شرح مختصر الخرقي - كتاب الشهادات (03)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد....
فيقول المؤلف –رحمه الله تعالى-: "ولا تجوز شهادة خصمٍ على خصمه" لا تجوز شهادته عليه؛ لِما بينهما من نوع العداوة، فقد يشهد عليه تشفيًا، ولا يؤمَن أن يكذب في شهادته على خصمه من باب التشفي؛ لأن الخصومة -في الغالب- تُورث العداوة، الغالب أن الخصومة تُورث عداوة، فالعدو لا يشهد على عدوه، بينما تُقبل شهادته له، الخصم تُقبل شهادته لخصمه، ما لم تجر هذه الشهادة نفعًا لنفسه، قد يكون بينهما خصومة في مال، وهذا المُخاصم خصمه فقير، فإذا شهد أن له مالاً أو حقًّا على فلان ليكسب هذا الحق من خصمه سدادًا لِما في ذمته فهذه تدخل في المسألة اللاحقة، إذا شهد لخصمه قلنا: شهادته على خصمه لا تجوز، شهادته لخصمه يُنظر فيها إذا كانت تجر إلى نفسه نفعًا بحيث يؤدي هذه الشهادة لخصمه، فيُثبت له حقًّا على زيد من الناس، ثم إذا أخذه دفعه إليه؛ لأنه مدينٌ له، فهذه داخلة في المسألة التي يقول فيها: "ولا جارٌ إلى نفسه نفعًا ولا دافعٌ".
عندنا؟
"شهادة خصمٍ ولا جارٍ" معطوف على مجرور "إلى نفسه نفعًا ولا دافعٍ عنها" يعني: ضرًّا؛ لأنه مستفيد من هذه الشهادة، فإذا كانت الشهادة تجر نفعًا أو تدفع ضرًا فإنه لا يُقبل الشاهد فيها.
"ولا تجوز شهادة من يُعرف بكثرة الغلط والغفلة" لعدم ضبطه لما يشهد به، والشهادة كالرواية تحتاج إلى ضبط، كما أنها تحتاج إلى عدالة، فالعدالة مع الضبط بانضمام الضبط إلى العدالة يكون ثقة سواءً كان في الرواية أو في الشهادة، والأصل أن الشهادة مثل الرواية إلا في مسائل معدودة، أن الذي لا يضبط، كثير الغفلة والغلط لا يؤمَن أن لا يضبط ما يشهد به، يُشهده صاحب الدَّين على أن له في ذمة فلان دينًا مبلغه ألف ريال، قد يتصور أصل المسألة، لكن الشاهد إذا كان كثير الغفلة والغلط قد يغلط في المبلغ.
إضافةً إلى أن الغفلة قد يُستدرج الشاهد فيشهد بما لا يعلم، بحيث يقبل التلقين؛ لأنه مغفل، كما قالوا: إذا جاء شخصٌ إلى آخر، وجلس معه وأخذ يذكر له أنه اشترى قطعة أرض بمبلغ كذا في المكان الفلاني، ثم جاءه بعد مدة يستشيره ماذا نصنع في هذه الأرض هل نزرعها، أو نعمرها، ونؤجرها، أو نسكنها، يستشيره في أمورٍ تدور حول هذه الأرض، ثم يأتيه مرةً ثالثة يقول: ترجَّح لنا أن نسكن، أو ترجَّح لنا أن نؤجِّر، أو ترجَّح لنا أن نبيع، ثم يأتيه مرة رابعة وخامسة يُطلعه على مخططات وفسوحات وأشياء، ومرة خامسة... خلاص هذا المغفل يجزم يقينًا بأن هذه الأرض له من كثرة ما لُقِّن، فيشهد أن هذه الأرض له.
هذا ما تُورثه الغفلة، والغلط قد يشهد على مبلغ، ثم بعد ذلك ينسى هذا المبلغ أو يغلط فيه، فلا تُطابق شهادته الواقع، وحينئذٍ لا تُقبل هذه الشهادة من هذا.
"وتجوز شهادة الأعمى إذا تيقن الصوت" علمًا بأن الأصوات كالخطوط قد تُزوَّر، والأصوات قد تُقلَّد، لكن إذا تيقن الأعمى من صوت المُقر فإنه تجوز شهادته، وفي الغالب أن الأعمى يضبط ما يسمع، ويُتقن ما يسمع، ويُميز بين الأصوات.
إذا فُقد البصر عوِّض الأعمى بحواس قد لا تُوجد عند المبصرين، وهذا ليس في كل العميان، لكن في عددٍ كبير منهم، وسُمع عنهم العجائب، سُمع عن بعض العميان ما يُتعجب منه، شخص يُميز بين الناس بالأصوات وإن لم يسمعها، وإنما سمع صوت أبي هذا الشخص.
واحد من القضاه جيء له بسارق فلما تكلم قال: خيبك الله يا ابن فلان ما رآه قبل ذلك، قال: إن أباه قد جيء به إلي قبل أربعين سنة في قضية سرقة، الصوت واحد.
وشخص سلَّم على أعمى ولم يتكلم ألبتة -بعد مدةٍ طويلة من الغيبة- فقال له: فلان، قال: وما يُدريك؟ قال: النفس، كل مخلوق له نفس، وحوادثهم وقصصهم كثيرة في هذا، فتجوز شهادة الأعمى إذا تيقن الصوت.
طالب:.......
نعم، عندي وعندك، عند بعض العميان لا، تعرف أن واحدًا من القضاة في قضيةٍ طويلة تظاهر بالنوم الشيخ، والمدعي يشرح دعواه لمدة ساعة يشرح دعواه، والشيخ ينعس، فلما انتهى قال: أعد ما انتبهت لك، فلما أعاد صار يُقابل ما حفظه منه على ما يُلقى الآن، وأوجد الفروق، وفيها خلل، القصص كثيرة في العميان، وللصفدي كتاب اسمه (نكت الهميان من أخبار وقصص العميان) ذكر عن المعري أنه في طريق -وهو أعمى- وعلى دابته يصير فلما وصل مكانه طأطأ برأسه، قالوا: لماذا؟ قال: فيه شجرة، قالوا: ما فيه شجر، قال: أنا مررت من هذا المكان قبل كم سنة عشرات السنين، توجد شجرة احفروا، فوجدوا الأصل موجودًا.
طالب:.......
لا لا، بعضهم يضيع ببيته، يضيع في بيته بعضهم، وفي الغالب أن الذي يولد أعمى أو يُصاب بالعمى وهو صغير يضبط ويُتقن، أما من يُصاب بالعمى وهو كبير في الغالب أنه لا يضبط شيئًا.
طالب:.......
ماذا؟
طالب:.......
ماذا فيه؟
طالب:.......
لا لا، الواقع يشهد، المغفل سواءً من المبصرين أو من العميان لن يخفى على القاضي.
"ولا تجوز شهادة الوالدين" لأن شهادتهما لولدهما تجر لهما نفعًا؛ لأنه يجوز لهما أن يتملكا من مال الولد ما لا يضر به «أنت ومالك لأبيك» وإذا مات ورثاه وهذا نفع.
"وإن علوا" يعني ارتفع نسب الوالد والجد وأبوه وأبوه والأم وأمها...إلى آخره.
"وإن علوا للولد وإن سفُل" الابن وابن الابن، وابن ابن الابن وهكذا.
"ولا العبد لسيده" كذلك يجر لنفسه نفعًا؛ لأنه له نصيب من مال سيده بالنفقة وغيرها مما يجب له عليه.
"ولا الزوج لامرأته" كذلك الزوج إذا شهدت له الزوجة، وأخذ هذا المال المشهود به لها نصيبٌ منه في النفقة والسكنى وغير ذلك.
طالب:.......
هو يشهد على أبيه لا بأس في كل القضايا، كل القضايا التي مرت تجوز الشهادة عليه لا له.
"وشهادة الأخ لأخيه جائزة".
طالب:.......
ماذا؟
طالب:.......
ولا السيد لعبده ولا العبد لسيده عرفنا أن السيد لعبده؛ لأن العبد له ملكه، وهو ما يملك لسيده، وكذلك الزوج لامرأته إذا شهد الزوج لامرأته وتملكت هذا المال المشهود به فإنه يستفيد منه كاستفادة الوالد من مال ولده.
طالب:.......
ما الضد؟
طالب:.......
لا، هذه تجر نفعًا، وإذا شهد عليها ما تجر نفعًا، تجوز شهادة الولد على والده، وتجوز شهادة الوالد على ولده، فهمت؟
طالب:.......
نعم، ما فيه منفعة أصلاً شهادته عليه لا...
طالب:.......
ما الخصومة؟
طالب:.......
هم قالوا: ولا تجوز شهادة الخصم.
طالب:.......
أول مسألة.
طالب:.......
مثل هذه تجر نفعًا سواءً شهد للوالد أو للولد تجر نفعًا، لكن كونها تجوز في الضد لا يعني أنها إذا لم يُوجد نقيض هذا الضد، إذا كانت الخصومة بين ولد ولدها وشهدت الزوجة لولدها تجر نفعًا، شهدت لزوجها تجر نفعًا، هي تجوز عليه، ولا تجوز له، فيُبحث عن غيرها؛ لأن فيها شبهة.
طالب:.......
أعد.
طالب:.......
إذا عُدِّل ووجدت المنفعة خلاص وُجِد ما يُقابله ولو كان عدلاً، ولو شهد بحق وهو عدل وثقة، لكن ما تُقبل لمظنة التهمة ما يلزم أن تكون كل ما ذُكِر الشهادة تُخالف الواقع لا؛ لكونها مظنة للتهمة.
طالب:.......
ما التزكية؟
طالب:.......
إذا شك القاضي في عدالة الشهود يطلب المزكين.
طالب:.......
المسألة تدور حول التهمة قد يكون عدلاً، والقاضي شك في أمرٍ يسير ورأى والده من أهل الصلاح والثقة، ويُريد أن يرتفع هذا الشك الذي في نفسه، ولا يثبت بها أصل الحكم له ذلك.
طالب:.......
ماذا؟
طالب:.......
تُساعده؛ لأنه ما عنده يقين فيما يقول عنده شك يزول بأدنى مقابل.
"وشهادة الأخ لأخيه جائزة" لانتفاء التهمة" لا تجب عليه النفقة ولا يرثه إلا إذا كان يرث، إذا كان يرث يأتي أنه يجر إلى نفسه نفعًا، يدخل في الضابط الأول.
"وتجوز شهادة العبد في كل شيء" شهادة وأيضًا الرواية من باب أولى، والنبي –عليه الصلاة والسلام- سأل بريرة عن عائشة، فأخبرته بما عندها، وقبِل تزكيتها.
"إلا في الحدود" لا تثبت، ولا تُقبل، ولا تجوز شهادة العبد في الحدود، والسبب؟
طالب:.......
نعم الحد يُدرأ بالشبهة، فيُطلب له من الشهود الكُمَّل.
"وتجوز شهادة الأمة فيما تجوز فيه شهادة النساء" يعني مما لا يطلع عليه الرجال أو في الأموال شهادة امرأتين مع رجل.
"وشهادة ولد الزنا جائزة في الزنا وغيره" شهادة ولد الزنا، ولد الزنا ليس له ذنب، الذنب على الزاني، والولد ما له تبعة {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام:164] وفي أوائل الكتاب يقول: "وتصح إمامة ولد الزنا، والجندي إذا سلم دينهما" يعني بالشرط المعروف "وتصح إمامة ولد الزنا، والجندي إذا سلم دينهما".
"وإذا تاب القاذف قُبلت شهادته، وتوبته أن يُكذب نفسه" القاذف يجب في حقه ثلاث عقوبات: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور:4] {فَأُوْلَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} [النور:13] في آية الإفك قصة الإفك، لكن هنا: الجلد ثمانون جلدة، ورد الشهادة أبدًا {وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور:4].
يُجلد، وتُرد شهادته، ويُحكم عليه بالفسق.
تُقبل إذا تاب {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [النور:5] فهذا الاستثناء المتعقب للجمل الثلاث هل يعود إلى الثلاث كلها أو إلى الأخيرة وحدها أو لماذا؟ على أي شيءٍ يعود الاستثناء؟ الحد ثمانون جلدة لم يقل أحد بأنه يدخل في الاستثناء، بل لا بُد من جلده ثمانين جلدة، وارتفاع الفسق إجماع إذا تاب، بقي قبول الشهادة، هل يرتفع فسقه ونرد شهادته؛ لأن الله –جلَّ وعلا- قال: {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [النور:4] يعني مع التأبيد أو أن الاستثناء يتناول قبول الشهادة؟
طالب:.......
نعم هي المسألة معروفة.
طالب:.......
إلى الأقرب فقط، لكن ما الذي أخرج الجلد؟ الإجماع على أن حقوق العباد لا تُسقطها التوبة، فالجلد لا بُد منه حتم، والفسق يرتفع قولاً واحدًا، ويبقى قبول الشهادة، والذي يُشكل على القبول التأبيد {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [النور:4].
وأصل الشهادة مربوطةٌ بالعدالة والفسق {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات:6] هذا ارتفع عنه الفسق، فما الذي يرد شهادته؟
طالب:.......
نعم في حال الاستمرار، لكن أنا أقول: إذا كان الرد بسبب الفسق، فما الذي يقتضي الرد بعد ارتفاع الوصف؛ ولذا مشى المؤلف وجمعٌ من أهل العلم على أن شهادة القاذف إذا تاب قُبِلت شهادته، وتوبته أن يُكذِّب نفسه، يعني ما يكفي أن تكتمل الشروط، ولا يعرف الناس ذلك، بينما الذنوب الأخرى إذا تاب بينه وبين ربه قُبِلت توبته، لكن هنا لا بُد أن يُكذِّب نفسه؛ ليعرف الناس براءة المقذوف.
"ومن شهد وهو عدلٌ بشهادة قد كان شهد بها وهو غير عدلٍ ورُدت عليه لم تُقبل منه في حال عدالته" كان فاسقًا فشهد بحق على أحد رُدت شهادته لماذا؟ لأنه فاسق، استقام وزال عنه وصف الفسق، فقال أو أكد هذه الشهادة أو نفاها تُقبل أم ما تُقبل؟ تُرد عليه.
"لم تُقبل منه في حال عدالته، وإن كان لم يشهد بها عند الحاكم حتى صار عدلاً قُبلت منه" يعني تحمَّل هذه الشهادة وهو فاسق، ثم لم يأتِ بها إلا بعد أن صار عدلاً قُبلت منه؛ ولذا في الرواية يجوز تحمُّل الكافر، ويجوز تحمُّل الفاسق، ويجوز تحمُّل الصغير، لكن لا يؤدي إلا بعد انتفاء الوصف المؤثِّر، إلا بعد عدالته إن لم يكن عدلاً، إلا بعد إسلامه إن كان كافرًا، إلا بعد بلوغه إن كان صغيرًا وهكذا، فلا تُقبل الرواية ولا الشهادة إلا في حال الكمال، في حال اكتمال الشروط التي تُطلب للقبول، وأما التحمل فلا مانع منه فجبير بن مطعم تحمل الحديث المخرَّج في الصحيحين، وأنه سمع النبي –عليه الصلاة والسلام- يقرأ بسورة الطور وقد جاء في فداء أسرى بدر، أداها بعد إسلامه فقُبلت منه هذا الرواية، وخُرِّجت في الصحيحين وغيرهما.
طالب:.......
يقول: "ومن شهد وهو عدلٌ بشهادة قد كان شهد بها وهو غير عدلٍ ورُدت عليه لم تُقبل منه في حال عدالته" يعني مثل هذا هل يسري على الصغير شهد قبل بلوغه، ثم بلغ رُدت عليه وهو صغير، ثم بلغ فجاء يشهد بها، نقول له: ما نقبل شهادتك؛ لأنك ما بلغت، فلما بلغ قال: الآن أنا بلغت، وأشهد بكذا وكذا.
طالب:.......
الصغير؟
طالب:.......
الفاسق؟
طالب:.......
هذا الأصل أنه يُرد.
طالب:.......
لأنه حُكم بالحكم بالاجتهاد بالمقدمات الشرعية ورُد خلاص.
طالب:.......
نعم، لكن ما تُرد عليه، إذا رُدت عليه خلاص الحكم ثبت، وحكم باجتهاد فلا يُنقض باجتهاد إلا خالف نصًّا قطعيًّا.
طالب:.......
إذا ما تم ثم أداها مثل ما عندنا، وإن كان لم يشهد بها عند الحاكم حتى صار عدلاً قُبلت منه؛ لأنه ما تم الحكم في الأول.
"ولو شهد وهو عدلٌ فلم يُحكم بشهادته حتى حدث منه ما لا تجوز شهادته معه لم يُحكم بها" شهد وهو عدل ردها القاضي لأمرٍ يراه باجتهاده، ثم اختل شرط العدالة منه، يعني من باب أولى أن تُرد عليه.
"وشهادة العدل على شهادة العدل جائزةٌ في كل شيءٍ إلا في الحدود، إذا كان الشاهد الأول ميتًا أو غائبًا" هذا تحمَّل الشهادة ومات، وحدَّث بها من حدَّث، وشهد عليه من سمع لا مانع من أن يؤدي الفرع عن الأصل في حال غيبته أو وفاته.
"ويشهد على من سمعه يُقر بحقٍّ وإن لم يقل للشاهد: اشهد علي" ما يلزم.
"وتجوز شهادة المستخفي إذا كان عدلًا" وما المانع من قبولها ليُشار إليها؟
طالب:.......
مجهول ولم يُتثبت منه، فإن كان الشاهد عليه يعرفه ويتثبت مما قال مثل ما قيل في الأعمى: إذا كان لا يلتبس عليه الصوت، وهذا يُذكرنا بقول بعض المحدثين: أن الرواية لا تجوز من وراء حجاب؛ لاحتمال أن يكون المتكلم شيطانًا مثلاً على لسان أحد المحدثين يتكلم لا بُد أن تعرف أن هذا فلا بيقين، وأنك سمعته بما لا تشك فيه، إذا لم يشك فيه يكفي مثل شهادة الأعمى.
لكن بعض من تشدد أو شدد في مسائل الرواية، قال: لا تجوز الرواية من وراء حجاب، وهذ مردودٌ بأن الصحابة والتابعين تحملوا عن أمهات المؤمنين ما سمعوه منهن وهن من وراء حجاب، فلا داعي ولا يُقبل مثل هذا القول من ذلك المتشدد، وإن كان الاحتياط للرواية وحقوق العباد مطلوبًا، لكن الاحتياط لا يصل إلى هذا الحد؛ لأنه يترتب عليه إبطال كثير من الروايات روايات الرجال عن النساء والعكس لا بُد أن تكون من وراء حجاب، إذا كان سؤال الأمور المادية لا بُد أن يكون من وراء حجاب {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب:53] فكيف بما يُتدين به؟! لا بُد من أن يتناقض الإنسان الذي يروي حديثًا وراح يأخذه من امرأة أو من فاسق مثل ما يُفعل الآن، ومن زمنٍ طويل من القرن الثامن والسابع قبله تجد الرواة الذين نُهِموا بالإجازات ما يتورعون من استجازة الفاسق، بل استجازوا من ليس أهلاً للرواية إذا كان عنده سند، ومازال الأمر إلى الآن بعض طلبة العلم الذين يُريدون الإكثار من الإجازات، ويتباهون بها تجدهم يذهبون إلى المشرق والمغرب يأخذون عن ناس فُساق، والأمثلة موجودة وكثيرة.
طالب:.......
الفاسق هو أصلاً مردود على كل حال.
طالب:.......
ما أدري والله، هم يشهدون على أُناسٍ يخافون منهم مثلاً.
طالب:.......
على كل حال هذا ما له أثر في الشرع يتولون غيره، مع أنه إذا تعينت عليه الشهادة وجب عليه أداؤها.
طالب:.......
لا، الفاسق الذي يعرف أنه مخالفٌ لأمر الله، الفاسق الاعتقادي الذي معه تأويل يتدين بهذا، ويتكلم بما يراه أو يعتقد ما يراه نصرًا للحق، وهذا يختلف، هذا إذا كانت البدع غير مُكفِّرة، يعني البدع مُفسِّقة، كما قال الإمام الشافعي: أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية من الرافضة، فإنهم يقولون: بشهادة الزور لموافقيهم، وكُتب السُّنَّة طافحة بالرواية عنهم، والشهادة مثل الرواية، إلا إذا كان من فئةٍ ترى جواز الكذب مثل: الخطابية وغيرهم، أو وصل به الابتداع إلى حدٍّ يُخرجه من الملة.
طالب:.......
تقدم تقدم.
طالب:.......
كيف يشهدون؟ واقعهم كاذبون ما يحتاج أن يشهدوا إذا صاروا ثلاثة.....
طالب:.......
كذبوا على أنفسهم نعم.
طالب:.......
وإن رأوه في الحقيقة، كاذبون كذبًا اصطلاحيًّا في العُرف الشرعي وإن كانوا صادقين في الواقع.
من يقرأ؟
طالب:.......
من هنا من المكتبة من عند عدنان الجزء السادس.
طالب:.......
ماذا؟
طالب:.......
العبد؟
طالب:.......
التحمل؟ لأن الحدود تُدرأ بالشبهات وحقٌّ لله ما ليس بحقٍّ لآدمي.
أحضرت الكتاب.
طالب:.......
صفحة ثلاثمائة وخمسة وخمسين الثالثة عشرة.
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه ومن والاه.
اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين.
قال القرطبي: المسألة السادسة"
لا لا الثالثة عشرة.
طالب: قلت: السادسة؟
ثلاثمائة وخمسة وخمسين.
طالب: وضع علامة هنا.
أين؟
طالب:.........
أي طبعة معك؟
طالب:.........
ارفع ارفع أعرفها أنا، هذه ثلاثمائة وخمسة وخمسون، من السادس ما هو من الخامس؛ لأن معك الخامس والسادس، ثلاثمائة وخمسة وخمسون.
طالب: المسألة؟
الثالثة عشرة.
"المسألة الثالثة عشرة: اختلف مالكٌ والشافعي من هذا الباب في قدر المال الذي يُحلف به في مقطع الحق، فقال مالك: لا تكون اليمين في مقطع الحق في أقل من ثلاثة دراهم قياسًا على القطع، وكل مالٍ تُقطع فيه اليد وتسقط به حرمة العضو فهو عظيم.
وقال الشافعي: لا تكون اليمين في ذلك في أقل من عشرين دينارًا قياسًا على الزكاة، وكذلك عند منبر كل مسجد".
ما عندك عشرة؟
"الرابعة عشرة: قوله تعالى: {فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} [المائدة:106] الفاء في {فَيُقْسِمَانِ} [المائدة:106] عاطفة جملةٍ على جملة، أو جواب جزاء؛ لأن {تَحْبِسُونَهُمَا} [المائدة:106] معناه احبسوهما، أي: لليمين، فهو جواب الأمر الذي دل عليه الكلام كأنه قال: إذا حبستموهما أقسما، قال ذو الرمة:
وَإِنْسَانُ عَيْنِي يَحْسِرُ الْمَاءَ مَرَّةً |
|
فَيَبْدُو وَتَارَاتٍ يَجُمُّ فَيَغْرَقُ |
تقديره عندهم: إذا حسر بدا.
الخامسة عشرة: واختَلف".
واختُلف من المراد.
"واختُلف من المراد بقوله: {فَيُقْسِمَانِ} [المائدة:106]؟ فقيل: الوصيان إذا ارتيب في قولهما وقيل: الشاهدان إذا لم يكونا عدلين وارتاب بقولهما الحاكم حلفهما.
قال ابن العربي مبطلاً لهذا القول: والذي سمعت -وهو بدعة- عن ابن أبي ليلى أنه يُحلِّف الطالب مع شاهديه أن الذي شهدا به حق، وحينئذٍ يُقضى له بالحق، وتأويل هذا عندي إذا ارتاب الحاكم بالقبض فيُحلِّف إنه لباق، وأما غير ذلك فلا يُلتفت إليه، هذا في المدعي فكيف يحبس الشاهد أو يُحلَّف؟! هذا ما لا يلتفت إليه.
قلت: وقد تقدم من قول الطبري في أنه لا يُعلم لله حكمٌ يجب فيه على الشاهد يمين، وقد قيل: إنما استحلف الشاهدان؛ لأنهما صارا مدعىً عليهما، حيث ادعى الورثة أنهما خانا في المال.
السادسة عشرة: قوله تعالى: {إِنِ ارْتَبْتُمْ} [المائدة:106] شرطٌ لا يتوجه تحليف الشاهدين إلا به، ومتى لم يقع ريبٌ ولا اختلاف فلا يمين.
قال ابن عطية: أما أنه يظهر من حكم أبي موسى في تحليف الذميين أنه باليمين تُكمل شهادتهما".
تَكمُل
"تَكمُل شهادتهما، وتنفُذ الوصية لأهلها.
روى أبو داود عن الشعبي: أن رجلاً من المسلمين حضرته الوفاة بدقوقاء هذه، ولم يجد أحدًا من المسلمين حضره يُشهده على وصيته، فأشهد رجلين من أهل الكتاب، فقدما الكوفة فأتيا الأشعري فأخبراه، وقدما بتركته ووصيته، فقال الأشعري: هذا أمرٌ لم يكن بعد الذي كان في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأحلفهما بعد العصر".
يعني في قصة تميم الداري وعدي بن بداء.
"فأحلفهما بعد العصر بالله ما خانا، ولا كذبا، ولا بدلا، ولا كتما، ولا غيرا، وإنها لوصية الرجل وتركته، فأمضى شهادتهما.
قال ابن عطية: وهذه الريبة عند من لا يرى الآية منسوخةً تترتب في الخيانة، وفي الاتهام بالميل إلى بعض الموصى لهم دون بعض، وتقع مع ذلك اليمين عنده، وأما من يرى الآية منسوخة فلا يقع تحليفٌ إلا أن يكون الارتياب في خيانةٍ أو تعدٍّ بوجهٍ من وجوه التعدي، فيكون التحليف عنده بحسب الدعوى على مُنكرٍ لا على أنه تكميل للشهادة.
قال ابن العربي: يمين الريبة والتهمة على قسمين:
أحدهما: ما تقع الريبة فيه بعد ثبوت الحق وتوجه الدعوى، فلا خلاف في وجوب اليمين.
الثاني: التهمة المطلقة في الحقوق والحدود، وله تفصيل بيانه في كتب الفروع، وقد تحققت ها هنا الدعوى وقويت حسبما ذُكر في الروايات".
طالب:.........
هي على كلامه لم تحدث؛ لأن الأصل فيه {إِنِ ارْتَبْتُمْ} [المائدة:106] وهذا الأصل مُعتبر، قيد مُعتبر.
طالب:.........
وقد تكون الريبة ملازمةً لغير المسلم، فيكون الشرط مُتحققًا.
"السابعة عشرة: الشرط في قوله: {إِنِ ارْتَبْتُمْ} [المائدة:106] يتعلق بقوله: {تَحْبِسُونَهُمَا} [المائدة:106] لا بقوله: {فَيُقْسِمَانِ} [المائدة:106] لأن هذا الحبس سبب القسم.
الثامنة عشرة: قوله تعالى: {لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} [المائدة:106] أي: يقولان في يمينهما لا نشتري بقسمنا عوضًا نأخذه بدلاً مما أوصى به ولا ندفعه إلى أحدٍ ولو كان الذي نُقسم له ذا قربى منا، وإضمار القول كثير، كقوله: {وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ} [الرعد:23-24] أي: يقولون سلامٌ عليكم، والاشتراء ها هنا ليس بمعنى البيع، بل هو التحصيل.
التاسعة عشرة: اللام في قوله: {لا نَشْتَرِي} [المائدة:106] جوابٌ لقوله: {فَيُقْسِمَانِ} [المائدة:106] لأن أقسم يلتقي بما يلتقي به القسم، وهو (لا) و(ما) في النفي و(إن) واللام في الإيجاب.
والهاء في{بِهِ} [المائدة:106] عائدٌ على اسم الله تعالى، وهو أقرب مذكور، المعنى: لا نبيع حظنا من الله تعالى بهذا العرض، ويُحتمل أن يعود على الشهادة، وذُكرت على معنى القول، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: «وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ» فأعاد الضمير على معنى الدعوة الذي هو الدعاء، وقد تقدم في سورة النساء.
الموفية عشرين: قوله تعالى: {ثَمَنًا} [المائدة:106] قال الكوفيون: المعنى ذا ثمنٍ أي: سلعةٍ ذا ثمن، فحذف المضاف، وأُقيم المضاف إليه مقامه.
وعندنا وعند كثيرٍ من العلماء أن الثمن قد يكون هو ويكون السلعة، فإن الثمن عندنا مشترىً كما أن المَثْمُونَ مشترى، فكل واحدٍ من المبيعين ثمنًا ومثمونًا كان البيع دائرًا على عرض ونقد".
نعم ثمن ومثمن يعني دفعت ألف أو مائة ألف قيمة سيارة، أنت اشتريت السيارة بالمائة ألف، والبائع اشترى الدراهم بسيارته يصح هذا وهذا.
طالب:.........
ضمير {لا نَشْتَرِي بِهِ} [المائدة:106].
طالب:.........
«فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا» بين الدعوة، ولو أراد الداعي لقال: ليس بينه.
طالب:.........
دعاء مذكر والدعوة مفردة الدعاء مؤنثة.
"على عرض ونقدٍ أو على عرضين، أو على نقدين، وعلى هذا الأصل تنبني مسألة: إذا أفلس المبتاع ووجد البائع متاعه هل يكون أولى به؟ قال أبو حنيفة: لا يكون أولى به، وبناه على هذا الأصل، وقال: يكون صاحبها أسوة الغرماء".
في الحديث الصحيح: «مَنْ وجد مَالَهُ عِنْدَ رَجُلٍ قَدْ أَفْلَسَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ».
طالب:.........
معروف أنه ماله.
"وقال مالك: هو أحق بها في الفلس دون الموت.
وقال الشافعي: صاحبها أحق بها في الفلس والموت.
تمسك أبو حنيفة بما ذكرنا، وبأن الأصل الكلي أن الدَّين في ذمة المفلس والميت، وما بأيديهما محلٌ للوفاء، فيشترك جميع الغرماء فيه بقدر رؤوس أموالهم، ولا فرق في ذلك بين أن تكون أعيان السلع موجودة أو لا، إذ قد خرجت عن مالك".
عن مِلك.
"إذ قد خرجت عن مِلك بائعها، ووجبت أثمانها لهم في الذمة بالإجماع، فلا يكون لهم إلا أثمانها أو ما وجد منها.
وخصص مالكٌ والشافعي هذه القاعدة بأخبارٍ رويت في هذا الباب رواها الأئمة أبو داود وغيره".
الحديث الذي ذكرناه: «مَنْ وجد مَالَهُ عِنْدَ رَجُلٍ قَدْ أَفْلَسَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» مُخصِّص لِما يترتب على العقد الصحيح، ما يترتب على العقد الصحيح من انتقال مِلك السلعة من البائع إلى المشتري، ومن انتقال الثمن من المشتري إلى البائع هذا مقتضى صحة العقد، لكن هذا مخصوصٌ بأحاديث صحيحة منها ما ذكرنا.
طالب:.........
بثمنها.
طالب:.........
يأخذ الأرض لكن بقيمتها.
طالب:.........
الحادية والعشرون.
طالب: أحسن الله إليك، كلمة العشرون معطوفة؟
الحاديةُ والعشرون.
طالب: منصوبة جعلتها؟
ما بين الإحدى عشرة والتاسعة عشرة مبني على فتح الجزئين، السابعةَ عشرةَ، الخامسةَ عشرةَ، أحد عشر رجلاً مبني على فتح الجزئين، ما بعدها العشرون وما بعدها مُعربة.
"الحادية والعشرون- قوله تعالى: {وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ} [المائدة:106] أي: ما أعلمنا الله من الشهادة. وفيها سبع قراءات من أرادها وجدها في (التحصيل) وغيره.
قف على هذا.
اللهم صلِّ على محمد.