أنواع النسك وأيهما أفضل

أنواع النسك: التمتع والقران والإفراد، يقول: وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام حجة الوداع فمنا من أهل بعمرة" تقصد عمرة ويرجع أو عمرة ثم يتحلل منها التحلل الكامل ثم يحرم بالحج فيكون متمتعاً؟ "ومنا من أهل بحج وعمرة" يعني قوله: فمنا من أهل بعمرة، يعني عمرة مفردة ويرجع أو إذا أحل منها أحرم بالحج؟ فيكون تكون هذه الجملة في الدلالة على الوجه الأول وهو التمتع، "ومنا من أهل بحج وعمرة" يعني قرن بينهما، هذا القران، "ومنا من أهل بحج" يعني مفرد، وهذا الإفراد، ففي هذا الحديث وجوه الإحرام الثلاثة وأنواعه، "وأهل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالحج"، يعني جاء ما يدل على أنه أهل بالحج، كما هنا، والحديث في الصحيحين، وجاء ما يدل على أنه جمع بينهما، وهو المرجح في حجه -عليه الصلاة والسلام- أنه حج قارناً، وجاء ما يدل على أنه تمتع "تمتع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتمتعنا معه" وهنا يقول: أهل بالحج، والإهلال بالحج، يعني مفرداً، هذا الذي يتبادر منه، وجاء ما يدل على أنه حج قارناً، وجاء ما يدل على أنه حج متمتعاً، ما في هذا الحديث أهل بالحج، من قال: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- حج مفرداً نظر إلى حقيقة فعله، وأن فعله وإن كان قارناً فإنه لا يزيد على فعل المفرد، فكأنه لم يأت إلا بالحج فقط، والعمرة داخلة في هذا الحج، ومن قال: حج قارناً، وهذا هو آخر حجه -عليه الصلاة والسلام-، وما منعه أن يقلب القران إلى تمتع إلا سوق الهدي، ولذا تأسف -عليه الصلاة والسلام- ((لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي)) يعني هو أمر أصحابه أن يهلوا بعمرة، يقلبوا نسكهم إلى عمرة ثم يحل منها الحل كله، وأكد على هذا، وغضب -عليه الصلاة والسلام- بالنسبة لمن لم يسق الهدي، أما من ساق الهدي فإنه لا يحل حتى يوم النحر، إذا نحر هديه كفعله -عليه الصلاة والسلام-، فالذي قال: أنه أهل بالحج فقط نظر إلى صورة العمل الذي جاء به -عليه الصلاة والسلام- صورة حج فقط، والعمرة داخلة إذ لا فرق بين حج القران والإفراد من حيث الصورة إلا الهدي، ومن قال: حج قارناً فحكى الواقع النبي -عليه الصلاة والسلام- جمع بين الحج والعمرة وأهدى ومن قال حج متمتعاً نظر إلى المعنى الأعم للتمتع التمتع أن يأتي بنسكين في سفر واحد وقد جاء بنسكين في سفر واحد، فمن ترفه بترك أحد السفرين فهو متمتع بالمعنى الأعم، سواء كان قارناً أو كان متمتعاً فاصلاً بين حجه وعمرته، أهل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالحج، منهم من يقول: أنه في أول عمره أهل بالحج فقط، مفرد ثم جاءه الملك وقال له: "صل في هذا الواد المبارك وقل: حجة وعمرة" يعني اقرن بينهما، فإهلاله في أول الأمر بالحج مفرد، ثم بعد ذلك لما جاءه الملك وقال له ما قال جمع بينهما.

"فأما من أهل بعمرة فحل" أهل بالعمرة، وهذا متجه بالنسبة لمن لم يسق الهدي وهو الأرجح من أنواع النسك لمن لم يسق الهدي عند الحنابلة، وجمع من أهل العلم؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر أصحابه به، وتأسف -عليه الصلاة والسلام- على سوق الهدي، فيكون حينئذ أرجح من غيره، ومنهم من يرجح القران لأنه هو الذي فعله النبي -عليه الصلاة والسلام-، وما كان الله ليختار لنبيه إلا الأفضل، ومنهم من يختار الإفراد، ولكل قول وجه، واختيار التمتع لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر أصحابه به فهو الأفضل مطلقاً لمن لم يسق الهدي ولا ينوي أن يأتي بالنسكين في سفرين؛ لكن من أراد أن يأتي بالنسكين في سفرين المسألة مفترضة في شخص يقول: لن أزيد على الواجب سأعتمر مرة واحدة في عمري، وأحج مرة واحدة في عمري، هل الأفضل أن أتمتع وآتي بالنسكين في سفر واحد، أو الأفضل أن أنشيء للعمرة سفر مستقل وللحج سفر مستقل؟ هذه الصورة هي التي يرى شيخ الإسلام أنها أفضل اتفاقاً، الإفراد أفضل اتفاقاً في هذه الصورة، ما هي المسألة في شخص يقول: لن آتي بأكثر من الواجب أبداً، أحج مرة واحدة، وأعتمر مرة واحدة، نقول: الإفراد أفضل، وهو الذي نقل عليه شيخ الإسلام الاتفاق لأنك تريد تأتي بسفر مستقل للحج وسفر مستقل للعمرة؛ لكن الذي يريد أن يكرر في عمره نقول التمتع أفضل لأنك تأتي بنسكين أفضل من أن تأتي بنسك واحد والذي ساق الهدي يتعين في حقه القران لأنه لن يحل قبل أن يبلغ الهدي محله يوم النحر فلا بد أن يقرن كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-.