدثه أم لا؟
على وجهين: أشهرهما عند الأصحاب أنه يرتفع حدثه، وقال أبو الخطاب في الانتصار: ظاهر كلام أحمد أنه لا يرتفع حدثه؛ لأنه لم يفرق بين الجاري والراكد.
لو انغمس المحدث حدثًا أصغر في ماء جارٍ، لكن لو انغمس المحدث حدثًا أكبر في ماء جارٍ يرتفع أو ما يرتفع؟
طالب: يرتفع، لا يشترط ..... يا شيخ.
لماذا؟
طالب:.................
لا، افترض أنه كثير أكثر من قلتين، وانغمس فيه لجنابة.
طالب:.....................
على كلامهم يرتفع، أما لو انغمس المحدث حدثًا أصغر في ماء جارٍ للوضوء مرت عليه أربع جريات متوالية، لماذا قال: أربع؟
طالب:........................
فروض الوضوء نعم. مرت عليه أربع مرات متوالية، فهل يرتفع بذلك حدثه أم لا؟
إذا قلنا: لا يرتفع اعتبرناه كالراكد، وإذا قلنا: كل جرية لها حكم الماء المنفرد، ونوى بالجرية الأولى غسل الوجه، وبالثانية غسل اليدين، وبالثالثة مسح الرأس، وبالرابعة غسل الرجلين ارتفع حدثه. هذا إذا قلنا إن كل جرية لها حكم الماء المنفصل، ولذا يقولون: لو انغمس من حدثه أصغر لا يرتفع إلا أن يخرج مرتبًا. كيف يخرج مرتبًا؟ يخرج وجهه ثم يديه، ثم يمسح رأسه، ثم يخرج رجليه، لكن لو خرج خروجًا طبيعيًّا للزم عليه أن يكون الرأس قبل الوجه، وهذا لا يصح معه الوضوء.
وقال أبو الخطاب في الانتصار: ظاهر كلام أحمد أنه لا يرتفع حدثه؛ لأنه لم يفرق بين الجاري والراكد. قلت: بل نص أحمد على التسوية بينهما، بين الجاري والراكد، بل نص أحمد على التسوية بينهما في رواية محمد بن الحكم، وأنه لو انغمس في دجلة فإنه لا يرتفع حدثه حتى يخرج حدثه، والصواب بدنه، حتى يخرج بدنه مرتبًا.
والرابعة: لو حلف لا يقف في هذا الماء وكان جاريًا، لم يحنث عند أبي الخطاب؛ لأن هذه الماء الذي وقف فيه غير الماء الذي حلف عليه؛ لأن الماء الذي حلف عليه ذهب، ووقف في ماء جديد.
لو حلف لا يقف في هذا الماء، وكان جاريًا لم يحنث عند أبي الخطاب وغيره؛ لأن الجاري يتبدل، ويستخلف شيئًا فشيئًا، فلا يتصور الوقوف فيه. وقياس المنصوص أنه يحنث، وقياس المنصوص أنه يحنث؛ لأن حكمه حكم الماء الراكد، وهو الماء نفسه على الرواية الأولى، لاسيما والعرف يشهد له.
يعني لو حلف ألا يقف في هذا الماء ثم وقف فيه، ثم سألت أي شخص: هل وقف في الماء الذي حلف عليه؟ قال: نعم.
لاسيما والعرف يشهد له، والأيمان مرجعها إلى العرف. ثم وجدت القاضي في الجامع الكبير ذكر نحو هذا، والله أعلم.
شيخ الإسلام -رحمه الله- يرجح أن الجاري يختلف حكمه عن حكم الراكد، وعرفنا أن مرد ذلك إلى النظر والأثر، وأما الأثر فالحديث صريح في التفريق بين الجاري والراكد «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري»، فدل على أن الذي يجري يختلف حكمه عن حكم الماء الراكد، ولعل هذا هو المرجح؛ لقوة الدليل، لقوة هذا الدليل.
وإن لم يتغير الماء الكثير، والضابط على ما سيأتي القلتان، قلتان فصاعدًا بملاقاة النجاسة لم ينجس، إن لم يتغير الكثير لم ينجس؛ لحديث: «إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث»، وفي رواية «لم ينجس»، هو لم يتغير، هل يقول أحد بنجاسة مثل هذا؟! يعني كثير لم يتغير، هل يقول أحد بنجاسته؟!
طالب:......................
أنت افترض أنهم قلتان وربع، اترك البحر.
طالب: إن لم يستثنِ بول الآدمي وعذرته.
على ما سيأتي، لكن يقول هنا: وإن لم يتغير الماء الكثير لم ينجس إلا بما استثني: بول آدمي وعذرته. هل يقول أحد بتنجيسه؟
إذا قلنا: إذا لم يتغير الكثير لم ينجس صحيح، لكن إذا قيدناه بالقلتين خالف بعض أهل العلم الذي لا يحد القليل والكثير بالقلتين كالحنفية مثلًا، فالخلاف في التحديد بين القليل والكثير، أما إذا بلغ من الكثرة بحيث يكون هو المعول عليه عند أصحاب الأقوال ممن يفرق بين القليل والكثير وهم الجمهور، فإنه لا يقول أحد بنجاسته إذا لم يتغير، إلا ببول آدمي لحديث «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم»، هذا الحديث يدل على أن البول مؤثر في الماء ولو كان كثيرًا «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم»، وهذا يشمل القليل والكثير، لكنه خاص ببول الآدمي، وقياسه من باب قياس الأولى العذرة من الآدمي المائعة الرطبة، أو يابسة إذا ذابت وتحللت، حينئذ ينجس الماء ولو كان كثيرًا ولو لم يتغير؛ لحديث «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم». على هذا لو بال في إناء ثم صبه في الماء الدائم، بالنظر إلى المعاني عندهم ينجس؛ لأن الحكم واحد، ولو بال خارج الماء ثم انساب إليه وتسرب إليه نجس، ولو تغوط في الماء تنجس، خلافًا لأهل الظاهر، أهل الظاهر يفرقون، يقتصرون على ما ورد في النص إذا بال فقط، لو بال في إناء وصبه ما يتنجس! لو تغوط فيه ما تنجس! وهل هذا منصوص لأهل الظاهر أو من باب الإلزام؟ هذا من أشنع ما يُذكر عنهم، وأشنع منه تحريم التأفيف دون الضرب بالنسبة للوالدين، وعندهم من هذا أشياء، سواء كانت من مقولهم، أو مما يلزم على مذهبهم، مما يجعل مذهبهم مرجوحًا عند أهل العلم لاسيما في مثل هذه الأمور، ومع الأسف أنه يروج له في العصور المتأخرة اتباعًا للهوى، تسمع النغمات الموسيقية من جوالات بعض الناس، ويقول لك: ابن حزم إمام، والظاهرية مذهب معتبر عند أهل العلم من مذاهب أهل السنة، وابن حزم إمام. يعني ما لقيت ابن حزم إلا في هذه المسألة! الآن يرددونها، ومع الأسف أن العوام اطلعوا على مثل هذه الأقوال، لكن لماذا لا يطلعون على مثل هذا، أن الولد لو ضرب أباه ما فيه إشكال.
طالب: لكن لا يقول أُف.
لكن لا يقول أف! أو تغوط في الإناء ما يؤثر لكن لا يبول! لماذا لا يطلعون على مثل هذه الأمور؟ لأن المسألة اتباع هوى فقط، ويجادلون بقوة، وابن حزم رأيه مردود مرذول مخالف للنصوص الشرعية، في إباحته الغناء والمعازف، والنصوص كثيرة جدًّا في تحريمه بآلاته.
طالب:.............
لا، ثابت، ثابت له رسالة المستقلة في ذلك، كل ما جاء في المسألة موضوع، حكم عليه بالوضع، يقول موضوع، لا لا، له رسالة مستقلة في إباحته مطبوعة. هو الإشكال الناس ما يقرؤون، ما يدرون عن هذه الرسالة، كثير من الناس ما يدري عنها، الإشكال هذه القنوات التي أدخلت هذه الشبهات إلى البيوت، الإشكال هنا، تأثرت البيوت بالإعلام، الإعلام يوجه الناس كأنهم غنم مع الأسف الشديد، ووجد أرضية من اتباع للهوى بعد انفتاح الدنيا وإعراض عن الدين، ويجد مثل هذا القبول.
طالب:....................
كل هذه إلزامات.
طالب:.....................
المقصود أنه ما يأخذه من هذه الآية، ما يستدل بقوله –جل وعلا-: {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء:23] على تحريم الضرب، لكن هل يمكن أن يقول مثل هذا عاقل؟! يتصور عقل سوي يقول مثل هذا الكلام! المقصود أننا بحاجة إلى مثل هذه الأمور بدفع بعض ما يعلق بالعقول من الشبهات.
طالب:.........................
لأنه لا فرق بينهما عنده.
طالب: حتى الكثير يا شيخ؟
حتى الكثير؛ لأن النص ما قيّد بالكثير.
طالب:......................
في البحر؟ إلا ما يشق نزحه.
طالب:......................
هذا مستثنى.
يقول: لم يفرقوا بين القليل والكثير؛ لأن النص ليس فيه تفريق. كيف نوفق بين حديث: «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم»، وبين الأحاديث الأخرى «الماء طهور لا ينجسه شيء»، وحديث «إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث»؟
قالوا: حديث «لا يبولن أحدكم» خاص ببول الآدمي، والأحاديث الأخرى عامة، والقول الآخر أن بول الآدمي كغيره، وليس بأشد من بول الكلب، وليس بأشد من نجاسة بول الكلب، عند أكثر المتقدمين والمتوسطين، ممن؟ من الأصحاب، والمتقدمون تحديدهم عند أهل العلم عند الحنابلة من الإمام إلى القاضي، من القاضي؟ عياض؟
طالب: أبو يعلى.
القاضي أبو يعلى، نعم من الإمام إلى القاضي، قد يقول قائل: لو سمع هذا الكلام مفرد، يقول الإمام إلى القاضي كيف! مثل الكاتبين على اللبن من البقرة إلى المائدة! يعني من الإمام أحمد إلى القاضي أبي يعلى، والمتوسطون: من القاضي إلى الموفق، والمتأخرون: من الموفق إلى الآخر، هذه يحتاج إليها؛ لأنهم كثيرًا ما يذكرون مثل هذه الأشياء، المذهب عند المتقدمين، المذهب عند المتأخرين، المذهب عند المتوسطين. لكن هنا يقول: والمتأخرون من الموفق إلى الآخر، والمذهب عند المتوسطين يعني في اصطلاح آخر عندهم، ما يتفق عليه الموفق والمجد، وعند المتأخرين ما يتفق عليه الإقناع والمنتهى. إذًا الموفق والمجد من أيش؟ من المتوسط، وعلى هذا يكون إلى الموفق الغاية داخلة، فالموفق من المتوسطين، من بعده من المتأخرين.
يقول: عند أكثر المتقدمين والمتوسطين إلا أن تعظم مشقة نزحه كمصانع طريق مكة.
وهي أحواض كبيرة جدًّا يرد إليها الحجاج؛ لحاجتهم الماسة إلى الماء الكثير؛ لأنهم يأتون دفعات كبيرة، حملات يأتون دفعات كثيرة، فيحتاجون إلى مياه، فهذه موجودة في الطريق من المحسنين، مثل هذه يشق نزحها، لو جاء صبي أو كبير؛ لأنهم لا يفرقون بين الكبير والصغير. إلا ببول آدمي، قالوا: ولو صغيرًا، فجاء صغير أو كبير، لكن الذي يُظن الصغير، فبال في هذه المصانع، أو في الماء الكثير جدًّا الذي يشق نزحه، فمثل هذا مُستثنى. وعنه أن حكم البول والعذرة حكم سائر النجاسات فلا ينجس بها ما بلغ قلتين إلا بالتغير؛ لأن نجاسة بول الآدمي لا تزيد على نجاسة بول الكلب، وهذه الرواية أظهر، ويكون حديث: «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم» لا لتنجيسه إما لتقذيره على المستعمل؛ لأنه لو كان نهرًا مثلًا احتجت للشرب منه ورأيت شخصًا يبول في هذه البقعة التي تشرب منها، قذره عليك، بعض الناس لو رأى شخصًا يتوضأ من ماء ما شرب منه، شخص يمتخط أو يستنشق من الماء هذا قد يستنكف عن الوضوء فيه، فلا شك أن مثل هذا يقذر الماء، ولذا جاء النهي؛ لأنه يترتب عليه إفساد الماء، وحرمان الآخرين منه لا لنجاسته؛ لأنه لم يتغير؛ لأن الأصل في الماء «أنه طهور لا ينجسه شيء».
فما تنجس بما ذكر يعني بول الآدمي أو عذرته، ولم يتغير بذلك.
فما تنجس بشيء ولم يتغير.
على الرواية الأولى التي اعتمدها المؤلف تنجس. يقول: (فما تنجس بما ذكر) يعني بول آدمي، (ولم يتغير) نجس، لكن على الرواية الأخرى لا يتنجس؛ لأنه لم يتغير.
فما تنجس بما ذكر ولم يتغير فتطهيره بإضافة ما يشق نزحه.
فتطهيره بإضافة ما يشق نزحه، ضابط ما يشق نزحه، بما يشق على الرجل المعتدل القوة، لا على جميع الناس، ليس المراد نزحه من قبل جميع الناس بحيث لو اجتمعوا على بئر نزحوها، ليس المراد هذا، وإنما ما يشق نزحه على الرجل المعتدل القوة. هذا إذا أضيف إلى هذا الماء الذي تنجس بما ذكر.
ولم يتغير تطهيره يكون بإضافة ما يشق نزحه بحسب الإمكان عرفًا.
لأنه قد يقول قائل: ما يشق نزحه ليس له حد، تكفي سيارة ماء أو اثنان أو خمسة أو عشرة؟ بحسب الإمكان عرفًا. قال في "الإنصاف": على الصحيح من المذهب، وعليه جماهير الأصحاب.
وإن لم يتصل.
كيف وإن لم يتصل؟ يعني لو اليوم جئت ببرميل وغدًا جئت ببرميل والثالث جئت ببرميل، وهكذا، فاجتمع من هذه البراميل ما يعرف أنه يشق نزحه لو كان دفعة واحدة (يعني وإن لم يتصل).
المقصود أن هذا الماء الكثير الذي يدفع النجاسة عن نفسه يدفعها عن الماء المتنجس، ولو عكسنا، أتينا إلى ماء يشق نزحه، فجئنا بهذا الماء المتنجس ببول الآدمي أو عذرته، فصببناه على الماء هناك فرق أو ما فيه فرق؟ التفريق بين الوارد والمورود.
يقول: (فتطهيره بإضافة ما يشق نزحه) ما قال: بإضافته إلى ما يشق نزحه؛ لأنهم يفرقون بين الماء الوارد والمورود.
(وإن تغير) والكلام في ماء بال فيه الآدمي أو تغوط فيه من باب أولى.
وإن تغير ما تنجس ببول الآدمي أو عذرته، فإن شق نزحه.
لأنه يذكر عن علي -رضي الله عنه- في بئر بال فيه صبي أنه أمر بنزحه.
وإن تغير ما تنجس ببول آدمي أو عذرته، فإن شق نزحه فطهارته تكون بزوال تغيره بنفسه.
إذا تغير بنفسه وهو يشق نزحه، والمسألة مفترضة فيما تغير، يقول: وإن تغير، وهناك المسألة الأولى: ولم يتغير. هناك: يضاف إليه ما يشق نزحه، وهنا: إن تغير فلا يخلو إما أن يكون مما يشق نزحه لكثرته، أو لوعورة الوصول إليه من أجل النزح، فبزوال تغيره بنفسه، يعني كالخمرة تنقلب خلًّا، أو تغييره بإضافة ما يشق نزحه إليه كالمسألة الأولى فيما لم يتغير، بل هذا أولى.
أو بإضافة ما يشق نزحه إليه أو بنزح ما يبقى بعده ما يشق نزحه.
أو بنزح ما يبقى بعده ما يشق نزحه، قد يقول قائل: إننا إذا نزحنا من هذا الماء الذي تغير ببول الآدمي أو عذرته، ألا يُتصور أن البول استقر في الأخير؟ يُتصور أو ما يُتصور؟
طالب:.................
في الأخير الذي بقي.
طالب:.................
لا، البول ينتشر في الماء من أوله إلى آخره، ووصوله إلى أوله أولى من وصوله إلى آخره، لأنه قد يستهلك قبل أن يصل إلى آخره. المقصود أنه يُنزح منه، وإلا قد يقول قائل: ما الفائدة ننزح منه والباقي كيف نطهره؟! يعني لما كان كثير جدًّا ننزح منه، ولما نزحنا منه وبقي منه ما بقي يكون حكمه طاهرًا! يعني هل الماء يتأثر بالنزح؟ إذا كانت النجاسة ذابت وانتهت يتأثر أو ما يتأثر؟
أولًا ما يذكر عن علي -رضي الله تعالى عنه- أنه أمر بنزح البئر. أولًا بالنسبة للبئر يتجدد ماؤها، ماؤها معين يتجدد. طيب افترض أنه في إناء كبير، لكن لا يشق نزحه فنزحنا منه والنجاسة محفوظة باقية، هل يتأثر بالنزح أو لا يتأثر؟ وعندهم من وسائل التطهير نزح ما يبقى بعده ما يشق نزحه، الآن إذا قلنا إنه بقي ما يشق نزحه، إذن قبل النزح أشد مشقة، كلامهم هذا متجه أم غير متجه؟
المسألة مفترضة في نجاسة معينة، وهي إيش؟ بول الآدمي أو عذرته، والمعروف أن العذرة مشاهدة تطفو على الماء، فتكون في الأعلى، فإذا نُزح منه انتهت، لكن البول، وهو يذوب في الماء لا شك أنه إلى الأعلى أقرب منه إلى الأسفل، فهذه وجهة هذه، هذا معولهم على مثل هذا، وتعليلهم بهذا.
يقول: لأن ما بلغ هذا الحد في الكثرة لا يكون لتنجيسه علة إلا التغير، فإذا زالت علة التنجيس طهر كالخمرة تتخلل.
لأن كلامهم ما زال في المتغير، إن تغير فإن شق نزحه فبزاوية تغيره بنفسه، أو بإضافة ما يشق نزحه إليه، أو بنزح يبقى بعده ما يشق نزحه، زوال تغير بنفسه أو بإضافة ما يشق نزحه إليه يعني حتى يتغير، (أو بنزح يبقى بعده ما يشق نزحه) شريطة أن يتغير؛ لأن المقصود تغيير الماء، المسألة في الماء المتغير (وإن تغير ما تنجس ببول آدمي أو عذرته) فطهارته بما يلي: فإن شق نزحه فبزوال تغيره بنفسه، هذا إذا شق، أو يكون تغييره، كيف يكون تغييره؟ كيف تغييره؟
طالب:.....................
يعني إزالة عين النجاسة منه. (إن تغير فبزوال تغيره بنفسه) هذه مسألة، هذا إذا كان يشق نزحه. (أو بإضافة ما يشق نزحه إليه) فإذا أضفنا ما يشق نزحه إليه إلى أن يتغير فالضابط التغير، (أو بنزح يبقى بعده ما يشق نزحه مما تغير)؛ لأنه تغير إلى أيش؟ إلى الطهارة، تغير إلى الطهارة، هو الأصل متغير بنجاسة؛ لأنه يقول: وإن تغير، تغير يعني بالنجاسة، فيكون تطهيره إن كان يشق نزحه بزوال تغيره انتهى الإشكال، (أو بإضافة ما يشق نزحه شريطة أن يتغير) يرجع إلى أوصافه الأولى، (أو بنزحٍ يبقى بعده ما يشق نزحه) مما تغير إلى الطهارة، كل هذا لابد منه، لكن لو أضفنا إليه ما يشق نزحه ثم تأثر به هذا المضاف؟
طالب: لم ينفع.
ما نفع، عين النجاسة موجودة، لو نزحنا منه وبقي منه ما يشق نزحه والنجاسة موجودة فما استفدنا، فهذه الوجوه كلها النجاسة فيها زالت عينها. (وإن لم يشق) يعني وإن لم يكن الماء المتغير بهذه النجاسة يشق نزحه فتطهيره بإضافة ما يشق نزحه إليه، وإن لم يكن الماء المتغير بهذه النجاسة يشق فتطهيره بإضافة ما يشق نزحه إليه، لماذا؟ ... ما الفرق بين هذه المسألة والتي قبلها أو بإضافة ما يشق نزحه؟ الأول يشق نزحه، والثاني:
طالب: لا يشق
لا يشق نزحه، فإذا كان الذي يشق نزحه المتغير بالنجاسة يتغير إلى طهارة بإضافة ما يشق نزحه فلأن يتغير ما لا يشق نزحه بإضافة ما يشق نزحه إليه من باب أولى؛ لأنه المتصور أنه أقل من الأول، وتطهير الأقل أسهل من تطهير الأكثر.
(مع زوال تغيره) لابد أن يزول التغير في جميع الصور، أما ما دام الماء متغيرًا بلون النجاسة، أو طعمها، أو ريحها، فإنه نجس ولو بلغ ما بلغ، ولا يمكن تطهيره إلا بإزالة هذا التغير.
طالب:.........................
ذاك لم يتغير وهذا تغير.
طالب:.....................
لأن المقصود في المسألتين ألا يرى أثر النجاسة، في الأولى ما فيه أثر النجاسة حقيقةً، لكن فيه حكمًا، لكن الثانية فيه حقيقة، فيضاف إليهما ترتفع معه هذه الحقيقة فيطهر.
طالب:................
هو في الأصل ما تغير حقيقةً هو متغير حكمًا، في المسألة الأولى ما تغير، وانتهينا منها، الثانية تغير بطعم النجاسة، أو طعمها، أو ريحها، فيمكن تطهيره بما ذكر من الصور؛ لأنه لا يخلو إما أن يشق نزحه أو لا يشق، إن شق نزحه، فإن تغير بنفسه انتهى الإشكال، إذا أضفنا ما يشق نزحه وتغير ارتفع لون النجاسة، أو طعمها، أو ريحها انتهى الإشكال، إذا نزحنا منه وبقي منه ما يشق نزحه غير متغير يعني بالنجاسة، طهور، وإن لم يكن يشق فهذا الشق الثاني.
طالب: عفا الله عنك، بين المسألتين فرق ........ المسألة الأولى؛ لأنه لم يتغير لم يشترط مع الإضافة زوال التغير، لأنه غير متغير
من الأصل هو ما تغير حقيقةً لكنه متغير حكمًا ولو لم يتغير حكمًا عندهم ما احتجنا إلى هذا.
طالب: لكنه في الثانية نص على هذا الشرط مع زوال تغيره.
هو تكلم عن المسألة من غير تغير، ومع تغير، فأعطى المسألة في الماء المتغير حكمًا لا حقيقةً. هو تغير بمعنى أنه انقلب من طهور إلى نجس، فهو متغير حكمًا لا حقيقةً؛ لأنه لا يوجد ما يدل على وجود النجاسة فلم يتغير، هذا له حكم. إذا تغير بأحد أوصاف النجاسة له حكم يختلف، فلابد من أن يزول هذا التغير بأحد الطرق الثلاثة. في الذي يشق نزحه وإن لم يشق نزحه، فبإضافة، التطهير بإضافة ما يشق نزحه إليه؛ لأن ما يشق نزحه يدفع النجاسة عن نفسه، فدفعه النجاسة عن غيره من باب أولى، لكن في كل هذه الصور لابد أن يزول التغير.
وما تنجس بغيره.
أي بغير بول الآدمي (ولم يتغير) يكون تطهيره (بإضافة ماء كثير) يعني قلتين فصاعدًا، هذا أيش؟ ما تنجس بغير البول والعذرة ومع ذلك لم يتغير، نضيف إليه ماءً كثيرًا قلتين فصاعدًا، لكن لو أضفناه إلى ماء كثير قلتين فصاعدًا، نفرق بين الوارد والمورود أم ما نفرق؟ الأصل أن هذا الماء المتنجس لم يتغير، ونضيفه إلى ماء كثير لا تؤثر فيه النجاسة لا واردة ولا مورودة، وهنا يختلف بين كونه واردًا ومورودًا أو ما يختلف في هذه الصورة؟ ما تنجس بغير البول والعذرة، ولم يتغير بها هو نجس حكمًا، أضفنا إليه كثيرًا، قلتين فأكثر، يقولون هنا: يطهر، لكن لو أضفناه إلى كثير، يتأثر الكثير بملاقاته؟ لا يتأثر.
وإن تغير بالنجاسة.
يعني غير البول والعذرة، وإن تغير فإن كثر بأن صار قلتين فصاعدًا فبزوال تغيره بنفسه، يعني نظير ما تقدم في المسألة السابقة، أو بإضافة طهور كثير قلتين فأكثر، أو بإضافة طهور كثير قلتين فأكثر.
(فإن كثر) هذا إن تغير بالنجاسة (إن كثر) قلتين فصاعدًا، (فبزوال تغيره بنفسه) وهذا دائمًا يقولون: كالخمرة تنقلب خلًّا، إذا زال تغيره بنفسه انتهى الإشكال، إذا أضفنا إليه طهورًا كثيرًا قلتين فأكثر، شريطة أن يزول التغير كسابقه، أو (بنزحٍ منه بحيث يبقى بعده كثير قلتان فصاعدًا) غير متغير أيضًا؛ لأن الماء المتغير بأحد أوصاف النجاسة إجماعًا أنه لا يجوز استعماله قليلًا كان أو كثيرًا، فلابد من زوال التغير.
والمنزوح مما تغير بالبول أو بغيره
سواء كان من الصور السابقة من صور المتغير بالبول أو من الصور التي بعدها من المتغير بغير البول (طهور بشرطه) شرطه أولًا زوال التغير، وبلوغه حدًّا يدفع النجاسة عن نفسه، ولو لم تكن عين النجاسة فيه، وأن يكون آخر ما نزح، يعني آخر غسلة تزول بها النجاسة أيش؟ طاهرة، وهذا في حكم الماء الذي يُغسل فيه (المنزوح) والمنزوح طهور بشرطه.
وإلا يكن كثيرًا.
يعني وإلا يكن الماء المتغير كثيرًا (بأن كان قليلًا أو كان كثيرًا متجمعًا من متنجس يسير) يعني إن كان قليلًا بسطل، هذا قليل (أو كان كثيرًا متجمعًا من متنجس يسير) عشرين سطلاً كلها متنجسة إذا ضممنا بعضها إلى بعض صارت أكثر من قلتين هل نقول: إنها لا تحمل الخبث، أو نقول: إن هذا مجتمع من مياه نجسة بمفردها كل واحد حمل الخبث بنفسه، ثم بعد ذلك اجتمع من المتنجس أمواه متنجسة، أو مياه متنجسة، لماذا نقول: إن مثل هذا الماء ولو زاد على القلتين يكون نجسًا؟ لأن حجم ما فيه من النجاسة كبير. يعني نجاسة وقعت في سطل بالنسبة لهذا السطل مؤثرة فيه، لكن لو وقعت هذه النجاسة بمفردها إلى عشرين سطلاً مضمومًا بعضها إلى بعض تأثيرها فيه أقل، لكن لو وقعت نجاسات من أمثال هذه النجاسة في عشرين سطلًا صارت كثيرة كما لو وقعت في سطل واحد، فإذا ضممناها، فنسبة النجاسة إلى الماء كنسبة النجاسة الواقعة في سطل واحد، ما دام حكمنا على السطل الواحد بأنه متنجس نحكم على هذه العشرين السطل المجتمعة بأنها متنجسة، لكن هل يوجد فرق عند أهل العلم أن تكون النجاسة قليلة أو كثيرة؟ سبق عندنا (ولو كانت مما لا يدركه الطرف) أنت افترض مثلًا عندك ماء أكثر من قلتين وقع فيه عصفور ميت، الحكم واحد فيما لو وقع فيه شاة ميتة؟ عندهم لا فرق، كله نجس.
طالب:....................................
لا، إذا كان أكثر من قلتين ما ينجس إلا بالتغير، لا ينجس إلا بالتغير، فلا فرق في الكثرة، وإذا كان دون قلتين نجس مطلقًا ولو كان مما لا يدركه الطرف، فلا فرق عندهم بين العصفور والحمار، هذا وهذا واحد، لهذا نصوا على أن النجاسة مهما بلغت في الصغر ولو كانت مما لا يدركه الطرف، لمثل هذا، إذا تقرر هذا وأنه لا فرق بين النجاسة الكثيرة والقليلة عندهم، هذه النجاسات الموزعة على عشرين سطلًا ثم زادت على القلتين، افترض أن هذه النجاسة مجتمعة بدلًا من أن تكون على قدر الذباب صارت كلها بقدر العصفور، تؤثر في الماء الذي وقعت فيه وهو فوق قلتين! وهنا لم يشترطوا، اشترطوا التغير أو ما اشترطوا؟
طالب: لم يشترطوا.
ما فيه اشتراط؛ لأنه معطوف على السطل الواحد، العشرين السطل التي جمعناها وزادت عن القلتين معطوفة على السطل الواحد، والسطل الواحد نجس عندهم، هذه العشرون التي جمعناها أيش؟ نجسة ولو كانت فوق القلتين ولو لم تتغير، لماذا؟ لأننا إذا نظرنا إلى مجموع النجاسات وجدناها مؤثرة في الماء، وعلى هذا يلزم عليه أن النجاسات تتفاوت، هل هذا يرد على قولهم أو ما يرد؟ أو نقول إن تأثيرها في الماء وهو مجتمع أقل من تأثيرها في الماء وهو متفرق؟ يعني لو افترضنا أن هذه النجاسات العشرين مجتمعة معناها صارت بقدر العصفور، لو وقعت في، جُزِّئت هذه النجاسات وصارت في عشرين سطلاً، هذا حكمنا بنجاسة؛ لأنه دون القلتين، لكن لو جمعت ووقعت في الماء بعد جمعه وصيرورته أكثر من قلتين، الماء يدفع عن نفسه، لكن لما كان قليلاً ما يدفع عن نفسه هذا على مذهبهم، فهذا هو السبب في قوله: (أو كان كثيرًا مجتمعًا من متنجس يسير) متنجسات.
طالب:......................
يعني هل الكلام في التدريج، تدريج التنجيس، مثل هذا لما كان سطلاً واحدًا لا يستطيع أن يدفع عن نفسه، لما كانت أسطالاً هو بهذه الصفة لا يستطيع الدفع عن نفسه، يحمل الخبث، ينجس على مقتضى حديث القلتين، لكن لو كان كثيرًا وقعت فيه هذه النجاسة فلم تغيره ببلوغه القلتين بلغ من القوة بحيث يدفع النجاسة عن نفسه.
طالب:........................
هو محكوم عليه بالنجاسة، لكن فرق بين أن يكون الماء كثيرًا يدفع عن نفسه.
طالب:........................
هو ما فيه شك أن حجم النجاسة له تأثير في حجم الماء، يمكن أن ينازع في هذا؟ ما ينازع في هذا، كلما زاد قدر النجاسة صار التأثير أكثر.
طالب:..............................
أنت افترض أن هذه النجاسة التي وقعت في سطل وحكمنا بنجاسته ولم يتغير، وقعت نفس النجاسة في عشرة أسطال لم تبلغ قلتين، الحكم واحد، عندهم الحكم واحد بلا شك نجس حكمًا، لكن لو زاد على القلتين صار فيه من القوة ما يدفع النجاسة عن نفسه. لا شك أنه مثل ما تفضل الأخ أن الماء المتنجس أضيف إلى متنجس ما يستفيد، هذا حكمه واحد، فتطهيره إنما يكون بإضافة طهور كثير إليه، لكن لابد من زوال التغير.
إضافة طهور كثير إليه مع زوال تغيره.
الآن ماء متغير بنجاسة هل يجوز إمساكه أو تجب إراقته؟ جاء فيما ولغ فيه الكلب «فليرقه»،
على كلام عند أهل العلم في هذه الزيادة، لكن مادام في الصحيح فلا مفر من إثباتها «فليرقه»، إمساك النجس إمساك المحرم، إن كان يخشى على نفسه الموت من العطش مثلًا أو اضطر إليه في إطفاء حريق أو ما أشبه ذلك، هذا لا إشكال فيه على ما تقدم، لكن إذا كان لا يحتاجه لمثل هذه الأمور يمسكه أو يحاول تطهيره على ما تقدم؟ أو نقول: إنه ماء نجس لا تجوز مباشرته فتجب إراقته؟ وهذا ينبني على الخلاف في الماء المتنجس، هل نجاسته حكمية أو عينية؟ يقول في الفروع: طاهر كلامهم أن نجاسة الماء النجس عينية. وعلى هذا لا يجوز بيعه، لا يجوز بيعه.
طالب: ..........
لا يمكن، وفي شرح العمدة لشيخ الإسلام: أن نجاسة الماء ليست عينية؛ لأنه يطهر غيره فنفسه أولى، فنجاسته حكمية، ولأنه يمكن تطهيره، إذا كان يطهر به غيره فلأن يطهر نفسه من باب أولى. الأمر الثاني أنه كغيره من المتنجسات التي طرأت عليها النجاسات بعد أن كانت طاهرة يمكن تطهيرها بالصور التي ذكرناها، إذًا نجاسته حكمية، وليست عينية.
يقول المؤلف: ولا يجب غسل جوانب بئر سواء كانت ضيقة أو واسعة؛ دفعًا للحرج والمشقة.
وهذه البئر التي نُزحت ونُزح منها الماء المتغير بنجاسة أو ما فيه بول آدمي، هذه البئر التي نُزحت لا يجب غسل جوانبها دفعًا للحرج والمشقة، وعنه بلى، يعني يجب غسل جوانبها؛ لأنه أصابها من رشاش المنزوح، لكن ما لا يشق غسله منها كفوهة البئر يعني أعلاها هذا لا يشق غسله، يغسل أو ما يغسل؟ هم قالوا: لا يجب غسل جوانب البئر، لماذا؟ للمشقة، هذا لا يشق غسله. الرواية الأخرى: يجب غسل جوانب البئر، ولو وجدت المشقة؛ لأنها تأثرت بالماء المنزوح وهو نجس.
طالب:.......................
لكن إذًا طرفه الأعلى فوهته فم البئر ما يشق، ما يشق.
طالب:.........................
لا لا، هذه يعني أمور لابد من مزاولتها ولو أخذت العمر. هذا ليس منظورًا إليه.
طالب:...............................
لأ، هم قالوا لا يجب غسل جوانب البئر للمشقة، هذا لا يشق غسله، مجرد أن تأتي بماء وتسكبه عليه.
طالب:........................
لكن لما منعوا جوانبه، أو لم يوجبوا غسل الجوانب؛ لأنه يشق، فدل على أن الذي لا يشق مع أنه رواية في المذهب أنه يجب غسله ولو شق، الجوانب فالذي لا يشق من باب أولى.
طالب: .....
تخصيص الحديث بالبول؛ لأنه هو الذي يُحتاج إليه، لا يتصور من عاقل أن يأتي بنجاسة من خارج البئر فيلقيها فيه، يُتصور أن إنسان سيغتسل في هذا الماء، ثم يحتاج إلى البول فيصعب عليه الخروج فيبول؛ لأن هذا مما يُحتاج إليه.
طالب: ..........
يُلقى، ما يُتصور أن العقلاء يلقون فيه مع علمهم بتحريم البول في الموارد والطرق والظل، المقصود أن مثل هذا لا يمكن أن يقع من ذلك الجيل. يلقى، احتمال أن يلقي فيها بعض المنافقين، لكن هي في منحدر من الأرض تلقي فيها السيول، السيول والرياح إذا جاءت إلى قرب هذه البئر وحولها ما حولها، لا شك أنها تلقي فيها هذه الأمور، وإلا فما يتصور أن الصحابة أفضل جيل وأفضل قوم وطئوا الأرض بعد الأنبياء أن يفعلوا مثل هذا مع علمهم ما ورد من النهي الشديد في ذلك، ومع ما جبلوا عليه من سلامة فطرة؛ لأنه ما يتصور أن يصدر مثل هذا من مستقيم سليم الفطرة أبدًا ولو كان غير مسلم.
طالب:.............................
لا لا جوانبه يعني الطيحة الحصى.
طالب:......................
لا لا داخلة، يعني الجوانب التي يصل إليها الرشاش، وهي تنزح بالأدلاء، الأدلاء إذا امتلأت يُنضح منها شيئًا من الماء.
طالب:...............
الذي أخرج نعم.
طالب:....................
بشرطه، بشرط عدم التغير.
طالب:...........................
لو أنت تتصور أن تحريك الماء لا شك أن له أثرًا، ولذلك جاء التفريق بين الدائم والساكن وغيره، وهو بشرطه، لابد من شرطه عدم التغير.
اللهم صلى الله وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
"التغيير يتفاوت، وهذا يُحتاج إليه في الجراحات التجميلية، وقد أعد لها المستشفيات والتخصصات، وتجاوز الناس حدًّا في مثل هذا. إذا كان في خلق الإنسان ما يقذره به الناس بحيث لا يستطيع أن يعيش بينهم، فليغير إن استطاع، إذا كان فيه مما يقذره به الناس، وأجازوا قطع الأصبع الزائدة إذا لم يترتب عليه ضرر، أو البثرة أو الحبة الناتئة، أو شيء من هذا، لكن التغيير الذي لا يُحتاج إليه إلا من باب التجميل والتحسين فقط، فمثل هذا لا، هذا تغيير. الأصباغ والألوان أمرها أخف، فإذا سلمت من التشبه ولم يرد فيها نص خاص كالتغيير بالسواد فلا بأس إن شاء الله تعالى. والتغيير له أصل شرعي من البياض إلى السواد أصل شرعي، فدل على أن الألوان ما عدا السواد الذي نُهي عنه لا بأس به، وصبغوا بالصفرة، صبغوا بالكتم، صبغوا بالحناء، صبغوا بالألوان الأخرى، فلا مانع من التغيير إذا لم يكن فيه شوب تشبه. لكن الملاحظ أن الناس في هذه العصور يلهثون وراء العادات، ولا يرضيهم شيء، تارة يكون هذا النوع هو الموضة وهو الجمال فيجلب الناس عليه ويطبقون عليه، وقد رأوه من أعداء، من كفار.
طالب:..................
فقط أكمل المسألة، فهو الموضة ويتبعونه؛ لأنهم رأوا من المومسات ومن النساء الفاجرات والكفار ما أعجبهم فيه، والإعجاب ليس داخليًّا، الإعجاب ليس من ذات الشخص؛ لأنهم يرون أن الناس معجبون بهذه المرأة، فليكونوا مثلها، ويظنون أن مصار الإعجاب هو هذا اللون أو ذاك، ثم بعد ذلك يطرأ تغيير عند هؤلاء النسوة ثم يُتبعنها، فيصير الأول الذي كان جمالاً يصير قبحًا، والدليل على ذلك أنك أحيانًا ترى الناس مسترسلين في تنعيم الشعر، ثم ينقلبون على هذا ويلجؤون إلى تجعيده، تجد الناس يفعلون ذا مرة وهذه مرة، وهذا كله تقليد، إذا كان قد وفد هذا الأمر من الكفار فلا يجوز بحال «ومن تشبه بقوم فهو منهم». والله المستعان.
ما هذا السؤال؟ هذا لابد من تحريره، إن كان يريد المكاثرة التي ستأتي، أما ما مناسبة الحديث أو سبب قوله لأن القلتين من الماء إذا صُب عليها قلتان من النجاسة نجس، قلتان من النجاسة على البحر، احتمال يصير لها أثر.
أما إذا كانت واحدة فلا إشكال في كونها خلوة، إذا كانت واحدة فلا إشكال في كونها خلوة، أما إذا كن أكثر من واحدة وداخل البلد فالخلوة منتفية ولا سفر، إلا أنه إذا خُشيت الفتنة يمنع، فالممنوع الخلوة ولا خلوة، والسفر ولا سفر، أما بين البلدان فلا يجوز بحال ولو كن ألفًا أن يسافر بهن بدون محرم.
هل يعتبر نقله لهن داخلاً في الخلوة المنهي عنها علمًا بأن منهن الصغيرات والنساء البالغات، وإذا قلنا بعدم اعتبار ذلك من الخلوة المحرمة، فهل يكون ذلك الحكم ثابتًا في حق آخر امرأة؟
لا حق آخر امرأة هذه خلوة، إذا بقيت واحدة فهي خلوة.
يقولون: غسله من باب التعبد لا لنجاسته؛ لأن الكلب ليس بنجس عندهم، غسله من باب التعبد لا لنجاسته، ويوردون على الجمهور كلب الصيد، وأننا لم نؤمر بغسل ما صاده الكلب بفمه سبعًا ونتربه بعد ذلك، علمًا بأن الفرق ظاهر؛ لأن الصيد في الغالب أنه يُطبخ، وطبخه يزيل أثر هذه النجاسة من جهة، ويقضي على الجرثوم الذي يشتمل عليه لعابه من جهة أخرى.
يعني إذا كانت النجاسة لها طعم، ولون، أو رائحة فالضابط التغير؛ لأنه يدرك، لأن التغير يدرك، وفي الثاني إذا كانت النجاسة مما لا لون له، أو طعم، أو رائحة كسؤر الكلب، والبول في بعض الحالات لا لون، ولا طعم، ولا رائحة، لكن مع ذلك هو نجس، وكلٌّ على مذهبه في المسألة، وعرفنا أن رأي المالكية لا شك أنه أرفق وأقرب إلى مقاصد الشرع مع أنه اختاره شيخ الإسلام بن تيمية -رحمه الله تعالى-.
نعم، هذه الدورات من أنفع ما يفيد منه طالب العلم؛ لأن معول العلم الشرعي على الحفظ بالدرجة الأولى والفهم، والحفظ لا يتأتى إلا بهذه الطريقة، والالتحاق بهذه الدورات المباركة لاشك أنه يختصر الوقت، مع أنه يحتاج إلى متابعة، ومراجعة طويلة، لا يُترك، يُحفظ ثم يُترك ثم لا شيء! على كل حال هذه من أنفع الدورات.
يعني غير السواد، اللون الأسود أصله أسود يصبغ بلون آخر إذا سلم من التشبه، فلا مانع إن شاء الله تعالى.
أولًا: عندنا الحرص على تطبيق السنة، وهذا يفقده كثير من الناس حتى بعض من ينتسب إلى طلب العلم، والحرص على تطبيقها يقتضي ويتطلب تعلُّم السنة، ثم بعد ذلك الفقه في تطبيق السنة. إذا نظرنا إلى هذه المسألة وهي المصافة، فتتحقق بالمناكب والأقدام، فلا تتحقق بالأقدام فقط كما يفعله بعض الناس يأخذ من الحيز ما يكفي لثلاثة، ثم بعد ذلك يوسع بين رجليه بدلًا من أن يكون ذراعًا أو أقل يأخذ مترًا وزيادة، هذا جهل في تطبيق السنة، فتطبيق السنة يحتاج إلى فقه.
الأمر الثاني: أن بعض الناس يحرص على السنة ويتعلم السنة، ثم يشرع في تطبيق السنة، ثم لا يفقه تطبيق السنة، يضايق الآخرين، والتراص في الصفوف مطلوب، لكن إلى أي حد؟ إلى حد يؤثر على صلاة من جاورك في الصلاة! بعض الناس يعمد إلى رجل مصافه فيطأ على بعض أصابعه حتى يتمنى الخلاص، وكم من شخص تسبب لإبطال صلاة جاره، حرصًا على السنة، تطبيق السنة دون فقه لتطبيقها، حتى إنه للأسف الشديد وجد من ردود الفعل من يربي الأظفار لمثل هذا! نعم وجد، كل هذا جهل سببه الجهل في تطبيق السنة. التراص مطلوب، لكن بين المناكب أكثر من شبر، ثم بعد ذلك في النهاية يفحج حتى يضايق الآخرين ويطأ أصابعهم، هل هذه هي السنة؟! السنة لابد أن يكون الإنسان يأخذ من الحيز ما يكفيه ليؤدي الصلاة على وجهها الشرعي فلا يزيد ولا ينقص، بعض الناس عنده من الحساسية ما لا يستطيع أن يصلي بجوار من يلامس قدمه، فمثل هذا إذا رأيته ممن ينفر لا تشدد في تطبيق السنة في تحصيل مفسدة كبرى.
وقل مثل هذا في التجافي، بعض الناس عنده المرفقان كالمسامير، ويشدد حتى يدخلها في أضلاع جاره، هل هذا تطبيق للسنة؟! المجافاة سنة، لكن يبقى أنها إذا أثرت على المجاور تترك يا أخي، هذه سنن، فلنحرص على السنة، ونتعلم السنة، ونفقه كيف نطبق السنة؟ بالفعل يعني تسحب رجلك فيمد رجله ثانية، والله هذا الحاصل، تسحب ثم يجيء ثانية، إلى أين؟! إلى متى؟! المسألة مسألة تطبيق سنن يُراد منها الثواب والأجر من الله -جل وعلا-، والأذى محرم، فكيف يُقابل هذا بهذا؟! يعني إذا عرفنا بعض الناس بدلًا من أن يكون صدره له أزيز كأزيز المرجل من خشية الله -جل وعلا-، بعض الناس أبدًا يبدأ بالصلاة وينتهي وهو على هذه الصفة حقدًا على جاره، ولا يفقه من صلاته شيء بسبب ما يعانيه من جاره.
وليس معنى هذا أننا نفرط في السنن ونترك بين المصلين المسافات، لابد من التراص، لكن التراص الذي يحقق معنى التراص، بعض الناس عرضه متر ثم يجد فرجة ما تسع ولا لطفل ثم يدخل بحجة التراص! يعني لا تفقه من صلاتك شيئًا لا تستطيع ولا أن تتنفس. بعض الناس يريد أن يطبق السنة مع الجهل التام، تجد بدين جدًّا ثم يتورك في كل جلوس، ولا يعرف كيف يتورك، يضطجع على جاره، ثم يتمنى النفس ولا يحصل له، فالمسألة تحتاج إلى عناية يا إخوان، نحتاج إلى تنبيه مثل هؤلاء الذين يؤذون الناس بهذه الطريقة، والذي يغلب على الظن أن قصدهم الخير، هم يقصدون الخير في هذا، لكن كم مريد للحق لا يصيبه!