قال بعض السلف: الفاتحة سر القرآن، اشتملت هذه السورة من العلوم على حمد الله وتمجيده، والثناء عليه بذكر أسمائه الحسنى المستلزمة لصفاته العليا، وعلى ذكر المعاد، وهو يوم الدين، وعلى إرشاد العبيد إلى سؤال الله -سبحانه وتعالى، والتضرع إليه، والتبرؤ من الحول والقوة إلى الإخلاص، وتوحيد الألوهية، وتنزيه الله أن يكون له شريك أو نظير، وإلى سؤال الهداية إلى الصراط المستقيم، والثبات عليه حتى يفضي إلى جناتٍ نعيم في جوار المنعم عليه من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، اشتملت السورة أيضًا الترغيب في الأعمال الصالحة؛ ليكونوا من أهلها يوم القيامة، والتحذير من مسالك أهل الباطل لئلا يحشروا مع سالكيها يوم القيامة وهم المغضوب عليهم والضالون.
في تفسير الرازي في أوله قال: "اعلم أنه مرّ على لساني في بعض الأوقات أن هذه السورة الكريمة يمكن أن يستنبط من فوائدها ونفائسها عشرة آلاف مسألة، فاستبعد هذا بعض الحساد، وقوم من أهل الجهل والغي والعناد، وحملوا ذلك على ما ألفوه من أنفسهم من التعلقات الفارغة من المعاني، والكلمات الخالية عن تحقيق المعاقد والمباني، فلما شرعت في تصنيف هذا الكتاب قدمت هذه المقدمة لتصير كالتنبيه على أن ما ذكرناه أمر ممكن الحصول، قريب الوصول" ثم شرع في تفسير الفاتحة في مجلد.